قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل الخامس والخمسون والأخير

رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل الخامس والخمسون والأخير

رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل الخامس والخمسون والأخير

تقف ايفدوكيا أمام مرآة منزلها، تنظر في تاريخ النتيجة المُعلقة فوق سريرها كيف مر شهرين بهذه السرعة؟ الوقت مر بسرعة كرياح الخماسين، تذكر وكأن هاري قد أُصيب البارحة وليس منذ شهرين وبضع أيام.

ترتدي ثياب مُريحة وتضع مساحيق تجميل قليلة بناء على رغبة هاري.
ايف هل انتهيتِ؟ جاءها صوت بيرت من الخارج لتصيح في المقابل:
سأرتدي الحذاء فقط.
هيا إن نايل ينتظرنا بالخارج.

إلهي عصفورين الغرام سيجليسون بالأمام سوياً أما أنا فسأجلس بائسة في الخلف.
بلا دراما من فضلكِ يا حقودة، نصفكِ الثاني ينتظر في الفندق.

حسناً أنتِ محقة في هذا، لنذهب.
كان نايل بالفعل في موعده بالثانية ينتظر أمام المنزل، يرتدي بذلة رسمية باللون الأزرق الداكن للغاية مما جعل عيناه الزارقاوتان تلمع مع خصلات شعرت البنية ممتزجة ببعض الخصلات الشقراء.

مرحباً أميرتي. اردف نايل فور رؤيته لبيرت التي اعترف لها بإعجابه الشديد منذ أسبوعان تقريباً، يُقبل يدها بلطف ثم يقوم بفتح باب السيارة من أجلها ويفعل المثل مع ايفدوكيا.
تتجه السيارة نحو واحداً من أشهر فنادق باريس والذي سيقام داخل قاعة مخصوصة عرض الأزياء الخاص بشركة هاري، يتوقف نايل أمام الفندق وقبل ان تفتح ايفدوكيا باب السيارة تجده يُفتح من الخارج.

مرحباً بكِ سيدتي اردف هاري ثم يُمسك بيدها ليساعدها على الخروج من السيارة.
مرحباً بك هاري.

هل انتِ مستعدة؟ لدينا يوم حافل.
أظن انني كذلك. اردفت وهي تقهقه بلطف.

مادلين هل كل شيء جاهز؟ سأل هاري فتاة تقف بالقرب من بوابة الفندق وترتدي ثوب بالكاد يُغطي فخذيها.
من هذه؟ سألته بضيق ليقهقه على تعابير وجهها دون أن يُجيب.

ايفدوكيا ستصطحبك مادلين إلى غرفة خاص، هناك مفاجأة بالداخل.
أي مفاجأة؟ ثم اني لن اذهب مع هذه.

هيا ايفدوكيا لا وقت للغيرة هنا.
توجهت نحو الغرفة بإمتعاض بينما تسير مع الفتاة تلك، تتوجه إلى جناح خالص داخل الفندق، كان أثاث الغرفة من الداخل يغلب عليه اللون الكريمي بينما كان الأغطية باللون الأسود، وكان في جزء من الجناح مكان مخصص لتبديل الثياب مع خزانه كبيرة وكرسي كبير أمامه مرأة كبيرة كذلك مناسب لوضع مساحيق التجميل.

لماذا جئنا إلى هنا؟
لقد أمر السيد هاري بذلك، سأساعدكِ على أن تكونِ في أبهى صوركِ في العرض.

اوه حسناً.
ستجدين الفستان خاصتكِ بالداخل سيدتي، إذا كنتِ بحاجة إلى المساعدة فقط أخبريني لأحضر المُساعدة.

توجهت ايفدوكيا نحو الجزء الآخر من الجناح لتجد فستان أحمر اللون منزوع الأكمام عدا حمالة رفيعة في أحد الكتفين يُزينها بعض الورود الحمراء كذلك، كان الفستان يُغطي جزء كبير من الأرض من حولها. زينت الورود جزء من الصدر وجزء من الذيل، شهقت ايفدوكيا بإنبهار فور رؤيتها للثوب.
هذا أجمل ما رأت عيني، إلهي. هل انتِ واثقة أن هذا الثوب من أجلي؟ تحدثت ايفدوكيا غير مُصدقة لتومئ لها ايفدوكيا.

حسناً. على الأغلب سأحتاج إلى المساعدة في ارتداء هذا.

حسناً، سأحضر المُساعِدة.

ارتدت ايفدوكيا الثوب ثم جلست على الكرسي أمام المرآة منتظرة من فتاة التنورة القصيرة تلك أن تأتي لتُفاجئ أنها قادمة وبرفقتها خبيرة تجميل لتقوم بوضع مساحيق التجميل وتصفيف شعر ايفدوكيا بإحترافية.

وضعت مساحيق تجميل هادئة قليلاً لكن يغلب عليها اللون الأحمر القريب قليلاً إلى الوردي، أما عن تصفيفة شعرها فقامت بتصفيف كعكة تميل إلى الأسفل مع بعثرة بعض خصلات شعرها وتركت من الأمام بعض الخصلات المنسدلة مع وضع ورود حمراء صغيرة تتماشي مع خاصة الثوب.

لقد انتهيت ابتسمت ايفدوكيا بصفاء حينما سمعت تلك الجملة، ابتعدت عنها خبيرة التجميل قليلاً لتقف ايفدوكيا أمام المرآة بتوتر، تأخذ نفس عميق غير مُصدقة أنها تبدو بهذا الجمال والأهم الإختلاف، تُفكر كيف ستكون ردة فعل هاري حينما يراها؟ مؤكد انه سينبهر لا شك في ذلك.

نحن سنرحل وسيحضر سيد هاري إلى هنا بعد خمسة دقائق.

وقفت ايفدوكيا تتأمل ذاتها لبضع ثوانٍ ثم أخذت تعبث في هاتفها منتظرة قدوم هاري وبالفعل بعد خمسة دقائق تماماً سمعت صوت خطوات بالقرب من الباب ورائحة عطر رجولي ثقيلة غزت المكان قبل يطرق باب الغرفة مرتين بهدوء.

وقفت أمام الباب مباشرة، أخذت نفس عميق قبل أن تفتحه بهدوء. الصمت يخيم المكان وكلاهما يتأمل الآخر، بدت على هاري معالم الدهشة وفرق شفتيه قليلاً بينما يُرمز بزمردتيه على عينيها لقد بدت أجمل من أي وقتاً سابق. أما عنه فكان يرتدي بذلة سوداء اللون وقميص أسود اللون كذلك ووضع منديل أحمر اللون في جيب معطف البدلة ليتماشى مع ثوب ايفدوكيا، لفائفه البنية التي ازدادت طولاً مُصففة بعناية بالإضافة إلى السلسال الذي اهدته اياه ايفدوكيا.

إلهي. انكِ. انكِ أجمل ما وقعت عليه عيني منذ أن جئت إلى هذه الدنيا. اشتعلت وجنتيها ولمعت عيناها قبل أن تبتسم وتنظر إلى الأسفل في خجل.

أنا حقاً لا أصدق أن كل هذا الجمال قد وقع في حبي أنا!

أنتَ تبدو مذهلاً. اردفت بتوتر ليقهقه على خجلها ثم يقترب بضع انشات ويهمس.

أحبكِ. تنظر إلى الجهه الآخرى بخجل ولا تُجيبه لكن عوضاً عن ذلك تقول:.

سنتأخر، لنذهب يُشبك يده مع خاصتها ويسير إلى جانبها نحو صالة العرض، بمجرد دخولهم من الباب الفخم للصالة انهال عليهم أضواء الكاميرات وزحام من الصحفيين، الجميع يهمس. الكل منبهر بثوبها والأهم أن الكل من منبهر بحبيبة هاري الجديدة بعد مدة طويلة بدون الوقوع في الحب، تشعر بتوتر كبير فتضغط على يديه لا إرادياً ليُربت هو على خاصتها في محاولة لطمئنتها.

لا تقلقِ همس لتأخذ هي نفساً عميق وتُكمل سيرها نحو الداخل، تجلس إلى جانب هاري وعلى يمينها بيرت وإلى جانبها نايل، أما عن جانب هاري الآخر فكانت تجلس والدته وچيما وزوج والدته.

بدأ العرض لتتسلل إلى أذنهم صوت موسيقى لطيفة بالتزامن مع بدء سير العارضات، كانت كلما مرت واحدة شعرت ايفدوكيا بالفخر لأنها شاركت بجزء من هذا العمل وكلما مر تصميم من تصاميمها تشعر وكأن قلبها يكاد يقفز خارج قفصها الصدري من السعادة، لم تشعر قط بالرضا والفخر كما شعرت في ذلك اليوم. نظرت نحو هاري لتجد أمارات الرضا والسعادة على وجهه هو ايضاً، لا تدري كيف ومتى انتهى العرض لكن فجاءة وقف هاري وقبل جبينها قبل أن يصعد إلى ممشى العارضات وسط تصفيق حار ليُلقي خطبته على مسمع الجميع.

مرحباً بالجميع، اوه هذا يعمل. اردف هاري وهو يفحص مكبر الصوت ليقهقه الجميع.

اشكركم جميعاً على الحضور اليوم هذا يعني لي الكثير خاصة بعد الفترة العصيبة التي عصفت بي وبالشركة كذلك، لذا أوجه لكم جميعاً الشكر لأنكم ساهمتم في نجاح هذا العرض اليوم، لكن هناك أشخاص اخرين أود أن أشكرهم بشكل خاص وهم فريق العمل السري للشركة وأسرتي الصغيرة التي ساهمت في عودتي وانتصاري مجدداً. قال هاري ليُصفق الجميع ويأتي صوت صفير من بين الحشود، ابتسمت ايفدوكيا هي وباقي الفريق فلقد وجه الشكر لها حيث انها جزء من الفريق.

ويجب على أن أشكر بشكل خاص جداً، حبيبتي ومُلهمتي الوحيدة. ايفدوكيا. صفق الجميع بحرارة بينما رفعت عيناها نحوه ثم خفضت رأسها في خجل بينما تشعر أن قلبها على وشك أن يقفز من مكانه بسبب السعادة والخجل.

بالمناسبة أعلم ان اطلالة ايفدوكيا ابهرت الجميع اليوم، وأعلم أن الجميع يتسأل عن الثوب خاصتها وأجل انه من ضمن تصميم هذه المجموعة ولكنه صُنع مخصوصاً من أجلها وفقط من أجلها. ازداد بريق عيناها حينما سمعت تلك الجملة، وشعرت انها على وشك البكاء من فرط المشاعر. نظرت نحوه بإمتنان شديد.

ايفدوكيا هلا اقتربتِ إلى هنا قليلاً؟ اردف لتُشير ب لا لكنه يُشير لها بأن تأتي، تقف بخجل ثم تصعد درجات بسيطة على جانب الممشى لتقف إلى جانب هاري وهي تشعر بكم هائل من التوتر والقلق.

لقد اردت قول هذا الخبر أمام الجميع وأنتِ تقفين بالقرب مني. ابتسمت وهي تنظر نحوه بتسائل وهي تدعو من داخلها أن يقول شيء جيد.

لقد تم تسجيل ثُلث الأرباح في حسابكِ الشخصي صباح اليوم تقديراً لمجهودكِ العظيم في العمل على هذا المشروع.

ماذا؟ سألت بإندهاش ثم نظرت نحوه بصدمة وهي تهمس له ب لا.

لقد علمتُ منذ البداية أنكِ سترفضين لذا فعلتُ ذلك من دون علمكِ. تحدث هاري بهدوء شديد وهز يبعد المُكبر عن فمه.

هاري لا مزاح في أمر كهذا! أنا حقاً لا أريد تلك الأموال. كما أنني أدين لكَ بالمال من البداية.

هل يوجد ديون بين الأحبة؟ سأل هاري لتصمت لثوانٍ قبل أن تقول:
نعم يوجد، لنجعل الأموال خارج المشاعر والعلاقات الشخصية.

وهذا تماماً ما فعلته حينما منحتكِ هذا الربح.

لا أنتَ لم تفعل، كان بإمكانك أن تكتفي بصرف مُكافئة.

لنتحدث بشأن ذلك في وقت لاحق ليس أمام الجميع. قال هاري وهو يبتسم ثم أمسك بالمكبر مجدداً وهو يُردف:
أعلم أنني أطلتُ الحديث واعتذر حقاً لكن هناك شيء أخير أود قوله أو بمعنى أدق، هناك طلب أود أن أطلبه أمام الجميع. توترت الأجواء لثوانٍ وارتجفت يد هاري هاري قليلاً بينما اقترب الصحفيين ليلتقطوا بضع صور.

ايفدوكيا. اردف بنبرة رقيقة هادئة قبل أن يركع على أحدي قدميه أمام ايفدوكيا بينما يُخرج عُلبة من القطيفة ذات لون أزرق داكن ويفتحها على مصرعيها لتُظهر ما بداخلها، تشهق ايفدوكيا بصدمة من فعلته تلك وهي تشعر بالدموع تتجمع في عيناها، ويكاد قلبها يقفز من الفرحة. تقع عيناها على ذلك الخاتم الألماسي الموضوع داخل العلبة، كان خاتم دائري مُرصع بألماسات صغيرة بطول الدائرة ثم في المنتصف فص ألماس كبير لامع.

ايفدوكيا هل تقبلين الزواج بي؟ لحظات صمت تمر على قلب هاري كأعوام، ازداد توتره وشعر بأن حرارته ترتفع، أما عنها فقد غزت عقلها سعادة وصدمة أصابت تفكيرها بالشلل تماماً، تُفكر في كل شيء في آنٍ واحد. كل ما حدث وكل الصعاب التي تخطوها سوياً، تأخذ نفساً عميق قبل أن تُردف بحماس:.

أجل تنفس هاري براحة فور سماعه لتلك الكلمة قبل أن يستقيم ويهرول نحوها ليضمها بقوة ويدور بها وسط قهقهاتها وتصفيق الجميع. تدمع عين كلاهما في مشهد رومانسي درامي، صفقت بيرت بقوة وهي تقفز ممسكة بيد نايل بينما يصفق نايل بحرارة شديدة.

أفلتها هاري ثم أمسك بيدها بهدوء وهو يُخرج الخاتم من العلبة ليضعه في يدها اليُمني بهدوء ثم يُمسك بيدها ويُقبلها ببطء.

أحبكِ.

أحبكَ. همست وهي تُغمض عيناها لثوانٍ قليلة، يهبط كلاهما من على الممشى ويعود كلاً منهم إلى مقعده، تضمها بيرت بقوة وهي تصرخ في أذنها بحماس بينما فعل نايل المثل مع هاري، ثم ذهب هاري لوالدته وقبل رأسها ثم ضمها وللمرة الأولى قد تقبلت السيدة آن وجود ايفدوكيا حول هاري بعد إدراكها المتأخر أن وجودها إلى جانبه يمنحه السعادة، القوة والإلهام. ذهبت ايفدوكيا للسيدة آن لتضمها بحنان ثم تُردف:.

سيدة آن، لم يمكن هناك فرصة لنتعارف جيداً لكن أعدكِ أنني سأبذل قصارى جهدي لجعل هاري سعيد وستُثبت لكِ الأيام حسن نيتي، فأنا لا أحاول أن أُنافسكِ في الحصول على هاري فأنتِ في مكانه أسمى وأعلى مني بكثير فأنتِ والدته في نهاية الأمر. اتسعت ابتسامة آن كثيراً حينما سمعت تلك الكلمات، وربما شعرت ببعض الندم داخلها على ما فعلته في السابق.

أنا اشكركِ كثيراً ايفدوكيا على مشاعركِ الرقيقة، من الآن وصاعداً سأعتبر أن لي ثلاثة أولاد وليس فقط اثنين.

كان كل شيء يسير على ما يرام، يحصل هاري وايفدوكيا على المباركة من الجميع بينما يحييهم البعض حتى جاء موظف خدمة نحو ايفدوكيا وهو يقول:
سيدة ايفدوكيا لقد ترك أحدهم هذا من أجلكِ. اردف الشاب بأدب ثم سلمها ظرف صغير قبل أن يستأذن ويرحل.

ما هذا؟ سأل هاري لتنظر نحوه بحيرة وهي تُردف:
لا أعرف!

تُمسك بالظرف في يدها كان لونه باللون البنفسجي الفاتح وقد لُصق عليه من الخارج زهرة ايفدوكيا المُفضلة، زهرة اللا?ندر وقد فاحت من الظرف رائحة اللا?ندر كذلك. تفتحه ايفدوكيا بلهفه لتجد داخله رسالة وقد كُتب فيها:.

عزيزتي وشقيقتي الوحيدة ايفدوكيا، مُباركاً لكي على هذا النجاح. وددت لو أكون إلى جانبكِ في يوم هذا لكن لم استطع، لقد اشتقتُ اليكي كثيرا لكن هذا لا يهم الان، ما اردت قوله هو أن هاري لم يُقبلني ذلك اليوم. الامر ليس كما ظننتِ أقسم. أنا من ابتدعت الأمر. حتى إنه كان يذكر اسمكِ ليلتها ظناً انني انتِ. أما عن الرسائل فلقد ارسلتها بالفعل كي تفترقا.

أعلم ان الإعتذار الآن لن يكون كافياً ولن يجعلنا ننسى ما حدث. اتمنى ان تستطيعي مسامحتي يوما ما، لقد سافرت إلى بريطانيا. سأعود إلى باريس مجددا حينما اكون مستعدة، وأمل ان تصلني دعوة زفافكِ عن قريب.

إمضاء: شقيقتكِ ماديسون.

تهرب دمعه من عين ايفدوكيا وهي تقرأ الكلمات بقلبها لا بعينيها. لقد كانت هذه المرة الوحيدة التي تحدثت فيها ماديسون بصدق تام، هي حقاً تشعر بالندم على كل الأخطاء التي اقترفتها في حق شقيقتها، هاري والأهم في حق نفسها. لقد أفسدت كل شيء لكنها شعرت بالندم يحرقها لذا قررت أن تبتعد وتترك الأمور تتخذ المسار الصحيح.

هل ماديسون من كتبت تلك الرسالة؟ سأل هاري دون أن يتطفل على محتوى الرسالة لكنه لم يكن من الصعب تخمين من قام بإرسالها.

لقد رحلت هاري. ستبقى خارج فرنسا كاملةً.

إلهي. لا تحزني، هي ستعود قريباً حينما يصلها دعوة زفافنا. اردف هاري بلطف ثم ابتسم ابتسامة واسعة وهو ينظق كلمة زفافنا.

حسناً، أتمنى. قالت وهي تحاول مسح الدموع دون إفساد مظهرها.

في أحد شهور الخريف والذي جاء بعد مرور بضعه أشهر من خِطبة هاري وايفدوكيا، وقف هاري يوبخ الجميع ويتأكد أن كل شيء في مكانه فهو لن يسمح بأي غلطة في يوم كهذا، لن يسمح أن تقع عين حبيبته على شيء لا يسرها. هذا يومها ويجب أن يكون متناسق ورائع في كل شيء.

هاري عليك الذهاب للإستعداد وارتداء بذلتك، ايفدوكيا أوشكت على الإنتهاء ولا يجب أن تكون هنا بنفسك.

أعلم، لكنِ أشعر بتوتر شديد لا أريد أن يُفسد أولئك الحمقى أي شيء.

لا تقلق، سأتابع كل شيء بنفسي. اردف نايل بنبرة مطمئنة ليشكره هاري وهو يربت على كتفه ويتوجه نحو الداخل، يصعد إلى غرفته ليبدأ في الإستعداد. لقد تأخر كثيراً فلا يوجد شخص طبيعي يُتابع تنظيم عرسه بنفسه! لكن قلقه من حدوث أي أخطاء جعله يُقدم على شيء كهذا.

سيد هاري هل أنتَ مستعد؟

أجل. أجاب المساعد خاصته الذي سيساعده في ارتداء بذلته وتحسين مظهره.

يرتدي هاري بذلته السوداء وقميص أبيض اللون مع رابطه عنق سوداء كذلك مصنوعة من قماش الستان اللامع قليلاً، قام المساعد بتمشيط خصلات شعره وتثبيتها قليلاً. كان شعره قصيراً لأول مرة فقد قرر جعله قصيراً كنوع من التغير في مظهره في يوماً كهذا، انتهى من كل شيء. وقف يتأمل ذاته في المرأة قبل أن يأخذ من زجاجة عطر فخمة ليغمر نفسه بالعطر حتى كاد يصل إلى جناح ايفدوكيا المُقابل لغرفته، يصدر صوت إشعارات من هاتف هاري. يُمسك به ليجد رسالة جديدة وصلته من ريان زوج چيما المُستقبلي وقد أرسل لهاري نسخة من المقالات التي نُشرت بشأن أليكس وليو والتي ضمت الأحكام التي حصل عليها كلاهما في محاكمة اليوم، ابتسم هاري بإنتصار وهو يفكر في كم سيسعد هذا الخبر ايفدوكيا لكنه قرر ألا يُخبرهت بذلك اليوم فهو لا يريد أن تقفز أي ذكريات سيئة إلى رأسها.

أما عن ايفدوكيا فكانت تقهقه بسعادة بينما ألتف من حولها والدتها، بيرت، إيلين، چيما شقيقة هاري والسيدة آن والدته بينما يساعدوها جميعاً على ارتداء ثوبها، كان ثوب أبيض اللون ذو ذيل طويل، بدون أكمام وذو حملات عريضه تدلت على كتفها، كان يُشبه كثيراً فساتين الأميرات في الكتب الرومانسية القديمة، زينه بعض الأجزاء الصغيرة اللامعه التي اتخذت شكل أفرع وأوراق الشجر، وضعت طرحة بيضاء كذلك على رأسها بالإضافة إلى تاج متوسط الحجم لامع مُرصع بمجهورات كريستالية، جاءت خبيرة التجميل والتي وضعت مساحيق تجميل تُبرز ملامح ايفدوكيا الرقيقة دون الحاجة إلى التسبب في تغير كبير في مظهرها فهذه كانت رغبتها هي وهاري. أن تبدو ذات جمال طبيعي في زفافها، كانت ألوان مساحيق التجميل تميل إلى البني بدرجاته المُختلفه.

انتهت ايفدوكيا بعد وقتاً طويل، وقفت تنظر إلى نفسها في المرآة. ابتسامة صغيرة زينت ثغرها مع دمعة هاربة فرت من عيناها، لما البكاء؟ إنها لا تصدق أنها وصلت إلى نهاية الطريق برفقة هاري. لا تُصدق أنها استطاعت تخطي ذلك الحزن الذي جعل روحها دفينة في مقابر الآلم والقلق والتعاسة. لا تصدق أنها تخطت كل العقبات وكل ما حاول تدميرها في السابق، لقد أصبحت الآن مصممة أزياء بشهرة لا بأس بها كما كانت تحلم. عائلتها إلى جانبها الآن وجميع من يحبونها. واخيراً قد وجدت الشخص المناسب لإكمال الرحلة وهي تمسك بيده بلا خوف واثقة أنه لن يخذلها قط.

وقفت والدتها خلفها تُكفكف دموعها وهي تنظر نحو صغيرتها وهي تبدو كالملائكة في ثوب زفافها الأبيض، كان قلبها يطير من السعادة لولا تلك الوخزة التي أصابتها لعدم وجود ماديسون إلى جانب شقيقتها في يوم كهذا.

أمي لا تبكي. قالت ايفدوكيا وهي تضم والدتها بلطف شديد، ثم فصلت العناق لتعانقها بيرت بقوة وهي تضحك وتبكي في الآن ذاته.

لا أصدق أنكِ فعلتيها اخيراً لقد أخبرتكِ منذ البداية يا حمقاء أن مصيركِ هو الزواج من هاري.

أنا ايضاً لا أصدق، لقد دفعنا الثمن غالياً لكي نصل إلى هذا اليوم لذا لا داعي لذرف الدموع اليوم فقط للإبتسام. قالت ايفدوكيا بحكمة شديدة وهي تمسح دموع والدتها.

ايفدوكيا، ابنتي الثانية وزوجة ابني المدلل. اعتذر مجدداً عن كل ما فعلته في السابق وأتمنى أن تسامحيني، اليوم ستأخذين أحدى جوهرتي. أتمنى لكم السعادة. قالت السيدة آن بحنان شديد بينما كان واضح عليها الإرتباك وهي تقول تلك الكلمات، ولأنه لا شخص يتغير تماماً فلقد ظهر عليها كثيراً انها تحارب غرورها لتقول كلمات كتلك.

لقد سامحتكِ سيدة آن منذ اليوم الأول، واعدكِ بأني سأحافظ عليه ما حييت. أجابتها ايفدوكيا بنبرة مطمئنة قبل أن تُردف:
أنا مستعدة، أين أبي؟ وهاري؟ مع نهاية جملتها طرق أحدهم الباب بخفة، تتجه بيرت نحو الباب لتفتحه لتجد والد ايفدوكيا والذي لمعت عيناه فور رؤيته لصغيرته في ثوب زفافها، أجل إنها ليست المرة الأولى التي ترتدي فيها ذلك الثوب لكن هذه المرة تختلف كثيراً. فالجميع هنا راضٍ وسعيد بتلك الزيجة.

مرحباً بصغيرتي. اردف والدها الذي اقترب منها بهدوء وقبل جبينها قبل أن يُمسك بيدها ويتجه نحو الخارج وهو يُعلمها بأن هاري ينتظرها في الخارج.

توجهت نحو الخارج وهي تشعر بتوتر شديد، لا تكاد تطيق الإنتظار لرؤية تعابير وجه هاري حينما يراها بهذا الثوب، وقفت الردهه هي ووالدها ليخرج هاري من الغرفة المُقابلة، يصافح والدها ويضمه برفق قبل أن يقف أمامها وتقع عيناه عليها.

وكأنهم في عالم آخر، تنظر إلى الأسفل بخجل بينما يرفع رأسها برقة بواسطة إبهامة. لحظات من الصمت سادت في المكان ولا حديث سوى بالروح والعين. يتأملها وتتأمله. لمعت عيناه بقوة وهو ينظر إليها، فُتح ثغره قليلاً من الدهشة فهو لم يتوقع أن يرى في حياته شخصاً بهذا الجمال، ينحني على إحدى ركبتيه ويُقبل يدها قبل أن يستقيم ويُمسك بيدها ليتوجهوا نحو القاعة
ونحو حياتهم الجديدة معاً.

تمر إجراءات إتمام الزواج سريعاً، ثم يتبادل الأقارب والأصدقاء صعود الدرجات القليلة ليُلقي خطبته على العروسين أمام مكبر الصوت، انتهى كل ذلك ليبدأ الثنائي في الرقص بينما يُصفق الجميع ويشاركهم الرقص البعض الآخر، حينما شعرت هي بغصه في حلقها. ألم يكن من المفترض أن تكون ماديسون إلى جانبها الآن؟ أن ترقص وسط الحضور؟ أن تُحسن من مظهر شقيقتها وتحمل ذيل فستانها؟ أن تُشارك شقيقتها فرحتها الكبيرة.

بينما خالطت تلك الأفكار ذهن ايفدوكيا قطع هاري الرقصة ويُغادر منطقة الرقص ويصعد على تلك الدرجات ليقول:
أعتذر سنوقف الموسيقى لبضع دقائق. اردف هاري لينظر نحوه الجميع بتساؤل وفضول وترفع ايفدوكيا أحدى حاجبيها.

يُمسك هاري بمكبر الصوت قبل أن تبدأ الموسيقى في العمل مجدداً، لا تفهم ايفدوكيا ما يحدث حتى يبدأ هاري في الغناء. أغنيتهم المُفضلة. تلك التي اعتادوا سماعها سوياً. تدمع عين ايفدوكيا بينما يُغني هاري الكلمات بصوته العذب.

ومع انتهاء الأغنية يُفاجئ الجميع بصعود أحدهم على الدرجات ويقف أمام مُكبر الصوت وتصمت الموسيقى مجدداً.

مرحباً بالجميع. اعتذر عن مقاطعة الغناء والعزف. لقد تأخرت قليلاً لكني مُصرة على إلقاء خطبتي أمام الجميع. عزيزتي ايفدوكيا. شقيقتي الوحيدة والكبيرة. تبدين مُزهلة وكل شيء هنا مُزهل ومُبهر مثلكِ تماماً، مُبارك لكِ ولهاري. أتمنى لكم السعادة. أُحبكِ. اردفت ماديسون لتُغلف طبقة شفافة عين ايفدوكيا قبل أن تركض نحو ماديسون غير مُبالية بالثوب والزفاف والجميع، تُعلنق شقيقتها عناق دافئ طويل وكأنه تُرسل كل مشاعر الإشتياق، العتاب، الحب والإنتماء عبر ذلك العناق.

لقد خفتُ كثيراً من عدم قدومكِ. همست ايفدوكيا بصوت منخفض وهي تشهق.

صه ايفا أنا هنا إلى جانبكِ الآن ولا داعي للبكاء، اليوم هو يوم الفرح فقط. فصلت والدتهم العناق وهي تضم ماديسون ثم فعل والدها المثل وقد عانقها بعد أن كان يرفض التحدث إليها منذ سنوات. لقد عادت الأمور إلى مسارها الصحيح الآن.

في وسط الحفل شعرت ايفدوكيا بالرغبة في أن تشم هواء في مكان مفتوح لذا غادرت القاعة تاركة الموسيقى الصاخبة والاضواء اللامعه وتوجهت نحو الخارج.

وقفت في الحديقة المُجاورة للقاعة لتأخذ نفس عميق وهي تتأمل حياتها كاملة، كم تشعر بالسعادة اليوم. إنه أفضل يوم في عمرها.

شعرت بأنفاس أحدهم تُلثمها لتشهق بخوف ثم تستوعب أنه هاري يضمها.

ماذا تفعل أميرتي في الخارج؟

إلهي لقد أرعبتني! ثم إنني ملكة ولستُ أميرة اردفت بسخرية مُتعمدة أن تغيظه.

أنتِ أميرة وملكة وكل ما هم حُلو في هذا الكون.

أنتَ بارع في المغازلة.

أعلم، والآن أخبريني لما غادرتِ القاعة؟

لا أدري. في اللحظات السعيدة أُحب أن ابتعد قليلاً وأن اراقب الأجواء المليئة بالحب والفرح من بعيد، أحب مشاهدة الصورة كاملة.

هذه نظرة عميقة للغاية كي أكون صريحاً.

أعلم، هاري. أنا خائفة.

مما تخافين وأنا إلى جانبكِ؟

أخشى أن تتركني في يوم من الأيام.

هذا لن يحدث إلى عند موتِ، أنا سأبقى إلى النهاية ايفدوكيا.

هل تعدني هاري؟

أعدكِ ايفدوكيا همس هاري في أذنها وهو يضمها برفق وفي ثنايا ذاكرته يُعاد يوم لقاءهم مرارًا وتكرارًا...

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة