قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثامن والعشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثامن والعشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثامن والعشرون

- أنا عايز افهمك بس إن اللى بتعمله ده هيوديك ورا الشمس؟! أنا من حقى أكلم محامى، من حقى مقعدش هنا اكتر من ٢٤ ساعه، ومن حقى أعرف أنا هنا ليه!
- برافو، دانت مذاكر قانون كويس، وجاي تعلمهونى!
اردف فارس جملته الاخيره بنفاذ صبر عند وقوفه أمام مجدى الذي يتكئ بفظاظه على مكتبه رافعا ساقيه فوق، فتدلت اقدامه بهدوء ثم نصب عوده واقترب منه محملا بعواصف غضبه، فباغته بلكمة قويه افقدته قوته وجهر.

- انا هقولك إنت هنا ليه ياروح أمك..
ثم أمسك به من يااقته ورجه أمامه بقوة، وصاح
- قبل مااقولك إنت هنا ليه، حابب اعرفك انا مين، واكيد عارف..
ثم هزه بعنفوان وواصل
- أنا مجدى السيوفى، عارف مين مجدى السيوفى! شكلك متعرفش وانا مش عايزك تعرف، مايشرفنيش...
وبمهاره قتالية ركله فى ركبتيه فأختل اتزانه فجثى على اقدامه متألمًا، وتابع مجدى بصوت كالرعد..

- بس لو مفكر إن اللى يجى على شرف عيلة السيوفى إنى ممكن ارحمه، تبقي بتحلم..
استقوى فارس ليقاومه ولكن يداه المكبلة بالاصفاد افقدته الدفاع عن نفسه، فضرب براسه بطن مجدى، وصرخ
- مش ذنبى إنكم مربتوش بناتكم..
فنالت ذقن فارس ضربه قويه من ركبة مجدى، وهدده
- لما تتكلم على بناتنا تحط عينك فالارض يلااااه، أنت فاهم...
ادرك فارس ضعفه أمام مجدى، فرفع راية استسلامه بمهاودته، وسأله
- يعنى أنت عايز إيه!

شد مجدى المقعد المجاور لمكتبه، وجلس بالعكس
- عملت كده ليه؟!
اتسعت عيون فارس، واردف بنبرة انتقام
- بنحب بعض، وكنا متفقين نتجوز!
تمالك مجدى اعصابه، ثم واصل
- ده السبب المستعار، الحقيقي إيه بقي..
رمقه فارس بتردد ممزوج بالخوف، فأكمل مجدى
- ما تيجى معايا دغرى!
نصب فارس عوده بمعاناة حتى وقف أمام مجدى، وهدده.

- هاجى معاك دغرى، واعرفك إنى لو مظهرتش بعد ٨ ساعات من دلوقتى فيديو المحروسة بنت عمك يتشير على كل المواقع، فالاحسن ليك تتقى شري!
وقف مجدى بثبات ثم رفس المقعد بقدمه قوة وتمالك اعصابه متمتما
- فيديو، يعنى تشهير! يعنى قضيه تانيه! طيب كنت خلصت من الاولى، تصدق عاجبنى الموضوع ده، وليه نستنى ٨ ساعات، بص هديك تليفونى وكلم اللى معاه الفيديو خليه ينزله دلوقتى...
ثم لصق جسده بجسد فارس بشموخ، وبنبرة توعد.

- لكن وشرف أمى لو هشيل رتبتى، ما هخرجك من هنا غير وحبل النشنقة ملفوف فوق دماغك، هاا نبقي عاقلين ونتفاهم بالعقل، ولا نمشيها بالدراع، ونشوف مين هيغلب..!
تعمد فارس اثارة غضب مجدى والضغط على اوتار رجولته
- على فكره هى كانت معايا بمزاجها، إلا هى حكتلك بس ؛ ولا ورتلك الفيديو!

لم يكبح مجدى مشاعره أكثر من ذلك بل نزع حزامه الجلدى من خصره فى لمح البصر كان مُلتفًا على عنق فارس الذي انفجرت حمره انكتام انفاس فى وجهه ملتويا وجعا، فزاد مجدى من الضغط على عنقه وجهر بصوت هز الجدران
- اشترى عمرك يلاااااه واعقل واعرف إنت واقف قدام مين وبتقول إيه...
توسل إليه فارس مستغيثا بانفاسه اللاهثه
- خلاص خلاص، انا انا، تحت أمرك، نتفاهم ..
- عمو، عايزه اتكلم مع حضرتك!

ما بين لحظات الوجع والامل ينبت الانتقام، اتخذت نانسي من آلامها عكازًا لتصل لعمها الذي اقتحمت مكتبه بدون استئذان، فانهت اجتماعه مع مدير اعماله الذي انصرف فى الحال، فدار بمقعده وسألها
- مالك يا نانسي؟!
دنت منه خطوة مقاومه انسيال مياه حزنها وقالت
- عايزه حقى ونصيب بابى..
استقبل جملتها بسخرية واشعال لفافه التبغ الفارهه وقال
- وده ليه؟! قصرت معاكى!

- لا، بس انا مسافرة ومش هرجع هنا تانى، هروح اعيش مع مامى ؛ وعايزة نصيبي وحقى..
مط شفتيه باهمال، ثم قال
- نانسي، انا مش فاضي لحوارات العيال دى! اعقلى وانبسطى وركزى فى حياتك!
اصرت على طلبها بحدة
- عمو، انا عايزه نصيبي وكفايه لحد كده، انا تعبت وزهقت...
وقف وفارق مقعده واقترب منها حتى وقف أمامها
- عايزه كام يانانسي! مليون دولار كفايه!
رفعت راسها بشموخ، وعاندته بتحدٍ.

- لا مليون دولار إيه! دول اشترى بيهم حاجات زياره خفيفه كده لمامى..
ثم احتدت نبرة صوتها
- انا عايزه نصيبى اللى يتجاوز 350 مليون دولار اللى من 5 سنين قبل وفاة بابى، أما الفوايد بقي فهما حلال على حضرتك..
انفجر منصور الشاذلى ضاحكا بإستهزاء
- أنتى اتهبلتى يابت! نانسي اعقلى وانسي الهبل ده وسافريلك اى حتة هدى اعصابك..
افحمها بروده الغير مُبرر ؛ فاردفت بغل
- انا لو طلبى متنفذش النتيجة مش هتكون مرضيه...

اوما الشاذلى رأسه محاولا تقليب حديثها برأسه، فاجابها بهدوء ما يسبق العاصفة، وقال
- اه يعنى مش كفايه عمك اللى ممنوع دخوله مصر وأنا شايل كل الارف ده لوحدى، والاسهم اللى بتقع واحد ورا التاني! والمصايب اللى بترف فوق دماغى! تيجى واحده زيك إنتى تتحدانى! وعايزه تنهب تلت التركة وتمشي؟! أنتى اتجننتى يابت!

كانت جملته الاخيره ممزوجة بلطمة قويه فوق وجنتها افقدتها النطق ؛ توقف علقها محاولا استيعاب مدى شرور الشخصية التي تقف أمامها، تبادلت اعين العتب للحظة وخزت فى قلب منصور الذي انخفضت نبرته بهدوء مفتعل
- يمكن يفوقك، أعقلى يا نانسي واعرفى أنه كلنا فى نفس المركب...
تحجرت الدموع فى عينيها و اومأت متوعدة
- تمام، انتو اللى ابتديتو...

تمتمت بجملتها سرا حتى تراجعت خطوة وانسحبت من أمام عمها وهى تعلن الحرب على كل من شارك فى غرس المسامير فى جرحها..
أما عن منصور الذي انهالت المصائب فوق رأسه ظل يضرب كف على الاخر متفاجئا من قرار نانسي المفاجئ ورده الغير متوقع عليها، فانقطعت حيرته بصوت رنين رقمه السري الذي رد عليه بالفرنسية وخلالها تبدلت ملامح وجهه مشدوها وهو يردد بالعربية
- اقتل زيدان والصياد؟!

فتحت رهف عيونها بتكاسل شديد وكل إنش فى جسدها يصدح إثر نومها على الاريكة فمضت ليلتها بثقل مخيف كأنها تحمل على كتفيها الارض، فامتدت يدها لتتناول هاتفها الذى وقع ارضا من يديها حينما غفوت، وبتكاسل شديد تفحصت المسدجات ففزعت برسالة ( ميان) التى شحنتها بالخوف والذهول...
تأملت صورتها بصحبة هشام وقرات تهديدها عدة مرات فانتفضت شفتيها ويديها من الرعب، وهى تدندن مع نفسها.

- لا، هشام لا، كله الا هشام، يارب اقف معايا يارب، انا ماليش غيرك..
حاولت الاتصال بميان مرارا وتكرارا ولكن بدون جدوى كان هاتفها مُغلقًا، لحظات من الدوار المرعب دارت بها هنا وهناك فلم تجد حلا سوى البكاء ؛ لاتعلم اذا كان ندما أم خوفا على كل فلقد حان موعد العض على قلبها ندمًا...

عاودت أصابعها الاتصال بمجدى وكانت النتيجه متكررة وهى التجاهل التام، ألقت الهاتف متأففة منتحبة فلأول مرة تدرك قدره بقلبها، هو من عودها حينما بحثت عنه وجدته وهو نفسه الذي ذوقها مرارة الغياب، بات الخوف والشوق يقاسم قلبها، نصف يناجيه لتحامى به والاخر يناجيه لانه اشتاق فقط فكارثته العظمى هى الغياب..

وقتها ايقنت ان السعادة تحولت فى قلبها من مجرد شعور لشخص، تأكدت إنها وقعت فى فخ الزمن الذي يسلب منا كل ما نريد ومن نريده، باتت المعادلة معقدة عُقدت على عنقها، داعية
- ياربنا انا مش عايزة قلبى يوجعنى تانى واخلص من الارف ده، احمى لى اخواتى وخلى مجدى يسامحنى وبس كده مش عايزة حاجه تانى لاخر عمرى ..

- ماينفعش تقعدى كل ده متاكليش!
اردف زياد جُملته الاخيره وهى يضع طبق به (سندوتشين) على الكمود المجاور لبسمة المتكورة حول نفسها، فرفعت رأسها بتثاقل
- مش عايزه حاجه غير إنى أخرج من هناا...
جلس بجوارها على طرف الفراش وقال
- ايدى على كتفك ياستى، قولى حل وانا معاكى...
- يعنى ايه انام اصحى القى نفسي محبوسه فى مكان! ومعاك إنت؟! مين له مصلحة فى كده..
كانت نبرتها حزينه مُغلفه بالجزع، فاستقبلها زياد باهتمام.

- مش بحب اشوفك كده..
- زياد أطلع بره...
خرجت جُملتها باختناق يحوى ضعفها الذي تعمدت اخفائه وراء ستائر عنادها، ولكنها اخطات حينما ظنت إن عيونه تعريها مهما تعمدت ان تخفى ما بدواخلها، فتبسم بفظاظة اربكتها
- طيب كُلى...
اجابت بعند
- لا، ومش عايزه اشوفك قدامى احسنلك...
- ليه!
كان بروده قاتل حد التقاء السحاب بشظايا الواقع، فهتف بضيق
- هو ايه اللى ليه؟! زياد، قولت اختفى من وشي..

نصب عوده فخفق قلبها الذي يريده دومًا حتى ولو كان وجعًا ولكن رجل مثله اعلم بشئون انثاه، فامسك بالخبز المحشو وعاد إليها وطلب منها بحنو
- مش هسيبك غير لما تاكلى..
زاحت يده بعيدا، وثرثرت
- قولت مش عايزه، الله...! واتفضل اطلع بره..
تجاهل غضبها وشرع هو بتناول الخبز منبهرا بنفسه
- تعرفى إنى طلعت بعمل بيض حلو أوى، ما تدوقى كده وتدينى درجة...

ضمت شفتيها كى لا تسمح لهما بالتبسم أمامه على الرغم من أنها افقدت مزحاته كثيرا إلا ان تمردها لازال يكابر، وعقلها لازال يؤيد، وبين كل هذه الحروب تأتى العين كشعاع ليزر من بندقية قنص وتفسد كل شيء...
رجل مثله تذوق جيش من النساء حتى باتت معه شهادة خبرة بخبياهم، هل أيكون عاجزا عن ترجمة انثى خربشت باهدابها على جدار قلبه..
نفذ صبرها استدارت متدليه اقدامها لتلمس الارض هاربة من حصاره.

- انا همشي، شكل المكان عاجبك اوى...
امسكها من معصمها وقال
- هو عاجبنى عشان أنتى فيه...
نالت قبضته نظره خاطفه من عينيها وكانت لملامحه الحظ الاوفر لاطالة النظر بهما، فارتعشت شفتيه
- عايز إيه...
تنهد بحيره
- نتكلم، اهى فرصة كويسه نحط فيها النقط فوق الحروف...
- مابقاش فى مابينا كلام...
قالت جُملتها وهى تسحب معصمها بمكابرة متأهبه للوقوف فجذبها لتجلس، ونهرها.

- هو ايه اللى مابقاش ينفع؟! ما تبطلى حركات العيال دى..
صرخت فى وجهه
- زياد طلعنى من دماغك وابعد عن طريقي لحد ما نشوف حل فى المصيبه دى!
أحكم قبضة يده على معصمها فاحتبست الدماء بهما وقال
- اقعدى نحكى وهنلاقى حل سوا إن شاء الله..
لم تشعر بتألم ذراعها ؛ فحتى جسدها اللعين اشتاق لتعذيبه المستلذ، وناطحته
- روح شوفلك حاجة اشغل نفسك بيها عنى..
زفر مختنقا.

- مفيش تليفون ولا نت حتى التلفيزيون مفيهوش حاجة عدله، مش عارف انا فين وجيت ازاى هنا ولا هنطلع ازاى، وزهقت ومش لاقى حاجة اتنيل وأعملها تسلينى...
صاحت في وجهه جازعة
- وانا اعملك يعنى! اقوم ارقصلك؟!
برقت عيونه بلمعة الشوق وتبسم فجاة متنهدا
- ياااااريت..!
لكزته بكوعها بقوة وركضت هاربه من مقصد عيونه الصريحه، فلحق بها متابعا خُطاها معاتبا بصوته
- إنتى اللى قولتى مش أنا على فكرة...

كانت خطواتها واسعه اشبه بالركض
- المهزلة دى لازم تنتهى...
وقف فى منتصف السلم وقال فارحًا
- تصدقى الموضوع متكلف ومتكيف وعجبنى، دانا عايز ابوس دماغ اللى عمل كده...
وصلت بسمة الى المطبخ واخذت تفرغ شحناتها بكل ما يُقابلها، فزاد همها قدوم زياد الذي جلس على احد المقاعد الملتفه امام المطبخ وقال
- بتكركبى فى إيه..
- عايزة أعمل حاجة أكلها..

- طيب ما تعملى من غير تكسير، احنا مش عارفين ده بيت مين عشان نكسر فيه براحتنا...
- اووووووف، يارب صبرنى عليه عشان مقتلهوش..
وقفت فى منتصف المطبخ حائره ضائعه كشخص نزل الملعب وعمره ما لمست اقدامه الكرة، فرمقها متعجبا
- مالك!
- بتعرف تعمل اكل؟!
- منا عملتلك وانتى اللى اتبطرتى!
- مش بحب البيض يابنى ادم انت، عندى حساسيه منه..
اجابها بتلقائيه
- حساسيه فين؟!
بات غضبها كدخان يتبخر من كل إنش بها فلحق نفسه مبررا.

- ورحمة ابويا سؤال طبى مش شخصي...
- حل عن سمايا يا زياد..
نصب عوده بشموخ وتحرك بخطوات تخطو على قلبها ودخل المطبخ واخذ يبحث فى الثلاجه والادراج بعشوائيه حتى اقترب منها وهمس
- هنتصرف، اكيد مش هسيبك جعانه!

خفق قلبها لحنو جملته التى خدرتها فبالرغم من مساوئه التى كسرتها وهشمت كل إربًا بها، الا ان السقوط بين يديه لازال نجاة، ترميم لكل ما شُرخ بجدران صدرها، ولكن مازالت تصدح بصوت التمرد فأكتفت ان ترمقه بسخريه وهربت من مكان يُسكرها رائحة وجوده...
قطم زياد شفته السفليه مغلولا
- مالها دى؟!

وصلت نانسي الى قصر عمها متوجهة تحديدا صوب غرفة ميان ففتحت الادراج بعشوائيه باحثة عن مقصدها معلنة الحرب على الجميع، فكل ما بُنى بمساعدتها سينهدم فوق رؤوسهم، التقمت اناملها الحاسوب السري الخاص بميان ولانها الوحيده المطلعه على كل خبايا سرها فلم يرهقها الامر كثيرا، فتحت الحاسوب واول ما بحثت عنه ( فيديو ) رهف، وبدون تفكير حذفت الفيديو نهائيا ومن بعدها اغلقته ووضعته مكانه كى لا تلحظ من الامر شيئا ثم تناولت بعض الاسطوانات والفلاشات ودخلت بهما المرحاض ووضعتهم فى حوض المياه وفتحت صنبور المياه الغزيره فوقهم وزودت المياه ببعض مساحيق التنظيف القوية فشوهت كل محتواياتها...

ما لبثت أن انتهت من فعلها فلملمتهم تارة آخرى وجففتهم من إثر المياه ووضعتهم فى مكانهم الاصلى، لم تستغرق مهمتها اكثر من عشر دقائق، فوقفت للحظة تتفقد طهر حرائمها فتنهدت بارتياح وهى تعتصر بطنها محدثه نفسها
- أنا عارفه إنى خسرتك بذنبها هى، كنت لى عقاب آسي اوى...
رتبت عشوائيه الغرفه سريعا ثم ارتبكت عندما سمعت صوت فتح الباب فاندفعت سريعا خارج الغرفه مرتسمه ابتسامة زائفه، فتدلت من فوق درجات السُلم متمتمه.

- ميان!
ألقت ميان حقيبتها ومفاتيح سيارتها على المنضدة وتقاذفت فارحة
- أنا اسعد واحده فالدنيا يا نانسي!
ثم اقتربت منها واحتضنتها
- انت طايره، طايره، بجد مش مصدقة؟!
حدجتها نانسي بذهول، وشك
- انتى فايقه لكلامك؟! هشام مين اللى رجعلك..
حلقت ميان بجناحيها فى هواء الفرحه
- عارفه إنك مش مصدقانى، بس هو ده اللى حصل، مبسوطة اوى إنه فركش مع ست زفته دى، ويااااه اخيرا..
ثم صمتت للحظة واكملت.

- تعرفى إنه طلع زى الشخصية اللى رسمتها له بالظبط واحلى كمان؟! انا حاسه إنى فى حلم جميل اوى اوى مش عايزه افوق منه..
حذرتها نانسي بقلق
- لا، ميان فوقى ياحبيبتى، هشام مستحيل يرجعلك الا ولو كان فى مصلحة وراه، ده بيوقعك..
دوى صوت ضحك ميان الساخر، ثم عقبت على حديثها.

- لا لا، دى انا اتاكدت منها بطريقتى، وطلع ابيض خالص، والزفته بتاعته متفقه عليه مع زيدان، المهم سيبك من كل ده هشامم اخيرررا، اخيرا بقي ليا يانانسي ..
- خدى هنا، ايه الجنان ده! ميان إنتى بتغرقي نفسك وبتغرقينا معاكى! هو كان عملك ايه عشان تصدقيه كده!
مالت ميان لمستوى ووشوشت لها بسر انهته بضحكة مُجلجله أرعبت نانسي التى استنشقت رائحة الغدر، فرفعت ميان صوتها.

-وكمان ضربتله شغله والدنيا بقيت ملطشة معاه بقي زى الخاتم فى صباعى بالظبط، وخدت له معاد من بابى كمان..
ثم تمايلت على حبال الفرحة
- انا هروح اريح شويه وبعدين افوق عشان معاد بالليل..
ما لبثت ان تخطو فتوقفت كأنها تذكرت شيئا ما
- بالحق، هو فارس فين، مش شايفاه..
هزت كتفيها بتجاهل
- وانا هعرف منين..!
- هنام ولما اصحى فكرينى أكلمه...

ذهبت ميان لغرفتها متناسيه العالم ورائها، فتضاعف ذهول ناانسي لامر ميان إثر الحاله التى اوصلها اليها هشام، فتناولت هاتفها وفتحته وحذفت اخر نسخه من فيديو رهف وغمغمت متوعده
- يلا، اولعو فى بعض كلكم..
تركت هاتف ميان فى مكانه ثم اخرجت هاتفها وحجزت تذكرة خاصة للسفر فى احد الدول الاوروبية التى تحمل جنسيتها بعد ساعتين من الان، فنادت على الخادمه وامرتها
- حضري لى شنطنى حالا، رايحه اصيف...

انصرفت الخادمه وانشغل بال نانسي للحظة بأكثر من أمر، ففتحت هاتفها مرة آخرى ودونت آخر رسالتين قبل أن تغلق هاتفها نهائيا، الاولى كانت لزياد
- ( شكرا لانك مخذلتنيش وكنت مستعد تعترف بأبنك وتنفذلى طلبى الوحيد فالحياه، بس خلاص من سوء حظى إن الحمل ما كملش، وانا رديت لك الجميل اللى هتعرفه فالوقت المناسب، حاجة اخيره على فكرة حبيتك بجد )
ارسلت الاولى ودونت الثانية فكانت لرهف.

- ( من النهارده تقدرى تعيشي حياتك عادى، انا مسحت كل الفيديوهات يارهف، وانا اسفه بجد على كل اللى حصل) ...
‏تعلم ما هي الشجاعة الحقيقية، هي لست الرجل بيده بندقية ويقف من اعلى جبل يقتنص ضحاياه، الشجاعة حين تعرف أنك خاسر ولكنك لم تستسلم، وعلى أي حال تحاول أن تصل بقضيتك الخاسرة إلى آخرها مهما يكن من أمر، قد تكسب نادرًا، ولكنك تخسر في كل حال، فمحاولة اصلاح ما افسده الاخرين شجاعة لا مثيل لها...

- مصيبه، مصيبه يابابا، زيدان خلاص اتخبل فى دماغه ومبقاش شايف قدامه..
تأكدت مهجة من خلو المكان أمامها فهمست متحدثه فى الهاتف بجُملتها الاخيرة لوالدها الذي اهتم لسماع حديثها
- هو إيه اللى بيحصل يا مهجة، ماله زيدان..
- زيدان بقي ماشي ورا الحية اللى ما تتسمى، المهم إن فى مصيبه، هتودينا كلنا ورا الشمس...
- الهارد؟! الهارد اللى كان مع عماد السيوفى!
- هو إنت عرفت، مين وصلك المعلومات دى!

- البت نجست مع خالد، وفضلت عمه ؛ فحب ينتقم منها عالبارد، وجالى وكشف ورقه قدامى، وكمان حذرنى وقال لى إنك بقيتى لزيدان كارت محروق، هيتخلص منه فى اقرب وقت...
كانت كلمات لاتزيدها إلا لهبًا، من ثقل الصدمه لم تتحملها اقدامها حيث جلست على طرف الاريكه مشدوهه
- عايز يقتلنى أنا! دى اخرتها يا زيدان!
تغيرت نبرة الصياد منتبها.

- شوفى يامهجة إحنا لازم نتغدى بيه قبل ما يتعشي بينا هو، فتحي لى ودانك كده واسمعى كل حرف هقوله لك...
لازالت تحت مخدر صدمتها
- نتغدى بيه!
فكرر جملته مصرًا
- زيدان هيتقتل، لو عايزين نعيش ؛ لازم يموت هو...

اندمل قرص الشمس فى حضن السماء فنزف بأوجاع اليوم، ‏فلا احد يستطيع أن يعرف بالضبط أين الحقيقة وأين الخيال في حياته، أو في أية حياة أخرى، ولا احد يعرف أين الذي صنعه هو وأين الذي صنعته الظروف، وأين الذي بقلمه وأين الذي بألمه وآلام الآخرين.
صفت سيارة ميان التى تقودها بجوار هشام الذي يشتاظ غضبا، وينفث دخان سيجارته بشراسه.

- بعد خدمه ١٠ سنين اتحول للتحقيق بتهمة تعدى حدود وظيفتى والاهمال فى مهامى! طيب ليه، هو ده وسام التضحية بتاع الحكومة!
التوى ثغر ميان بكهن
- هتصدقنى لو قولتلكم إنكم بتصعبوا عليا..
لم يبادرها بأى رد بل واصلت متلونه بالوان الخدعه
- الواحد منكم يطلع من بيته شايل سلاحه فى كفه والكفة التانيه حياته فى سبيل مين؟! اهو مع اول غلطه طيروك، وبدون مقابل ادوك شهادة مستغنين عن خدماتك، هو ده العدل!

ايد كلامها متفهما، وبنبرة حسره
- من الغباء ان الواحد يدافع ويحارب عشان ناس مش مقدره مجهوده، كويس إنها جات من عندهم، وجات بدرى قبل ضياع العمر فى خدمة حكومه مش بتعترف غير بمصالحها...
احتوت يده بلطف وقالت
- عشان كده انا جايباك هنا، هنا الخطوة بمقابل؛ لكل فعل دولارات مالهاش عدد...
ضاقت عينيها متصنعا الدهشه
- ازاى!
سحبت مفاتيح سيارتها
- لما تقابل بابا هتعرف، يلا إنزل...

قرأ مجدى رسالة رهف التى زاحت همًا ثقيلا من فوق قلبه عندما اخبرته برسالة نانسي الغير متوقعة، فقراها وقفل هاتفه ووضع السماعه على آذانه إثر نداء فجر المتكرر
- إنت فين يا مجدى من الصبح!
استراح على مقعده
- خير يافجر؟!
اردفت بفخر
- حبيت اقولك إن زيدان خلاص وقع، وقع ومحدش سمى عليه!
- عرفت يافجر عرفت...
فاندفعت بغباء:
- عرفت من فين..
ثم تراجعت للحظه وسحبت سؤالها
- نسيت، نسيت إنك بتسمع كل حاجه..
اغمض عينيه بكلل.

- طيب يافجر، ركزى ورحمة ابوكى خلاص هانت وخلى بالك على نفسك..
همست بقلق
- حاضر، بس
- بس إيه! أم خالد حصلها حاجه..
نفت شكوكه سريعا
- لالا اصلا لسه ما شوفتهاش..
- أومال ايه؟! فجر اوعى تدى سرك لحد انتى فاهمه، مهما كان مين!
ألجمتها مخاوفه الزائده فصمتت بقلق وتقطعت الكلمات فى شدقيها
- ها، لا لا متقلقش قولتلك، كنت عايزه اسالك عن هشام..
زفر مجدى مختنقا
- هشام كويس؟!
- هو لسه مارجعش من عند الزفته دى ولا لاحظ غيابى..

تعمد مجدى الكذب لان الصدق سيفسد كل شيء ؛ وترنح
- ومش من مصلحة حد فينا إنه يلاحظ يافجر..
امتلأ صوتها بالبكاء
- طيب هو وحشنى وانا مش عارفه أوصله...
- فجررررررر، قولتلك نركن قلبنا كام يوم انت فاهمه مش عايز جنان ولا حركات عيال..
ضربت الارض بقدميها
- انتى بتزعقلى ليه! مش كفايه إنى طاوعتك، وعملت الجريمة دى!
لعن فى نفسه سرا، ثم تمالك اعصابه.

- كان يوم اسود ومهبب يوم ما سمعتى كلامى، روحى ازرعى كام تسجيل كده فى كل الاماكن اللى بيقعد فيها الزفت ده، وانجزى...
- حاضر...
قطع محادثه دخول العسكرى
- مجدى بيه، الواد اللى تحت عامل دوشة والموضوع لو وصل للمأمور هنروح فى سين وجيم..
انهى المكالمه مع فجر بدون سابق انذار ونهض سريعا واضعا سلاحه خلف ظهره مغمغا
- الواد ده قرفنى، تعالى اما نشوف أخرته..
ظلت فجر تنادى عليه ولكن بدون جدوى، فنزعت السماعه متمتمه.

- عيلة تموت فى قلة الذوق، اوووووف...
على حدا فالطابق السفلى وضعت نورا كوب الشاى أمام زيدان الذي يدخن بشراسه
- الشاى جنابك...
فاخرج فوهة الخرطوم من فمه وامرها
- اقعدى!
تململت فى جلسها بخوف، ثم كرر سؤاله بنبرة منخفضه
- عملتى إيه!
بللت نورا حلقها، وتجمدت كفوفها
- فى ايه؟!
نهرها بحده
- هتستهبلى ياروح أمك!
- لا، لا وانا اقدر جنابك...
- البت فجر اى حوارها ...!

فكرت نورا للحظات كانوا كعقارب يلدغوا فى حواف قلبها، فاستجمعت شتات قوتها وقالت بارتباك
- باعتها الظابط اللى اسمه مجدى السيوفى ؛ جوزها مايعرفش...

فى فيلا السيوفى، تجلس عايده على أحد المقاعد متحدثه بعتب مع رهف التى قصت عليها كل شيء
- وانتى مش ناويه تيجى؟!
- واسيب طنط سعاد...!
فزفرت عايده باختناق
- لا سيبى أمك تولع يا رهف...!
- يامامى بليز ما تقوليش كده، انا كويسه والله ، المهم حضرتك تاخدى بالك من العقربه اللى ماتتسمى ميان دى...
- انا بكره هنهى كل حاجه مابينا، اطمنى..
تنهدت رهف بارتباح
- احسن بردو يا مامى، احنا مش ناقصين ارف البتاعه دى..

لم تكد عايده أن تُجيبها فقطعها صوت رنين جرس الباب...
- استنى يارهف هشوف مين جيه دلوقت ، اكيد الدليفري
فمازحتها رهف
- انتى طالبه أكل من بره من غيري! اللى ياكل لوحده يزور يامامى...
- هعمل ايه طيب ؛ بكرة هروح أى مكتب اجيب شغاله بدل البهدله دى...
- يكون احسن بردو، اهو هشام ساب البيت ومش هيفرق معاه الموضوع..
فتحت عايده الباب ففوجئت بظابط شرطه وخلفه مجموعه من العساكر، وسألها بقوة
- حضرتك عايده النورماندى!

تراجعت خطوة للخلف بذعر
- مطلوب القبض عليكى، اتفضلى معانا!
- انا! بتهمة إيه؟! ولييههه...
ثم صاحت فالهاتف
- الحقينى يارهف..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة