قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وستة

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وستة

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وستة

انتهي الموقف تماما حين صدح صوت حسان الغاضب ينظر لزوجته بلهيب مستعر يقدح من حدقتيه:
- كل واحد على اوضته خلاص، واني هشوفلي حل مع البلوة والهباب اللي على خلقتها دا
ابتسمت لينا في براءة ناعمة سامة لتخرج من الغرفة، تحرك حسام يلحق بها ليقبض على يدها سريعا، يدخلها إلي غرفته وقف أمامها ينظر لها مقطب الجبين يسألها عابسا:
- انتي اللي عملتي كدة يا لينا صح.

ابتسمت بوداعة طفلة تخبر أبيها أنها حصدت الدرجة النهائية في امتحان الرياضيات الصعب ولم تخبره أنها غشت الإمتحان كاملا من صديقتها!

Flash back
حين صعدع تركض لأعلي، دخلت من باب غرفة حسام مباشرة، لا أحد بالأعلي، لا أحد سيراها، دخلت إلي الغرفة تغلق الباب عليها توجهت مباشرة إلي حقيبة ملابسها، تبحث بين أغراضها إلي أن وجدت ضالتها زجاجة عطر خاصة بزيدان وتلك الرسالة التي كتبها لها قبلا من فقط ثلاثة كلمات
« فكري، فكري كويس».

جلست ارضا تستند بظهرها إلي دولاب الملابس الكبير تحتضن زجاجة العطر والورقة تغمض. عينيها تشدد على عناقهم، كلمة حبيبتى التي نطقها منذ لحظات فعلت بها الافعايل، اعادتها لذكريات حقا كانت قليلة ولكنها سعيدة، وكأنه عرض طويل لفيلم حزين، تتخلله بعض اللحظات السعيدة فخرج الجمهور مبتسما متأثرا فقط بابتسامة، شددت كفها حول الزجاجة تتخيله هو مكانها، روحها بحاجة ماسة إليه، ترغب في عناقه بأي شكل كان، انهمرت دموعها في صمت، لا تعرف ما عليها أن تفعل، أتذهب وتخبره أنها تحبه، وإن رفضها بعد ما فعلت، سيتدمر قلبها وهي طاقة لها لأي دمار من جديد بالكاد تعيد بناء نفسها تريد يده تستند عليها قلبه يحتويها، طوفان عشقه ليغرقها به لتحتي في سرمدية عشقه الأبدي الي لا نهاية الزمان، لحظات طويلة لم تفق منها الا صوت الباب وصوت حسام يستأذن بالدخول قامت سريعا تدس الاغراض في حقيبتها، لتتوجه ناحية المرحاض، تغسل وجهها بالماء بعنف، تمحي آثار الدموع، خرجت تجفف وجهها بمنشفة صغيرة لتجد حسام يتكأ بجسده على فراشه يعبث بهاتفه، رفع وجهه ما أن رآها يتمتم ساخرا:.

- فالحة بوظتي الأكل، هناكل احنا ايه دلوقتي، يا مصيبة عصرك وزمانك
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها، كادت أن تقول شيئا حين دق الباب الفاصل بينهما وبين زيدان، توجهت هي سريعا قبل أن يقوم حسام تفتح الباب، لتراه أمامها مباشرة ما أن فتحت الباب، اختفت أنفاسها للحظات قبل أن تسمعه يحمحم يهمس في هدوء:
- لينا، تحسين مرات عمي عايزاكي في حاجة...

كادت أن تبتسم كشيطانة ها هو الجزء الأول من انتقامها على وشك الحدوث، اخفت ابتسامتها تحرك رأسها بالإيجاب تهمس سريعا:
- ثانية واحدة
هرولت ناحية حقيبة ملابسها تلتقط علبة منها تدس في جيب ملابسها دون أن يراها أحد، خرجت من غرفة حسام لغرفة زيدان، توجهت ناحية باب الغرفة تحادث تحسين تبتسم في رقة:
- خير يا طنط تحسين، معلش كنت باخد شاور
مدت تحسين يدها تمسك خصلة من شعر لينا المبتل تبتسم في خبث تتشدق:.

- حمام الهنا يا مرت الغالي، أنتي قولتيلي لما اجي احط من الكريم اقولك، ها اعمل ايه بقي
حافظت على ابتسامتها اللطيفة وتعابير وجهها الصافية وبداخلها شياطين تتراقص فرحا تحركت لخارج الغرفة تجذب الباب خلفها اقتربت من تحسين تهمس لها بخفوت:.

- بصي يا ستي، انتي هتفتحي العلبة وتحطي منه على وشك وايدك هتلاقي لونه أحمر كدة ما تقلقيش، اياكي تاخدي العلبة معاكي الحمام، تحطي على وشك وايدك وتدخلي الحمام تفركيه حوالي عشر دقايق وبعدين تغسلي وشك بماية من الحنافية عادي وتنشفيه.

ابتسمت تحسين تشكر لينا، توجهت سريعا إلي غرفتها ووقفت لينا خارجا تراقب، مر خمس دقائق لتتحرك بخفة ناحية غرفة تحسين، ادارت المقبض تفتح الباب بخفة اطلت برأسها الغرفة فارغة وها هي العلبة على طاولة الزينة، دخلت سريعا تتحرك بخفة بدلت العلبة بعلبة أخري كانت في جيبها اخذت العلبة لتخرج سريعا قبل أن يأتي أحد، ضحكت بخفوت ضحكة شريرة توجهت تلقائيا إلي غرفة زيدان تدير المقبض، دخلت للغرفة تغلق الباب خلفها لتبصر زيدان يقف في شرفة الغرفة يدخن أحدي سجائره، التفت ما أن سمعت صوت الباب، ابتسم يتمتم في هدوء:.

- في حاجة يا لينا
تكره طريقته تلك، تكره ما يفعل، تكره تعامله الرسمي معها، هي تستحق كما يري، هي جانية في حكايته، وضحية في حكايتها، متي ستتضافر كلمات الحكايتين، لتصبح بطلة حكايته ويصبح أمير أحلامها من جديد...
Back.

عادت من شرودها تنظر لحسام الذي يقف بالقرب منها ينظر لها ساخرا:
- بقالي ساعة بنادي عليكي، روحتي المريخ ولا لسه
ابتسمت بخواء فارغ، تركته تتوجه ناحية فراشها، القت بجسدها عليه، هو لا يأتي في الواقع ولكنه لا يتركها في الحلم.

بالقرب منهم في غرفة رانيا زوجة فاروق، وقفت أمام مرآة زينتها تتغنج بجسدها، رائحة معطر الجسد الذي اعطته لينا لها رائع بل أكثر من رائع، وزيت الشعر وكأن له مفعول السحر، شعرها الخشن للحظات شعرت به أنعم من الحرير، وقفت بعباءه منزليه وردية تضع كحل عينيها تطلي شفتيها بحمرة غامقة، نظرت ناحية الفراش تبتسم في مكر تحادث نفسها:
- البتاع دا ريحته حلوة اوي، أنا هرش منه على السرير يخلي ريحة السرير حلوة اكدة.

اقتربت بالزجاجة تغرق الفراش، لحظات ودخل فاروق زوجها ذلك الرجل متوسط الطول ممتلئ الجسد ذو الشارب الكثيف العريض، نظر حوله في دهشة حين اشتم تلك الرائحة العطرة تغزو غرفتها يسألها مدهوشا:
- هي الريحة الحلوة دي جاية من اهنه
ابتسمت رانيا في غنج تقترب منه رفعت يدها تداعب شاربه الكثيف تغمغم متغجنة:.

- ايوة يا سي فاروق، رغم اني زعلانة منك عشان ضربتي بالكف جدام الناس، بس جولت لزمن تيجي تلاجي مرتك حبيبتك مستنياك...
لم تتغير تعابير وجه فاروق الباردة فقط ازاحها من طريقه، خلع جلبابه يرتدي آخر للنوم، توجه ناحية الفراش يرتمي بجسده عليه يغمغم ناعسا:
- طفي النور يا رانيا وخلي ليلتك الغبرة دي تعدي على خير، مش كفاية هم ولاد السويسي.

شدت على أسنانها حانقة توجهت ناحية اضاءة الغرفة تغلقها، شعرت بحكة بسيطة في ذراعها، حين تسطحت على الفراش، تتأفف حانقة من زوجها الجلمود ذو مشاعر الصخور الجافة، توسعت عينيها فجاءة حين بدأت الحكة تزداد بشكل بشع انتصف جالسة تحك جسدها بالكامل بكفي يدها وكأنها مصابة بمرض جلدي خطير يسبب الحكة، قام فاروق حانقا من حركتها فتح الإضاءة المجاورة للفراش ينظر لها محتدا يتمتم في غيظ:.

- جري ايه يا ولية انتي اجربيتي ولا ايه، عمالة تهرشي اكدة ليه
زاد الحكة بشكل بشع لا يحتمل، ليبدأ هو الآخر يشعر بأن هناك شيئا خاطي، جسده بدأ يحكه، والحكة تزداد بسرعة رهيبة، انتفض من الفراش يخلع جلبابه يلقيه أرضا يصرخ فيها غاضبا:
- يا بنت المركوب عديتيني، قسما بالله لهطلع روحك يا بت سعفان.

قالها ليندفع الي المرحاض يحاول التخلص كن ذلك البشع بالماء بينما بقيت هي خارجا تتلوي من شعورها القاسي بتلك الحكة البشعة...

في الغرفة الثالثة من هنا لهناك ننتقل في غرفة حسنة زوجة نجيب، نظرت لزجاجة العطر التي جلبتها لينا لها، في حذر، فقط رشة صغيرة حذرة منها تشتمها رائحتها جيدة، بل أكثر من جيدة، انتظرت طويلا أن يظهر على يدها علامة حمراء او شعور بالحكة مثلا، او شي غريب، ولكن لم يحدث شي بتاتا، ابتسمت في توسع تغرق نفسها بذلك العطر الرائع، أغمضت عينيها تشتنقه بهيام رائحته هادية جذابة، فتحت عينيها حين سمعت صوت الباب اقترب نجيب زوجها منها، نجيب كان الأكثر وسامة بينهم بطوله الفارع...

ملامحه الوسيمة السمراء عينيه الزرقاء التي اخذها مثل أخيه زيدان من عيني والدته، كما أخذ قسوتها، اقترب منها يبتسم في مكر وقف خلفها بالقرب منها كثيرا يمسك احدي خصلات شعرها يلفها حول أصابعه يغمغم مبتسما:
- كيف الجمر، ايه الريحة الحلوة دي
ابتسمت حسنة في غنج تلتفت ناحية زوجها تلف ذراعيها حول عنقه تهمس له بدلال:
- اتوحشتك جوي، الا جولي هو المخفي زيدان هيمشي ميته...

تغضنت ملامح نجيب في غيظ، اسودت حدقتيه حقدا يغمغم محتدا:
- بيجول بكرة هيغور بكرة، يارب ما يرجع، هنفضل تحت رحمته هو وخاله لحد ميتا أنا مش عارف، دا بيت أبوي، الله يسامحك يا أبوي يوم ما جسم املاكه كتب البيت دا لزيدان اخوي، يقوم زيدان الله يجحمه، يكتب البيت باسم ابنه، لو ما كنش عمل اكده كنا زمانا خدناه من زمان...
ابتسمت حسنة في مكر تنظر له تغمغم في هدوء خبيث :.

- طب ما هو انتوا لو خلصتوا من زيدان ولد اخوك اكدة السرايا والأرض ترجع لأصحابها
ابتعد نجيب عن حسنة توجه ناحية الفراش جلس عليه يخلع حذائه يتمتم ساخرا:
- عيزاني اقتل ولد أخوي، عشان خالد السويسي يشيلنا من على وش الأرض، وبعدين ريحي بالك، البيت اصلا باسم خالد السويسي، الناصح خلي زيدان يكتبه البيت باسمه عشان ما نعرفش ناخده...
اقتربت حسنة منه تجلس جواره على الفراش تحادثه في غنج:.

- خلاص يا نجيب ما تشغلش بالك أنت، هما بكرة يغوروا وإن شاء الله ما هيجوش تاني واصل
ابتسم نجيب في سخرية ينظر لها نظرات جائعة نهمة ليمد يده يغلق اضاءة الغرفة ليسود المكان عتمة لن يسطع شمسها قريبا.

بعيدا في منزل مراد يجلس مراد على مقعد في الصالة الصغيرة يحمل الصغيرة بين يديه يداعبه وضحكاتها تطرب الجميع، بالقرب منهم في المطبخ الصغير تتحرك روحية هنا وهناك تقطع الدجاجة وحبات البطاطس، تحضر عصير الطماطم، تضع المياة الساخنة والملح على الازر حتى، ينضج، تمزق أوراق« الملوخية » بتلك المخرطة اليدوية، حانت منها التفاتة للخارج حين سمعت ضحكات الصغيرة ملك، لتري مراد وهو يجلس هناك يداعب الصغيرة، كم بدت الصورة جميلة بحق، للحظات هرب عقلها من قوقعة الحزن وفر هاربا يتخيل حياة سعيدة هي وملك ومراد!، الأمر غريب مخيف، لازالت لا تثق في مراد تمام الثقة، مرت نصف ساعة إلي أن أنهت صنع الطعام، وقفت تنظر لما حضرت يداها بابتسامة صغيرة، خرجت من المطبخ لتجد ملك نامت على ذراعي مراد، اقتربت تريد أن تأخذها منه ليهمس بها بخفوت:.

- سيبيها انا هدخلها تنام انتي تعبتي
توسعت حدقتيها في ذهول تنظر له في دهشة من أبدل مراد بآخر، من الصعب أن تصدق أن بات النقيض تماما، تخلي عن شخصيته الدنيئة، اجفلت على صوت دقات على باب المنزل، توجهت ناحية الباب مدت يدها كادت أن تمسك بيده لتسمع صوت خطوات سريعة ويده سبقت يدها نظرت له في توتر ليشير بعينيه إلي ملابسها وشعرها المكشوف يهمس بخفوت حتى، لا يسمعه أحد:.

- العباية بنص كم من غير حجاب، واللي برة دا اكيد أدهم، ما ينفعش يشوفك كدة
يغار، أيغار عليها، أم أنها فقط تتوهم، مراد يغار، حركت رأسها بالإيجاب تأخذ طريقها إلي غرفتها تغلق الباب عليها ليفتح هو الباب رأي أدهم يقف أمامه وخلفه تقف منيرة، تحدث أدهم ضاحكا:
- ايه عم سنة على ما تفتحوا دا أنا افتكرتوا نمتوا وكنت هنزل اتعشي فول بقوطة.

ضحك مراد بخفة يربت على كتف أخيه، دخل أدهم لتدخل منيرة خلفه سريعا نظرت لمراد تتمتم بشراسة:
- اومال فين البت روحية، اوعي تكون زعلتها ولو بنص كلمة، هتقولي وساعتها بالشبشب على وشك
ضحك ادهم يصدم مراد في ذراعه يحادثه بهمس ساخر:
- أنا تعبت من شبشب جدتك دا يا مراد، محسساني أنه سلاح نووي
ضحك مراد عاليا ضحكات خشنة، اشار بيده لباب غرفة روحية المغلق ينظر لجدته يتمتم ساخرة:.

- اهي يا ستي عندك اهي، ادخلي اساليها عشان تعرفي اني برئ ومظلوم وانتي ظلماني
ضيقت منيرة عينيها تنظر له بشك لتتحرك ناحية غرفة روحية دخلت تصفع الباب في وجه مراد وأدهم، ضحك الاخوان، يتحرك ناحية الشرفة الصغيرة الملحقة بالشقة التفت أدهم لمراد يحادثه:
- اخبارك ايه مع روحية، مراد البنت دي غلبانة اوي، وأنت كنت هتأذيها أوي.

انطفأت نظرات مراد تبدلت بأخري نادمة حزينة حرك رأسه بالإيجاب استند بمرفقيه على سور الشرفة يوجه انظاره للشارع امامه تنهد يتمتم نادما:
- أنا اذيت ناس كتير اوي مش هي بس، أنا حتى، مش عارف اعوضها ازاي، أنا بقيت خايف اتكلم معاها لاذيها بكلامي من غير قصد، وأنا مش عايز ااذي حد تاني، كفاية اللي عملته، كفاية اوووي.

انسابت دمعة من عيني مراد حين مرت صورة جاسر أمام عينيه كم يرغب في تلك اللحظة ف أن يركض إليه يطلب منه السماح، ولكن جاسر لن يقبل أن يراه من جديد يكفي ما فعله قبلا، اقترب أدهم من أخيه يربت على كتفه يحادثه مترفقا:.

- روق يا مراد، انت غلطت وأنا غلطت كلنا بنغلط، كل واحد ليه فرصة تانية، فرصة يا اما يصلح فيها الغلط دا ويبدأ من أول وجديد، يا أما يكمل، ويتحمل نتيجة اختياره وأنت اخترت الطريق الصح، أنت لو وحش كنت كملت فئ طريق الغلط، صدقني يا مراد، أنت شخص كويس، كويس جدا وبكرة الأيام هتثبتلك كلامي
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي مراد يحرك رأسه بالإيجاب، ليغمغم أدهم ضاحكا:
- فين يا عم الأكل أنا واقع من الجوع...

ضحك مراد يجذب يد أدهم للداخل، دخلا الي صالة المنزل ليجدوا منيرة تخرج من غرفة روحية تنظر لمراد تبتسم في مكر حين قالت:
- ما إنت حلو اهو وبتجيب هدايا
حمحم مراد متوترا شعر للحظات بأنه مراهق أحمق انكشف سره الصغير، رفع يده يضعها خلف رقبته يحاول إخفاء حرجه ليكزه أدهم بمرفقه في ذراعه ابتسم في خبث يهمس له:
- اوووبا هي الحكاية فيها هدايا وتقولي خايف اكلمها، ها هبقي عمو تاني امتي.

ضحك مراد متوترا ضحكات صغيرة خفيفة، دقائق وتجمعوا جميعا حول طاولة صغيرة يتراص أمامها الطعام فتح أدهم ازرار ذراعي قميصه يزيحه للخلف يغمغم باشتهاء:
- يلا بسم الله أنا واقع من الجوع...
بدأ يأكل بنهم ليضحك مراد عليه اعطاه رغيف من الخبز ليتلقطه أدهم منه، بينما سأله مراد متعجبا:
- ايه يا ابني أنت ما كلتش من الصبح ولا ايه
تقصلت قسمات وجه أدهم بحسرة امسك كوب الماء يرتشف ما فيه يغمغم بنواح حزين مضحك:.

- كلت، دا أنا كلت في نفسي، يا دوب خلصت الشغل ولف يا أدهم مهندس الديكور عايز كذا وكذا وكذا، السباك عايز كذا كذا، بتاع الازاز عمل اللوح بشكل غلط، وبعدين قابلت مايا قولت الحمد لله يا رب هنتغدي، الهانم عاملة دايت عشان قال ايه حاسة أن وزنها زاد، عايزة تبقي فراشة طايرة في فستان الفرح، رفضت تخليني اجيب اكل بنت اللذين، يا دوب روحتها وكملت مشاوري، ولسه جاي من ربع ساعة، سيبني بقي اكل عشان صينية البطاطس دي بتغريني وأنا بصراحة بضعف.

ضحك مراد ومنيرة ينظران لادهم وهو يأكل بنهم كطفل صغير جائع، تحركت عيني مراد يختلس النظرات ناحية روحية ليري عينيها الشاردة، رأي لمحة حزن الحرمان الذي يعرفه جيدا يتجسد في حدقتيها، ربما حديث أدهم عن مايا والزفاف والفستان، حقا آلمها، بالطبع كانت ترغب في زفاف مثلها مثل المئات، إن تظهر وهي عروس جميلة في فستانها الأبيض، ولكن يبدو أن للقدر رأي آخر، أراد أن يقل شيئا عله يخفف ما يري من حزن في عينيها فابتسم يهمس لها:.

- تسلم ايدك الأكل حلو اوي
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها تحرك رأسها بالإيجاب، تنظر للطعام أمامها ليبتسم هو في حزن شاحب، راقبت منيرة ما يحدث تدعو لهم في قلبها، أما أدهم فكان منشغل في الطعام!

من هنا لهناك في فيلا خالد السويسي، توجه اخيرا بعد أن أقنع لوجين بشق. الأنفس أن تبقئ معهم وإن لينا لم تكن تقصد ما قالت، وأنها حقا ستحبها كثيرا ما أن تتعرف عليها، اوصلها إلي غرفة زيدان، ليتوجه إلي غرفته فتح بابها يبحث بعينيه عنها ليجدها تتسطح على الفراش تولي الباب ظهرها، اتجه سريعا إلي المرحاض يبدل ثيابه، تسطح جوارها يعقد ذراعيه خلف رأسه ينظر لسقف الحجرة شاردا هل ما فعله صحيح، هو لم يكن ليترك شقيقته ابداا، هو فقط لا يعرف إن كانت عودة لوجين لحياة زيدان من جديد هو الاختيار الصحيح أم ألم جديد جلبه بيديه ليؤذيه، تنهد حائرا يلتفت برأسه لتلك النائمة جواره، موقف لينا تجاه لوجين حقا هو ما يزيد قلقه، لينا لا تتقبل لوجين، لينا تعامل الجميع كأنهم أطفالها زيدان منذ أن كان طفلا، جاسر ابن رشيد، حتى، حسام ابنه من شهد، حتى، هو أحيانا تعامله وكأنه طفل صغير دائما ما تحنو على الجميع لما صبت غضبها كاملا على المسكينة لوجين، مد يده يريد احتضانها، في أصعب أوقاته يلقي بنفسه بين أحضانها دون كلام، حين شد جسدها إليه رأي تلك الدموع التي تهبط من مقلتيها في صمت قاتل، رفع يده يمسح دموعها برفق:.

- لينا فتحي عينيكي أنا عارفة أنك صاحية..
اطلت بزرقاء عينيها، تنظر له مقلتيها حمراء كالدماء تتجمع فيهما الدموع بغزارة مخيفة رفعها بين ذراعيه يغزرها داخل صدره ليسمع صوت شهقة بكاء عنيفة تخرج من بين شفتيها رفع يده يسمح على شعرها يحاول أن يهدئها، ليسمع صوتها تهمس بحرقة:.

- ما تخليهاش تاخده مني يا خالد، دا ابني أنا والله إبني أنا، أنا اللي ربيته، ربنا حرمني من الأطفال بعد لينا، بس عوضني بيه هو، مش هستحمل ابقي على هامش حياته، مش هستحمل أنها تاخد مكاني عنده...
شعر بالغيرة حقا شعر بالغيرة من حب لينا المفرط لزيدان، إلا أنه ليس وقت الغيرة تماما ابعدها عنه قليلا يمسح دموعها بكفيه يزيح خصلاتها التي تغطي وجهه احتضن وجهها يحادثها بحنو:.

- هو عيل صغير يا لينا، زيدان عدي ال30، مش عيل هتاخده في ايدها وهي ماشية يا حبيبتي، انتي أمه اللي ربته وما حدش يقدر يغير دا ابدا، بس هي أمه يا لينا، صدقيني لوجين عانت كتير، زيدان لو سامح لوجين دا مش معناه إنه هينساكي، ما حدش بينسي أمه، حبيبتي اهدي وشيلي كل الاوهام دي من دماغك، وخليكي جنب لوجين، هي محتاجانا كلنا الفترة دي.

لم توافق ولم ترفض ظلت صامتة تنظر لحدقتيه تنساب دموعها في صمت مخيف، جذب رأسها لصدره يحاوطها بذراعيه تنهد يهمس لها تعبا:
- عارفة نخلص بس من حكاية لوجين، وهخدك ونختفي بعيد عن مشاكل العيلة الخلل دي..
خرجت ضحكة خافتة للغاية من بين شفتيها ليبتسم هو حين سمع ضحكتها الصغيرة، يشدد على عناقها.

بالقري منهم في نفس المنزل في نفس الطابق في غرفة بعيدة، غرفة زيدان، على فراشه تجلس لوجين هناك تتحسس بكفيها سطح الفراش، الوسادة، الغطاء، أدمعت عينيها هنا ينام طفلها الصغير، لم يعد كذلك، لم يعد طفلا، على الحائط للمقابل للفراش صورة له وهو بحلة العمل الرسمية، كم يشبه أبيه نفس الابتسامة زرقة العينين الملامح الشعر البني، امسكت وسادته تحتضنها بعنف بين ذراعيها لتقع عينيها على صورة في برواز صغير مجاور للفراش، صورة له هو ولينا زوجة خالد، يبدو كفتي ووالدته يضحكان صورة مثالية، لا يوجد مكان لثالث فيها، قامت من مكانها صوب دولاب ملابسه تفتحه تنظر للملابس المعلقة جذبت قميص اسود اللون تقربه منها تحتضنه بقوة وكأنها تحتضن صاحبه، تحركت تبحث بين أغراضه لتجد زجاجات عطره، عدة ساعات لليد، حافظات جليدية للنقود، أوراق قديمة مرتبة بشكل منتظم، توجهت إلي مكتبه جلست عليه تنظر حولها تبتسم هنا جلس ولدها، ذاكر أو قرأ هنا كانت لينا بجواره ولم تكن هي، مدت يدها تفتح احد الأدراج تبحث بينهم ليقع عينيها على دفتر رسم كبير، زيدان يرسم، فتحت الدفتر لتجد اسم لينا مرسوم، بخطوط عربية قديمة تعرفها، زيدان ماهر في رسم الخطوط، بحثت بين الأوراق بتلهف تمني نفسها أن تجد اسمها ولو بخط صغير، ولو لمرة واحدة، لا شئ، الدفتر يخبرها بقسوة أنه قد نسيها لا مكان لها فئ حياته، وضعت الدفتر في مكانه تخفي وجهها بين كفيها تبكي ندما، هي من أخطأت في حقه والآن تدفع الثمن، ثمن قاسي مؤلم، يحرق قلبها، استندت بمرفقيها على سطح المكتب، شعرت حين حط مرفقها على سطح المكتب ان سطح المكتب مجوف فارغ، سمعت صوت هواء، قطبت جبينها مدت يدها أسفل السطح تحاول فتحه ليُفتح جزء صغير كأنه باب صغير في اسفل السطح ما أن انفتح سقط دفتر ازرق كبير منه، مدت يدها سريعا تلتقط الدفتر، مسحت الغبار عنه، لتجد كلمة مذكرات تعلو سطحه، ذلك الدفتر تعرفه ذلك الدفتر كان ملكا لزيدان زوجها، فتحت الدفتر لتجد الأوراق التي خطها زيدان كما هي بخط يده حركت بين صفحاته بسرعة لتجد أولي الصفحات بخط طفل صغير، يعرف عن نفسه ببراءة.

- أنا اسمي خالد زيدان، ودا الدفتر بتاع بابا هو ادهولي هدية ليا، انا أسعد واحد في الدنيا، بابا بيحبني اوي وماما كمان، بروح المدرسة والعب مع أصحابي، ماما بتنادي هرجع تاني
حركت عدة صفحات أخري تنهمر دموعها بلا توقف حين قرأت:
- أنا خايف، ماما جت معاها راجل شكله يخوف أوي، بتقولي هيبقي بابا، أنا مش عايزه يبقي بابا...

شهقة بكاء عنيفة خرجت من بين شفتيها احرقت دموعها خذيها لتغلق الدفتر تضمه لصدرها بعنف تهمس بحرقة:
- سامحني يا ابني أنا آسفة، انا آسفة أوي!

حين حل الصباح استيقظ الجميع على صوت صراخ قادم من غرفة حسنة زوجة نجيب، هب كل ما في البيت على صوت الصياح، تقدم حسان يدق باب غرفة أخيه يصيح متلهفا:
- افتح الباب يا نجيب، نجيب في ايه يا نجيب، نجيب رد عليا يا نجيب.

لحظات وفتح نجيب باب غرفته عينيه متسعة في ذهول وجهه شاحب وكأنه رأي الموت بعينيه، حسان يصيح فيه هو صامت تماما، اندفعت إلهام لداخل الغرفة لتصرخ هي الاخري، مما جعل الجميع يندفع للداخل توسعت أعينهم في ذهول حين رأوا حسنة تقف امامهم وجهها لا يكاد يري من علامات التقرح الحمراء والزرقاء التي تغطي وجهها بالكامل ويديها، لم يكد أحدهم ينطق بحرف سمعوا صوت صرخات أخري قادمة من غرفة رانيا، اندفعوا جميعا ناحية الغرفة المجاورة ينظروا بذهول لشعر رانيا الضخم المنفوش الذي يشبه شعر راقصي الديسكوا قديما...

الجمع يتحرك من هنا لهنا، بينما تقف هي عند السلم تبتسم في تشفي هو الوحيدة التي تعرف ماذا يحدث، حسنة تعاني من تقرحات في الجلد غير معدية ستسمر لأسبوع على الأكثر قبل أن تبدأ في الاختفاء، أما رانيا فشعرها يحتاج لجلسة علاج بروتين في اقرب وقت، كم تشعر بنشوة السعادة تختلج صدرها، خرجت إلهام من غرفة رانيا تقدمت ناحيتها ترميها بنظرات غاضبة وقفت بالقرب منها تحادثها بهمس غاضب:
- انتي اللي عملتي فيهم اكدة.

ابتسمت لينا في هدوء تام تشير لنفسها لحظات صمت قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب تغيرت فئ لحظة نظراتها البريئة لاخري متشفية:
- ايوة أنا، مش انتوا استقويتوا عليا زمان، جه دوري اني اخد حقي منكوا واحد واحد، أنا خدت حقي منهم فاضل انتي...
توترت نظرات إلهام تنظر لتلك الواقفة امامها في ريبة:
- وهتاخديه ازاي يا مرت الغالي
- هوريكي
نطقتها لينا بابتسامة واسعة متشفية لتصرخ فجاءة مذعورة:.

- حرام عليكي يا طنط إلهام أنا عملتلك ايه ااااااااااه
دفعت بنفسها من فوق درجات السلم تتمسك خفية بسور السلم حتى، لا تقع وقعة عنيفة ارتمت بجسدها على اقرب درجة عريضة تسمع صوت صراخ زيدان الفزع باسمها، لتغمض عينيها كأنها فقدت الوعي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة