قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل السابع عشر

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل السابع عشر

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل السابع عشر

افتقدك كما لم أفتقد شئ قبلك، أفتقد أحاديثنا القديمة وليال الشتاء التى ألتمست دفئها من صوتك، أفتقد تفاهمنا الغائب منذ زمن افتقد سؤالك عنى، أنا لم أتخلى عنك كما تعتقد، فقط هجرت نسختك الجديدة التى تعمدت اظهارها لى كمحاولة للحفاظ على مشاعري تجاهك، او بمعنى الأصح إضطررت لذلك قبل أن يختلط كلاهما وتتلوث ذكرياتنا بغبار الحاضر وتتآكل من كثرة الخلافات، ولكنى إرهقت انتظارا واملًا، متى ستعود لى؟!

بللت حقلها ثم طفقت قائله وهى تبكى
- هشام، هشام عمل حادثه كبيره اوى، وهو بين الحياه والموت يافجر، الحقييييه يابنتى...

لهذا الحد تنفرها الحياه ولم تتم فرحتها، أطلقت انظارها بحريه فى ارجاء المكان ولازالت صامده مذهولة، جملة اصابتها بشلل كلى كمن سكب ماء كاويه على جروحها الغائره باتت مشاعرها مخضرمة بين الحنين والوجع غير مصدقها انها ستفقده للابد، فكل ما مر من العمر أملا فى لقاءه فى نهاية المطاف، فماذا ستفعل إن رحل للابد عنها؟!

فاقت على تكرار نداء سعاد لها
- يافجر، انتى روحتى فين؟! بقولك روحيله..
تفوهت بمرارة صبار الحزن الذي تفرغ بحلقها
- هو فى مستشفى إيه..
بدت علامات القلق تظهر على سعاد التى تفوهت تلقائيه
- من امبارح وهو فى المستشفى وصمم إنه يرجع البيت، وبسمه وزياد عنده عشان يقنعوه يروح المستشفى مش راضي، وحالته تصعب عالكافر..
ثم دفعتها بحماس
- إنتى ليكى كلمة عليه، روحى له خليه يبطل عناده ده..

نشجت وتردد البكاء فى صدرها بدون صوت، فالخبر انهال على قلبها كالصاعقة التى افقدتها عقلها ؛ تناولت حقيبتها واكلت خطاوى الارض ركضا واوقفت ( تاكسي ) واردفت متوسله ان يوصلها باقصي سرعة للعنوان التى القته على مسامعه...
بعد مرور النصف ساعه من تململها كالجالس عالجمر تترقب الطرقات وتمسح الارصفه بأهدابها تتمنى ولو يطير بها القدر لبابه، ظلت ناجى ربها متضرعه.

- يارب انا مش هستحمل اشوفه بيتوجع، مش هستحمل تحصله حاجه، يارب متوجعش قلبى، انا مش عايزاه معايا، انا عايزاه يكون بخير وبس..

آخيرا وقف السائق امام بوابة العماره فألقت له النقود التى أكثر من حقه وركضت هائمه على وجهها تلهث مرتعده، وقفت امام باب المصعد فوجدته فالادوار العلويه والثانية باتت لها دهرا، حسمت امرها واكلت درجات السلم ركضا بخطواتها الواسعه وعيونها المتقطره بغيوم وجعها..

وصلت لباب شقته فوجدته مواربا فوقع المفتاح من يدها المرتعشه وقفت لبرهه تاخذ نفسًا لتستريح وهى تتفقد الشموع المتقدة من مدخل الباب وحتى يودي بها لمقصده..

شحذت المكان المزين بأجمل انواع الزهور الحمراء وادوات الزينه المعلقة كأنه عيد ميلاد، التفت خلفها لتتأكد من رقم الشقه مغمغمه بحيره انستها لهفتها
- الله؟! هو باع الشقه..
اتبعت خطاوى فضولها بين صفى الشموع مناديه عليه بصوت خفيض
- هشااااام، ياهشام أنت هنا..!

لم تجد اي رد حتى وجدت نفسها أمام غُرفته ووجدته واقفا بهيئته الشامخه الصلبه موليا ظهره للخلف متجاهلا ندائها، إن قضي الخوف على نصف عقلها فصدمتها مما رأته اطاح بكل عقلها، استجمعت كل قوتها مرة ثانية وتمتمت بانتفاضة
- هشام، أنت كويس، قول لى إنك كويس وانى مش بحلم..

استدار بشموخه نحوها واضعا كفه الايمن فى جيبه مبتسمًا، ثم عاود النظر للخلف مرة آخرى يتأمل فستانها المُعلق الذي ابتاعه لها من أول مرة ارتدته فى حفل عايده واردف ممازحا
- انتِ ازاى كنتِ لابسه الفستان ده، ده اتقل منك...
انخرطت عيونها بدموع حفرت وديان على وجنتيها متوهمة انها جُنت، فكل الصدمات التى انهالت عليها مرة واحده كانت اشبه بعاصفة رعديه انتابتها، وقالت بصوت باكى
- هو فى ايه؟!

زلزلته دموعها فأقبل اليها حاملا كل جيوش حبه فى عيونه التى تلمع بأنوار شوقه ووضع كفه على وجنتها وشرع فى مسح دموعها بابهامه وهمس
- اشششش، اهدى، انا كويس..
تجنبته متراجعه للخلف، مرتبكه
- اصل، ماما، طنط سعاد قالتلى إنك عملت حادثه..
ثم شهقت باكية وهى تلوح بكفوفها
- وانا كنت هموت عليك...
ابتسامته لم تفارقه للحظه، اكتفى باحتواء كفها وسحبها برجاحة ورفق وأوقفها أمامها وشرع فى فك حجابها الذي زادها جمالا وقال.

- الف مبروك على النجاح، كُنت واثق إنك أدها..
كل ما بها ثابت الا عيونها الحائره التى اوشكت من فرط الحيرة أن تطير، نزع عنها حجابها ووضعه على كتفيها فتحرر شعرها الذي امتد طوله عن اخر مرة رأه وواصل بهدوء
- على فكرة انا كنت عارف النتيجه من يومين، وقولت لازم اجهزلك حاجه مختلفه تفرحك، آكيد تعبتى أوى لحد ما وصلتى..

فجمح حبه فلم يبق عليه سلطان، فمال تدريجيا لمستواها وبالاخص مستوى شفتيها المرتعشتين واحتضنهما بثغره متمهلا، فرجل مثله لا يحب أن يتجرعها دفعة واحده بل يود أن يتأنى فى تذوقها..
لازالت عيونها متسعه، حيث عششت الحيره والذهول برأسها حتى وقفت امامه مُكبلة..
نصب عوده مرة آخرى وسحبها خلفه ليقفا أمام الفستان المُعلق ثم قال
- مكنش حد ينفع يلبسه غيرك، أنت وقعتى جوه قلبى من أول ما شوفتك لابساه...
تفوهت بغرابة وسهو.

- انت اللى اشتريته..
ملء صدره بأوكسجين وجودها وقال برزانه
- انا عملت حوارات كتير عشان اجيبه، بس كله فداكى..
شدت كفها من يده وقررت ان تقضي على حيرتها فسألته
- انا هنا ليه؟!
زاح خصيلات شعرها المتدليه على وجهها وقال بعطفٍ
- أنت هنا عشان نحتفل بنجاحك سوا..
- هو أحنا مش متفقين على الطلاق؟!
قضب حاجبه مستغربا
- اه حصل، هنحتفل واطلقك حاضر..
تبدلت ملامحها وتراجعت خطوة للخلف بسبب خنجر جملته الساخره، وقالت باستسلام.

- تمام..
ثم فرد عوده اكثر ووقف على طراطيف قدمه لينزل الفستان ووضعه على الفراش وقال لها
- يلا ألبسيه...
طافت نظراتها حائره بينه وبين الفستان الذى فى انتظارها لترتديه، فاطرقت مولية ظهرها بتوتر
- أنا لازم امشي، وووو
- أنت ما قولتليش ليه إنك البنت بتاعت البير؟!
لم تجرؤ أقدامها على التحرك خطوة واحده بعد صاعقة سؤاله، فمن اين عرف سرها، منذ متى كشفها...؟! وتيرة اسئله تدفقت من رأسها فكبلت خُطاها..

تحرك ليقف أمامها واكمل بهدوء تام
- كُنت عايزة تخبى عليا لأمتى؟!

#فلاش باكككك.

اندمل قُرص الشمس واختبئت الزواحف فى جحورها قبل بنى البشر، بعد شيوع بعد الاساطير المرعبة فى جميع ارجاء القريه، منهم من يذيع بأن فى النهر جن عاشق للفتيات يسكنه يتسلل خفية كل ليله ليشبع اهوائه، واخر ؛ ان هناك عصابه مجرمة تقوم بقتل الفتيات بعد هتك عرضهم، وغيرهم كالضالين الضعفاء اللذين يعلقون مصائبهم على ظهور السيدات، فهن وراء كل كارثه او مصيبه، وهى من تفر مع حبيبها وتسلمه نفسها ثم يقتلها ليخفى اثار جريمته..

تسللت فجر خفية ملثمة الوجه بعد منتصف الليل خلف فضولها لترى ما سيكون حال قريتهم الصغيره بعد منتصف الليل، هل هى نفسها اثناء النهار أم ينقلب حالها رأس عن عقب!

تسير هنا وهناك فى الفضاء والخلاء الذي لا يقطعه الا صوت الديكة والثعالب ونباح الكلاب حتى وصل لاذانها صوت بشري آخر يتسلل خفية، فاختبأت مرتعده خلف احد الاشجار تترقب ظهره محاوله التعرف على معالم وجهه المُلثم، ولكن بدون فائده، فقررت اتباع خُطاه ربما تجد مقصدها..

يتحرك المُلثم أمامها بمهارة قتالية كأنه يحفظ الشوارع واحجارها او على الاغلب يهرب من شيء ما حتى ذاغ عن عيونها للحظات ظلت تبحث عنه وعن هويته بجنون...
ما هى الا عدة دقائق ودوى صوت صرخه مكتومة لأحد الفتيات جعلت اقدام فجر تدفن فى الرمال تحتها كاتمة صوت صرخاتها وخوفها الذي تفاذف هنا وهناك...
فى نفس ذات اللحظة ظهر المُلثم باحثا عن مصدر الصوت كالمجنون وعندها صاح أحد الغفر مناديا
- حرامىىىىى..

ركض المجهول بسرعة وتابعت فجر خُطاه بتطفل متوعدة
- والله لامسكك وافرج عليك أمة لا اله إلا الله..
بغباء مفتعل ظلت تلتقمه باعينها وتواكبه باقدامها حتى لمح ضلها من خلفه ثم تابعته بصوت صرخه عالية عندما اختل اتزانها وسقطت فى بئر عمقه مترين ربعه ممتلىء بالمياه على جانبه ماكينة ري يُسقى منه الزرع..

وقف حائرا للحظة ما بين انقاذها او انقاذ نفسه، كان نور القمر ساطعا فلاحظت حركه احد التعابين بجوارها فارتعدت صارخه فازعة، فقاده شهامته لانقاذها ولم يتردد للحظه حيث جرى نحوها ومد يده فتشبثت بها الغريق وبشدة واحده جذبها الى البر فضألة جسدها لم ترهقه..

التقت اعينهم للحظه بثت بجوفه رعشة لازمته آمد باحثا عن صاحبه تلك العيون التى نورهما يتنافسان مع نور القمر، فخانه وشاحه وانفك عن وجهه فاندهشت هى الاخرى عندما وجدته الظابط الجديد بقريتهم، فهتف محذرا متاهبا للذهاب
- انت ماشوفتنيش، فاهمه...؟!
#باااااااك.

- جيتى هنا عشان تنتقمى منى؟! عاوزه تعرفى إذا كنت انا اللى ورا قضايا اغتصاب البنات الغير مبرره لحد دلوقتى ولا لا...
طفق جُملته بنبرته المتزنة وهو يجوب أمامها ذهابا وايابا وهى تراقبه فى صمت، فواصل حديثه مستفهما
- عشان كده لما قربت منك فى القسم انتفضتى وضربتينى على وشى..
لم تتحمل اقدامها صدمة اخرى فاستندت بتثاقل لتجلس على طرف السرير وتسأله
- انت عارف كل ده من أمتى..!

عقد يديه خلف ظهره وتحدث بنبرة رسمية
- كنت شاكك فيكى طول الوقت وبكذب نفسي، لحد ما طلعتى بحوار زيدان وابوكى وبقية الفيلم ده كله..
اطرقت باسف
- وموضوع البير إيه اللى فكرك بيه..؟! ومن إمتى!
جلس بحوارها متكئا على كلتا يديه للخلف.

- كنت فى مهمة من شهرين وصادفنى حاجه تشبه الحوض ده، معرفش ليه الموقف كله لف فى دماغى، ساعتها افتكرت عيونك وعيون البنت اللى طلعتها فربطت الاحداث ببعضها، عايز اقولك إنى فضلت ادور عليكى شهر، لحد ما اتوهمت إنك عفريته وكل اللى حصل وهم...
استراحت اكثر فى جلستها، وشرعت فى روي حكايتها بتمهل جعلته ينصت إليها بكل جوارحه..

- انا مكذبتش عليك فى أى حاجه قولتهالك قبل كده، انا كذبت على زيدان، كان مفكر إنه لما يقول لى إنك لفقت قضيه لابويا، وانك السبب فى دخوله السجن كده هصدقه، او بالاخص هصدق واحد ارهابى زيه...
شردت للحظة ثم تابعت
- و قال لى انك السبب فى حوار البنات المنتشر، وانك جاي من بحرى عشان تبوظ سُمعة الصعيد عندنا وترضي مزاجك..
ثم تلعثمت الكلمات بحلقها.

- بصراحه صدقته، خصوصا إنى شوفتك وقتها، وقررت إنى اعرف حكايتك ايه، وانتقم منك واجيب حق كل البنات دى، ولو طلعت ظلماك هطلب منك تساعد ابويا، وفى نفس الوقت حجة اهرب بيها من البلد ومن ظلم وقهر زيدان، بس كان الاتفاق انه يكتب عليا قبل مااجيلك..
صوبت انظاره المرتعشه إليه.

- ركبت عربيتك بخطة منه وعمل كل الفيلم ده عشان انت تصدقنى، بس انا اللى هربت قبل كتب كتابى، مكنتش عايزه حاجه تربطنى بيه، كل اللى حرقه إنى مشيت وخنت الاتفاق...
ثم سكتت للحظة
- اتقابلنا وكنت مرعوبة منك احسن تقتلنى، ولما فوقت ولقيت نفسي جمب رهف اتجننت وخوفت اكتر وكنت عايزه اهرب منك لانى كنت فكراك زيهم، بس واحده واحده لقيت نفسي بقيت شخص منكم، ومن غير ما احسن بقيت بدور عليكى طول الوقت حتى ولو هنتخانق..

ثم اغرورقت بالدموع وقالت
- تعرف، أنا اتعلقت بيك من أول مرة لمحتك فيها عند البير وانقذتنى، كنت دايما بمشي بدور عليك وعايزه المحك من بعيد، بس كان حوليك فى غموض وخوف وقلق، اتجننت واستبيعت وقولت زى ما تيجى تيجى بقي..
ثم تحركت واقتربت منه واحتوت كفه.

- اقولك على سر ممكن متصدقنيش، بس دى الحقيقه، أنا حلمت بيك من قبل ما اشوفك، لدرجة إنى عندى احساس اننا اتقابلنا فى زمان تانى وعشنا الحب ده قبل كده وجينا هنا عشان نكمله..
ثم غمغمت بحزن
- مكنش قصدى ااذيك فى شغلك، ولا انى اتفق مع زيدان عليك خصوصا بعد ما عرفتك، بس والله هددنى بيك وبأبويا وانا مكنتش عايزه اخسر حد فيكو...
حاول اذابة جبال الجليد التى تكونت بينهم وابتسم هائمًا.

- اقولك أنا على سر بقي، بس تحفظيه..
لمعت عيونها بضي الثقه والامان
- اكيد...
بدت انامله تدلل على ملامحها وعلى شعرها بشوق حتى غمغم حائرا غير مدركًا كلام الحب وسحره ولكنه قذف ما بقلبه الذي مل من اظاهر عكس دواخله
- أن هشام السيوفى ما عرفش معنى الحب غير لما قابلك..
كسا ما بقلبها من حسرات وهتف
- جوجو، أنا بحبك..

ثم وقف محاولا قتل شبحه المتمرد وهو يفرك كفيه بارتباك قرر الا يدفع القيمه المضافه على حماقته وفراقها
- خلينا متفقين إنك غلطتى، وغلط لا يغتفر فى سجل هشام السيوفى، ولما قعدت افكر مع نفسي كده وانك تبعدى واطلقك والحوارات دى لقيتنى بعاقب نفسي معاكى، طيب وانا ايه ذنبى!
فاستدار اليها واخفض انظاره لمستواها
- فأنا اخدت القرار إنى هعاقبك بس وانت معايا..

واخيرا فاشرقت شمسها بعد ليل دام لسنوات، وثبت مستندها على مرفقيه هاتفه بارتياح
- يابنى إنت متعرفش تتم حاجه حلوة لاخرها؟!
- لا بقولك ايه؟! انا اللى يحبنى يحبنى زي ما أنا بنكدى بدبشي بفرفشتى بدلعى بغرورى وببرودى بكلى على بعضي، لكن تنقى اللى يعجبك منى لاااا، الاوبشن ده لسه منزلش فالمنيو..

وبعد عناء انتهى عجاف ايامها فارتمت بين ذراعيه ضاحكة مشتاقه لتحكم قفل يدها على خصره وتضمه إليها فلم تتوقف اذانها عن الاصغاء لما تهشم بداخله لتجدده..
طوقها إليه مستريحا فأحس بنبضها الانثوي بين يديه مما زاده اشتهاءً بها، فتعمد دفن انفاسه بجدار عنقها وطلب منها
- مش هقولك يلا ننسي او إنى نسيت اللى فات، بس هطلب منك إنك تنسينى إنتى اللى فات..
غمغمت بهيام
- اوعدك إنى انسيك الدنيا كلها..

زينهما طوق الحب من رأسهم للكاحل، فكيف تعصف المشاعر بارواحنا لتلك الدرجه من الجنون الذي يجعلنا نتمنى ولو نُدفن فى صدر احبابنا، تبدل حاله على يدها حتى سَلم على منياء خفونها كان الحب يخيفه كثيرا قبل ما يراها تغيرت فكرته فاصبح يخاف من فقدانه، حملها مشتاقا ليملء ما فرغته منه الايام اثناء غيابها، فاوقفته فجاة متعمده ان تخرجه من ملاذ عطرها
- هشام، استنى...
زام ما بين حاجبيه قلقا، مستفهما.

- هو فى ما يمنع ولا ايه، ورحمة ابويا ما يحصل خير...
رد الضحك لقلبها من جديد حتى ملء مسامعه فقالت بخجل
- لا ماتقلقش، حظك حلو المره دى...
رفع حاجبه متعجبا
- اومال فى إيه؟!
ضاقت عيونها بدلالٍ
- الباب بره، نسيته مفتوح...
بسطها برفق فى منتصف فراشه وغمز لها بطرف عينه
- راجعلك، متتحركيش، ومتفكريش فى حاجه تعكننا هااا...
غمغمت بتردد
- يعنى مش هتطلقنى خلاص..؟!
فاض صبر فاجابها ملهوفا.

- وهو انا كنت بتلكك طول الفتره دى عشان اجى اطلقك دلوقتى...
ثم اشار لها بسبابته محذرا
- عضلة لسانك دى لو اتحركت النهارده هقصها، وسيبينى كده اخد حقى منك بمزاج، مش عايز مقاطعه، فاهمانى؟!

كيف يقوم انسان بفرض سلطته على إنسان آخر؟! أن يُذبه عشقًا، ويغمره أمنًا، أن يملا قلبه للحد الذي يجعله أن غاب باتت الوجوه شاحبة والشوارع مغبره والاشجار عارية، لا يرى الكون الا ثُقب اسود يبتلع كل الالوان حوله، فيري فى الغياب غربة وأن شمسه لاتشرق الا بصوت حبيبه، هكذا يُكبل الحب العقول باصفاد من ورد لتفوح عطرها برائحة تسكرهما معًا فتصبح روحهما واحده تقسمت بين جسدين مختلفين...

فالحب الحقيقي لا يطفو على السطح بل الزبد ما يفعل؟! فاذا اراد المرء الحب فعليه الغوص في الاعماق عليه ان يستعين بمهارات الاسماك العمياء ليعرف الاتجاهات والطرق ليصل لهدفه، ان يتقن فن الانصات و يلاحظ التفاصيل التى تدله على سكنه ومأمنه بقية عمره...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة