قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الأول

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الأول

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الأول

أعتدل جاسر في جلسته في اهتمام وهو يتفحص ملامح ابنه الأصغر ثم يقول في هدوء: - بتقول أيه يا علي. كرر كلامك تانى كده عاوز اتأكد!
علي بتلعثم: - بقول يا بابا بعد أذن حضرتك يعنى عاوز أتجوز أحلام بنت خالتى
ظهرت ملامح خيبة الأمل على وجه جاسر وهو يقول بدهشة: - أحلام بنت سميحة؟!
جفف علي عرقاً وهمياً براحته اليمنى وهو يومىء مؤكداً: - أيوه يا بابا. بنت خالتى سميحة.

وقف جاسر بغضب وانفعال هاتفاً: - وهي دى بقى الزوجة الصالحة اللى انت بتتمناها؟
أجاب علي بارتباك: - يا بابا والله أحلام بنت كويسة. وخالتى سميحة اتغيرت خالص
هتف جاسر بعنف: - بأمارة أيه بقى. بأمارة أمك اللى قطعت اختها بسبب تصرفاتها وموصيانى قبل ما تموت أن محدش منكم يفكر في بنتها مجرد تفكير
أبتلع علي غصته وقلبه يخفق بقوة وهو يرى انفعال والده ونظراته الغاضبة الموجهة نحوه وقال مدافعاً:.

يا بابا والله احلفك ده كان زمان. خالتى بقت حاجة تانية. دى حتى عملت عمرة السنة اللى فاتت وأحلام بنت مؤدبة جدا
لم يستطع جاسر كتمان ثورة الغضب التي نشبت في صدره أكثر من هذا، أمسك الهاتف وضغط على عدة أرقام ثم وضع سماعة الهاتف على أذنه وتكلم إلى ولده الأكبر وكأنه يصرخ:
ايوه يا حسين. تعالى عندى هنا حالاً وهات معاك أخوك ابراهيم. مش عاوز أسئلة. تكونوا عندى هنا في لمح البصر.

أغلق الهاتف في حدة وكأنه قبض قلب ابنه علي في يديه عوضاً عن سماعة الهاتف، فبدأ جبينه يتصبب عرقا وأحمر وجهه وتمنى لو أنه لم يكن أعرب عن رغبته في الزواج، تركه جاسر واقفاً متصلباً مكانه وخرج في انفعال وسرعة إلى بهو المنزل الواسع ووقف ينتظر ولديه الأكبر. لم يمر وقت طويل حتى حضرا مسرعين وأقبل حسين الأبن الأكبرعلى والده في سرعة وأخيه إبراهيم في أثره وهو يقول لاهثاً:
في أيه يا بابا. أيه اللى حصل؟

أشار جاسر إليهما أن يلحقا به للداخل حيث ينتظرهم علي أخيهم الأصغر وهما ينظران إليه بتساؤل وهو متوتراً في انتظار تحديد مصيره. وقف جاسر بشموخ بين أبنائه الثلاثة وتوجه بالحديث الى ولده حسين قائلاً:
شوفت يا حسين أخوك الصغير عاوز يتجوز مين؟
نظر حسين نحو علي نظرة عتاب ثم أعاد النظر إلى والده مرة أخرى ولم يتكلم، أستطاع جاسر قراءة نظرات ولده وما خلفها وفهم منها بأنه كان على علم بما يحدث من قبل فتكلم غاضباً:.

عارف ومخبى عليا يا حسين. ما تتكلم
قال حسين في ارتباك: - يا بابا والله انا حاولت معاه كتير. لكن واضح انه متمسك بيها. هعمله أيه طيب
توجه جاسر بالحديث إلى إبراهيم ابنه الأوسط وهو يقول منفعلاً: - وانت كمان كنت عارف!
أطرق إبراهيم برأسه قائلاً بخفوت: - أيوا يا بابا
صاح جاسر بغضب هادر: - و أنا آخر من يعلم يا ولاد جاسر؟

تدافع حسين وإبراهيم في الكلام وأخيرًا صمت إبراهيم وترك لأخيه المجال كما يفعل دائماً وسمعه يقول:
يا بابا انت عارف علي لما بيحط حاجة في دماغه. وبعدين انا قلت نسيبه يمكن يطلعها من دماغه. مكناش فاكرين انه مصمم عليها أوى كده
زفر علي متأففاً وهو يشعر بهم يضيقون الخناق حول رغبته وقال بعناد وتصميم: - يا بابا بصراحة كده اللى بيحصل ده مالوش لازمة. أنا بحب أحلام وهتجوزها.

ضرب جاسر كفاً بكف وهو يقترب منه ويقول بسخرية مريرة: - والله؟! وحبتها أمتى بقى. وهي بترقص في فرح اخوك وعيون الرجالة بتاكل في جسمها أكل وهي ولا هاممها؟
قاطعه علي بعصبية: - لو سمحت يا بابا كفاية. قولتلك أنهم اتغيروا. وبصراحة كده انا بحبها ومش هتجوز غيرها. جيت آخد موافقتك علشان مبقاش عملت حاجة من وراك
أنهى عبارته الأخيرة واستدار مغادراً بنزق وغضب، هوى جاسر فوق الأريكة بيأس وقال بحزن شديد:.

هاتسيبوه يعمل اللى في دماغه. هاتسيبوا اخوكم يتجوزها
جلس بجواره ولديه عن يمينه وعن شماله وحاول إبراهيم أن يهدىء الموقف وهو يقول: - ما يمكن يا بابا زى ما بيقول كده أنهم اتغيروا. محدش عارف.

التفت إليه جاسر وهو يقول في وهن شديد: - أمتى يابنى. أمتى اتغيروا؟ هو انت مش لسه فرحك مكملش السنتين. وكلنا شوفنا البت وامها شاكلهم كان عامل ازاى. حضروا من غير دعوة وعملوا فيها اصحاب الفرح. وشوفنا كلنا هدومهم وكانوا عاملين ايه في روحهم. والبت طلعت وقعدت ترقص ولا همها حد ولا همها كسفتنا قدام الناس ولا نظر الرجالة ليها وكأنها رقاصة جايه تحيى الفرح.

وضع حسين كفه برقة على كتف والده قائلاً: - يا بابا احنا خايفين عليك. أنت عارف علي هو الصغير وطول عمره مدلع وراسه ناشفة. وطالما قال عاوزها يبقى هيتجوزها حتى لو احنا رفضنا، خلاص نخليها بجميلة بقى ونوافق. واهو يبقى تحت عنينا بدل ما يخرج عن طوعك ويبقى خسر الدنيا والآخرة.

حسين، حسين
أنتبه حسين من ذكرياته على صوت زوجته عفاف قائلاً بشرود: - هه، بتقولى حاجة يا عفاف؟
أبتسمت عفاف بدهشة وقالت: - بقول حاجة؟! ده انا بقالى ساعة بنده عليك وانت ولا انت هنا. أيه كل ده سرحان؟
أرسل حسين تنهيدة طويلة حارة وهو يعتدل في مجلسه ويقول محدثاً أياها: - أفتكرت ابويا الله يرحمه. لما اتصل بينا وجابنا على ملا وشنا لما علي قاله أنه هيتجوز أحلام.

أرتفع حاجبيها بتعجب وقالت بشجن: - ياااه. ده انت روحت لبعيد أوى. فوق العشرين سنة
ثم شردت وهي تتابع بحنان: - كان ساعتها معانا عبد الرحمن ويوسف. ومكنش ساعتها لسه ربنا رزقنا البت فرحة
تنهد حسين بقوة للذكرى ثم قال: - فاكره يا عفاف. كان نفسى أوى يبقى عندى بنت واسميها فرحة
ابتسمت عفاف بسعادة وهي تقول: - و ربنا كرمنا بيها بعد يوسف بكام سنة. اللهم لك الحمد والشكر يارب.

ظل حسين يستعيد ذكرياته وهو يتابع قائلاً: - كان ساعتها ابراهيم لسه متجوز بقاله سنتين. وكان وليد ابنه يدوب عنده سنة. وكانت لسه وفاء اخته في علم الغيب
استندت عفاف إلى راحة يدها وهي تتنهد وتقول: - سبحان الله. كأن الكلام ده كان لسه من كام يوم مش من سنين طويلة
عندما انهت كلمتها الأخيرة لمحت دمعة في عينيه تقاوم لتخرج ولكنه كبح جماحها في صبر فقالت:
ادعيله بالرحمة يا حسين.

قال في حزن: - الله يرحمه. مش لو كان سمع كلامنا من الأول كان زمانه...
قالت عفاف مقاطعة: - استغفر ربك يا حسين ده قدر ونصيب. ربنا كتبله يتجوزها ويخلف منها تلات عيال
لمعت عينينه في عزيمة وأصرار وهو يقول: - هلاقيهم يا عفاف لازم الآقيهم. علي الله يرحمه وصانى ادور عليهم واجبهم هنا وسطنا في بيت العيلة. ومن ساعتها وانا بدور عليهم وان شاء الله هلاقيهم قريب. انا خلاص قربت اوصلهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة