قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الفصل الثامن

رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد

رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الجزء الأول الفصل الثامن

( نثرات الروح والهوى )

تسللت "حنين" الأعلى علي أطراف أصابعها حتي لا يشعر بها الخدم، فضولها بأستكشاف هذا الجناح الغامض إضاء رغبات قلبها، فتحت الباب ثم ولجت لتضيء أضواءه بسعادة وهي تتفحص كل ركناً به بفضول حتي الخزانة وعطوره الخاصة التي تخشبت يدها علي أحدهما حينما رأت إنعكاس صورته بالمرآة كأنها الأن إستدعت شياطين الجحيم بذاتها!، إستدرات لتجده يقف أمامها مستنداً بجسده علي الباب، يرقبها بنظرات ثابتة للغاية لا تفشى إن كانت تحتضن الغضب أم عدم اللامبالة، إرتجف جسدها من هول الصدمة حينما رأته يقترب منها، ودت لو قتلت ذاتها على فضولها بأستكشاف جناحه المحظور للجميع بعدم الأقتراب كعالمه الذي يأبى لأحداً بالأقتراب منه، تقدم بخطوات محسوبة جعلتها تتراجع للخلف بزعر حتى إستقرت خلف الستار، رفع يديه يحك طرف أنفه حتى لا تظهر بسمته التي لا تليق مع طالته الجدية المهيبة فتلك الفتاة كلما رأته تخبأت خلف ستائر القصر كأن عليها تعويذة لكبت الشياطين!..

خرج عن صمته قائلاً بصوتٍ ثابت يطوفه السخربة_تفتكري لو حابب أعمل حاجة الستارة هتحميكي مثلاً؟!...
خرجت من خلفها تتفحصها بلهفة فتحسست نوعية قماشها بفضول َأن الا تسقط أمامه، لم يتمالك ذاته فتعالت ضحكاته بعدم تصديق، لتتخشب محلها ببسمة بلهاء كأنها فعلت المحال!..، إبتسمت رغماً عنها وهي تتأمله بنظرات تختبر عيناها لأول مرة، نظرات جعلته يعود لثابته ليتأمل عمق عيناها المهلك، خرج صوته ببعض السخرية_طيب لما أنتِ عارفة أن وجودك هنا غلط دخلتي ليه؟..

إقتربت خطوة منه قائلة بهدوء يكسوه صوتها الطفولي _مأنا إتفرجت علي كل ركن في القصر الا الجناح دا كل ما أجي أدخله "عفاف" مترضاش رغم أني قولتلها أني هدخل في ثواني من غير ما الجوكر يحس بحاجة بس رفضت برضو، الناس هنا بالقصر جبانة اوى..
ضيق عيناه بثبات لا يضاهيه_يعني أنتِ مش خايفة؟...
تطلعت له قليلاً ثم إبتسمت قائلة بتلقائية_العمر واحد والرب واحد...

رفع حاجبيه بدهشة من تلك الفتاة فخلع جاكيته ليضعه علي الطاولة ثم خلع ساعة يديه قائلاً بثبات مخيف_طيب ممكن تروحي أوضتك بقى ومتفكريش تقربي من شيء يخصني...
توقع أن لهجته المريبة تثير خوفها أو علي الأقل حزنها ولكنه تفاجأ بها تقترب منه قائلة بأستغراب_مش أنت كنت خارج!...
حرر أول أزرار قميصه بضيق_ميخصكيش..

إبتسمت "حنين" مما جعله بقمة ذهوله فأقتربت منه قائلة _علي رأيك يعني لما أعرف السبب هخسر كيلو دهون؟! .
أشار لها بعيناه علي باب الخروج فتطلعت لما يشير إليه بضيق _بس أنا لسه متفرجتش ..
جلس علي الأريكة ثم أستند برأسه علي مقدمتها مشدداً علي كلماته_هتعرفي تخرجي لأوضتك ولا أطلبك حد من الخدم يوصلك..
لوت فمها بضيق _مش محتاجة حد يوصلني زي ما طلعت عارفة هنزل أزاي...

وتركته وتوجهت للرحيل بعدما طأطأت رأسها بحزن طفولي، قال ومازالت عيناه مغلقة بعدما أخترق شعوراً لا إرادياً أسوار قلبه العالية_معاكِ خمس دقايق بس...
رفعت وجهها عن الأرض لتصرخ بحماس_يس...
وهرولت مسرعة لأستكشاف أرجاء جناح "الجوكر" المزعوم، إعتدل بجلسته ليحرر باقي أزرار قميصه بثبات ثم نهض عن الأريكة ليقترب من البار الذي أنشأ خصيصاً بغرفته، أخرج مشروبه المفضل الذي أعده سابقاً بدورق كبير ثم سكب منه بكأسه ليضعه علي الطاولة المخصصة المشروبات ثم عاد ليجلس علي أريكته وضعاً قدماً فوق الأخرى بثباتٍ قاتل...

تعمد عدم النظر إليها ولكنه لم يستطيع فخطف نظرة سريعة لها لتتعلق عيناه بها كالمسحورة، إبتسم بخفة وهو يتفحص تلك المشاغبة التي تركض مسرعة في جناحه الواسع لتستكشف محتوياته بفضول وعيناها تخطف نظرات سريعة لساعة يديها حتي تنتهي قبل المدة المطلوبة...

أعجبت بتفاصيله للغاية حيث كان منقسم لأربعة من الغرف تحدها الغرفة الرئيسية التي تجمعهم، حيث كانت أحد الغرف مخصصة للرياضة الخاصة به والغرفة الأخرى كانت تحوى متعلقات عمله المصون كزيه المري وأسلحته العتيقة بجوار شهادات التكرم والميداليات التي حصدها، أما الغرفة الثالثة فهى ما أثارت إعجابها فكانت ضخمة للغاية تحوى رفوفاً من الملتبس الخاصة به والبرفنيوم وغيرها من ساعات اليد والأحذية، لوهلة ظنت بأنه يمتلك مصنع لتجهيز الملابس خصيصاً له!

مررت يدها علي عطره الخاص فرغم أن الخزانة تحوى ثياباً بأنواعها الا أنها متفقة علي عطره الخاص فكانت تحوى نوعاً واحد من البرفنيوم ولكن بكميات جعلتها تتأملهم بذهول،مررت يدها علي أحدهما بأنفاساً مضطربة، تزيد من حدة تنفسها، وقتها ينفذ ومازال هناك الكثير لرؤيته لذا خرجت سريعاً لتقف أمام أخر الغرف التي أوصدت بابها جيداً حتى أنها فشلت بفتح بابها لتخمن بما تحتويه فأستدارت لتكون مقابلة منه قائلة ببسمة طنتها خبيثة_حلو أنك تخاف علي فلوسك فتحطها في أوضة بس علي فكرة خزنة واحدة كانت كفايا...

إرتشف المشروب المخصص له ببرود لتتركه هي وتكمل رحلتها، لا تنكر بأنها كانت ستقتل غيظاً لظنها بأنها ستجذبه بكلماتها لمعرفة ما خلف الباب الموصود!.
كان فراشه الكبير يتوسط الجناح بشكلاً ملفت وطلاء لون الغرفة الأسود يلمع بحرافية وكبرياء كأنه ينمق عن شخصية غامصة للغاية، جذب إنتباهها الخزانات العملاقة التي تحتجز جانب كبير من الغرفة فضيقت عيناها بأستغراب فربما أن لم ترى غرفة بأكملها مخصصة لملابسه لظنة بأنها تحوى ملابسه، كادت بتحرير مفتاحها فرفعت يديها لتحررها لتتوقف سريعاً حينما على صوته المكان بأكمله_وقتك خلص...

كبتت غضبها بصعوبة فأستدارت لتغادر الجناح ولكنها توقفت حينما لمحته يرتشف هذا المشروب الغامض، إقتربت منه حتي إنحنت علي مقدمة المقعد المقابل له قائلة بتردد_هو أنا ممكن أدوق البتاع دا...
رفع "مراد" عيناه إليها بثبات فقالت مسرعة_دا هيكون زيادة كرم من الجوكر بذاته..
أجابها بسخرية _للأسف معنديش كرم...
رمقته بنظرة غيظ ولكن سرعان ما إبتسمت قائلة بغرور_طب مفيش واجب للزوجة طيب؟..
تطلع لها "مراد" طويلاً فتلك الفتاة غريبة الاطوار، وما زاد تعجبه هو صمته بأختراقها لقوانينه!...

نهض عن محاه ليتجه للبار، أخرج الأناء من البراد ثم جذب الكأس ليفرغ محتوياته، صفقت بيدها بفرحة ثم جذبت المقعد لتجلس أمام البار الخاص به، صعدت بصعوبة لطول المقعد ثم تطلعت له بأهتمام، هواء الغرفة المنعش يترفرف من خلف ستار التراس، تسلل ليبعثر خصلات شعره البني فتساقطت علي عيناه جتي قميصه المفتوح لم يسلم من تيارات الهواء فتباعد عن جسده ليبرز عضلاته المتصلبة عن مهارات التمارين الشاقة، أزاحت عيناها عنه سريعاً حينما تحرك ليضع الكأس أمامها، إبتسمت بفرحة كأنها نالت حصتها من تركة عظيمة الثراء فقربته من أنفها لتشم رائحته بأستغراب،

تفحصت لونه بأنبهار فقربته من فمها بحماس، حمل كأسه ثم إستند علي البراد بجسده مستنداً أحدى ذراعيه عليها وباليد الأخري يتمسك بالكأس، عيناه تراقب تصرفاتها الطفولية بأهتمام وشبح بسمة من زاوية فمه مهلكة، كادت "حنين" بأن تتذوق محتويات الكوب ولكن رفعت عيناها إليه ببعض الخوف_هو دا فيه خمرة؟..
وجدته يتأملها ببسمة مكر فوضعته سريعاً علي الطاولة، رفع كأسه يرتشفه بتلذذ وعيناه تتأملها بتسلية قطعها بكلماته المحدودة_ماليش فيها بس لو حابه ممكن أضيفلك شوية...

عادت بسمتها لوجهها مجدداً فجذبت الكوب مجدداً قائلة ببسمة عريضة _روح الله يباركلك يا شيخ...
وإرتشفت محتويات الكوب لتبدو ملامحها بالأستمتاع لما ترتشفه فهميت بصوت مسموع _واوو، تحفة بجد...
ثم أكملته حتى النهاية لتضعه قائلة بحماس_أنا عايزك الطريقة عشان أعملها، بجد روعة..

رفع كأسه يرتشفه ببرود كأنه لم يستمع لها، إقتربت منه قائلة بهدوء_قولي بتعمله أزاي بليز هو فيه ليمون وتقريباً نعناع بس لسه في حاجات تانية طعمها غريب!.
لم يكن يفصلهم سوى بضع خطوات!، خطوات لم يتوقع يوماً أنها قد تفصله عن بشري بجناحه الخاص، تلك الفتاة أصبحت إنذار لخطر عتيق سيقع علي عاتقه، خرج عن صمته بكلماته التي بدت بالحدة_هنا كل حاجة بوقت ومخالتفها مش قرار إختياري، معاد نومك من ساعة تقريباً يعني يفترض حالياً تكوني في سريرك..

رمقته بنظرة غضب ثم وضعت الكوب الفارغ علي الطاولة لتتوجه للخروج، خطت بضعة خطوات للخارج ثم عادت لتقترب منه وهو يتطلع لها بأستغراب، جذبت الأناء الذي يحوى كمية من المشروب ثم أقتربت منه لتجذب الكأس من يديه لتفرغ محتوياته بالدورق الذي تحمله لتعيد له الكأس فارغ قائلة بغضب ساخر _أعمل غيره بقى مدام حافظ الخلطة لنفسك بس...

وحملت الدورق وتوجهت للرحيل والجوكر يتابعها بنظرات صدمة وذهول حتي غادرت من أمامه فهمس بصدمة_مش ممكن البنت دي كارثة..
حرر قميصه ليقترب من الخزانات المصفوفة بجوار بعصهما البعض أو هكذا بدت ليضغط علي اللوحة الجانبية فأنفتحت أتوماتيكياً ليظهر من خلفه حوض السباحة العميق ذو حجم كبير للغاية ليلقي بذاته حتي أستقر بين أحضان المياه، أسترخى للغاية لتعود ذكريات ما فعلته أمام عيناه فأبتسم رغماً عنه هامساً بذهول لما فعلته _مجنونة...

توقف "ريان" بسيارته أمام القصر، رغم أن الليل في منتصفه الا أن النوم لم يساوره، ذكريات الماضي عادت لتهاجمه من جديد فكلما توجه للمنزل الذي كان يجمعهم تعود ذكريات هذا اليوم علي خاطره من جديد

أغلق باب الشقة ثم ولج للداخل يبحث عن أي منهم، وجد الأنوار الخافتة في الأرجاء فعلم بأن "جان" بالداخل فهو الوحيد الذي يعشق الإضاءة الخافتة، وضع "ريان" الأكياس التي تحمل الطعام الجاهز علي أحد المقاعد ثم ولج للداخل قائلاً ببسمة لا تليق سوى به_جيت من غيري يعني كالعادة ندل وأ..
بترت كلماته لتسكن الصدمة ملامحه حينما وجد "جان" يمارس الرزيلة مع من نسبت علي عهد رفيقه المقرب!...

لم يصدق عيناه فكادت أن تخرج من محلها، لم يستطيع التحكم ببركان ثورته فخرج من الغرفة سريعاً حتي لا يرى هذا المنظر المقزز، إنتظره بالخارج بعينان تكاد تحرق المنزل بأكمله فما أن خرج "جان" من الغرفة يرتدي بنطاله فقط حتى حاصره "ريان" باللكمات المميتة ليصرخ بغضب لا مثيل له _ليييييه، كنت فاكرك بقيت بني آدم بس هتفضل زي مأنت كلب وخاين...

دفشه "جان" بعيداً عنه بغضب_أنت بتمد أيدك عليا بصفتك أيه؟! .
رمقه "ريان" بنظرة ساخرة_أنت ليك عين تتكلم، أنت مش حاسس باللي عملته؟..
تطلع له ببرود_عملت أيه؟...
كاد الغضب بأن يلهب حواسه فقال بعصبية لا مثيل لها _خيانة صاحبك شايفها حاجة عادية!..
أجابه ببسمة كادت بجعل أسواره تحرر الوحش الكامن بداخله_مش ذنبي أنكم مش ملين عيون الستات حتى اللي هتربطوا بيهم...

كأنه تعمد إيحاء ذكرى الماضي حينما أعجب "ريان" بفتاة معه بالجامعة ولكنها صرحت له بأعجابها "بجان"، لم يتمالك ذاته ففقد ما بعقله علي أخر كلماته، لكمه بقوة أصاحت به أرضاً ثم أنقض عليه قائلاً بغضب _هتفضل طول عمرك قذر وزبالة...
حاول "جان" شل حركته ولكنه لم يتمكن من ذلك، فتح "خالد" باب الشقة ثم ولج ليتخشب محله من الصدمة حينما رأى "ريان" يكاد يقضي عليه فألقي ما بيديه ثم هرول ليحيل بينهما سريعاً قائلاً بفزع_في أيييه؟!.
نجح في إبعاد "ريان" عن "جان" بصعوبة ليصرخ به بغضب _سبني يا "خالد" وقسماً بالله لقتله...
"خالد" بصراخ_أنت إتجننت تموته أزاي!...

وأسرع إلي "جان" الملقى أرضاً يعاونه حتي جلس علي الأريكة فرفع وجهه بيديه يتفحص حجم إصابته ليتهجم وجهه غضباً حينما رأى إصابته البالغة لذا وبدون أي تفكير إسرع إلي "ريان" ليلكمه بغضب_دي عشان تبقى تمد إيدك عليه تاني...

رفع" ريان" عيناه التي ترقرقت بالدموع خوفاً مما سيحدث لرفيقه أن علم بما فعله من يدافع عنه بأستماته، ترقبه "ريان" بألم وصمت يجتازه فتخلت الكلمات عنه أما "جان" فكره ذاته للغاية وخاصة حينما صاح "خالد" بغضب_ خلاص بقينا نمد أيدنا علي بعض أحنا أخوات مش أصدقاء حاولوااا تفهموا داا، أنا بموت بالبطء لما بشوفكم بتتخنقوا حتى ولو هزار!...

ثم جلس علي الأريكة بحزن_أنا ماليش غيركم لا أب ولا أم ولا ليا حد بمصر ولا بالدنيا كلها غير خالي، أنا عندي أموت علي أني أشوف صداقتنا بتنهار بالطريق دي وأنتوا بتتعمدوا تقتلوني بالقرف اللي بتعملوه دا..
تحطم قلب "جان" فأحتضن رأسه بأنكسار لعدم مقدرته علي التحكم برغباته الدانيئة، أستعاد "خالد" ثابته ليقف أمام "ريان" من جديد قائلاً بحدة_رفعت أيدك عليه لييه؟..

كانت الأجابة تزف من خلفه حينما إستمع لخطوات تقترب منه فأستدار ليجدها تقف أمامه بقميص نوم مغري للغاية يظهر مفانتها بشكل مقزز وتحتضن بيدها فستانها وحذائها وتتجه سريعاً للخروج، باتت الأمور الأن علي كامل الوضوح له فعلم ما ساق "ريان" لمحاولات قتله، علم الأن أن ما مر من عمره لم يكن بالصدمة الحقيقة تلك هي، تطلع لجان بنظرة لم يتمكن من بالمنزل من نسيانها حتى هو شعر بأنها أخترقت جسده كالنيران، إنتظر "جان" أن يثور ويلقنه ضرباً حتي أنه عاهد ذاته بأن يدافع عن نفسه حتي يلقي حتفه جراء ما فعله ولكنه تفاجأ به ساكن للغايه يتأمله فقط بنظرات غريبة يحدجها ألم غريب المصدر، تحرك أخيراً تجاه غرفته كالدمية التي تحركها الأنين، نهض "جان" ليلحق به قائلاً بأنكسار_"خالد"أنا معرفش عملت كدا أزاي أنا أسف أ...

لم يجيبه وأكمل طريقه لغرفته بخطى مميتة، أغلق باب غرفته بوجهه فجلس" جان"أرضاً أمامها بحزن ودمعة خائنة علي ما إرتكبه، رمقه" ريان"بنظرة مميتة ثم إقترب ليطرق باب الغرفة بحزن _إفتح يا" خالد"...
لم يجيبه فردد بدمعة تسري علي وجهه لأجله_الكلبة دي متستهلكش صدقني اللي حصل دا عشان ربنا يكشفهالك وأ...

بترت كلماته لتحل الصدمة علي معالم وجهه فتطلع لجان ليجده مصدوم هو الأخر فأقتربوا معاً ليحطموا الباب سوياً ليصعق كلاً منهم حينما وجدوه ملقي على فراشه بعدما ضرب ذاته بالرصاص الحي غير متقبل لما يحدث معه فأخر ما توقعه خيانة رفيقاً له، أسرع "ريان" إليه ليحتضنه بصراخ_ليييه كدا يا "خالد" ليه ميستهلوش أنك تموت كافر عشانهم ميستهلوش والله ما يستهلو.

أنقبضت أنفاس "خالد" وهو يشدد من أحتضان "ريان" للحظة الأخيرة شعر بأنه يودعه بأحتضنه له فتمزق قلبه للغاية ليسرع قائلاً بدموع لا حصر لها _أنطق الشهادة يا" خالد" ..
لفظها بصوتٍ مرتجف ليشدد من إحتضان "ريان" قائلًا بدموع_إدعيلي أن ربنا بسامحني..

ثم رفع عيناه علي من يقف علي بعداً منه تغمر عيناه الدموع علي ما يحدث ليرمقه بنظرة مطولة ليهمس لريان بشيئاً لما يستمع له "جان" حتي أنه لتلك اللحظة كان يود معرفة بماذا همس له، رفع "خالد" عيناه يتطلع لجان بنظرة أخيرة ليغادر الحياة وعيناه مازالت متعلقة "بجان" الذي أنهار أرضاً بندماً وحزن يكفي عالم بأكمله..
إحتضنه "ريان" ببكاء وصوته يزلزل الغرفة_لاااا...

حاول "جان" أن ينهض علي قدميه ولكنه لم يتمكن من ذلك؛ فتطلع له "ريان" بنظرة كره يكفي لعهود من الزمان_أنت مخسرتش "خالد" بس أنت خسرتني معاه، من هنا ورايح أنت لا إبن خالي ولا كنت في يوم صديق ليا...
ثم طبع قبلة علي جبين" خالد" بدمعة تساقطت علي وجهه ليضعه من يديه علي الفراش ثم وضع الغطاء عليه قائلاً ببكاء_أنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة الا بالله..

ثم نهض ليغادر الغرفة حتي يشرع بتجهيز جنازة تليق برفيقه ليرمق "جان" بنظرة مميتة قائلاً بصوتٍ يحمل سخرية مؤلمة_مبروك عليك العذاب وتأنيب الضمير لحد أخر يوم بعمرك.
عاد لواقعه علي صوت طرقات خافتة علي نافذة السيارة، فتحها ليجد "مروان" أمامه ليقول بغضب_أنت هنا وأنا هموت من القلق عليك...
هبط "ريان" من سيارته ليقف أمام أخيه محاولاً إخفاء دمعاته بصعوبة_قلقان عليا ليه عيل صغير أنا!

إبتسم بمرح_لا مز والمزز اللي بتتخطف اليومين دول يا رورو..
رمقه بنظرة مميتة_إحترم نفسك وقص لسانك دا بدل ما أقطعهولك..
أجابه "مروان" بخوف _لا وعلي أيه يتقص يا رياسة..
تطلع له بنظرة رضا_كدا تعجبني، كنت بتدور عليا ليه بقى؟!..

أشار له "مروان" بضيق_أبداً الحيوان اللي إسمه "إياد" دا من ساعة ما رجع وهو نازل تكسير في أوضته، طلعت أشوف ماله قل معايا أوي وبصراحة مش عارف أنام خالص فشوفلك حل وأتصرف معاه ..
لوي فمه بتهكم_أنتوا مشاكلكم كترت عليا أووي، معتش قادر أشيل أكتر من كدا فالأفضل بقى إتصل ببابا ينزل يشوفلكم حل..
إبتلع ريفه الجاف بصعوبة_مين قالك أني متضايق دي أوضته يأخد راحته فيها وفي الأخر هو أخويا الكبير ولازم أستحمله...
كبت "ريان" ضحكاته بصعوبة ليشير له بثبات _علي أوضتك يا خفيف...
إنصاع إليه علي الفور فهرول لغرفته بهدوء...

سماء صافية يتوسط كبدها القمر الذي يضيء كالأنشودة الصافية لليل أوشك علي الأنتهاء، كانت هناك عيون تراقبه بحنين لذكريات الماضي، ذكريات ختمت بدفتر الغرام وشيدت بعظمة عاشق خضع قلبه لعشق إنقطع همساته لفترة طالت لعشرون عاماً ومازال يخفق إليها!، مازال يختم صورتها الطفولية العذباء، مازال يتذكر أتفه التفاصيل الخاصة به... الخاصة بشجن القلب وحياة الروح..
إستند "رحيم" بجذعه علي السور الخارجي لغرفته ليرى أمامه ذكرياتها المعتادة الشيء الوحيد الذي يمده بطاقة أمل...

وقف "يوسف" جوار "فريد" علي (سطح) المنزل، أشار له "فريد" بحدة _هوي الحبل شوية يا غباء خيط الطيارة هيتقطع..
تعالت ضحكات "يوسف" قائلاً بسخرية _ما يتقطع ياعم هعمل طيارة غيرها..
رمقه بنظرة ساخرة_أنت مستفضي نفسك بقى..
_أحنا ورينا أيه يا عم...
قالها "يوسف" وهو يحرر الخيط للطائرة الورقية، عقد "فريد" رباط الطائرة الخاصة به علي الباب الذي يقبع خلفه مشيراً له بهدوء_هنزل أجيب ميه وعصير وأجي..
إبتسم قائلاً _لو نوجة عاملة كيكة أو بسبوسة هاتلي معاك.

لوى "فريد" فمه بتهكم_هتفضل تفص لحد أمته؟!.. وبعدين إحترم نفسك وأنت بتتكلم عن أمي..
_الله شكلة..
قالتها" أشجان" بفرحة، إنتبه "فريد" لها فحمل عنها العصير والماء قائلاً بأستغراب_طالعة كدا أزاي؟!...
وكان يشير علي شعرها المكشوف، وضعت ما تحمله بين يديه قائلة بغضب _الحق عليا لقيت نوجه مطالعلكم الميه والعصير قولتلها عنك يا حماتي وشلت عنها!...
_أنزلي يا "شجن". .

قالها بغضب وصوت ساكن فقالت بتذمر_بس أنا عايزة اقعد معاكم شوية..
تطلع لها بغضب_قولت تحت أما تبقي تطلعي بلبس مناسب أبقي اقعدي..
رمقته بغضب ثم هبطت للأسفل مجدداً، صعد "فريد" بالأطباق والعصائر ليوسف الذي تناول منه الكوب قائلاً ببسمة هادئة_سايبك تتأمر علي البت عشان معاك حق بس..

إبتسم بغرور _لا يا حبيبي عشان هتبقي مراتي..
رمقه بسخرية_يا عم روح أحنا لسه عيال الله أعلم لما نوصل للمرحلة دي هيحصل أيه..
جذب "فريد" الكوب قائلاً بشرود _علي رأيك.
صعدت "أشجان" مجدداً قائلة وهي تشير علي حجابها بغيظ_ينفع أقعد بقى؟
إستدار "فريد " قائلاً ببسمته الساحرة_دانت تقعد يا باشا والحيوان اللي جانبي ينزل..
"يوسف" بغضب_ما تحترم نفسك نازل ملطشه فيا من الصبح
"فريد" بغضب_دانت عيل فصيل والله... وأدي طيارتك اهي..

وقطع حبالها لتهوي أرضاً فقطع "يوسف" حبل "فريد" هو الأخر لتزفر *أشجان" بحزن _بقي أنا طالعه عشان أتفرج علي الطيارات تعملوا كدا طيب مفيش عصير بقى..
وسكبت العصائر في الوعاء الخاص بالدجاج الذي يتغندغ بجوارهم، تطلع كلا منهما للأخر بصدمة لتعلو ضحكاتهم بعدم تصديق..
عاد من بحور ماضيه ليتمتم بألم _" فريد" معتش موجود يا" شجن".

ألقي بهاتفه أرضاً ليهوى أرضاً متحطم، جلس علي فراشه بألم كاد بأن يحطم أضلاعه حينما حاول التواصل مع" كوثر" فتفاجأ"بتوفيق" مسؤول حرس" رحيم زيدان" يخبره بأن أحدى أوامر" رحيم " هي التحفظ علي الهواتف فقبل أن تصعد" سلمى" و" كوثر" الطائرة تم التحفظ علي الهواتف..
إستند برأسه علي حافة الفراش قائلاً بعصبية_لسه عايز أيه تاني يا "رحيم" مش كفايا اللي بتعمله معانا..
ثم زفر بألم _عندك حق مأنا اللي حطيت رقبتي تحت رجلك بس وديني مأنا سايبك..

بات الدمع هو المؤنس لوحدتها، حتى الوسادة إعتادت علي ان يكون جزءاً علي جسدها، إستمعت لآذان الفجر يعلو فيشق الصدر ليطيب القلوب، نهضت "نجلاء" عن فراشها لتغتسل تجهزاً للصلاة، رفعت يديها بخشوع لتؤدي صلاتها التي لم تخلو من دعواتها المتكررة لأبنها بأن يهديه الله لها ويريه طريق الصواب الذي ضل عنه، أنهت صلاتها لتلملم سجادتها بهدوء ثم جلست علي الأريكة بدمع مازال يهبط بصمت حين تذكر ما وصل إليه إبنها، شعرت بأنها المذنبة حينما أخفت عليه اسرار الماضي الأليم..

هبطت مسرعة حتى تلحق بمحاضرتها التي شرعت منذ ما يقرب الخامسة والعشرون دقيقة، صعدت الدرج سريعاً حتي أنهته فأنعطفا يساراً دون أن ترى من أمامها لتصطدم بشخصاً من أمامها، رفعت عيناها الزرقاء قائلة بأسف بالغ _أنا أسفة جدااً أنا متأخرة عن المحاضرة وخايفة الدكتور يطردني...

كان مشهد صادم لمن يحيط بهم فالمتوقعات لتلك الفتاة بأن يوبخها من إصدمت به بل يكاد يفعل بها أكثر من ذلك ولكنه وقف أمامها صامتاً للغاية يتراقبها كالأبله حتي أنه يساعدها بجمع ما سقط منها من كتب، نهضت "نجلاء" بعدما أنهت جمع أغراضها فرفعت عيناها لتشكره علي معاونته لها فصعقت محلها حينما رأت من يهابه الجميع بالجامعة لمركز والده المهيب، تصنم "طلعت" محله فأبتلع موجة الغضب الذي كان سيفتك بمن إصطدم به ولكنه تبخر منذ رؤية تلك الفتاة التي أسرت جزءاً من قلبه، إرتعبت ملامحها فمن بالجامعة لا يعرف "طلعت زيدان" الوريث الأول لأملاك عائلة "زيدان" التي تعد من كبار أثرياء العالم العربي بأكمله!...

شعر بخوفها تجاهه فحاول قدر المستطاع ان يبدو لطيفاً _ولا يهمك...
تحجرت الكلمات علي لسانها حتي أن الكتب عادت لتسقط من يدها من فرط الأرتباك فأنحنى ليقدمه لها فتناولتهم ولاذت بالفرار تحت نظرات عيناه التي تراقبها بشغف...
عادت لأرض واقعها بدموع غزت وجهها لتبتسم قائلة بأنكسار_مكنتش أعرف أن حبي ليك هيكون أكبر عقاب ليا ولأبني،أنا لحد الأن بدفع التمن، لحد الأن بدفع تمن حبي ليك...

سطعت شمس يوماً جديد ربما بالصالح للبعض ومشؤوم للأخر.
بقصر "رحيم زيدان"...
خرجت "ريم" من القصر بمعالم حزينة للغاية علي شقيقتها التي ترفض الخروج من غرفتها نهائياً حتي الطعام تمتنع عنه، خرجت من باب القصر الداخلي لتلقي نظرة خاطفة علي قصر معشوقها فهي بحاجة لرؤياه، تعلقت نظراتها بشرفته واللهفة تسري بعينيها.
_في حاجة يا أنسة" ريم"..

كلمات لفظ بها الحارس الخاص "برحيم زيدان"، إنتفضت فزعاً فأزدردت ريقها الجاف بصعوبة _مفيش...
وأكملت طريقها للخارج سريعاً، صعدت لسيارتها بضيق من عدم رؤياه، تباعدت عن مملكة "زيدان" بأكملها ليلمع هاتفه برقم من سكن القلب وعشقه بجنون، رفعت الهاتف ببسمة هادئة ليأتيها صوته المحبب_عيونك بتدور عليا بس قلبك مش حاسس بوجودي جانبك!...

أوقفت سيارتها لتتأمل الطريق من أمامها وخلفها بذهول، تقدم بسيارته ليكتسح سيارتها ليقف أمامها، هبط بطالته المميزة ببذلته الرمادية ونظارته البنية الداكنة التي تخفي جمال عيناه ليقف أمامها ببسمة ثابتة، ما ان رأته حتي هرولت إليه بدموع، إحتضنها بلهفة_في أيه؟..
أجابته بشهقات دموعها _أنا خايفة عليك أوي من "رحيم"، خايفه يعرف بجوازنا فيأذيك..

إبعدها عن أحضانه ببسمة غامضة تطوف بوجهه، أزاح دموعها ثم فتح باب سيارته ليجلسها بشكل معاكس لها لينحني أرضاً ليكون أمامها، خلع نظارته ليبتسم بزاوية فمه_وأنتِ شايفني ضعيف أوي كدا عشان مقدرش أواجه أخوكِ؟..
رفعت عيناها الممتلئة بالدموع بصعوبة له _إحساس الخوف صعب صدقني...
إبتسم بخبث _وأنا هقتل الخوف دا متقلقيش..
أجابته بارتباك_تقصد أيه؟..
علت بسمة المكر وجهه فرفع قدميها ليعدل جلستها ثم أغلق باب السيارة ليجلس جوارها منطلقاً بها لأحد الأماكن الهادئة للحديث...

ولج "فارس" للداخل ليجده مازال يغط بنوماً عميق فجذب الغطاء من عليه قائلاً بغضب_أنت ناااايم وكل دا بيحصل؟!..
إنتفض "آدم" من نومه ليتمتم بفزع_في أيه؟،أبوك رجع للحياة؟...
رمقه "فارس" بنظرة ساخرة_لا حاجة ألعن..
أجابه "آدم" بتخمين _بسيوني كفة إنتحر؟..
كبت ضحكاته بصعوبة_ياريت بس الموضوع أصعب من كدا..
دفشه بغضب_ما تنطق وتخلصني ...

همس "فارس" بلهجة مخيفة_"رحيم زيدان " بعتلك واحد من الحرس بتوعه بيبلغك أنك في خلال ساعة تكون في لقائه بقصر معاليه..
إبتلع" آدم"ريقه بصعوبة _بتقول أيه؟..
أجابه ببسمة واسعة _زي ما سمعت كدا..
قذف الوسادة بوجهه بغضب_طب غور بقى بخلقة أهلك دي...
غمز له بسخرية_أما نشوف هتعمل أيه مع الأسطورة...
وتركه وهرول للخارج ليبقي الأخر بحيرة من أمره...

إرتدى بذلته ذات اللون البني الفتاك ثم صفف شعره لينثر عطره الطاغي ليخرج سريعاً حتي يلحق بموعده الذي كان كالسيف فألتزامه بكل التفاصيل هو عنوانه الرئيسي فالجوكر حازم بأتفه التفاصيل، هبط الدرج بخطوات سريعة بعض الشيء وعيناه تتفقد ساعة يديه بتفحص...
_"مراد"...

كف عن هبوطه للدرج حتي حواسه كأنها شلت عن العمل فلم بعد بأستطاعته الحركة أو الحديث، منذ ما يقرب الأعوام وهو لم يستمع لأسمه فالجميع يهابون إسمه كأنه داء قاتل، الأغلب ينادونه الجوكر والأخر بألقاب تليق بمكانته العسكرية والمهنية، ولكن تلك المرة إستمع إليه من تلك الفتاة!، ربما ما يحدث معه وردود أفعاله علي ما تفعله لا تتناسب مع قواعده فكثيراً ما جاهد لأستعمال قوته المهيبة معها ولكن لا يشعر بذاته التي تسحب بمنتهي البراعة حينما تقف أمامه...
_"مراد"! ..

عادت تتفوه بأسمه مجدداً فأغلق عيناه بتلذذ عجيب يستحوذ عليه تدريجياً، إستدار ليجدها تقف أمامه ببسمتها الفتاكة بدون حجابها كأنها تتعمد معاملته كزوجاً يحق لها، إقتربت منه"حنين" لتشير له بما تحمله قائلة بغرور _بعد إستكشاف ليلي كامل توصلت لسر الخلطة...
بالكاد أخفض عيناه المتعلقة بعيناها ليتطلع لما تشير فوجدها تحمل كأساً غريب بنفس لون مشروبه، هزت رأسها بخفة _أتفضل بقى دوق وعرفني...
بقي ثابتٍ للحظات يتأملها لتلمع ساعته بنغمة خاصة كأنها تذكره بموعده المصون، أخفض ذراعيه بعدما رأي الوقت ثم أسرع ليكمل الدرج لتلحق به قائلة بحزن _علي الأقل دوق وقولي!...

توقف "مراد" ليستدير لها قائلاً بهدوء _أنا مش فاضي للعب العيال دا .
إبتسمت بخفة _هو في عيال بتعرف تعمل أختراعات؟!...
شعر بأنه سيسلك الطريق الخاطئ بالتحدث معها فأسرع بجذب الكوب ليرتشفه بملامح عجيبة ليقدمه لها بأستغراب _أيه دا؟!..
أجابته ببسمة واسعة سفن أب ولون أزرق عجب، ضيق عيناه بذهول_لون!...

إبتسمت بغرور_أيوا مانا قضيت الليل كله في تجارب فاشلة فلما يأست قولت أتصرف فجبت السفن وحطيت اللون لحد ما ذكائي الخارق يستكشف الطريق...
أخفض عيناه عنها بصعوبة ليقول بلهجة جادة_لاول مرة الجوكر يتأخر عن معاده دقيقة والفضل ليكِ فياريت متأخرنيش أكتر من كدا. .
وغادر علي الفور ليثل لسيارته التي تتوسط الباب الداخلي المقابل للدرج العملاق، وصل للسيارة ففتح له الحارس الباب الخلفي، كاد بأن ينحني ليجلس بالخلف ولكنه لا يعلم لما فقد القدرة علي تنفيذ أوامر جسده فتطلع للخلف ليجدها تبتسم لتلوح له بذراعيها كوداع مؤقت، تطلع لها بدهشة ليبتسم رغماً عنه ثم إرتدي نظارته ليرمفها بنظرة أخيرة قبل ان يجلس بالسيارة لتتحرك به سريعاً لوجهته المنشودة وخلفه حرسه الخاص.

بقصر "رحيم زيدان".. وبالأخص بمكتبه الخاص...
جلس "جان" بأنتطاره والغضب يحتجز بملامحه فيجعله كالبلون الذي أوشك علي الأنفجار، ولج "رحيم" للداخل ببسمة خبث فكان يتوقع زيارته المحتومة، جلس علي مقعده بثبات، تعمد جعل ملامحه أكثر من الصلابة ذاتها ليخرج صوته أخيراً _سبب زيارتك الكريمة؟!..
تطلع له "جان" بغضب كبته بالحديث بهدوء _أنت مسبتليش وسيلة واحدة أقدر أطمن بيها علي "سلمى" فمكنش قدامي حل تاني..
إبتسم قائلاً بلهجته المميتة _ومش هتعرف عنها حاجة، العهد عهد ولا أيه؟..

تطلع له مطولاً ليقول بضيق _أنت ليه بتعاملنا كدا، ليه مش شايف غير القسوة والأنتقام لأفعال كانت طفولية بالماضي؟، ليه مش بتفكر غير في التدمر وبس! ..
طرق المكتب بيديه بغضب جامح _لأنكم متستحقوش الا كدا.
ثم نهض عن مقعده ليشير له بغضب مميت _الحقير اللي جابته العاهرة من وجهة نظركم وصل للكرسي دا، الحقير اللي كلامكم وأفعالكم كانت كلها هدفها الذل والأهانه له هو دلوقتي اللي بيحكم وبيتحكم في أملاكم...

ثم جلس غلي المقعد وضعاً قدماً فوق الأخرى بتعالي _أنتوا اللي بدأتوا ودلوقتي جيه دور النار اللي ولعتوها أنها تحرقكم..
وضع عيناه أرضاً كمحاولة للتحكم بغضبه الجامح ليتحدث بهدوء مخادع _بلاش "سلمى" يا "رحيم" عافبني بأي عقاب تاني غيرها...
رسمت بسمته الشيطانية بحرافية _بالعكس دي أهم حاجة لانها نقطة ضعف "جان زيدان"..
أطبق علي معصمه بغضبٍ كاد بتفجير أوردة دمائه، ولج الخادم ليقطع حديثهم ليبلغ "رحيم" بحضور "آدم" فأمره بأدخله هو الأخر...

جلس جوار "جان" فتطلع كلا منهم للأخر بصدمة من وجوده بقصر "رحيم زيدان" فالأثنين من حلف "مراد"، كان يلهو بسكينه وهو يتأمل نظراتهم لبعضهما بذهول ليقول ببسمة خبث_في وعود مش بتستمر كتير لأن الحلف بيبقى أقوى من أي حد يفكر يقف قصاده..
تطع له "جان" بغضب لم يعد بقادر علي إخفائه اما "آدم" فبقي ثابتاً، وضع "رحيم " سكينه جانباً ليتطلع لآدم بخبث _بلغني أنك جاهز لتنفيذ وصية "طلعت زيدان"..
اكتفى بأشارة مبسطة من رأسه فأستند الاسطورة بذراعيه علي مكتبه قائلاً بنطرات كالسهام المترقرقة _ويا ترى رأي زعيمك المصون أيه؟...

إبتلع ريقه الجاف بصعوبة فعلم "جان" بمضمونهم المخفي، خرج صوته أخيراً _محدش له عليا وصاية أنا أخدت قراري بنفسي..
إبتسم" رحيم" وعلي الدوام كانت بسمته تسبب إرتباك وهلاك للجميع، نهض عن مقعده ليخطو بخطوات ثابتة للغاية جعلت من بالغرفة بتراقب للقادم، إنحنى بجذعه ليكون مقابل له قائلاً بعينان ثاقبتان _أطلبه حالا..
إبتلع ريقه بصعوبة فأخرج هاتفه ليطلب "مراد زيدان"؛ فتطلع له رحيم بنظرة جعلته ينصاع إليه ويفتح سماعة الهاتف ليضعه علي الطاولة..

في ذلك الوقت كان الجوكر بسيارته حينما لمع الهاتف برقم آدم فرفعه قائلاً بأستغراب _لحقت تمل؟...
صدح صوتٍ يعلمه جيداً فكيف لعدواً لدودو أن ينسى ما يخصه! _معتقدش التحدي مع عدو زيك يكون فيه ملل بالعكس أنا مستمتع جداً باللعب معاك..
كاد الغصب بأن يفتك بسيارته حينما حطم "مراد" زجاجها بيديه ليلفظ بصوتٍ كبت عدائه لسنوات _"رحيم زيدان"! ساعة الصفر إبتدت، صدقني محدش هيدمرك غيري.

إبتسم ببرود _ساعة الصفر معاكسة لأتجه الريح اللي ممكن تكسر عقاربها اللي للأسف ارفع من أنها تواجه قوة اكبر من قدراتها..
" مراد" بوعيد _قولتلك قبل كدا مفيش حاجة بتقف عائق بطريقي، طريق الجوكر اللي هيهدم أحلامك المريضة..
تعالت ضحكاته بجنون ليعود لثباته المخيف _وأنا مستنيك..
وحطم الهاتف بين يديه ببسمة تشع شرار وعينان يحومها وعد الهلاك المزعوم منذ ما يقرب العديد من الأعوام!...
هل حان الوقت لملحمة أساطير عائلة "زيدان"؟!...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة