قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الفصل العشرون والأخير

رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد

رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الجزء الأول الفصل العشرون والأخير

( نثرات الروح والهوى )

تخفي من أمام عيناها ليخف من حدة خوفها البادي بعيناها، أزاحت دموعها بعدما شعرت ببعض الحرية فتوجهت سريعاً للباب الرئيسي حتي تلوذ بالفرار، تخشبت يدها علي مقبضه حينما تذكرت "حنين" فرفعت يدها عنه بحزن يكتسح معالمها، شعورها بأنها سقطت فريسة بين شتات الماضي وحاضر يصنعه هذا الشخص الغامض يجعلها تزداد نفوراً وخوفاً من البقاء داخل هذا السجن!..

إنفتح الباب من الخارج لتتراجع "شجن" للخلف بفزع حينما وجدت أحد الحرس أمامها بعدما شعر بمقبض الباب يتحرك أتي لرؤية ماذا يحدث؟ وحينما رأها أمامه وضع عيناه أرضاً بتعليمات مشددة إليه تلاقها من قبل، تعجب أشجان من وضعية رأسه وعيناه فقال الحارس بأحترام _حضرتك محتاجة حاجة، أقدر أساعدك؟..
أشارت له بلا ثم أسرعت بخطاها للدرج لتصعد للأعلى بأنفاساً لاهثة من فرط خطواتها الغير محسوبة، إستندت علي أحد الحوائط البعيدة عن الدرج لتسرق النظرات للأسفل لتجده أغلق الباب مجدداً وخرج ليقف محله، زفرت بأرتياح كأن شبحاً يلاحقها!، مرت الدقائق ومازالت محلها يستحوذ الخوف علي تفكيرها، رددت بهمس_"حنين"!..

ثم تحركت بين الغرف بأرتباك فهي لا تعلم إلي أي غرفة ولجت مع الخادم، شددت على معصم يدها بتوتر لترفع صوتها بعض الشيء _"حنين"..
لم يؤثر صوتها المنخفض فكيف سيستمع إليه في مملكة هكذا!، خشيت برفع صوتها كأنه سيعود إليها مجدداً!، وردتها فكرة مجنونه ولكنها مسالمة نوعاً ما فبدأت بأستكشاف غرف الطابق العلوي بهدوء جاهدت إليه، فتحت أول غرفة فوجدتها مظلمة للغاية فتحت الأخرى والتي تليها لتجدهم غرف نوم ولكن لا يوجد أشخاصاً بالداخل، ولجت للغرفة التي تتوسط الطابق الأول لتتفحصها بهدوء..

خلع قميصه ليبدل ثيابه حتي يسرع بالذهاب للمشفي بعدما تلاقي تلك المكالمة الغامضة، شعر بحركة خافتة بجناحه فتسلل خلف الحائط الأسود الذي يفصل خزانته عن باقي غرفته ليجد معشوقة القلب وعازفة لحن الروح أمامه، شجن حياة قضها بالبحث عنها، جذب قميصه ليرتديه سريعاً حتي لا ترى تشوه جسده المزري، جاهد لحبس أنفاسه حتي لا تشعر بوجوده فترتعب لذلك، راقبها "رحيم" بحذر شديد، وزعت أبصارها بالغرفة الواسعة فرفعت صوتها بأرتباك_"حنين"...

شعرت بعدم وجود أحداً بالغرفة فأستدارت لتغادر ولكنها توقفت حينما وقعت عيناها علي الصورة المتوسطة للحائط الضخم، إقتربت منها" أشجان" بأستغراب وكلما خطت خطوة واحدة إزداد ماضيها قوة لتمكنه منها!..

جذبت الصورة المعلقة بدموع تكسو وجهها لتمرر يديها بهدوء علي معالم وجهه فكم إشتاقت لرؤية "فريد" الشاب الذي عشقته بجنون، حبيبها الذي كان يحثها علي أن تكون صبورة ومثابرة لمحاربة طغيان الحياة، من كان يعنفها حينما ترفع صوتها علي والدتها، من كان يدفعها بطريق الحماس لأستكمال تعليمها، الشاب التقي الذي كان يحمسها لأداء الفروض بوقتها ويذكرها بها، إحتضنت الصورة بدموع لا حصى لها..

جذبتها وخطت للصور المجاورة لها التي تحوي هذا الشخص الغامض لها بملامحه القاسية، تطلعت له ملياً والغضب يحيل بها فيفور كالمياه التي تكتسحها الحرارة فتزيد من حدتها، أنهت سيل نظراتها وعمق تفكيرها بأنه الملام علي خسارتها لمحبوب طفولتها لذا وبدون تردد جذبت أحد الأنتيكات غلي شكل حصان أبيض الشكل حيث كان يملأ الغرفة أشكالاً مشابهة له لحبه للخيل، هوت على الصورة الضخمه به لينهار زجاجها أرضاً، تطير الزجاج من كل إتجاه علي أثر الضربة القوية التي إحتكت به لتستقر أحدي شظاياه علي معصم يدها لتتأوه بألم، جلست أرضاً بخوف شديد وهي ترأها منغرزة بيدها، هرع إليها سريعاً ليحمل يدها بين لائحة يديه مردداً بلهفة_"شجن"..

تخشب جسدها كالجثة التي زارها الموت لتو لتسحبها سريعاً مشيرة له بتحذير_متقربش مني..
وتراجعت للخلف برعب حقيقي كأنها ترى شيطاناً بملامح أشبه للموتى!..
راقبها بنظرات يشوبها الحزن وبعض الشفقة، قلبه يحثه علي التقدم وعقله يحتمه علي البقاء فخطوة تقترب منها ستجعله في خضام الندم، رفع يديه مشيراً لها _إهدي يا "شجن"...

صرخت بجنون_متنادنيش بالأسم دا تاااني إسمي "أشجان"..
تراجعت للخلف بزعر وهو يقترب منها بمحاولات عسيرة ليحافظ علي ثباته _بس أنا طول عمري بناديلك بالأسم دا...
حضوره المهيب يجعل ركناً بزاويا قلبها مكمن بالخوف، يرفض قربه ولو كان بالخطأ!، تخسر شجاعتها المهدورة كلما ودت إستجمعها!..
راقبها بعينين تتشبعان لرؤيتها فالأن يحق له ذلك، إقترب منها مجدداً حتي وقف أمامها ليجذب الصورة التي تحتضنها ليضعها أمام وجهها بثبات_ليه مش قادرة تفهمي أن دا وأنا نفس الشخص...

رمقته بنظرة متمردة عنيفة لتردد بقسوة_مستحيل...
ثم توقفت علي بعد خطوة منه قائلة بتحد_"فريد" إنسان مش شيطان..
وجذبت الصورة من بين يديه لتخرج من الغرفة ركضاً والأخر مازال بمحله يتألم بصدمة كلماتها العميقة التي تركت أثراً علي حاجز قلبه، أترأه شيطان؟!... تحرك تجاه خزانته ليستكمل إرتداء بذلته كالألى الذي يتلقي الأوامر، جذب جاكيته وعقله شارد بكلماتها، ألقي بالجاكيت أرضاً ليلكم الخزانة بكل ما أوتي من قوة، ثم حاول قدر المستطاع التحكم بأعصابه ليبتسم بسخرية حينما فعل أبشع ما بالكون ليعلم أبناء عمه بأنه الأقوى فما كان تصوره عن معشوقته؟!...

بغرفة "يامن"...
فتحت عيناها ببطء كمحاولة لأستعادة جزء من ذاكرتها المشوشة، إستندت بجذعيها لتنهض بفزع حينما تذكرت ماذا حدث لها، إرتخت ملامحها حينما وجدت ذاتها بغرفة "يامن"، مرأ من أمامها تفاصيل ما حدث، دفاعه المستميت عنها وعدم تصديق الشنيع عنها!...

من قبل رأها "إياد" بأحداث لا يستعبها العقل ورغم ذلك منح ذاته صدق ما حدث أما ما فعله يصدقه العقل قبل القلب ورغم ذلك رفض "يامن" تصديقه!..
لمعت عيناها بالدموع لا تعلم مارساها بالفرح أم بالحزن لأختيارها الخاطئ، نهضت عن الفراش متوجهة للخروج، فتحت باب الغرفة وكادت بالخروج فتوقفت حينما إستمعت لصوته هو!.

_"فاطمة"!...
نادها بذهول فأقترب منها بأستغراب_رايحة فين؟!..
تحاشت النظر إليه قدر ما إستطاعت فقالت بصوتٍ لمس به حيائها _هرجع أوضتي...
أغلق باب الغرفة ثم جذبها لتقف أمامه بعينين تتفحصها بأهتمام _ممكن وأنتِ بتكلميني تبصيلي!..
تمكن منها الخجل للغاية فرفع وجهها بأصابعه حتي تتطلع له، رأت بسمة غريبة تنير وجهه، قال "يامن" بمشاكسة_بتهربي ليه مأنتِ خلاص إعترفتي والا كان كان..
أسرعت بالحديث بخوف_إعترفت بأيه؟!..

إقترب منها ليلفح صوته وجهها _بحبك ليا يا بطة..
إبتسمت علي كلماته الأخيرة فرفع يدها ليقربه منه، طبع قبلة صغيرة علي أطراف أصابعها قائلاً بجدية _طول ما أنا معاكِ متخافيش من أي حاجة حتي ولو كان الكلب اللي كنتِ عايزة ترجعيله دا...
ألتهمتها الآلآم مجدداً فبكت رغماً عنها ليحتضنها بقوة مؤكداً على حديثه السابق أنه لجوارها دوماً، رسمت بسمة بسيطة علي محياها وسط شلال الدموع القاسية وهي تستمع لكلمات حبه الصريح لها...

بأحد مشافى القاهرة الحكومية...
توافدت سيارات "رحيم زيدان" لتحجب المشفى من جميع الأتجاهات كأن مسؤول سياسي أو وزير الصحة بزيارة مفاجئة للمشفى، هبط من سيارته الفاخرة بعدما أسرع الحارس بفتح بابها ليعدل من نظارات عيناه القاتمة التي تحجب عيناه الزيتونية بأحتراف، أغلق زر جاكيت بذلته الأنيقة ليتوجه للداخل بخطاه الثقيلة التي تزيد طالته تفرض ذاتها علي الجميع، ولج للداخل ليسرع "حازم" للممرضة بالأستقبال ليستعلم منها عن "ريان عمران" فأخبرته عن الطابق المقصود ليسرع لرحيم الذي قال له بثبات_خاليكم هنا..
إنسحب "حازم" بهدوء لينضم لطقم الحرس بالخارج أما "رحيم" فأكمل طريقه للأعلى بمفرده...

أمام غرفة "ريان"، خرج الطبيب من الداخل متوجهاً للأعلى ليستوقفه زميله قائلاً بفضول_ها وصلتم لحد من أهله؟!..
قال الطبيب بحزن_أه هو قبل ما يدخل العمليات قالي على رقم حد منهم وأنا كلمته وزمانه على وصول..
ثم قال بتأثر_شكله شاب أعزب وصغير لسه بالسن...

ردد الأخر بشفقة_لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم هو أيه اللي وصل الحالة لدرجة الخطورة دي..
أجابه الطبيب المعالج لريان_واضح أنه إتصاب بحادث عماله نزيف داخلي ولعدم اللجوء لطبيب متخصص وصل للحالة دي..
لفت إنتباههم من يتقدم بخطاه منهما، وقف "رحيم" أمامهم ليخلع نظارته عن عيناه بتفحص لرقم الغرفة، ملابسه الباهظة أعطت مقدمة عميقة عن كنية العائلة التي ينتمي لها هذا الشاب، أشار له الطبيب _حضرتك جاي عشان الحالة اللي الناس نقلتها علي هنا...

تطلع له بثبات فأكمل الطبيب _إسمه "ريان عمران".
خرج عن صمته قائلاً بملامح يصعب أن يلمس أحداً مكنونها_هو فين؟..
أشار له الطبيب علي الغرفة التي تحوى أكثر من عشرة من المرضى، كاد بالدخول فأوقفه الطبيب بعدما وضع يديه علي كتفيه قائلاً _أستنى لازم أعرفك على حالته...
رفع عيناه علي يدبه المتمسكة به بنظرات جعلت الطبيب يسحب يديه سريعاً بملامح خوفاً تصببت بعيناه ليسرع بالحديث بأرتباك فشرع بقص حالة "ريان" بأيجاز شديد تمسك به رغماً عنه أمام هذا الشخص المريب...

ولج "رحيم" للداخل بثبات وعيناه تكاد تخطف النظرات للحالات المعتلية للفراش الطبي، كاد بأن يمرأ سرير "ريان" فعاد بخطاه للخلف بصدمة ليدقق النظر به مطولاً، أسرع إليه ليحرك وجهه بلهفة _"ريان"!..
تطلع له بصدمة حقيقة وهو يرأه هكذا، خرج صوت الطبيب المتحشرج الذي يراقب ما يحدث _مش هيفوق الوقتي المخدر اللي أخده مفعوله مش هيروح قبل بكرا الصبح لأن الجراحة صعبة جداً..

إستقام بوقفته ليشيعه بنظرة مطولة يسكنها الحزن الذي أمحاه سريعاً حتي لا يشعر بمكنوناته أحداً، رفع هاتفه قائلاً بحذم والطبيب يراقبه_في ظرف ربع ساعة تكون وفرتلي عربية إسعاف للمستشفي الخاصة اللي بنتعامل معاها..
لبي "حازم" تعليماته قائلاً _تحت أمرك يا باشا...

بغرفة "حنين"..
جلست جوارها بشرود قطعته بضيق_مش عارفة أيه اللي خالاني أتهف في عقلي وأقولك أنا معاكِ في كل داهية مش كان زماني بكلم "مراد" علي تليفون البيت زي ما قالي لكن هنا هكلمه أزاي وأنا معيش رقمه أساساً!...

رمقتها "شجن" بنظرة غاضبة لتعدل "حنين" من حديثها_أقصد يعني خايفة يقلق عليا وكدا...
خلعت "حنين" حجابها ومن ثم الأسدال لتظل بقميصها القطني القصير، تمددت علي الفراش بتعب_الساعة بقيت إربعة الفجر وأحنا لسه صاحين، تصبحي علي خير..
جحظت عيناها لتردد بصدمة _أنتِ هتنامي كدا عادي؟!..

أجابتها بسخرية _لا هتنطط فوق الشجر زي القرود
صاحت "شجن" بصراخ لتلك المستفزة_أحنا مخطوفين يا حبيبتي واللي عمل كدا شيطان بقرنين..
إبتسمت "حنين" قائلة ببرود_لا مهو بقي جوزك ياما...
قاطعتها بحدة_غصب عني الحيوان دا هددني أنه هيقتل أخويا...
_بس في النهاية بقي جوزك...

قالتها ببسمة واسعة إستفزت بها شجن فجذبت الوسادة لتهوى علي وجهها بغضب_إنتِ فرحانه فيا، أنا أول مرة أشوف بني أدمة بالبرود دا لا وواخدة راحتك أوي ولا همك أننا في مكان شبه الجحيم...

جاهدت للحديث وهو تحاول التحكم بالضربات المتتالية منها_يا بنتي قولتلك ألف مرة وأخده علي كدا، مش فاكره لما حكيتلك أن الموت محاوطني وولاد عمي والكلام دا أنت بتنسي ولا أيه!..
تطلعت لها بغضب لا مثيل له لتشير له بضيق_نامي أصل أنا اللي هتجلط...
وما أن أنهت كلماتها حتي جذبت "حنين" الغطاء علي رأسها لتغط بنوماً عميق، رفعت "شجن" الغطاء لتجدها بعالم أخر لتردد بصدمة_مشفتش كدا في حياتي، مجنونه دي ولا أيه؟!

أشرقت الشمس بصباح يوماً جديد حامل بمجهولاً مخيف للبعض وبمصيراً قاسي للأخر...
مسمار غليظ يحفر بجسده وخاصة قدمياه، هكذا شعر، بدأ بتحريك رأسه بألم إحتل وجهه ليجعل من جواره يقترب منه سريعاً، جاهد لرفع جفن عيناه الثقيلة لتبدأ الرؤيا مشوشة له بعض الشيء، أغلقهما ثم عاود لفتحهما من جديد لتتضح ملامح من يقف أمامه فردد بصوتٍ يكاد يكون مسموع _"رحيم"!..

تطلع له بأهتمام ليتمسك بذراعيه التي كاد بالأستناد عليها لينهض_حمدلله على سلامتك يا بطل...
رفع يديه علي رأسه بألم_هو أيه اللي حصل؟!... وأنا جيت هنا إزاي؟!..

ضغط بيديه علي مقدمة رأسه بتذكر_أنا أخر حاجة فاكرها أني كنت سايق وبعدين حسيت بوجع برجلي فوقفت العربية وبعد كدا محستش بحاجة خالص.
لمعت كلماته أمامه ليعيد الكلمة وهو يتفحص قدميه اليمني موضع ألمه ليكشف الملائة عنه ليصعق بشدة حينما وجدها مبتورة!، رفع "رحيم" يديه علي كتفيه بهدوء_أنت طول عمرك قوي يا "ريان"...

رفع عيناه إليه بزعر_لأ... مستحيل..
أسرع الطبيب إليه في حالة فجائية لعدم توقعه بأستعادة واعيه حالياً، أصابه نوبة من الهلع ليشير الطبيب للممرضة بصراخ_هاتيلي حقنة مهدأ حالا.
أسرعت للخارج لتجهز المطلوب والطبيب في محاولات عسيرة للسيطرة عليه، أبعده"رحيم" عنه ليقتزب هو منه، شل حركته ببراعة ليقرب يديه من رقبته وبحركة سريعة كان "ريان" فاقداً للوعي...

نهض "رحيم" ليتطلع له بحزن علي ما أصابه، تطلع له الطبيب بأستغراب بعد ما فعله فحتى الطبيب لا يمتلك براعة إستخدام العرق النابص بالرقبة للأغماء المؤقت، خمن سريعاً بكونه طبيب محترف أو شرطي...
خرج "رحيم" ليجدب هاتفه مطالباً "سليم" ليخبره بضرورة التوجه للمشفى دون أن يعلم أحداً بذلك..

بقصر السيدة "عظيمة"..
زفر "آدم" بغضب_ما تنجزي بقالك ساعة بتختاري في أم الدبلة بتاعتك دي وبعدين دي مش موضة يعني خاتم ألماض هيفي بالغرض..
أشارت له "سما" بأصابعها_لو سمحت خاليك في إختصاصك وسبني في اللي يخصني...

جز علي أسنانه بغضب فأشارت له السيدة "عظيمة" بالصمت، أخرج للرجل من حقيبته السوداء أطقم عديدة ولكنها بالنهاية لم تنال إعجابها لتشير له "سما" بالنفي_أنا مش بحب الألماظ والكلام دا أنا عايزة دبلة وشبكة عيار ١٨ بشغل عادي جداً...
تطلع لها الرجل بصدمة فمركز عائلة "زيدان" معروف للغاية، أنقت "منة" طقم هادئ للغاية بعدما نال إعجاب "فارس" وتبقت "سما" تبحث عن مبتغاها حتي وجدت ما يناسبها...

غادر الرجل القصر فجلست "سما" جوار الجدة ببسمة مشرقة_أيه رأيك يا تيتا...
تطلعت له بنظرات غامضة فتلك الفتاة مختلفة كلياً عن أحفادها، رفعت يدها علي كتفيها بحنان_جميل يا روح تيتا..
عدلت من خمارها الطويل لترتدي (الغوايش) ببسمة تزداد توهجاً لتدعو الله سراً بأن يلهمها السعادة مع من إختاره لها، تابعها "آدم" بنظرات إرتباك لا يعلم لما يشعر بأنها ليست إختياره!..

بأحد المطاعم المتطرفة علي فرع نهر النيل..
كان يتابعها وهي تتناول طعامها بصمت حتي شعرت هي به فوضعت الملعقة من يدها لتشير له بأستغراب_مش بتأكل ليه؟!..
أجابها "جان" ببسمة هادئة_شبعت ..
تطلعت للطبق من أمامه بذهول_بس أنت مأكلتش حاجة..

إستند بذراعيه علي الطاولة ليكون مقابل لها_لما أكلتي شبعت.
إبتسمت "سلمى" بخجل_أمممم، أنت بقيت رومانسي أوي..
إبتسم وهو يجاهد لرسم دور الغاضب ولكن خانته تلك البسمة التي فاتكت بوسامته_طول عمري وأنا كدا علي فكرة...

طرقت الطاولة بملعقتها بغضب _طول عمرك!... ليه كنت رومانسي مع مين غيري إن شاء الله..
رفع يديه علي يدها لتشعر بدفء مشاعره_بس أنا عمري ما إبتدأش غير بيكِ...
زال غضبها تدريجياً لتبتسم بخجل والأخر يتابعها بنظراته المهلكة ولكن ترى هل سيدوم الحب بين القلوب أم أن هناك مجهولاً أخر تحتبسه الأيام لزمن محدد!...

بالمشفى...
إستمع "سليم" للطبيب بصدمة وحزن علي ما أصاب إبن عمته، صعد الدرج المودي لغرفته فوجد "رحيم" بالخارج، إقترب منه بثبات والأخر هائم ببحور الصمت، أفاق علي صوت "سليم" الساخر_هتشمت فيه هو كمان ولا دا دور شفقة جديد..
إستدار بجسده إليه ليقول ببسمة هادئة_عمرك ما هتفهمني يا" سليم"...

ثم إعتدل بوقفته ليتحدث جادياً_أنت الوحيد اللي "ريان" ممكن يسمحله أنه يكون جانبه وهو بالحالة دي..
وتفحص ساعة يديه بأهتمام_طيارتي بعد ٨ساعات من دلوقتي ولازم أستعد، أنا طلبت قدم صناعي من ألمانيا ساعات وهتوصل...
ثم فتح باب الغرفة ليلقي نظرة أخيرة علي" ريان" ليقول بحزن بادي بلهجة صوته _خلي بالك منه..

قال كلماته الأخيرة وإبتعد حتي غادر من الطابق بل من المشفى بأكمله، تابعه "سليم" بنظرات إستغراب، يحارب ذاته التي تخبره بأنه يرى شخصاً مختلف أمامه، أنفض عن ذاته فكره الغريب ثم ولج لغرفة "ريان" ليجده جالس بهدوء مخيف، تطلع له مطولاً ليتنحنح حتي يلفت إنتباهه لوجوده فقال _عارف إننا كنا علي خلاف بالفترة الأخيرة بس بالنهاية في قرابة بينا بتجمعنا...

لم يجيبه "ريان" فكان شارداً للغاية، تألم سليم للغاية فأزال تلك المقدمة اللعينة ليضع يديه علي ذراعي" ريان" قائلاً بتأثر_الدنيا موقفتش علي اللي حصلك يا "ريان" هتقوم وهتكمل مشوارك وتحقق حلمك اللي سعيتله طول الفترة دي..

تحرك برأسه ببطء كأنه يحمل ما لا يستطيع حمله ليتطلع لمن يجلس أمامه، أكمل "سليم" حديثه بحنان _أنا عارف أن الصدمة اللي بتمر بيها صعبة لكن أنت قدها...
شعور الحزن يتمكن منه فيجعله كالجبل الذي إنهدم بفعل الريح!، حلمه الثمين الذي بناه مع معشوقته هدم دون إرادة منه، عدة أفكار تهاجمه لتجعله يشعر بالعجز لأول مرة، تمسك به "سليم" بحزن_"ريان" أنت سمعني؟..

يبه فقال _طب تحب أكلم باباك أو خد من أخواتك..
هنا تمرد عن الصمت قائلاً بقوة غير متوقعة _لا، مش عايز حد منهم يعرف حاجة..
"سليم" بأستغراب _طب ليه؟!..
أجابه بثبات_من غير ليه يا"سليم"...

تطلع له بضيق من تصرفه فقال"ريان"_لو حابب تساعدني بجد متحاولش تقول لأي حد من العيلة علي اللي حصل معايا..
أجابه بهدوء_بس أكيد هيجي اليوم وهيعرفوا..
قال بشرود _وأنا أكيد مش هخلي اليوم دا يجي...

بقسم الشرطة...
توجه" مروان" إليه بصحبة محامي باحثاً عن أخيه بعدما تلقي مكالمة منه ليصل إليه بصعوبة بعدما حاول الوصول لريان ولكنه لم يتمكن من ذلك...
فعل ما بوسعهم ليتمكنوا من إخراجه ولكن لم يجدي نفعاً كان علي "يامن" و"فاطمة" التنازل أولاً، تمكنوا فقط من إخراج "صباح" لعدم إثبات أي شيئاً يدينها...

بقصر "رحيم زيدان"..
عاد للقصر فتوجه للأعلى ليستعد للرحيل بالصباح الباكر، أعد حقيبته حتى صدح المنبه الخاص به بمعاد محدد يعلمه جيداً بترتيبات خاصة من اللواء، جذب الهاتف ليضع به شريحة جديدة ليطلب صديقه المقرب "رسلان" كما طُلب منه..
أتاه صوت عدوه اللدود المتمثل بصديقه الصدوق! _ كيف حالك يا صاح؟..

إبتسم "رحيم" بسخرية علي لهجته المصطنعه فقال بصوتٍ يكسوه الغموض_بأفضل حال، كدت علي وشك محادثتك حتي أخبرك بأني سأعود لأميركا غداً، أشعر هنا بالملل...
أجابه "مراد" بعينين تنبعان شرار_سأكون بأستقبالك بنفسي...

وكاد بأن يغلق الهاتف ليخبره "رحيم" بلهجة غامضة_نسيت أن أخبرك بأن الهرة التي إشتريتها إحتفظت بها بمكانٍ أمن، خشيت عليها فالمكان هناك مذري للغاية..
كبت "مراد" غضبه بصعوبة لعلمه المغزي من الرسالة_فعلت الصواب كما تفعل علي الدوام، سأراك غداً..
وأغلق الهاتف ليبتسم "رحيم" بأنتصار _حلوة اللعبة دي...
وأغلق الحقيبه مردداً بهمس_عجبتني..
وضع الحقائب جانباً ليجذب ذلك السلسال الذي يحتفظ به بمحفظة نقوده، لمعت ذكراه بباله ليبتسم رغماً عنه...

أغلقت باب المنزل لتلحق بوالدتها التي تنتظرها بالأسفل، إبتسمت "نجلاء" لتسألها بأستغراب_علي فين؟!..
إنتبهت "أشجان" لها فوضعت مفاتيح الباب بحقيبة يدها قائلة بأزعاج_رايحة مع ماما سبوع..
ضيقت عيناها بأستغراب _ومالك زعلانه ليه كدا؟!..
أجابتها بضيق_عشان مش حابه أروح وفي نفس الوقت مش حابه أقعد لوحدي..
تعالت ضحكات "نجلاء" علي طريقتها المضحكة فقالت بتفهم_خلاص أستنى هنا وأنا هنزل أخليها تسيبك معايا لحد ما ترجع..
أنارت البسمة وجهها لتردد بسعادة_بجد يا نوجة..

أشارت لها بتأكيد _بجد يا روح قلب نوجة..
وبالفعل هبطت للأسفل وتوقفت "شجن" بأنتظارها لتعود بعد قليل فقالت "شجن" بأرتباك_ها وفقت؟...
فتحت باب منزلها قائلة بغرور _وهي تقدر ترفضلي طلب يابت...
ولجت خلفها للداخل لتغلق الباب بسعادة_طول عمرك جامد يا باشا...

حملت "نجلاء" الأكياس الموضوعة أرضاً لداخل المطبخ، ثم خلعت حجابها لتبدأ جولة التنظيف اليومي، أسرعت إليها "شجن" لتحمل الأطباق الموضوعة علي الطاولة للداخل لتقول بتردد_هو "فريد" فين يا نوجة؟..
أجابتها ببسمة مكر_ليه؟!..
حكت رأسها بخجل_يعني بسأل عشان أخد راحتي أقلع الطرحة وكدا..
أشارت لها بجدية_"فريد" بره بس برضو خاليكي بالطرحه عشان لو رجع بأي وقت..

إبتسمت بسعاده فنجلاء تعاملاها كأبنتها التي لم تلدها، جذبت" أشجان" المكنسة اليدوية (المأشة) لتبدأ بمعاونة" نجلاء" علي الأنتهاء من تنظيف المنزل، ولجت لغرفة" فريد" لتنظيفها فوجدت خزانته بحالة مأساوية، رددت بغضب وهي تعيد ترتيبها_لا النظام دا مش هينفعني في شقتي...

كبت ضحكاته وهو يرأها غاضبة هكذا وتعيد ترتيب الخزانة بملامح توشك علي الأنفجار فهو يعلم جيداً أنها تكره عدم الترتيب وخاصة الخزانه، إنحنت "شجن" لتلتقط الملابس الملقاة أرضاً لتجمعهما سريعاً فلم تنتبه لقلادتها التي تعلقت بأطراف الخزانه، إستدارت لتجده يستند علي باب الغرفة بنصف جسده لتشير له بغضب_دا شكل دولاب دا؟!..

بقي بمحله بتشديدات من والدته وخاصة بوجودها بمنزلهم فقال ببسمة هادئة _وأنتِ شغلتك أيه؟!..
وضعت يدها بمنتصف خصرها بغضب_ليه بقي إن شاء الله متتجوز المكنسة أحسنلك..
غمز بعيناه لها _لو ينفع علي الأقل مكنتش هتطلب شقة وشبكة وفرقة وموال يطول شرحه..
إبتسمت بهيام_لا أنا مش عايزة فرقة أنا عايزة الفرح بالقاعة اللي البت "عبير" عملت فرحها فيها بتقول واخده ٨٠٠٠ج...
إبتسم الأخر قائلاً بسخرية_أسرقلك بنك حاضر..

رمقته "شجن" بغضب لتجذب المكنسة وبدأت بتنظيف الأرضية حتي إتت جواره فقالت بحدة_تسمح...
أشار لها بلا فقالت بضيق_هتعديني ولا أنادي نوجة..
إبتعد عن الباب ببسمة جذابة فكادت بالخروج ولكنها توقفت حينما حجب الباب بذراعيه ليتحدث بجدية_أحلى قاعة بالدنيا كلها، دعواتك بس ألم قرشين حلويين كدا ونعملك بالقاعة اللي تحبيها وشهر عسل في رأس البر أوجمصه المكان اللي تحبيه...

إبتسمت بسعادة رغم طول المدة التي سيقضبها بالكد والتعب ليجمع المال، توجهت للمطبخ لتعاون نجلاء بتحضير الغداء أما هو فولج لغرفته ليحتفظ بسلسلاها الصغير...
عاد لأرض واقعه ببسمة ساخرة علي أحلامه البسيطة فمبلغ هكذا كان يكلفه عناء أما الأن فصار يملك الملايين ولكنه يتوق للحظة سعادة من حياته السابقة المملوءة بالدفا...
خرج "رحيم" من الغرفة متوجهاً إليها قبل أن يعزم بالرحيل...

بالغرفة التي تقطن بها "حنين"..
فرغت فاهها من هول الصدمة حينما أعادت المذيعة حديثها عن الحريق المروع الذي شب بممتلكات إبناء عمها ليجردهم من الثراء الفاحش، ترددت كلمات الجوكر أمامها كأنه يخبرها عن عمد بمدى قوته وتخطيطه المسبق لحمايتها!..

بالخارج..
كانت قدماها ترتجف كلما تقدمت خطوة واحدة ولكن عليها بالبحث عن هاتف لتتمكن من محادثة أخيها، خطت بالرواق لترى بأخره طاولة تحمل هاتف، إلتفتت "شجن" حولها بترقب فأكملت طريقها إليه، في ذلك الوقت خرجت "نغم" من غرفتها لتجد فتاة غريبة الأطوار أمام عيناها، راقبتها جيداً بشك من رؤية ملامحها من قبل، رددت بتردد_"أشجان"!...

إستدارت" شجن"علي صدي الصوت لتجد فتاة أمامها، عيناها زرقاء كالسماء الصافية بعد ليلاً تحفه الغيوم، بوجهاً مستديراً وأنفاً مدبدب، إقتربت منها بفضول _أنتِ تعرفيني؟!..
أجابتها" نغم" بنظرة شاملتها بذهول_أنتِ بتعملي أيه هنا؟!..
ضيقت عيناه بتخمين بتلك الفتاة لتسرع "نغم" بالحديث_أنا "نغم"..

جحظت عيناها بصدمة حينما علمت بأسمها وخاصة حينما إستكملت نغم حديثها_مرات "يوسف" أخوكِ..
شعرت بدوامة تكتسح مشاعرها دون توقف، إذاً فما كانت تدفعه كان لزواج أخيها؟!..
أأصبحت لا تعنيله شيئاً حتي يتجرأ بالزواج من تلك الفتاة وهو يعلم جيداً بأن أخيها المزعوم سيتنقم منها!.
هل هانت علي أخيها لتلك الدرجة..
رفعت يدها تحجب دوار رأسها الذي يهاجمها لتستقر أرضاً بألم لتسرع "نغم" إليها فحركتها بلطف_أنتِ كويسة؟...

دمعاتها توفدت دون توقف، إرخت رأسها بأستسلام لتهيئ ذاتها لأصطدامها بالأرض ولكن لم يحدث ذلك!، فتحت عيناها بصعوبة لتجاهد ثقل رأسها لتجده أمامها يحتضن رأسها بين يديه مانعاً إياها من أن تصطدم بالأرض، حاولت بأن تستعمل قواها لتبعده عنها او حتى لتنهض ولكن بائت محاولاتها بالفشل فالصدمات المتتالية كسرت حطام جسدها الهزيل لتظل بقايا لأنثى!..

حملها "رحيم" بين ذراعيه ليصرخ بغضب بنغم_قولتيلها أيه وصلها للحالة دي؟.
أجابته بأرتباك _ولا حاجة أنا بس عرفتها علي نفسي والعلاقة اللي بيني وبين "يوسف"..
رمقها بنظرة نارية ليتوجه لغرفته سريعاً، وضعها علي الفراش ليجذب البرفنيوم الخاص به فنثر بعضاً منه علي معصمه ليقربه من أنفها، بدأت تحرك رأسها يميناً ويساراً بدمع لا يتوقف، فتحت عيناها لترأه أمامها، رددت بهمس وهي تحاول جاهدة لتحريك جسدها الثقيل_إبعد عني...
لسه عايز مني أيه؟...

إنتقمت من "يوسف" ودفعتني أنا التمن..
إحتضن وجهها بأصابع يديه ليقول بنظرة غامضة لها_مش عايز من الدنيا دي كلها غيرك يا "شجن"..
إرتفع صوت بكائها المحطم لتكمل كلماتها كأنها لم تستمع له _كنت فاكرة أنه هيخاف علي نفسه أو علي الأقل عليا بس هو مهموش حاجة..
أنا ماليش حد... ماليش حد...

قالت كلماتها الأخيرة بصراخ مصاحب لبكاء مدمر، فتح الخزانة ليخرج منها الأدوية المهدئة، حملها بين يديه ليضع الكبسولة بفمها ثم قرب كأس المياه لتتطلع له بخوف وهي ترأه يناولها دواء غريب المصدر إليها..
ترددت بأبتلاع الدواء فشعر بوخزة بقلبه من شعورها بأنه قادر علي إيذاءها حتي بعدما علمت بمن بكون؟!...
سند وجهها أمام وجهه ليقول بثبات_عمري ما هأذيكي خاليكِ متأكدة من دا..

ألقت بالكبسولة أرضاً لتتراجع للخلف بخوف،إقترب "رحيم" منها بهدوء_ليه مش عايزة تصدقيني يا "شجن"..
تراجعت حتي نهضت عن الفراش فكلما إقترب منها خطوة إبتعدت عشر، أشارت لها بكفها المرتجف_متقربش..
حطم كلماتها وإقترب ليسترسل بحور كلماته الثائرة_أنتِ ممكن تصدقي أن "فريد" يأذيكي؟!..
رفعت يدها علي رأسها لتصرخ بجنون_"فريد" ماااات...

إقترب ليقف أمامها ليجذب يديها بالقوة ليضعها علي قلبه ويديه تثبت جسدها جيداً ليهمس بألم _ليه مش قادرة تفهمي أن كلامك دا بيقتلني، خوفك... بصات الكره اللي في عيونك كل دا بيتعبني أكتر من اللي مريت بيه يا" شجن"..
أغلقت عيناها ببكاء لتردد بصعوبة بالحديث_ أبعد عني... أرجوك..

شعر ببرودة جسدها بين ذراعيه فتراجع للخلف لتجلس هي أرضاً، لتضمد جسدها بذراعيها وعيناها تراقبه بهلع جعله يتراجع بأبم كاد بأن يقتلع روحه من جذوره، خشى أن تسوء حالتها النفسية فتحكم بذاته بصعوبة ليعود بالحديث _طب خلاص إهدي أنا هعملك اللي أنتِ عايزاه، مش كنتِ حابه تشوفي "يوسف" هبعت الحرس حالا يجبوه..

وكاد بالخروج لتصرخ بجنون_لا مش عايزة أشوفه، مش عايزة أشوف حد، أنا ماليش حد في الدنيا، أنا ماليش حد ..
قالت كلماتها بتشنجات مقبضة جعلتها تتسطح أرضاً ليسرع إليها "رحيم" بلهفة وخوف تلمعان بعيناه ليثبت ذراعيها جيداً ثم جذب محقن المهدأ ليحقنها إياه فهدأت تدريجياً بين ذراعيه حتي سكنت تماماً، إحتضنها بقوة كادت بأن تحفظها بداخله ليردد بعشق _أنا جانبك يا حبيبتي مش هخليكِ تضيعي مني يا "شجن" مش هسمحلك بدا..

وطبع قبلة مطولة علي جبينها ليحملها لغرفتها حتي لا تعود لنوبة الهلع، طرق باب الغرفة فجذبت حنين حجابها ليدلف للداخل فهرعت إليه بخوف_"أشجان"!..
وضعها رحيم علي الفراش لتصرخ به حنين بخوف_عملت فيها أيه؟!.
رفع عيناه لها بثبات_متخافيش هي أخده مهدأ...
وداثرها بالغطاء جيداً مشيراً لها _خاليكِ جانبها.

وكاد بالمغادرة ليستدير مرة أخرى، إقترب منها ليخرج من جيب جاكيته الاسود سلسالها الطفولي ببسمة رسمت علي وجهه، عقده "رحيم" حول عنقها برفق وحنين تتابعه ببسمة هيام كأنها رأت مشهد من راوية رومانسية يتجسد أمامها، همست بخفة_الله أبو لهب عنده قلب؟!...
خرج من الغرفة ليودعها بنظراته ليستعد بالرحيل من القصر بل من مصر بأكملها لينضم للجوكر ليكون حائل العداء تحت الصداقة المزعومة!..

جابت عيناها قصره المشيد أمامها بنظرات حقد دفن بعبناها منذ معرفتها بما فعله مع اخيها، ولجت "سارة" للداخل بعدما وضعت خطة محكمة للقصاص لأخيها فتوجهت للأسفل بضيق لحاجتها لريان لتستدرجه لتعلم الأجابة علي أخر سؤالها..
رفعت هاتفها لتطلبه مراراً وتكراراً ولكن كل محاولتها بدون جدوي، لاول مرة تطلبه هاتفياً ولا يجيبها فأنقبض قلبها بصورة مريبة، بعثت بالرسائل إليه فكانت تظهر لها بأنه قرأها ولكنه لم يجيبها!..

جن جنونها بل كاد قلبها بالتمزق من فرط خوفها عليه فجايت القاعة ذهاباً وإياباً بقلق.
أسرعت الخادمة لفتح باب القصر حينما قرع الجرس، ولج "مروان" للداخل ليشير للخادمة بضيق _هاتيلي مية..
أشارت له بخفة لتسرع للداخل لتحضر المياه، جذب إنتباهه "سارة" فتوجه ليجلس علي الأريكة المقابلة لها قائلاً ببسمة هادئة _مساء الخير..
إستدارت علي صوته لترسم بسمة بسيطة_مساء النور..

_شايفك سرحانه كدا، الامور تمام ولا؟!..
قالها بتفحص فعدلت من حجابها بهدوء _لا بخير الحمد لله.
إبتسم بنظرة مطولة_يارب دايماً..
قالت بخجل_ميرسي، ثم قالت بتردد_هو "ريان" كلمك النهاردة..
ضيق عيناه بأستغراب_ليه؟!..

إرتبكت للغاية ولكنها قالت بتماسك_مفيش طلبته علي الموبيل كذا مرة كنت عايزاه في حاجة..
اشار لها بتفهم_أه، كنت بحاول أوصله من الصبح وأخيراً رد عليا برسالة من نص ساعة بيقول فيها أن جاله شغل ضروري بره مصر..
ظهر الحزن علي ملامح وجهها والأخر يتطلع لها بأستغراب ليفق علي صوت الخادمة التي تقدم له المياه...

بنفس ذات الغرفة التي بدت تشبه المعتقل من إختفاء الضوء بها، ولج للداخل بخطاه المسموع كدقوق الهلاك لينتبه "طلعت" للباب للقاء المعتاد مع هذا النذل، ولج للداخل ليقف أمامه ببسمته اللعينة، رمقه "طلعت" بنظرة غاضبة ليبدأ بالحديث الساخر_زياراتك بالفترة الأخيرة زادت عن العادة...
إنحنى ليكون علي مستواه قائلاً بغرور_تقدر تقول كدا أني حبيت أجبلك المرادي معايا مفاجأة كدا أتمنى تعجبك..

وأشار بيديه للباب ليدلف رجاله ليدفشوا المرأة المقيدة بين يديهم بقوة حتي صارت أرضاً أسفل الأقدام!، تطلع لها "طلعت" بأستغراب، فأزاح الرجل هذة الغيمة السوداء التي تحجب وجهها عنه لتفتح عيناها ببطء شديد لتكون صدمة له وصدمة أكبر بكثير لها، ردد "طلعت" بصدمة كبيرة_"نجلاء"!..

توقفت الطائرة عن العمل لتهبط علي الارض الغامضة التي تحمل مصيراً مجهول لعداء خلق لأعوام!..
خرج من داخلها ليقف علي أول درجاتها بطالته المختلفة تماماً عن المعتاد فكان يرتدي سروال ضيق للغاية وتيشرت أبيض، مصففاً شعره بطريقة مختلفة تماماً عن تناسقة المعتاد فكان يرفرف كالغيوم السوداء، رفع الحقيبة علي ذراعيه ليتصرف بطريقة غربية فمن يرأه لا يعهد له العروبة أبداً..
هبط الدرج المرتفع الخاص بالطائرة ليبحث عن "مراد" بنظرات تحمل التسلية حتي وقعت عيناه عليه...

أنهى الطريق الطويل بينهما ليقف أمامه وجهاً لوجه، الغيوم كادت بألتهام السماء لمثل هذا اللقاء المقبض، وقف كلاً منهما أمام الأخر بنظرات طالت فعليهما التصرف كصديقين مقربين لذا إحتضان كلاً منهما كان من ضمن خطة الأستقبال!..
رمقه الجوكر بنظرة نارية من خلف نظارته البنية والأخر يخفى بسمته بالكاد ليرفع ذراعيه ليحتضنه بقوة مشدداً علي كلماته التي تخرج مع همسه المنخفض _شايف الموت بيحاوطك من كل جهة..

إبتسم "رحيم" ليربت على ظهره كأنه يبادله الحضن_أكيد لأنه صديقي الوفي فياريت تخد حذرك كويس أوي ..
وإبتعد عنه ببسمة علي محياه ونظرات خبيثة تلمع بكلتا العينين لتبدأ الان رحلة غامضة بين العداء وشعلة ستخلق من وسط هالة الدمار لتشكل نقطة بداية لعلاقة جديدة ستكون أول طوبة لبناء عريق!...

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة