قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الثامن عشر

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الثامن عشر

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الثامن عشر

بعد حوالى ساعة ونصف كانت السيارات قد اقتربت من المنزل عائدة من المطار بعد توديع عبدالرحمن وايمان وإيهاب وفرحة، دخلت السيارات إلى الجراج، ترجل الحاج إبراهيم من سيارته هو ووفاء وفتح الباب لزوجته فاطمة التي كانت تستقل سيارة وليد، وأمسك يديها وساعدها على النزول منها وكذلك فعل الحاج حسين مع زوجته عفاف التي قالت:
تلاقى مريم دلوقتى في سابع نومه
قالت وفاء متسائلة: - أطلع اطمن عليها؟

قال حسين بإرهاق: - لا مفيش داعى نقلقها
قاطعتهما عفاف في قلق وهي تقول: - لسه تليفون يوسف مقفول يا حسين، حاول حسين الأتصال بولده كثيرًا ولكن هاتفه غير متاح، قال إبراهيم مطمئناً:
يمكن كان راكن عربيته بعيد شوية عند المطار وجاى ورانا
عفاف: - بس انا مشفتوش في المطار خالص يا ابو وليد، حتى مشوفتوش بيسلم على عبد الرحمن وايهاب في صالة المطار.

وهنا تدخل وليد قائلا: - أنا آخر مرة شوفتوا واحنا بنركب العربيات على باب الفندق بعد كده معرفش راح فين
حاول إبراهيم أن يطمئنهم مرة أخرى قائلاً: - خلاص يبقى أكيد جه ورانا واحنا مشوفناهوش وجراج المطار كان زحمة أكيد ركن بعيد وتلاقيه جاى ورانا دلوقتى
حاول الجميع الإقتناع بهذه الفكرة وينتظروا حتى يعود أدراجه خلفهم، نظر حسين حوله قائلا:
أظاهر الكهربا بتاعة المدخل بايظة.

أقتربوا من المدخل وهم في حالة أجهاد شديد فقالت وفاء وهي تمعن النظر في مفاتيح الكهرباء الخارجية:
في حد نزل الزراير بتاعة المدخل.

ثم قامت برفعها فأضاء المدخل بالكامل، لم يلاحظ أحد شىء غريب، استقلوا المصعد واتجهت كل أسرة إلى طابقها، أستسلم الجميع للنوم من شدة الإرهاق، باستثناء الحاج حسين لم يمنعه الإرهاق من القلق على ولده واستشعار شىء مريب في غيابه، نظر بجانبه فوجد عفاف مستغرقة في النوم ويبدو على ملامحها التعب الشديد فتركها نائمة ووقف في الشرفة ينظر إلى بوابة الحديقة لعله يجده عائدًا بسيارته، ظل مترقبًا حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر، توضأ ونزل للصلاة في المسجد وقد قرر أن يأخذ سيارته ويعود إلى طريق المطار فلقد ساورته الشكوك أنه من الممكن أن يكون وقع له حادث أثناء عودته.

صلى الفجر في المسجد ثم عاد واستقل سيارته وما أن تحرك بها قليلا حتى لاحت له سيارة يوسف مركونة خفية بين بنايتين متقابلتين، فأوقف سيارته وهبط منها متجهاً نحو سيارة ولده، دار حولها دورتين في قلق، وضع يده على مقدمة السيارة فوجدها باردة، لم يكن هذا له معنى آخر سوى أن السيارة هنا منذ وقت ليس بالقصير، أشتدت حيرته وهو يدور حول السيارة مرة أخرى بتفكير، قطب جبينه في تركيز شديد، ما الذي أتى بالسيارة هنا وأين هو يوسف، لقد بحث عنه في شقتهم ولم يجده أين يكون قد ذهب، لا يعلم لماذا قفزت صورة مريم في ذهنه في هذه اللحظة ووجد لسانه ينطق في وجوم مريم.

خفق قلبه وقرر أن يعود أدراجه للمنزل مرة أخرى على الفور وقلبه يدق بشدة، وقف ليطلب المصعد ليصعد إليها ولكنه سمع صوت تأوهات متألمة تأتى من خلف باب الشقة المهملة بجوار المصعد.

نزلت صفعة مدوية على وجه يوسف جعلته يرتطم بالجدار بقوة، لم يكن يشعر يوسف بقوة الصفعة بقدر ما كان يشعر بالتجمد والذهول التام وهو يقف بصعوبة و ينظر إلى أبيه الذي كان يلف عبائته حول جسد مريم العارى وهي متشبثةً به بقوة و تبكى وتتأوه بألم صارخ، كانت عينى الحاج حسين مشتعلة تفيض بالدموع كالحمم المتأججة من انفجار بركان كان خامدًا وهو يزأر فيه هاتفا:
حسابك معايا مش دلوقتى يا كلب.

كانت تمشى معه مستندةً على يديه وكأنه يحملها حتى أدخلها شقتها ومنها إلى غرفة نومها، وضعها في فراشها وهي تتألم بضعف ودثرها بغطائها وظل بجوارها حتى سكنت وهدأت أنفاسها واستغرقت في النوم العميق، نظر إليها وقلبه يعتصر عصرًا من هول ما رأى، لم يكن يتخيل أبدا أنه لن يستطيع حمايتها بل لم يكن يخيل إليه يوماً أن ابنه هو من سيبطش بها في يوم من الأيام، أنهمرت دموعه وهو يتخيل أخاه يقول له كده ضيعت الأمانة يا حسين أبنك ضيع بنتى.

كانت مشاعره ثائرة لدرجة أنه فكر أن يهبط إليه مرة أخرى ويقتله بيديه، ولكن هذا لن يعيد لها ما قد سلب منها، لن تجلب الحماقة إلا الفضيحة، قرر في نفسه ما سيفعله ليستطيع رأب هذا الصدع المدوى وهو ينظر لها بألم وحسرة.

دخل حسين شقته بهدوء شديد ودلف إلى غرفة يوسف ولكنه لم يجده ظن أنه ما زال بالأسفل ولكنه سمع صوت مياه جارية بالحمام فاقترب من الباب ليتأكد أنه بالداخل.

عاد إلى غرفته مرة أخرى وانتظره فيها، وبعد قليل دخل يوسف غرفته وهو يرتدى منشفته ويتقطر منه الماء وعينيه لونهما أحمر كالدم، تجمد مكانه بمجرد أن رأى والده الذي لم يتمالك نفسه حينما رآه مرة أخرى فصفعه صفعة أخرى ألقته على الفراش بقوة، وضع يوسف كفه على وجهه وظل مطرقًا رأسه للأسفل، لم يستطع النظر في عينيى والده أبدا، وقف حسين أمامه وقال بلهجة غاضبة محذرة:.

أعمل حسابك. كتب كتابك على بنت عمك بعد يومين. وأياك وحذارى أي مخلوق على وجه الأرض يعرفوا باللى حصل ولا حتى امك. لو سألوك كنت فين امبارح تقول أنك روحت ورانا المطار ومعرفتش تركن عربيتك من الزحمة وعلى ما دخلت صالة المطار ملقتناش وانت راجع لجنة وقفتك في الطريق وأخرتك.
ثم صاح بغضب هادر: - فاهمنى ولا لاء؟

أومأ يوسف برأسه ولم يستطع أن يتفوه بكلمة واحدة، ألقى عليه والده نظرة احتقار وبغض جمدته وخرج مرة أخرى عائدًا إلى مريم.

قضى حسين الساعات السابقة نائمًا على المقعد بجوار فراش مريم، ولكنه استيقظ على همهماتها المتألمة وهي تستيقظ أو تستعيد وعيها ببطء. أيهما أصح
وبمجرد أن فتحت عينيها حتى استعادت ذكرى الأمس فصرخت وهي تمسك بغطائها وتتشبث به، اقترب منها حسين مطمئنًا ومسح على شعرها واحتضنها وهو يقول:
أهدى يا بنتى أنا جنبك وأنتِ في بيتك اهدى...

نظرت له بألم وحسرة وهي تبكى، تأوهاتها مزقت قلبه كما زادت من غضبه على نفسه وعلى ولده وهو يسمعها تقول بهستريا:
أنا عاوزه اموت. أنا عاوزه اموت. موتنى يا عمى وريحنى
ظل يمسح على ظهرها بحنان وتنهمر عبراته بسكون وصمت، كان كل ما يشغله هو طمئنتها، وأخيرا وبعد أن سكنت قليلاً قال بحنان:
قومى يابنتى أدخلى الحمام. الماية الدافية هتهديكى شوية. قومى ولما تخرجى هنتكلم.

ساعدها في ستر جسدها بعباءته التي مازالت تلتحفها وأسندها حتى دخلت الحمام وأغلقت الباب خلفها، تركت العباءة لتسقط أرضا وهي تمشى كالمنومة وفتحت صنبور المياة ووقفت تحت رزازه بما تبقى من ملابسها الممزقة القليلة المتبقية عليها، نظرت تحت قدميها فوجدت المياة التي تغادر جسدها تتلون بلون دمائها فأغمضت عينيها وجلست تبكى تحت قطرات الماء والآلآم تنتشر في معظم نواحى جسدها، ياله من ألم نفسى وجسدى يترك جرحًا غائرا لا شفاء له، مؤلمة هي الطعنة التي تأتى من أقرب الناس إليك، مرت أمامها ليلة أمس كشريط سينمائى يمر من أمام عينيها يزيد شقائها شقاء، تذكرت كيف كانت تشعر بالخوف من الظلام واطمأنت بمجرد أن استمعت إلى صوته، لم تكن تتوقع أبدا أن يأتيها الغدر من حيث الأمان.

تذكرت أنفاسه المتقطعة وهو يجذبها إليه ويعتصر جسدها بين ذراعه، تذكرت صراخها وهي تتوسل له أن يتركها وكأنها تصرخ في صنم لا يسمع، تذكرت استجدائها وهي تقول له
سيبنى يا يوسف ابوس أيدك ده انا بنت عمك. فوق يا يوسف انا مريم يا يوسف فوق.

كانت تشعر وكأنه آلة حديدية بلا روح، بلا شعور، وكأنه حجر بلا قلب، ترددت بداخلها صدى كلماته التي قالها بصوت كالسكارى وكأنه في غير وعيه أنتِ متستحقيش غير كده. أنتِ متستاهليش الحب اللى حبتهولك يا حقيرة
ثم كانت الدفعة القوية التي أفقدتها وعيها ببطء وهي تشعر به يمزق ملابسها، ثم انقطع كل شىء له علاقة بالعالم الخارجي، وغابت عن الوعى تماما.

أستفاقت من ذكرياتها على صوت عمها من الخارج يطرق عليها الباب بصوت قلق: - مريم انتِ كويسة يابنتى
قالت بصوت حزين في ضعف: - أيوا يا عمى.

وبعد قليل خرجت وهي تتسند إلى الجدارن وترتدى منشفتها الكبيرة، ساعدها على الوصول لفراشها، وكاد أن يساعدها على الدخول إليه ولكنها صرخت عندما رأت آثار الدماء عليه استدارت بجسدها كى لا تراه فكادت أن يختل توازنها، أحتضنها في حنان وهو ينظر إلى ما رأت من آثار دماء طفيفة وأغمض عينيه في ألم وأخذها إلى غرفة إيمان. أدخلها فراشها ودثرها وهي في حالة أنهيار شديد من البكاء، ظل بجوارها حتى هدأت، وبعد قليل أتى إليها ببعض الحليب وساعدها على تناوله بصعوبة برغم رفضها ولكنه أصر عليها. هدأت قليلاً...

فابتدء بالحديث قائلا بصبر: - أسمعى يا بنتى. أنا معاكى. أنتِ مش لوحدك وعمرك ما هتبقى لوحدك وانا على وش الدنيا. لازم تبقى متأكدة أنى هجبلك حقك واكتر. لكن قبل كل ده. لازم الأول يكتب كتابك بكت وهي تنتحب وقالت:
كمان. كمان، عاوز تجوزهولى يا عمى عاوز تجوزنى اللى دبحنى. أبنك دبحنى يا عمى. ابنك دبحنى.

قال بتماسك وهو يحتضن كتفها: - أنا مش هجوزهولك علشان أكافئه أنا هعمل كده علشان الستر يا بنتى. الأول لازم يسترك وبعدين أنا هوريكى هعمل فيه ايه
صرخت قائلة: - مش طايقاه لو شفته قدامى هقتله
قال بحنان: - متقلقيش الجواز ده هيبقى للستر بس. وبعدين يبقى يطلقك في الوقت اللى انتِ تحدديه.

ثم تابع في بجدية: - واسمعينى كويس في الكلام اللى هقوله ده. مش عاوز مخلوق يعرف اللى حصل. وانا هعرفهم انك عندك برد جامد وتعبانة. وكلها أسبوع واخواتك يرجعوا ونكتب الكتاب. هو طلبك مني وانا وافقت وانتِ كمان وافقتى، سمعانى يا مريم
أومأت بضعف فنظر لها متفحصا ثم قال: - لو شايفة يا بنتى ان كده حقك ضاع وعاوزه تبلغى عنه بلغى. وأنا هشهد معاكى.

أشارت برأسها نفيا. فقال: - وانا أوعدك أنى اخلصلك حقك زى ماانتِ عاوزه واكتر.

أستيقظت عفاف من نومها وقامت من الفراش وهي تشعر بألم في عظام جسدها، قاومت الإجهاد التي مازالت تشعر به منذ ليلة، لم تجد زوجها بجوارها، خرجت لتطمئن على عودة يوسف، فتحت باب غرفته ونظرت إليه باطمئنان وهو نائم في فراشه، لاحظت حبات العرق المتزايدة على جبينه فاقتربت منه لتمسحها فانتفضت على أثر حرارته المرتفعة، حاولت أن توقظه ولكن لا يستجيب ويتمتم بكلمات غير مفهومة وهو يرتعش، خفق قلبها بشدة وخرجت تبحث عن زوجها لم تجده، فقامت بالإتصال به وبعد عدة رنات أجابها، فهتفت به:.

أنت فين يا ابو عبد الرحمن
انا عند مريم فوق. أصلها كلمتنى الصبح وكانت تعبانة. تقريبا جتلها نزلة برد جامدة
قالت على الفور: - لا حول ولا قوة الا بالله. هي كمان؟ ده يوسف كمان تعبان أوى
قال باقتضاب: - تعبان ماله يعنى
حرارته عالية أوى وبيترعش وعمال يخترف
نهض حسين بعد كلمتها الأخيرة وهو يقول مكررا: - بيخترف بيقول ايه يعنى؟
قالت عفاف بتعجب: - يا حسين هو المهم بيقول ايه، المهم انه تعبان ولازم نجيبله دكتور.

طيب أنا نازل دلوقتى
وأغلق الهاتف ثم التفت إلى مريم قائلا: - أنا هنزل اشوف الندل اللى تحت ده وهبقى اطلعلك تانى. ولو عوزتى حاجة ولا حسيتى انك تعبانة كلمينى على طول وياريت لو تحاولى تكملى نومك علشان أعصابك ترتاح.

كاد أن يغادر ولكنه قلق أن ترى آثار الدماء عندما تعود إلى غرفتها فيحدث لها انهيار مرة أخرى فدخل المطبخ وأخذ حقيبة بلاستيكية كبيرة سوداء ووضع فيها كل ماتبقى عليه من آثار للدماء من ملابس، حتى غطاء السرير لم يتركه، وهبط إلى الأسفل في هذه الشقة المهملة وجمع ما بها من بقية ملابسهما وألقى الحقيبة في صندوق القمامات الكبير خارج المنزل لتنتهى آثار تلك الذكرى الأليمة تماما.

دخل على زوجته في غرفة يوسف فوجدها تجلس بجواره وتضع على جبينه كمادات باردة وهو يرتجف تحت الغطاء بقوة، نظرت إليه عفاف قائلة بتوتر:
أتصلت بالدكتور؟
كان ينظر إلى يوسف بشرود معقول. انت تعمل كده!، يخسارة تربيتى فيك
سمع زوجته تكرر عبارتها الأخيرة: - أتصلت بالدكتور ولا لسه؟
فأخرج هاتفه واستدعى الطبيب.
وعندما جاء وأجرى بعض الفحوصات القليلة ثم أعاد سماعة الكشف في حقيبته الطبية وهو يقول بعملية:
عنده حمى.

أصحى يا عبد الرحمن يالا قوم
تثائب عبد الرحمن وهو مازال نائما ويقول: - سيبينى شوية يا إيمان
ألتقى حاجبى إيهاب وهو يقول: - إيمان مين يابنى. انت معندكش تمييز كمان، قوم يالا
رفع عبد الرحمن رأسه من على وسادته وهو يكاد يفتح عينيه بصعوبة وهو ينظر إلى ايهاب الواقف أمامه:
أنت ايه اللى جابك هنا. انت ورايا ورايا في كل حتة حتى وانا نايم.

هتف إيهاب مستنكراً: - أحنا داخلين على العصر ومراتك الغلبانة بتصحى فيك من قبل الظهر. قوم يالا عاوزين نخرج وانت معطلنا
وضع عبد الرحمن الوسادة على رأسه وهو يقول: - ما تخرجوا وانا مالى
نزع عنه الوساده وهتف به: - أنت متأكد أنك عريس وفشهر العسل. ماتقوم يابنى آدم خلينا نخرجهم شوية يتفرجوا على البلد.

ثم خفض صوته وقال: - إيمان شكلها مضايق أوى، بتصحى فيك من بدرى وانت ولا انت هنا وقعده لوحدها من ساعة ما صحيت من النوم. قوم بقى متخليهاش تضايق كده ف شهر العسل يا أخى
نهض عبد الرحمن بكسل وأخذ منشفته ودخل الحمام بتكاسل بينما خرج إيهاب لإيمان وفرحة غرفة المعيشة الملحقة بغرفتهم قائلا بنفاذ صبر:
جننى لحد ما قام
قالت ايمان باستياء: - أومال أنا أعمل أيه ده عذبنى، من الصبح وانا قاعدة لوحدى ومش راضى يقوم.

أرتدى عبد الرحمن ملابسه وخرج إليهم معتذرا، توجه الجميع إلى ردهة الفندق ومنه إلى الشاطىء، كانت فرحة تمشى على الشاطىء بجوار إيهاب وهو ممسك بيدها وتتشابك أصابعهما في حب، بينما كان عبد الرحمن يمشى وهو واضع يديه في جيبه وايمان بجواره تنظر للبحر في وجوم، فقال وهو ينظر للمياة:
الميه هنا صافية أوى...
لم ترد عليه فالتفت إليها فوجدها شاردة فقال: - الشط هنا فاضى تحبى تقفى في المية شوية.

أشارت برأسها نفيا وقالت: - لا مش هينفع هدومى لو اتبلت هتبقى لازقة على جسمى وهتفصله.

لفت نظره فرحة وإيهاب وهما يمزحان أمامهما على الشاطىء، يتقاذفان الرمال وبعض المياة التي تأتى إليهم مسرعة على الشاطىء وكأنها تشاركهما سعادتهما ومرحهما، وشاهد إيهاب وهو ممسك بعصاة ويكتب بها على الرمال بحبك يا فرحة ويرسم حولها قلب كبير، أبتسم ونظر إلى ايمان التي مرت بجوار القلب الذي رسمه أخيها ولمعت عيناها بالدموع وأسرعت الخطى، أسرع إليها عبد الرحمن بخطوات واسعة قائلا:
في حاجة يا ايمان؟

قالت بتحفظ: - لا أبدا بس بردت شوية
عبد الرحمن: - تحبى نرجع الفندق
ايمان: - لا مش هينفع ايهاب قال هنتغدى مع بعض
قال موافقاً: - زى ما تحبى...
ثم تناول كفها بتردد وطبع عليه قبلة وظل ممسكا بها، لم تشعر إيمان بحرارة كفه، لم تشعر بشوقه لها أبدا، وكأنه يفعل ذلك مجاملة وأن طبيعة الموقف تفرض عليه ذلك. يفعل ذلك لأنه يجب أن يفعله. فقط!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة