قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع والعشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع والعشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع والعشرون

يتجاوز المرء مواقف كانت تستدعي منه الوقوف واتخاذ قرارت مصيرية
يواصل الحياة فلا ينهزم أمام فقدان الأحبة خذلان الأصدقاء، ولا يبكي على أطلال أحلامه المحطمة
يتجاهل
يتجاهل
ويمضي..
ثم ولأسباب تبدو تافهة للبعض، ينهار دفعة واحدة..
هذا ما تفعله التراكمات حين تثور تهدم وتفسد كل شيء
-محمد طارق.

تدخل زياد بعواصفه
- ايه واخدها البيت تلعبوا طاوله يامجدى؟!
تركت رهف حضن فجر وركضت نحو هشام مستغيثه
- هشام أنا فى ورطه ومالقتش حد يساعدنى غير مجدى، عشان خاطرى افهم وبعدين احكم..
هشام وزياد فى نفس واحد
- ورطة إيه؟!
ساد الصمت بيهم للحظات وافسحوا مجالا للاعين أن تتبادل الاسئلة، فالتقت أعين مجدى الرافضه بأعين رهف الضعيفة، فقطع حبالها زمجرة صوت زياد
- ما تنطقى يابت أنت؟!

انتفضت رهف مضطربة وبللت حلقها الجاف وتمتمت بعجز
- ميان يا هشام ...
- مالها الزفته دى؟! انطقى يارهف!
دنت فجر من هشام الذى بات كجمرة مشتعلة من شدة الغضب وربتت على كتفه ليهدا هامسه
- هدى اعصابك شوية..
فغمغت رهف بتردد
- أصلها بتساومنى بين...
فسرق مجدى الكلام من شدقيها وتدخل سريعًا بفطنة.

- عمى الله يرحمه كان معاه ورق مهم جدًا، ومعرفش مين وصلهم أن الورق ده معانا ؛ المهم ان ميان أخدت سكة رهف عشان تجيبلها الورق ده...
انخفضت انظار هشام الحائره لمستوى أخته وسألها بشك
- واشمعنا إنتى؟! وليه...
قطعهم زمجرة رياح زياد المعارضة
- اى الهبل ده؟! أنت هتصدقهم يا هشام؟! ابوك ميت من ٨ سنين ورق إيه اللى بيدوروا عليه...
ثم نظر لمجدى مكذبًا
- ألعب غيرها ياحضرة الظابط...

تجاهله مجدى ودنا من هشام واخفض نبرة صوته ولكنها مسموعة للجميع
- هشام، الموضوع كبير ؛ ومش بتفاهة اللى زياد بيفكر فيه!
رفع هشام انظاره لأعلى متخذا نفسا مسموعًا ثم سألها
- مهدداكى بإيه؟! او ماسكة عليكى إيه!
لم يعط مجدى الفرصة لثرثرة رهف الفوضويه، واجاب
- بمراتك، وهتقول لزيدان عن مكانها لو مسمعتش الكلام..

تفحصت نظراته الاستكشافيه ملامح وجه مجدى الثابتة الواثقة، أما عن رهف فاقتربت من فجر وحضنت كفها متوسلة، فتايع مجدى بحبكة درامية لهشام
- واظن أن المعلومات عندك من قبلها...
اغمض هشام جفونه للحظة ثم اردف بنبرة آمرة
- فجر، خُدى رهف وادخلى جوه..
اومأت بطاعة وهى تنسحب بهدوء ودخلت غرفتها، فتدخل زياد غاضبًا
- يا حلاوووووة! انا جايبلك البت تربيها، مش تقولها ادخلى جوه..
انفجر مجدى بوجهه.

- ما تبطل تخلف يابنى، بقولك فى مصيبة وانت عايز تتخانق وخلاص..!
ثم تدخل هشام ليحسم الامر وقال
- روح شوف شغلك يا زياد..
القى زياد عليهما نظرات الخسة ثم تقهقر مرغمًا ورست اقدامه بالقرب من مجدى وهمس بنبرة متوعدة
- كل البطيخ اللى قولته ده مدخلش دماغى بنكلة يابن عمى، ومش هعديها بالساهل...
ابتسم له مجدى متحديًا وبنبرة اشبه بالسخرية
- وانا مش عايزك تعديها ده إن مسكت حاجة...

انصرف زياد بعدما القى جملته التهديدية فنفض مجدى غبارها واقترب من هشام الجالس على مقعد المائده فسحب المقعد الاخر وجلس بجواره
- الموضوع كبير، واللعب بقي على المكشوف، ولازم نتحرك..
كور قبضة يده المستنده على الطاولة ومن خلف انيابه هبت زعابيب التوعد
- وشرف أمى منا راحم حد فيهم...
- سيب لى حوار رهف ده خالص والدنيا دى هنا، أنا هتصرف فيهم، وانت بقي ربنا يقويك على الحيه التانية..
فكر هشام للحظة.

- استنى بس ، ياترى إيه الورق اللى جايين يدوروا عليه بعد ٨ سنين، حاسس إن فى لغز كبير، إحنا لازم نعرفه...
ثم وثب قائمًا مناديا على اخته التى مسحت دموعها بالداخل إثر ما اخبرت فجر عنه وعن ما فعله فارس، فنهضت سريعا ملبية النداء
- حصل إيه يا هشام...؟!
- احكي لى كل اللى الزفتة دى قالته..

ارتمت انظارها نحو مجدى سريعا فاشار لها بالهدوء وشرعت فى روي كل ما اخبرتها به ميان حرفا ونصا وظلت تحكى باستفاضه حتى اختمت حديثها غضب هشام
- دول رُباطية بقي!
فتدخل مجدى واكمل
- وزيدان ده حواره حوار، لسه خالد كان مكلمنى إمبارح، وبيقول إنه عارف حاجات كتير على عمه توديه ورا الشمس..
اشعل هشام سيجارته التى أخذها من عبوة مجدى والقى عليه نظرة تفهم الاخير مغزاها جيدا.

- لازم اتحرك النهارده، واللى اتفقنا عليه يحصل بالحرف، عشان نهايتهم قربت..
ثم سأله مجدى بحيرة
- معندكش فكرة الورق اللى هما بيدوروا عليه وخايفين أوى إنك تلقاه ممكن يكون عمى شايله فين...
اجابته رهف بانتفاضة
- إحنا قلبنا البيت انا ومجدى ملقناش حاجة..
هز هشام راسه بحيره وهو غائص فى سحب سيجارته مفكرا بصوت مسموع.

- مش عارف، أنا أول مرة يجى فى بالى الحوار ده، ابويا مجابليش سيرة، بس لو موجود فعلا ياترى هيكون فين..
سبحوا كلهم فى ابحر تفكيرهم حتى أتت فجر بقشاية النجدة وقالت
- ممكن فالصندوق اللى عمى كان سايبهولك ياهشام، انا فاكرة إن كان جواه ورق كتير وانت انشغلت فى اعترافه، ممكن اوى يكون هناك..
ضرب على كتف مجدى بحماس.

- مجدى يلا بيا، هلبس ونروح على البيت على طول، اااه فجر خدى رهف وروحى عند بسمة ، عشان عندى عمليه اسبوع كده..
انعقد حاجبيها مستغربة ثم تباعت خُطاه حتى غرفته وسالته
- عملية إيه ياهشام؟! متقلقنيش عليك!
تخلص من ملابسه على عجل فساعدته فى إحضار ما يرتديه وسألته بتردد
- مش بترد عليا ليه!
انتهى من قفل ازرار قميصه، متجاهلا سؤالها
- فجر، تلمى حاجاتك وتروحى تقعدى عند بسمة، مش عايز ابقي قلقان عليكى...

مدت له حزامه الجلدى وسالته بلهفة تمزق قلبها
- طيب هتكلمنى؟!
تبادلت أعينها الهازلة بأعينه الحائرة بالمراة وبين تلك وذاك اسرار لا تُحكى ولكن العين جهرت بكل ما تكنه...
(فى الخارج )
- إنت ليه مخلتنيش اقولهم إنهم صورونى..
همست رهف بجملتها الاخيره فتلقاها مجدى بنبرة ساخرة
- وانت مالك فخورة اوى كده باللى بتقوليه...!
اطرقت انظارها ارضا بخجل ثم غمغمت
- مش قصدى بس بسألك ..
وقف أمامها متحاشيا النظر إليها.

- شوفى يارهف اخواتك لو كانوا عرفوا بالحوار ده، الدنيا كانت هتقوم مش هتقعد وكل اللى مرتبينله هيتهد، ده غير إنهم كانوا ممكن يدفنوكي مكان ماانت واقفه، فأعقلى كده هشام يسافر وانا هخلص حوارك ده كله، فهمانى؟!
ذرفت دمعة متحسرة من طرف عينيها وسالته بخفوت
- يعنى أطمن!
زاغت الأعين الهائمة ببعضها فولى مجدى ظهره متجافيا
- لازم تطمنى طول ماانا جمبك...
ثم ابتلع حلقه واتبع بنبرة أحد.

- لانه ده واجبى ناحية بنت عمى واختى!
ابتلعت رهف باقى كلماتها فى حلقها كاتمه صوت شجونها بمجرد ما سمعت فتح باب الغرفة وصوت هشام المنادى
- يلا يامجدى...
تناول مجدى اشيائه متجاهلا جهش بكاء رهف المكتوم وقال
- جاهز يلا..
توقفت خطاوى هشام للحظة ثم دخل يده فى جيبه وأخرج من حافظه نقوده بطاقتى بنكيتين وأعطى احداهما لفجر وقال
- خليها معاكى لربما اتاخر عليكى
ثم رفع انظاره ناحيه رهف الشارده بعيدا.

- رهف، ابقي قوليلها الباسورد..
ثم قبل جبهتها متعمدا تجاهل عيونها النازفة وهمس
- خلى بالك على نفسك، وانا مش هتأخر..
ثم تحمحم بحماس
- هلحق مجدى، عشان متأخرش عليه، وانت يارهف متخافيش واى حاجه قوليها لمجدى...

حياة مُثقلة بندوب الكبرياء، لا تعطى كل سائل ولا تسأل كُل مُجيب، هى تقتنص الضعفاء ذوى الامنيات البسيطة لجعلها مستعصية، تتراقص بحرافية على اوتار الوجع فتفتح جروحًا لم ندرك وجودها الا عندما تُحال لنزيفٍ يملأ المحيط، تملأنا باسرارٍ لا يمكن البوح بها ولا التخلص من صدحها، هناك من يحمل بقلبه ذيول الخيانه مُرغمًا وآخر يحمل قلبه على كفه متعمدًا ليُبدله وآخرى تطعنها وخزات الندم والأخيره تندلع بقلبها نيران الشك التى لا ترحم، وهذه هى الحياه لابد أن تزرع اشواكها فى ورود ايامنا فنحييا دائما بقلوب معطوبة...

وضعت بسمة صينة العصير على الطاولة الصغيرة ثم جلست بجوار عمتها راسمة ابتسامة مُزيفة إثر هتاف أم العريس وقالت
- ماشاء الله قمر زي ما سمعنا بالظبط!
اطرقت بسمة بحياء
- شكرا ياطنط، ده من ذوق حضرتك...
انحنت سعاد على آذان بسمة متوعدة
- صبرك عليا..
ثم عادت مبتسمة بمُجاملة للضيوف وقالت
- منور يابيشمهندس..
اطرق فاروق بمودة.

- ليا الشرف إنى اتعرف على الدكتورة بسمة وحضرتك، وطبعا المرة الجاية اتمنى يسري بيه يكون موجود..
غمغمت سعاد بتعجب
- وهو هيكون فى مرة تانية؟!
رفع فاروق حاجبه متسائلا
- نعم يافندم؟!
اتسعت ابتسامة سعاد الزائفه
- هاا لا ياحبيبي! ده الشرف لينا..
ثم تدخلت أم فاروق بمكر سيدات وسلطت انظارها بعيدا
- هى بلكونة اللى هناك دى؟! ما تاخدى فاروق يادكتورة فرجيه على المكان لانه حابب يشترى شقة هنا .

تجاهلت بسمة صليل أوجاعها بابتسامة كاذبه ونهضت بحماس معاندة نفسها
- اتفضل يا بيشمهندس، من هنا..
ثم مالت أم فاروق على سعاد وهمست
- خليهم يتكلموا سوا بدل ما هما متكتفين جمبنا كده..
بادلتها سعاد بابتسامة مزيفة مصدره فكيها المنطبقين بغيظ
- اه وماله...

زاحت بسمة الستائر فدخلت البلكونة ثم تابعها فاروق الذي يتملك قدرا معقولا من الوسامة ولكنه لا يُقارن بوسامة زياد ولا شياكته إطلاقًا، فاستندت على السور محاولة تجميله فى نظرها وبأنه جميلا وقلبها يقبله، عقدت ساعديها مفتقدة شغفها فالحديث، فسألها
- ساكتة ليه؟!
كانت نبرة السؤال جافه بارده حد شعورها بالاختناق واجابت
- عادى، اتفضل اسأل..
ساد الصمت بينهم للحظة، ثم سألها ليفتح حوارا
- اى فكرتك عن الجواز؟!

ألجمها سؤاله فصمتت وشردت طويلا وتحدث قلبها مذهولا
-(أنا عمرى ما فكرت فى يعنى إيه الجواز، ولا زياد عطاني فرصة اخاف من بكرة معاه او نخطط تفاصيل المستقبل، كان اليوم بالنسبة لى هو وبس واى حاجة هتعدى، حياة خاليه من اى مسئوليات مش معقدة، عقدتى الوحيده كانت غيابه، لكن ده بيقول كلام غريب هو يعنى اى جواز اصلا غير راجل أنا بعشقه وبنملك بعض للابد واى حاجة تهون بعد كده، هو الجواز بقي له فكرة!).

قطع شرودها ندائه المتكرر
- دكتورة بسمة؟! معايا...!
- هااا، اه معاك، سورى متوترة شويه
( أنا مكنتش متوترة أنا كنت شايفاه تقيل أوى على قلبى، مش مستحمله حتى ريحته أو نفسه )
ولكن واصل فاروق وسالها
- ماجاوبتيش؟!
بتلقائية:
- عادى حياة اتنين متفاهمين بيكونوا اسرة...
هز رأسه متقبلا اجابتها ولكنه تابع سؤاله الاخر كأنها فى استجواب، وسألها
- اى اكتر صفة بتتمنى تلاقيها فى شريك حيااتك؟!
دار الحديث بين بسمه وقلبها الاول.

-( أنا مكنتش مستنيه منه اسئله ورا بعضها انا كنت مستنياه يطمنى لما قولتله متوترة، ده حتى مكسرش الحاجز ده وحب يهزر شوية، دخل فالسؤال اللى بعده على طول ؛ زياد عمره ما كان كده ، زياد كان بيخطفنى من كلمة ويطمنى بغمزه، عمرى ما دورت فى زياد على آحلى صفه انا عايزاها فيه، أنا كنت حباه زى ماهو، كنت حابه عيوبه قبل مميزاته، حب من غير شروط ولا تعقيد، هو انا لازم عشان أحب ألقى سبب ومبرر؟! )
امتعضت ملامح فاروق.

- انت رجعتى تسرحى تانى؟!
- حنين، يكون حنين ؛ ويعرف يحتوينى!
- مقابل؟!
القى كلمته بنبرة واثقة استقبلتها مندهشة
- يعنى ايه بمقابل؟!
نصب عوده بفظاظة ثم قال
- يعنى اليوم اللى هتعملى لى فيه أكله حلوة هديكى هديه حلوة، وقت ما تقولى كلمه حلوة لازم يكون لها مقابل منى؟!
بسمة باستغراب
- يعنى ايه؟! اى المعادله الصعبة دى! يعنى يوم ما أنا اتعب واقع مش هلاقي كفك يسندنى عشان أنا معنديش مقابل اديهولك..!

أخذ يبرر وجهة نظره بعبارات متعددة لم تمر بجوار اذانها ولكنه بات محل مقارنة بينه وبين زياد، فجبال الغم رست على قلبها صوت بوق الجزع يصدح منها لاعنة جواز الصالونات سرا.

-( اى العقد دى كلها؟! قاعدة مع شخص بيتجمل وبيحاول يبهرنى ويتشرط عليا ويظهر احلى ما فيه عشان اوافق؟! هو ده جواز صح؟! ولا العلاقات اللى بتبدا بعفويه وصدفه وفجاة تتكعبلو فى الحب من غير اى قصد ما بينكم؟! انا لاول مرة اترعب من الحب والجوازات، منكرش إن زياد كان فيه كل العبر بس عمره ما خوفنى عمره ما اتجمل قدامى عمرى ما حسيت إنه بيتأمر عليا، اول مرة اخوض تجربة صعبة زى دى مقابله بهدف الحب والاستقرار! هو الحب بيجى بالاتفاق اصلا؟! ولا بيجى صدفة كده ترج قلوبنا من غير أى استئذان! انا مابقتش فاهمة أى حاجة غير إنى مش طايقة البنى آدم ده قدامى ).

انا ضدت الارتباط والعلاقات السرية! وكمان مش مع العلاقات الجبرية، بنعمل مؤامرة على الحب عشان نحب! انا هعرض اجمل ما عندى، وانت كمان لحد ما ننبهر ونوافق على بعض، فترة زمنيه مؤقته نحب بعض فيها عشان نتجوز! اى المعادلة الشاقة؟! طيب لو جيه الحب ما بينا هيجى عشان احنا حاطينه قدامنا فنتوهم اننا حبينا! ولا بنتمسك بالطرف التانى على إنه فرصة مش هتتعوض فأنا اتجوزه وخلاص ومحاكم الاسره اهى موجوده؟! حاسة إننا فى رحلة صعبة أوى كل اطرافها بيطلعوا خسرانين سواء كان جواز عن حب او صالونات!

- ها يا هشام هو؟!
يقلب هشام الاوراق التى بيده بعشوائيه مذهولا
- معقوله؟!
مجدى بشغفٍ
- فى إيه ياهشام ...
رفع عيونه المدججة بالدهشة
- كوارث! كوارث يا مجدى؟!
تناول مجدى منه الاوراق والمستندات وتفحصها فتفاقمت حيرته ودهشته التى لم تختلف كثير عن هشام وتمتم
- نهار ابوكم اسود؟! بس ورق زى ده وصل لعمى ازاى؟!
لملم هشام بقية الاوراق وفرغ الصندوق من كل محتواياته وبحماس
- الورق ده لازم يختفى، على الاقل دلوقتى!

جلس مجدى على طرف فراشه وقال
- أنا شايف ان ده ورق كفايه وأدله توديهم ورا الشمس وتكشفهم للعالم كله، يبقي مالهوش لازمه حوار ميان!
فكر هشام لبرهةٍ ثم هز رأسه نفيا
- الورق ده طرف خيط لمخططات من ٨ سنين، أنا عايز أعرف هما وصلو لإيه، اللى اتفقنا عليه هيتم...
رمقه مجدى مترددا
- مش خايف على فجر؟!

- هتفهم كل حاجة فى وقتها، المهم، عايزك تروح توصلهم لبيت بسمة ، اااه وعين حراسة تحت البيت بس مختفية من غير ما يحسوا بحاجة، وانا هطلع على الجهاز اظبط امورى وبعدين نشوف حوار ست ميان؟!
مجدى بشكٍ
- أنا ليه حاسس بإن فى دماغك حاجة أكبر من إنك تدخل جوه دماغ الناس دى؟!
فاتسعت انظار هشام الاستكشافيه وسأله
- زى ما أنا شايف فى عيونك حاجه متعمد تخبيها عليا..

نهض مجدى ليحضر حقيبة ما ولملم فيها الاوراق متفاديا عيون ابن عمه الصقرية وقال
- ركز فى شغلك بس ومالكش دعوة بيا!
اخذ هشام الحقيبه وسحب جرارها وقال
- الحاجات دى هشيلها فى خزنة الجهاز...
ربت مجدى على كتفه
- تمام يا بطل، ربنا معانا...
زفر هشام
- استعنا على الشقى بالله...

- ممكن أفهم اللى أنتِ بتهببيه ده وانتى لسه فى شهور العدة؟!
هجرت سعاد جُملتها باختناق بعدما انصرف فاروق والدته، فعقدت بسمة ذراعيها معانده
- وفيها إيه؟! انا من حقي اتجوز واعيش حياتى..
- إنتى بتعاندى مين؟! نفسي افهم!
تجاهلتها بسمة وسارت نحو غرفتها
- مش بعاند حد، وانا هتخطب ومش هوقف حياتى عشان حد مهما كان هو مين!

-( انا عمرى ما كنت هوافق على فاروق، وكنت مقرره إنه مرفوض نهائيا، بس معرفش ليه كنت برد على عمتو كده ؛ ايوه صح هو أنا بعاند مين وعلى اي حساب! ماهو كمان لازم يعرف إنى مابقتش باقية عليه ولا عايزاه، ولا بقي يلزمنى، وهتخطب ولا هيهمنى حد اصلا )
انتهى صراع قلبها وعقلها بقفل باب غرفتها بقوة ثارت جنون سعاد التى ضربت كف على الاخر وهى تأخذ هاتفها وتغمغم
- البت دى اتجننت ولا جري لعقلها إيه؟!

طلبت رقم زياد الذي تلهفته مستغثيه
- زياد، الحقنى يابنى ...

بعد مرور يومين...
شق نور شمس نهار جديد مغلف باحداث جديده مفاجأه، حركه على غير المعتادة فى قصر زيدان الذي يقف أمام نادية بهيئته الفظة
- هتفضلى ساكتة كده كتير يا نادية، عايزه تموتى إهنه إياك؟!
نهضت من فراشها الذي يتوسط الغرفه المظلمة مستنده على طرفه مستقوية
- عايزنى اقولك على مكان ولدى؟! أنت اتجننت يا زيدان..
اهتزت الجدران لصوت ضحكاته الشريرة وقال
- قابلتى عماد السيوفى ليه يا نادية...

ألتوى ثغرها منتصرا، واجابته بنبرة متحدية
- عشان ألف حبل المشنقة عليكم كلكم وارجع حق جوزى يا زيدان، جوزى اللى اتقتل غدر..
ضرب الارض بطرف عكاز بنفاذ صبر
- افهم من إكده إنك انتى اللى وصلتى له الورق اللى اختفى من بيتى؟!
اتسعت ابتسامتها الشريره التى تشع بالانتصار
- اه انا، زى ماانا معايا الدليل اللى يثبت بإنك ليك يد فى قتله، تحب اعرفك ياسيادة النائب!

نيران الغضب سيطرته على عقله فتتطاولت يده لتخنقها بقوة فشهقته متألمه متعمده اخفاء وجها ولهثت قائله
- مش هيهدالى بال غير لما ألف حبل المشنقة حولين رقبتك...
بدا نفسها يتقاطع تتريجيا وبدأت عواصف غضبه تقتلع كل ما يعوق طريقها مهددا
- عتحلمى يابت عمى، روحك دى اطلعها فى يدى..
- يا سيادة البيه ، كلم كلم حالا ...
انقذ ناديه نداء شيخ الخفر الذي دخل فجأة، متلهفا حاملا خبرا غير متوقع، فتفوه زيدان بغضب وسأله.

- أنت مين سمح لك تيجى اهنه..
طأطأ رأسه متخاذلا
- اسف جنابك، بس فى حاجة مهمه لازمًا تعرفها، حالا..
انحنى واخذ عكازه ثم القى نظراته الناريه على ناديه متوعدا
- راجعلك...
ثم اتجه نحو الباب بخطوات واسعه وسأله
- فى إيه يا ولد المحروق..
- تعالى معايا جنابك، فى واحده عايزه تقابلك ضرورى...
- واحده؟! مين دى؟!
اثاره الفضول فى مقتل فركض خلف فضوله متبعا خطى الخفير الى ان وصل لغرفة الضيوف وسأله بجزع.

- ما تنطق يا ولد المحروق؟!
لم ينطق الخفير بل استدارت الفتاه وهى تنزع الستره السوداء من فوق رأسها واجابت
- أنا فجر يا سيادة النايب؟!
صدمة اصابته فى منتصف قلبه، فتقهقر الخفير ليتركهم معا أما عنها فواصلت ببكاء شديد
- حقك عليا، ابن السيوفى كل بعقلى حلاوة وخلانى انسي حقى وحق ابويا، انا عايزاك تسامحنى...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة