قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إبن الخادمة وسليلة العائلة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس والعشرون

رواية إبن الخادمة وسليلة العائلة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس والعشرون

رواية إبن الخادمة وسليلة العائلة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس والعشرون

إنبهر عاصم بجمال أميرته التي طلت عليه بعطرها النفاذ، لم يحيد نظره عنها فهذه المرة الأولى يراها بشعرها الطويل الحريري، فتنحنحت أمل ونهضت تاركه لهما علي إنفراد، نهض عاصم متجها إليها طابعا قبله علي جبينها قائلا بإعجاب: إيه القمر ده؟
إبتسمت في خجل زادت وجنتيها تورد، لتتابع ببراءة: عجبك شعري.

ضحك ورفع يده ليتخلل خصلاته الناعمه قائلا بتنهيدة عاشقة: أوي زي شعر الأميرات بالظبط يا أميرتي ثم أغلق عينيه مستنشقاً عبيرها الجميل وتابع هامساً: ريحتك حلوة أوي، ثم فتح عينيه ليتابع بحزم: بس أوعي يكون حد غيري بيشم الريحة الحلوة دي...
حركت أميرة رأسها نافية وقالت تلقائياً: لا والله أنا عارفه إن حرام أي راجل غير زوجي يشم ريحة عطري
رفع كفوفه ليحتضن وجهها البرئ بينهما وتابع: شطورة حبيبي.

إبتسمت له وهي تتنهد بحب، حب ينمو داخل قلبها ويزداد يوما عن يوم...
همس لها بحبٍ جارف: عاملك مفاجأة!
رفعت حاجباها وقالت في فضول: ايه هي؟
عاصم غامزاً: بكرة بعد ما تخلصي جامعة هقولك ماشي؟
أومأت له في سعادة بالغة وقالت برقه: ماشي!
رفع أحد حاجبيه وتابع مزمجراً: ماشي بس
أميرة بتساؤل: بس ازاي؟
طبع قبلة علي وجنتها برفقٍ وتمهل وتابع بهمس: بس كده!
نظرت إلي الأرض لتتابع بخجل: عاصم!
عانقها وهو يقول: أنتي قلب عاصم...

أنه الوجع بذاته حين نشعر بأننا علي وشك الغرق، وبأن كل شئ بات مُستحيلا، حين نريد الغفران ولكنه صعب، حين نندم علي أشياء فعلناها في لحظة ضعف منا ولم تغتفر لنا، أنه الوجع والآلام...
هكذا كانت عينان مصطفى تدمعان بألم وندم، أنه يحب زوجته ويعشقها وقلبه ملكها لن تشاركها فيه حواء أخري لم يريد يوما، أن تصبح تلك التي تسمي علا علي ذمته ولكن الضعف كان سيد الموقف حين فعل معها ما لا يحمد عُقباه...

ضرب علي المُحرك بعنف وهو يتذكر ما حدث بينهما لا يُصدق إلي الآن أنه طلقها بهذا الهدوء المريب...
وصل إلي عيادته وصف السيارة مُترجلا منها ثم صعد ليدلف إلي مكتبه ويجلس بعصبية تامة ما لبث لتدلف علا خلفه ضاحكة بإنتصار لتنظر له قائلة ببرود مستفز يكاد أن يقتله غيظاً:
وحشتني يا بيبي
ضغط علي أسنانه بغضب شديد ثم نهض متجها إليها وبداخله بركان سينهار الآن...

إبتسم بسخرية ورمقها بنظراتٍ مشمئزة، ليرفع كف يده عالياً هابطاً به علي وجنتيها بعنف جعل فمها ينزف في الحال
صُدمت علا مُتسعة العينين لينولها الصفعه الثانيه أشد عنف من السابقه...
رفعت وجهها إليه قائلة بصدمه وهي تتحسس وجنتيها اللتان تدمرا أثر الصفعتان:
إنت بتضربني يا مصطفي
هدر بها مصطفي باهتياج مجنون: اسمي الدكتور مصطفي يا *****، أوعي تنسي نفسك يا ****!

إبتلعت ريقها بخوف شديد فلأول مرة تراه بهذه الحاله القاسية، فتنحنحت بضعف محاولا إغراءه من جديد: مصطفي حبيبي
دفعها مصطفي بعنف لتتراجع للخلف حتي كادت أن تهبط أرضا ليقول بغضب هادر: أنتي طالق يا علا، طالق طالق، إطلعي بره ومشوفش وشك هنا تاني
لطمت علا علي صدرها قائله بصدمه: وإبني الي في بطني إزاي هترميني أنا وإبنك!
نظر لها باشمئزاز وتابع: لما تبقي تولديه أبقي أتولي مسؤوليته غير كده مشفكيش عندي هنا!

وقفت مذهولة عاقدة لحاجبيها بصدمة جليه، فلقد خسرت كل شئ الآن بعد أن دمرت حبيبان وافسدت حياتهما...
إنتفضت ذعراً علي صوت مصطفي الذي صاح: برااااا
رمشت بعينيها وركضت خارج العيادة..
ليرمي مصطفي جسده علي المقعد بإنهاك وضياع..

كذلك كان حال إيمان لا يختلف كثيرا كلاهما الوجع ينهش قلبهما، كلاهما يتألمان ولا يصدقا ما حدث
إنها جريحة كمن طُعنت بسكين حاد أو أشد جرحا وألما هل هذا زوجها الذي خانها؟ ولماذا؟ هل لها دور في ذلك؟ أم أنها دنائة رجل!، أم هي لحظة ضعف مثل ما قال لها؟

هذا ما دار داخل إيمان التي كانت تبكي بُكاءا لم تبكيه من قبل فصدمتها كانت صدمة العمر بالنسبة لها أخذت تُكسر كل شئ يقابلها ليتحطم إلي قطع صغيرة متناثرة علي الأرضية، لقد أصابتها حالة من الإنهيار التام رغم الصمود الذي كان بها منذ قليل إلا أنها لم تعد تتحمل أكثر وبات قلبها جريح صعب أن يُداوا...

جثت علي ركبتيها لتقول بصوت باكي متألم: ليه ليه، ليه قتلتني يا مصطفي؟! حاولت أرضيك بكل الطرق معملتش فيك حاجة وحشه ليه دبحتني...
ومن ثم انهارت باكية لتركض الصغيرة إليها وهي ترتجف خوفاً:
ماما، ماما
إحتضنتها إيمان رابته علي ظهرها قائلة من بين شهقاتها: متخافيش يا حبيبتي متخافيش
لتغلق عينيها متنهدة بألم قائلة بضعف: يارب.

جلست أمل في شرفة المنزل وامسكت بهاتفها وأجرت إتصالا علي عمر زوجها وبعد قليل أجاب عليها بغزلٍ كعادته: حبيبي
إبتسمت برقة وتابعت: مساء الخير يا باشمهندس
تنهد بحب وقال: مساء الورد يا قلب الباشمهندس
ضحكت بمرح وقالت: أولا متشكرة جدا علي الهدية، عجبتني أوي
رفع عمر حاجبه في مزاح وتابع: وثانياً؟
توردت وجنتيها وتابعت في خجل: ثانياً بحبك.

خفق قلبه يدق عشقا لها ثم قال هامسا بمزاح: الله ده ايه المسا الجميل ده هي أم عمر دعيتلي وهي بتصلي العشا ولا إيه!
قهقهت أمل علي مرحه الدائم معها فقال هو بهمس أكثر: وأنا بعشقك وبموت فيكي يا أمولتي، ربنا يباركلي فيكي يا حبيبي قوليلي بقا حطيتي من البرفان؟
أمل متنهدة: أيوه حطيت
عمر في تساؤل: عجبك؟
أومأت له وقالت: اه حلو أوي وبعدين أنت إزاي تقولي يابت أصلا!
عمر بتذمر: ايه مش عاجبك يا بت ولا إيه؟

أمل بغضب: متقوليش يابت أنت فاهم ولا لاء
عمر نافياً: لا مش فاهم يا أمل ووطي صوتك يا أمل عشان متلاقنيش قدامك دلوقتي وأعاقبك يا أمل!
كتمت أمل ضحكاتها وتابعت: متقدرش تعاقبني أصلا!
رفع عمر حاجبه وقال: والله! قد كلامك يعني؟
أمل بتردد: آآ أيوة اد كلامي!
كز عمر علي أسنانه وتابع بغيظ: ماشي يا أمولتي بس لما أشوفك بكرة هوريكي هعاقبك إزاي يلا قومي نامي وإحلمي بيا.

أمل بمزاح: مش كفاية معايا في الحقيقه كمان هحلم بيك بيك يا عموري
عمر بغضب طفولي: أيوه تحلمي بيا عندك إعتراض
أمل بإيجاز: لالا معنديش يلا تصبح علي خير أشوفك بكره!
عمر متنهدا بحب: وأنتي من أهله يا أمولتي..

في اليوم التالي...
إستيقظ عاصم بنشاط وأخذ يرتدي ثيابه حتي إنتهي ومن ثم خرج ليجد حنان جالسة بمفردها، إقترب منها وهو يقول بإبتسامة: صباح الخير يا حنون، مالك قاعدة لوحدك ليه كده؟
إبتسمت حنان وتابعت في هدوء: عادي يا عاصم هعمل ايه يعني كلها كام يوم وهسافر لماما
مسد عاصم علي شعرها وتابع: هو إسبوع بس يا حنان، ولو مش عاوزة تروحي خليكي معانا يا حبيبتي أنتي عارفة إني مقدرش أسيبك أبدا ده أنتي بنتي مش أختي!

إبتسمت حنان وقالت: أنا عارفة يا حبيبي، بس هقعد مع ماما الأسبوع ده وبعدين هاجي أكتم علي نفسكم متقلقش
ضحك عاصم وهو ينهض ويقول: ماشي أنا رايح الشغل بقي، وهتأخر شوية النهارده خلي بالك من نفسك
أومأت له حنان بينما إنصرف عاصم فدلفت هي إلي الشرفة تتابعه بعينيها ولوحت له بيدها حتي إنصرف ظله تماما، فأسرعت ترتدي عباءتها وأخذت معها الدفتر الخاص بياسين وإتجهت إلي الخارج وهي ترتجف خوفاً وخجلا...

وصلت أمام محل ياسين فاإبتسم باتساع حين وحدها أمامه وتمد يدها له بالدفتر فإلتقطه منها سريعاً وكاد أن يلتهمها بعينيه حتي قال بهدوء: أنا هقرأ الي فيه و...
لم يكمل حديثه، حتي قاطعته حنان وهي تومئ برأسها، ثم سارت بخطوات سريعة إلي أن عادت للمنزل مرة ثانية...

في كلية الهندسة...
كانت أمل تمر سريعاً أمام مكتب عمر ولكنها شعرت به يجذبها من ذراعها إلي داخل المكتب ويغلق الباب غامزاً لها وهو يقول: كنتي بتقولي ايه بقي امبارح يا حبيبتي؟
تلعثمت أمل وهي تقول بتوتر ؛: يا عمر لو سمحت عندي محاضرة!
إقترب عمر منها أكثر وهو يقول هامسا: وماله ما دي بتاعتي براحتك خالص
إبتعدت أمل خطوة للخلف قائلة بحذر: طب وسع مش هينفع كده يا عمر.

رفع عمر حاجبه وقال بتسليه: ممم طب صالحيني يا حبيبتي وإلا هضطر أعاقبك حالا ولا تلومي إلا نفسك!
إبتلعت ريقها وقالت: يا عمر هو أنا زعلتك عشان أصالحك!
نظر إلي عينيها ليتابع: أومال مين الي قالي امبارح متقدرش تعاقبني، أمي مثلا؟
ضحكت عالياً، ثم قالت من بين ضحكاتها: طيب متاخدش علي كلامي أصل أنا بنام علي نفسي في الليل
عمر بتصميم: طب صالحيني
ثم أشار لها إلي وجنته وهو يغمز بعينه.

إتسعت عينا أمل بصدمة وهي تتابع: أنت قليل الأدب يا عمر بجد
تجهمت ملامح وجهه وهو يتابع بجدية مصطنعة: أنا قليل الأدب يا أمل؟
حركت أمل رأسها نافية وقالت سريعاً خوفاً من أن يعاقبها عقابه الخاص: لا لا أنت حبيبي، متزعلش مني خلاص أسفه، حلو كده؟
ضحك عالياً وهو يقول من بين ضحكاته: أيوه كده اتعدلي يا روحي
دفعته برفق وهي تقول بجدية: طيب يلا يا دوك علي المحاضرة لحسن احنا بقينا حديث الجامعة!

إنتهت أميرة من يومها الدراسي، ومن ثم وقفت أمام بوابة الكليه، لتتصل بعاصم الذي أجاب عليها قائلاً: أيوة يا حبيبتي خمس دقايق واكون قدامك
أومات أميرة وهي تقول: ماشي يا حبيبي سلام...
بالفعل خمس دقائق وكان واقفا أمامها قائلا بابتسامته الجذابة: إتأخرت عليكي؟
حركت رأسها نافية وقالت: لا يا عصومي
أمسك كف يدها وسار بها إلي الأمام فقالت بتساؤل: احنا رايحين فين؟

ظل يسير عاصم بها وهو يقول: إمشي من سُكات يا أميرتي
إنصاعت له وسارت معه متشبثة بيده كطفله صغيرة، في حين بعد ما يقارب الربع ساعة، دلف بها إلي حديقة كبيرة مليئة بالزهور الملونة ذات الشكل الجذاب والرائحة الجميلة النفاذه، إبتسمت وقفزت بمرح طفولي وهي تردد: الله يا عاصم أنا بحب الورد أوي.

ضغط علي كف يدها برفق وجلس بها علي مقعد من الرخام وقال بغزل: أنتي أحلي ورده في حياتي، ثم رفع الحقيبه البلاستيكيه التي كان ممسكا بها بيده وفتحها ليخرج منها مجموعة من الشوكولاتة والمقرمشات والحلوي التي تشتهيها أميرة لتتسع إبتسامته وهي تجده يمد يده لها بهذه الأشياء
فتحدثت بسعادة: الله الحاجات دي كلها عشاني.

أومأ عاصم وقال بحنان: أيوه يا حبيبي، ثم بعد ذلك أخرج من نفس الحقيبه مجموعة من الكتب وأعطاها لها لتصيح بمرح: روايات!
عاصم بابتسامة: عرفت انك بتحبي تقرأيهم يارب يعجبوكي بقي
بحركة عفويه منها نهضت تعانقه بقوة دافنة وجهها في عنقه ليبتسم هو بسعادة جاذبا إياها إليه أكثر وأكثر...

بعد قضاء وقت طويل ممتع وسعيد جدا لكلاهما حتي قاربت الساعة علي التاسعة مساء، إصطحبها عاصم إلي المنزل ليدلف بها وما إن فتحت سمرة الباب ودلفا الإثنان أقبل عليهما سالم بغضب وهو يقول: الله الله رجعالي الساعة تسعه يا الي ما تسمي أنتي؟ ده ايه الصياعه دي!
إحتدت ملامح عاصم الذي هدر به قائلا: وأنت مالك أنت وما تحترم نفسك ايه صياعة دي؟

سالم بغضب: أنت الي مالك لما أكلم أختي أنت تسكت خالص! ثم إقترب سالم من شقيقته وكاد أن يصفعها ولكن عاصم أمسك يده وأنزلها بقوة ثم قال بجمود: أنت بتستهبل؟ أنت كمان هتمد ايدك عليها!
بينما إختبئت أميرة خلف ظهر عاصم العريض لتحتمي به
وبينما آتت نجية وهي تقول: في ايه يا واد يا سالم؟
سالم بحدة: شوفي الهانم رجعالي الساعه كام! و...

قطع حديثه صوت عاصم الصارم وهو يقول: بعد اذنك يا حاجة الخميس الجاي تكون دخلتنا أنا خلاص مش هبقي مطمن علي أميرة وهي بعيدة عني!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة