قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل العشرون والأخير

رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني بقلم آية محمد

رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل العشرون والأخير
(
وعشقها ذو القلب المتبلد )

بغرفة "جان"...
جلس كلاً منهما على طرف الفراش إلى أن حمل "ريان" الأغطية والوسادة ليضعهما أرضاً ثم تمدد عليهما بعيداً عنه حتى لا يتمكن من رؤيته فيصيبه نوبة من الجنون،راقبه "جان" بحزن يكتسح معالم وجهه من كان يصدق بأن من كان بيوماً أقرب صديق إليه هو من ينفر منه إلى هذا الحد...

تمدد "جان" على الفراش ليغلق عينيه بأستسلام تام لنوماً يهاجمه بعد ليل قضاه بعناء الفكر بما فعلته أمه، خطف "ريان" نظرة سريعة إليه وبداخله حالة من عدم الرضا لما يرأه من إستسلام سابق عن معاده، جذب هاتفه ليحاول التواصل لسارة فمرت أكثر من ساعة وهي مختفية عن عينيه، ظن ببدأ الأمر بأنها تتجول بالقصر أو ربما بغرفتها ولكن هاتفها المغلق زرع القلق بقلبه فخرج ليتأكد من أنها على ما يرام...

بغرفة "فارس" ....
تقلب يساراً ويميناً بأنزعاج والأخر يزفر بغضب ليرفع الغطاء عن وجهه:
_هتفضل تتقلب كدا كتير؟!!!..
رفع "مروان" الغطاء عن وجهه هو الأخر قائلاً بغيظ:
_براحتي ولو مش عجبك نام على الأرض...
تمدد "فارس" محله ببسمة برود:
_دا بعدك لو حابب أنت معنديش مانع...

إشتعلت عينيه بالنيران الخطيرة وخاصة بوجوده بمكان واحد مع هذا المختل، فكلما رأي أحداهما الأخر تصبح هناك مشاكل لا حصر لها...
جذب "مروان" الغطاء بأكمله ليصبح "فارس" بدون فجذب "فارس" الغطاء بالقوة ليصبح الأخر دونه لتشن الحروب فيما بينهما على الغطاء حتى غفل كلا منهما ففتح "مروان" عينيه ببطء ليتأكد من غفلة الأخر فدفشه بقدميه عن الفراش ببسمة تعج بالشر...

تسللت من الخارج على أطراف قدميها، وجهها مخطوف ويطغوه اللون الأصفر وكأنها قتلت قتيل منذ قليل، ولجت "سارة" لداخل القصر برجفة تسري بجميع أنحاء جسدها، كانت تتحرك ببطء وبحذر وبيديها تحتضن حقيبتها الصغيرة بطريقة مثيرة للشكوك وكأنها تحمل كنزاً ثمين لا تريد لأحداً رؤياه، صعدت الدرج حتى وصلت للغرفة التي تفترض أنها لها، كادت بفتح باب الغرفة ولكنها تخشبت محلها حينما إستمعت إليه...
_"سارة"..

نادها "ريان" وهو يرأها تتسلل لغرفتها بخوف وبحذر زرع الشك بقلبه، تمسكت بحقيبتها جيداً وهو تحاول بلع ريقها الجاف بصعوبة بالغة فأستدارت لتكون مقابله، تأمل ملابسها بأستغراب فقال وهو يشير لها بذهول:
_كنتِ فين بالوقت دا؟!..

تطلعت إليه مطولا وكأنها تبحث عن إجابة لسؤاله بعيداً عما يخطر بذهنها فقالت بأرتباك:
_كنت مخنوقة شوية فنزلت أتمشى...
وكادت بالدخول للغرفة ليوقفها بشك:
_مخنوقة من أيه؟!..

تمسكت بحقيبتها بخوف من أن يرى ما تحمله فحاولت ضبط إنفعالاتها لتستدير لتقابله من جديد ببسمة هادئة:
_مفيش يا حبيبي أنا بس لسه مش أخده على المكان هنا فنزلت أتمشى شوية مش أكتر..
تطلع لها بنظرات تفحص فقال بهدوء ليحاول أن يستدرج عما يحدث معها:
_طيب تعالي ننزل نتمشى بالعربية شوية..
_لأ مش هينفع...

قالتها متسرعة وكأنها فقدت القدرة على لسانها،شعرت بالحرج لصراخها المبالغ به فقالت بهدوء:
_أنا بس راجعة تعبان من المشي فخليها بكرا...
شعر بأن بها شيء مختلف لا يعلمه وكأنه يخرج للمرة الأولى،أشار لها بهدوء بعدما طبع قبلة صغيرة على رأسها:
_تمام، إستريحي ونتكلم بكرا..
وكأنه قدم لها تصريح بالحياة فأخذت تتنفس بصورة منتظمة وعينيها تلمعان بغموض...

خرج للشرفة حينما شعر بالضجر بهذا الوقت المتأخر من الليل،داعب الهواء العليل خصلات شعره الطويل لتسقطه على عينيه لتزيد من جمال وجهه ورونق جديد لشخصيته المزعجة...

إقترب من السور ليقف بسكون عجيب واضعاً كلتا يديه بجيب جاكيته الرياضي ليتأمل الحدائق من أمامه بصمت، برودة الجو بالفترة المسائية وخاصة بالشتاء لم تعنيه بالكثير بعد فترة طويلة من التمارين فكان يقف بأسترخاء وكأنه بجو يكسوه الشوب والحرارة وكالنسمة العليلة كلما أتت بذكراها عليه لتسكن بزيتونية عينيه ليداثر طيفها بحنان، إبتسم "رحيم" بخفة وهو يستمع للشيء النابض بقوة بداخل صدره الصلب ليؤكد له بأنه مازال على قيد الحياة لأجلها هي،إستند بجسده على السور ليشرد بشرفتها المجاورة إليه ولكن سرعان ما إنتفض بوقفته حينما رأها غافلة على المقعد الصغير بشرفتها!!..

تراقص خصلات شعرها الطويل إنصياع لنغمات الهواء البارد فتمرد على وجهها تارة وخلفها تارة أخرى، خملت رأسها حتي فلتت فعاونتها على إستعادة واعيها بعدما كادت بالسقوط،لتستعيد واعيها وهي تفرك عيناها،أغلقت شالها الصوف على صدرها حينما شعرت ببرودة الجو لتنهض عن المقعد وتتأمل الحديقة من أمامها،إستدارت تجاه غرفته فوجدته يقف بمنتصفها ويتأملها بنظرات ثابتة،إزدادت دق القلب فتفحصت حجابها بأرتباك وضيق من وجوده هنا وكأنه يخترق خصوصايتها عمداً،سحب نظراته عنها ليغادر من أمامها بهدوء،ولج لغرفته ثم أسدل سيتاره ليجلس بالداخل على المكتب القريب من فراشه جاذباً الحاسوب من أمامه ليلهي ذاته بالعمل..

أما بالخارج...
تأملت طيف مغادرته للمكان بمشاعر مضطربه وكأنها تشعر بالضجر لأنسحابه المفاجئ أو لتحاشيه الحديث معها،تتذكر بأنه حطم البار الخاص به لأجلها ولكنها لم تحمسه بأي من الكلمات فكل ما تفعله هى التطلع إليه بطريقة تجعله يلعن حياته ويقرر الأبتعاد عنها،لوهلة شعرت بالضيق لقلة حديثه معها كالمعتاد فكادت بالدخول لغرفتها متجاهلة إياه كالعادة ولكنها توقفت أمام باب الشرفة بأرتباك لتسحب خطواتها الثقيلة تجاه غرفته وكأنها تمشي لعدة أميال...

وقفت أمام الستار تتأمل طيفه البادي لها من خلفها لتجده يعمل بتركيز،تنحنحت لتلفت إنتباهه ولكنه لم يستمع إليها فطرقت على باب الشرفة المفتوح لينتبه إليها!!..
رفع عينيه بصعوبة عن حاسوبه وهو يحاول أن يكذب حدثه وما يستمع إليه حتى تلك الوهلة،رفع عينيه ببطء وبثبات رهيب لكونه حلم بشع إنتهى فور رؤياها أمامه!!،"شجن" خاصته تطرق باب غرفته!....

نهض عن محله بصدمة وهو يتأملها،أما هو فوضعت يديها بجوارها بأرتباك ثم خطت للداخل بخطوات محسوبة وكأنها تقيس خطواتها للخارج فور حدوث شيئاً سيء،إقترب ليقف على مسافة حذرة منها حتى لا يشعرها بالخوف وكأنه وحش مفترس يقترب من عصفوراً صغيراً ويمنحه الأمال بكونه ليس كطبيعته المفروضة،عبثت بأصابعها لدقائق لتتحدث أخيراً قائلة بأرتباك وهي تتطلع لها متحاشية النظر بزيتونية عينيه:
_أنا......آآآ...يعني أنت نفذت كلامي إمبارح وإتخلصت من الخمرة وسمحتلي أخرج مع "حنين" النهاردة فكنت جاية يعني عشان أقولك...آآآ....يعني أنا ....
وتنفست بصعوبة وكأنها تهاجم أفكارها المزدحمة لتلخصها بكلمة بسيطة:
_شكراً....

حل أخر وثاق تمسك به ليتحكم بزمام أموره،تطلع لها بعدم تصديق لما يستمع إليه ويرأه أمام عينيه حتى وإن كانت تتهرب من نظراته ولكنها بالنهاية من طرقت بابه مهلاً هل يعني ذلك بأنها بغرفته حقاً؟!....
وضعت عينيها أرضاً بأرتباك من ثباته وصمته المحجور بثقة شخصيته المهيبة لتستدير قائلة بخيبة أمل:
_تصبح على خير...
_إستني...

قالها بلهفة حينما رأها تكاد تغادر جحيمه الذي تحول لجنة فور دخولها إليه،إستدارت ببطء وإرتباك فبداخلها لا تنكر بأشتياقها لسماع صوته المميز الحامل لأعترافات من القوة،بدى وكأنه بحيرة من أمره مما سيقوله ولكنه هاجم ذاته ليخرج صوته الهادئ:
_جيبتلك حاجة وأنا راجع من بره..

ضيقت عينيها بأرتباك فأعادت شعرها لخلف أذنيها بتوتر:
_حاجة أيه؟!..
إبتسم وهو يتشبع بتأملها فما يحدث من أمامه يصعب وصفه ولكن عليه إستغلال لحظاته جيداً،أشار لها "رحيم" بحذر على الأريكة:
_أقعدي هنا وأنا ثواني وراجع.....

وقفت محلها لدقائق وهي تتأمل المكان الذي يشير إليه بتوتر أنهته بخطوات تقدمه وتؤاخرها حتى جلست على أطرافه بقلق،إبتسم بسعادة تخترق قلبه قبل وجهه لينسحب من الغرفة بأكملها مستخدماً الدرج ليهبط للخارج حتى وصل لسيارته ففتحها ليحضر ما إحتفظ به هناك لأجلها...

بقيت الغرفة فارغة بها فحاولت السيطرة عما يتمكن منها من خوف مبالغ فيه،نهضت لتغادر الغرفة ولكنها توقفت رغماً عنها،تقدمت لتستكشف جناحه الخاص بنظرة متفحصة حيث وجدت الغرفة يحدها الأنارة الخفيفة والذوق الرفيع،فراش ضخم للغاية ولجواره كوماد طويل باللون الفضي،خزانة عملاقة على شكل غرفة كاملة تحوى ملابسه ومتعلقاته الشخصية،غرفة واسعة للغاية تحوي أجهزة رياضية معقدة التركيب وكأنه يعد ذاته لبطولة عالمية صعبة المنال!!..

على يسارها وجدت السراحة وعليها بعضاً من العطور الخاصة به وما يخصه من ساعات فخمة للغاية،طافت عينيها على صندوق أسود اللون يتوسطها بشكلاً ملفت وكأنه يحمل جواهر ثمينة!!..

إقتربت منه بطريقة لا أرادية لتفتحه بفضول وخاصة لكبر حجمة،وجدته يحوى عدد من الازرار الباهظة التى بدت لها بأنها كالتراث،جابت نظراتها طول الصندوق بأشمئزاز من الثراء المبالغ به لحبيب عاش حياة بسيطة للغاية،وقعت عينيها على،جزءاً من الصندوق يحتفظ به بصندوق أخر صغير،أخرجته "شجن" لتلقي نظرة بداخله ولكن رسمت البسمات على وجهها بسعادة بأن ما يخص طفولتلها إحتفظ به بصندوق ثمين هكذا،حتى ما دونته على الأوراق..

عملت الصاروخ الورقي بين يدها ودمعات السعادة تهوي دون توقف حينما تذكرت كيف كان تصالحه حينما كان يغضب من تصرفاتها...
تذكرت كيف كان يتعمد الجلوس بالشرفة المجاورة لها يداعي بأنه يذاكر دروسه وكلما حاولت أن تتحدث معه لا يجيبها فكانت تقص من كشكولها ورقة وتكتب عليها أسفة ثم تصنع منها على شكل صاروخ وتلقيها علي من يجلس بشرفة بيته جوارها،إحتضنت "شجن" الورقة بحنان لطفولتها مع "فريد" من أحببته بشغف وبصدق..

أزاحت دمعات عينيها فكل ما يحمله الصندوق يرتبط بذكريات عتيقة،رأت طيفه بالمرآة وهو يقف خلفها بسكون ونظرات عشق تغمرها فرحة وأمل لعودتهم،وضعت الصندوق من يدها لتغلقه سريعاً قائلة بأرتباك وحرج:
_أسفه...

حاولت لم الأغراض لتضعهما بالصندوق فسقطت الورقة التى تحوي كلماتها أسفل قدميه فأسرعت "شجن" لتلتقطها ثم نهضت لتكون أمامه مباشرة دون إنتباه منها،وقفت أمامه كالبلهاء فكانت قد أخبرته مسبقاً بأن ما تكرهه به عينيه التى تذكرها بماضيها بأكمله،تلك العينين التي لا تدعها تتنفس بحرية فكأنها تضيق عليها المكان لتحجرها بحقيقة "فريد"!..

تطلعت للورقة بين يدها ولعينيه بشرود لترسم بسمة خفيفة على وجهها فكأن ورقتها تعبر عما قالته منذ قليل،تراجعت للخلف لتضعها بمحلها ثم أسرعت بخطواتها الأشبه للركض للعودة لغرفتها..
_مش عايزة تشوفي جبتلك أيه؟...

قالها وهو يتأملها كلما إبتعدت عنه مسافة فأخرى لتتوقف محلها بأنفاس مضطربه من وجودها هنا حتى أنها عنفت ذاتها لمجيئها،إستدارت لتكون بمحاذاته فأخرج من خلفه علبة كبيرة باللون الزهري جعلتها تبتسم وهي تردد بسعادة:
_غزل البنات!!...

وإقتربت منه لتلتقط العلبة بفرحة أنستاها بأن من يقف أمامها الشيطان المزعوم بلقبها"رحيم زيدان"...
جلست على الأريكة بحماس لفتح العلبة ثم أخرجت محتواها لتتناولها بشغف وسعادة جعلت قلبه يطرب وهو يقف محله بهدوء يخشى الأقتراب فتبتعد هي،يكفي بأنها هي من تقترب منه بأرادتها،يكفي بأنها تمنحه الفرص فرصة خلف الأخرى...

مذاقها الشهي جعل سعادتها تتضاعف وكأنها تحمل نوعاً خاص بعيداً عما كان يصنع،حملت العلبة ثم توجهت للخروج ثم إستدارت لتبتسم له برقة جعلت عينيها تشع ببريق ساحر:
_هشكرك بكرا بصنية الرقاق اللي بتحبها...تصبح على خير..
وحملت العلبة كأنها كنزاً ثمين منه وغادرت لغرفتها...

رغم بساطة هديته حتى بعدما أحضر لها الجواهر والثياب الفاخمة ولكن أبسطها أعجبها فالسعادة أحياناً تكمن بأبسط الأشياء....
جلس على المقعد من أمامه بقلب كاد يشق صدره بقوة ليخرج عن مكانه،ما يحدث كان من المحال تصديقه وجودها وحديثها وبسمتها لا أمراً يصعب تصديقه،أخبرته بأنها ستعد له الطعام حقاً،مرت عدة أعوام على تناوله مثل هذا الطعام فيكتفي بطعام صحي غني بالخضروات لحماية جسده وصحته جيداً ولكنه يشعر بأنه سيلتهم ما ستحضره وإن كان غير ناضج فليذهب نظامه المثالي للحفاظ على جسده للجحيم،عانقته السعادة والفرحة يوماً فجعلته كالملك...

بحثت عنه بالجناح بأكمله بأنزعاج من إختفاءه المتكرر بدون ترك أي أثر خلفه،حملت هاتفها وطلبته وكعادته يتركه بالجناح...
جلست "حنين" على الفراش بتذمر فرفعت يدها لتحرر حجابها، توقفت عما تفعله وتطلعت لمعصمها ببسمة مكر حينما وقعت عيناها على الساعة التى قدمها إليه، ضغطت على الزر الجانبي فأضاءت باللون الأحمر لتعطي إنذار بسيط...

بغرفته الرياضية....
توقف عن الركض على جهاز (الماشية) حينما أطلقت ساعته إنذار محدثة لون أحمر خفيف، إبتسم الجوكر بخبث فخفف من سرعة الجهاز حتى توقف تماماً فجذب المنشفة ليجفف قطرات العرق المبتلة على جبينه وذراعيه، ثم رفع ساعة يديه ليضغط على الزر الجانبي قائلاً بمكر:
_شايفك إشتقت لي! ..

تمرد الخجل على وجهها حينما إستمعت لكلماته الجريئة فقالت بهدوء مخادع:
_أنت فين؟!...
جلس على المقعد واضعاً قدماً فوق الأخرى بغرور:
_زي ما قدىتي ترسليني عن طريق الساعة تقدري بيها توصليلي يا روحي..
وأطفأ الزر ليعلو وجهه إبتسامة تسلية ليرى هل ستتمكن من إتباعه....

بغرفة "منة"..
كانت تتابعها بنظرات مميتة وهى تتحدث بالهاتف مع"سليم" فما أن أنهت "ريم" حديثها حتى قالت بأستغراب:
_هو أنتِ ليه بتبصيلي على أني ضرتك!...
ضيقت "منة" عينيها بسخرية:
_معتش غيرك أنتِ اللي تكوني ضرة ليا...

أغلقت عينيها بقوة وهي تتذكر تعليمات "سليم" إليها ورجائه باللي تتشاجر معها مجدداً فقالت بأبتسامة رسمتها بصعوبة:
_طيب خلينا نتكلم بهدوء،أنتِ ليه مش بتحبيني؟..
لوت "منة" فمها بسخط وهي تتطلع لها مطولا:
_لأني بحس أنك متكبرة جداً وواخده في نفسك مقلب كدا...
تعالت ضحكات "ريم" وهى تستمع لمعلومات عنها لم تستمع لها من قبل فتحكمت بذاتها بصعوبة بالغة:
_بالعكس والله الطبع دا مش فيا...

ثم قالت ببسمة هادئة وهي تجلس أمامها على الفراش:
_طيب أيه رأيك تديني فرصة،يعني نعرف بعض أكتر يمكن أقدر أغير نظرتك ليا....ها قولتي أيه؟...
تطلعت لها مطولا لتعيد تفكيرها ثم قالت بعد فترة من الصمت:
_أوكي،هنشوف..

إبتسمت ٠"ريم" بسعادة ولكنها تلاشت حينما قالت "منة" بتحذير:
_بس لوقت أما أشوف دا أنت في حالك وأنا في حالي يعني يا نحلة لتقرصيني ولا عاوزة منك عسل...
وجذبت الغطاء ثم تمددت مشيرة لها بالأبتعاد قائلة بضيق:
_عن أذنك بقى كدا عشان ننام..
تطلعت لها "ريم" بذهول من أمثالها العجيبة وشخصيتها الاغرب لتعلم بأن رحلة معانأتها بدأت منذ الحين...

حينما ضمن بأن الجميع بغرفهم تسلل برفق لغرفتها بالأعلى، يحتفظ بالقبعة السوداء على رأسه فكانت تمنحه بطالة خاصة من الكبرياء،طرق على باب غرفتها برفق ثم ولج للداخل سريعاً....
فتحت الضوء الخافت المجاور لها لترى من ولج لغرفتها بهذا الوقت المتأخر من الليل،إبتسمت "نجلاء" حينما رأت "طلعت" يجلس على المقعد المجاور لفراشها،قالت وهى تعدل من ثيابها:
_أنت هنا من أمته؟!..

إبتسم "طلعت" وهو يتأملها بنظرة هائمة:
_مش هتفرق المهم أني جانبك...
رغم تقدمها بالسن الا أن الحياء لم يترك المرأة الا حينما تتوفاها المنية،راقبها ببسمة تزين وجهه فأخيراً إجتمعى بعد فراق مرير....
تفحصت الطريق من خلفه بخوف من أن يرأه أحداً فقال بضحكة صاحبة حديثه:
_معشتش الأيام دي في مراهقتي...

باغتها سؤالا يلحقها منذ أن إلتقت به فقالت بغيرة تفوح من لهجتها:
_ولا حتى مع مراتك؟!..
لم تتبدل بسمته بل إزدادت وهو يشم رائحه الغيرة تفوح من عينيها فربت على يديها بحنان:
_أنتِ عارفة كويس أنا حبيتك أد أيه يا "نجلاء" فمفيش داعي أقولك أن عيوني مشفتش غيرك..

أخفت فرحتها بنجاح لتستكمل حديثه الفضولي مدعية الهدوء:
_طيب أنت قولتلي أن أبوك الله يرحمه كان عايز يجوزك من بنت عمك بس أنت إتجوزت واحدة تانية!!..
تعالت ضحكاته بعدم تصديق لما تسأل عنه من رفود الماضي فقال بصعوبة بالحديث:
_مهو بصراحه لما لقيته مصمم أني إتجوز من بنت غنية محبتش أدبس في بنت عمي فنقيت غيرها والضمان أنها من الطبقة المطلوبة...

سحبت يدها منه بغضب من حديثه فتمسك بها مجدداً قائلاً:
_ليه بتفتحي في دفاتر عدى عليها سنين أحنا في النهاردة اللي أنتِ معايا فيه يا "نجلاء"...
إبتسمت رغماً عنها على كلماته المعسولة التى تنجح بأطفاء شعلات الماضي بضوءها القوي...

وصلت"حنين" للصالة الخاصة بالرياضة،بحثت عنه مطولا حتى وحدته يقف أمامها مرتدياً ملابسه الرياضية فجعلته بمظهر جذاب للغاية،إقتربت منه بضيق من تصرفاته فقال ببسمة ثابتة وهو يتأمل تعابير وجهها:
_وصلتي...
لوت شفتيها بأستنكار:
_وحضرتك مكنتش عايزاني أوصلك ولا أيه...

جذبها إليه بصورة مفاجئه ليقربها إليه والأخرى تتطلع له بعدم تصديق،حرر حجابها لينسدل خصلات شعرها الحريري فأعاد بعضاً منه خلف آذنيها قائلاً بهمساً ساحر:
_مش كنتِ حابه تتعلمي إزاي تدافعي عن نفسك؟!..
أشارت له بصعوبة وهى تتطلع لبحر عينيه الأزرق،تمسك بيدها ليلبسها ما يلزم للملاكمة ثم رفع يديه أمام وجهها مشيراً لها بعينيه،لم تفهم ما يود قوله ولكنها تفهمت إشاراته فبدأت بلكمه بقوة والأخر يسد لكماتها ببراءة ليعلمها بعضاً من فنون الدفاع عن الذات...

مر الليل بأكمله عليها ومازالت تجلس على مقعدها الهزاز،ترأه أمام عينيها كلما حاولت النوم،يتردد كلماته عن حبيبته إليها، يقف أمامها ويخبرها بأنه سيتزوج بها لدواعي أخلاقيه ولكن روحه وقلبه وكيانه ملك لريم الفتاة التى صرح بعشقها لها...

تسللت أشعة الشمس من نافذة غرفتها لتسقط على وجهها لتحاول إخماد الحقد النابع من قلبها،كفت "هنا" عن الاهتزاز بمقعدها لتقسم على تدمير العلاقة التي يفتخر بها "سليم" بمن تدعى ريم،أعدت الخطط لتفرق بينهما،متنازلة عن باقي كلماته وتحذيره الواضح إليها فربما سترى بعينيها صدق كلماته...

فتح "فارس" عينيه بتكاسل ليفزع حينما رأى ذاته يغفل أرضاً،إستدار تجاه الفراش بغضب جامح إزداد أضعافاً حينما رأه يجلس على الفراش ويرتشف قهوته قائلاً ببرود:
_أتمنى تكون الليلة بأحضان الأرض عجبتك..
نهض "فارس" ليجذبه بغضب:
_أنت اللي زقتني؟..

إبتسم "مروان" بسخرية وهو يتطلع للغرفة بأستنكار:
_هو في حد تاني معانا هنا أكيد أنا اللي عملتها...
جز على أسنانه وهو يتطلع له بتوعد:
_ماشي أصبر عليا بس...
إرتشف القهوة ببسمة ساخرة:
_وأنا حيلتي غيره..

حمل "فارس" حقييته ليضعها على الفراش ليخرج منها ما يناسب لأرتدائه متعمداً أن تلامس الطرف الأخر من الحقيبة اقدام "مروان" فأنسكبت القهوة على قدميه ليصرخ بألم فأبتسم الأخر بأنتصار ليحذب منشفته وملابسه متوجهاً لحمام الغرفة فأستدار قائلاً ببسمة إنتصار:
_متنساش تعقم الجرح..
وأغلق الباب بوجهه والأخر يشتعل غضباً بعدما صارت النتيجة تعادل فيما بينهما...

فتح عينيه بصعوبة على طرقات الباب الخافتة،نهض "جان" عن الفراش ليلقي نظرة تفحص على الغرفة وبالاخص مكان "ريان" فلم يجده بالغرفة بأكملها...
تحرك تجاه الباب ليرى من الطارق ولكنه لم يجد أحداً بالخارج،كاد بأغلاق باب الغرفة ولكنه تفاجأ بظرف أبيض مطوي موضوع أمام باب غرفته،إلتقطه بأستغراب حتى أنه تفحص الخارج جيداً وحينما لم يجد أحداً ولج للداخل ليمزق الظرف فتجمد محله بصدمة حينما رأى صورة لرفيق دربه "خالد"،لمعت عيناه بالدموع قلبه ألم إخترق اضلاعه حينما عاد لتذكر ما حدث من جديد..

قلب الصورة ليجد كتابات مسطرة عليها بالحبر الأسود
"قتلت مرة وتقدر تقتل ألف مرة بس خليك فاكر أن ذنبه وقصته منتهتش"...
ألقى الصورة من يديه على الفراش ليردد بغضب:
_"ريااان"..
وأبدل ثيابه ليجذب الصورة بعصبية وهبط للأسفل ليبحث عنه بغضب جامح فأكثر ما يكرهه هو عدم المواجهة فأن كان يريد قول شيئاً لما لا يقوله بوجهه مباشرة!!!..

بغرفة" نجلاء "...
نهض"طلعت" من جوارها بهدوء ثم خرج ليذهب من القصر بسرعة بعدما نسى ذاته وغلبه النوم لساعات متأخرة من النهار فخشى أن يرأه أحداً...
هبط الدرج وهو يستدير خلفه بتراقب حتى وصل للباب المجاور للدرج،تصنم محله بصدمة حينما رأى من تتأمله بصدمة وعدم تصديق لما ترأه فردد بصدمة:
_"نغم"!!!...

وجده أخيراً يجلس على المائدة جوار "مراد" ومقابله يجلس "سليم" وباقي الشباب،لم يهتم كثيراً لوجود الجميع فجذب "جان" مقعد "ريان" ليوقفه أمام عينيه مشيراً له بما يحمله بغضب جامح:
_فهمني أيه دااا؟!...
جذب "ريان" معصمه من يديه بغضب ليدفعه بعيداً عنه:
_جرب تمسكني حد تاني ومتلمش الا روحك...

نهض "سليم" عن الطاولة ليقف أمامهم محاولا تهدئة الأمور فيما بينهما أما "مراد" فأكمل تناول طعامه ببرود مخيف لكلاً منهما..
صرخ به "جان" بعصبية وهو يريه الكتابة خلف الصورة:
_بطل شغل الجبن دا لو عايز تواجهني أنا أدامك لو حابب تقولي حاجة قولهالي في وشي بس بلاش تستخدم الطريقة الرخيصة دي...
ضيق "ريان" عينيه بأستغراب وهو يلتقط الصورة الملقاة أرضاً أسفل قدميه:
_طريقة أيه دي،أنت بتتكلم عن أيه؟!..

تطلع "ريان" للصورة بذهول بينما أكمل "جان" حديثه بغضب:
_قولتلك بلاش تستخدم الطريقة الرخيصه دي معايا أنا واثق أن أنت اللي بعتلي الصورة دي...
إنكمشت ملامح "ريان" بصدمة تفوق ما رأه أضعافاً وهو يتطلع لمن تقف خلف "جان" بصدمة حاملة لسلاح ومصوبة تجاهه،إستدار "جان" تجاه ما يتطلع إليه ليتخشب محله من الصدمة هو الأخر،صرخ بها "ريان" بصدنة وهو يحاول الأقتراب منها بحذر:
_"سارة"...لأ...

لم تعيره إنتباهاً فكانت نظرات الكره تجاه هذا الشخص تقبع بعينيها وهي ترى أنتقام أخيها ينهش بعظامها ولكن ترى هل سيكون حافز قوي لشد الزناد تجاه هذا الشخص أم أنها ستستمع لنداء معشوقها أم لطرف ثالث غامض سيتداخل لحل الأمر فيما بينهما!...

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة