قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الثالث

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الثالث

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الثالث

وقلوبنا اوطان نقية لم تذق من قبل ذل الاحتلال فان دخلتموها فأحسنوا سكناها ولا تفعلوا مثلما يفعل احتلال غاشم أتى طامعا بامتلاك أرض جديدة ولم يعبأ بها فأخذ يعبث بثرواتها ويدمر ما بها من رونق وجمال إلى أن قضى عليها فرفقا به حبيبي فهو لم يعتد من قبل ذاك الدمار
استمعت رباب إلى كلمات جاد بعقل مشوش وقلب محطم ذاق وللمرة الأولي مرارة الانكسار ودائما الأولى قاسية ومرارته تختلف عما يليها...

تنهد جاد بحزن من اجله قائلا:
خابر انك مصدومة ويمكن كرهاني دلوك؛ بس اني كنت يائس بعد اللي سمعته واللي حوصل لاخواتي وامي بسبب امك واخواتك
رباب بصوت هادئ: واني ذنبي ايه؟
جاد: ملكيش ذنب؛ بس مكنش جدامي حل تاني
رباب بقوة مصطنعة: يعني دلوك خدت حجك وهنرچعوا النچع، يبجى طلجني
جاد: مجدرش يا رباب؛ ابوكي واخواتك ميهسمحوش برچوعك اكده بالساهل؛ مش بعيد يجتلوكي
رباب باكية: يكون أحسن
جاد بثبات: اسمعيني زين وبطلي بكى..

انتي مرتي بكيفك ورضاكي ومستحيل أتخلى عنك
رباب: لاه؛ ده كان في الاول، لما كنت مصدجة كدبك ومفكراك هتحبني..
جاد: واني مستحيل أكدب وفعلا بحبك
رباب: خلاااااص بكفياك كدب عاد؛ خدت حجك وانتهينا وهتطلجني غصب عنك
جاد بهدوء: غصب عني كيف يعني؟!
رباب: ابوي هيطلجني منك
جاد: ابوكي موافج اننا ننزلوا البلد ويعملونا فرح..
نظر إلى ملامحها المصدومة ليستكمل بمشاغبة: واخدك دارنا واعاجبك على طولة لسانك ديه.

رباب بغضب: صوح عندك حج؛ ماهو انا اللي رخصت نفسي وهربت معاك زي اي بنت ملهاش أهل..
جاد بجدية: لو شايفك رخيصة في نظري كنت تممت چوازي منك يا رباب..
رباب بخجل: انت جليل الحيا!
جاد بحزن: اني خايف جوي
رباب وقد تناست غضبها بأكمله: من ايه؛ هو أبوي هددك بحاچة؟!

جاد بهدوء: خايف من مجابلتي مع ميادة اختي؛ حاسس بلخبطة يا رباب؛ اني كل اللي فاكره عنها طشاش؛ ايام بعيدة كانت حياتنا فيها هادية وحلوة؛ ياما شالتني هي وحليمة ولعبوا معاي ودلوك حاسس اني هجابل واحدة غريبة عني؛ يا تري شكلها ايه؟
وطريجتها كيف؛ هحبها كيه ما كنت بحبها زمان ولا ايه؟
احست رباب بحيرته واعطت العذر بعض الشئ لكنها نهرت نفسها قائلة:.

اعجلي يا رباب خلاص چاد خدعك وضحك عليكي انسيه وشوفي هتعملي ايه مع اهلك وامك اللي بجت مشلولة بسبب عملتك السودة وياريت طلع حبه حجيجة؛ طلع كله تمثيل..
استندت سهيلة إلى يد يزيد وكأنها طفل في مهده يتعلم أولى خطواته فيخشى الوقوع ارضا بعدما أحس بضعف قدماه؛ نظر اليها بأعينه التي تشبه ميناء هادئ وأمن يدعوها إلى ان تستقر به وابتسم بحنو قائلا:.

اهدى يا قلبي مالك خايفة كده ليه؛ اللي يشوفك دلوقت ميشوفش الغارة اللي عملتيها عليا انا ومصطفي المسكين
سهيلة: تفتكر ميادة هتخذلني يا يزيد؛ تفتكر كنت ببني السنين دي كلها في ارض مش بتاعتي فعلا وجه الوقت علشان افوق
يزيد: متقلقيش؛ وبعدين مش انتي يهمك سعادتها
سهيلة بقلب ام ملتاع وخائف من الفراق: اكيد بس لو سعادتها في بعدها عني معني كده ان موتي يبقي اهون واريح.

احتضنها بغضب قائلا: بجد يا سهيلة لو الكلام ده اتكرر هيكون ردي عليكي قاسي وهتزعلي؛ ولو وجودي مبقاش فارق معاكي قوليلي وانا ابعد واريحك مني...
لم تجبه وآثر الصمت فمن يحب بحق يصل إلى دواخلك ويدرك متي يقترب ومتي يبتعد دون ان يتركك؛ يحتويك بعينيه ويتحدث اليك في صمت وان اخطأت يحتضنك ويكتفي...

أتت ميادة راكضة باتجاه القاعة التي استقر بها يزيد وسهيلة بعدما وصلا إلى النجع واستقبلهما سلمان وجلس بصحبتهما يرحب بهما بحفاوة وكرم
هرولت إلى احضان سهيلة التي ترددت في البدء هي خوفا من أن تستشعر فتورا من طفلتها لكنها احست باشتياق أذاب مخاوفها واهلكها...
ابتسم يزيد وشعر ببعض الهدوء إلى أن جاءت اليهم نوارة بوجهه الملائكي مبتسمة بحب قائلة:
يا مرحب؛ نورتوا النچع يا بيه؛ اهلا ياست سهيلة.

ابتعدت ميادة عن احضان سهيلة بتوتر وكأنها تخشى اغضاب نوارة ووقفت بينهما لا تعلم إلى أيهما تقترب
نظرت سهيلة ناحية نوارة ولا تدري أتشقق عليها من فراق دام طويلا ولم تكن هي لتتحمله ان كانت بمكانها أم تحقد عليها بعدما استردت أمانتها وحرمت هي من ذاك الوصال.

لاحظت نوارة ملامحها الحزينة المتوترة ولم لا وهي الأدرى بتلك المشاعر وذاك الألم فتنهدت محاولة التغلب على مشاعرها التي تدعوها الأن لاختطاف ميادة وابعادها عن الجميع واتبعت صوت الضمير الذي أخبرها ان سهيلة لا تستحق الا المعروف ردا على جميلها
تحدثت سهيلة بصوت مهزوز محاولة استجماع شتات نفسها:
متأسفة اوي اننا جينا بدون موعد بس قلقت على ديدا
نوارة: وااه، بيتك ومطرحك ياست الكل؛ انتي في بيتك واحنا ضيوفك.

ابتسمت سهيلة على ما قالته: تسلمي؛ كلك ذوق
كان الصمت المحيط بهم جميعا مؤرقا فتحدث سلمان إلى والدته قائلا:
چاد راچع ميتى؟!
نوارة: عشية بأمر الله ياجلبي
نظرت سهيلة ناحية ميادة فقد اشتاقت اليها وابتسمت اليها الأخرى بحب وتحدثت إلى يزيد بمشاكسة:
هو انت مخاصمني يا بابا؟

ارادت نوارة البكاء الان بكل قوتها، هل صار لأبنتها أب سوى سلمان؛ ألا يكفي ان احدى طفلتيها فارقت الحياة أتنادي الاخرى رجلا أخرى بأبي؛ هل انتهي ذكره هكذا وبقي منه ذكريات فقط لا يتذكرها أحد سواها؛ هل الحياة قاسية هكذا على الانقياد اأمثاله؛ ولكن مهلا هل تلومها؛ هل تستطيع أن تفعل؛ لقد هربت ميادة من أهلها من يفترض أن يصبحوا سندا لها ولم تجد من يحميها سوى من يجلسون أمامها الآن..

لاحظت سهيلة دموع نوارة الصامتة فأحست بالحزن من أجلها معتقدة أن وجودهم السبب فاستأذنت قائلة:
احنا هنمشي بقي يا ديدا انا حبيت اطمن عليكي وان شاء الله هبقي انتظر تيجي تزوريني
نوارة برفض: تزورك ليه ياست سهيلة؛ ميادة بتك كيه ماهي بتي ويمكن اكتر؛ انا ربيتها 13 سنه وانت حافظتي عليها 16 سنة وزيادة يعني كفتك تغلب؛ حجك عليا اني السبب في كل اللي حصل بسببي بناتي ضاعوا؛ مجدرتش احميهم ولا احافظ عليهم.

ميادة بحزن من اجل والدتها: متقوليش كده يا أمي؛ انتي ملكيش ذنب وعلشان خاطري متبكيش انتي وهي انا اعصابي تعبانة وحاسة ان قلبي واجعني..
سهيلة: سلامة قلبك يا ديدا
يزيد بهدوء: حبيبة بابا ممكن تاخديهم الاتنين وتتفاهموا بعيد وانا هقعد براحتي مع الاستاذ سلمان نشرب الشاي اللي هيبرد ده
ميادة بمرح: حاضر؛ بس اوعي تنام
يزيد بتعب: والله نفسي انام سهيلة بقالها مدة معقبانا انا ومصطفي ومبنعرفش ننام بسببها.

نوارة بهدوء: اشربوا الشاي يا سلمان وخد عمك ودخله المنضرة وسيبه يريح بكيفه
اومأ اليها سلمان وصمت يزيد معلنا عن موافقته وصعدت ميادة بصحبة سهيلة ونوارة إلى الاعلى
بعد أن غادرت نوارة تاركة سهيلة تستريح قليلا ومعها ميادة توجهت إلى غرفتها وظلت تفكر قليلا ينبغي عليها ان تخبر فهد بوجود رجل غريب بالبيت فمهما حدث بينهما هناك أصول ينبغي اتباعها لذا اتصلت تهاتفه وتخبره بوجود يزيد وسهيلة.

أجابها فهد بتردد قائلا: يعني دلوك لو چيت ميادة هتوافج تجابلني
نوارة بتردد: مخبراش يا فهد؛ مهما عملت حجها وانت خابر
فهد بحزن: خابر يا نوارة ومتوكد ان دلوك بتطلبي مني اچيلكم من باب الاصول وبس
نوارة بثقة: معلوم يا أبو چاد ميصوحش راچل غريب يبيت إهنه من غير أذنك..
فهد بتعب: هچيلكم؛ بس اغير خلجاتي وهتلاجيني جدامك
نوارة: ان شاء الله.

أخذ نوح يجوب غرفته ذهابا وايابا يشعر بالاختناق من الجميع ومن نفسه؛ ترن بأذنه كلماتها القوية وشراستها التي ازدادت بعدما عادت معه إلى النجع.

يعلم يقينا أن بينهما بحارا وأمواج قاسية تضرب بلا رحمة من يحاول الاقتراب لكنه اقترب فضربته هي بكلماتها القاتلة؛ هو تربى بالفعل بين يدي شهيرة لكنه لم يسمح لها بان تؤثر عليه؛ فهل كانت ميادة تقصد بقولها ان جاد تربية نوارة وليس تربية شهيرة حماد فقط؛ أم تقصد كلاهما؛ هل تراه مثل شقيقه أم هو بالفعل مثله ولكن الظروف قد خدمته فلم يقع فريسة لبراثن واحقاد والدته مثلما وقع حماد؛ هل من المحال أن تنسي او تتناسي وتعود اليه أم أن ماضيهما سويا يشبه البركان الخامل مهدد بأي لحظة بالانفجار وتدمير الأخضر واليابس.

هل من المعقول أن تتخطاه كليا وتستكمل حياتها ويبقي هو معلقا هكذا..
تمتم بغيظ قائلا:
هنشوف يابت خالي أخره العند معاي ايه!
آه منك تاعبة جلبي وانت غايبة وتعباني اكتر لما رچعتي مخابرش اتصرف وياكي كيف!
صبرك علي بس نفوج من وجعة رباب وچاد ووجتها ميهمنعيش عنك حد واصل...

أبتلع فهد ريقه بتوتر يهتز قلبه بخوف ورهبة وكأنه تلميذ يقف أمام استاذه ويخشى عقابه بينما هي تدعي الثبات وبداخلها نيران وحنين، اشتياق وكره؛ ذكريات وألم..

لقد كان الأقرب إلى قلبها لم يكن شقيق والدها فقط بل كان والدا لها؛ كم دللها واغدق عليها بحبه دونا عن الجميع؛ كانت تطلب فلا تجد منه سوى الاجابة بصدر رحب؛ لم تحزن لموت والدها سلمان وربما كانت صغيرة فلم تدرك مصابها ولم تعي أنها صارت يتيمة ولذا لم تتعذب قدر ما تعذبت بعدما خذلها فهد الأب القاسي والعم القاتل وان لم يكن هو الفاعل لكنه اعطى لحماد اذنا بأذية حليمة وقد أذاها دون رحمة؛ تود ميادة الآن الهروب ليس الا، ويود هو احتضانها ولو دقيقة واحدة؛ لو بيده فقط أن يفقدوا الذاكرة الان لفعل دون تردد...

تقف نوارة خائفة وحائرة تشفق على فهد فقد قضى سنوات عمره يكابد ثمن اخطائه ولو كانت تملك القدرة على سماحه لفعلت لكنها يوما لن تستطيع فكل الذنوب قد تغتفر الا قتل الروح...
تمتم فهد بصوت يحمل بين طياته أنينا واضحا: كيفك يا ميادة؟
ميادة بخفوت وجمود: بخير الحمد لله؛ كيفك انت ياعمي ولا اجولك يابه فهد كيه زمان؟!
أدمعت عيناه من تهكمها الواضح ونظر اليها فأشاحت بوجهها عنه قائلة:.

ميادة ماتت ياعمي، ميادة سلمان السياف ماتت واللي قدامك جودي القاضي الشئ الوحيد اللي ربطني بالمكان ده دلوقتي أمي ولو بايدي هاخدها ونختفي للابد بس للأسف عارفة انه صعب عليها تسيب ولادها
فهد بحزن: اخواتك!؟
ميادة: وولادك وده شئ مخوفني منهم؛ خايفة انسى واقرب منهم ويدبحوني فجأة زي ما انت عملت فينا زمان
نظر اليها سلمان معاتبا فتحدثت باعتذار قائلة:.

اتمني متزعلش مني ياسلمان بس الغدر احساس بشع صعب يتنسي اتمني من ربنا متجربوش ابدا انت وجاد
أومأ اليها سلمان متفهما واستكملت زمان لما كنت بتغيب عن الدار ياعمي كنت بخاف اوي بحس فعلا اني يتيمة وكانت دايما حليمة تاخدني في حضنها وتقولي متخافيش اني جارك، كان حضنها دافي؛ كانت دايما تقولي اشمعنا عمي بيحبك اكتر مني وكنت انا بكدبها..
سألته قائلة:.

عارف كنت بكدبها ليه ياعمي؛ لأني كنت شيفاك حاجة كبيرة اوي مستحيل تغلط؛ مستحيل تأذي؛ مستحيل تظلم وتغدر..
بس للأسف انا طلعت غلط وحليمة لأن قلبها نضيف كانت حاسه...
فتح يزيد ذراعيه اليها فلم يعد يتحمل بكاؤها الوشيك ولم تتردد هي في الاختباء بين يديه فكم احتضنها من قبل وكم حنى عليها..
واغمضت سهيلة عينيها حزنا على فتاتها.

التفت فهد محاولا تمالك دموعه التي تحجرت سنوات وتأبي الصمود الان ونظرت نوارة إلى ميادة التي تبكي بخفوت ولم تجد ما تقوله لتستمع بعد قليل إلى صوت نوح يستأذن بالدخول قائلا:
چاد دلوك في دار عمي نعمان واني رايحلهم هتاچي معاي يا خالي؛ تمسكت ميادة اكثر بيزيد وكأنها تستند اليه وغادر فهد صامتا بينما اراد نوح الأن ابعادها عن يزيد واحتضانها هو فيبدو أنها تبكي وبكاؤها يؤلم قلبه.

لم ينتظر نعمان كثيرا بل أسرع وملامحه توحي بغضب لم يعهده أحد من قبل اختبأت رباب خلف جاد لكن نعمان جذبها اليه
وباغتها بصفعة قوية أوقعتها ارضا لحظة دخول نوح وفهد...
لم يجرؤ أحد من اشقائها على التدخل بينما كانت زوجة والدها واقفة بالأعلى تختبئ من الواقفين وتبكي بحرقة من أجل رباب فهي تحبها بشدة
اراد نوح التدخل ومنع نعمان من ضربها لكنه تذكر فعلتها وأنها قد خذلته فوقف دون حراك
هم نعمان بضربها مرة ثانية.

ورغم قوة نعمان الواضحة وفرق البنية بينه وبين جاد الا أن جاد تصدي له بقوة جعلت نعمان يخشاه فتراجع للخلف...
انحني جاد باتجاهها واحتضنها أمام أعين الجميع قائلا بتحذير:
ورب الكعبة يا عم نعمان لو حد اتعرضلها تاني ولا مد يده عليها لكون واخدها دلوك جدام الخلج وداخل دارنا من غير فرح ولا يحزنون
نعمان بغضب: بتي وناجصة ربايه يابن فهد واني هربيها
جاد بغضب: بتك بجت مرتي وكلمتي هي اللي هتمشي.

نعمان: بتي حطت راسنا في الطين ولازمن اغسل عاري بيدي
فهد: احنا متفجناش على اكده يا نعمان
نعمان: كنت بسايسكم لحد ما أوصلهم
فهد: ياخوي ميصوحش اكده انت طول عمرك تعرف في الأصول؛ واني جولتلك ابني غلطان ومحجوجلك بس احنا چينا لعندك وطالبين يدها وفي الاول والاخر هو أولى بيها
تحدث نوح بعد صمت طويل قائلا:
خالي كلامه مظبوط يا عمي؛ ممنوش فايدة اللي بتعمله دلوك؛ خلاص اللي حوصل ممنوش مفر خليها تتچوز وتغور معاه.

نظرت اليه رباب تعاتبه فأشاح بوجهه عنها قائلا:
اسمع الكلام ياعمي وحدد معاد لفرحهم
نعمان بعناد: الاول هشيع اچيب حكيمة الوحدة تكشف عليها وعليا اليمين لو لجيتها سلمت نفسها لابنك يافهد لكون دابحها بيدي
اهتز كيان نوح رغم ادعائه القوة وتعرق جبين فهد ولكن جاد اجابه بثقة:
بتك صاغ سليم؛ ست البنات واتأكد كيه ما تحب..
اني مستحيل اتمم چوازي منها في السر
نعمان ساخرا: واد أصول صوح.

جاد: معلوم وانت خابر اني كنت اجدر اعمل اللي رايده ومحدش يمنعني
نعمان: هنشوف يا چاد؛ نتوكد الاول وبعدها يحلها الحلال..
غادرت الطبيبة بعدما أكدت لنعمان عذرية ابنته وغادر معها كبرياء رباب الذي دهسه رجال من المفترض انهم الأقرب اليها وبراءة فقدتها دون ذنب ولكن دائما يكمن في بعض الشر خير لا ندركه وتكشفه لنا الأيام.

اقترب جاد فنظرت اليها محذرة الا يفعل ومنعه والدها قائلا فرحكم يوم الخميس الچاي وبعدها مرايدش اشوف وشكم اهنه واصل
جاد بجدية: حاضر؛ بس تديني كلمة ان مفيش حد هيمس رباب بسوء
نعمان ساخرا: اطمن جوي يابو جلب رهيف مبجتش تخصنا واللي يخصني اطمنت عليه وانتهينا؛ اني من النهاردة معنديش بنات...
بتي ماتت لما خرچت عن طوعي وهربت امعاك
غادر جاد وفهد وانتظر نوح قليلا ليتحدث إلى نعمان قائلا:.

بستسمحك ياعمي اخدها لأمي تشوفها يمكن تهدي شوي وتعرف انها زينة ومصبهاش حاچة
نعمان بهدوء: اهي جدامك خدها وريحنا من خلجتها...
تحرك نوح ببطئ وخلفه رباب ليصلا بعد قليل إلى المنزل فتح نوح الباب وتحدث اليها دون ان ينظر ناحيتها
اطلعي طمني امك وخليكي چارها
رباب بحزن: حجك علي ياخوي؛ احب على يدك يانوح تسامحني؛ اني حبيته جوي وصدجته وعارفة اني غلطت بس ريداك تسامحني.

نوح بجمود: جولت اطلعي لأمك وملكيش صالح بيا مفهوم...؟
نبرته القوية جعلتها ترتعب فأسرعت مهرولة باتجاه والدتها وابتعد هو كعادته يخفي احزانه بعيدا عن الجميع
مرت ايام قليلة وأتي ليلة العرس المنتظر استعد الجميع وتأهبوا وكأنهم وسط ساحة قتال وغادرت سهيلة ويزيد بعدما اكدت لهما ميادة عودتها اليهما بعدما تطمأن على والدتها واخواتها وتنهي حكايتها مع نوح.

لم تتعرف على جاد كما ينبغي فكلاهما يخشى القرب من الأخر لكنها سعيدة بوجوده؛ احساس جديد احبته بعدما صار لديها شقيقان مثل سلمان وجاد؛ انتظرت بفضول رؤية العروس، رباب وكم تمنت ان تكون قريبة الشبه بحليمة كما اخبرتها نوارة.

أقام نعمان حفلا فخما كي يقطع ألسنة الجميع ويرفع رأسه بين اهل النجع وزفت رباب بقلب ممزق بين حب لم ينته وجراح لم تندمل وندم لا يفيد وخوف من القادم وحزن على ما أصاب شهيرة ورغبة في عودة نوح إلى سابق عهده
تحدثت نوارة إلى جاد بعيدا عن الجميع قائلة:
دلوك رباب الكل رمى طوبتها وبجيت انت راچلها وسندها؛ اياك تكسرها يا چاد او تظلمها، اياك والظلم ياجلب أمك، هي ملهاش ذنب وطول بالك عليها دي لساتها صغيرة، فاهم؟

جاد بطاعة: فاهم يا ست الكل...
تزينت ميادة وارتدت ما يناسب حضور زفاف شقيقها، كانت الأعين مسلطة عليها بفضول وترقب لمعرفة هويتها وكانت هي شاردة تشعر بالغربة بينهم...
انتهى الحفل وغادر الحضور وظلت هي بصحبة الباقيين..
نظرت إلى ملامح رباب الجميلة الحزينة وتنهدت فهي بالفعل تشبه حليمة كثيرا، ابتسمت باشتياق وابتعدت قليلا عن مرأهم ليجذبها نوح اليه قائلا بغضب وغيرة وجنون.

ليلتك مطينة يا مدام، ايه اللي انتي لابساه ديه مفكرة نفسك هتغني في الفرح اياك؟!
ميادة بتحدي: عادي مطربة والناس عرفاني ده حضرتك وقعت في حبي وانا بغني ولا نسيت ولا ايه؟
نوح: الناس اهنه ميعرفوش ان سيادتك مطربة وصيتك مسمع عاد!
ميادة: ميهمنيش حد؛ الناس كلها متهمنيش لان وجودنا مكنش فارق معاهم ولا غيابنا أثر فيهم
نوح: وانا..! مش مفروض اني چوزك ولا انا كمان ميهمكيش رأيي؟
ميادة: زي ما انت قولت، المفروض.

نوح بحزن: صوح يا ميادة، يعني وچودي في حياتك اتفرض عليكي؟!
اخفضت عينيها تتهرب من نظراته فرفع وجهها اليه ولثم شفتيه بخفة؛ مرة واخرى وتنازلت هي مؤقتا عن كبريائها وماضيها وتناسي هو الكون بأكمله..
احتضنها اليه بقوة ومازال محتفظا بقربها ليهمس اليها بعد وقت..
نوح بحب: بحبك
ميادة متهربة من قربه: ابعد خليني اطلع اوضتي
نوح: تعالي معايا؛ خلينا نبعد عن المكان شوية بس حطي شال على كتافك.

ميادة بعناد: مش حاطة ومش خارجة معاك
امسك يدها وتوجه مبتعدا ولا يدري ما يريد قوله او اللي انا سيذهب لكنه يكتفي بوجودها جواره الأن...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة