قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسيرة الشيطان الجزء الثاني للكاتبة دينا جمال الفصل السابع

رواية أسيرة الشيطان الجزء الثاني للكاتبة دينا جمال الفصل السابع

رواية أسيرة الشيطان الجزء الثاني للكاتبة دينا جمال الفصل السابع

انتصفت بصعوبة تجلس علي الفراش الصغير تنظر للفراغ بألم، هي ماذا فعلت لتعاني ما عانت من قسوة وظلم وقهر، لم تؤذي احدا قط دائما كانت مسالمة هادئة تبتعد عن الجميع خجولة ليس ليها أصدقاء سواهم، ولكنهم لن يتذكروها، ما هو الذنب الذي جنته يديها لتساق كالبعير لأول مشتري ذبحها دون وجه حق ومن تركها تلتقط أنفاسها الأخيرة في هذه الدنيا، بسطت كف يدها علي بطنها هنا كان ينمو جنينها لم يكن ثمرة حب وود، بل كانت ثمرة قسوة وظلم وقهر، اعتصرت ملابسها بقبضة يدها تنساب دموعها بصمت تشعر بالاشمئزاز من نفسها، هي سعيدة للغاية لأن طفلها قد مات، وخصوصا حينما علمت أنه كان سيولد مشوها من كثرة ما كانت تلاقي من عذاب، لم ترد هذا الجنين من البداية ولكنها لم تستطع التخلص منه، وها هو قد ذهب دون سعي منها، اجفلت من شرودها الطويل علي صوت دقات علي باب الغرفة، لحظات ودخلت الممرضة تبتسم لها ببشاشة: الأستاذ اللي جابك المستشفى واقف برة عايز يشوفك.

همست في نفسها: عاصم يا تري جاي ليه، مسحت دموعها سريعا بعنف، تضع حجابها علي رأسها، نظرت للمرضة تهز رأسها ايجابا لتخرج الأخيرة ويدخل عاصم الغرفة، حمحم لتنظر له باستفهام جذب كرسي يجلس أمامها لاحظت نظراته الشاردة لتجده دون سابق إنذار ينظر لها يهتف فجأة: تتجوزيني.

اتسعت عينيها بذهول، عاصم يطلب منها الزواج، الرجل الوحيد الذي تمنت يوما أن تحمل أسمه ها هو أمامها ويطلب منها هذا، ولكن مهلا، عقدت جبينها تنظر له بضياع لما، لما سيتزوج بها، هو بالفعل متزوج، وواضح أنه يحب زوجته، هل فقط سيتزوجها شفقة منه، ستكون الزوجة الثانية، تلك الافعي التي سترق الرجل من امرأته لن والله لن ترضي، اشاحت بوجهها بعيدا تهمس بصوت مختنق: لاء.

سمعته يهتف بذهول: لاء، لاء ليه يا حلم.

التفت برأسها ناحيته بعنف دموعها تهطل كامطار غزيرة في ليلة شتوية عاصفة كانت فقط تنتظر سؤاله لتنفجر في الصراخ والبكاء: عشان أنت عايز تتجوزني شفقة صعبانة عليك، البنت الغلبانة قولت تضحي وتتجوزها، وعشان انت متجوز ومش أنا اللي ابعد راجل عن مراته وعشان أنا مش مستعدة اشوف الذل والبهدلة اللي شوفتها من سيد تاني، عرفت لاء ليه يا عاصم.

قبض على كف يده يشدد عليها حتى برزت عروقه يستغفر في سره يستعيذ بالله من الشيطان، هو فقط في تلك اللحظة يريد معانقتها يريد أن يطمئنها يخبرها بأنه إلى جانبه كل شئ سيكون بخير ولكن عذرا أيها الشيطان هو لن يعصي ربه ابدا، هب واقفا يهتف بغضب يحاول السيطرة علي شيطان نفسه يتنفس بسرعة: ما فيش واحد بيتجوز واحدة شفقة يا حلم، اسمعيني كويس، الراجل اللي انتي كنتي متجوزاه دا طالما عرف يوصلك رسالة وهو جوه السجن دا معناه انه قريب يخرج ولا يشوفله اي طريقة يهرب بيها وساعتها ما تلوميش الا نفسك، اللي باعك مرة هيبيعك التانية والتالتة، اغمض عينيه يأخذ نفسا عميقا يهتف بهدوء حينما رأي نظرتها المرتعبة التي تناظره بذعر، : أنا هكتب عليكي ومستعد يكون جوازنا علي الورق، مش هضايقك باي شكل من الأشكال أنا كل غرضي مصلحتك وامانك.

نظرت له بحزن تهمس بتوتر: طب ومراتك هتوافق علي أنك تتجوز عليها
تنهد بضيق يهتف بنفاذ صبر: مش هقولها أصلا
بس هي من حقها تعرف، همست بها بضعف تشعر بأنها عبئ ثقيل علي الجميع
أولاها ظهره يدس يديه في جيبي بنطاله يهتف ببرود ظاهري: جوازنا هيبقي لفترة مؤقتة، انا متجوزك عشان احميكي ماليش اي غرض فيكي، جوازي منك مش هيأثر بأي حال من الأحوال علي علاقتي بيها، أول ما تشدي حيلك وتقدري تخرجي كلميني.

اتجه ناحية الباب يخرج لم يود أن ينظر إليها يعرف أن ما قاله قاسي ذلك الكلام كان يحاول إقناع نفسه به، أنه سيتجوزها فقط ليحميها
رغم عنه وقعت عينيه عليها وهو يخرج من باب الغرفة ليجدها تبكي بصمت تنظر ناحيته بعتاب صامت مؤلم قاسي، خرج سريعا مغلقا الباب يقنع نفسه أن ما قاله هو الصحيح.

وقفت أمامه تنظر له بقلق، محامي صبري الدمنهوري تري ماذا يريد منها لما أتي إليها من الأساس، ذلك الرجل بالتأكيد مجنون، دخل إلى المنزل وكأنه بيته ارتمي جالسا علي الأريكة بأريحية فاردا ذراعيه علي طولهما واضعا قدما فوق اخري لاء وفوق هذا طلب منها كوب من الشاي وشيطرة من الجبن!

نظرت له بتعجب لتهتف بضيق: انت عايز مني ايه وايه اللي جابك هنا
ارتسمت ابتسامة واسعة علي شفتي سامر يهتف باريحية: كوباية شاي وشاندوتش جبنة بطماطم.

تدلي فكها بذهول تنظر له بتعجب حسنا تأكدت الآن انه مجنون: أنت مجنون يا جدع هو بيت ابوك ما تمشي تطلع برة عاصم زمانه جاي ولو جه لاقاك هتبقي مصيبة.

اعتدل في جلسته يهتف بجد: يبقي تترزعي كدة زي الشاطرة وتسمعيني
هتفت بحدة من وقاحته: كاتك رازعة في دماغك انتي جاي بيتي تشتمني اطلع برة يا مجنون.

مد يده في جيب سترته يخرج ظرف ابيض متوسط الحجم رماه أمامها ارضا لتنظر للظرف باستفهام تعقد حاجبيها لتسمع ذلك المجنون يهتف ساخرا: افتحيه وشوفيه.

التقطت الظرف من علي الأرض تفتحه بعنف إلى ان وقعت عينيها علي ما فيه شخصت عينيها بذعر لتسقط ارضا تلطم خدها الايسر تنظر إلى ما في يدها بفزع، رفعت عينيها تنظر له لتجده عاد لجلسته القديمة ينظر لها بتلك الابتسامة الصفراء الخبيثة هتف بمكر: ايه رأيك بقي يا توتا تجنني يا روحي صورك عند الدجال رهيبة، لاء وفي فيديو كمان صوت وصورة، وانتي بتقولي للدجال قد ايه انتي بتكرهي اللي اسمها رؤى ونفسك تدمري حياتها بأي شكل، ها نبقي حبابيب ولا عصومة بقي يعرف وجاسر ورؤي وكلهم وليلة كبيرة أوي.

ظلت تنظر له بذعر لا تجد ما تقوله سيفضح أمرها أن لم تطعه هتفت بتلجلج: أنت عايز مني ايه، يكون في علمك أنا مش هخون جوزي.

من ان انتهت من كلماتها حتى صدعت ضحكات سامر الساخرة تملئ المكان: مش هتخونيه يا روحي انتي بتخونيه من زمان، ولا ناسية لما روحتي عند الدجال وكنتي عيزاه يعملك يعمل يربط جاسر فيكي بس انتي ما كنش معاكي فلوس تكمل فالدجال ما رضيش، انا صحيح يا توتا مش فاهمك انتي بتحبي عاصم ولا بتحبي جاسر ولا بتحبي فلوس جاسر ولا إيه بالظبط...

اسودت عينيها بغل لتهتف بغيظ: أنا حبيت عاصم حب مراهقة لما كنت لسه في سنة اولي وعاصم كانت بنات الجامعة كلهم هيموتوا عليه قولت اشمعني أنا يعني وعلقت قلبي بيه وقولت اكيد هينشلني من الفقر اللي أنا فيه، بس لما جه جاسر، جاسر مهران بجلالة قدره مال وجاه ومركز، قولت بس هو دا، مش مهم الحب الأهبل اللي كنت بحبه لعاصم، وبعد كدة فوقت من دوامة عشان اعرف أن جاسر كان عايز بس ينتقم من ابويا فيا، ولقت عاصم رجع تاني، وعرفت منه إن جاسر اتجوز اخته، كان الاختيار الوحيد والأخير اللي قدامي فمسكت فيه، بس للأسف طلع فقير هو صحيح حالته المادية كويسة بس مش زي ما أنا عايزة اشمعني اخته تعيش في فيلا وأنا اعيش في شقة، جاسر وفلوسه من حقي أنا مش حق ست رؤى هانم، هو جالي أنا الأول، بتاعي أنا.

نظرت له حينما سمعته يهتف بمكر: طب واللي يفرقلك بين رؤى وجاسر ويديكي 5 مليون جنية، وهيبعد رؤى عن طريقك خالص وانتي وشطارتك مع جاسر.

ضيقت عينيها تنظر له بحذر: وأنا أضمن منين انه مش مكيدة
رفع كتفيه بلامبلاة يهتف بثقة: ما فيش ضمانات ما قدمكيش غير حل من اتنين يا توافقي علي اللي أنا عايزه وتكسبي كل حاجة، يا ترفضي ساعتها هفضحك وهبعت الصور والفيديو لعاصم ورؤي وجاسر وشوفي بقي اللي هيحصل، انتي ذكية يا تهاني ابوكي زمان باع صاحب صاحب عمره بعشر الاف جنيه، انتي هتكسبي خمسة مليون جنية قولتي إيه.

سرحت عينيها تخطط لمستقبلها في كلا الحالتين لو علم عاصم بالطبع سيطلقها وستعود إلى بيت ابيها في ذلك الحي الفقير لا نفع منها، أما أن قبلت ستجني الكثير وأولهم الكثير من الأموال التي طالما حلمت بها
عادت تنظر له تهز رأسها ايجابا تهتف: أنا موافقة
ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتيه يهتف بتهكم: كنت واثق أنك هتوافقي اسمعيني بقي كويس.

خرجت من المطبخ تبحث عنه بغضب وجدته يجلس علي طاولة خشبية صغيرة ينظر في هاتفه باندماج نفخت خديها تضيق عينيها بغيظ اتجهت ناحية تضع الطبق بعنف الطاولة تهتف بحدة: الأكل.

نظر لها بطرف عينيه ليهتف ببرود وهو يتصفح هاتفه: شيلي الطبق وارجعي حطيه تاني علي الطربيزة واتكملي بأدب وانتي بتحطيه، فتحت فمها لتجده يلف حلقه تلك المادية حول إصبعه يديرها في الهواء يصفر باستمتاع نظرت له بغضب تجز علي أسنانها بغيظ، لتحمل الطبق مرة اخري وضعته علي الطاولة برفق تهتف بابتسامة صفراء: الاكل
اعتدل في جلسته يهتف ضاحكا: من يد ما نمسكهاش
تخصرت تهتف ساخرة: أنت اصلا ما تحلمش انك تمسكها.

التفت لها برأسه يبتسم ساخرا: أنا اصلا مش عايز امسكها احسن اتوسخ ولا حاجة!
صرخت في وجهه بغضب: انت يا حيوان أنا انضف منك ومن عيلتك ال، كلها، ااااااه
صرخت متألمة حينما هوي كف يده علي وجهها
لتجده يقبض على شعرها بعنف يصرخ بغضب جحيمي: الا عيلتي انتي فاهمة، أنا طول عمري محافظ علي اسمهم طول حياتهم وبعد مماتهم مش هتيجي حته عيلة زيك تغلط فيهم.

دفعها بعيدا عنه ليتجه إلى غرفته صافعا الباب خلفه بعنف لتضع يدها علي وجنتها تتحسها بألم تسبه بأبشع الالفاظ، دخلت إلى غرفتها صافعة الباب خلفها هي الاخري جلست علي الفراش ضامة ركبتيها لصدرها تنساب دموعها بصمت صفعته وإن كانت مؤلمة فذلك.

الألم الذي يحرق قلبها اقوي منه بكثير، هم السبب فيما حدث لها لم تلاقي يوما حنانا من احد أمها القت بها بعيدا وهي ابنه أيام والدها لم تكن تراه من الأساس الا لحظات عاشت وحيدة داخل قوقعة من الوحدة والبرودة غلفت نفسها بغلاف من شخصية لا تعرفها شخصية غاضبة ساخرة ساخطة وهي في حقيقتها شخصية ضعيفة هشة، مسحت دموعها بعنف لتحتد عينيها بغضب فقط ثلاثة اشهر وستحصل علي ما تريد من اموال ستترك الجميع وتسافر إلى حيث تريد ستفعل ما يحلو لها، إذا فلتتحمل قليلا لتجني ما تريد اخيرا، قامت من علي الفراش خرجت من الغرفة متجهه لغرفته دقت الباب برفق لتسمع صوته يهتف بحدة من الداخل: امشي من هنا.

سيطرت علي لسانها السليط بصعوبة، لتعود وتدق الباب مرة اخري تلك المرة فزعت حينما فتح الباب بعنف يصرخ فيها بغضب: هو أنا مش قولتلك امشي، عايزة ايه تاني، أنا مستحملك بالعافية اصلا، مالكيش دعوة بيا خالص لغاية ما المدة تخلص وتغوري من هنا.

لم تستطع ان تبقي وجهها البارد اكثر من ذلك سقط لتسقط معه دموعها كانت تبكي كطفلة صغيرة سرقت حلواها، احمر وجهها بأكمله من شدة بكائها وهو يقف ينظر لها بشفقة، اتسعت عينيه بصدمة حينما وجدها تركض ناحية باب المنزل تريد الخروج وبالفعل خرجت منه جذبها بعنف إلى داخل الشقة مرة اخري اغلق باب الشقة بعنف ليدفعها بعنف ارتطم ظهرها بالباب صرخ في وجهها: انتي اتجننتي بتهربي من البيت.

دفعته بيديها في صدره بعنف تصرخ وتبكي: ابعد عني ابعدوا كلكوا عني، أنا عارفة ان ما حدش بيحبني ولا حد عايزني اصلا، حتى بابا كان دايما بيقولي مش كانت أمك خدتك معاها وخلصتني من همك، انت عايز مني ايه أنا هبعد عنكوا كلكوا، ابتعد عنها بضع خطوات ينظر لها بندم ليت لسانه الاحمق لم يجرحها بذلك الكلام الحاد ولكنها هي من اخطئت وهو ولم يتحمل أن يذكر احد والديه المتوفيين بسوء، دون أن تعي ما يحدث كانت بين ذراعيه يعانقها بقوة وهي تصرخ وتضربه يقبضتيها علي ظهره وكتفيه تحاول دفعه بعيدا عنها ولكن دون فائدة استسلمت له لتهجش في بكاء مرير بينما هو صامت تماما لم ينطق لم يحرك ساكنا فقط يطوقها بذراعيه، ليشعر بعد قليل بأنها بدأت تهدأ، ابتعد عنها قليلا ليجدها تنظر له بغضب عينيها حمراء منتفخة شعرها مبعثر وجنتيها بلون الدم، نظر لها للحظات يحاول إيجاد مخرج من ذلك المأزق لينفجر ضاحكا ظل يضحك نفسه رغما عنه لتقطب جبينها بغضب تنظر له بغيظ هتفت بحدة: أنت بتضحك علي إيه!

شكلك مسخرة، هتف بها من بين ضحكاته ليغرق في الضحك مرة أخري، شهقت بصدمة لتقترب من أقرب مرآه تنظر لنفسها لتتسع عينيها بصدمة: مين دي
سمعت صوت ضحكاته يعلو لتجده منهار من الضحك، اقتربت منه تضربه علي صدره بغيظ: يا حيوان يا غتت ما تضحكش عليا.

توقف عن الضحك يلهث بقوة ليقترب منها اخذ يدها يقف بها أمام المرأه نظرت لسطحها المصقول لتري صورة مختلفة هي تقف وهو خلفها ينظر لانعاكسها بابتسامة صغيرة لتجد نفسها تبتسم تلقائيا لا تعرف ما حدث ولكنها احبت تلك الصورة الجديدة لتسمعه يهمس بعبث: تعرفي انك زي القمر، اتسعت عينيها بخجل غزا وجنتيها هل يتغزل بها وكأنها لم تسمع كلمات غزل من قبل هاني دائما ما كان يمطرها بها ولكن هناك، فغزل هاني بها دائما ما كان يضايقها فهو وحق رخيص أما تلك الكلمة البسيطة التي خرجت من فمه احبتها، ذلك الاحمق لا يعلم أنها بالفعل تحبه، كانت تأتي إلى شركة والدها لتراه خلسة تحب شخصيته القوية وحزمه في عمله، حينما اصطدمت به في ذلك اليوم وطلبت منه أن يعتذر منها كانت تتمني بداخلها الا يفعل ذلك وكم سعدت برفضه، ولكنها تكره الاجبار فكرة أنها أصبحت مجبرة علي الزواج منه جعلت روحها المتمردة تصحو من جديد، هي فقط تعيش بين صراع قلب أحب من طرف واحد وعقل ثائر متمرد يكره القيود، سمعته يهتف من خلفها بمرح: ايه دا برعي بيتكسف.

ضيقت عينيها بغيظ تلتفت له لتسمعه يهتف بجد: بصي يا روان أنا مش عايز اجرحك أنا آسف علي الكلام اللي قولته من شوية، رفع سبابته أمام وجهها يهتف بحدة: بس أول وآخر مرة تجيبي سيرة اهلي بسوء واضح.

هزت رأسها ايجابا تهمس بضيق: ماشي
ربع ساعديه أمام صدره يهتف بجد: هما 3 شهور هنقضيهم بالطول ولا بالعرض بس أنا وعدت ابوكي انك هتنجحي السنة دي بتقدير كويس، أنا مش طالب منك غير انك تذاكري محاضرتك وتعملي اللي تقدري عليه في البيت وبعد ال3 شهور بساعة هطلقك وكل واحد يروح لحاله تمام.

نظرت له بسخط تهتف بحنق: ايوة بس أنا ما بحبش حد يقولي تعملي ايه وما تعمليش إيه، وبعدين أنا حرة اذاكر ما اذاكرش أنت اللي هتنجح ولا أنا، وشغل الشقة بتاعك دا تعمله أنت يا بابا انت فكرني خدامة ولا إيه، لا فوق كدة أنت مش عارف أنا مين روني هانم اللي ميت واحد زيك يحلم بس أنها تقوله صباح الخير.

غلت الدماء في عروقه غضبا تلك الحمقاء لو قتلها سيرتاح من لسانها الاحمق هذا، لم يكملوا عشر دقائق بهدوء حتى تظهر شخصيتها الكريهة مرة أخري، دس يديه في جيبي بنطاله يقترب منها ببطئ وهي تبتعد للخلف لا تعرف لماذا ولكنها تشعر بالقلق من نظرة عينيه شهقت حينما ارتطم ظهرها بالحائط خلفها لتجده يخرج تلك المادية من جيبه قرب نصلها من عنق تلك الحمقاء يهتف بحدة ؛ أنا عارف أنك هتتعيني يا بنت الرفدي اسمعي يابت هتسمعي الكلام وتنفذيه هنبقي اصحاب وحبابيب وكفاءة هتسوقي العوج هعمل منك فراخ بانية مفهوم يا حلوة.

هزت رأسها ايجابا سريعا تنظر لنصل المادية بذعر اشار إلى غرفتها يهتف ببرود: علي أوضتك يلا، فرت سريعا لغرفتها ليقف الاخير يبتسم بثقة عدل ياقة قميصه يتمتم بزهو: الحمشنة حلوة ما فيش كلام علي رأي خالد السويسي.

في صباح اليوم التالي
في شقة دكتور ياسر تعمدت رئيفة إظهار الود والطيبة في معاملتها لنرمين امام ياسر حتى يطمئن لها، ولكنها كانت تظهر العكس تماما في غيابه، كانت تقف في المطبخ تحضر الغداء سريعا قبل أن يأتي ياسر من المستشفى لتسمع صوت تلك العجوز الشمطاء تهتف من خلفها بتهكم: اوووف إيه الريحة دي، الله يرحمك يا هدي يا بنتي كانت ريحة اكلك بتجيب ياسر من علي أول الشارع جري.

جزت نرمين علي أسنانها بغيظ تحاول التحكم في أعصابها قبل أن تقتل تلك السيدة الخبيثة، آه لو يعلم جاسر أنها هنا سيقتلع رأسها من مكانه، ولكنها ستجعل أمر أخباره اخر اختياراتها، ربما ترحل تلك العجوز قريبا
فاقت علي صوت ياسر يهتف وهو يدخل من باب الشقة: السلام عليكم يا أهل الدار.

خرجت تركض من المطبخ متعمدة في طريقها ان تصطدم بكتف رئيفة وكأنها لا تقصد، اتجهت ناحية ياسر تعانقه بشوق ليبادلها العناق لتأتي الصغيرة تركض ناحية والدها تصرخ بفرح ليضحك ياسر بمرح يحملها علي ذراعه يدغدغها برفق. ونرمين تقف تنظر لهم بابتسامة حانية، بينما رئيفة تقف ترمق نرمين بنظرات حادة كارهه مشتعلة متوعدة، تقسم في نفسها انها ستطردها قريبا خارج هذا المنزل، بعد قليل جلسوا جميعا علي طاولة الطعام كالعادة جلست سمسم جوار نرمين حتى تطعهما الأخيرة بحنانها المعتاد، وياسر يجلس علي رأس الطاولة، ورئيفة تجلس في الاتجاه الآخر تنظر لنرمين بغيظ، رسمت ابتسامة واسعة علي شفتيها تهتف بود ظاهري: تسلم إيدك يا نرمين يا بنتي الأكل طعمه حلو أوي.

اتسعت عيني نرمين بذهول لتلك السيدة بصدمة يالها من خبيثة ماكرة، ابتسمت بتكلف لتعود مرة أخري تطعم سمسم، بينما نظرت رئيفة لياسر تهمس بصوت منخفض: ياسر يا إبني أنا هرجع بيتي بكرة اصل أنا حاسة أن مراتك مش قبلاني في البيت، دا أنا حتى لما بتكلم معاها ما بتردش عليا، ربنا يرحمك يا هدي يا بنتي.

ربط ياسر علي يدها برفق يهمس بحنو: ما تقوليش كدة يا حماتي دا بيتك وأكيد نرمين مش قصدها طبعا، أنا هشوف الموضع دا.

ربطت علي ذراعه تبتسم بود: تسلم يا إبني.

بعد الغداء ذهبت سمسم لتذاكر دروسها بصحبة نرمين بينما ياسر يشاهد التلفاز في غرفته ومجيدة تجلس علي الأريكة المقابلة لهما تنظر لنرمين بغيظ.

مالت الصغيرة علي إذن نرمين تهمس بخوف: ماما نرمين هو انتي صحيح هتضربيني وتشدي شعري وتحبسيني في اوضتي في الضلمة.

شخصت عيني نرمين مما سمعت من زرع تلك الأفكار البشعة في عقل الفتاة الصغيرة هزت رأسها نفيا بعنف تهتف سريعا: لا طبعا يا حبيبتي أبدا مين اللي قالك الكلام دا.

همست سمسم ببراءة: تيتا رئيفة هي اللي قالتلي وقالتلي انك ما بتحبنيش وإنك هتخلي بابا يسيبني في الشارع.

اشتعلت عيني نرمين غضبا لتهب من مكانها متجهه ناحية تلك السيدة صرخت فيها بحدة: انتي ازاي تقولي للبنت كلام بشع زي دا، انتي اتجننتي يا ست أنتي.

هبت رئيفة تصرخ في وجهها بحدة: أنا مجنونة يا تربية الشوارع، يا قليلة الأدب يا خطافة الرجالة، يا مجنونة مش انتي كنتي في مستشفي المجانين بردوا ولا إيه.

رئيفة صرخ بها ياسر بحدة ليتجه ناحيتها بغضب: رئيفة هانم وجودك بقي غير مرحب بيه في البيت دا، أنتي اهانتي مراتي يعني اهنتيني أنا شخصيا وأنا ما اسمحش لأي حد ابداااا أن يقول علي مراتي كلمة واحدة.

عقدت رئيفة ساعديها امام صدرها تتهتف بتهكم: مش دي الحقيقة ولا أنا بفتري عليها، مش الهانم بردوا كانت مجنونة في مصحة نفسية عشان هي رخيصة ومدير الشركة اللي كانت شغالة فيها اغتصبها ولا ايه يا ياسر بيه.

بس بس كفاية حرام عليكوا، وضعت يديها علي رأسها ليبدأ جسدها بالارتجاف دموعها تهطل دون توقف صرخت خائفة تبتعد عنهما تهتف بنحيب: ابعد عني، ابعد عني ابعدوه عني، يا جاااااسر، يا بابا، ابعد عني، ابعددد عنننننننني.

نرمين، نرمين اهدي يا نرمين، هتف بها ياسر بقلق يحاول الاقتراب منها بحذر، لتهتف رئيفة من خلفه بتهكم: مش بقولك مجنونة.

التفت ياسر ينظر لها بغضب ونرمين لا تتوقف عن الصراخ ليظهر جاسر في تلك اللحظة في خضم ما يحدث لم يسمع صوت دقات الباب سوي سمسم الصغيرة التي ركضت سريعا تفتحه ليدخل جاسر الذي جاء مصادفة للاطمئنان علي أخته، دخل ليسمع صرخات أخته، اخترق قلبه وعقله جملة تلك السيدة تنعت نرمين بالمجنونة، نظر لرئيفة بتوعد يقسم أنها ستنال أسوء عقاب علي ما قالت.

كان الوضع بالفعل متأزما نرمين تصرخ، تبكي جسدها يرتجف كأن كهرباء أصابته وسمسم الصغيرة تبكي بلا توقف وياسر يحاول بشتئ الطرق، اما تلك السيدة تنظر ناحية جاسر بذعر، اتجه ناحية اخته وقف أمامها مباشرة امسك كتفيها يهتف بقوة علها تفيق مما هي فيه: نرمين أنا جاسر اهددددي.

نظرت لاخيها بذعر للحظات لترتمي في صدره تبكي بلا توقف إلى ان فقدت الوعي بين ذراعيه، أسند جسدها بأحد ذراعيه ليلتقط هاتفه بيده الاخري يهتف باقتضاب: اطلعولي.

وقف يسند جسد اخته برفق ينظر لتلك السيدة نظرات مشتعلة جحيمية، حاول ياسر الاقتراب منها ليدفعه جاسر بعيدا بعنف يهتف بحدة: أنا اديتك أمانة وأنت ما حافظتش عليها، رجعتها زي ما كانت واسوء، عشان كدة أنا هاخدها تاني.

لحظات ودخل حرسه اشار إلى تلك السيدة بعينيه يهتف بحدة: خدوها ارموها في اي داهية علي ما افضلها، جرها الحرس رغما عنها، ليدني جاسر بجذعه حاملا اخته بين ذراعيه، متجها إلى باب الشقة التفت لياسر يهتف ببرود: في ظرف يومين تكون ورقة طلاق اختي عندي، لا ما تلومش غير نفسك علي اللي هعمله فيك.

أخذ نرمين متجها إلى سيارته وضعها علي الأريكة الخلفية ليجلس بجانبها، ليعود بهم السائق إلى منزل جاسر مرة اخري طوال الطريق كان ينظر لأخته بحزن، وقلق خائف لأن تعود لتلك الحالة القديمة التي كانت عليها، احتدت عينيه بغضب، لو أطلقه سيقتل تلك السيدة بأبشع طريقة، ولكن مهلا يا جاسر، بتلك الطريقة ستعود إلى نقطة الصفر سيعود شيطان انتقامك وغضبك في السيطرة عليك، ستعود ذلك المسخ الدميم، لالا لن يعود كما كان، الفرصة تأتي مرة واحدة وهو قد حصل علي فرصته إذا عاد كما كان سيحترق بنيران انتقامه حيا وميتا.

مسح وجهه بكف يده بعنف، يستغفر يستعيذ بالله من شيطان نفسه قبل شيطان السموم وصلت السيارة إلى منزله ليحمل نرمين مرة أخري متجها إلى الداخل فتحت له رؤى تبتسم بمرحها المعتاد لتشهق بفزع ما أن رأت نرمين: في إيه يا جاسر نرمين مالها ايه اللي حصلها.

هتف بلهفة: خدي الموبايل من جيبي هتلاقي اسم لوسيندا اتصلي بيها وخليها تيجي حالا.

هزت رأسها إيجابا سريعا مدت يدها في جيب سترته تلتقط هاتفه، اتصلت بالطبيبة تخبرها ما قال لتغلق الخط تنتطلق لهم سريعا دخلت غرفة نرمين التي خصصها جاسر في منزلهم لتجده ينظر لها بألم يمسد بيده علي شعرها بحنو عينيه حمراء من كثرة دموعه التي يمنعها من التحرر، جلست رؤى بحتمية تربط علي كتفه برفق تهمس بحذر: هو إيه اللي حصل، لم تحصل منه علي رد لم يلتفت حتى إليها ظل كما هو ينظر لنرمين دون أن يرمش، مرت نص ساعة تقريبا إلى أن جاءت الطبيبة خرج من الغرفة لتبقي رؤى معها، وهو يقف بجانب الباب يستند بظهره علي الحائط، يكور قبضة يده يضرب بها علي الحائط خلفه أنفاسه مضطربة سريعة غير منتظمة، دقائق مرت كساعات إلى أن خرجت الطبيبة التفت لها سريعا ما أن رآها يهتف بلهفة: خير هي كويسة مش كدة.

ابتسمت الطبيبة بمرح تهتف ضاحكة: جري إيه يا دكتور المفروض أنك تكون أول واحد عارف بالحالة دي، علي العموم مبروك مدام نرمين حامل، ظلت تتحدث عن أنه يجب أن يهتم بها ويخبر زوجها حتى يهتم بطعامها وراحتها وخاصة في بداية حملها، اما هو كان شاردا في عالم آخر، حالة نرمين التي رآها قبل ان تفقد الوعي، علاقتها بياسر بعد ذلك الحمل، حالتها النفسية هل ستعود كسابق عهدها والأهم رؤى يدعو الله ان لا يصيبها الغيرة من أخته فهي تتمني وبشدة أن تحمل طفلا هي الاخري، التفت للطبيبة حينما اعطته ورقة الروشتة التي خطت عليها الادوية الخاصة بحالة نرمين، شكرها بكلمات مقتضبة لترحل الأخيرة، ويتجه هو إلى الغرفة، دخل ليجد رؤى تجلس بجانبها تدثرها بالغطاء جيدا، تضع الوسادة تحت رأسها برفق، رفعت رأسها إليه حينما شعرت بوجوده لتجد نظراته حائرة ضائعة مشتتة، ابتسمت له برفق تخبره بابتسامتها، هون عن نفسك سيصبح كل شئ علي ما يرام، جلس جوار نرمين علي الاتجاه الآخر يهتف: رؤى معلش ممكن تخرجي.

هزت رأسها إيجابا سريعا لتتحرك من مكانها خرجت من الغرفة تغلق الباب خلفها، ليمسك بيد نرمين يقبلها في تلك اللحظة تمردت دموعه عليه وثارت تجري علي وجهه بعنف أصبح يبكي وعلت شهقاته وضع رأسه بجانب ذراعه كالطفل الصغير، يبكي فقط، شعر بيدها تسمح علي شعره بحنان، ليهب سريعا ينظر لها بقلق عينيه حمراء كالدماء، ليراها جالسة علي الفراش تنظر للفراغ بشرود، كما كانت تفعل قديما فقط تحرك يديها علي شعره وحينما هب واقفا سقطت يديها علي الفراش دون حراك، حرك رأسه نفيا بعنف ليجلس أمامها يهتف بانفعال: لا يا نرمين أبوس إيدك ما ترجعيش زي ما كنتي عشان خاطري ما تحرقيش قلبي عليكي تاني، اقول ايه لابوكي لما اقابله ما عرفتش احافظ علي اختي، ما عرفتش احافظ علي امانتك، ما يتمنيش يا نرمين، انتي الوحيدة اللي بقيالي من ريحة ابوكي وأمك.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة