قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وواحد وثلاثون والأخير

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وواحد وثلاثون والأخير

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وواحد وثلاثون والأخير

عشق، كلمة من ثلاثة أحرف، كل حرف منهم كقيد يسلب الروح يقيد الجسد يسري في الدماء كالمخدر لتعش أبد الدهر مجذوب للعشق
فالعين...
عين القلب التي تري دون عينين تعرف الحبيب دون رؤياه
والشين
هو شق الروح الآخر الذي يصل بك للكمال
والقاف...
قيثارة الروح تعزق أنغام القلب، أنغام لا يعرفها سوي قلب عاشق متيم، أنغام تسحر الروح تسلب العقل، تقيد القلب باغلال العشق السرمدي إلى لا نهاية الجنون.

في الحارة، بعد سهرة طويلة قضاها الأشقاء على أحدي القهاوي الشعبية يشاهدان أحد مباريات كرة القدم الإنجليزية، تحرك مراد بصحبة أدهم إلى حيث منزل جدتهم العجوز، يصعدان لأعلي تسبقهم ضحكاتهم العالية وقف أدهم أمام منزل جدته التفت لأخيه يحادثه ضاحكا:
- يلا يا عم تصبح على خير.

التفت ليدخل للمنزل حين شعر بيد مراد توضع على كتفه برفق، التفت برأسه أخيه تلك المرة ينظر لأخيه يبتسم يسأله بعينيه عما يريد، ليري ابتسامة صغيرة ممتنة تتكون على شفتي مراد، امسك بكتف أدهم يدير جسده إليه علت الدهشة قسمات وجه أدهم، حين احتضن مراد وجهه بين كفيه ينظر له يبتسم لحظات صمت غير مفهومة على الاطلاق قبل أن يسمع صوت أخيه يهمس:.

- كنت عايز اقولك كلمتين بقالي مدة، لما عرفت أن أنا عندي أخ اتضايقت، حقيقي اتضايقت أوي، بس في حاجة جوايا كدة كانت سعيدة، لما جيت وشوفتك صحيح كنت متضايق منك ومش طايقك بس ما كنتش كارهك، كنت كاره أنك شايف نفسك أحسن مني
تنهد للحظات لتضطرب حدقتيه يتحاشي النظر لأخيه بلع لعابه الجاف يهمس متوترا:
- أنا كنت بكره أي حد أحسن مني، بس مش دا اللي أنا عاوز اقولهولك.

رفع وجهه ينظر لوجه أخيه علا ثغره ابتسامة واسعة يردف ضاحكا:
- ساعات كان بيبقي هاين عليا أكسر عضمك كنت مستفز أوي يا أدهم، وكل شوية أنا تربية حمزة السويسي، أنا تربية حمزة السويسي...
اختفت ضحكاته فقط إبتسامة صغيرة بقيت على ثغره حين اردف متنهدا:.

- يمكن لو كنت أنا كمان اتربيت وسط عيلة ما كنتش بقيت أسوء من الشيطان لما كبرت، بس الحمد لله هو نصيب وربنا بيدي كل واحد فرصة تانية، انا ما كنتش هاخد فرصتي التانية، لولا وجودك يا أدهم، لولا أنك خليت جاسر يخرجني من السجن، أنا عارف إن جاسر كان مستحيل يعمل كدة لولا وجودك، أنا بس كنت عايز اقولك أنا حقيقي مبسوط لوجودك في حياتي، يمكن دي الحاجة الوحيدة العدلة اللي عملها أبوك، شكرا يا أدهم شكرا لكل اللي عملته عشاني.

لم تدمع عيني أدهم بل انهمرت دموعه دفعه واحدة يحضتن أخيه بقوة يلقي بنفسه بين ذراعيه كما يلقي الطفل بنفسه بين ذراعي والده، انتحب يردف من بين شهقاته:
- أنا اللي متشكر لوجودك في حياتي يا مراد ما حدش فينا ملاك يا أخويا، كلنا بنعمل مصايب، أنا نفسي عملت بلاوي والحمد لله فوقت وبعدت عن كل القرف اللي كنت بعمله، ربنا يخليك ليا يا اخويا وما يحرمني منك أبدا.

شدد مراد على عناق أدهم للحظات قبل أن يبعده عنه ربت على وجهه بخفة يحادثه مبتسما:
- اعمل حسابك اننا هنتلم اللمة دي كل جمعة هنخليها عادة لولادنا بعد كدة ماشي يا أدهم.

ابتسم أدهم يحرك رأسه بالإيجاب سريعا يحتضن أخيه يودعه وقف ينظر له وهو يصعد إلى شقته ليبتسم تحرك ناحية باب الشقة يدس يده في جيب سرواله أخرج المفتاح يفتح به قفل الباب، دخل ليجد منيرة تجلس على اريكتها المفضلة في الصالة تشاهد أحد المسلسلات العربية القديمة، ابتسم ينظر لها يغمغم في مرح:
- ايه دا عبد الغفور البرعي أنا نقطة ضعفي فرح سنية هو جه ولا لسه.

ضحكت منيرة رغما عنها قبل أن تخفي ضحكاتها ترتدي قناع القسوة اشار له يقترب منها، ليتحرك جلس جوارها يبحث بعينيه عن زوجته:
- ايه دا اومال مايا فين
تأوه فجاءة متألما حين شعر بيد جدته تقبض على إذنه بعنف تحادثه حانقة:
- مايا بتكلم أبوها يا حبيب ستك، بقي يا حيوان أنت اللي قايل للبت ما فيش خلفة غير بعد ما تخلص كليتها دا أنا هنسل شبشي على جتتك.

انتزع نفسا ينتفض بعيدا، وقف أمام جدته يمسد إذنه براحة يده ضحك رغما عنه يتمتم من بين ضحكاته:.

- اهدي بس يا جدتي، وبعدين فيها اي يعني لما نأجل الخلفة شوية عشان مصلحة مايا ومصلحة الطفل، مايا مولودة في بوقها دهب لسه مش متعودة انها تشيل مسؤولية، أنا عارف أنها بتحاول تبقي زوجة وتدير مسؤولية البيت لوحدها، بس يبقي حرام عليا اما اشيلها جنب مسؤولية البيت والدراسة مسؤولية طفل صغير، كفاية عليها دلوقتي لحد ما تخلص دراستها ووعد عليا اصدرلك كل تسع شهور عيل.

ابتسمت منيرة تنظر لحفيدها مفتخرة بطريقة تفكيره لم يبدي رغباته الشخصية على حساب زوجته على عكس الكثير من الرجال تفعل، سرعان ما اخفت ابتسامتها مصت شفتيها تتمتم ساخرة:
- اما نشوف يا موكوس
ضحك أدهم بخفة اقترب يقبل جبين جدته لتربت على شعره بحنو يهمس لها:
- ربنا يخليكي لينا ولا يحرمنا من حنيتك
ابتسمت منيرة تعانقه للحظات قبل أن تدفعه بعيدا عنها بخفة تمسح دموعها سريعا قبل أن يراها تغمغم عابسة:.

- ايوة كل بعقلي حلاوة يا ابن وحيد، يلا خش نام تصبح على خير يا حبيبي
قبل جبينها ويديها يبتسم لها، تحرك ناحية غرفة نومه دق بابها لتصيح منيرة فيه مغتاظة:
- بتخبط على الباب قبل ما تخش على مراتك يا أهبل.

ما إن التفت لها وجد أحدي فردتي خفها تطير ناحيته لتلتصق في وجهه مباشرة، زم شفتيه يمسد وجهه متألما، اعاد الخف لجدته ليهرول سريعا ناحية غرفته يختبئ خلف بابها قبل أن تطير فردة الخف الأخري إليه، دخل إلى الغرفة يضحك على حدث، ليتفاجئ حين رأي مايا تندفع إليه تعانقه بقوة لاحت ابتسامة عاشقة على شفتيه يشدد على احتضانها حين سمعها تهمس له:
- أنا بحبك أوي يا أدهم حقيقي بحبك أوي.

ابتسم يرفع وجهها ليقابل عينيها رأي بريق دموعها يتلألأ في حدقتيها ليقطب ما بين حاجييه يسألها قلقا:
- أنتي عارفة أنا بحبك قد ايه، انتي كويسة مالك
ابتسمت بخفة ترفع كفيها تمسح دموعها العالقة بمقلتيها تحرك رأسها بالإيجاب تنهدت تريح رأسها على صدره من جديد تهمس في سعادة:
- أنا سمعت الكلام اللي قولته لجدتك، وحقيقي مش متخيل أنا شيفاك ازاي دلوقتي، إنت أحسن راجل في الدنيا يا أدهم.

ضحك بخفة يبعثر خصلات شعرها تنهد بارتياح يعاود ضمها بين ذراعيه:
- يا شيخة خضتيني، وبعدين أنا مش أحسن راجل في الدنيا ولا حاجة، أنا متجوز احلي بنوتة في الدنيا...
رفعت وجهها عن صدره ثبتت مقلتيها على حدقتيه تبتسم في توسع تنهدت بنعومة تسأله:
- أنت حبتني امتي يا أدهم.

لاحت ابتسامة حنين على شفتيه وكأنه يتذكر متي دق قلبه لها للمرة الأولى، عاد ينظر إليها امسك بيدها يجذبها معه إلى الفراش جلس واجلسها جواره، رفع كتفيه لأعلي كأنه يقول لها لا أعلم:.

- مش عارف صدقيني، كل اللي أنا كنت عارفة أنك مش أختي، أنا كنت كبير لما بابا اتبناني، كنت عارف إن دا مش والدي وإن أنتي مش أختي، كان دايما كلام بابا، أدهم خلي بالك من اختك، اتعودت من وأنا صغير أني أخلي بالك منك يوم عن يوم كنتي بتكبري أكتر، وبدأ شعوري يتغير من مجرد حماية لدقات غريبة كدة مش فاهمها، مسؤولية خوف حماية غيرة شوق لو بعدتي دقايق كل دا مالوش معني تاني غير الحب، أنا غلطت أنا عارف، وبحمد ربنا دايما أني ما اذتكيش، ما كنتش هسامح نفسي أبدا يا مايا لو كنت أنا اللي اذيتك...

ما ان أنهى كلامه اندفعت تعانقه بعنف ليسقط على ظهره لتتعالى ضحكاته يضمها لأحضانه أكثر فأكثر رفع وجهها ينظر لمقلتيها يسألها بصوت خفيض نادم:
- أنتي كرهيتيني يا مايا، يعني بسبب اللي كنت عايز اعمله كرهتيني حتى لو دقايق
ابتسمت له تحرك رأسها بالنفي دون تردد مدت يدها تداعب لحيته النامية:.

- أنا عمري ما كرهتك يا أدهم آه كنت زعلانة منك جداا، بسبب اللي كنت عاوز تعمله، على قد ما حقيقي كنت فرحانة، انك بتحبني وما قدرتش تأذيني...
نظر لمقلتيها يردف فجاءة دون مقدمات:
- وإن كنت اذيتك يا مايا كنتي ممكن تسامحيني
وعكس ما توقع ردود كثيرة إلا انها ضحكت بخفة تحرك رأسها بالنفي تردف من بين ضحكاتها:
- ما كنش هينفع أصلا، كان زمان بابا عملك شاروما يا قلبي.

حمحم في حرج لحظات قبل أن ينفجر ضاحكا هو الآخر يحرك رأسه بالإيجاب حمزة لم يكن سيتواني عن تعذيبه حيا وتشريح جثته ميتا أن كان مس ابنته بسوء، اختفت ضحكاته شيئا فشئ إلا أن باتت ابتسامة كبيرة تزين شفتيه امسك يمناها يشبك أصابعها بأصابعه تنهد يهمس لها مبتسما:
- رغم كل العذاب اللي مرينا بيه عشان نتجمع، إلا اني بمجرد ما بصحي من النوم اشوفك نايمة جنبي، بحس إن أنا أسعد راجل في الدنيا.

تلألأت الدموع في حدقتيها حين دفنت رأسها في صدره تخبره كم تحبه، في حين ابتسم هو عابثا يهمس لها:
- بقولك ايه ما تيجي في التابوت ونجيب حتشبسوت عشان منيرة ما تديناش بالشبشب
ضحكت لتتعالي ضحكاته المرحة ويده تسلل بخفة إلى زر الإضاءة!

صعد مراد إلى شقته يدندن بلحن أغنية قديمة
حين دخل وقف مكانه ينظر لتلك الشمعات التي تضئ الطاولة تأخذ شكل غريب، ليقطب ما بين حاحبيه يهمس في نفسه قلقا:
- هي روحية بتحضر أرواح ولا ايه.

تحرك ناحية الشموع، ليجد شئ أبيض صغير يظهر من بينهم مد يده يلتقطه يرفعه أمام عينيه ينظر بتمعن إلى سطح شاشته لتتوسع عينيه في ذهول، دهشة، فرحة جمدت جسده تحرك برأسه هنا وهناك يبحث عن روحية يظن فقط أنها مزحة، حين سمع صوت أحد أبواب الغرف يُفتح رآها تخرج، ترتدي فستان بيتي بسيط رقيق من اللون الوردي شعرها الأسود الطويل يسترسل بسلاسة حرا طليقا، لأول مرة يراها تضع تلك الأشياء الملونة في وجهها، جر ساقيه إليها جرا يقبض على ذلك في يده حين اقترب منها رفعه أمام وجهها يحرك رأسه بالإيجاب يسألها متلهفا:.

- البتاع دا صح يا روحية مش مقلب صح، أنتي حامل بجد.

توردت وجنتيها خجلا انخفضت برأسها على استحياء تحركها بالإيجاب، لتشهق خجلة حين عانقها بقوة للحظات فقط قبل أن يركض إلى المرحاض!، توسعت عينيها في دهشة لما ركض إلى المرحاض هل يعقل أنه يبكي بالداخل، لحظات أخري ورأته يهرول إلى غرفتهم افترش سجادة الصلاة يصلي شكرا لله ما أن سجد أرضا انفجر باكيا يستغفر يشكر الله على فضله، من أنعم عليه من حال إلى حال وشتان بينهما، انهي صلاته يرفع وجهها لها يبتسم وتهبط دموعه تحرك إليها وقف أمامها يحتضن وجهها بين كفيه مال برأسه يلثم جبينها بقبلة طويلة، ابتعد ينظر لها وهي لا تحيد بملقتيها عنه رأت نظراته تضطرب قلقا قبل أن يهمس لها بكلمة واحدة:.

- ملك يا روحية
لتفهم قلقه هو خائف من أن تفرق في المعاملة بين ابنته وابنتها او ابنها القادم، حركت رأسها بالنفي تعاتبه سريعا:
- اوعي تفكر في يوم يا مراد أني ممكن افرق بينها وبين المولود اللي جاي، ملك بنتي العوض اللي ربنا بعته ليا عشان يكون سلوي ليا في عز وجعي، والله يا مراد أنا بحس بيها لو جعانة او فرحانة زي ما تكون من دمي، أنا عمري ما هفرق بينهم أبدا.

زفر أنفاسه بارتياح ليضمها إليه يسحبها لصدره يلفها بذراعيه ابتسم يهمس سعيدا:
- ريحتي قلبي، مبروك يا روحية مبروك يا انقي واجمل واحلي ست في الدنيا، أنا ربنا راضي عني أنه رزقني بيكي
شردت عينيه لتخرج من بين شفتيه ضحكة عالية جعلتها تبتعد عن أحضانه تسأله في عجب:
- بتضحك على إيه
عاد يضحك من جديد حتى أدمعت عينيه نظر لها يردف من بين ضحكاته:.

- افتكرت أول مرة شوفتك فيها في الفرن، كان أقوى قصف جبهة اتعرضتله في حياتي يا روحية، لسه بدور على بقايا جبهتي من ساعتها
ضحكت هي الأخري عاليا تحرك رأسها بالإيجاب تتمتم متشفية:
- أحسن تستاهل عشان كنت رخم أوي وقليل الأدب
تجهمت قسمات وجهه فجاءة شمر عن ساعديه لتتوتر نظراته اختفت ضحكاتها تنظر به قلقة في حين أشهر هو سبابته أمام وجهها يتمتم حانقا:.

- لاء لو سمحتي ما اسمحلكيش، أنا قليل الأدب مش رخم، ما حدش قال عني رخم قبل كدة
تنفست الصعداء ظنت أنه غضب حقا تحركت ناحية باب الغرفة بهدوء امسكت بالمقبض قبل أن تخرج التفتت له تهمس باسمه حين نظر إليها ابتسمت في عبث تخرج له طرف لسانها:
- يا رخم يا رخم، طب يا رخم يا رخم يا رخم يا رخم
قالتها ضاحكة لتهرول للخارج في حين تعالت ضحكاته تحرك يهرول خلفها يصيح حانقا كطفل صغير:.

- روووحية خدي هنا، هو مين دا اللي رخم، استني يا بت، أنا اللي غلطان عشان سمعت كلام الاستاذة بتاعت دلع البنوتة دلع هاتلها اللي في قلبك كرع!
تقلصت ملامحها وقف في منتصف الصالة تنظر
له باشمئزاز تتمتم بقرف:
- ايه القرف دا يا مراد، اكيد ما حدش قال كدة خالص
شهقت متفاجئة حين رأته أمامها يحملها بين ذراعيه بخفة المخادع كان يخدعها لتتوقف وقد نال منها كورت قبضتها تضربه على صدره تهمس له حانقة:.

- عشان تصدقني أنك رخم وقليل الأدب
تعالت ضحكاته وهو يتحرك إلى غرفتهم يردفف يصحح جملتها:
- قولتلك أنا قليل الأدب بس مش رخم..
آخر ما قاله قبل أن يختفي بها خلف باب غرفتهم يصفع الباب في وجوه الجميع!

على صعيد الثالثة ليلا الجميع نيام في ذلك الوقت، في غرفة حسام وسارة، تملمت الأخيرة في نومها، بالكاد فتحت مقلتيها يغلبها النعاس بشدة، صوت خفيض يقرأ القرآن تسمعه بين الوعي واللاوعي يتسلل إلى رأسها فتحت مقلتيها تلك المرة تنفض النوم، انتصفت جالسة تبحث عن مصدر الصوت لا أحد حتى حسام لم يكن في الغرفة قامت من مكانها تتحرك لخارج غرفتهم رأت حسام يقف هناك يفترش سجادة الصلاة يصلي، نظرت للساعة الثالثة ليلا، الفجر لم يؤذن بعد، جلست على أحد المقاعد تنتظره إلى أن ينتهي، مرت عدة دقائق قبل أن يفرغ من صلاته التفت لها يبتسم في اتساع لتظهر غمازتي وجهه في حين ابتسمت هي خجلة تهمس له بصوت مرتبك:.

- تقبل الله
قامت يطوي سجادة الصلاة يضعها جانبا جلس مجاورا لها يغمغم مبتسما:
- منا ومنكم، أنتي ايه اللي مصحيكي دلوقتي، دلوقتي اقولك مسائية مباركة بما أن الصبح لسه ما طلعش
ابتسمت على استحياء احمرت وجنتيها خجلا، تفرك كفيها بتوتر، حمحمت مرتبكة تزيح خصلاتها خلف أذنيها تهمس له بتلعثم:.

- اا، أنا، صصحيت على صوتك وأنت بتقرا قرآن حقيقي صوتك مميز وحلو أوي، أنا ما كنتش أعرف أنك بتصلي، قصدي يعني ما شوفتكش قبل كدة بتصلي
ضحك بخفة يلف ذراعه حول كتفيها يقربه منه أكثر يردف ضاحكا:
- أنتي لحقتي تشوفيني، وبعدين حد قالك أن أنا من كفار قريش أنا الحمد لله بصلي دايما، بقولك ايه تيجي ننزل نتمشي على البحر
توسعت عينيها في دهشة ابتسمت تتمتم في ذهول:
- هو ينفع عادي.

ضحك عاليا يقرص مقدمة أنفها بخفة يردف مبتسما:
- أكيد ينفع، احنا مش عرسان وفي شهر العسل نعمل اللي احنا عايزينه يلا قومي البسي.

ابتسمت في حماس لتهرول إلى الغرفة تبدل ثيابها في حين اكتفي هو بتدبيل سرواله المنزلي بآخر من خامة الجينز، وبقي بال«تيشرت» الأسود، خرجت له بعد عدة دقائق تتهادي بفستان من اللون الكشمير الهادئ وحجاب أبيض وحقيبة صغيرة، أمسك بيدها يتحركان للخارج لشاطئ البحر يسيران متجاورين تتشابك أصابعه بأصابعها اشار لها إلى بقعة فارغة يحادثها مبتسما:
- تعالي نقعد.

جلست جواره على الرمال ليضع رأسها على كتفه ابتسمت في هدوء تشعر بهواء البحر المحمل برائحته المميزة يضرب جسدها، يداعب وجهها لحظات الصمت الهادئة لم يقطعها سوي جملته حين قال:
- سارة عايز اسألك في سؤال
ضحكت بخفة تحرك رأسها بالإيجاب تنتظر أن تسمع سؤاله العجيب والذي بالتأكيد سيكون أكثر من مضحك ولكنه لم يكن ذلك تماما، تجمدت ابتسامتها شحب وجهها حين سألتها بهدوء تام:
- ليه عملت نفسك نايمة يوم فرحنا!

شخصت حدقتيها مدهوشة لتبتعد برأسها عن كتفه تنظر له مصدومة تتمتم:
- أنت عرفت إزاي
كان رده ضحكة عالية التفت بجسده ليصبح مقابلا لها يغمغم لها ضاحكا:
- احلي حاجة فيكي يا سارة أنك صريحة حتى ما حاولتيش تكذبي، بتعترفي من قبل القلم
لم تضحك فقط ظلت تنظر له مصدومة عينيه متسعة ابتسم هو في رفق يقرص وجنتها بخفة:.

- أنتي ناسية أن أنا دكتور، حتى لو مش دكتور، اي حد ممكن يلاحظ أن نفسك ما كنش منتظم وانتي نايمة، دقات قلبك لما قربت مسكت إيدك كانت سريعة عن العادي، وايدك متلجة، ممكن اعرف ليه عملتي نفسك نايمة، أنا عديتها وما رضتش اضايقك بس اعتقد من حقي أعرف
اخفضت رأسها تنظر للرمال أرضا بلعت لعابها الجاف تهمس بصوت خفيض متوتر حزين:.

- أنا كنت متضايقة منك، عشان زعقلتي يوم فرحي قدام الناس، ما راعتش أبدا أن دي ماما وأنا اكيد هبقي قلقانة عليها، ورفضت اني اروح معاكوا لاء وكمان زعقتلي قدام كل اللي واقفين، فقولت والله لانكد عليك زي ما نكدت عليا
توسعت عينيه مع جملتها الأخيرة لينفجر في الضحك بعدها بلحظات، جميع من في هذه العائلة مصاب بانفصام يكاد يقسم بذلك، رفع وجهها عن الأرض ينظر لحدقتيها يبتسم في هدوء:.

- ولو أني مش غلطان بس أنا آسف اني زعقتلك، كنتي هتيجي معايا ازاي يا سارة المستشفي بفستان فرحك، ما كنش منطقي أبدا، أني اسمحلك تيجي معايا، لما زعقت، زعقت من الموقف اللي كنا فيه، خلينا نتفق على قاعدة نمشي عليها في حياتنا يا سارة
نظرت له باهتمان تنتظر ما سيقول ليبتسم يردف في هدوء:.

- ما حدش فينا يخبي على التاني اي حاجة مضيقاه، سواء من الطرف التاني او من الحياة عموما، أنا بحب فيكي صراحتك في العموم يا سارة، ما تخبيش عليا أنا، ما تخبيش عليا حاجة يا سارة وتقرري تتصرفي من دماغك على أنه عقاب ليا عشان المرة الجاية هيبقي ليا رد فعل مختلف
قطبت ما بين حاجبيها تنظر له قلقة ماذا يقصد برد فعل مختلف، هل سيضربها؟!، لم يستطع لسانها أن يُخفي سؤال تبادر إلى ذهنها:
- هتضربني يعني؟!

ضحك حسام عاليا يحرك رأسه يآسا يتمتم ساخرا:
- نبطل فرجة على أفلام وقراية روايات هابطة، اولا أنا دكتور، أنا بقول أنا دكتور في كل جملة عادي المهندس مش أحسن مني، ما فيش دكتور بيضرب يا ماما، ثانيا ودا الأهم أنا ما اتربتش على اني أمد ايدي على واحدة ست أبدا، اقوم أمد ايدي على مراتي.

ابتسمت في حبور رده الهادئ ازال توترها بالكامل من جملته السابقة ولكن بقي السؤال يدور في حلقات عقلها، ماذا يقصد برد فعل مختلف، ويبدو أن حسام فهم فيما تفكر ابتسم يردف في هدوء:.

- التجاهل يا سارة، صدقيني التجاهل أسوء شعور ممكن يمر على واحدة ست، أنا عارف الستات كويس، دا أنا عايش بينهم بقالي سنين، التجاهل اللي يحولها من بطلة الفيلم لكومبارس صامت ما حدش بيبص عليه، المرة الجاية اللي هتقرري فيها من نفسك أنك تخبي عليا حاجة او تعملي اللي عملتيه دا تاني، هخليكي تلفي حوالين نفسك عشان اكلمك كلمة واحدة.

ضيقت عينيها تنظر له حانقة الماكر يعرف كيف يضايقها حقا بهدوء الخبيث، ابتسمت في اصفرار تحرك رأسها بالإيجاب ليشبك يده في يدها يحادثها مبتسما:
- تعالي يلا نشوف مطعم فاتح دلوقتي اكاد من فرط الجوع أذوب.

ضحكت بخفة توافقه الرأي تشعر بالجوع حقا هي الأخري، تحركا سويا إلى أقرب مطعم، دفع الباب الزجاج ليدخلا سويا، نظر النادل لهما في اندهاش نادرا ما يأتي أحد الآن لتناول الطعام، تحرك ناحيتهم التقط حسام منه قائمة الطعام يطلب له ولسارة الطعام، حين رحل النادل، نظر حسام لسارة يخرج من جيب سرواله علبة زرقاء صغيرة مخملية اللون، فتحها يخرج منها خاتم له ماسة زرقاء صغيرة مد يده يجذب كف يدها يلبسها الخاتم برفق، قبل كف يدها يردف مبتسما:.

- عادة عند ذكور عيلة السويسي تقريبا اللي اخترعها الحج، الخاتم اللي ماسة زرقا، دا ذوق الدكتورة لينا يارب يكون عجبك
نظرت للخاتم في يدها يغزو شفتيها ابتسامة كبيرة سعيدة حركت رأسها بالإيجاب تهمس في سعادة:
- حلو أوي يا حسام بجد جميل حقيقي، بس هو أنت ليه بتقول لطنط لينا، دكتورة لينا ليه مش بتقولها يا ماما.

تقلصت ابتسامة حسام شيئا فشئ إلى أن باتت صغيرة باهتة للحظات شعرت أنها رأت دموع تتجمع في ملقتيه اختنق صوته يردف:
- واقولها يا ماما، هي مش أمي، هي مرات أبويا، والدتي الله يرحمها كان أجمل واحن ست في الدنيا، ما فيش اي واحدة تانية تقدر تاخد مكانها في قلبي، آه مرات أبويا حنينة وطيبة في معاملتها، بس عمرها ابدا ما هتبقي مكان أمي.

اضطربت حدقتيها حزنا مدت يدها سريعا تمسك بكف يده تضغط عليه بخفة رفع عينيه ينظر لمقلتيها لتهمس له معتذرة:
- حسام أنا آسفة لو كلامك زعلك والله ما كانش قصدي
امسك كفها يلثمه بقبلة صغيرة ابتسم يحرك رأسه بالنفي رفع يده يزيح نظاراته الطبية يسمح تلك الدموع التي تجمعت في مقلتيه، حين آتي النادل بالطعام، توسعت عيني سارة باندهاش تصيح فيه:
- ايه كل الأكل دا يا حسام...
ضحك بخفة يشمر عن ساعديه يتمتم ضاحكا:.

- عشا العرايس يا قلب حسام، يلا مدي ايدك.

قام من مكانه يحمل المقعد الخاص به يتحرك ليجلس جوارها يلصق مقعده بمقعدها، يمزق أحدي قطع الدجاج يدسها في فمها واخري في فمه يحشي فمها حتى بدأت تموء من كثرة الطعام عاجزة عن الكلام التفت لها برأسه لينفجر ضاحكا، اخرج هاتفه سريعا يلتقط لها صورة بفمها المنتفخ، بصعوبة بلعت ما في فمها حين أرادت أن تصرخ فيه وجدت قطع الدجاج تملئ فمها من جديد نظرت له تكاد تبكي في حين لا يتوقف هو عن الضحك، داخل المطعم ضحكاته لا نهاية لها.

حين بدأ الفجر يسطع بنوره على المكان على شاطئ البحر نسيم الفجر العليل، تقف أمام شاطئ البحر تتطاير خصلات شعرها خلفها تنسجم مع الهواء كأنهما جزء من كل، كل منهما يكمل الآخر، لاحت ابتسامة راضية هادئة على شفتيها، تشعر بروحها حرة جسدها طليق، انكسرت كل قيود الماضي، لتقيد نفسها بملئ إرادتها بقيود العشق الحر، قيود خاصة تلف القلب تطير بالروح لأعلي حين لا حدود لا قيود، الآن هي شخصية مختلفة تماما عن سابقتها كسرت قيد الخوف من الشيطان وارتدت قيد العشق للحبيب، توسعت ابتسامتها حين شعرت بشطر روحها الآخر يقترب منها يلحم جسده بها حين عانقها يضم ظهرها لصدره يحاوطها بذراعيه، نظرت ليده التي تحاوط بطنها لتتوسع ابتسامتها أكثر هل يا تري علم، هل يشعر بطفله الصغير، هنا ينبت، سمعت همسه العاشق جوار اذنيها:.

- قلقتيني، صحيت ما لقتكيش...
لفت رأسها تنظر لقسمات وجهه تتفرس النظر إليها وضعت يدها على يده كأنها تخبر الصغير انظر هذا والدك وهو أكثر شخص حنون ورائع في الدنيا، تسارعت دقات قلبها حان الوقت لتخبره بما تخفيه، شبت على أطراف أصابعها قليلا لتقترب من أذنه تهمس له بصوت خفيض ناعم:
- أنا حامل.

ابتعدت ببطئ تنظر لردة فعله لتلوح على شفتيها ابتسامة صغيرة حين رأت عينيه الشاخصة في دهشة قسمات وجهه التي تصرخ تعبر عن صدمته، تحرك برأسه ناحيتها في لحظة ينظر لها لتبتسم دمعت عينيها تحرك رأسها بالإيجاب تحركت يديه على بطنها يتمتم متلعثما مذهولا:
- حح ححامل بجد، يعني ههنا، ابني هنا، انتي حامل بجد، بجد يا لينا.

انزلقت الدموع من مقلتيها تحرك رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري وأخري وأخري تؤكد له ما تقول، قطب ما بين حاجبيه يردف مندهشا:
- ازاي من اسبوعين بس كنتي بتعيطي عشان ما فيش حمل
ضحكت بخفة تحرك رأسها بالإيجاب التفتت له بجسدها تلف ذراعيها حول عنقه تردف مبتسمة:.

- ايوة فاكر، بصراحة خوفت ليكون حصلي مشكلة بعد الاجهاض، استنيت كام يوم وروحت أكشف عند دكتورة نسا، عملتلي تحليل دم، لقيتها بتقولي أنتي حامل، استغربت وقولتلها إزاي الاختبار كان سالبي، قالتلي أن الاختبار دي ساعات بتغلط وإن تحليل الدم هو الفايصل
- ليه خبيتي عليا من وقتها ليه ما قولتيش، تمتم بها مدهوشا ينظر لها معاتبا رفعت كفها تبسطها على وجنته برفق نظرت لحدقتيه تهمس بنعومة مبتسمة:.

- كنت عايزة اعمهالك مفاجأة، مبسوط؟
- مبسوط
كرر كلمتها بنبرة رخيمة مرتجفة قبل أن تدفع عينيه الدموع تهبط على وجهه بعنف انتشل جسدها بعنف يضمها لاحضانه يعتصرها داخل صدره سمعته يتأوه من عنف مشاعره، يديه تحاوطها بشدة وكأنها تريد إخفائها داخله، تلاشي بين يديه لتنبت من جديد بين روحه ودمه، أغرقت الدموع وجهه يتمتم بحرقة قلبه المشتعل من السعادة:.

- مبسوط نقطة في بحر ما توصفش سعادتي، عمري ما تخيلت أن الدنيا ممكن تضحكلي بعد كل اللي مريت بيه، دلوقتي أنتي حامل يا لينا...
خرجت من بين شفتيه صيحة عالية لم يستطع اخفائها ليحملها بين ذراعيه يلتف بها حول نفسه يصرخ من سعادته في حين تعلقت هي بعنقه بقوة تتعالي ضحكاتها.

في غرفة لينا وخالد، اغلقت لينا الخط مع ابنتها تسمح دموعها المتساقطة من شدة سعادتها ابنتها حامل، أخيرا السعادة عرفت طريقها لابنتها بعد طول عذاب، ستصبح جدة قريبا، يكاد قلبها يطير فرحا لسعادة ابنتها، تقدمت سريعا ناحية فراش خالد جلست جواره تهز جسده برفق تحاول إيقاظه:
- خالد، خالد، اصحي يا حبيبي
همهم ناعسا ليوليها ظهره جذب الغطاء يختفي خلفه يتمتم ناعسا:
- الصبح يا حبيبتي الصبح هعملك اللي أنتي عيزاه.

ضحكت بخفة لتمد يدها تزيح الغطاء عن وجهه مسدت خصلات شعره بأصابعها برفق اقتربت من رأسه تهمس جوار أذنيه:
- اصحي يا خالد لينا بنتك حامل
ما إن انهت جملتها فتح عينيه على اتساعهما هب جالسا ينظر لها محتدا ليصيح غاضبا:
- بنت الكلب بتستغفلني أنا هقتلها، الناس يقولوا عليا ايييه بنتي وطت راسي في الأرض
نظرت له مدهوشة في حين تسمر هو مكانه فجاءة يمسح وجهه بكفيه تنهد يهمس بارتياح:.

- دي متجوزة صحيح، حرام عليكي يا بنتي صرعتيني
نظرت لينا له للحظات مدهوشة قبل أن تنفجر في الضحك، عاد هو يجلس على الفراش اقترب يقرص وجنتها بخفة يتمتم حانقا:
- بتضحكي عليا يا اوزعة في حد يصحي حد من النوم كدة، قوم بنتك حامل، عايزة تجبيلي القلب يا ولية
عادت تضحك من جديد حتى أدمعت عينيها من الضحك في حين ينظر هو لضحكاتها يبتسم، لاحظت نظراته لتتوقف عن الضحك تنظر له تسأله مبتسمة:.

- بتصبلي كدة ليه، وبعدين ما قولتش اي حاجة ليه على خبر حمل لينا
توسعت ابتسامته يزيح خصلاتها المتدلية خلف أذنيها يتمتم بهمس سعيد:
- أكيد مبسوط وسعيد جداا، مبروك يا لوليتا هتبقي أحلي تيتا في الدنيا دي كلها
ضحكت عاليا تحرك رأسها يآسة يري سعادته من خلالها هي فَرِح بخبر حمل ابنته لأنه ستصبح جدة، احتضنت وجهه بين كفيها تنظر لمقلتيه تهمس بخفوت حاني:.

- يعني أنت مبسوط عشان أنا هبقي تيتا، كلامك مجنون زيك يا حبيبي
شعر هو في تلك اللحظة أنه في حاجة ماسة ليفيض لسانه بكلمات الغزل قبل يدها التي تحتضن وجهه يهمس بصوت خفيض حاني عاشق:
- معكي يبدأ الكلام، وبكي تنتهي، والسعادة من غير ضحكاتك لا تكون..
فرحتي بحمل لينا الضعف عشان هي بنتي ومن دمي وعشان فرحتك وانتي فرحتك هي أكبر سعادة ممكن تحصلي.

جذبته إليها ليضحك بخفة يرتمي بين أحضانها يطوقها بذراعيه يختبئ كل منهما في روح الآخر.

في دوامة العشق لا الأحبار تكفي ولا الأوراق تُشبع ولا الكلمات وحدها تعبر عن فيضان يُغرق القلوب، يسلب العقول، يسحر الألباب، العاقل هنا هو المجذوب
سحر خاص جمع زرقة السماء الصافية بصخور الأرض الصلبة منذ سنوات، وامطار السماء تروي الصخور بقطرات عشق لن يجف حتى مع كلمة النهاية، مع سرعة دقات القلب تتسارع أيام العشق تجري كومضات بالكاد تراها ولكن أبدا لن تنساها...
في المقابر الخاصة بعائلة السويسي.

جلس زيدان على ركبتيه أمام قبر أبيه اليوم ذكري وفاة أبيه مرت سنوات طوال منذ أن تركه ورحل للأبد وابدأ لم يغب عن قلبه لم تنساه عينيه، لاحت ابتسامة صغيرة راضية على شفتي زيدان يحادث أبيه مبتهجا:.

- وحشتني يا بابا وحشتني أوي، عايز اقولك خبر هيفرحك أوي لينا قربت تولد خلاص، هيبقي عندك حفيد ابسط يا عم، وماما حالتها بتتحسن أنا صحيح لسه مش قادر اصفي من ناحيتها بس هي والدتي، خالي لسه زي ما هو ما بيتغيرش والله صدقني، تخيل لسه بيغير على ماما مني، أما لينا فعاملة زي الوردة بتفتح من أول وجديد جوا حضني، ما بقاش في مكان للحزن أو الألم، مش عايز اقولك بقي الواد حسام مسخرة، من يومين في واحد طلع يجري وراه في المستشفي عشان مراته ولدت بنت وهو كان عايز ولد وحسام يصرخ ويقوله وانا مالي...

صمت للحظات قبل أن يتنهد بحرقة دمعت عينيه يتمتم بحرقة:
- ما فيش حاجة ناقصة، ما فيش حاجة ناقصاني غيرك يا بابا، نفسي احضنك تاني ولو لمرة واحدة
- وأنا مش أبوك ولا ايه يا ابن الكلب...

توسعت عيني زيدان ينظر خلفه ليري خالد يقف خلفه يبدو أنه آتي لزيارة زيدان هو أيضا، خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتي زيدان تحرك ينفض الغبار عن ملابسه اقترب من خالد وقف أمامه ليجذبه الأخير إلى أحضانه يربت على ظهره بخفة يردف في هدوء حاني:
- اعتقد أنك عارف وأنا مش محتاج اقولك أبدا أنك ابني وسندني ومعزتك من معزة لينا وحسام ويمكن زيادة شويتين تلاتة...

أدمعت عيني زيدان يشدد على احتضان خالد وعينيه معلقتان بقبر أبيه يشعر وكأنه يحتضنه هو، لحظات طويلة هادئة مثلجة للقلب لم يقطعها سوي صوت لينا الحانق:
- كنت عارفة والله أنك بتحبه أكتر مني ماشي يا بابا.

التفت سريعا لمصدر ليجد لينا تقف هناك بفستانها البني بلون عينيها المنتفخ هاهي زوجته الحبيبة في شهرها التاسع حذاء رياضي أبيض مريح لقدميها، ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه في حين زمت هي شفتيها حانقة اقتربت من قبر أبيه تحادثه:
- شايف يا عمي، بابا بيحب ابنك أكتر مني، وابنك طول النهار في الشغل وجه على هنا وما اتصلش حتى يطمني عليه، وأنا زعلانة منه ومش هولد ومش هجيبله البيبي.

انفجر خالد في الضحك ينظر لابنته ساخرا يتمتم متهكما:
- هتخزينه جوا يعني
اشاحت بوجهها بعيدا غاضبة ليضحك خالد بخفة ربت على كتف زيدان يتمتم مبتسما:
- خد المجنونة مراتك واستنوني برة، عايز أبوك في كلمتين لوحدنا.

اقترب زيدان من لينا يمد كفه إليها لتتجاهل يده تحركت ناحية سيارة والدها التي أتت بها، ليتحرك زيدان يلحق بها جلست على الاريكة الخلفية تشيح بوجهها بعيدا عنه ليفتح الباب الآخر دلف إلى السيارة جلس جوارها يتمتم مبتسما:
- طب انتي زعلانة ليه طيب
التفتت إليه تنظر له حانقة لتصيح مغتاظة:.

- ما اتصلتش بيا ولا مرة النهاردة، والنهاردة سنوية باباك وما عرفتنيش، وأنا متغاظة منك ومش عارفة ليه، ابنك مش مبطل خبط في بطني ليل نهار
ضحك عاليا هرمونات الحمل تفعل بها الافاعيل، اقترب منها يحاوطها بذراعيه يحتضنها مسح على رأسها يتمتم مبتسما:
- طب يا ستي حقك عليا، حلو كدة.

ابتسمت في حبور هادي تريح رأسها على صدره لحظتين فقط قبل أن تشعر بألم بشع طرق فجاءة صرخت من الألم تشعر بدماء ربما تسري على قدميها ابتعد زيدان عنها مفزوعا ينظر لها يصيح مذعورا:
- مالك يا لينا
ابتعدت عنه تقبض على كفه بأظافرها تصرخ من بشاعة الألم:
- الحقني يا زيدان شكلي بولد، اااااااه.

في اللحظة التالية رأت والدها يهرول ناحية السيارة انسل زيدان من بين يديها ليقفز للمقعد الأمامي جلس والدها جوارها يحاول تهدئتها تمسكت بسترته تصرخ من الألم في حين زيدان يصارع الطريق، يحادثها بين حين وآخر فزعا:
- قربنا نوصل، قربنا
الألم لا يوصف بشع مؤلم جسدها بأكمله يحترق عظامها تتفتت، لم تنتبه أنها كانت تمسك كف والدها تغرز اظافرها فيه الا حين أن رأت قطرات الدماء تسيل من يده انهمرت دموعها تصرخ متألمة:.

- اااااه، أنا آسفة يا بابا
مد كف يده الآخر اليها يمسح على رأسها برفق يحادثها:
- آسفة على ايه يا عبيطة خدي ايديا الاتنين فداكي، بس انتي اهدي حاولي تتنفسي خلاص بصي قربنا نوصل.

في مستشفي الحياة تحديدا في الغرفة الخاصة بحسام تجلس سارة على مقعد أمامه طاولة صغيرة تستند بمرفقها على سطح الطاولة تزم شفتيها مغتاظة تنظر لكم الأوراق أمامها تبقي آخر امتحان وتنتهي من الترم الاول في سنتها الدراسية الثانية، تكاد تحترق غيظا من زوجها العزيز، رفعت وجهها عن الأوراق حين دلف حسام إلى الغرفة يمسك في يده ملف لأحدي المرضي، التي عانت من حالة إجهاض مؤخرا، رفع وجهه عن الأوراق أمامه ينظر لزوجته ابتسم في سماجة يتمتم:.

- ما بتذاكريش ليه
قلبت عينيها تتنهد بضجر القت الأوراق من يدها على سطح الطاولة تتمتم في غيظ:
- يا حسام زهقت، طب أريح شوية ولما نروح ابقي اكمل مذاكرة
ما إن انهت كلامها انفجر حسام في الضحك ينظر لها ساخرا دق بسبابته على سطح مكتبها الصغير يتمتم متهكما:.

- ااه لما نروح لاء ما بقتش باكل من الكلام دا، أول ما بنروح هقعد مع طنط لينا شوية هقعد مع عمو خالد شوية، بص يا حسام في فيلم كوري جديد هايل نزل، هروح اعمل كيكة مع طنط لينا، ابوكي يتصل عازمنا على الغدا، أو ابويا يتصل يعزم ابوكي على الغدا وفي الحالتين بتفضلي تلاعبي محمود وحسام طول الليل لحد ما تقعي نايمة زي القتيلة، أنا قدامي لسه ساعة وممكن اخليهم ساعتين تلاتة أربعة بس مش هتتحركي من هنا يا سارة قبل ما تخلصي المادة دي.

شدت على أسنانها تكور قبضتها للحظات قبل أن تبتسم في خبث تعزم على استخدام دلال الانثي داخلها علها تعلها تؤثر فيه، قامت من مكانها تسبل عينيها ببراءة شديدة اقتربت منه تلف ذراعيها حول عنقه تهمس بدلال ناعم:
- طب وعشان خاطري يا حوسو...
ارتسمت ابتسامة ناعسة ولهة على شفتيه فابتسمت داخليا ظنت أنه تأثر بها إلا أن ابتسامته اختفت سريعا فك ذراعيها من حول عنقه ابتسم في اصفرار يتمتم:.

- لاء بردوا واترزعي بقي كملي مذاكرتك...
تأففت حانقة قبل ان تلكمه في صدره بقوة من الغيظ عادت ترتمي على مقعدها تتمتم بالكثير
من الكلمات الحانقة الغاضبة تلتقط الأوراق بعنف تريد تمزيقها من غيظها في حين ابتسم حسام في هدوء كاد أن يتوجه لمقعده هو الآخر حين سمع دقات مهرولة على باب غرفته دخلت أحدي الممرضات تصيح سريعا:
- دكتور حسام بسرعة في حالة ولادة مستعجلة.

كالعادة نداء الواجب تحرك سريعا يركض لخارج المستشفي ويالدهشة حالة الوضع العاجلة كانت لشقيقته، توسعت عيني في ذهول للحظات وهو يري لينا مسطحة على سرير يهرول لغرفة العمليات خلفها تركض والدتها، اقترب خالد منه يصيح فيه:
- أنت واقف عندك كدة ليه ألحق أختك.

استعاد وعيه في تلك اللحظة ليركض ناحية غرفة التعقيم في تحرك خالد وزيدان يزرعان الممر أمام غرفة الجراحة كل منهما قلق، الدقائق تمر ببطئ رهيب، قبل أن يدوي صوت صراخ طفل صغير، تصنم زيدان مكانه ينظر لباب غرفة الجراحة قلبه يتقافز داخله قفصه الصدري، هل ما سمعه صحيحا طفله، طفله هو، دقائق أخري من الصمت قبل أن يدوي صوت صراخ طفل آخر عقد خالد جبينه ينظر لزيدان لما يبكي الطفل مرتين، أم أنهم طفلين!، لينا رفضت تماما أن تعرف جنس المولود طوال فترة الحمل، أيعقل أنها كانت تحمل بتؤام، وكم يتمني ذلك، أجفل على حركة الباب وخروج لينا زوجة خاله تحمل طفلين كل منهما على أحد ذراعيها، الدهشة الجمت خالد وزيدان معا، ينظران للينا والطفلين في ذهول، خرجت ضحكات يحادث شخص ليس موجود معهم من الأساس:.

- طب كنت عارف منين بقي أنهم هيجيبوا تؤام يا عم زيدان
نظر زيدان لخاله يحرك رأسه بالنفي هو حقا لم يكن يعرف وخالد لم يكن يقصده هو، تحرك زيدان ناحية والدته يحمل الصغير الملتف في لفافة وردية اللون يقبل قمة رأسها رفع وجهه ينظر للينا حين قالت مبتسمة:
- اللي في ايدك دي بنوتة، ودا ولد، لينا جابت بنت وولد
أدمعت عيني زيدان يحمل طفله الآخر على ذراعه ابتسامة كبيرة تأكل وجهه قبل جبين الفتي يهمس له بإذنه:
- ياسين.

وبالمثل قبل جبين الفتاة يهمس لها:
- وانتي وتين قلبي
ما كاد يحمل طفليه لدقيقة التقطهما خالد منه بهدوء تام نظر ناحية زوجته يحادثها مبتسما:
- تعالي نروح أوضة لينا يلا
نظر لزيدان ابتسم يتمتم ساخرا قبل أن يغادر:
- نفض لنفسك يا حبيب خالك
توسعت عيني زيدان في ذهول خاله أخذ أطفاله من بين يديه ورحل هكذا...

في غرفة لينا السويسي.

فتحت عينيها تتأوه من الألم، الذي خف لحد كبير بفعل المسكنات التي حقنها بها حسام بعد الوضع، التفتت برأسها تبحث عن طفليها في لحظة دخول والدتها الغرفة وخلفها والدها الذي يحمل الطفلين، ابتسمت بشحوب تحاول الاعتدال لتقترب لينا منها تسعادها برفق إلى أن جلست شبه منتصفة مدت يديها لوالدها تأخذ الطفلين تضمهما لصدرها برفق أدمعت عينيها تنظر لهما، قبل أن تتحرك بمقلتيها تبحث عنه أين زوجها، كادت أن تسأل عنه حين رأته يدخل من باب الغرفة اقترب من فراشها جلس جوارها يقبل جبينها تنهد يهمس بارتياح:.

- الحمد لله، الحمد لله أنك بخير، الواد حسام طمني وقالي أنك زي الفل
ابتسمت في شحوب تريح رأسها على صدره الآن فقط عملت لما تأخر في حين ابتسم خالد يتمتم ساخرا:
- أكياس جوافة قاعدين قدام اهاليكوا أنا مش فاهم أنا كنت فين وانتوا بتتربوا...
ضحك الجميع التقط زيدان الصغيرة من بين يدي لينا نظر للصبي على قدميها وللصغيرة على يديه يتمتم مبتسما:
- ياسين، ووتين.

أعجبت لينا زوجة خالد بالأسماء كثيرا في حين نظر خالد لهما باشمئزاز يتمتم حانقا:
- ايوة وما تسميهوش خالد ليه يعني يا ولاد الكلب
وللمرة الثانية تمتلئ الغرفة بالضحكات في حين اقتربت لينا من زوجها تردف ضاحكة:
- يا حبيبي ما زيدان اسمه خالد اصلا، فيسمي خالد بردوا، يبقي خالد خالد زيدان الحديدي، ياسين اسم جميل جداا.

ابتسم خالد في هدوء هو كان يمزح والجميع يعلم اقترب يأخذ حفيديه بين ذراعيه يقبل جبين كل منهم يتمتم مبتسما:
- مش هيفتحوا عينيهم بقي، عايز اعرف حد خد لون عينيا ولا لاء
في تلك اللحظات فتحت الصغيرة عينيها الزرقاء الواسعة الشبيهة لعيني والدها تنظر لخالد قبل أن تنفجر في البكاء، أخذته لينا زوجته منه سريعا تهدهدها ليغمغم هو ساخطا:.

- ماشي يا وتين يعني مش كفاية واخدة عينين ابوكي لاء وكمان بتعيطي لما تشوفيني ولا شوكولاتية يا جزمة، هو حبيب قلب جدو دا اللي هيطلع زيي
استيقظت الصغير على صوت بكاء صغيرته فتح مقلتيه ينظر لجده بعينيه الزرقاء هو الآخر ليغض خالد شفتيه غيظا يتمتم حانقا:
- حتى أنت يا ياسين، أنت ايه طابعهم بالكبرونة
في وسط الضحكات دق حسام الباب بشكل مرح متواصل دخل إلى الغرفة مبتهجا يتمتم سعيدا:.

- فين أم العيال، حبايب خالو، ما رضتش اخش بايدي فاضية جايبها بخمسة وتسعين جنية
القي حسام علبة من الحفضات لحديثي الولادة
ناحية زيدان، اقتربت سارة من لينا تعانقها تبارك لها، في حين صاح حسام معترضا:
- بما إني الدكتور اللي ولدت الهانم وخرمت ودني بصويتها وخال العيال في الوقت ذاته، فأنا من حقي أنك تسمي الولد على اسمي...
اعطي خالد الصغير لزيدان ليقترب من ولده امسك بتلابيب ملابسه يصيح مستهجنا:.

- أنت اي واحدة بتولدها بتسمي ابنها على اسمك، هنصحي بكرة الصبح نلاقي البلد كلها حسام، الله يخربيتك.

بعد مرور أسبوع في فيلا خالد السويسي
في الصالة الكبيرة طاولة طويلة يصتف على سطحها أنواع مختلفة من الطعام والحلوي وخصوصا تلك الحلوي الخاصة بسبوع المولود، المكان يكتز بالداخل السيارات تملئ الحديقة خارجا.

سارة تجلس جوار والدتها تحمل أحد اشقائها في حين تحمل والدتها الآخر سهيلة تجلس جوارهم تحمل أحمد الصغير على قدميها، وبدور ومعها سيلا، أما خالد الصغير يركض بين الجموع في حلة الطيار الجديدة التي اشتراها حمزة له بالأمس، أمام السيدات على الطاولة مجلة شهيرة على سطح غلافها صورة عثمان ومعه سارين وهما يحملان كأس فوزه ببطولة العالم لهذه السنة وبالخط العريض كُتب أسفل الصورة.

« الصياد العاشق يحتقل بصحبة زوجته بفوزه في بطولة العالم للفروسية، في أحدي المنتجعات السياحية في لبنان ».

توقفت سيارة أدهم بالخارج لينزل أدهم ومن جواره مراد الذي يحمل ملك الصغيرة بين ذراعيه في حين تحمل حورية ملاك ابنتها صاحبة الثلاثة أسابيع لينا وضعت حملها في نهاية شهرها التاسع أما روحية ففي بدايته، أمسك مراد بيد روحية يبتسم لها سعيدا ينظر لابنته الصغيرة، نزلت منيرة ومايا، بسطت مايا يدها على بطنها المسطح، لا تزال في بداية شهرها الثاني، منيرة جدعة أدهم كادت تطير من الفرح حين علمت بحملها...

تحركوا جميعا للداخل الاحاديث الضحكات تأتي من هنا وهناك، اقترب أدهم من حمزة يعانقه ليلتفت له الاخير يصيح مرحبا:
- اهلا اهلا بحابيب بابا، دا ايه المفاجأة القمر دي
ضحك أدهم يربت بيده على بطن مايا برفق يغمغم مبتهجا:
- ولسه في مفاجأة أحلي هتبقي جدو يا زوز مايا حامل في شهرين
انفرجت قسمات وجه حمزة فرحا أسرع يعانق ابنته أدمعت عينيه يبكي ويضحك من سعادته يصيح فرحا:.

- مبروك يا حبايبي ألف مبروك، ايوة كدة دي الأخبار اللي تفتح النفس...
الخادمات تتحرك هنا وهناك نزل زيدان تمسك بيده لينا تتهادي بصحبة لينا كل منهما يحمل أحد الصغيرين، الجميع حاضر تقريبا عادا خالد ولينا...

في غرفة المكتب جلس خالد على أحد الارائك ينفحص غلاف الصور الخاص بهم تروي شفتيه ابتسامة واسعة، ينظر لصورة لينا ابنته وهي طفلة صغيرة، والآن ها هي تقف خارجا تحمل صغيرتها، كم مرت سنوات العمر سريعا دون أن يشعر أخيرا، السعادة للجميع، اجفل على صوت لينا تحادثه بتلهف:
- خالد أنت قاعد هنا يلا عايزين يبدأوا السبوع.

رفع وجهه ينظر لزوجته لتتوسع ابتسامته يحرك رأسه بالإيجاب الآن فقط عرف كيف مر الدهر دون أن يشعر، فالسنوات في عينيها تمر لحظات، أسير هو منذ الطفولة إلى الكهولة، أسير عينيها، قيدته قديما والآن بلعنة عشقها فأصبح أمام الجميع عاشق مجنون، وكل من ينظر إلى أفعاله لا يقول سوي أن ما يفعله هو جنون عاشق، كانت لقلبه الخائف المتعب دواء وترياق، فكان عشقها ترياق، سقط مكبلا في قيودها هو من لف بيديه قيود عشقهما معا حول قلبها وروحه ليجمعهما معا قيود خاصة، فللعشق قيوده الخاصة، في حكايتهم يوجد بداية وابدأ لن توضع كلمة النهاية، فالعشق لا يموت بل يتجد مع كل نفس همسة دقة قلب، للعشق قوانين لا يعرفها سوي من وضعها ولم يضعها سوي مجنون الجميلة...

تحرك يشبك أصابعه بأصابعها رفع كفها يلثمه بقبلة حانية شغوفة طويلة، تحركا للخارج، يلتف الجميع حول تلك السيدة التي تدق الهون تحادث الصغيرين ليصيح خالد في وسط حديثهم:
- اسمعوا كلام جدو خالد يا واد انت وهي
لتصيح لينا معترضة هي الأخري:
- يا سلام واشمعنا أنا واسمعوا كلام تيتا.

تعالت ضحكات الجميع، بعد انتهاء فقرات السبوع وقف خالد يحمل ابنة ابنته يداعبها بوجهه حين اقترب منه خالد الصغير ابن بدور يشد سرواله يحادثه:
- جدو عايز اشيلها.

اشار خالد إليه إلى أقرب يخبره بأن يذهب ويجلس هناك، هرول الصغير سريعا ليقترب خالد منه يضع الصغيرة بحذر بين ذراعيه، توسعت عيني الصغير ينظر لتلك الصغيرة صاحبة الأعين الزرقاء الواسعة، يتسمك بها بحذر خوفا من أن تسقط، رفع رأسه يصيح بجملة عالية جعلت الجميع ينظر إليه:
- هو أنا ينفع لما أكبر اتجوزها
لحظات من الصمت المطبق قبل أن تتعالي صيحات الجميع بجملة واحدة:
- تاااااني.

تعالت ضحكاتهم جميعا ليقترب زيدان يأخذ ابنته من بين ذراعي الصغير يتمتم حانقا:
- هات ياض بنتي ياض خلاص شبطناها الحكاية دي، أنت يا ست لوليا، تعالي شوفي بنتك بتتجوز..
تحرك زيدان بعيدا يتحدث ساحظا يخفي ابنته بين أحضانها ينظر للصغير شرزا، في حين اقتربت لينا زوجة خالد منه تمسك بكفه تغمغم ضاحكة:
- تاني يا خالد، تاني
ضحك هو الآخر يلف ذراعه حول خصرها يقربها منه ابتسم في توسع يغمغم:
- وعاشر كمان...

قربها أكثر من صدره يهمس لها جوار اذنيها بعشق جارف:
- أهيم بكِ عشقا لم تكتب عنه الروايات!

------------------

كلمتين بقي بعد ما الرواية خلصت
انا تقريبا بكتب الرواية دي من تلت سنين بأجزائها المختلفة ... من بداية سرد ضعيف جداا ... لسرد الحمد لله تطور ولسه هيتطور اكتر ... رغم كل المشاكل وكل الانتقادات وكل الكلام المحبط السئ المؤذي نفسيا إلا أني راضية جداا عن الجزء الأخير بالذات عشان حاولت علي قد ما اقدر اعيشكوا فيه بكل تفاصيله ... شوفت أسئلة عن غيث وصبا ما ينفعش يا جماعة عشان انهي الرواية نهاية سعيدة اجوز عيلة عندها 15 سنة لا يجوز
جاسر ومراد بردوا جاسر محتاج سنين عشان يسامح مراد مش يوم وليلة
سارة وحسام ليه ما خلفوش مش لازم الكل يخلف فئ النهاية ... احنا حطينا لقطات علي حياة كل واحد فيهم.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة