قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الخامس

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الخامس

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الخامس

كل خطاوينا تحمل سلاما، منا من يكمن سلامه فى سقوطه فى جب البئر، ومن يكمن سلامه فى الوحده ، ومنا من يلقى سلامه بكلمه تبث نسائم الامل بجوفه، ومنا من يكون سلامه فى شخص يملك بين مرفقيه حياه اخرى غير التى هلكت منا اثناء الرحله، ومنا من يمتلك سلامه فى قرار عفوي اُخذ بدون تفكير على امل انه يصل لما يريد فى النهايه، على كُلٍ افعل ما شئت فجميعنا سنسافر لوحدنا فى نهايه الامر!

التهبت اعين زيدان بحمرة الغضب وارتفعت نبرة صوته
-أنت عتقوليلى لا يابت المحروق انت؟!
تراجعت للخلف وهى ترمقه بعيون مرتعده وتبلل حلقها الذي جف من شدة الرعب
-اسفه جنابك، بس مش هينفع...
نظرة ثاقبه من عيونها التقمتها من راسها للكاحل ففجرت كل مهامه الاداميه، فاستدار بجسده ليحكم غلق باب الغرفه بالمفتاح وهو ينزع جلبابه متأهبا لفعله الشيطانى
-انا هوريكى كيف تقولى لزيدان نصير لا..

تتراجع للخلف حتى ارتطمت ساقها بحافه المنضده الصغيره التى تتوسط الغرفه وتملكت الهواجس الشريره عقلها وهى تترقب هجومه نحوها بصدمه وعيون منتفضه، فقالت
- جنابك هتعمل ايه؟
تفقد جسدها الممشوق والذي ينحته ثوبها الازرق المصنوع من القطيفه مما جعلها اكثر جمالا، فالقى جلبابه ارضه وهو يهذي
-مش كنتى لسه راميه نفسك فى حضنه؟! هتعملى عليا انا الخضرة الشريفه يابت!

ارتعشت احبالها الصوتيه وهى تشير له بسبابتها مهدده وتقول
-محصلش، ولو قربت منى مش هيحصل طيب..
ضحك منه ملا السمع خرج من فاهه، فقال
- وكمان عتهددينى يابت انت؟ والله زين..
ما لبث ان انتهى من جملته حتى انقض عليها بمخالبه فصاحت مستغيثه
- الحقوووونى...
دفعته بكل ما اوتيت من قوه فتقهقرت قوته قليلا وفلتت منه جريا نحو الشرفه وهى تقول لاهثه
-لو فكرت تقرب منى هرمى روحى من اهنه...

تباطئت خطواته شيئا فشيئا ثم قال مستعجبا
-يلا اقتلى روحك وانا اقولهم انى قفشتك بتعملى الحرام مع ولد اخوى ولما هددتك انتحرتى...
ثم اطلق ضحكه عاليه
- وترجع الجرانين تتحدت عنى من تانى وابقي على لسان كل واحد...

ارتفاع وهبوط صدرها الواضح من شدة الخوف كان مثيرا له بأن يلتهمها بين ذراعيه، ظلت تترقب نظراته المقززه طويلا وخطواته السلحفيه التى تحاول الامساك به الى ان عزمت قرارها وقفزت فوق السور وجلست عليه صارخه ومحذره
-قولتلك اوعاااك تقرب منى، هرمى روحى.

بات حال خالد اشبه بقماشه هالكه كلما تحاول نصبها تسقط كما لم تكن، تارة يستجمع قوته ويقاوم تاثير المنوم الذي تملك من جسده فيسقط حيثما كان، وتارة يتمرمغ فى الارض محاولا النهوض حتى شلت حركه جسده تماما فلم يبقي سوى انظاره الرافضه الاغماض...
ظلت قمر تكتسح المكان خلفها واسفلها بعيونها المرتعشه وهى ترتعد فلم تستطع البقاء مع بشري مثله فى مكان واحد، برزت عروق عنها من شده الخوف وهى تتمتم بحذر.

-قولتلك بعد، هرمى روحى..
طاوعها وهو يرفع يديه مستسلما ويتقهقر بخطوات متردده قائلا
- اهو اهو، يلا انزلى ومتوديش نفسك فى شربة ميه عاد..
صرخت جازعه
-قولتلك بعد واطلع بره الاوضه خالص..
اؤمى رأسه ايجابا وهو يلهج قائلا
- هرجع، بس يلا انزل..

استدارت برأسه للخلف فتكوم شعرها الطويل على كتفها فازدادت فى عينيه جمالا، فلا تزال نظراته غامضه الى ان خرج من الشرفه وتوجه نحو الباب فتحه ثم قفله بقوة، فاطمئن قلبها قليلا لصوت الباب فسقطت عينيها على خالد الملقى ارضا، فدلفت ملهوفة وهى تركض صوبه صارخه باسمه
-خالد...
ما لبث ان جثت على كلتا ركبتيها فالتفت ايدي زيدان المختبئ خلف الخزانه وكتم انفاسها قائلا بصوت شرير.

-فكرك بت يومين زيك انت هتمشي كلامها على زيدان نصير...
رفثت ساقيها سجاده الغرفة وهى تتملص من تحت يديه الخاليه من الرحمه ودموعها التى كست كفه صارخه بصوت مكتوم، فسحبها بكل قوته واوقفها امامه ليصفعها على وجنتها بكل ما اوتى من شر ناهرا
-بتتحدينى يابت المحروق...

لمطه واحده من كفه كانت كافيه ان تسقطها ارضا، بمجرد ما لمس جسدها الارض رفعها من شعرها وكان لخدها الاخر نصيبا من شر يديه التى لا ترحم صوت نحيبها وصراخها الذي بكت لاجله الجدران...
كل هذا بدى لخالد عباره عن صورة مشوشه لشخص كسرت نظارته الطبيه، ارتفعت اصوات عرائزه التى تجاوزت اصوات استغاثتها وصوت هد الباب من الخارج بواسطه مهجه الصارخه بتوسل
- افتح ياازيددان..

سحب قمر من شعرها كما تسحب البعير وبكل قوته القاها على الفراش فارتطمت رأسها بحافته وفقدت وعيها فالحال، باتت وليمته جاهزه على النهش وماتت كل عواطفه الانسانيه ولم يبق سوى عواصفه الشيطانيه...
ركل خالد الملقى ارضا بغل متابعا بسبه سرا وانحنى باحثا عن شيء ما حتى أمسك بسكينه فوق طبق الفواكه ولمعت عينه بداء الانتصار...

عاد الى قمر التى لا حول لها ولا قوة مرة اخرى وشرع فى تمزيق الفستان كمان تمزق النسور جلد فرائسها، ما هى الا لحظات قليله امتلأت عيناه بمراده حتى شعت لهفة الافتراس من عينيه وهى يمرر كفه على كل انش بها كمن ملك اللؤلؤ تحت يديه...

- المفروض عليا انى اراقبك يعنى عشان اعرف اشوفك..
اردف سامر المتكئ على سيارة بسمه جملته الاخيره بنبره ممازحه، استقبلتها بسمه بابتسامه هادئه
- سامر بيه، اخبار حضرتك؟
-أنت لو كنتى عاوزه تعرفى اخبارى كنتى هتتكلمى او تردى على مكالماتى..
بدت بهدوء غير معهود وهى ترتدى نظارتها السوداء
-سورى انا حقيقي كنت مشغولة جدا الفترة اللى عدت..
تطاولت انامله لترفع نظارتها السوداء عن عيونها قائلا بغزل.

- العيون در اللى منوره قلبى والدنيا كلها حرام تستخبى..
تعجبت من جراءته الزائد ودخلت فى حرب بين المحافظه على هدوئها وبين وضع حدا له، فبادرها قائلا ليثبط حيرتها
-سورى، بس هما عيونك اللى حلوين واجبرونى اعمل كده..
ضغطت على ريموت عربيتها فاصدرت صوت الكترونيا يشير بفتحها فلحقتها نبرة صوتها
- سامر انت عاوز ايه، ممم ده مع حفظ الالقاب طبعا..
اتكئ بذراعيه على سيارتها قائلا.

-هقولك عاوز ايه لما تقبلى عزومتى على الغدا..
اطرقت بخجل وهى تفتح سيارتها وتضع الحقيبه بداخلها لتهرب من عرضه رافضه
- بس اسفه، مش هينفع ...
وضع يده كحدا لها ليمنعها من صعود السيارة مصرا
-ياستى وابقي حاسبى انت واسمك بتعتذريلى على مكالماتى اللى مش بيترد عليها دى.
عاندت قلبها صائحه:
- حضرة الظابط ممكن توسع والا هتصرف تصرف مش هيعجبك..
غمز بطرف عينيه قائلا بثقه بعثرت عقلها لاشلاء.

-هتصوتى وتقولى متحرش؟! اهون عليكى اخد علقة موت وانا ظابط ملوى هدومى كده..
ثم قفل باب سيارتها مخترقا قانون المسافات حتى لامست انفاسه وجنتها قائلا بغمز
-ولا هتقولى خاطفنى وفى الحاله دى القانون عنده الحل هتجوزك واطلع منها وده بصراحه يوم المنى!
كانت كلمات كاعصار بعثر افكارها فاردفت بتردد
- طيب ممكن نأجلها..
- لامتى، معلش لازم تقولى معاد عشان اسيبك..
تشاجرت مع خصيلات شعرها بنفاذ صبر.

-سامر، انا مش مناسبه ليك...
- ولو مكنتش انت مش مناسبه!مين هيكون مناسب؟
ثم نظر فى ساعته قائلا
- هاا يااما معاد محدد واجى اخدك من تحت البيت بفستان قمر وزى جو الافلام والروايات ده. ياما زى الشاطرة تيجى تركبى جمبى نروح نتغدى وارجعك مكان ما اخدتك، قولتى ايه..
فكرت طويلا ثم قالت متأففه
- تمام، الخميس اخر الاسبوع كويس!
اتسعت ابتسامته منتصرا
- حلو، يبقي كده لازم تاخدى العرض كامل؟
رفعت حاجبها مستفهمه
-ازاى بقي؟

نصب عوده كأنه فى مهمة رسميه وهو يطبق نظارتها قائلا بثقه وبنبرة اشبه بالامر
- يوم الخميس الساعه 7 هعدى عليكى وتكونى لابسه فستان لو مكنتيش لابسه فستان هضطر بقي ااجل الخروجه لحد ما تلبسي فستان..
ثم وضع نظارتها فى جيبه قائلا
- ودى هتفضل معايا لحد الخميس، كضمان انك هتيجى عشان تاخديها..
ثم انحنى قليلا ليفتح لها باب سيارتها ويشير له بكفه بفظاظه لتصعد وابتسامه خلابه تشق شفتيه قائلا ممازحا.

- نسوق بشويش، عشان لو الرخص اتسحبت مش هعرف اساعدك..
تتقلب عيونها كالمد والجزر من هول افعاله التى ثارت اعجابها، تعمدت تجاهل تلك المشاعر التى لا تليق بأمراة ناضجه حد الاستواء من افعال رجل شوى قلبها على نيران خديعته فاكتفت بنظرة رضا وهى تركب سيارته متحاشيه النظر اليه...

تقود سيارتها مفكرة فى حديث سامر الفكاهى بصرف النظر عن ابتسامتها التى بخلت بها فى وجهه، باتت تتسائل كيف تنجو من براثين رجل اهلكتها؟ هل برجل مثله أم بمقاطعه رجال الارض! كيف تسد فراغ قلبها ووحدتها القاتله من بعده؟ هل بالسعى وراء الموت والسير مع التيار الى أن يلقى بها الى الحافه املا فى تعثرها باصفاد اوجاعها فتهوى من فوقها أم بالتعويض وفتح بوابات قلبها كغرفه فى فندق تستقبل كل نزلائها بصدر رحب وتحويهم ايضا حتى تتولد بقلوبها القناعه التامه بأنه الاول والاخير! حائره هى كعش دبابير وافكارها تحوم حولها بدون مأوى...

- رهف بليز مش هوصيكى، محدش يعرف انى هنا؟!
اردفت فجر متوسله وهى تصطحب رهف الى الباب، فاومأت رهف متفهمه
- يعنى انى كذبتى على هشام عشان مش عاوزه توجعيه؟
كتمت الحقيقه فى نفسها ثم اومأت بالايجاب
-اعتبريها كده..
اتسعت ابتسامه رهف بحماس
- واعتبرينى انا كمان معرفش اي حاجه، بصي سرك فى بير اصلا...
رمقتها فجر بخوف وعدم تصديق
- ياخوفى! ربنا يستر..
ضحكت رهف بصوت عال ثم تأهبت للمغادره.

-ابقي سلميلى على بسمه كان نفسي اشوفها اوى، وكمان انا كل يوم هتلاقونى عندكم هنا..
اقتطب حاجبى فجر ممتعضه وحاولت اخفاء دواخلها وقلقها بابتسامه خفيفه، استقلبتها رهف بحضن ثم قالت
-متزعليش من ماما هى طيبه اوى والله وعاوزه مصلحتنا.
- معاكى حق..
ولت رهف ظهرها ثم وقفت كانها تذكرت شيء فقالت بلهفه
- جوجو، انت عرفتى ان هشام طلق مياده !

يبعث الله من يحتضن قلبك بجملة ويرد روحك بخبرٍ، بعيدًا عن نيران هذا العالم والالم الذي يسكننك في كل زاوية منك، اشرق وجهها الذابل بابتسامه أمل متمتمه
-ده بجد..
اومأت رهف بالموافقة وعلامات الخزى تقاسم ملامحها
- ايوة، زعلانه عليهم جدا بس يلا ربنا يعوضهم هما الاتنين...

انصرفت رهف بعد ما ثقبت بجملتها قلب فجر التى انعقدت اشواقها فوق قلبها ووقفت عند ذكريات ليله بمثابه عمر، قلبها يقرضها الما لانه باع الدنيا لاجلها ولم تبتاع حبه، وتارة اصبح فارحا لخلو حياته من اجناس حواء فبرغم من اقناعها التام ان عودتهم سيكون من احدى عجائب الدنيا الا أنها تود ان تسطو بحبها على قلبه دهرا ولا انثي غيرها تقاسمها، استندت على الباب شارده وهى تحتضن قلبها المتراقص على اشواق واشواك الحب متمتمه مع نفسها.

- قالولنا زمان ان المشاعر عامله زى الورد بتنبت ببطء جوانا لحد ما تملا قلوبنا بريحة حب نحييا بيها بقية عمرنا، بس اشمعنا حبك انت اللى خلف كلامهم و جيه على قلبى زي القنبله فجرت كل المشاعر دى ليك لوحدك لدرجه انى ماشيه بلملم فى كل جزء منى عشان ارجع زى الاول؟!
فاقت من دوامتها التى اخذتها بين ذراعى هشام تحديدا على صوت سعاد المازحه.

- طيب ايه هنقف على الباب كده كتير نفرق الناس علينا واحنا غرقانين فى بحور الحب!
لاول مرة منذ أن غابت شمسه عنها ان تضحك وهى تقفل الباب وتقول بتفاؤل
- حضرتك معاكى حق، ماينفعش الناس يشوفونا والحب مبهدلنا كده..
ولت سعاد ظهرها وقالت بخبث مفتعل
- لو اعرف ان رهف هترجعلك ضحكتك دى كنت كلمتها من امبارح!
لحقت بها فجر وهى تمط ذراعيها بحماس
- بحب اى حد من طرفه ومعاه ريحته..
ثم صمتت للحظه وتابعت بحزن.

- تفتكرى هقضي عمرى كله كده على انتظار ريحته فأى حد من قرايبه!
جلست سعاد وشرعت فى تنقيه الرز وهى تقول
- او تحاولى؟
جلست فجر بجوارها حائره وبنبره استياء
- اعمل ايه بس، طنط انت ليه مش مستوعبه قوة شخصيه هشام، لو عتر فيا بعد اللى عملته هيدفنى حيه...
توقفت سعاد عن تنقيه الرز قائله بحكمه
- ما انت لو ذكيه وعرفتى تدخليله صح ساعتها كل قوته دى تبقي ملكك مش عليكى..
ضرب الارض بقدميها بقلة حيلة.

- يعنى اعمل ايه بس ياربى؟! انا خايفه اقرب، والبعد راعبنى...
- فى كل الحالات خوف! النتيجه واحده لو مش واخده بالك...
فكرت طويلا ثم قالت
- هو انا ليه حاسه نفسي حماره مش عارفه افكر فى اي حاجه؟!
ضحكت سعاد واجابتها ممازحه
- حاسه؟! ياحبيبتى انت لو مش حمارة كنت حبيتى واحد حلوف كده زي هشام..
رمقتها بنظرات ساخطه ووجه مكفهر ثم بعدها انفجرت ضاحكه وهى تقول
- انت صح...
ثم وثبت متحمسه.

- انا هروح اكلمه واستحمل اى زعيق منه وخلاص، اهو اهون من حرقه قلبى عليه دى..
اوقفتها سعاد بصوتها الذي صدح معارضا
- استنى هنا؟! يعنى اتصرفتى بغباء وضيعتيه عاوزه تكملى غباءك وانت بترجعيه فهتضيعه منك اكتر..

تسمرت فجر فى مكانها كانسان آلى فى انتظار امر التوجيه؛عجيب امر قائد الحب يحولنا ل عرائس خشبيه يلاعبها من اعلى ويكشف خبايانا ويشاهد عبثنا ويسخر منها وهو من يحركنا، قائد ذو مزحه سخيفه حقا، يتخذ من قلوبنا كأسا ليسكر به ويلهيه!
تابعت سعاد بفطنه
- اقعدى كده واسمعى كلام واحده شعرها شاب فى قراية الكتب ودراسة الرجالة...

فضحكت فجر منتظره رسم خريطه الوصول التى سنترسمها لها سعاد ولكن دخلت بسمه لتقطع حديثهم قائله باعجاب
- الله الله، دانتو بقيتوا صحاب بقي؟!

انتهى زيدان من فعله الخارج على قوانين العداله والرحمه وهو يلملم ملابسه ويترقب بانظاره ضحاياه مغيبين امامه فتعلو شدقه ابتسامه انتصار، عاود مرة اخرى لقمر التى بدأت ان تسترد وعيها تدريجيا فظل يتأمل اثار جرائمه الفادحه على جسدها وبالاخص شفتيها المرتعشه التى ينبثق منهما قطرات الدماء ؛ غمض له جفن الرحمه والقى ستره على جسدها ثم ولى ظهره خارجا بارتياح..

استقبلته عيون مهجة قبل صوتها الذي فقد بحته اثر النداء والرجاء من الخارج، فنهضت من فوق الارض متعلقه بذراعه قائله ببحة خافته
- عملت ايه؟ حصل ايه جوه؟
ببرود ثلجى اردف
-خشي استرى البت اللى جوه دى.
ندبت على صدرها مذعوره
-ياحزنى عملت ايه؟
اكتفى بكلمه واحده كى لا يفسد سكر يومه الذي اختلسه بقسوه
- ربيتها..
انصرف زيدان فحلت محله اقدام ناديه اللاهثه وهى تدقع مهجه من الخلف صارخه
- عملتو ايه فى ولدى؟!

غزا الصداع رأسها واتسعت حدقة عينيها حد الجحوظ عندما رأت اجساد بدون روح ملقاه، فقدت قدرتها على الاستغاثه على الصراخ على النجاه، وذلك لم يقل ذهولا عما شعرت به مهجه، وسرعان ما استردت وعيها وقفلت الباب وركضت نحو قمر لتخفى اثار الجريمه ولكن كانت الصاعقة عندما انقطعت انفاسها عن الحياه، فلطمت على وجهه صارخه
- يامصيبتى!

جثت ناديه على ركبتيها محاولة إفاقة ابنها تارة وتارة اخرى تحاول ايقاظ قمر ولكن بدون فائده حتى انفجر بوق الوجع من حلقها صارخه
- حسبي الله ونعم الوكيل فيك ياازيدان، منكككك لله..
نهضت مهجه محذرة
- هطلب الاسعاف، بس حسك عينك تنطقى بكلمه فاهمه والا هسيبك تتفرجى على ولدك وهو بيموت ويحصل البت دى!

قديما كلما ضاقت علينا الايام تمنينا ولو يعود بنا الزمن حيث ما كنا صغار، اليوم تحققت احد ماقولات الزمان، نحن نعيش فى غابه حيواناتها تسكننا حتى باتت الدنيا بتلك الصورة المؤسفه، ضاقت حد الاختناق للدرجه التى تمنينا فيها ولو لم نخلق ما كان قد خُلق كل هذا الوجع!

(بعد مرور ثلاثة أيام )
-بونجور على حبيبة قلب بابى!
تركت مايان الحاسوب الخاص بها جنبا ثم اردفت مترحيب
-بونجور داد...
جلس بجوارها بفظاظه قائلا
- ها ايه الاخبار ؛ شغلك تمام..
استغرقت بعض الثوان فى التفكير ثم قالت بشك
- هو هيبقي تمام فعلا لو اللى بخططله حصل؟!
رمقها بنظرة تحذيريه
- مينو، عاوز عينك تبقي فى وسط راسك، هنا الغدر بيتنفسوه ..
اردفت بثقه اشبه بالغرور.

- متقلقش يابابى، هو انا اول مرة انزل السوق ولا ايه، ده حضرتك مجربنى..
اومئ راسه بفخر ثم تأهب للذهاب قائلا
- انا واثق فيكى.
تفقدته بعيونها الضيق متسائله
- بابى وشك باين عليه انه مضايق! حصل حااجه.
حاول رسم ابتسامه مزيفه على ثغره قائلا
- مشاكل فالشغل، متحطيش فى بالك...
قطعت نانسي خلوتهم بعفويتها وهى تقبل وجنة عمها قائله
- هاى اونكل..
- هاى بحبيبة اونكل اللى جايبه حسابه ارض..
جلست بخفه وهى تردف بتأكد.

- جيب السبع ما يخلاش يا شاذلى بيه..
ضحك منصور على جملتها ثم لملم هاتفه واشيائه من فوق الطاوله قائلا
- خير يا نوسا! مايحسد المال الا صحابه! انا همشي احسن لو قعدت دقيقه كمان هلاقي اسهم البورصه جات فى دماغى؟
انفجرت نانسي ومايان فى بركان الضحك ثم تابعته صوت نانسي مودعه وهى تاخذ انفاسها متقطعه
- لازم تطلع صدقه عشان العين مترشقش...
ثم خفضت صوتها بمجرد رحيل عمها قائله بعتب
- شوفتى ابوكى خايف منى لاحسده..

تجاهلت مايان جملة نانسي وهى تسحب اللاب توب بلهفه
- هشام السيوفى طالع تريند على كل المواقع، يخربيته هيجننى...
انفجرت نانسي ضاحكه بسخريه
- وياترى ممسوك فى ايه هو كمان؟
لم تفهم مايان مغزى جملتها ولكنها اجابت بتلقائيه.

- قضي على اقوى خليه مموله للجماعات الارهابيه، والعظيم فى كده انه رجل برجالته من غير خدش واحد، واللى عرفته ان الجماعه دول من اخر الناس عالدولة وكل مجموعه تروح هنا مترجعش، الا هو جابهم للدوله فى كيس هدايا..
ثم سكتت للحظه تستجمع حديثها
- واحد من صحابه كان بيتكلم عنه في فيديو وبيقول انه كان بيرمى نفسه قدام الرصاصه وبيواجهه العدو حتى من غير درع والغريب انه كان راسم خطه لفريقه، وخطه تانيه نفسه..

ثم فكرت لبرهه متعجبه عليه
- واحد مقسم فريقه لجزئين وفعلا كل بيتحرك بحسب الخطه المرسومه الا هو كان فريق مع نفسه لدرجه انهم محسوش اختفائه غير وهو طالع من قلب مبنى الارهابيين..
نانسي بانبهار
- يخربيته! ده قلبه ميت ده ؟!
اتسعت ابتسامه مايان بفخر
- شايفه صورته قمر ازاي ، واقف وسط رجالته وقفه تزلزل قلب اتخنها عدو..
تأملته نانسي باعجاب ثم قالت.

- جاتهم الارف فى حلاوتهم، تعرفى ان زياد اخوه هو كمان قمر قمر يااالهوووووى، دانا نمت وانا حاضنه صورته.
قفلت مايان اللاب توب متعجبه
- وانت عرفتى اخوه منين..
قهقهت نانسي ضاحكه وبنبره ساخرة اردفت
- ما اصلو هو كمان تريند...
رفعت مايان حاجبها متعجبه توحى بعدم فهمها ثم واصلت نانسي حديثها قائله.

- هفهمك، اخوه طلع دكتور و متهم فى قضيه اختلاط انساب، بس انا قلبى بيقول لى ان القمر ده مش مجرم لااا، يااخرابى على لون عيونه..
ثم نهضت مفزوعه وهى تتناول الهاتف تبحث عنه وتكمل تغزل
- انا اليوم كله امبارح قاعده فى بروفايله ، ياختاااى على ماسوره البنات اللى عنده ، بس الواد مطرقع ، انت متخيله اخر صوره منزلها معديه ال20الف ريأكد!
اردفت مايان بلوم
- يعنى الواد محبوس وده كل اللى هامك؟

وضعت نانسي ساق فوق الاخرة وهى تقول
- ده حالى، مابعرفش احب انسان طبيعى ابدا، ماشاء الله عليا احسن واحده تنشن على المقعدين والمطلقين والمحبوسين بصي انا اختياراتى مبهره فالرجاله، ربنا يحفظنى بجد...
ثم نهضت بصرم لتضع حدا لحديثهم
- نانسي خلصانه، ولاد السيوفى دول مش لازم يفلتوا مننا! انا قررت..
تناولت مايان مفاتيح سيارتها بحزم ونهضت سريعا
- وانا كمان قررت...

- يامامى سرحانه فى ايه بس؟!
تركت الاوراق من يدها متأففه بكلل ثم قالت
- الزفته نهى واللى معاها اختفوا، وقلقانه اوى على اخوكى، وهشام سارح فى دنيته مع نفسه، ومعروض عليا صفقه العمر وصاحبة الفكرة مصممه على فجر هى اللى تبقي الهييد للموديل، وست زفته دى انا مش عارفه اجيبها منين..
شردت رهف طويلا ثم قفزت بعفويه فوق الفراش وعقدت ساقيها وقالت.

- زياد كده كده هيطلع منها بس بسمه بتربيه شويه، وهشام تريند عالسوشيال كله و الله يسهله، نيجى بقي لست زفته اللى مضايقاكى، عيدى كده حوارها تانى!
فاضت الحيره من داخلها فقررت ان تتخلص منها فى دخان غضبها، تناولت سيجارة من الدرج واشعلتها ثم قالت
- مايان الشاذلى عاوزه تعمل بريند عالمى وطالبه الست فجر هى اللى تكون الوجهه..
قلبت رهف الحديث براسها ثم قالت
- يعنى دى فكرة كويسه لفجر؟
نفثت دخان سيجارتها بغل ثم قالت.

- وهى كانت تحلم بيها، دى طاقة قدر واتفتحت لها! المصيبه انى مش عارفه هى فين ولا عارفه اقول ايه لمايان!
اصدرت رهف ايماءه طويله ثم قالت
- يعنى لو لقيتيها هتشغليها عادى ومش هتعملى اعتبار لهشام..
نصبت عايده طولها وتحررت من منامتها ثم اطفأت سيجارتها وهى تأهب لتغير ملابسها
- الشغل ما يعرفش عواطف...
قفزت رهف كالملدوغه نحو امها ثم قالت بحماس
- طالما فرصه كويسه ليها يبقي...

قاطعتها نظرة عايده الثاقبه ثم اكملت رهف جملتها متوسله لربنا سرا
- انا اسفه ياربنا سامحنى سامحنى!
ثم اتجهت نحو امها مرة اخرى متوسله
- هقولك هى فين، بس ايه كأنى مش قولتلك حاجه، اتفقنا!

-ياحجه البنت كانت هتروح فيها دى قعدت يوم كامل في غيبوبه ومن بعدها صدمه عصبيه ومش بتنطق..
همس الطيب لناديه بجملته الاخيره فضربت على صدرها هاتفه
- ياكبدى يابتى على اللى جرالك...!
ثم قفل الطبيب دفتره بحزم
- انا مضطر ابلغ عن الجريمه دى!
تشبثت ناديه بساعده متوسله
- بلاش يابنى انت لسه فى بدايه حياتك، متقفش فى وش زيدان..
لم يستطع الطبيب بالتفوه الى ان لحقته زمجرة صوت زيدان من الخلف.

- اهو اسمع اللى قالتلك عليه الحجه ناديه..
اشتعلت نيران ناديه بالغل متفوهه بتمتمه
- انت منك لله، قادر يارب عالظالم والمفترى..
تجاهل زيدان سبات ناديه الخافته، ثم مسك بمرفق الطبيب وسحبه خلفه بحذر
- عاوزك لحالنا،
انصرفا الاثنين تحت انظار ناديه التى تلعنه بعدد دقات ثوانى الساعه، ثم اتاها صوت مجدى من الخلف
- خالتى اقدر اقولك اطمنى على خالد، دخلته مستشفى عسكرى فالقاهرة يعنى ولا زيدان ولا الف غيره هيوصله..

تشبثت ناديه بقميصه كمان تشبث بطوق النجاه وهى تلهج بتسبيحات صاحب الحوت
- الحمد لله، روح ياولدى ربنا يعز مقدارك ويكرمك ويبعد عنك شر عباده..
ثم فزعت خائفه
- زيدان هنا، امشي امشي قبل ما يشوفك..
ربن مجدى على كتفها بحنو متفهما الامر ثم قال
- حبيت اطمنك بنفسي ومن النهارده هتابعك على التليفون اللى عطتهولك، سلام دلوقتى..

تنهدت ناديه بارتياح ثم رفعت كفيها لابواب السما ذاكره مجدى فى دعواتها التى لم تكف عنها طوال الثلاثه ايام...
- يعنى مثلا يرجع اوضته يلاقيكى مستنياه وانت بدر منور يقوم يطفى ناره منك فيكى، تتصل بيه تعيطلى له انك وحشتنى، تخطفى رجلك كده فى نص الليل وتروحيله يصحى يلاقيكى فى حضنه، وياسلام لو عملتيله اكله بيحبها دى بقي كافيه انها تنسيه كل اللى مزعله منك...

اردفت سعاد جملتها بدلال على اذان بسمه وفجر الاتى استقبلن حديثها بمنتهى السخريه، فهتفت فجر قائله بصوت ضاحك
- ما تلحقى تشوفى عمتك بتقول ايه؟
تمسك بسمه بطنها من كثرة الضحك وهى تقول
- ياريته كان نفع، ده صنف منيل مالهوش غير مزاجه وبس، بت يافجر سيبك من الكلام ده كله وتعالى نتكلم جد...
سعاد ساخره
- ما بلاش انت؟!
بسمه متحديه
- مالى منا زى الفل اهو...
ثم القت نظره على فجر لتسائلها
- بذمتك مش زى القمر...

ربتت فجر على كتفها قائله
- قمر يا روحى، اى هو المهم بقي؟
-تفكك من نصايح عمتى دى كلها، وتتبعى اسلوب جديد خالص مع هشام، التحدى...
تدخلت سعاد سريعا معارضه جملتها
- تتحدى مين؟!هى اللى غلطانه وعاكه الدنيا وليها عين تتحدى، اتنيلى انت يابتاعت التحدى..
هزت بسمه رأسها نافيه وهى تعقد ساقيها فوق المقعد قائله
- لما يلاقيكى مستقويه هيتجنن، هيكون عاوز يقرب منك بس عشان يكسرك قدامه...

ثم رفعت نبرة صوتها ساخره وهى تتحدث من بين فكيها
- لكن لو اتمسكنتى وحضنتى وانى يابيبي ماقدرش اعيش من غيرك كده هتشبعى غروره فهوووب ياخد ديله فى سنانه ويخلع، ماانت خلاص ساهمتى فى تحقيق رجولته ورد اعتباره...
فجر بتفكير
- حاسه انك بتقولى كلام مهم..
تدخلت سعاد بحزم
- قولت سيبك من ست رضوى الشربينى دى وخليكى معايا تكسبي..
بسمه متحديه
- نظريتى انا اللى هتكسب وهتشوفوا!

قطع حديثهم صوت جرس الباب فنهض بسمه بعفويه لتفتح وهى تقول
- ده اكيد بتاع السوبر ماركت..
ماهى الا لحظات وخاب ظنها عندما تفوهت قائله بحيره
- خالتو؟!

- الف الف مبروك ياهشام، على اد ما كنت مرعوب عليك بس كنت واثق انك ادها.
اردف اللواء نشأت جملته بنبرة فخر على اذان هشام الذي يقود سيارته التى لمست خطوط ارض القاهرة، ثم قال بعرفان
- تلاميذ حضرتك يا نشأت بيه..
- انت مكافح وبطل وتستاهل كل خير،
- ده من كرم معاليك بس ياجنيرال..
لاحظ هشام بحسه القانونى فى نبرة صوت اللواء سرا مختبئا فاردف بثقه
- هو فى حاجه تانى معاليك عاوز تقولها ومش عارف تقولها ازاى ...

تنهد نشأت بارتياح لتفهم هشام نبرة صوته ثم قال
- اايوه ياهشام فيه،
- خير يافندم..
- طلب نقلك الأمن الوطنى اتعلق وفى كلام انهم هيوقفوك عن العمل كمان!
وقفت سيارته فجاة فى منتصف الطريق ثم أصدرت صخبا لا يقل انش عن صخب رأسه وصدره قائلا
- مفيش حاجه هتتمضي غير لما موضوع زياد يخلص، ويكلع براءه، و كمان الدكتوره واللى تبعها مختفيين ومحدش عارفلهم طريق، بكده زياد هيشيل الليله دى كلها لوحده..

عاود تشغيل سيارته اثر تلكسات السيارات خلفه، ثم قال متأففا
-والحل معاليك، ان جيت للحق هو يستاهل اكتر من كده وانا سايبه يتربى...
اردف نشأت بحكمه
-يتربي، لكن مايضركش ياهشام...!
زفر هشام مختنقا وهو ينحرف يسار ثم قال
- يعنى كل المحاميين اللى معاه محدش فيهم عارف يطلعه!
اتكئ نشأت على مقعده للخلف وهو يقول بهدوء
- انا قابلت اخوك امبارح وحكيت معاه، ومفيش غير حل واحد وبس
- الحقنى بيه يافندم،.

- قال لى ان بسمه بنت خالتك معاها دليل براءته..
اغمض هشام عينيه بعجز لصعوبه الحل فكيف يطلب من شخص ذُبح ان يكف عن النزيف! واصل نشأت قائلا
- حاول تتكلم مع بسمه وتقنعها ولو فى ايديها حاجه فعلا تعملها وخلافاتكم دى تحلوها بعيدا عن المحاكم...
اومئ هشام رأس بخزى وهو يشعر بقله حيلته ولكنه قرر ان يحاول محاولة اخيره ربما تصيب نتيجتها، فتمتم قائلا
- تمام معاليك، انا رايح لبسمه دلوقت اتكلم معاها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة