قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الحادي والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الحادي والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الحادي والعشرون

بمجرد أن أغلق الباب أفلتت يدها من قبضته وهي تتأوه وتقول: - أيه اللى انت بتعمله ده وجايبنى هنا ليه
تغيرت ملامحه في لحظة وعقد يديه أمام صدره قائلا بهدوء: - أعمل ايه عاوز اتكلم معاكى وانتِ مش مديانى فرصة
نظرت له باندهاش فلقد كانت تتوقع أن معركة ستبدأ بينهما بعد صفعه للباب بكل هذا العنف لم تكن تتوقع هذا الهدوء، وقد كانت متحفزة ومستعدة للدفاع عن موقفها ولكن طريقته وهدوءه المفاجئ ألجمها وأربكها.

ظلت تنظر له في صمت تحاول استيعاب حديثه الهادىء، أستدار وأغلق الباب بالمفتاح ووضع المفتاح في جيبه ثم التفت إليها مبتسما وقال:
من ساعة ما جينا وانتِ بتهربى مني حاولت اتصل بيكى. مريم قالتلى نايمة ومش راضية تصحى. عرفت أنك مش طايقانى وبصراحة معاكى حق. بس لو كنت أعرف أنك صاحية و شايفانى وانا نايم في الجنينة كنت طلعتلك.

أرتبكت أكثر ومازالت علامات الدهشة على وجهها ووجدت نفسها تقول: - بس مريم مجبتليش سيرة أنك اتصلت بيا
قال عبد الرحمن مؤكدا: - لا أتصلت بالأمارة مريم قالتلى انها حاولت تصحيكى وانتِ شديتى المخدة على راسك ومردتيش عليها
وجدت نفسها تندفع قائلة: - لو كنت عاوز تتكلم معايا كنت طلعت وصحتنى بنفسك لكن انت مصدقت.

وضع يديه في جيبه وهو مازال محتفظا بابتسامته وقال: - يعنى أطلع وادخلك الأوضه وانتِ نايمة ومريم قاعدة بره. بصراحة حسيت انها ممكن تتحرج وكمان مكنتش أضمن نتيجة كلامنا هتبقى أيه. نفرض بقى صوتنا علي ولا حاجة البنت تتعقد من الجواز يعنى
قالت وهي تحاول استيعاب الموقف: - طب ومجتش نمت في بيتك ليه لو اللى بتقوله ده حقيقى.

أتسعت ابتسامته وقال: - محبتش أدخل الشقة من غيرك، نزلت الجنينة وقعدت مع نفسى شوية وقعت عينى على حوض الورد وافتكرتك وانتِ بتنقذى الوردة مني. فضلت قاعد شوية لقيتنى بفتكر كل كلمة دارت بينا، وكل موقف عجبتينى فيه. محستش بالوقت لقيت الفجر أذن صليت وطلعت أنام في أوضتى لقيت يوسف سهران قعدت معاه لحد ما النوم غلبنى جنبه.

كادت أن تنهار تحت وقع كلماته الهادئة ولكنها تماسكت فهى تعلم جيدا أنه لا يحبها ولكنه ربما يكون يفعل ذلك من أجل أرضاء والده الذي شعر بالمشكلة التي بينهما فقالت بجدية:
خلصت قولت اللى عندك. أفتحلى الباب بقى خلينى أمشى
أقترب منها وهو يقول: - ومين قالك أنى خلصت كلامى
ثم نظر لها باعتذار قائلا: - انا آسف سامحينى
ثم لمعت عيناه بمرح قائلا: - فكرة لما جيت اعتذر لك قدام المدرسة وقلتلك المسامح كريم.

قالت بسخرية: - اه طبعا فاكرة المسامح كريم أو مهند على حسب يعنى مش كده؟
ضحك ضحكات عابثة وقال: - الله. ده انتِ فاكره كل كلامى أهو حتى هزارى فاكراه
حاولت أن تخفى ابتسامتها بصعوبة وقالت: - طب سبنى امشى بقى لو سمحت
وقف أمامها قائلا: - تمشى فين هو ده مش بيتك. وانا جوزك. وبعدين انا اعتذرتلك وانتِ مردتيش.

قالت بتردد وهي تتمنى أن يكذب كلماتها: - انت معملتش حاجة تعتذر وتتأسف عليها. أنت اتصرفت بتلقائية. واحد مبيعرفش يتكلم أو يتعامل مع الناس غير من قلبه. أبوه غصب عليه بنت عمه. هتكون أيه النتيجة يعنى غير كده
قطب جبينه بأسى وقال: - ياه ده انتِ شايلة في قلبك مني جامد.

قالت بضيق: - لاء انا مش شايلة في قلبى ولا حاجة بالعكس. أنا تفهمت موقفك وعذراك. أنا بس عتابى الوحيد عليك انك مرفضتش الجوازة اللى أنت مش عايزها دى وآدى النتيجة
حاول الأقتراب منها أكثر وهو يقول: - يا إيمان انتِ كده بتأسى عليا وعليكى جامد بالطريقة دى. انا ابويا مغصبنيش عليكى ولا حاجة وبعدين هو في حد بيتغصب على الجواز. دى حتى البنات دلوقتى محدش يقدر يغصبها.

جلست ايمان وهي تقول بحزن: - الغصب هنا أنك تسمع كلامه علشان بتحبه ومش عاوز تزعله مش علشان هو جوزك بالعافية. بس أنت باستسلامك ده ظلمتنى معاك
ثم رفعت رأسها إليه وقد تجمعت دموعها في عنيها قائلة: - كنت قلتلى وانا اللى كنت رفضت نهائى. وساعتها مكنش هيزعل منك
جلس بجوارها وحاول مسح دموعها بأنامله فابتعدت عنه فقال: - يا ايمان بالله عليكى بلاش كده. أنا والله كنت معجب بيكى وباخلاقك وعلشان كده اتجوزتك.

نهضت وقالت بأصرار: - مفيش داعى انك تقعد تكدب علشان تجبر خاطرى بالكلام ده. أنا خلاص قررت انى احتفظ بالشوية اللى باقين من كرامتى وعزة نفسى
قطب جبينه بتساؤل وهو يقول: - مش فاهم
ايمان بثقة: - هنعيش زى ما احنا كده فترة وبعدين. وبعدين ننفصل
نهض قائلا بحدة: - ننفصل. انتِ فاهمة بتقولى ايه
قالت بأصرار: - أيوه فاهمة بقول أيه. وفاهمة أكتر انى مقدرش أعيش مع راجل قلبه لسه متعلق بخطيبته السابقة.

قال بذهول: - انتِ بتقولى أيه! هند دى انا نسيتها من زمان. كرهتها وطلعتها من عقلى وقلبى ورمتها على طول دراعى. حتى الوردة اللى كانت عزيزة عليا قطفتها وكنت هدوس عليها لمجرد انها كانت شايلة أسمها
أبتسمت ايمان بألم وقالت: - لو كنت فعلا طلعتها من دماغك ونستها مكنتش قطفت الوردة ورمتها علشان تخفيها من قدامك يا عبد الرحمن. انا قلتلك قرارى الأخير. عن اذنك.

ثم توجهت لغرفتها وأغلقت بابها ووقفت خلفه تبكى بصمت، بعد فترة هدأت توضأت وقضت ليلتها في الصلاة والدعاء تشكو بثها وحزنها إلى الله وقضى هو ليلته على الأريكة ينام تارة ويتقلب تارة ويفكر طويلا ويقرر ثم يتردد.

صلت إيمان صلاة الفجر وبدلت ملابسها لتنام، فتحت الشرفة لتستنشق نسيم الصباح قبل أن تنام قليلا ولكنها سمعت صوت باب غرفتها يفتح فالتفتت فوجدت عبد الرحمن مقبل عليها في تردد، ألتفتت مرة اخرى تنظر للخارج تستنشق النسيم الذي داعب غرتها وبعض من خصلات شعرها برقة، شعرت بأنامل عبد الرحمن تتخلل خصلات شعرها المتطايرة وتمر خلالها ببطء، وسمعته يقول بحنان:
ممكن اقولك على حاجة ملهاش علاقة بقرارك ده.

قالت بتردد: - اتفضل
عبد الرحمن: - ممكن متقعديش تانى قدام حد غريب وتتكلمى معاه كده. أنا محبش راجل يقعد يبص لمراتى كده ويتكلم معاها
ثم تابع بنفس الهدوء: - وبعدين هو مش المفروض انك متقعديش مع رجالة غير أخوكى وجوزك واعمامك ولا انا غلطان.

أنتبهت ايمان لكلماته، بالفعل تعايشت مع هذه العائلة الكبيرة واتبعت عاداتهم وتناست أمر الاختلاط بين الرجال والنساء وانها كان من الواجب عليها أن تفعل غير ذلك بحكم معرفتها بأمور دينها
ألتفتت إليه قائلة: - معاك حق متشكره أوى انك نبهتنى للحكاية دى. حاضر هبقى اخد بالى بعد كده.

أزاح غرتها التي حركها النسيم عن عينيها بأنامله وقال بنبرة حانية: - أصل انا بصراحة بغير ومحبش حد يعجب بيكى غيرى والواد الفيونكة ده هو واخوه كان فاضلهم شوية ويخطبوكى انتِ
لم تستطع ايمان أخفاء ابتسامتها عندما استخدم عبد الرحمن نفس تعبير وفاء عن عماد فقالت وكأنها تدافع عن أبتسامتها:
هي وفاء نشرت الأسم ده في العيلة كلها
مسح ذراعها بظهر كفه وهو يقول: - متحاوليش. أنا شفت ابتسامتك خلاص.

شعرت بقشعريرة تسرى بجسدها على أثر لمسته الحانية فقالت بخجل: - طب لو سمحت انا عاوزه انام ممكن تتفضل بقى
عبد الرحمن: - أتفضل أيه ماتحددى كلامك. أتفضل اقعد. ولا اتفضل انام
ثم أقترب منها أكثر وقال: - ولا اتفضل أقفل البلكونة
تحركت من مكانها مبتعدة ووقفت عند باب غرفتها قائلة بخجل تحاول أن تصبغه بنبرة جدية:
لا اتفضل امشى
وأشارت للخارج وهي تقول: - أتفضل روح نام في الأوضة التانية.

أجرى وليد أتصالاً داخليًا من مكتبه قائلاً: - لو سمحتى يا آنسه علا هاتى البوسطة وتعالى
علا: - حاضر يا فندم
طرقت علا الباب ودخلت بخفة، وضعت البوسطة أمام وليد على مكتبه وهو يتابعها بنظراته الجريئة وقالت:
البوسطة يا فندم خدمة تانية
وليد: - ومستعجلة ليه تعالى أقعدى شوية. عاوزك في موضوع مهم
جلست علا أمامه قائلة: - خير يا وليد بيه
وليد باستنكار: - مش انا قلتلك قبل كده بلاش وليد بيه دى.

تصنعت علا الخجل وقالت: - أنا آسفه. مش هقدر أنفذ طلب حضرتك واناديك من غير ألقاب كده
نهض وليد وجلس أمامها وقال بتشجيع: - مش هتقدرى ليه يا ستى. أنا اللى بقولك. أحنا بنشتغل مع بعض ولازم نرفع التكلفة بينا
ثم مال إلى الأمام قائلا: - ولا أيه يا علا
نهضت علا وهي تتصنع الأرتباك من اقترابه منها قائلة: - من فضلك يا أستاذ وليد. أنا محبش كده. عن أذنك.

أستدارت لتخرج من المكتب وعلى شفتيها أبتسامه ماكرة وهو يزفر بقوة من طريقة صدها له دائما.
وفى المساء كانت علا تجلس بجوار أختها هند التي كانت تسألها بشغف: - ها وبعدين حصل ايه
نهضت علا وسارت في الغرفة وعلامات الخبث على وجهها وقالت: - بس ياستى. ونفخ نفخة كان هيطير المكتب باللى عليه
أطلقت هند ضحكات عالية وهي تصفق بيديها وتقول بإعجاب: - أنتِ أستاذة ورئيسة قسم يابنتى.

جلست علا بغرور وقالت لأختها: - طبعا يابنتى. هو احنا بنلعب. ولا انا حاربت الحرب دى كلها علشان اعرف أشبط في الشغل ده بسهولة. وبعدين منا لو عملتله اللى هو عاوزه هيزهق مني ويرمينى بعد شوية، الصنف ده علشان يحب ويفكر في الارتباط لازم يتعذب الأول وريقه ينشف
قالت هند بتفكير: - أومال يعنى كنتِ بتنصحينى بحاجات تانية اعملها مع عبد الرحمن ليه؟

أبتسمت علا قائلة: - علشان عبد الرحمن علنياته مالوش في الستات، والحاجات دى كانت هتخليه يقدم معاد الجواز. لكن وليد ده مصيبة. عاوز اللى تديله على دماغه علشان ياخد طريق الجواز. فهمتى
بس تفتكرى وليد ممكن يفكر يتجوزك يا علا
قالت علا بتحدى: - بكرة تشوفى. هو صحيح هيتعبنى بس في الآخر اللى انا عايزاه هايحصل.

قالت هند بغل واضح: - من ساعة ما عرفت ان عبد الرحمن اتجوز وانا باكل في نفسى. الراجل الكبير عرف يضحك عليا لكن انا هدخل العيلة دى يعنى هدخلها. سامعانى يا علا
ظهرت ابتسامة ماكرة في عيني علا وهي تقول: - هتدخليها يا هند. وهتقعدى معاهم على ترابيزة واحدة. وهتبقى خالة ولادهم غصب عنهم كلهم.

أستيقظت إيمان بعد أذان الظهر، خرجت من غرفتها مترقبة تلتفت يمينا ويسارًا بحثا عنه فلم تجده، تنهدت بارتياح توضأت وأخذت سجادة الصلاة فوقعت منها ورقة مطوية أخذتها وبتعجب وفتحتها وقرأت فيها متنسيش تدعيلى وانتِ بتصلى. أدعيلى مراتى تحبنى زى ما بحبها ، ظلت تقرأها مرات ومرات لا تصدق اهتمامه بها ولا تصدق أنه يحبها، بالضرورة هو يفعل ذلك من أجل إنجاح علاقتهما الزوجية فقط، وليس من أجلها هى،.

ذهبت لتطمئن على مريم التي تركتها وحدها منذ أمس، فتحت الباب بهدوء وأغلقته بهدوء حتى لا تزعجها إن كانت مازالت نائمة، أقتربت من غرفة نومها فسمعت نحيب وهمهمات، لم تشعر بها مريم وهي جالسة على سجادة الصلاة وترتدى الإسدال وهي تقرأ في المصحف وتردد تلك الآيه من سورة مريم فأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً وظلت تردد يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً ، ترددها وتبكى كثيرًا حتى بُح صوتها.

طرقت إيمان على باب الغرفة حتى لا تفزعها، التفتت مريم إلى إيمان ووجهها وكأنه بركة من الدموع، أقتربت منها واحتضنتها بلوعة وهي تقول:
مالك يا مريم بتعيطى كده ليه
مسحت دموعها وهي تقول بابتسامة واهنة: - تصدقى يا إيمان. أول مرة احس بالايات كده وانا بقرأها.
ثم تابعت: - تصدقى برضة انى أول مرة احس بالسيدة مريم كده وباللى مرت بيه.

جلست إيمان بقربها ومسحت على وجنتيها بحنان وقالت: - هو ده اللى مخليكى بتعيطى يا مريم. ولا في حاجة تانية؟
هزت مريم رأسها نفيا ثم قالت بتساؤل: - هو مين اللى سمانى مريم يا إيمان بابا ولا ماما؟
أبتسمت ايمان وهي تقول: - عمى كان مرة قالى ان بابا هو اللى كان بيخترلنا أسامينا.
ثم تابعت وهي تنظر لمريم بفرح: - بس انا مبسوطة أوى انك بدأتى تحسى بالآيات يا مريم. ربنا يفتحها عليكى يارب اكتر واكتر.

دخلت وفاء غرفة وليد واستندت على الباب وهو يتحدث في الهاتف، عندما رآها تابع حديث قائلاً:
طب هكلمك بعدين سلام دلوقتى
أغلق الأتصال والتفت إليها قائلاً: - نعم عاوزه ايه
وفاء: - مش مكسوف من نفسك. بقى عبد الرحمن ينزل وإيمان وفرحة. يحضروا قاعدة الاتفاق واخويا مش موجود معايا.

ضحك بسخرية وقال: - وهما كانوا يقدروا ميحضروش. دى كانت امك جرستهم وقالت عليهم مش عاوزين يشوفوا عريسك علشان بيغيروا منك. وبعدين ما انتِ عارفة النظام في البيت ده. كله لازم يحضر يعنى هما مجوش من نفسهم من كتر حبهم فيكى
وفاء: - ولما انت عارف كده مجتش ليه
قال بنفاذ صبر: - مكنش ينفع انا وابوكى نسيب الشركة فهمتى ولا اقول كمان.

قالت وفاء بحزن: - انت ليه يا وليد بعيد عنى. مش زى عبد الرحمن ويوسف مع فرحة. مش بحس انك اخويا كده وهمك مصلحتى
زفر بقوة وقال: - اطلعى من نفوخى يا وفاء. بلا عبد الرحمن بلا يوسف بلا زفت. أنا مش فاضيلك
قالت بحزن: - اومال فاضى بس للبنات اللى بتعرفهم. ده انا بحس ان عبد الرحمن بيقف جنبى اكتر منك
قام وهو يدفعها خارج غرفته: - طب خاليه ينفعك بقى ياختى.

دخلت عفاف غرفة حسين وهي يبدو عليها الحيرة وجلست بجواره وهي تقول: - أنا مش فاهمة حاجة يا حسين. مريم مش عاوزه تستعد لكتب الكتاب خالص. اقولها يابنتى ننزل نجيب الفستان تقولى هلبس فستان إيمان. اقولها نتفق مع الكوافيرة تجيلك انتِ ووفاء تقولى تيجى لوفاء بس انا مش هحط حاجة في وشى. معقول دول كتب كتابهم بعد يومين! لالالا ده في حاجة كبيرة ولازم اعرفها. الحكاية دى مش داخله دماغى أبدًا.

شعر الحاج حسين بالقلق فهو يعلم أن زوجته ستظل تضغط على مريم أو يوسف حتى تعلم سبب واحد لما هم فيه الآن، نظر لها باهتمام وقال:
انا هقولك بس متقوليش لمريم انك عرفتى حاجة. ماشى يا عفاف
أومأت برأسها قائلة: - طالما عارف قولى وريحنى وانا مش هجيب سيرة
مريم صحيح موافقة على يوسف وصحيح بتحبه وهو كمان. بس اللى عامل فيها كده انها قلقانة لتكون بموافقتها دى بتنفذ خطة امها.

صمتت عفاف بتفكير وقالت بحيرة: - طب وبعدين. الحال هيفضل كده ولا أيه
هز رأسه نفيا وقال بجدية: - لا طبعا. انا هطلع اكلمها وهقنعها. واشيل من دماغها أحساسها بالذنب اللى هي حاسة بيه ده. وان شاء الله تبقى كويسة. زيها زى أى عروسة
نهضت عفاف وهي تقول بارتياح: - ربنا يصلح الحال يارب.

جلس بجوارها في شقتها منفردًا بها وهو يربت على يدها قائلاً: - أم عبد الرحمن بتقولى انك مش عاوزه فستان فرح ورافضه الكوافيرة تجيلك زى وفاء
نظرت له بانكسار وقالت: - معلش ياعمى مش عاوزه فساتين ولا حتى عاوزه فرح
قال بحنان: - أنا فاهمك يا مريم وحاسس بيكى. بس لازم تاخدى بالك ان انا بس اللى فاهمك. لكن الناس اللى حوالينا مستغربين من اللى بيحصل. وانا مش عاوز حد يقعد ينكش ورا تصرفاتك يابنتى.

قالت بأسى: - يعنى أيه يا عمى. أعمل ايه يعنى؟
حاولى تبقى طبيعية وطاوعى مرات عمك. ولو حتى من ورا قلبك يا ستى. أنا مش عاوز حد يقعد يقول ليه ومش ليه. فاهمانى
قالت باستسلام: - حاضر يا عمى منا خلاص مبقتش املك حاجة غير كده، أنا بس ليا عندك رجاء. يوم كتب الكتاب الله يخاليك مش عاوزه اشوفه. إيهاب يبقى يطلعلى الدفتر وأنا همضى عليه وخلاص.

أرسل تنهيدة قوية وقال: - يابنتى مينفعش. حتى لو المأذون وافق هنقول للناس أيه. العروسة مش عاوزه تشوف العريس ليه!

ثم تابع بتفهم: - أنا عارف انك مش طايقاه ولا طايقة تشوفى وشه. وانا كمان والله مبقتش طايقه في البيت. بس هنعمل أيه لازم كل واحد فينا ييجى على نفسه شوية علشان الأمور تعدى. ده انا كمان مش هاطلب منك هتشوفيه وبس لا. ده انا كمان هاطلب منك تضحكى في وشه وترسمى السعادة على وشك ومتنسيش انكم هتقعدوا لوحدكوا شوية بعد كتب الكتاب.

أنتفضت قائلة برجفة سرت ف طول جسدها: - لا يا عمى. لا انا مش ممكن اقعد معاه لوحدى أبدًا. حتى لو قتلتونى
قال مطمئنا: - هو انتِ مش بتثقى في عمك ولا أيه؟
قالت مريم بخفوت: - العفو يا عمى طبعا بثق في حضرتك بس.

قاطعها: - مفيش بس. أحنا مش عاوزين فاطمة مرات عمك تاخد بالها من حاجة. حاكم دى لما بتاخد بالها من حاجة بتفضل تحرك وراها لحد ما تجيب قرارها. أنتِ هتقعدى معاه في الجنينة مش فمكان مقفول. وعلشان تطمنى انا هبقى واقف في بلكونة أوضتى وشايف كل حاجة. ده غير أن وفاء وخطيبها هيبقوا قريبين منكوا. يعنى مفيش حاجة تخليكى تقلقى.

شعرت مريم أن حمل من الجبال وضع على صدرها تكاد تتنفس بصعوبة كلما تخيلت نفسها تجلس معه بمفردها فقالت بصوت أشبه بالبكاء:
حاضر يا عمى بس بعد أذنك قول لطنط عفاف انى عاوزه بجد ألبس فستان إيمان. مش هعرف اجيب فستان محترم زيه. إيمان ساعتها لقيته بالعافية
أبتسم قائلا: - أتفقنا. بس اسمعى كلامها في حكاية الكوافيرة دى. وارسمى الضحكة على وشك يابنتى
قالت مريم باستسلام: - حاضر.

وفى المساء عادت إيمان إلى شقتها، أغتسلت وصلت العشاء ونقلت ملابس عبد الرحمن كاملة إلى الغرفة الأخرى التي نام بها بالأمس، جائتها رسالة منه على هاتفها النقال فتحتها وابتسمت رغمًا عنها وهي تقرأها يا إيمانى انا كلى حيرة. ونار، وغيرة، وشوق ليكِ. نفسى أهرب من عذابى نفسى أرتاح بين أيديكِ.

أعدت طعام العشاء ل عبد الرحمن وبمجرد أن سمعت صوت سيارته هرولت إلى غرفتها وأغلقتها واطفأت المصباح وتدثرت جيدًا وتصنعت النوم.
دخل عبد الرحمن المنزل فوجد الطعام مُعد على المائدة والجو يسوده الصمت والهدوء، بدل ملابسه وطرق باب غرفة ايمان طرقات خفيفة لم ترد عليها، فزادها بتصميمًا، نهضت فوقفت خلف الباب وقالت:
نعم في حاجة
عبد الرحمن: - ممكن تفتحى. في حاجة مهمة عاوز اخدها من جوه.

أنا نقلتلك كل حاجتك في الأوضة التانية
قال وهو يتصنع الجدية: - لاء في فردة شراب مش لاقيها. أكيد في الدولاب عندك
صدقته وذهبت تنظر في خزانة الملابس للتأكد ولكنها لم تجد شىء، عادت مجدداً قائلة: - ملقتش حاجة
تحدث بنفس النبرة قائلاً: - أزاى يعنى. أنا متأكد انها جوه. أنا محتاجها بكرة ضرورى. لو سمحتى افتحى.

وقفت ايمان مترددة ثم ارتدت إسدال الصلاة وفتحت الباب ببطء، رسم على ملامحه علامات الحنق وهو يدخل الغرفة ويقول:
مش معقول كده. أقف ساعة برة علشان شراب. أومال لو كانت فانلة كنتِ وقفتينى قد أيه!
قالت على الفور: - أنا دورت كويس وملقتش حاجة ولو مش مصدقنى شوف بنفسك
وقف أمام خزانة الملابس ينظر بعبث ثم قال: - مش موجودة، ودتيها فين
قالت بدهشة: - منا قلتلك مش هنا مصدقتنيش.

عبد الرحمن: - طبعا مش مصدقك. شكلك كده طمعتى فيها. طب كنتِ قوليلى وانا كنت هجبلك
شعرت بنبرة المزاح بدأت تتسلل في صوته فعلمت أنه اخترع قصة الجوارب ليدخل ويتحدث معها فقالت بجدية:
لو سمحت اتفضل عاوزه انام
كتف ذراعيه فوق صدره وقال بابتسامة: - على فكرة لو بقيتى على طبيعتك هيبقى احسن. وانا يا ستى مش هادخل الأوضة من غير ما استأذن. لكن تقفلى الباب والحركات دى. مش حلوة. بحس كده انك خايفة مني.

لم ترد عليه فوقف أمامها قائلاً: - طب بلاش كل ده. دعتيلى زى ما طلبت منك
قالت وهي تشيح بوجهها: - أيوه دعتلك ربنا يرزقك بزوجة تحبها
أقترب وهو يقول: - طب ماهو ربنا رزقنى بيها خلاص الحمد لله.

أبتسمت بسخرية مريرة وقالت بجدية: - كل اللى بتعمله ده مالوش لازمة. وفر على نفسك مجهود انك تحاول تقنعنى بحاجة مش موجودة، أنا قلتلك انى قررت ومش هرجع في قرارى. ولعلمك انا من بكره هلم حاجاتى كلها وارجع اقعد مع مريم. أنا مش هقبل على نفسى ولا على كرامتى اكتر من كده.

وقف ينظر إليها بصمت للحظات قبل أن يقول بهدوء: - بس انا مش مصدقك. انا متأكد انك بتحبينى وعايزة تعيشى معايا. زى ما انا متأكد أنى عايز اكمل حياتى معاكى
سيطر عليها الإنفعال وهي تقول بعناد: - أنا قررت وخلاص. وكلامى ده مفيهوش راجعة يا عبد الرحمن
بادلها نفس النبرة العنيدة قائلاً: - قرارك ده تبليه وتشربى ميته
قالت بدهشة: - يعنى ايه.

أقترب أكثر وأمسك وجهها بين كفيه قائلاً: - يعنى انتِ مراتى وهتفضلى مراتى لحد ما اموت. أنتيهنا
قالت بانفعال: - يعنى أيه هو بالعافية
أغلق الباب وهو يقول: - أيوه بالعافية. أنا مش هصبر عليكى اكتر من كده. انتِ دماغك ناشفة، وبعدين انا عاوز افهم انتِ ليه بتلبسى اسدال الصلاة قدامى. هو انا مش جوزك ولا أيه.

أتجه إلى خزانة ملابسها واخرج منامة قصيرة تخصها ومده يده به أمامها وهو يقول: - ده بيعمل أيه في الدولاب. مبشوفش يعنى الحاجات دى.
ثم تابع بلهجة آمره: - اتفضلى البسى ده حالاً
لم تصدق إيمان ما يحدث، لم تكن تتوقع بأنه سيثور لهذه الدرجة وينفعل هكذا حتى يخرج عن أطار هدوءه المعتاد بهذه الطريقة، ظلت تنظر في ذهول وصمت فوضع المنامة على المقعد وأمسكها من يدها وأوقفها أمام المقعد وأشار إليها محذرًا:.

أنا هخرج بره خمس دقايق. لو رجعت لقيتك مش لابساه هلبسهولك انا
نظرت له وهو يغلق الباب خلفه ولا تكاد تصدق ما يحدث، لم تمضى ثوان حتى طرق الباب بقوة أفزعتها:
ها خلصتى ولا آجى اساعدك
قالت بخوف: - حاضر حاضر. هخلص اهو
تناولت المنامة ونظرت إليها بارتعاش و تقول: - لا مش ممكن البس ده. مش ممكن، أعمل ايه بس ياربى.

هوت إلى المقعد وهي تنظر لصورتها في المرآة بحيرة وخوف، حاولت أن تبكى لعله يرأف بحالها ويتركها، ولكنها تعجبت من نفسها وهي تقول:
هو مفيش دموع بتنزل ليه
أعتصرت عيناها كالأطفال دون جدوى، حاولت أن تتذكر اسوء ذكرى في حياتها لعلها تبكى ولكن لا دموع أيضا، خفق قلبها على صوت طرقاته القوية وصوته الجهورى من الخارج صائحاً:
الخمس دقايق خلصوا يا آنسه!
أنتفضت وهي تبدل ملابسها بسرعة وتقول: - حاضر حاضر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة