قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل الثامن

رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني بقلم آية محمد

رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل الثامن

( وعشقها ذو القلب المتبلد )

وكأنها سقطت من السماء ليحتضنها باطن الأرض بنيرانها المتأججة لتلتهب جسدها فحاولت الدفاع عن ذاتها لتفر بعيداً عن النيران وهذا ما حدث لها تباعدت عنه سريعاً لتتطلع له بفزع، ترى سجانها أمام عيناها وعلي مقربة منها!...
تراجعت "شجن" للخلف بصدمة شتت تفكيرها فأبعدت غطاء الفراش عن ذاتها لتطمئن بأنه لم يمسها!، نهض عن المقعد ليقترب منها بحذر:
_محصلش حاجة إهدي...

صوته إزداد من هلعها فأرتجف جسدها وكأنها تجلس تحت أمطار من ثليج!، حاولت أن تبتلع ريقها المرير أو ان تسمح للهواء بالتسلل إلي صدره المتحشرج ولكنها لم تستطيع، نفورها منه وكرهها للذكريات التي تهاجمها ما أن ترأه تجعلها بحالة نفسية سيئة فتلجئ للأغماء لتهرب من هذا الشعور القاتل الذي يستحوذ عليها وكأنها أسيرة تحاوطها أغلاله!...

سقطت مغشي عليها كالعادة حينما ترأه، أسرع إليها بزعر ليحيل بينها وبين السقوط وكأن بحضوره سحابة تحاول ملامسة الأمطار ليخبرها بشتي الطرق بأنه أمانها!...
يحاول أن يجعلها تستوعب بأنه من المحال أن يتسبب بأذية ولو صغيرة لها...محاولته المستميتة تنتهي بفقدانها للوعي بين ذراعيه!...
وضعها علي الفراش فأسرع لغرفته ليعود بعد قليل، إقتراب منها ليحقنها سريعاً ثم إبتعد عنها بحزن مرسوم علي ملامحه بتعمق، نظراته تشيعها بألم ساكن بعيناها ليخرج من غرفتها سريعاً قبل أن تعود لوعيها وترأه أمامها مجدداً...

بأحد المطاعم المتفرعة علي النيل...
جلست "مايسة" أمام "ريناد" بتعجب من خطتها المحبوكة فقالت بقلق ملحوظ:
_وتفتكري هتدخل عليها؟!..
غمزت لها بغرور وهي ترتشف العصير من أمامها_لا دي بقي سبيها عليا أنا...
إبتسمت بشر يعج بفحيح نظراتها الخبيثة وخاصة بعد سماع مخططها الذي خيل لها بنجاحه!...

أفاقت من غفلتها المؤقتة بوجع يسري بكامل جسدها، إنتفضت "شجن" عن الفراش بفزع ظناً من انها ستعاود رؤياه مجدداً ولكنها تفاجئت بالغرفة فارغة، تركت الفراش وجلست علي المقعد بصدمة ودموع تكتسح وجهها الذي كسته حمرة البكاء القاتم، إحتضنت ذاتها بألم يخترقها نفسياً قبل أن يكون جسدي فما يحدث لها لم تعد تفرقه من الخيال والواقع، لا تعلم إن كانت رأته فعلاً أم كان حلماً سخيف أصبحت بحالة تخيفها كل ما تتذكره أنه حقنها بذراعيها فأصبحت علي يقين بأنه يخدرها ليفعل كما بحلو بها وحين تستعيد واعيها لا تتذكر شيئاً والأصعب من ذلك لم تعد تفرق بين الحلم والواقع والخيال!..

كرهت ذاتها فوصلت لحالة نفسية سيئة للغاية لم يضعها "رحيم" بأعتباره فمن المؤكد بأن الأنتكاسات النفسية تؤدي للتفكير بالخلاص من الحياة البائسة وهذا ما ورد لها، نهضت "أشجان" عن مقعدها لتلقي بالمزهرية أرضاً فظلت محلها تنظر للشظايا المتناثرة من حولها بنظرات ساكنة وكأنها دمي تتلقن تعويذات وأوامر من ساحر ملقن!..
جذبت أحداهن لتقربها من معصمها ووريدها النابض، تطلعت أمامها حتي لا ترى ماذا تفعل؟!..

ودعت حياتها بدمعة ساخنة تهبط بغزارة وكأنها تحتضنها وتطوي الألم من خلفها غرزت القطعة لتهوى بقوة حول معصمها مغلقة عيناها بقوة حتي تعتاد علي تحمل الوجع ولكنها تفاجأت بأنها لم تشعر بشيء!...
فتحت عيناها لتتفحص ذراعيها ولكنها وجدته هو من ينزف!، وجدته أمامها واضعاً كف يديه مكان معصمها لتجرحه هو دون عنها؛!..

القت الزجاج من يدها لتستعيد واعيها تدريجياً فتباعدت للخلف خطوة وهي توزع النظرات بين يديه والمزهرية المنكسرة وذاتها بذهول وصدمة وعدم تصديق لما كانت سترتكبه...
بكت بقوة لدرجة لم تختبرها بحياتها فجلست علي الأرض بأستسلام وتركت العنان لدمعاتها لتخرج ما لم تتمكن هي من البوح به..
وقف أمامها يتطلع لها بصمت وكأنه يتخذ أصعب قرار بحياته لينهيه بقتل ذاته أولاً قبل أن يقترب منها ليخبرها قراره...

إقترب منها "رحيم" لينحني علي قدميه حتي كان أمامها، قرب يديه من وجهها فتراجعت بتقزز للخلف وهي ترمقه بكره يكفي لعالم بأكمله!... نظراتها كانت تؤلمه أكثر من جرحه العميق، زفر بألم وكأنه يتنفس بصعوبة ليبتلع تلك الغصة المريرة التي إحتجزت الهواء بصدره لتجعله كالسجين..
حارب ليلتقط أنفاسه الثقيلة بصعوبة ليجذبها إليه عنوة، حاولت الصراخ او دفعه بعيداً عنها ولكنها لم تستطيع فالذي أمامها لم يعد جسده هزيل كما كانت تعرفه بطفولتها!..

رفع يده التي تنزف علي وجهها ليقيد حركاتها باليد الأخري ليجعلها تنصاع إليه ولكلماته ليبدأ بالحديث بعد فترة قضاها بمحاربة تمرد حركات جسدها حتي إستسلمت أخيراً فقال بلهجك نقلت لها الكثير:
_إختياري للموت أهون من بعدك عني..
وأغلق عيناه بألم يصعب وصفه ليستند بجبهته علي جبهتها ليبدأ بالحديث بصوتٍ مهزوز وكأنه يبكي!:
_مجبور أموت ألف مرة لو دا في حياة ليكِ يا شجن...

وتنفس بعمق ليكمل بعدما فتح عيناه ليتطلع لها بنظرة ان تنساها قط:
_الموت عندي أرحم لي من أني أشوف نظرات الكره دي بعيونك...
وتركها وتراجع للخلف لينهض مستنداً علي يديه التي تنزف وكأنه يتعمد ذلك لمعاقبة ذاته...
وإبتسم بسخرية مسترسلاً حديثه:
_كنت فاكر أني هقدر أحارب عشان تكوني ليا وتحسي بوجودي بس لقيتك بتضيعي مني!

ورفع يديه للأعلى بيأس:_كرهك غلبني يا شجن... غلب عشقي ليكِ...
وتركها وتراجع للخلف بضعة خطوات:
_أنا هعملك اللي أنتِ عايزاه واللي يريحك..
ثم قال وهو يستجمع شجاعته ليتغلب علي قلبه الذي يصرخ بجنون علي عقله الأحمق ببعدها عنه فقال ببسمة هادئة:
_مش كنتِ عايزة ترجعي ليوسف؟..

تطلعت له بأرتباك فتقدمت خطوة قائلة وهي تجفف دمعاتها:
_هتأديه؟...
تطلع لها بألم تضاعف بكلماتها فهل تظنه مجرماً لتلك الدرجة، حك وجهه بقوة كادت بجرحه ليلتقط الهواء من فمه وكأن أنفه لم تعد كافية لجعله يتنفس بشكل منتظم ليردد ببطء وألم:
_لا...
ومد يديه لها برفق ونظرات رجاء بالا تتطلع له هكذا أو تشعره بما تنجح بجعله يشعر به علي الأقل بوقت مغادرتها:
_تعالي...

تطلعت له ملياً وليديه الممدودة والخوف وعدم الثقة مازالت تتربع بين ملامحها الهزيلة، إقتربت بجسدها لتقف علي مسافة منه رافضة ان تتمسك بيديه، أطبق علي يديه بفؤاد مذبوح ليهبط للأسفل وهي خلفه، ليقف بالأسفل مشيراً للحارس الذي أتي مسرعاً ليؤمره رحيم بلهجة عادت لتحتل ثباتها وطالته الطاغية مما زاد تعجبها!:
_حضر العربية فوراً..

أشار له الحارس _تحت امرك يا باشا..
وما أن إبتعد عنه حتي توقفت السيارة بالسائق أمامهم، هبط رحيم ليفتح باب السيارة مشيراً لها بالصعود فتوقفت محاها بأرتباك لتنهيه بصعودها، أغلق باب السيارة ليشير للسائق بحذم:
_وصل الهانم للمكان اللي تحبه..
أشار له بوقار_الي تؤمر بيه جنابك..

وقبل أن يغادر إنحني رحيم علي الشرفة المجاورة لها ليرمقها بنظرة مطولة قائلاً بأنين بعث بصوته:_خلي بالك من نفسك لانك تهميني أكتر من نفسي ..
أشاحت بوجهها عنه فأستقام بوقفته لطرق علي سطح السيارة بثبات _ إتحرك..
إنصاع له السائق وخرج من القصر بصحبة معشوقة القلب ومن سكنت غرف قلب "رحيم زيدان" بعدما طبع فستانها بدمائه وكأنه يؤكد لها عشقه وإخلاصه!..

النظرات ساكنة وكأنها بلقاء علي ضوء الشموع بليلاً ينيره القمر ليشهد علي بداية لطريق العشق الزهري، تأملت عيناه ببسمة حياء وعقل مشتت تأمره بأشارات عديدة بأن تسحب العنينين نظراتها إليه ولكنه لم ينصاع إليها وكأنه سحر!...
تلك المشاكسة التي إقتحمت عالمه الجادي نجحت برسم الضحكات علي وجهه والأن تأسر قلبه رويداً رويداً، يشعر بأنه لم يعد بحاجة لوضع حواجز بينه وبينها، بقي يتأملها بشغف مثلما تتأمله فكاد بأن يحطم أخر الحواجز بينهما ولكن صدح الهاتف برنين كان له الفضل بعودتهم للواقع!، هرولت "حنين" لحمام الغرفة بصدمة من الذي حدث لتو!...

إلتقط "مراد" هاتفه ليتابعها بنظراته مردداً ببسمة هادئة:
_مجنونة...
رفع الهاتف علي أذنيه ليجده "رحيم" يطالبه للهبوط فهناك أمراً هام بحاجة لمناقشته به...
أما بداخل حمام الغرفة...
وقفت خلف الباب بأنفاس لاهثة ووجه متورد للغاية، إبتسمت بخفة وهي تمرر يدها على شفتيها برقة بالغة وكأنها تتذكر ما فعله لتو، لطمت وجهها بعدم تصديق:
_أيه اللي كان هيحصل دا؟!...
ثم عادت لبسماتها الهائمة مجدداً لا تعلم بأنها علي وشك إرتكاب خطأ ستدفع ثمنه باهظ!...

بالأسفل...
كان يجلس "رحيم" جوار "سليم" بحديقة القصر لينضم إليهم الجوكر بعد مهاتفته له...
جذب المقعد المقابل لرحيم ليجلس بأستغراب:
_أيه سر الأجتماع المريب دا...
رفع "سليم" كفه ليصافحه قائلاً بسخرية:
_مش تسلم الأول... وبعدين أنا جاي أحتفل بأنتهاء العداء بينكم
تدخل "رحيم" بالحديث بعدما نفث سيجاره الذي أصبح يرفقه كالظل متناسياً حرمته!:
_"سليم" لسه مش متأكد أننا خلاص بقينا صف واحد...

إبتسم" مراد" بخبث:_أنا حاسس أنك فرحان بالصلح دا أكتر من أي حد يا" سليم"...
إلتقط كوب القهوة ليرتشفه ببسمة تأكيد:. _الصلح دا أنا بحلم بيه من اللحظة اللي دخل فيها" رحيم" القصر دا...
ثم زفر بشرود وكأنه يرى حلمه أمام عيناه!:
_طول عمري بتمنى أشوف العيلة دي واحد بس كنت متأكد أن مستحيل دا يحصل وأنتوا بعيد عن بعض...
وأكد حديثه ببسمة صادقة _والنهاردة حلمي إتحقق وشرط "رحيم" اللي شرطه عليا لوجودي مع "ريم" معتش مضطر أني أحققه..
تذكر "رحيم" مقايضته بمعرفته المخبئ خلف مجيء آدم لمصر والزواج من شقيقته مقابل وجوده مع "ريم"...

إبتسم بسخرية فتطلع له "مراد" بمكر:_قضينا الوقت اللي فات دا كله بمراقبة بعض لدرجة أني حفظت شخصيتك أكتر من أي صديق!..
تعالت ضحكات "سليم" فأبتسم "رحيم" ساخراً علي ما كان يتم إرتكبه لأجل عدوه اللدود!...
تطلع "سليم" لساعة يديه بضيق:
_كنت أتمنى أفضل معاكم أكتر من كدا بس عندي شغل ومتنساش ترتيباتكم للشباب عشان المكان وأولهم أنهم لازم يكتبوا الكتاب قبل ما نحط البنزين جنب النار...

تطلع له "مراد" بدهشة ليسترسل "سليم" حديثه بسخرية:
_ولاد عمي وعارفهم مش محترمين وبالأخص الواد "فارس" فعشان نعيش بسلام نخلي الكل يكتب كتابه علي خطيبته...
وحمل مفاتيح سيارته مشيراً لهما بيده:
_أشوفكم بعدين...
راقب "رحيم" معالم وجه الجوكر ببسمة جانبية ترسم بالكد ليشير بيديه لحازم الذي أتي مسرعاً ليخبره "رحيم" بأن يبلغ الشباب بالقرار الذي زف بموافقتهم بالأستعداد لعقد قرانهم قبل أن يجمعهم منزل واحد...

غادر سريعاً لينفذ أوامره فأنتبه "رحيم" لشروده الغامض فقال بثبات محاولاً غدم التطفل:
_أنت كويس؟!..
رفع "مراد" وجهه إليه ليتطلع له قليلاً بصمت، مرر يديه علي رأسه بأكملها عدة مرات وكأنه يحارب الكلمات التي يريد التفوه بها ولكنه لم يستطيع فقال بلهجته الغامضة:
_أنا كنت السبب في أكبر عذاب ليك...
تطلع له بعدم فهم ليستكمل "مراد" حديثه بوضوح:
_كنت كل ما بتقرب توصل لأشجان كنت ببعدك عنها ألف خطوة، يمكن لو كنت معملتش كدا مكنش كل دا حصل وكرهتك بالشكل دا...

تبدلت ملامح "رحيم" للألم فور ذكر إسمها، وكأنها أصبحت بئراً عميق لأحزانه، تنفس بصوتٍ مسموع ليتمكن من الحديث بشعوره بأن الكلمات تختنق بداخله:
_اللي فات بقي من الماضي يا "مراد" مفيش داعي أننا ننبش في اللي فات خالينا في النهاردة...
أجابه بهدوء وهي يحاول إنتقاء كلماته بحرص فهو يعلم كيف يعشقها حد الجنون:
_لازم تعالجها نفسياً عشان تتقبلك في حياتها، علي فكرة "يارا" هي الوحيدة اللي تقدر تساعدك لأن أشجان إستجابت ليها بسرعة كبيرة...
أشار له بتأييد:
_كنت لسه بفكر في كدا...

إبتسم الجوكر ليحاول الحديث بالحقيقة الأخيرة:
_أنا ممكن أكلمها وأخليها ترجع...
ردد بأستغراب وكأنه لم يستمع لما قاله جيداً:
_تكلمها!..
أشار له بأنه لم يستمع الخطأ ليبتسم بغرور:
_نسيت أقولك أنها بنت خالتي...
تعالت ضحكات "رحيم" ليشير له بعدم تصديق قائلاً بسخرية:
_"مراد زيدان" أنت كارثة!...

شاركه الضحكات الرجولية ليتحدث بنفس طريقته:
_" رحيم زيدان" أنت أخطر عدو إتعاملت معاه وغلبني...
إبتسم بأستهزاء_لا اجمد العداء الأكبر جاي مع ولاد عم" حنين" بيخططوا ليك بمزاج...
ضيق عيناه بأستهزاء _هما دول بيعرفوا يخططوا...
أخرج" رحيم" هاتفه ليجد رسالة من العميد فوضع الهاتف جانباً ليتطلع له بخبث:
_سمعت عن حكايتك مع بنت وزير البيئة...

لوي الجوكر فمه بتهكم:
_حتى أنت!...دي ناقص تنزل علي المحور...
إبتسم بسخرية_أكيد بعد رفضك ليها بطريقة مخجلة...
خرجت "حنين" للحديقة حاملة هاتفها للبحث عن مراد حتي تقدم له الهاتف لمحادثة أبيها الذي صمم بالحديث مع "مراد"، وجدته يجلس علي الطاولة جوار المسبح فتوجهت إليه بأرتباك وتوتر فهي لا تحبذ رؤياه الأن، كادت بأن ترفع صوتها لتناديه ولكنها توقفت محلها بصدمة مما إستمعت إليه!...

أجاب "مراد" بسخط علي حديث رحيم عن تلك الفتاة التي طالبت الزواج منه علناً حينما كان مكلف بحماية والدها فقال بضيق:
_هو أنا ملزوم أني أحب كل واحدة أحميها ولا أيه؟!... وبعدين دي بنت جريئة وزبالة حاولت تتقرب مني قبل كدا كذا مرة وأنا إستحملت قرفها عشان أنجز أم المهمة دي وأخلص منها هي وأبوها...
ثم زفر بضيق _وجودي بأمريكا عرضني لمهمات مش من إختصاصي...

شاركه البسمة بسخرية علي ما حدث بينما تراجعت "حنين" للخلف بصدمة مما إستمعت إليه،ظنت بأنه يتحدث عنها فشعرت وكأن الارض لم تعد مرحبة بحملها علي سطحها، هرولت للخارج بدموع تشق الطريق علي وجهها بعد فترة طويلة إعتادت علي الضحك والمرح والأن إنعكس بألم إخترق قلبها كالأسهام المشتعلة...

ترددت كلماته علي مسماعها دون توقف فأصبحت تمقته وتمقت قلبها الأحمق الذي عشقه بجنون حتي صارت تشعر بالأختناق وكأنها حملاً مثقل علي عاتقه أو يحمله رغماً عنه فأتخذت القرار بمغادرة هذا القصر بالحال فأسرعت للخروج منه وكأنها تهرب من كلماته التي تتردد دون توقف، أوقفها أحد حرس البوابة الخارجية لقصر "رحيم زيدان" فأنتبه "حازم" لها فأسرع إليهم ليشير للحارس بحذم:
_روح أنت..

أشار له بأحترام ليغادر لموقعه بينما وقف هو أمامها واضعاً عيناه أرضاً:
_حضرتك محتاجة حاجة من بره؟...
أزاحت دموعها سريعاً حتي لا تثير الشكوك؛ فقالت بهدوء وهي تتحاشي النظر إليه:
_محتاجة حاجات شخصية ومش هينفع حد يجبهالي..
أشار لها بتفهم وهي يخرج جهاز إرساله:
_تمام بس لازم أبلغ "رحيم" باشا...
إستوقفته سريعاً:
_لا مفيش داعي هجيبها وقت تاني...

وتوجهت للداخل بيأس من هروبها من هذا المعتقل، تطلعت لأبواب القصر التي تحيطها عدد مهول من الحرس فوقعت عيناها علي الباب الجانبي لمرور الخدم فوجدته تحت زعامة حارس واحد فقط، تخبأت خلف الأشجار بأنتظار فرصة تختطفها للخروج من هذا المكان وجاءتها تركض حينما ترك الحارس محله متوجهاً للبوابة الرئيسية في شيئاً هام لتركض "حنين" للخارج بأقصى سرعة تمتلك، ركضت حتى إبتعدت عن القصر والبكاء حليفها، لا تعلم أتبكي لحطام قلبها أم لترك صديقتها وحبها خلفها، إزاحت كلمات العشق له بعدما إستمعت لحديثه، ظنت بأنه كان يتسالي بها او ربما أشفق علي حالها لا تعلم ولكن من المؤكد أن قلبها جرح للغاية...

بقصر "ريان عمران"...
كان بعودة خالها معاد لخطبتها لذا تمت الأمور علي عجلة لعودته بالطائرة للبلد التي يقطن بها، أراد "مروان" أن يحتفل بالخطبة بحفل ضخم يليق بعائلته ولكنها أخبرته بعدم رغباتها بذلك وخاصة بأنها ليس لديها سوى خالها فقط لا يعلم بأنها تفر بكافة السبل من السعادة التي تمنحها التفكير به ولو بالقليل!...
كان إحتفال عائلي بسيط بحضور إفراد العائلة وعلي رأسهم "ريان" الذي لم يحتمل رؤية أخيه يتمسك بيدها ليلبسها خاتم خطبته فعبرت ملامحه عن الكثير لها وخاصة بأنسحابه من الخطبة لتتأكد الأن بأن هناك شيئاً مجهول وعليها إستكشافه!...

بقصر "رحيم زيدان"...
بغرفة المراقبة...
صعق الحارس حينما رأي بتسجيلات المراقبة "حنين" وهي تركض مسرعة وكأن هناك ما يخيفها فحمل جهاز الأرسال ليخبر "حازم" بما حدث فأسرع ليتأكد من شريط المراقبه فحمل اللاب وأسرع للأسفل...
كان مازال يجلس معه ليتفاجأ بحازم الذي وضع الحاسوب أمامهم ليلتقط أنفاسه وهو يتحدث بصعوبة:
_"حنين" هانم هربت من القصر...
جحظت عين"مراد" قائلاً بصدمة:
_أيه؟!...

جذب"رحيم" الجهاز ليتأكد من الفيديو المسجل فأشتعل غضبه ليصيح بصوتٍ جمهوري:
_وأنتوا كنتوا فين؟!.
أجابه بخوف بدي بلهجته المرتكبة:
_أنا رفضت انها تخرج من غير ما أبلغ حضرتك بس هي غيرت رأيها.
أشار له بغضب _انت لسه هتشرحلي أطلع بسرعة انت والحرس لازم تلقوها فوراً..

أطبق مراد علي معصمه بقوة كادت ببترها فأشار له رحيم كمحاولة لبث الأطمئنان بقلبه _متقلقش هي مستحيل تكون بعدت عن هنا...
أجابه بسخرية مؤلمة_دا لو مكنش ولاد عمها وصلولها
هرع "حازم" تجاه الحرس ليصعد كلاً منهم سيارته ليسرع "مراد" هو الأخر مستقل أحد السيارات بقلق كاد بأن يقتله ليخرج بسرعة مهولة من القصر فلحق به "رحيم" هو الأخر...

كانت تجلس علي الأستراحة بالشارع الجانبي بعدما ركضت عن القصر مسافات كبيرة، أزاحت "حنين" دمعاتها بأنكسار لتجر شعورها بالخذلان خلفها فنهضت لتكمل طريقها التي إختارته وقررت المضي به بناء علي سماعها لحديث مرهف غير مكتمل!..

نهضت عن المقعد وتقدمت بخطوات غير مرتبة وكأن حركاتها عاقت عن المشي، صرخت فزعاً حينما إنعطفت أمامها سيارة سوداء اللون لتسد طريقها ومن حولها عدد من السيارات فشلت بتحديدها لتوترها، إنقبض قلبها فتمسكت بطرف فستانها وكأنه سيبعث الطمأنينة إليها!...
إتفتح باب السيارة لترى "مراد" من أمامها بعينين لا تنذر نظراتها بالخير أبداً!...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة