قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

بدأت ترنيم تسير بخطى مضطربة نحو مصدر صوت قدم صقر ولكن على بُعد مسافة جيدة...
فاقد البصر لا يُبصر، ولكن حواسه المتبقية تصبح أقوى وكأنها النور الذي يدله في كهف الظلام الذي يعيش به!..
دلف صقر الى غرفة ما لتسمع ترنيم صوت الباب يُغلق...
اقتربت اكثر حتى وقفت امام الباب ثم بدأت تُنصت للحوار الدائر...

بمجرد أن دلف صقر وجد نيرمين ترتدي قميص نوم كان أكثر من مقزز من وجهة نظره، ابتسامتها التي تفوح بالخبث والحقد كانت كخلفية لما يبطن داخلها...!
فأشار لها مرددًا بنبرة مزدردة:
-خشي إلبسي حاجة عدلة بدل الجرف دا! إنتِ كدا مش بتغريني خالص
وضعت يداها على خصرها الممتلئ وراحت تهتز وهي تقول بغيظ كان كالسم المنتشر بين حروفها:
-دا قرف؟ مش احلى من اللي الهانم مرتك بتلبسه!

وفجأة كان اقترب منها يجذبها من خصلاتها الخشنة ويضغط عليها وهو يتابع بحدة خدشت سور ثباتها الواهي:
-إلا ترنيم، سيرتها ماتجيش على لسانك الو** تاني دي لو لبست حاجة من الشارع هتبجى أحلى منك يا مره يا سوّ!
احترقت عينا نيرمين بالغل الذي يغلغل فطرتها واصبحت تزمجر بحنق:
-أنت هنا عشان تتخانق معايا عشان الست هانم ولا عشان تنفذ اللي اتفجنا عليه؟!
جاس على الأريكة ببرود يضع قدم فوق الاخرى ثم قال بصوت ثليجي:.

-جاي عشان الاتنين!
ثم ضم يداه معًا، وبصوت صلب مليء بالثقة، مبعوث من ملك يهابه الجميع وليس العكس قال:
-اسمعيني كويس، أنا مش زاني ولا عمري هزني وخصوصًا عشانك إنتِ، ثانيًا مستحيل أتجوزك تاني، ثالثًا لو خلفت من تسعين واحدة حتى، ولاد ترنيم هما اللي هياخدوا كل حبي وحناني وفلوسي وكل حاجة! فياريت ماتعشميش نفسك بزيادة.

ثم صمت يراقب تعبيرات وجهها التي كانت كالوحة متفرعة الالوان من الصدمة للحقد للجمود، ثم أكمل باستمتاع:
-ولو طاوعتك من البداية ف دا عشان الراجل الغلبان ملهوش دعوة باللعبة ال*** بتاعتك دي!
ثم نهض فجأة لترتج هي للخلف بسرعة ليمسكها من ذراعها مغمغمًا بعصبية جعلت كيانها يرتج بقلق:
-أنا محدش يلوي دراعي، ومش هنفذ واعلى ما ف خيلك إركبيه!
عندما سمعت ترنيم اخر حرف...

بدأ عصر جديد يهفو على سطح روحها، بدأت الثقة تُبعث من جديد داخلها!
وما بعد البعث الا حياة أبدية...!
سارت بسرعة متجهة نحو غرفتها تستند على الجدران من حولها حتى كادت تصطدم بشخص ما فاعتذرت بسرعة، دلفت للغرفة التي تركت بابها مفتوحًا لتغلقه متنهدة بصوت عالي...
سبحان من يسلب من داخلك شعورًا ما ليخلق نطفة بديلة لمشاعر اخرى!
وضعت يداها على قلبها وهي تهمس محدثة نفسها ؛.

-استحالة يكون خاني، في حاجة غلط، هو بيحبني بجد!
ضيقت عيناها تفكر لمدة دقيقتان تقريبًا، ثم استندت حتى وصلت للفراش فأمسكت بهاتفها لتتصل بصقر الذي أجاب بعد دقيقة تقريبًا بصوت أجش:
-ايوة يا ترنيم؟
اجابته بصوت يضخ بالتعب والارهاق المصطنع:
-صقر إلحقني انا تعبانه اوووي وبطني بتتقطع مش قادرة!
سمعت شهقته المفزوعة بوضوح قبل ان يخبرها:
-دجيجتين وهتلاجيني جدامك ثواني بس اهدي إنتِ.

وبالفعل أغلقت الهاتف لتتمدد على الفراش بسرعة وتغطي نفسها...
وبالفعل خلال ثواني سمعت صوته يهتف بقلق جم:
-مالك يا ترنيمتي إيه اللي حصلك مالها بطنك؟
أمسكت ببطنها وهي تردف ببكاء مثلته بمهارة كمهنة مدروسة:
-مش عارفه يا صقر وجعاني جدًا
قال بصوت مرتعد مرتبك:
-طب اعمل إيه هتولدي يعني؟ بس هتولدي ازاي إنتِ لسه ف الخامس! طب اطلبلك الدكتور؟
ثم أمسك وجهها يسألها كالطفل الصغير:
-طب أطلبلك دكتور إيه!

عندها زمجرت فيه بجنون:
-تطلبلي دكتور إيه!؟ هو انا بقولك نفسي ف كريب!
زمت شفتاها الصغيرة لتهمس بصوت يتدفق منه الغيظ:
-أنا سخنه خدني حطني تحت دش ساقع يلا
ثم رفعتله يداها ببساطة ليستطرد هو مفكرًا ببلاهه:
-سخنه إيه إنتِ مش كنتي بتقولي بطني؟
جزت على أسنانها بغيظ حقيقي...
سيشلها حتمًا...
ستصاب بشلل قبل أن ترى أطفالها!
تعاركت مشاعرها وهي تقول له بابتسامة مغتاظة وداخلها يصرخ:.

-انا بقولك أنا سخنه أنت ايش دراك أنت؟ حتى التعب هتختارهولي! دا مش اسلوب دا ورب الكعبه...
اومأ موافقًا بسرعة ثم حملها بين ذراعيه متجهًا بها نحو المرحاض ليضعها في البانيو برفق متمتمًا:
-هتبقي تمام، اهدي بس
همست له بابتسامة خبيثة:
-انا هادية جدًا اهدى أنت الاول يا حبيبي!
اومأ بسرعة دون ان ينظر لها فكان منشغل بتشغيل المياه التي اخذت تتدفق عليهم سويًا فلم يأبه هو لابتلاله بل كان يحتضن ترنيم برفق...

لوحة من الجمال رُسمت لهم..
لوحة تشع بريقًا من نوع اخر..
بريقًا من حب مدفون...
وإن مر عليه ألف زمن وتعالت فوقه الاتربة لا يطير مع مهب الريح!..
لتهمس جوار اذنه كما يفعل معها دومًا:
-صقر أنا بحبك، أنت احلى حاجة حصلت لي، أنت أبو ولادي وحبيبي ونصي التاني اللي مقدرش اعيش من غيره، أنت سندي، أنت ضهري، أنت كل حاجة حلوة ف دنيتي!
كم دقة تعالت بين ضلوعه بقوة إهتز لها؟!..

كم عمق سقط فيه متخبطًا بين مشاعره المختلطة بتلك الكلمات الهادئة الصغيرة!؟..
لا يدري، ولكن ما يدريه أنه أمسك وجهها بين يداه وقد تناسى كل شيء بين بحور عيناها ليهمس بصوت هائم:
-ياريت تتعبي على طول كدا يا ترنيمتي
وكأنها مصدومة ردت:
-إيه!
سارع يصحح كلامه بضحكة صغيرة:
-جصدي يعني التعب بيخليكِ تقولي كلام حلو كدا ف دا في مصلحتي
نهضت هي ببطء بملابسها المبتلة ليتشدق هو بهدوء:
-لا لسه أستني اجعدي.

ولكنها لم تجيب، أمسكت وجهه بين يداها ثم هبطت برفق لعضلات صدره وببطء شديد كانت تُقبل بداية صدره العاري من اسفل قميصه المفتوحة ازراره..
اهتزت عضلات صدره بعنف من فعلتها تأثرًا وتأهبًا، لتتابع هي قبلاتها التي كانت كفراشات رقيقة وحارة تُطبع عليه..
فوضع هو يده عن رقبتها من الخلف ليجذبها له وبلحظة كان يلتهم شفتاها، يغرق بهما وفيهما...
يتلذذ للمرة التي لا يذكر عددها بطعمهما، وتأن هي بصوت انثوي خفيض..

توهجت الحرارة اكثر فأكثر بينهما، فلم يكن منه إلا أن قال بخبث:
-كدا حرارتك هتولع مش هتعلى بس يا ترنيمتي!
همهمت مغمضة العينين:
-انا اصلًا مش سخنه! أنا كنت عاوزاك تيجي بس البعيد مابيفهمش
إتسعت حدقتا عيناه ومكر ترنيمته الصغيرة يُجمد عقله!..
بلحظة كان يرفعها بذراعه له ويداه تتحسس مفاتنها ليخرجها معه الى الغرفة، وضعها على الفراش ليخلع قميصه بسرعة مرددًا بعبث:
-طب أنا جيت اهو..

ثم مال عليها حتى لاصق جبينه بجبينها مكملًا بصوت ملتهب:
-بس هتبجي غير صالحة للاستعمال الآدمي يا ترنيمتي!..

وسط النهار الحار وعند عودة جسار من عمله كانت الاصوات العالية تخترق اذناه تنم عن معركة ليست دامية ولكنها تنبء بحدث متقلب!..
دلف جسار الى المطبخ على الاصوات العالية التي تعج المنزل...
ليسمع صوت نور تصرخ بحدة:
-يا طنط أنا مش هعمله أنا مش خدامة هنا!
رفعت والدته حاجبها الايسر بغيظ ثم قالت:
-لا يا حبيبتي مش خدامة بس واجبك ك ست ف البيت دا
تأففت نور اكثر من مرة ثم طوقت يداها هامسة ببرود:.

-طب انا مش هعمله واعلى ما ف خيلك اركبيه
عندها تدخل جسار مزمجرًا بحدة مُخيفة:
-نوووور! كفاية أوي كدا أتماديتي اوي
لوت شفتاها باستفزاز...
لا تدري ما ماهية الامر، ولكن عندما تغوص بين أعماقه تجد المشكلات كالكرة المُلتفة عدة مرات حول نفسها حتى لم يصبح لها نهاية مُحددة!..
نظرت لجسار بحدة لتتابع بصوت أجش:
-أنا اللي تماديت ولا أنتم الي بقيتوا ناس مستفزه
ثم سمتت برهه لتردف وكأنها تبصق في وجهه:
-ومقرفين اوي!

مع نهاية اخر حرف لم يكن من جسار الا أن صفعها بقوة حتى أدمت شفتاها، ليمسكها من ذراعيه مستطردًا بخشونة ماجت بين جذورها القسوة:
-فوقي بقا فوقي كفاية!
أمسكته من يده لتسحبه بسرعة نحو غرفتها ثم أغلقت الباب...
بدأت تمزق ملابسها وهي تردد بصورة غير طبيعية بالمرة:
-أنت إتجوزتني عشان كدا صح، يلا انا مستعدة
ثم إلتصقت به تنوي تقبيله ولكنه أبعدها عنه بعنف لتتلقى الصفعة التالية منه على التوالي و...

إنهارت فجر ارضًا...
تحطمت كل حياتها، لم يبق حجر على حجر كما يقولون!
تبدلت جميع الاحوال ولم يبقى الا تبدل المشاعر لتنتهي تلك المأساة بنقطة سوداء وحيدة...!
راحت تلطم خديها بعنف وهي تصرخ بصوت مبحوح:
-أنتوا بتعملوا فيا كدا لية حرام عليكم بتأذوني من كل الجهات لية؟
أسرع ليث يركض لها لتضربه على صدره بعنف وهي تزمجر بجنون:
-إتجوزتها لية؟ رد عليا هي احسن مني ف إيه!
همس بصوت خفيض مستنكرًا:.

-مش إنتِ اللي عاوزة كدا؟
احتضنته مسرعة وهي تردد بلا وعي:
-ايوة قولت كدا لكن مش عايزاك تعمل كدا، غصب عني كنت خايفه عليك كان لازم اعمل كدا
ضيق ما بين حاجبيه يسألها مستفسرًا والفضول يكاد ينحره نحرًا:
-خايفة عليا لية؟ إحكيلي يا فجر صدقيني انا اقدر احمي نفسي
حدقت بعيناه التي تحمل وعدًا حقيقيًا دائمًا وابدًا...

تتلاقى وتحتضن ذاك الحنان الذي يلتف حولها كدرع واقي لا تخترقه الظروف، وبدأت تقص عليه ما حدث بصوت مبحوح:
-لما خرجت والحريق دا اشتغل لقيت عمرو قدامي، اتوترت اكتر وبقيت اصرخ اكتر. لاقيته بيقولي إني لو مابعدتش عنك ف اقرب فرصة وطلقتني هيموتك، وهو اصلا حطلك حاجة زي قنبلة ف الساعه اللي بتلبسها وقفلها على ايدك عشان متعرفش تفكها، ولما انت جيت شوفت ايدك لاقيتك فعلًا لابسها وبتحاوب تفكها معرفتش!

رفع لها يده ليصرخ فيها بعصبية مفرطة:
-فكيتها! إنتِ حتى مافكرتيش تسألي نفسك ازاي انا مش هستغرب إن الساعه مابتتقلعش ومش هحاول افكها؟ وهو استغل حتة إنك جبانة ومش هتحكيلي حاجة عشان كدا سهلتي عليه كل حاجة
ضمت يداها لوجهها معًا ودخلت في نوبة بكاء طويلة وعالية تُنتج فيها الشهقات كنسمات الهواء!..
ليشير هو لتلك الفتاة التي تشاهدهم بصمت مكملًا ؛.

-ودي مش مراتي انا ماتجوزتش. دي واحدة كدا طلبت مساعدتها وادتها فلوس وهي حتى مش فاهمة احنا بنقول إيه لانها مش مصرية ولا عربية اصلًا!
أشار للفتاة بالخروج لتنسحب بخفة دون كلمة...
فيما ظل يتشدق هو والغضب يحرقه كفتيل مؤلم حد الجنون اشتعل بين احشاؤه:.

-مش واثقه فيا ابدًا عشان تحكيلي حاجة ولا واثقه إني اقدر احميكِ واحمي نفسي، دايمًا بتستسهلي الحل اللي يوجعنا احنا الاتنين المهم إنه صح من وجهة نظرك! دايمًا بتوجعيني بكلامك وترجعي تقولي دا لمصلحتك، بتتقهري لما مديت ايدي عليكِ ف مرة لكن مافكرتيش ف كلامك ولا مرة، مافكرتيش إنك بتجرحي رجولتي لما تمشي حياتنا حسب شخص مريض لمجرد إنك خايفه منه
تنهد تنهيدة طويلة وعميقة تحمل في طياتها الكثير والكثير...

وغبار الروح يزداد لا يقل!
ظل يهز رأسه نافيًا ويحاول تنظيم حروفه وهو يهمس بصوت مُرهق ؛
-انا تعبت، ماعدش فيا حيل اشد الحبل من طرفي أنا بس!
راحت تحتضنه مسرعة وهي تهمس من وسط حلقات شهقاتها الغير متصلة:
-انا اسفه أنت معاك حق بس انا بحبك اوي والله، انا غبية لاني مفكرتش كويس بس ماتبعدش عني
أبعدها عنه وهو يردد دون تعبير واضح:
-احنا هننزل القاهرة كفاية كدا، دا نكد مش شهر عسل!
ظلت دموعها تهبط دون توقف...

ليتركها هو متجهًا للمرحاض يغسل وجهه، لتقف هي خلفه تمسح دموعها برفق..
وفجأة وجدت أشخاص يدلفون مسرعين ولكن قبل أن تعطي رد فعل كان احدهم ينوي إطلاق النار على ليث الذي إلتفت لهم، فوقفت مسرعة امامه لتنطلق الرصاصة من فاه مسدس ذلك الرجل الذي زمجر فيهم بتشفي:
-دا جزاة اللي يأذي اللي اكبر منه!

حدث كل شيء بأقل من لحظات، ركضوا للخارج مرة اخرى قبل إلتفاف جميع من بالفندق نحو صراخ ليث الذي كان يراقب سقوط فجر رويدًا رويدًا غارقة بين دماءها...!
كانت والدة جسار تجلس امام الشرفة سارحة في الملكوت تنظر للسماء بأعين دامعة وتهمس بصوت يكاد يسمع:
-يارب ساعدني للي فيه الخير يارب، أنا خايفه على ابني من الشعوذة وشغل الشياطين دا
ثم هبطت دموعها وهي تكمل:.

-انا عارفه إن حسام غلط لما فكر يعمل السحر والجنان دا استغفر الله لكن عمل كدا من حبه ليها وخوفه إنها تسيبه انا متأكدة
ثم إحتدت عيناها مستطردة:
-بس مش هسيب ابني التاني يتأذي عشان واحدة! همنعه حتى لو وصلت لحل مايعجبهوش ولا يعجبها! حياة ابني اهم من اي حاجة...!

إستيقظ كلًا من ترنيم وصقر على صوت دقات الباب التي ازعجت نومتهم القصيرة...
فتلك الليلة كانت من أجمل الليالي التي علقت بالذاكرة كالعادة لتصبح نقطة تُسطر عشقهم الابدي...!،
نهض صقر يرتدي ملابسه بسرعة ليرمي اسدال الصلاة لترنيم التي سرعان ما ارتدته...
ثم إتجه للباب يفتحه ليجد الشرطة في وجهه، إنقبض قلبه تلقائيًا وهو يسأل الضابط باللغة الالمانية:
-ماذا حدث؟ ومن أنتم؟
اجابه الضابط بهدوء جاد:.

-الشرطة، هل أنت صقر محمود الحلاوي؟
اومأ صقر مؤكدًا ليجد الضابط يكمل بخشونة:
-أنت متهم في قضية إغتصاب!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة