قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الرابع والعشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الرابع والعشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الرابع والعشرون

تأملت بشرى ملامح تلك السيدة جيدا تلاحظ هذا التشابه بينها وبين غريمتها، لتدرك سر كره الجد هاشم لرحمة فهي تذكره بمن خانت إبنه وقضت عليه كلية، بينما تأملتها تلك السيدة بدورها، لتقطع حاجز الصمت وهي ترفع حاجبها الأيسر قائلة:
شبه رباب يابشرى، في الشكل بس، إنما الطبع، فحاجة تانية خالص، غالبا طالعة لأبوكى محسن الدرملى.
إبتسمت بشرى قائلة بثقة:.

يشرفنى إنى أبقى شبه ماما في الشكل لكن مختلفة في الطبع يابهيرة، لإنى لو كنت طلعت زيها، كنت مخدتش حقى وضاع زي ماهي ضاع حقها، لكن بابا عرف ياخد حقه كله.
جلست بهيرة وهي تضع قدما على قدم تخالف حركتها تلك مظهر ملبسها البالي، وهيئة منزلها المتواضعة جدا، وهي تقول بسخرية:
وفى الآخر ضيعه على القمار ومات في حادثة عربية.

نظرت إليها بشرى شذرا ثم تجاهلتها تماما وهي تنظر إلى أركان المنزل وأثاثه البالي، لتدرك وضع بهيرة المالى بكل سهولة، لاحظت بهيرة نظراتها لتقول بسخرية:
عفش البيت مش عاجبك صح؟أعمل إيه بقى، ماهو لو كان خالك كتبلى حاجة بإسمى قبل مايموت، كنت عرفت أشترى بيت حلو في حتة راقية.
نظرت إليها بشرى قائلة بسخرية:
كنت عايزة تخونى خالى وتهربى مع السواق ويكتبلك كمان أملاك بإسمك، تؤ تؤ تؤ، كنتى فاكراكى أعقل من كدة.

إبتسمت بهيرة ببرود وهي تنظر إلى عيون بشرى مباشرة قائلة:
الحال من بعضه يابشرى، قوليلى بقى إتجوزتى مين في ولاد خالك؟ومستنية منه إيه؟
نظرت إليها بشرى بإضطراب لم يدم سوى ثانية ولكنه كان كافيا لتلاحظه بهيرة، لتتمالك بشرى نفسها قائلة:
أنا عمرى ماهبقى زيك يابهيرة، إنتى لعبتيها غلط، وخسرتى كل حاجة في النهاية، أنا بقى بلعبها صح، وبكرة تشوفى إن أنا اللى هكسب في الآخر.
زفرت بهيرة قائلة في ملل:.

إختصرى يابنت رباب. وقولى جايالى ليه وعايزة منى إيه؟
قال بشرى في هدوء:
رحمة.
إعتدلت بهيرة قائلة بلهفة:
سألت عنى؟عايزانى؟طلبت أرجعلها، طيب مجتش معاكى ليه؟
إبتسمت بشرى بسخرية قائلة:
رحمة مين اللى تيجى معايا؟، رحمة أصلا مش طايقة تسمع إسمك، عملتك السودة أثرت على حياتها عمر بحاله، وخليتها منبوذة من الكل، معتقدش حتى إنها حابة تشوفك.

ظهرت خيبة الأمل على وجه بهيرة لتتخلى عنها في ثوانى وهي تعود لتضع قدما فوق الأخرى وهي تقول ببرود:
أمال إيه اللى جابك يابشرى؟، وياريت تتكلمى علطول من غير لف ولا دوران.
جلست بشرى قائلة في هدوء:
الموضوع مصلحة هتطلعى منها بمبلغ محترم، هيعيشك عمر بحاله مرتاحة ومش محتاجة لحد.
نظرت إليها بهيرة وقد بدا على ملامحها الإهتمام قائلة:
مصلحة إيه دى؟
إلتمعت عيون بشرى بخبث وهي تقول:.

مصلحة هنضرب بيها عصفورين بحجر واحد وأنا واثقة إنك مش هتطلعى منها خسرانة، أبدا.

كانت رحمة تهدهد هاشم، تشعر به كما لو كان طفلها هي كما قال يحيى، نعم تمنت لو أنجبت طفلا من يحيى يحمل قطعة منها ومنه، ولكنها إرادة الله، إرادته أن لا تنجب أطفالا، لكنه عوضها عن حرمانها من الإنجاب بهاشم، ذلك الطفل الذي تعشقه وتشعر به كما لو كان لها تماما، قبلته في رأسه بحنان فضحك ضحكة خافتة إبتسمت على إثرها، لتدندن له بكلمات أغنيتها المفضلة قائلة:.

ماما زمانها جاية، جاية بعد شوية جايبة لعب وحاجات.

تذكرت أختها في تلك اللحظة لتترحم عليها في سرها وتعدها ان تكون أما حقيقية لطفلها بينما تتذكر كلمات تلك الأغنية التي ترجعها لطفولتها، تلك الأغنية التي كانت تتمنى لو سمعت مثلها يوما من أمها، أمها التي هجرتها دون أن تنظر مرة إلى الوراء، لم تتساءل كيف أصبحت طفلتها، أو كيف تعيش؟شعرت بالحزن في أعماقها لتنفضه بسرعة وهي تضم هاشم إليها بحنان تغمض عينيها و تكمل تلك الأغنية التي يبدو وكأنه أحبها مثلها قائلة:.

جايبة معاها شنطة فيها وزة وبطة بتقول واك واك واك.
لتمد يدها تمسح دمعتها التي سقطت منها وهي تستطرد بصوتها العذب قائلة:
عارف الواد اللى إسمه عادل جا الدكتور وعمله إيه؟
لتنزل دموعها في صمت وهي تقول بصوت مختنق:
لقى رجليه كانوا زي البتلة بص شوية جوة عنيه.
إستمعت إلى صوته الهامس وهو ينادى إسمها بصوت مختنق بدوره قائلا:
رحمة.

فتحت عيونها تنظر إليه ليتوقف الزمن للحظات، يإن قلبه لمرأى دموعها ويإن قلبها لإنه يراها دائما في لحظات ضعفها، ليقترب منها حتى وقف أمامها تماما، تتابعه بعينيها، مد يده ليأخذ هاشم منها ليقول هو بصوت حان:
أنا مش قلتلك إن هاشم هو إبننا، وإن الموضوع ده مش لازم يقلقك أو يخلى دموعك تنزل بسببه، مش قلتلك إن دموعك دى بتوجعنى، ليه مصرة توجعينى يارحمة؟، ليه مصرة تخلينى أحس بعجزى لإنى مش قادر أسعد قلبك؟..

وضعت يدها على فمه تقول بصوت قاطع النبرات:
انا محستش بالسعادة غير لما بقيت ملكك يايحيى، محستش بطعم الفرحة غير وأنا معاك، إنت وبس.
قبل يدها بحنان لتخفضهم مستطردة:
أنا بس وجعى كبير، وغصب عنى بوجعك بيه، صدقنى غصب عنى أنا مستحيل أوجعك عن قصد يايحيى.
رفع يده الحرة والتي لا تحمل طفله يمررها على وجهها قائلا بحنان:
وإيه اللى واجعك ياقلب يحيى؟

أطرقت برأسها أرضا ليقبل يحيى وجنة الصبي بحنان ثم أنزله أرضا ليذهب إلى ألعابه وينشغل بها، بينما مد يحيى ذراعه ليضم رحمة إلى صدره قائلا بحنان:
فضفضى باللى في قلبك، صارحينى باللى جواكى ومتخبيش حاجة علية.
إستكانت بين ذراعيه لتتنهد بضعف وهي تقول بصوت متهدج النبرات:.

إفتكرت ماما يا يحيى، وإزاي سابتنى وهربت، ومبصتش للحظة وراها، ولا سألت علية، مفكرتش للحظة في بنتها وأحوالها، مسألتش نفسها، ياترى عايشة أو ميتة، وجعنى قلبى على نعمة بتمناها ومش طايلاها، ربنا رزقها بيها وهي رفضتها وإتخلت عنها بكل سهولة.

مرر يحيى يده على ظهرها صعودا وهبوطا مهدئا إياها وهو يشعر بالمرارة في حلقه، يود لو يخبرها حقيقة أمها الأكثر بشاعة لتنساها كلية، ولكن يخشى تأثير تلك الصدمة عليها، يود لو يأخذ ألمها بعيدا ولكنه يظل عاجزا أمام حجم مصابها، فوجعها أكبر من أن يمحيه في لحظات او أيام، تلزمه سنوات ليستطيع رأب صدوع قلبها ليعود تماما كما كان، ليهمس لها قائلا:.

أنا عايزك تنسى الماضى بكل ألمه يارحمة وتركزى بس في حياتك اللى إنتى بتعيشيها دلوقتى، عايزك تحاولى تنسى كل حاجة ممكن تسببلك وجع وتفكرى بس في الحاجات اللى ممكن تسعدك، أنا عايزك ترجعى رحمة بتاعة زمان.
إبتعدت عن حضنه تنظر إليه بأمل يمتزج بالحزن قائلة:
تفتكر ممكن أرجع رحمة بتاعة زمان يايحيى بعد كل اللى شفته ومريت بيه؟

تأمل ملامحها الطفولية التي تتعلق سعادتها بكلماته التي ستخرج من شفتيه الآن ليبتسم قائلا بحنان:
أوعدك إنى أرجعلك ضحكتك اللى راحت وعيونك اللى كانت بتلمع، وأشفيلك قلبك من كل جروحه، طول ما أنا عايش وفية نفس يارحمة.
أغروقت عيناها بدموع السعادة التي إرتسمت على شفتيها بإبتسامة خلابة قبل أن تندفع إلى حضنه تضمه بقوة ليضمها بدوره، تتسع إبتسامته حين قالت بنبرات خرجت واثقة تمتلئ بنبرات العشق الممتزج بالسعادة:.

أنا بحبك أوي، بحبك أوي يايحيى.

إتسعت عينا بهيرة في صدمة لتنهض قائلة بإستنكار:
وإيه اللى يخليكى واثقة أوي إنى ممكن أشترك معاكى في حاجة زي دى، إنتى ناسية إن اللى هتنضر دى بنتى؟
نهضت بشرى بدورها وهي تقول بسخرية:.

اللى خلانى متأكدة سنين عمر بنتك اللى محاولتيش فيهم مرة واحدة تشوفيها، اللى خلانى متأكدة المعلومات اللى قريتها عنك في الفايل اللى يحيى جمعه عنك لما حاول يفاجئ رحمة في عيد ميلادها العشرين ويجمعها بمامتها، المعلومات اللى ساعدتنى كتير في إنى أفرق بينهم بعد ما قريتها، وأبين ليحيي إن رحمة زي مامتها تمام، بتمشى ورا غرايزها وبس، وزي ماكنتى السبب في فراقهم زمان هتكونى السبب في فراقهم دلوقتى، وكل ده في سبيل مبلغ هيعيشك العمر كله مرتاحة، على الأقل مش هتضطرى تشتغلى تانى، خصوصا إن الشغل دلوقتى قليل ومش زي زمان، ولا إيه؟

أطرقت بهيرة برأسها للحظات قبل أن ترفع وجهها إلى بشرى قائلة بهدوء:
وتفتكرى الحيلة دى ممكن تمر على يحيى مرتين؟
تحولت ملامح بشرى الجميلة في ثوان إلى ملامح شريرة وهي تقول في حقد:
حبه ليها وغيرته عليها هيعموه، وساعتها هيطلقها وتغور في ستين داهية.
قالت بهيرة بقلق:
وتضمنى منين إنه مش هيإذيها؟
قالت بشرى ومازالت نبراتها مغلفة بالحقد:.

رغم إن قلقك ده متأخر شوية بس هقولك ليه أنا ضامنة إنه مش هيإذيها، لنفس السبب اللى قلتلك عليه، بيحبها ومش هيطاوعه قلبه يإذيها.
قالت بهيرة بحيرة:
ولما هو بيحبها كدة وهي بتحبه زي ما قلتيلى، ليه مش
سايباهم في حالهم، يهمك في إيه تفرقيهم؟اللى يسمعك كدة يقول إنك...
لتصمت بهيرة وعيونها تتسع في دهشة:
إنتى بتحبى يحيى؟
قالت بشرى بغضب:.

خليكى في حالك يابهيرة ومتدخليش في اللى ملكيش فيه، حياتى خط أحمر بالنسبة لك، ولو حشرتى مناخيرك فيها هتواجهينى، وإنتى متعرفنيش كويس، اللى يقف في طريقى بفرمه، مفهوم؟
رغما عنها أحست بهيرة بالخوف من تلك المرأة لتقول بصوت خرج رغما عنها مرتعش:
مفهوم، طيب هيكون تبريرى إيه لرحمة لو سألتنى عن سبب بعدى عنها السنين دى كلها، وعدم سؤالى؟
هدأت ضربات قلب بشرى الغاضبة وهي تقول في هدوء:
هقولك،.

لتفتح حقيبتها تخرج منها رزمة مالية وتقدمها لبهيرة التي إلتمعت عيونها لمرأى المال وبشرى تستطرد قائلة:
خدى دول الاول ظبطى بيهم نفسك، إشترى هدوم وحاولى تظهرى بمظهر كويس، إنتى مش بس مامة رحمة، إنتى حماة يحيى الشناوي.
قالت بهيرة:
عندى هدوم لزوم الشغل.
إبتسمت بشرى بسخرية قائلة:
يعنى مش عايزة الفلوس؟
لمعت عينا بهيرة جشعا قائلة:
لأ طبعا، هاتيهم.

رن هاتف بشرى لتنظر إليه وتلتمع عيناها ثم تنظر إلى بهيرة بسخرية وهي تأخذ المال لتقول بهدوء:
أنا مضطرة أمشى دلوقتى، لكن هستنى منك تليفون النهاردة تقوليلى إنك خلاص هناك، في فيلا الشناوي، عشان نظبط أمورنا، الكارت ده فيه كل أرقامى، أنا عايزة الموضوع ده يخلص بأسرع وقت، مفهوم؟

أومأت بهيرة برأسها وهي تتناول منها هذا الكارت، لتنظر إليها بشرى نظرة أخيرة حازمة قبل أن تبتعد مغادرة المنزل بسرعة، تتابعها عيون بهيرة التي نظرت إلى محتوى الكارت تقرأ إسمها بهدوء قائلة:
بشرى الدرملى.
لتبتسم في سخرية وهي تستطرد قائلة:
آل وأنا كنت فاكرة نفسى وحشة، ده الدنيا دى مليانة بلاااوى.

رن جرس الباب عند شروق لتبتسم وهي تدرك أن الطارق لابد أن يكون تلك الصديقة التي نسيت هاتفها لديها ولابد أنها عادت لإسترجاعه عندما إفتقدته، لتفتح الباب قائلة:
عارفة...
لتصمت وقد بهتت إبتسامتها وهي ترى أمامها هاتان السيدتان المتشحتان بالسواد واللتان ترمقاها بنظرات لا تريحها على الإطلاق، لتبتلع ريقها بصعوبة وهي تقول:
أفندم، أي خدمة؟
قالت إحداهما بصوت متحشرج قليلا:
إنتى شروق عبد الفتاح.
قالت بقلق:.

أيوة...

لم تكمل كلماتها والمرأة الأخرى تدفعها للداخل، كادت أن تصرح ولكن تلك المرأة كممت فاهها بقوة بينما إندفعت الأخرى لتكيل لها الضربات، لتتسع عينا شروق من الألم والخوف على جنينها، تدرك أنها وجنينها هالكين لا محالة، إن إستمرت تلك السيدة بضربها على هذا النحو، حاولت المقاومة بكل قوتها للدفاع عن نفسها ضد هذا الإعتداء التي لا تدرى له سببا، لتزيد تلك المرأة من تكميمها وإحكام ذراعيها حولها، بينما يزداد عنف الأخرى تجاهها، أحست شروق بالألم ينهكها، يقتلها ببطئ، تدرك الآن أن طفلها قد هلك، تشعر به صريعا بداخلها، تسيل دماؤه على ساقيها لتشعر فجأة بالإستسلام لموت صارت تشم رائحته، يدنوا منها بشدة، لتغمض عينيها وتتركه يأخذها ليرحمها من، ألمها.

ضربت نهاد رأسها بخفة وهي تتذكر أين تركت هاتفها الذي تبحث عنه منذ عدة دقائق دون جدوى، لقد تركته في منزل صديقتها شروق، لتنظر إلى الساعة ثم تلتفت وهي تسرع بخطواتها لتعود أدراجها إلى حيث منزل صديقتها القريب والتي لم تبتعد عنه كثيرا، لتحضر هاتفها حتى تحادث رأفت وتخبره أين يلقاها، إقتربت من المنزل لتجد إمرأتين متشحين بالسواد يهرولان من بوابته بإتجاه سيارة حديثة تقف على مقربة من المبنى ليصعدوا إليها بسرعة، وتبتعد السيارة عن المنزل ولكن ليس قبل أن تلمح نهاد سائقتها التي بدت غريبة عن تلك السيدتين بجمالها وأناقتها، لتهز كتفيها في حيرة قبل أن تصعد درجات السلم وتقترب من شقة شروق لتعقد حاجبيها بشدة وهي ترى الباب مفتوحا، دلفت إلى الشقة لتتسع عيناها بشدة وهي ترى صديقتها شروق مسجاة على الأرض غارقة بدمائها، لتقترب منها في هلع ترفع وجها من على الأرض وهي تهتف قائلة بجزع:.

شروق، ردي علية ياشروق، مين اللى عمل فيكى كدة، ده انا لسة سايباكى من شوية، شروووق.
لم تجد منها إستجابة لتنفض صدمتها بسرعة وهي تبحث عن هاتفها، تبحث عن رقمه بأصابع مرتعشة لتتصل به صارخة برعب:
رأفت، إلحقنا يارأفت.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة