قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع

كانت تعود للخلف بقلق حقيقي، شيئ ما داخلها ينتفض بقلق والاخر هادئ ركيز الثقة...
وبين ذلك وذاك وجدته يسحبها من ذراعها بقوة لتصطدم بصدره العريض بلا مقدمات، صدره الذي يعلو ويهبط بعنف بعث بها لعالم اخر...!
ادركت كم المشاعر التي تشعلها داخله بدون مقدمات، بدون رحمة، بدون سوابق فاتشتعل معه بجنون!
وضعت يدها التي تهتز نوعا ما لتهمس بصوت يكاد يخرج:
-ص صقر.

وهمسها الان كان خطأ، بل كان اكبر خطأ، همسها أحيى رماد الماضي الذي لم تنفضه ذاكرته الحارقة...!
سحقها بين احضانه، ضمها له بكل قوته حتى شعرت أن عظامها ستنكسر بين يداه، احتضنها لدرجة أنه لم يترك حيز الفراغ لنسمات هواء ان تقتحم دواخلهم، مشاعرهم كانت كراهب في معبده يرفض احتلال الظلال محله...!
سمعت همسه الحاد الخشن وهو يقبض على خصرها:
-لية؟ لية ماقولتليش رغم أنك شيفاني قدامك شاكك وهتجنن مش عارف اتأكد!

رفعت كتفها ببطئ وبصوت هادئ ولكنه لم يخلو من خيوط التوتر العريضة:
-معرفش، كنت حاسه أني لازم استنى، لازم اقبل التحدي اللي الحظ حطني فيه، كان لازم تحبني من تاني بنفس الشخصية اللي أنت شبعتها إهانة
ضغط على خصرها بقوة أكبر، ضغط حتى تركت أصابعه اثرًا على خصرها كجنود إنتصرت وقد رسمت نصرها المتفجر بين ثنايا تلك الارض...!

حتى تأوهت وهي تحاول الابتعاد عنه ولكنه اكمل وهو يغمس وجهه عند رقبتها وكأنها موطنه الذي كان ذلك القلب يغرد له باشتياق ولوع بلا توقف...!
-أنتِ غبية، غبية أوي، عمري ما كنت هحب غيرك، أنا ماحبتش ولا هحب غيرك، أنا كنت منجذب لها لانها شبههك أنتِ، شبههك أنتِ في حاجات كتير
نظرت في عيناه مباشرةً، شحوب الروح يوازي ألم الجروح داخلها، كانت عواصف رعدية مغموسة بلهبًا حارق تتهافى داخل عيناه...

فرفعت يدها ببطئ تتحسس وجنته الخشنة فأغمض عيناه يتنفس بعمق، يحاول النجاة من بين امواج الغرق التي كادت تبتلعه...
سمعت نداء جسار الحاد فهمست بصوت مبحوح:
-جسار أنا كويسة متقلقش
سمعت صوته بوضوح:
-ماشي يا حبيبتي
عادت تنظر لذلك الذي كاد يزئر كأسد حاد، فوقفت على طرف أصابعه لتكن في طوله وهي تحيط رقبته برفق متملك وتشدقت ب:.

-حسيت بنفس أحساسي لما سبتني عشانها، سبتني عشان تتجوز البني ادمه الحقودة دي اللي مفيهاش أي مميزات عني!؟
صمتت برهه ثم عادت تكمل بانفعال:
-لأ ومعرفتنيش، مقدرتش تعرفني، بس هقول اية! ما أنت كنت سايبني سنة كاملة متعرفش عني حاجة ولا حتى بتسمع صوتي، لازم ماتعرفنييش!
لم تسمع رد، فحاولت الابتعاد عنه وهي تصرخ منفعلة:.

-أنا بجد مش متخيلاك، بتتكلم كأنك عاشق ولهان وأنت عايش حياتك عادي، يمكن كمان ارتحت لما فكرتني موت...
ولكن قبل أن تكمل جملتها كانت شفتاه صاحبة الحق تكتم تلك الحروف التي حطمت قرارات العقل داخله..
كان يكاد يأكل شفتاهت بجنون، جنون هي من اشعلته بخيوط الغرام التي تسربت منها!
انتقل بلهفة لعيناها، وقلبه يجهر منفعلًا بتساؤل مُشقق للثبات منبع للحيرة
كيف لم اعرف تلك العيوت التي أرقت ليالي !؟

هبط لرقبتها يلثمها بعمق، يُقبل كل جزء فيها بلا توقف...
إلى أن ابتعد لحظة يلهث وهو يحاول النطق:
-مكنتش عايش، كنت ميت، كل ما أقربلها كنت بحاول اتخيلك إنتِ عشان أقدر أأدي واجباتي الزوجية مش أكتر، كنت بلعن اليوم اللي سبتك فيه الف مرة!
ثم عاد يضمها له بقوة وشفتاه تسير ببطئ على كتفها الذي عرته اصابعه:
-أنتِ وحشتيني اوي، وحشتيني أكتر من كل حاجة وأي حاجة، وحشتيني بجنووووون.

قال كلمته الاخيرة بحرارة لفحة صفحة وجهها التي كنفتها الحروف الجبارة، فلم تشعر بنفسها وهي ترفع يداها ببطئ تفتح ازرار قميصه، ليرميه هو بلهفة على الارضية...
وشفتاها تهمس باستسلام أرضى اشتعال الجمر داخله الان:
-وأنت وحشتني اوووي
خرج جنونه عن طور الصبر الخانق، بلحظة شهقت مع التيشرت الخاص بها الذي مُزق للتو!
ليحملها هو بلهفة وشفتاه تحتضن شفتاها من جديد، يبثها أنين روح ثائرة لا تخضع الا في وجودها..!

يلتهم تلك الشفاه بنهم ملحوظ وسرعة جائعة مشتاقة تطالب بالمزيد...
بمجرد أن وضعها على الفراش وهو فوقها يهمس امام شفتاها بحرارة مُذيبة للجليد:
-حلفت يمين من يوم مابعدت عنك إن مفيش ست هتنام على السرير ده غيرك، مفيش واحدة هتنام في حضني هنا الا إنتِ
انحنى عليها اكثر ليُقبل كل جزء يظهر منها بلوع وهو يهمس من وسط قبلاته المحمومة:.

-أنتِ بس اللي لازم اول ليلة ليكِ وانتِ حبيبتي تبقى هنا، لا مش اول ليلة! كل ليلة، كل يوووووم!
ومع انتهاء اخر حرف كانت هي من تحيط رقبته مغمضة العينين تبادله همسه الذي عانق النيران في حرارته:
-بحبك...
-بعشقك، بمووووت فيكِ وبموت من غيرك!
كان اخر ما نطق به قبل أن ينغمس معها في رحلة ملتهبة سحق فيها كل فرصة للتباعد بينهما!..

تعالت صرخات فجر المصدومة بفجع وهي تراقب سقوط ليث البطيىء على الارضية...
بينما سارعت والدته تطلب الاسعاف وسط انهيارها وهي تراه يغلق عيناه ببطئ، سقطت فجر جواره وهي ترجوه بصوت منتحب:
-لا يا ليث، لا والنبي قوووووم ماتغمض عينك أنت مش هيحصلك حاجة قوم!
ابتسامة هالكة لمحتها على ثغرها قبل أن يفقد وعيه..
كانت السكين مازالت داخله فمدت فجر يدها بأصابع مرتعشة تحاول سحبها بجمود...

مرت حوالي ربع ساعة وجاءت الاسعاف ليتم نقل ليث على اقرب مستشفى..
كانت فجر منهارة حرفيًا تنادي بأسمه فقط!
لا يهم اي شيئ فقط تريده ان ينهض وليحدث ما يريده...!
هي لا تستطيع البقاء في هذه الدنيا بدونه...
اعترفت!
تخنقها رواسب الجمود فيها دون وجوده...!
واخيرا بعد فترة خرج الطبيب لتسارع والدة ليث بسؤاله:
-طمني يا دكتور الله يباركلك؟!
تنهد الطبيب بهدوء ليخبرها:.

-الحمدلله الطعنة ماعملتش اي اصابات داخلية او دمرت حاجة، كانت سطحية لحسن الحظ، بس لازم محضر يتعمل
اومأت والدته بصمت مرتاح لتسأله فجر بلهفة:
-هو انا ممكن اشوفه؟
هز رأسه نافيًا بجدية:
-حاليًا لا، لكن هيفوق بعد شوية وتقدروا تشوفوه
اومأت فجر موافقة ودموعها تسارعت على وجنتاها...

بعد مرور اربعة ايام...
خرج ليث من المستشفى اخيرًا، كان ليلاً في منزله وقد خرجت والدته لتشتري له بعض الاشياء ولا يعلم اين فجر!..
منذ اصابته ومنذ خروجه من المستشفى وهي مبتعدة عنه بشكل ملحوظ..
ولكن ابتسامة ساحرة ارتسمت على ثغره وهو يتذكرها عندما استعاد وعيه لتحتضنه دون مقدمات متعلقة بعنقه وكأنه طوق النجاة الوحيد...!؟
طُرق الباب عدة مرات بسرعة فزفر بضيق وهو يحاول النهض ممسكًا بموضع اصابته..

تأوه بصوت عالي عندما تحرك ولكن اجبر نفسه على النهوض بصعوبة...
فتح الباب اخيرًا ليصعقه مظهر فجر التي كانت تبكي بانهيار وتحاول إخفاء جسدها من ملابسها الممزقة...!
فسقط قلبه ارضًا وهو يسحبها لتدف متساءلاً بذهول:
-فجر مالك؟ مالك يا حبيبتي!
ولكنها لم تجيب، بمجرد ان دلفت حتى سقطت مغشية عليها ليسارع هو بألتقاطها بين ذراعيه رغم الالم المتناهي الذي شعر به...
يحاول افاقتها وهو يهمس بجنون:.

-فجرررر فجر قوومي مين عمل فيكِ كدة!؟

بعد عدة ايام...
كانت ترنيم تجلس مع جسار في حديقة المنزل لجواره على الارجوحة يقص عليها كل ما جرى...
شعرت بألم عميق لموت شقيقها حسام وكأن تيارت قاتلة اجتاحتها..
ولكن في نفس الوقت ارتياح جم ضاههاه وهي ترى توأمها بخير كثيرا هو ووالدتها الحبيبة...!
فتنهدت وهي تخبره:.

-بص يا جسار انا هقولك اللي اعرفه بصراحة، نور من قبل ما تتجوز حسام كانت معجبة بيك، كنت شاكه انها ابتدت تحبك، وخاصة لما جت في مرة سألتني اعمل اية عشان ألفت انتباهه! لكن اعتقد لما خطبناها لحسام ساعتها رضيت بالامر الواقع ونسيتك غصب عنها بكل الطرق..
لمعت عيناه ببريق امل لم يستطع قتله وهو يسألها بلهفة:
-بجد يا ترنيم؟!
اومأت مؤكدة وهي تسرد له ما حدث:.

-نور ماكنتش بتحب حسام، نور كانت بتحترمه كزوج يستاهل الاحترام، لكن حب معتقدش، ودلوقتي حسام ربنا يرحمه، فرصتك بقا ربنا عطاهالك
اومأ جسار مؤكدًا وبداخله عزم حقيقي، لتسأله ترنيم مشاكسة:
-بس عرفتني ازاي بعد ما عملوا لي عملية التجميل؟ ده انا شكلي اتغير خالص
احتضنها بحنان ليجيبها مبتسم:
-ده إنتِ تؤامي يابت، وبعدين ماتنسيش دي! وكمان صوتك، بس صقر له حق ماسمعش صوتك ولا شافك لمدة سنة.

قالها وهو يمسك يدها المصابة بحرق خفيف تسبب هو به يوما ما دون قصد..!
لتبتسم ترنيم متنهدة بعمق وهي تدس رأسها عند صدره...
وفجأة وجدت صقر امامها يهتف بصوت نزق:
-جومي من جنبه
رفعت حاجبها الايسر متعجبة، لتجده يسحبها بهدوء بعيدًا عن جسار، وأعاصير الغيرة واضحة على ملامحه المكفهره:
-ايوة ما تجعديش في حضنه كدة
جذبها له فجأة ليحيط خصرها هامسًا بلطف متملك ؛
-حضنك ده ليا انا وبس!
ابتسم جسار مشاكسًا اياه:.

-ما براحة ياعم هو انا هاكلها، دي توأمي واختي يا عبيط
مط شفتاه بلامبالاة:
-حتى لو نصك التاني اللي اتقسم منك بالغلط!
ابتسم جسار بحنان، يرى مياه العشق التي تفرقت يومًا تعود لمجاريها، يرى ذبول زهرات العشق بعينا صقر اصبحت تتضرج بحمرة الجنون الملتهب باجتماعهم من جديد...!

وفي يوم عاد جسار سريعا دون مقدمات عندما اخبرته والدته ان نور مريضة وانها اخذتها لطبيب واليوم هو اليون الثاني للكشف عنده...
وصل في الوقت المناسب الذي كان الطبيب يعيد الكشف فيه على نور للمرة الثانية بعد ان اجرى لها بعض التحاليل امس...
تنهد وهو يقترب من والدته مرددًا:
-متقلقوش هي بخير الانيميا كانت عالية عندها بس
سألته بلهفة واضحة:
-طب والجنين آآ...
ولكن جسار قاطع الطبيب قبل ان يرد ويفضح امرهم جدية:.

-خلاص يا امي قال كل حاجة بخير...
فأشار له جسار بعيناه ليصمت مضطرًا، دقائق مرت ووالدته اصرت على أن تشتري لها بعض العصائر...
فدلف هو للغرفة التي تقطن بها نور بخطى مرتعشة..
اشتاق لها، اشتاق لها كالعادة عندما يبتعد عنها!
وكأن سيول العشق المُتيمة لا تهبط الا في ارضها هي...
بمجرد ان رآها وجدها تبكي فسارع يقترب منها وهو يهمس:
-مالك يا نور؟ في اية!
قالت من بين شهقاتها:
-قالكم صح، ق قالكم!

تمهل جسار يحاول فهم تفرقة حروفها، ليجدها تكمل بصوت مبحوح:
-الموضوع ده سببلي مشاكل كتير، واولها موت ح، حسام، انا مكنش ق قصدي ايوة مليش آآ
قاطعها جسار بحدة متساءلاً وقلبه ينبض بتوجس:
-اهدي وفهميني؟ مال حسام بالموضوع ده
حاولت كتم شهاقتها المحفورة بقسوة داخل روحها، لتخبره بحروف عانت لتكون ملتصقة:
-اتخانقنا بسبب الموضوع ده ف في اليوم اللي عمل ف فيه الحادثة آآ لما زعق وسابني و، وخرج!

اتسعت حدقتا عيناه وقد بدأ يدرك مقصدها، مقصد واحد وصل له فرماه في جحيم الصدمة!
ليسألها ببلاهه:
-يعني حسام مات بسببك!
ظلت تهز رأسها مؤيدة ولكن سرعان ما كانت تستنكر حديثه:
-انا م معرفش اآآ انه هيسوق وآآ...
قاطعها عندما جذبها من خصلاتها صارخًا يزمجر بجنون:
-متعرفيييش؟! أنتِ اللي اتخانقتي معاه انتِ السبب في موته، أنتِ السبب في حرقة قلب امي والكسرة اللي احنا فينا.

كادت تنطق ولكنه اكمل بوعيد قاسي وهو يضغط على خصلاتها اكثر حتى صرخت من الالم:
-وديني يا نور لاعرفك ان الله حق، وانا معنديش يامه ارحميني!

كان صقر يخرج من غرفته يزرر ازرار قميصه العلوية عندما وجد والدته بوجهه فجأة تهتف بصوت أجش ؛
-أنت مش ملاحظ انك ظالم يا ولدي؟
ردد صقر مستنكرًا:
-ظالم!
اومأت مؤكدة وهي تخبره:
-ايوة، أنت مابتعدلشي بين الاتنين، من يوم ما عرفت ان البت دي هي ترنيم بت عمك وانت مابتباتش في اوضة مرتك ابدا
تنهد بقوة، هو يعلم انها على حق، ولكن ماذا إن كان ذاك الحق تلون بوجهه الظلام الذي يجعلك تنفر منه؟!

تنحنح بهدوء عندما لمح نيرمين تقف بالاسفل منتظرة اجابته:
-معاكِ حج...
ابتسمت والدته وهي تخبره بحزم:
-يبجي الليلة ليلة نيرمين، نيرمين يا صقر!؟
هنا ظهرت ترنيم التي تابعت بشراسة:
-هي نيرمين ماكفاهاش كل السنين اللي اخدته مني فيها؟ مش كفاية اني ماطلبتش يطلقها!
نهرها صقر بحدة خفيفة:
-ترنييييييم...
ولكنها استطردت بحنق:
-ارجوكِ ماتدخليش في حياتنا اكتر، ارجوكِ
تجاهلها صقر وهو يردد بنبرة جادة:.

-بلغي نيرمين ان الليلة عندها يا امي
اتسعت ابتسامة والدته المنتصرة، اخيرًا استطاعت تحريك شظايا العقل داخل ولدها الحبيب!
ونيرمين كذلك التي هللت وهي ترى ان ترنيم لم تؤثر على صقر كليًا...
ولكن ترنيم لم تصمت وهي تمسكه من ذراعه مرددة بنبرة اشبه للصراخ:
-انت بتقول اية؟ أنت هتفضل معايا، بطل الجنان ده شوية!

وفجأة ومن دون مقدمات كان يصفعها، ولكن لم تتخذ الصدمة لتلك الصفعة موضعا كبيرا اذ ترنجت ترنيم لتبتلعها السلالم من خلفها فتسقط متدحرجة حتى الاسفل من دفعته غير المقصودة و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة