قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل التاسع والثلاثون

رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل التاسع والثلاثون

رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل التاسع والثلاثون

إذاً ما علاقتكَ به؟ أغلقت شرفة السيارة التي جانبها وهي ترتجف من البرد بينما خرجت كلماتها متقطعة قليلاً حيث شعرت أن أسنانها على وشك السقوط من البرد.

من؟
أظن أنه ليس وقت مناسب لتدعي الغباء، تتحدث عنه معي وكأنك تعلم بكل ما حدث! بنبرة عنيفة بصقت حديثها.

وهل حدث شيء حقاً؟
توقف عن المراوغة وأخبرني كل شيء وإلا سأضطر أن أرغمك على إيقاف السيارة في منتصف الطريق وإيجاد توصيله آخرى.

لما كل هذا الإنفعال؟ لقد كنت أمازحكِ وأعتذر كونه ليس وقتاً مناسباً لهذا. لماذا يُصبح مهذباً بشكل فجائي هكذا فيجعلها تشعر بالخزي لإسلوبها الغير متحضر في التحدث معه وبالرغم من انه المخطئ على أي حال.
همهم قليلاً ثم اعتدل في جلسته ويوجه نظره اتجاهها قائلاً: هاري هو صديق قديم لي.

لا تبدون كأصدقاء قط.
لا بالعكس نحن أعز أصدقاء اردف بإبتسامة غير مُريحة آثارت الريبة داخل نفس ايفدوكيا لكنها حاولت تجاهل ذلك وعدم الإستسلام للوهم لكن شيء ما داخلها كان يشعر بأن هناك شيء خاطئ في هذا.

أتظنني حمقاء؟ بنبرة مستنكرة سألته، حاولت تمالك نفسها لكن هدوء أعصابه جعلها تستشيط غضباً.
العفو. لا يستطيع أحد قول ذلك وإن فعل أحدهم فسأعمل على إخراسه للأبد، لكن حقاً نحن أصدقاء.
قال بنبرة لطيفة نوعاً ما لتسكن هي قليلاً.

لكن ليس كل الأصدقاء جيدين تمتم بصوت منخفض ونبرة ساخرة لكنها فضلت ألا تعلق على جملته، فهو محق نوعاً ما، كما أنها أدركت أنه لا داعي لإهدار طاقتها والغضب من بضع جمل مستفزة فهي على الأغلب لن تراه مجدداً.
هل سنستغرق الكثير من الوقت حتى نصل؟ سألت بملل دون أن تنظر نحوه.

لا، لقد أقتربنا
مهلاً من أين تعرف أين أقطن؟ سألت بتعجب عندما بدأت تنتبه للأمر.

امم. ماذا؟
أنا لم انتبه، أنني لم أُخبركَ لقد انشغل بالي بالإبتعاد عن ذلك المكان وحسب.

لقد فعلتِ
لم أفعل.

لا لقد فعلتِ فور دخولك السيارة لكنك لم تنتبهي فقد كنتِ غاضبة للغاية من هاري شردت في الفراغ لثوانٍ، هي لا تذكر فعل ذلك لكنها تعلم أنها أحيانا لا تنتبه لما تقوله فربما يكون محق.
وداعاً، اشكركَ على إيصالكَ لي وتلك النصائح السوداوية ايضاً والتي تكفي لعمل مصنع فحم سخرت منه وهي تغادر السيارة وتكاد لا تشعر بأصابع قدمها من كثرة الآلم الذي سببه الحذاء والتي خلعته بعشوائية فور دخولها المنزل.

تشعر بإرهاق شديد وإن كانت لم تبذل الكثير من المجهود لكن الإرهاق النفسي والفكري كأنا كفيلان بجعلها مرهقه.
مقابلة العمل! هذا ما قفز إلى عقلها وصرخت به فور استيقاظها، كيف لم تتذكر الأمر. لديها مقابلة عمل اليوم ولم تستعد.

كانت الساعة العاشرة إلا خمسة عشر دقيقة وهي لم تستعد بعد في حين أن المقابلة من المفترض أن تكون في العاشرة والنصف، ارتدت ثيابها سريعاً وحاولت ترتيب مظهرها قدر الإمكان بعد أن أخذت تُزيل آثار مساحيق التجميل الخاصة بالأمس.

تركض بلهفه إلى خارج المنزل وتقفز إلى داخل اول سيارة أجرة تقابلها، تخشى ألا يقبلون بها في ذلك العمل فلماذا سيقبلون بأحد قد تأخر على موعد مقابلة العمل؟ وإن كانت قد تأخرت على المقابلة فقط فماذا سيحدث عندما تبدء العمل هناك بالفعل!

توقفت سيارة الأجرى أمام تلك الشركة والتي كان موقعها مُحدد بالفعل على جهاز الملاحة.

توجهت نحو الداخل لتجد موظفة الإستقبال تقف بإبتسامة ودودة بينما تتحدث إلى فتاة بثياب رسمية وعلى ما يبدو أن ايفدوكيا ليست الوحيدة التي ستجري مقابلة عمل اليوم.

صباح الخير سيدتي.

صباح الخير، كيف يمكنني مساعدتكِ؟

لدي مقابلة عمل مع السيدة ليزا.

حسناً تفضلي بالجلوس وحين يحين دوركِ سأخبركِ.

حسناً شكراً لكِ.

كان كل شيء على ما يرام حتى بدأت الفتيات اللواتي قبل ايفدوكيا في الخروج من المكتب الذي يُجرى فيه مقابلة العمل وعلى وجه أحداهما أمارات الغضب والأخرى قد شحب وجهها تماماً، هذا لا يبشر بالخير همست لنفسها وهي تتنهد.

لقد حان دوركِ اخرجها من غفلتها صوت الفتاة لتقف وهي تحمل نسخة من سيرتها الذاتية وتضغط عليها بتوتر، ودت مغادرة ذلك المكان دون أن تتكبد عناء الإحراج والرفض. لكن في نهاية الأمر ليس هناك شيء لتخسره عدا كرامتها بالطبع!

تفضلِ بالجلوس، حسناً فلتُعرفي ذاتكِ صدرت هذه الكلمة من مديرة الموارد البشرية فور دخول ايفدوكيا، لم يسعها تأمل المكان فلقد بدأت المقابلة على الفور مع تلك السيدة والتي تبدو في منتصف العقد الثالث من عمرها، ذات نظارات طبية متوسطة الحجم. فم حاد وعيون ناعسه قليلاً لكن بالرغم من ذلك كان يبدو عليها الصرامة من نبرتها في الحديث وبالطبع استطاعت ايفدوكيا ان تستشف ذلك من تعابير وجه الفتيات اللواتي كن هنا قبل قليل.

اسمي هو ايفدوكيا، وكما هو موضع في نسخة السيرة الذاتية التي ارسلتها أنني لم أُنهي دراستي في كلية الفنون لكنني بالرغم من ذلك استطعت العمل في شركة كبيرة كشركة ستايلز.

جيد ولماذا غادرتِ العمل هناك؟

اضطررت للبقاء مع والدتي لفترة طويلة نظراً لسوء حالتها الصحية وكان على البقاء في مدينة آخرى غير باريس لذا قد راسلت مديري معتذرة وطلبت منه الرحيل بكل هدوء.

وهل وافق بسهولة؟

في الواقع لا. لقد حاول أن يُبقيني في وظيفتي لكنني فضلت أن أرحل وأن امنح مساحة خاوية لأحد يستحق العمل أكثر مني في ذلك الوقت.

جيد، لننتقل إلى الجزء المهني من الوظيفة.

بعد مرور ما يقرب من النصف ساعة من الأسئلة اللامنتهيه استطاعت ايفدوكيا مغادرة المكان على أمل أن يُرسلوا لها على البريد الإلكتروني انه تم قبولها في ذلك العمل، قررت ايفدوكيا ألا تعتمد على تلك الشركة فقط بل ستذهب لأكثر من مقابلة عمل وترى في ايها ستُقبل، ولحسن حظها قد اتصلت أحدى الشركات لتحديد موعد مقابلة عمل معها والذي بالصدفة كان يعرض عليها القدوم اليوم لذا ذهبت على الفور.

تعود إلى منزلها بتعب شديد، دون أن تنتبه لتلك السيارة والتي بداخلها أعين تراقبها لكن لحسن حظها وسوء خاصته قد سقطت المفاتيح خاصتها، لتميل نحو الأسفل لجذبهت وتلمح بطرف عيناها سيارة مألوفة
هاري!

نظرت نحو السيارة بتوعد ثم اقتربت من سيارته بحركة سريعة لتطرق على زجاج السيارة بقوة وينتفض هو داخلها.

أنتَ يا هذا! هل تتبعني؟ تراقبني وتجلس في سياراتك أمام بيتي؟

وإن فعلت ماذا ستفعلين؟ اردف بنبرة استفزازية مع ابتسامة جانبية بينما لا تزال تعابير الضيق على وجهها.

سأضطر أن ابلغ الشرطة، مديري في العمل المهووس لا يتقبل أمر استقالتي ويتتبعني.

حسناً هذا سيء، انظري ايف أنا لا أنوي اختطافك كل ما اطلبه هو التحدث.

وأنا لا أريد هاري ألا تفهم؟ لقد انتهى الأمر قبل أن يبدأ، انتم الأثنين تليقان ببعضكما البعض فكلاكما من فصيلة الزواحف اخذ هاري ثوانٍ ليُترجم عقله أنه تم تلقيبه بالأفعي، ياله من لقب!

حسناً ايف سأرحل الآن لكننا سنتحدث مجدداً ولآخر مرة وإن لم يروق لكِ حديثي سأبتعد. إلى الأبد.

جيد قالت وهي تسير مبتعدة عن السيارة وتتوجه نحو منزلها، وعند بلوغها إلى الباب تخلل اذنها صوت محركة سيارته لتتنفس الصعداء.

وجوده في الأرجاء حولها يصيبها بالإضطراب فجانب منها يود منحه فرصة بينما جانبها الآخر قد سئم من منح الفرص للجميع ثم التعرض للكسر والتحطيم.

ثلاثة أيام كاملة قد مرت دون أن تتكبد ايفدوكيا عناء أن تُحرك ساكناً أو تخطو خطوة إلى خارج المنزل، حتى انها كانت تطلب الطعام عوضاً عن إعداد أي شيء. لا تُنكر أنها قد قلقت قليلاً من أن تنفذ أموالها قبل أن يتم تعينها في أي وظيفة لكنها لا تبالي حالياً.

صدح صوت رنين هاتفها في المكان من مكالمة لم تتوقعها قط.

سيدة ايفدوكيا؟

أجل، هذا أنا.

لقد اردت أخباركِ بأنه تم قبولك في شركة (لا روز) ويمكنكِ بدء العمل من الغد.

يا إلهي. شكراً جزيلاً، سأكون غداً في الموعد قالت ايفدوكيا بحماس ثم أغلقت الخط لتقفز من الأريكة بحماس وتصرخ بينما تضم الهاتف، لم تتوقع قط أن يتم قبولها وفي هذه الشركة؟ لقد كانت مقابلة العمل كارثية والتي الموظفة التي قامت بالمقابلة معها لم يبدو عليها قط الإهتمام بما كانت تقوله ايفدوكيا، لكن كل ذلك لم يهمها الآن فكل ما يهم أن الحياة قد ابتسمت في وجهها مجدداً.

يومها الأول في العمل رهبه شديدة وحماس لكن ليس كالذي شعرت به في يومها الأول برفقته. هاري.

لم كان على الأمور أن تؤل إلى هذا الطريق؟ لو لم تراه يومها برفقة ماديسون. لو لم يذهب هو لمقابلة ماديسون. لو لم يكن خائناً لكان يُقلها إلى العمل الآن. دخلت إلى الشركة بإبتسامة صغيرة يبدو الجميع أكثر جدية هنا من شركة ستايلز، أرشدتها أحدى زميلاتها على ما يبدو إلى المكتب خاصتها والذي كانت تتشاركه مع شخصان آخرين، كان المكان يبدو أقل مرحاً من المكتب الآخر.

جلست على مكتبها ذو اللون الأسود وهي تلعن نفسها داخلياً! لم يبدأ عملها بعد وقد بدأت تقارن بين هنا وهناك!
بعد مرور ما يقرب من الساعة كانت الألوان وكل الأدوات التي تحتاجها قد وُضعت أمامها وقد بدأت تعمل عليها بشغف.

مرحباً أنا ريان قالها فتى بشعر بني مُجعد قد ذكرها قليلاً بأحدهم عدا أن ريان كان شعره أطول نسبياً من هاري، حلق أسود قد زين أحد أذنية، رفعت عيناها لتبتسم له وهي تُعرف عن نفسها.

ايفدوكيا.

أنتِ الموظفة الجديدة أليس كذلك؟

أجل.

يُسعدني وجود آنسة جميلة مثلكِ داخل هذا المكتب البائس لتُشاركنا عملنا الممل.

اشكركَ على هذا الإطراء، في الواقع أنا متزوجة وحتى وإن كان العمل ممل هنا فهذا لا يُهمني على الإطلاق ردت بنبرة جافة فهي تُريد أم تضع حدوداً بينها وبين زملاءها وإن كانت ستضطر إلى إحراجه قليلاً.

اوه اعتذر. على أي حال أنا مُكلف بمساعدتكِ على فهم نظام العمل هنا إن كان هذا لا يضايقكِ بالطبع اردف بطريقة مهذبه وقد بدا عليه الإحراج. شعرت هي بتأنيب ضمير قليلاً لكنها لم تُبدي الأمر الكثير من الإهتمام.

كان اليوم يسير على ما يرام عدا انها كانت تشعر بآلم رهيب في رأسها وفنجان القهوة لم يستطع معالجة ذلك الأمر، عادة إلى المنزل اخيراً بعد يوماً طويل وكان كل شيء على ما يرام قبل أن يضطرب قلبها وينبض مجدداً لقرأتها لتلك الكلمات:.

أعلم انني اخبرتكِ أن تمنحيني فرصة واحدة، لكن أنا لا اقدر ايفدوكيا. أعلم انني بشع وقد ابدو كشخصاً مهووس وأنا كذلك. أنا غارق في الحب ايف لم أشعر بتلك المشاعر من قبل. سأثبت لكِ أنكِ قد أساتِ فهمي لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت لذا أقسم عليكِ بما كل هو غالي عندكِ ألا تُغلقِ باب قلبكِ حتى أتي بدليل. أحبكِ.

نبضات قلبها تتسارع. ياليتك لم تقول تلك الكلمة هاري!

هذا ما كان يجول في بالها، لقد زادتها كلماته اضطراباً، صراع بين قلبها وعقلها. قلبها يميل نحوه وكلماته قد اذابتها لكن عقلها يصفعها صارخاً ب كرامتكِ يا حمقاء فهي لن تقبل أي شيء يمس كرامتها مجدداً.

أخذت تسير ذهاباً واياباً داخل حجرتها وهي تُمسك بالهاتف في يدها وتضمها إليها بينما تُفكر بماذا ستُجيب؟ أم ستترك تلك الرسالة دون رد. مؤكد أن هاري لا يتوقع أن تُجيبه على أي حال.

بيرت.

ايف كيف حالكِ يا فتاة؟ أجابت بيرت بحماس.

لقد قالها بيرت.

من؟ قال ماذا؟ سألت ببلاهه وكأن هناك شخص آخر ليتحدثوا عنه غير هاري!

هاري. لقد قال أنه يُحبني ولكنه خائن بيرت لقد انتهى الأمر بالنسبة لي. خرجت كلماتها مصحوبه بغصة في حلقها، تدعس على قلبها بقرارها ذلك لكن كرامتها هو كل ما يهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة