قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل السادس

قال هشام بسخرية:
حبيب القلب هيتجوز بكرة.
نظرت إليه رحمة في صدمة قائلة:
إنت بتقول إيه؟
إقترب منها يقول بإبتسامة ساخرة باردة الأحرف:
بقول إن يحيى فرحه بكرة وتعرفى مين عروسته؟
مزقتها صدمة ذلك الخبر، يحيى سيتزوج غدا، بعد مرور أيام على زواجها من أخيه، ألم يعشقها يوما، ألم يخبرها أنه يذوب في هواها، كيف إستطاع نسيانها بتلك السرعة، كيف؟لتفيق من صدمتها على سؤاله الساخر وهو يقول:.

مش عايزة تعرفى إسم العروسة؟، على فكرة، إنتى تعرفيها كويس.
أغمضت عينيها، لا ليست بشرى، تلك التي تكرهها من كل قلبها، تعلم منذ صغرها أنها تكن لها نفس الشعور لتفتح عينيها في ذهول على كلمات هشام التالية:
العروسة تبقى راوية، أختك.
قالت بنبرات مرتعشة:
كددداب، مستتتحيل، راوية؟
أخرج من جيبه كارت دعوة ألقاه بوجهها قائلا:
إقريه يمكن ساعتها تصدقينى.

إنحنت تأخذ الكارت من على الأرض، تفتحه بيد مرتعشة لتقع عيناها على إسم العريس، يحيى الشناوي، حبيبها الخائن الذي تزوج بعد أيام من وعده إياها بالزواج، لتصل عيناها لإسم العروس، راوية الشناوي، أختها، أغمضت عينيها في ألم، تدرك أنه يعاقبها على زواجها التي أجبرت عليه، بزواجه من أختها، وياله من عقاب، أفاقت على قبضة هشام التي أمسكت بذراعها وهو يقول بنبرات كالفحيح:.

جوازه نجاه منى، انا كنت خلاص بفكر أقتله بسبب حبك ليه، حتى تصديقه لخيانتك و جوازنا قصاد عنيه وهو واقف مفكرش حتى يعترض، كل ده مقدرش يمحى حبه من قلبك، لكن جوازه خلانى عرفت إنك ولا حاجة بالنسبة له، وبتهيألى انتى كمان عرفتى ده، فالمفروض دلوقتى تنسيه، بإرادتك أو غصب عنك، بس لازم تكونى متأكدة إنك هتنسيه هتنسيه، لإنك مراتى أنا، حبيبتى أنا، مفهوم؟

كان يضغط على ذراعها بقوة، يؤلمها بشدة ولكن ألمها الأكبر نبع من أعماقها التي أدركت بالفعل أنها لم تعنى ليحيي شيئا.

، إستيقظت رحمة تشعر بألم شديد بصدرها، فتحت عينيها لتجد نفسها جالسة على ذلك الكرسي الهزاز تضم هاشم إلى صدرها، شعرت ببعض الراحة بعد أن كانت تشعر بذلك الألم في قلبها والذي يجلبه تجدد تلك الذكرى في أحلامها، نهضت ووضعت الصغير في سريره، ليفتح عينيه الجميلتين وتراهما رحمة لأول مرة، كم تشبه عيناه عينا أبيه، يحيى، ليبتسم وتظهر غمازتيه بدورهما، كتلك الغمازتين الخاصتين بيحيي تماما، لتدرك ان هاشم قطعة من أبيه، أغمضت عينيها عن صورته التي تمثلت أمامها ثم فتحتهما مجددا لترى هاشم قد عاود النوم مجددا، إبتسمت في حنان، ثم ربتت على رأسه ومالت تقبله قبلة خفيفة على وجنته قبل أن تتجه خارجا لتغادر الحجرة، لتتوقف و تلقى عليه نظرة أخيرة قبل أن تغلق باب الحجرة، بهدوء.

ألقى مراد نظرة على بشرى النائمة بعمق إلى جواره، قبل أن ينهض ويتجه إلى شرفة الحجرة، يقف ناظرا إلى الحديقة بشرود، أخرج من جيبه علبة سجائره والتي لا يلجأ إليها سوى عندما يكون في قمة توتره، ليشعل منها سيجارة وينفث دخانها ناظرا إلى الأفق البعيد، لم يستطع النوم بتاتا، يفكر في ما سمعه البارحة من راوية وطلبها من أخيه الزواج من رحمة، ليشعر بقلبه يشتعل نارا، نارا أحرقته مجددا وهو يتخيلها زوجة ليحيي، ماالذى يحدث له؟ألا يكفيهم عذابه الذي عاش فيه لسنوات وهو يدرك انها أصبحت زوجة لأخيه الأصغر هشام، الآن يريدونها زوجة لأخيه الأكبر يحيى؟وماذا عنه، ماذا عن مشاعره التي يحملها لها، نعم لقد أدرك البارحة انها مازالت تحتل قلبه، الذي إستكان بإستكانتها داخل صدره واشتعل غيرة وهو يتخيلها ملكا لأخيه، إذا ماذا سيفعل إن كانت لأخيه فعلا، أطفأ سيجارته في منفضة السجائر، يرفض أفكاره ويبعدها بعيدا، فمن الواضح أن أخاه رافضا لذلك الطلب، ولن يقبل به، لذا فليطمأن قلبه الثائر في صدره، ليعود ويفكر، إن لم تكن ليحيي فيوما ما ستكون لغيره، ربما عليه الإسراع وعرض الزواج عليها، لتظهر صورة شروق في تلك اللحظة ماثلة أمامه، عقد حاجبيه وهو يشعر بالحيرة، يتساءل، ماذا عن شروق؟، هل سيستطيع التخلى عنها من اجل رحمة، وماذا عن بشرى أيضا، هل سترضى ان تكون رحمة زوجته، رحمة التي تكرهها من كل قلبها؟وماذا عن رحمة نفسها هل ستوافق؟أحس بالإضطراب، بحيرة قاتلة وهو لا يجد إجابة لأي سؤال من تلك الأسئلة التي طرحها عقله عليه، ليزفر بقوة ثم يتجه إلى الداخل ليبدل ملابسه وينزل إلى حجرة الطعام، ربما وجد الراحة هناك، مع رحمة، بالأسفل.

كادت رحمة ان تتجه إلى جناح أختها لتطمأن عليها، ولكنها نظرت إلى ساعتها التي تشير إلى السابعة صباحا، تدرك ان الوقت مازال مبكرا وربما كانت نائمة الآن وإلى جوارها يحيى، وعلى الرغم من أنها تدرك أن هذا شئ طبيعي إلا ان مجرد تخيله يمزق قلبها ألما، إلى جانب شعورها بأنها لن تتحمل أن تواجهه بعد ما حدث البارحة ومعرفته بإقتراح أختها، بل وصيتها ورغبتها الأخيرة كما تردد، هبطت رحمة إلى الأسفل، لتفاجئ بمراد جالسا في حجرة الطعام لتبتسم قائلة:.

صباح الخير.
خفق قلبه لإبتسامتها ليبتسم بدوره قائلا:
صباح النور.
جلست إلى جواره قائلة:
الظاهر إن مش أنا لوحدى اللى صحيت بدرى.
نظر إليها يتأمل ملامحها بطريقة أربكتها قائلا:
لأ، مش لوحدك.
إبتلعت ريقها قائلة في إرتباك:
إحمم، هي، بشرى مراتك فين، وأخبارها إيه؟أصل، يعنى، مشفتهاش إنبارح لما جيت.
كاد مراد أن يتحدث ولكن قاطعه صوت بشرى الذي يحمل سخرية داخل طياته وهي تجيبها قائلة:.

موجودة ياحبيبتى، والله فيكى الخير وبتسألى عنى، حمد الله ع السلامة.
مازالت بشرى كما هي، حقود، غيور منها، تكرهها وبشدة، هذا ما فكرت فيه رحمة وهي تلتفت إلى بشرى الواقفة أمامها بثبات لتقول بهدوء:
الله يسلمك يابشرى، إزيك؟
قالت بشرى بإبتسامة باردة:
بخير يارحمة، إيه مش شايفة بنفسك؟
إبتسمت رحمة ببرود قائلة:
لأ شايفة طبعا، حقيقى متغيرتيش، لسة زي ما إنتى، بشرى بتاعة زمان.

إبتسم مراد بداخله وهو يتذكر كلمات رحمة عن بشرى والتي ذكرته جملتها الأخيرة بها فقد كانت دائما تقول عنها(بشرى كتلة جنان)، مما كان يثير غيظ بشرى وحقدها على رحمة أكثر لتكفهر ملامح بشرى وتظهر نظرة غل في عيونها كما تظهر تماما الآن، ليبدو أنها تتذكر كلمات رحمة بدورها، كادت أن ترد عليها حين إستمعوا إلى صوت يحيى الذي صرخ بإسم راوية في لوعة، لتنتفض القلوب رعبا وهم يدركون معنى صرخته، لينطلقا بإتجاه حجرته يتآكلهما القلق، فيما عدا بشرى التي تابعتهما، وفى عيونها إرتسمت نظرة إنتصار وعلى شفتيها ظهرت إبتسامة، وهي تقول بهمس:.

وأخيرا.

قالت علا بصوت خافت موجهة حديثها إلى بشرى الجالسة بجوارها تنظر إلى رحمة بحقد:
خفى يابشرى، مش كدة، الستات أخدت بالها منك.
زفرت بشرى وهي تنظر إلى علا قائلة في همس حاد:
غصب عنى، إنتى مش شايفة ستات العيلة عاملين معاها إيه، وكأنها مبعدتش عنهم بمزاجها سنين، وكأنهم نسيوا إنى انا اللى كنت بزورهم وبودهم وبعملهم الحفلات وبجمعهم، سايبينى أنا وقاعدين حواليها بيواسوها، هتشل يا علا، هتشل.
قالت علا بهدوء:.

إهدى بس وإسمعينى، هي أخت المرحومة راوية والطبيعى يكونوا بيواسوها اكتر لإنها الاقرب ليها واللى باين حزنها عليها، إنتى مش شايفة دموعها و حالتها عاملة إزاي، دى لا أكل ولا شرب ولا نوم، تحسيها هيجرالها حاجة.
نظرت بشرى إلى علا في حدة قائلة:.

حتى إنتى يا علا بتصدقى الحركات بتاعتها دى، هو انا مش ياما كلمتك عنها، دى تمثيلية ياعلا، تمثيلية قصدها تكسب بيها عطف العيلة وشفقتهم، وعطف يحيى ومراد طبعا، دى حرباية وعارفة إزاي تتلون بألف لون.
قالت علا بهمس:
وأهى خطتها نجحت والكل متعاطف معاها، إتعلمى منها بقى ياحبيبتى ومثلى شوية، الناس بيبصولك.

نظرت بشرى بالفعل إلى محيطها لتجد بعض النسوة ينظرون إليها تبدو على ملامحهم الإستنكار، لتشعر ان علا على حق، يجب ان تبدأ التمثيل الآن وحالا وإلا ستكون سيرتها غدا على كل لسان في تلك العائلة التي تكرهها من كل قلبها، عائلة الشناوي.
لتدمع عيناها على الفور وهي تستحضر كل قدراتها التمثيلية، لتصرخ بلوعة قائلة:
ياحبيبتى ياراوية، ملحقتيش تفرحى بهاشم جوة حضنك، كنتى أخت، والله كنت أخت، ربنا يرحمك ياحبيبتى يارب.

ظهر الحزن على وجوه الجميع وهم يقولون آمين، وبدأت بعض النسوة تتجه إلى بشرى تطلب منها الصبر وذكر الله، يواسونها على مصابها وهي تبكى وتقول:
قدر الله وما شاء فعل، ربنا يرحمها برحمته، وحشتني من دلوقتى.

لتتلاقى عيناها بعيني علا التي ضمت السبابة والإبهام رافعة اصابعها الثلاثة علامة الكمال خفية، لتكاد بشرى ان تبتسم في إنتصار ولكنها أخفت تلك الإبتسامة بسرعة لتلتقط رحمة ما حدث وتهز رأسها في يأس، تمد يدها لتمسح دموعها المتساقطة على وجهها قائلة في ضعف:
ربنا يرحمك ياراوية.

، إنفضت النسوة وإنتهى العزاء، لتقترب روحية من رحمة قائلة في حنان:
قومى ياست رحمة، كلى لقمة وإرتاحى شوية، كدة مش كويس علشانك.
قالت رحمة بضعف:
مش قادرة ياروحية آكل، أنا هقوم أرتاح في أوضتى.
قالت روحية بإصرار:
مينفعشى ياستى، إنتى مكلتيش حاجة من ٣ أيام، مفيش حد يقدر يعيش من غير أكل.
قالت رحمة بضعف:
مش قادرة احط حاجة جوة بطنى، من فضلك ياروحية سيبينى براحتى.
قالت روحية:
بس...
قاطعتها بشرى قائلة بحدة:.

ما قالتلك مش قادرة، خلصنا بقى، هو إحنا هنترجاها تاكل، ما إنشالله ما أكلت، دى حاجة تإر...
هدر صوت يحيى من خلفها مقاطعا إياها وهو يقول:
فيه إيه، بتزعقى كدة ليه يابشرى؟
نظر الجميع إلى يحيى الذي دلف لتوه من باب المنزل يبدو عليه الإرهاق بدوره وقد إستطالت ذقنه وظهر السواد حول عينيه، يتبعه مراد، لتقول بشرى متلعثمة:
مبزعقش ولا حاجة، أنا بس، أنا...

ليتجاهلها يحيى تماما وهو يلقى نظرة على وجه رحمة الشاحب بشدة، ينتابه القلق من مظهرها الضعيف، يخشى ان تكون بشرى قد ضايقتها بكلامها ويدرك من إطراقة رأسها أنها لن تتحدث، ليقول موجها حديثه إلى روحية قائلا:
فيه إيه ياروحية؟
قالت روحية في إحترام:
رحمة هانم مكلتش يايحيى بيه وانا كنت بنبهها إنها لازم تاكل قبل ما تطلع اوضتها بس هي رفضت زي كل يوم.
إتسعت عينا يحيى في صدمة وهو يوجه حديثه إلى رحمة قائلا:.

إنتى مكلتيش من إمتى يارحمة؟
رفعت إليه عينان ضرب كل من ضعفهما ودموعهما قلبه في مقتل وهي تقول بصوت خافت:
مليش نفس، مش عايزة آكل.
إقترب منها قائلا بقلق حازم:
أنا بسألك سؤال تجاوبينى عليه، مكلتيش من إمتى؟
قالت روحية بسرعة:
من ساعة المرحومة راوية هانم ما ماتت، من ٣ ايام يابيه.

نظر يحيى إلى روحية بصدمة ثم عاد بنظراته إلى رحمة التي بدأت تشعر بدوار خفيف، تود في تلك اللحظة ان تهرب إلى أمان حجرتها تدرك ان كل العيون عليها وهذا يصيبها بالتوتر والضيق، خاصة عيون هذا الرجل الواقف أمامها، لتسمع صوت بشرى وهي تقول بحدة:
إنتوا مكبرين الموضوع أوي على فكرة، إيه يعنى مكلتش، دلع ماسخ بصراحة.
إلتفت يحيى إلى بشرى قائلا بصرامة:
إنتى بالذات تسكتى خالص ومسمعش صوتك، مفهوم؟

نظرت بشرى إليه بصدمة ثم نظرت إلى مراد الذي كان يتابع ما يحدث بملامح جامدة صامتة، لتشعر بالغضب يهز كيانها لتضرب الأرض بقدميها في حنق قبل أن تتركهم وتتجه إلى حجرتها بخطوات سريعة غاضبة تتابعها الأعين لينتفض يحيى على صوت روحية وهي تقول برعب:
إلحق يايحيى بيه.

ليلتفت يحيى إلى رحمة التي كادت أن تسقط أرضا ليسندها بذراع صلبة قبل أن ينحنى ويحملها بين يديه وقد ظهر الجزع على ملامحه، يدرك أنها أغشي عليها، ليصرخ بروحية قائلا:
هاتى بيرفيوم من أوضتى وحصلينى على أوضتها بسرعة ياروحية، رحمة مستحيل تروح منى تانى.

أسرعت روحية تنفذ اوامر يحيى بينما وقف مراد عاجزا، كاد أن يذهب وراءهم ولكن إكتشافه الذي مزق كيانه الآن، أصابه بالذهول ليشعر بالإختناق، ليقرر أنه لابد وأن يذهب إلى المكان الوحيد الذي يشعر فيه بالراحة، لذا غادر المنزل متجها بكل حسم، إلى شروق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة