قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والعشرون

وكأن قبضة قوية بل مميتة تعتصر قلبها في تلك اللحظات، لم يكن الخوف داخلها بمعدلاته الطبيعية بل تحجرت مشاعرها على الرعب الحقيقي فقط!
ظلت متجمدة لدقائق لتنظر حولها وكأنها تستنجد بالجماد حتى..
فصدح صوته الأجش يُزعزع بقايا ثبات حاولت إختلاقه:
-عتهربي مني يابت أخوي!
وكأنه لتوه أدرك رابطة الدم بينهم؟!

لتوه أكتشف أنها بالفعل إبنة أخية، ولكنه مسبقا تغاضى عن تلك الرابطة ببرود يقتنص منها على جريمة مغلقة ومجهولة لها!
أجبرت شفتاها على الإنفصال لتخرج حروفها مقطعة مرتعدة تُلائم وحدة الشعور:
-أنت، أنت عايز مني إيه يا عمي!؟
قال بوضوح سقط عليها كضربة أسقطتها لسابع أرض سوداء ومميتة:
-الإنتجام!
تشابكت التساؤلات بين جحور عيناها قبل أن تهمس متساءلة بصدمة:
-إنتقام! لية هو أنا أذيتك ف إيه يا عمي اصلًا؟

هز رأسه نافيًا بقسوة تحمل عواصف باردة:
-لاه، مش آني، أنا هانتجم ل إبني اللي مات بحسرته، إبني اللي ماخلتونيش أدفنه بيدي حتى!
حاولت الشرح مسرعة تدافع عن أنفسهم:
-مصطفى مات فجأة يا عمي، حتى أحنا إتصدمنا واضطرينا نروح ندفنه فورا!
سارت إرتعاشه مصطدمة بالرعب داخلها يتقابلا على طول عامودها وهي تسمع صراخه الحاد:.

-وهو المرض دِه أجاه من إيه؟ مش إنتِ السبب، رفضتيه وجولتي كلام مايجبلوش راچل على كرامته، رمتيه قبل فرحكم بليلة وعرتيه جوي جدام الناس كُلياتها! كل دِه وتجولي ماعملتيش حاچة!؟
رأت من زواية الإتهامات إن طريق الدفاعات واهي وأسود مُغلق، فاضطرت للأسف مسرعة يشوبه الرجاء:
-أسفة يا عمي اسفة، أنا أكيد مكنتش أتمنى له أي حاجة وحشة، بس ده بأيد ربنا محدش يقدر يعترض.

تعوجت شفتاه بحركة ساخرة وغليظة ستُظلم إن أطلقنا عليها إبتسامة، ثم أردف:
-أسفك ده هايرچع لي إبني من تربته وهو في عز شبابه؟
هزت رأسها نافية بسرعة و ردت بصوت يكاد يسمع:
-ولا إنتقامك مني هايرجعهولك برضه!
تابع بحدة مفرطة:
-بس هاينشف دمه وهيريح روحه في تربته على الأجل
ظلت شهد تهز رأسها نافية بهيسترية، لقد تيقنت أن موت مصطفى جعل من عقلانية عقل عمها جنون يفرزه بلا هوداة!
بينما أكمل هو بابتسامة شيطانية:.

-إستعدي للچحيم يا شهد!
بدأت تخرج حروفها متوسلة,باكية مختلطة بنغمات مؤثرة، ولكن مؤثرة على قلبًا على قيد الحياة، لا على قلبًا دُفن برماد الحرقه!، :
-ارجوك يا عمي، أنت كدة هاتدمر حياة عيلة كاملة عشان بس تنتقم لأسباب في عقلك أنت وبس!
في تلك الأثناء كانت تضع يدها خلف ظهرها وتمسك بالهاتف تتصل بأخر رقم وهو بالطبع - عمر - ولحسن حظها كانت المسافة عازل بينها وبينه تمنعه على إدراك تصرفها...

فيما أستطرد هو بخشونة قاسية:
-مايهمنيش أيتها حاچة كد مايهمني أشوفك مذلولة وشبه ميته زيه!
أجاب عمر على الإتصال في نفس اللحظات:
-شهد إنتِ فين مش قولتلك ماتخرجيش؟
ولكنه سمع صوت شهد تقول برعشة خفيفة ظهرت:
-أنت مش هتقدر تعملي حاجة اصلاً يا عمي، ماتنساش إني في منطقتي وجمب بيتي كمان يعني أنت اللي ف خطر مش أنا!
هز رأسه نافيًا يجيبها ببرود:.

-لاااه لاااه، أنا ماجايش أنفذ دلوك، أنا چاي أخلي اللعب على المكشوف، بيجولوا لما بتعرفي مين هيموتك الرعب بيزيد، وأكيد إنتِ ذكية وعارفه أنا ممكن أعمل فيكِ إيه يا، يا بت اخوي!
وبالفعل إستدار وغادر مسرعاً يترجل السيارة التي كانت تنتظره، وكأن نظراتها الخائنة تكفلت بإيصال صك التنفيذ له!
بينما هي حمدت الله أنها لم تصرخ بالنجدة وإلا لكانت تجاور مصطفى في تربته الان على يد هؤلاء الأوغاد!..

كانت تنظر لأثره مدة دقيقة تقريبًا تحاول المساهمة في إيصال أنها بخير لعقلها الذي تجمد بيد الصدمة...
وظهر عمر يركض نحوها لاهثًا إلى أن استطاع امساكها يسألها بلهفة:
-إنتِ كويسة؟ عمل لك حاجة!
هزت رأسها نافية بجمود يخفي خلفه ألاف التزعزعات المزدحمة:
-لأ, جه عشان يهددني ويخوفني ويعرفني إنه هاينتقم ويمشي! لسة ساعة وفاتي ماجتش!
هنا صرخ فيها بحدة وهو يهزها بقوة:.

-إسكتي، مهو ده بسببك، أنا مش عارف هو إنتِ هواية عندك إنك تعارضيني وتحرقي دمي؟
هزت رأسها نافية وهي تحاول التملص من بين يداه، ثم أردفت:
-لأ، بس أنا قولت لك ملكش دعوة بيا يا عمر، ومتهيألي إني كنت بشتري اكل مش بتفسح يعني!؟
سحبها من يدها قابضًا على ذراعها بقسوة بالطبع مقدمتها تُظهر الأثر الذي ستتركه على جسدها بعيدًا عن روح مُهشمة من كثرة الأثار السلبية عليها، وهمس:
-أمشي قدامي، حسابنا في البيت.

أبتعدت عنه بصعوبة لتسبقه متجهة للمنزل بخطوات شبه راكضة...
حتى وصلت ف دلفت مغلقة الباب خلفها، أخرج مفتاحه ليدلف هو الأخر، أسرع يمسك بها قبل أن تصعد مزمجرًا:
-لحد امتى هتفضلي متهورة؟! هتفضلي تعرضي نفسك لخطر كدة كتير! أفرض كان جاي ينفذ وأنا ملحقتكيش هه كان هيحصل إيه؟
رفعت كتفيها مغمغمة ببرود أدهشه حقًا:
-قضاء وقدر، حد يقدر يعترض!؟

كز على أسنانه بغيظًا، ولم يستطع كتم الشتيمة التي إنطلقت من بين شفتاه قبل أن يصرخ بصوت كاد يزلزل جدران المنزل عليهما:
-إنتِ إييييية، إيه البرود اللي إنتِ فيه ده؟ إنتِ مدركة انا حسيت بأية لما سمعت صوتك، مدركة كام فكرة سوده جت في دماغي وانا بجري ليكِ!؟
لم يتغير إنش واحد من ملامحها المنحوتة، تقريبًا هي كانت كالبحر الثائر متقلب الامواج الذي هدأ فجأة يبتلع ذاك الثوران داخله، لحين الأنفجار!

نفضت نفسها عنه تخبره بصلابة باردة:
-أنا كدة، لو مش عاجبك طلقني
ثم غادرت تصعد للأعلى بخطى شبه راكضة، كاد وجهه يحمر من كثرة الغيظ، صدح صوت رنين هاتفه فأخرجه يرد بخشونة:
-إيه يا حنان؟
-عمر إلحقني، أنا مش قادرة، بطني هتموتني!
-انا جاي، سلام
أغلق الهاتف مسرعًا، ينظر لباب الغرفة التي تقطن بها تلك العنيدة، ويتذكر كلمات تلك المستنجدة...

وهو غارق في حيرة عميقة بين ذلك وذاك، وبالطبع المتأسف كان الإنتصار للعقل فانصرف مسرعاً يتجه نحو الشقة التي تقطن بها حنان!

حانت ليلة الإعدام، جاءت الليلة التي غيمت على كل الآمال التي كانت تتمسك بها، الليلة أقسى ليلة ستُخط بقلم القدر!
حانت الليلة ليتزوج جاسر ، حان وقت تنفيذ عقابه...
وما أقسى ذلك العقاب، صدق من قال إتقي شر الحليم إذا غضب !
ولكن هي لم تتقيه، بل منذ أن رآته كانت تسكب الجاز الحار على نيران غضبه المكبوتة عنها...!

كانت أسيل تجلس في غرفتها تمسك بالصورة التي تجمعها ب جاسر ليلة زفافهم على هاتفها تتحسسها وهي تبكي بحسرة...
كانت تكابر بأنها لا تتأثر بزواج او بغيره، ولكنها أكتشفت أن ذاك لم يكن سوى فراغ قبل الصراع المحتوم!
أكتشفت أنها تتآكل داخليا كالصدئ في الحديد كلما رأته يتجهز من اجل تلك الملعونة...!
دلف جاسر في نفس اللحظات ليلاحظ إرتباكها وهي تخفي الصورة خلفها..

اقترب منها ببطئ ينظر لعيناها الملونة بحمره عميقة وهو يسألها:
-إنتِ بتعيطي؟ ومخبية إيه وره ضهرك!؟
إبتلعت ريقها متوجسة قبل أن تجيبه بصوت مبحوح:
-مش مخبية ده موبايلي، ومش بعيط أنا بس في حاجة دخلت في عيني
شدد على حروفه وهو يهمس:
-اسييييل، قولي مالك في إيه بالظبط؟
سحب منها الهاتف فجأة عنوة ليرى صورتهم معًا!
صُدم في البداية ولكن سرعان ما كان يستنتج سبب بكاؤوها، بصدمة!
هل تبكيه؟

هل دقت الساعة ليحين ما تأخر كثيراً حتى فقد الامل في تحقيقه؟!
اقترب منها اكثر وهو يسألها متعجبًا:
-كنتي بتعيطي عشان كدة؟
هنا إنفجرت في البكاء الحاد وهي تهتف من بين دموعها:
-جاسر انا مش قادرة، عشان خاطري ماتتجوزهاش!
في البداية لم ينكر أنه صُعق، ولكن تلك الصدمة تفتت لسعادة هاربة رغم تغيير الاحوال...
ولكن سعادته اصطدمت بصخرة الواقع المرير، لابد أن يبتعد عنها!

أغمض عيناه بقوة قهرًا قبل أن يبتعد وهو يسألها بحدة حاول تصنعها:
-وياترى كل ده لية هه؟! مش معقول عشات خايفة ع نفسك بس
إقتربت منه هذه المرة، وتقريبا سُجلت في التاريخ فهي أول مرة تسير خطوة للأمام في علاقتهم الميؤس منها!
أحاطت وجهه بيديها، وعيناها البنية مُسلطة على عيناه المتوترة، لتهمس دون مقدمات:
-عشان أكتشفت إني بحبك، بحبك أوي يا جاسر.

جفت الأقلام وقلبت الصحف عند تلك النقطة تحديدًا، لم يشعر يوما في حياته أن روحه عانقت القمر كما الان!
أنه في أجمل وأنعش حُلم يمكن أن ينسجه خياله الضعيف...
أن قلبه المسكين يرفرف كطائر تحرر لتوه!
واخيراً إستطاع النطق متسائلاً بصدمة:
-إنتِ قولتي إيه؟
أجابت بثبات دون تردد:
-قولت إني بحبك يا جاسر، بحباااااااك
قالت كلمتها الاخيرة بصراخ مجنون جعله يضع يداه على شفتاها مسرعا:.

-هششش يقولوا علينا إيه!؟، وعلى فكرة الكلمة دي مينفعش تكون تمثيلية زي عوايدك
اصبحت ملتصقة به تمامًا، لتهمس امام شفتاه بحرارة:
-اقسم لك بالله أني المرة دي مابكذب، عيني في عينك، حس بيا وانت تعرف اذا كنت بكذب ولا لأ!؟
وهو الاخر ضعيف، ضعيف جدًا امام هجومها ذاك، وخاصةً وهو يستشعر صدقها ولأول مرة!
إبتلع ريقه بصعوبة وهو يشعر بيدها تعبث في أطراف قميصه، فأمسك بيدها على الفور مرددًا بحزم:
-مينفعش.

وقفت على أطراف أصابعه لتصبح امامه تمامًا ملتصقة به، اقتربت بشفتاها منه رغم الإرتعاشة الخجولة التي لم تستطع قتلها، لتخرج حروفها تقريبا بين شفتاه مغمغمة:
-ب ح ب ك، كفاية العقاب خلص أنا أستويت والله!
ثم صارت تحرك شفتاها ببطئ تتحسس شفاهه وهالة حرارية مجنونة تحيط بهم، لتجده يأكل شفتاها في قبلة جائعة ومُشتاقة، متطلبة وعنيفة بعض الشيئ!
تشبثت بقميصه وهي تبادله برقة لتشجعه على ما هو متردد فيه...

عبثت يداه ب - البرولو - ليسقط ارضًا، ويظهر ذراعها الابيض، يحيط خصرها بقوة متحسس مناطق جسدها برغبة بينما هي مغمضة العينين مستسلمة للمساته التي تشعرها أنها في اسمى واعلى مشاعرها التي لم تعيشها سابقا!
سقط فستانها لجوار قميصه وذاك البرولو قبل يدفعها برفق بجسده للفراش، حتى سقطت وهو فوقها يشبعها تقبيلاً، و يأخذها في رحلة جديدة تزيد تطلبهم للقادم...!

بعد مرور الوقت وصل عمر إلى منزله مُرهق يتأفف كل دقيقة من حظه المعاكس دائمًا في كل شيئ وأي شيئ!
أتجه الى غرفة شهد مباشرةً، بالتأكيد هي تغلي من مغادرته المفاجأة..
ولكن على أي حال، هو سيتكفل بأرق مهمة؛ إصلاح ما افسده بغباؤوه قبل أن يزداد عمقه في اللاعودة...!
فتح الباب برفق ليراها مسطحة على الفراش مستكينة لا يصدر منها صوت او حركة، اغلق الباب خلفه برفق واقترب منها حتى جلس جوارها يهزها برفق هامسًا:.

-شهد، شهدي؟
ولكنها لم تستجيب فازدادت هزته صلابة مكملاً:
-شهههد
لم تتحقق الأستجابة التي ينتظرها فأمسك بها يوجهها نحوه، ليُصعق من مظهر الوسادة الملطخة بالدماء، بالطبع دماؤوها التي تُغرق منتصف وجهها حتى باتت لوحة منتهية من الدمار الاحمر و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة