قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الثائر للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث عشر

رواية الثائر للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث عشر

رواية الثائر للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث عشر

كانت قُدس جالسة على الأرجوحة الخشبية في الشرفة وتضم قدميها لصدرها ومُغمضة العينين، شاردة في ما حدث منذ قليل...

أبتعدت عنه وأشاحت يده بعيدًا عنها ثم رمقته بتعجب شديد وقالت: -
- بتحبنى! بتحبنى رغم الكره اللى لك جوايا. بتحبنى وأنا بكرهك وبكره قُربك منى.

تبسم بخفوت إليها، رفع يده مُجددًا ووضع خصلات شعرها خلف أذنها بلطف ثم همس إليها بنبرة دافئة: -
- اه بحبك حتى وأنتِ بتكرهينى وأنا خابر زين كيف هخرج الكره دا وهحوله لحب، أنتِ عاوزة جاتل أبوكى، وأنا هجبلك جاتل أبوكى بس بشرط.

رفعت حاجبيها له مُستغربة وسألته بأستنكار: -
- شرط!..
- جاتل أبوكى هيبجى مهرك يا قُدس، لما أجبهولك تعيشِ العمر كله ويايا
صمتت دون أن تجيبه، وقفت من مكانها ليمسك يدها بلطف قبل أن ترحل فنظرت قُدس إليه بصمت، قال ثائر بلطف: -
- توعدينى!
- مقدرش، مقدرش أوعدك بحاجة معرفهاش، معرفش وقتها إحساسى وشعورك نحوك هيبقى عامل أزاى، معرفش وقتها هحس بالراحة والأمان معاك ولا هفضل مُشمئزة منك.

وضع قبلة جديد لطيفة على يدها ثم رفع نظره إليها وأخرج خاتم ألماظ رقيق وقال: -
- أعتبريه خاتم خطوبة بس متجلعهوش من يدك دلوجت
وضع الخاتم في بنصرها الأيمن، رغم الكره الذي يستحوذ على قلبها لكن هناك شيء ضئيل بداخلها جعلها تظل هادئة وساكنة دون معارضته أو منعه من وضع الخاتم في يدها...

فتحت قُدس عينيها والدموع تتلألأ بها والشعور بالحزن والوجع أشد الم بداخلها، في كل شيء يفعله لم تشعر بذرة سعادة أو فرح لأجله، نظرت للخاتم الموضوع في يدها بصمت فرفعت يدها الأخرى كى تنزعه لكنها ترددت قليلًا في فعلها وتُمتمت بضعف شديد: -
- هو ممكن يكون قاتل بابا حد تانى وثائر مالهوش علاقة بقتل بابا بجد.
ذرفت دمعتها الحارة على وجنتها وتنهدت بحيرة وعجز...

منزل النابلسى
أستيقظت زهرة على صوت تعنيف من فادية تصرخ بها قائلة: -
- ما تجومى يا ست الحسن، أنتِ فاكرة أن أهنا لوكاندة خمس نجوم، جومى...
أعتدلت زهرة في الفراش بتعب شديد وقالت: -
- حضرتك بتزعقى ليه؟
- بزعج عشان تعبت وقرفت منك وبصراحة مبجتش طايجة خلجتك في الدار، أنا أول مرة في حياتى أشوف حد بالبجاحة دى. بتنطردى وبرضو جاعدة...

تأففت زهرة بضيق وقالت: -
- حاضر همشي. حاجة تانية
- شكرًا
قالتها فادية باغتياظ شديدة ثم أستدارت كى ترحل، جمعت زهرة أشياءها في حقيبة السفر وهي تكاد تستطيع الوقوف على قدميها ثم قالت مُتمتمة: -
- أنا تعبت من القاعدة في البيت دا والخناقة مع الست المجنونة دى
خرجت زهرة من الغرفة بجسد هزيل مُنهك بشدة بعد أن شدت الرحال كى تنصرف، رأها قاسم وهو يخرج من غرفته ليلمح حقيبة السفر، هرع نحوها بفزع ثم قال: -.

- زهرة. على فين؟
اجابته بلهجة واهنة: -
- ماشية، مش هقعد هنا تانى
مسكها من ذراعها بلهفة ثم قال: -
- ماشية فين وأنتِ تعبانة
تركت الحقيبة أرضًا ثم نظرت له بغضب شديد وقالت: -
- يكش أموت ميخصكش، ماشية عشان تعبت من قلة القيمة والطرد ومش كل شوية اطرد، أنا برضو عندى دم وكرامة وكفاية لحد كدة بقى.

نظر لها فرأى الدموع تتلألأ بجفنيها على وشك السقوط وقبل أن يِجيب عليها خرجت فادية من غرفتها ورأتها لتقول بشجن: -
- أنتِ لسه أهنا
رمقتها زهرة بضيق ثم جذبت يدها من قبضته وقالت: -
- ماشية
تحدث قاسم بجدية بعد أن مسك ذراعها بقوة: -
- أنا جولتلك أنى هتجوز زهرة وهي في حكم خطيبتى دلوجت كيف تطرديها يا أمى وتعامليها عفش أكدة.

- وأنا جولتلك مموافجاش على الجوازة دى
أحتضن يد زهرة بلطف وعينيه تتطلع بوالدته وقال بأصرار شديد: -
- بس أنا اللى هتجوز يا أمى وعشان نخلص من الحديد دا كل دجيجة. أنا هكتب كتابى على زهرة يوم الخميس الجاى يعنى بعد 3أيام.

تأففت فادية بغضب شديد ثم رحلت من المنزل بأكمله، نظر قاسم إليها بعفوية وهو يخرج حافظة جيبة وأخرج منها كارت الفيزا الخاص به وقال بلطف: -
- خدى الباسورد عيد ميلادى 1311
نظرت له بدهشة ثم قالت بتلعثم دون ان تأخذ منه الكارت: -
- أيه دا؟
- هاتى كل اللى يلزمك للفرح خلجات وأى حاجة، خدى قُدس وياكى لأن ورايا النهاردة كام حاجة لازم أعملها وبكرة هأخدك وننزل تشترى عفش وأوضة نوم جديدة واجبلك شبكتك.

ازدردت لعابها بتوتر وقالت: -
- مش قصدى أنا بسألك ايه اللى قولته دا، أنا حتى موافقتش على الجواز منك
تبسم وأقترب خطوة نحوها ليصبح قريب أكثر وقال: -
- لا جولتى عشات أمبارح بس شكل التعب مخليكى ممتذكراش زين
تحاشت النظر له بخجل شديد، نقر بأصبع على جبينها وقال مُبتسمًا: -
- خدى واصرفى كيف ما تحبى هي فيها رصيد كفاية ومتحرميش نفسك من حاجة لضيج الوجت، أنتِ مفيش عروسة احسن منكِ.

أخذتها منه بأرتباك دون النظر له وضربات قلبها تتسارع في شجار الثأر أصبحت خطيبته وفي شجار والدته ستصبح زوجته، تبسم على خجلها وأنصرف فعادت للغرفة بحقائبها مُبتسمة وسعيدًا...

أتسعت عينى ثائر على مصراعيها بصدمة بعد ان سمع جملة وحيد وأستدار أليه يقول: -
- جولت رقم مين؟ أنت بتهزر يا وحيد
- والله ابدًا يا بيه اللى جولته حجيجى
ضرب كف على الأخر وقال مُتمتمًا: -
- الحديد دا هيخرب بيوت، أنا ماشي خلى بالك من الوكالة
خرج ثائر من الوكالة وركب سيارته ثم أنطلق مُسرعًا عائد للمنزل ويتصل ب قُدس، أجابته ليسألها بتعجل: -
- أنتِ فين؟
- برا
تحدث ثائر بجدية وهو يقود بسرعة: -.

- همى وتعالى على الدار انا عاوزك ضرورى
تأففت قُدس بغضب من أمره لها وقالت بأغتياظ مُتذمرة: -
- مش جاية أنا ورايا حاجات بعملها و...
قطع حديثها صوت طلق نارى عبر الهاتف ثم صوت ارتطام قوية، سل قلبها من مكانه وأنتفضت بهلع شديد وهي تقف من مكانها وسط الكافي وتناديه بهلع: -
- ثائر، ثائر رد عليا، ثاااااائر
خرجت ركض من الكافى وتاركة خلفها اصالة و زهرة...

أصطدمت السيارة بالشجرة بعد ان أصابته الرصاصة من المجهول، اعتدل في مقعده بعد أن جرحت رأسه بعد ان ارتطمت بالمقودة وأصابت الرصاصة ذراعه الأيسر، ترجل من سيارته ونظر حوله دون خوف من أن تصيبه رصاصة أخرى لكنه يريد أن يعلم من عدوه الحقيقي...

منزل العطار.

دلفت قُدس من باب المنزل بقلب مرعوب وألم يجتاحها خوفًا من أن يكون ما سمعته حقيقي وتلك الرصاصة أصابته، قابلتها سنية مع الطبيب على الدرج فسألت قُدس بخوف وتلعثم: -
- ثائر جه؟
أجابتها سنية باكية: -
- فوج منه لله اللى عمل فيه أكدة. البيه اضرب بالنار
صرخت قُدس بهلع قائلة: -
- أنتِ بتقولى. لا مستحيل
ركضت للأعلى بخوف عليه تريد أن تطمن عليه وتراه بام عينيها كى يهدى روحها جيدًا...

- لا يا بويا اللى عملها حد جريب مننا جوى، حد بيراجبنى وخابر زين أنى سبت الوكالة في الوجت دا، على خلاف معادى كل يوم.

سأله سليمان بقلق شديد بعد أن تعرض ابنه للقتل: -
- قاسم
أستدار ثائر له بغضب وثقة تامة وقال: -
- لا ومتحطش قاسم في تحت كلمة العدو، قاسم مهوش عدو ولا مرتى عدو يابا، قُدس طيبة وزينة واللى بينا سوء فهم. صدجينى يابويا.

أنصدم سليمان مما سمعه وكيف ابنه يدافع عنها ويتحدث عنها بالخير هكذا وقبل ان يعارضه، فتح باب الغرفة على سهو ودلفت قُدس بلهفة وهلع واضح بملامحها ورجفة جسدها حتى في خطواتها السريعة كان واضحًا، كان ثائر واقف في منتصف الغرفة وذراعه ملفوف بشاش طبى مُرتدى بنطلون أسود قصير وتيشرت حمالة رمادى، أسرعت نحوه بهلع مُتناسية كل الأوجاع والألم التي بينهم حتى بحور الدم وكأنها لم تكن، مسكت وجهه بيديها بلطف شديد وقالت بتلعثم: -.

- أنت كويس، حصلك أيه؟

شعر برجفة يديها على وجهه وراى الخوف في عينيها كان لأول مرة خوف عليه وليس منه، لم تكن زوجته التي اعتاد على رؤيتها شرسة وتكره رؤيته لم يرى الكره في عينيها بل كان خوف عليه وكأنها تخشي فقدانه وحب شديد لأول مرة يظهر هاتان العينين الزرقاوتين، أومأ لها بنعم مُبتسمًا بلطف يطمئن قلبها وكيانها بتلك البسمة، صُدم تمامًا وهكذا سليمان حين عناقته بشدة وطوقته بذراعيها، طوقها بذراعيه واربت على ظهرها بلطف ليقف سليمان بغل وكره شديد من فعلتها، دومًا يحذر ابنه من الأقتراب منها لكن ما يراه الأن يبدو وكأنهما زوجين حقيقين، خرج من الغرفة غاضبًا...

أبعدها ثائر عنه ومسك وجهها بيده ثم قال: -
- أطمنى أنا زين جدامك أهو
وضعت يدها على جرح رأسه بعد أن ضممه الطبيب وقالت: -
- مش باين أنك كويس خالص
مسك يدها بحب وقال بنبرة ناعمة: -
- دا خدش اصغير بس
نظرت له تتفحصه بكل انش فرأت جرح يده لتلمسه بلطف شديد وقالت بأستياء: -
- مين اللى عمل فيك كدة؟ أنت في حد بيكرهك غيرى
أخذ يدها بدفء وأقترب خطوة منها أكثر حتى أصبح شبه ملتصق بها وقال بنبرة دافئة هامسًا لها بحب: -.

- ياريت العالم كلته يكرهنى إلا أنتِ يا قُدسي
نظرت له بصمت وهدوء لم يراه من قبل في عينيها، دلك يدها بأبهامه بحب ثم أقترب أكثر ووضع قبلة على يدها فظلت ساكنة ترمقه بعينيها وكأن تحفظ ملامحه ولم تقاومه أو تهرب منه حتى أنها لم تسحب يدها من يده، أقترب أكثر لتغمض عينيها وتشعر بشفتيه تحتضن شفتيها ليبتسم حين تشبثت بملابسه...

وصلت أصالة للمنزل ورأت أدهم خارجًا منه، وقف أمامها فتحاشت النظر له ليقول: -
- ايه مجادراش تتطلعى في خلجتى
- أنا تعبانة ومجادراش أتخانج وياك
كادت أن تصعد ليمسكها من يدها ويقول: -
- أنتِ بتكرهينى الكره دا كلته ليه، عملت أيه فيكى عشان يبجالى الكره دا جوات جلبى.

رفعت نظره لها ثم قالت بسخرية: -
- ياريت أنت اللى متكرهنيش يا أدهم بعد أصرارك الكبير دا والحرب اللى بتخضها عشان تتجوزنى...

تعجب من حديثها وجسدها الهزيل بوجهها الشاحب فقال: -
- شكلك تعبانة جوى، مالك يا أصالة أحكى لو عندك مشكلة انا مبكرهكيش، أنتِ مهتلاجيش حد يحبك ويخاف عليكِ كيف ما أنا بخاف عليكِ.

نظرت له بأستضعاف وندم شديد على خسارتها لهذا الرجل وحبه لها ثم قالت بضعف: -
- أنا أسفة يا أدهم، أسفة أوى
تركته وصعدت لغرفتها باكية ومنهارة بعد أختفاء ذلك الشاب وخسارتها لحب مثل هذا...

جذبت قُدس الغطاء تخفى ذراعيها العاريتين وتحتضن نفسها بضعف، لولا ما كانت بحالة الفزع والخوف عليه فلم تستسلم له وتقبل بقربه منها، ظلت شاردة بحالتها عندما فزعت وخوفها من فقدانه لتدرك بأن الكره الذي تتحدث عنه ساكن القلب لم يكن كرهًا بل حبًا ظهر بوضوح في وهلة من الخوف...

خرج ثائر من المرحاض ثم جلس في الفراش خلفها وأربت على كتفها قائلًا: -
- أنا هخرج هبابة
أستدارت له بلهفة وقالت: -
- ازاى هتخرج وأنت كدة المفروض ترتاح
تبسم لها بلطف وقال: -
- لازم أطلع، لازم أعرف مين اللى عمل أكدة أنا متعودتش أهرب وأستخبيء
صرخت به بضيق: -
- لكن أتعودت تخرج عشان يقتلوك
عقد حاجبيه بخبث ثم سألها: -
- خايفة عليا!
أرتبكت من سؤاله وقالت بتلعثم: -.

- مش القصد بس لو جرالك حاجة مش هتوفى بوعدك ليا وتجبلى قاتل بابا
قهقه ضاحكًا عليها ثم قال بعفوية: -
- خايفة تجوليها. كبريائك عالى جوى يا قُدسي.

منزل النابلسى.

عاد قاسم للمنزل مساءًا مُنهكًا فرأى زهرة تأتى نحوه مُبتسمة بأشراق بسمة تعطي الحياة لمن سلبت منه فقال: -
- والله بجيت أحب أنى أعاود للدار عشان أشوف البسمة اللى تحل من على حبل المشنجة
خجلت من غزله إليها فتوردت وجنتيها بلون الدم وتحاشت النظر إليه، همس بأذنيها قائلًا: -
- بهداوة على جلبى الله يخليكِ
أعطته كارت الفيزا بخجل مُتحاشية النظر إليه وقالت: -
- اتفضل
- خلي
تبسمت له ثم رفعت نظرها إليه وسألته: -.

- هو ينفع أسالك ليه أديتنى الفيزا والباسورد. أصل كان ممكن تسحب فلوس وتديهالى
- عشان بثق فيكى ومأمنك على نفسي وهشيلك أسمى مش هأمنك على مالى يا زهرة، ولأن لو مال الدنيا في كفة وأنتِ في التانى هختارك أنتِ وفداكى كل مال الدنيا.

تبسمت بحب شديد وقالت: -
- أنت أزاى بتخطفنى كدة
أقترب خطوة نحوها ونظر بعينيها بشغف وقال هامسًا بنبرة ناعمة: -
- عشان أنتِ جوا جلبى
لم تستطيع أجابته أو مقاومة مغازلته ففرت هاربة من أمامه خاجلة منه ليبتسم عليها وقال مُتمتمًا: -
- كلتها يومين وتبجى مرتى وبدل ما تجرى منى هتجرى على حضنى...

دونت قُدس العنوان في الورقة وأغلقت الهاتف مع ناجح، سألتها أصالة بقلق: -
- دا عنوانه!
- اه
خرجت قُدس من الغرفة وخلفها أصالة تتحدث بنبرة هامسة وصوت مبحوح: -
- هتروح له لوحدك
- لا اخد اخوكى معايا وتقع رقبتك فيها ولا يقتلنا إحنا الأتنين
نزلت الدرج مُرتدية بنطلون جينز وقميص نسائى يصل لأعلى ركبتها وجاكيت جينز حتى خاصرتها بقط وتلف حجابها وبقدمها حذاء رياضي، هتفت أصالة بقلق: -.

- أنا ممطمناش لمروحك عنده، استنى نفكر في حل تاني
أستدارت قُدس لها تقول بجدية: -
- أطلعى أوضتك يا أصالة وأنا هبقى أطمنك
خرجت مسرعة وركبت سيارتها ثم أنطلقت إلى العنوان المحدد ودخلت المكتب سألت السكرتيرة عليه فادخلت للمكتب، أستدار لها لتُصدم حين رأته ووقفت ترمقه بغضب قاتل وقالت بتلعثم مُتعجبة: -
- أنت!
تبسم بوجه ثعلب ماكر وقال بلهجة خبيثة شيطانية: -
- أزيك يا قُدس...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة