قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وستة وعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وستة وعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وستة وعشرون

شهرين اختفي فيهما عن الانظار، شهرين ترك الجامعة حين عاد صادق من مؤتمره الطبي، ليصل له في تلك الاثناء دعوة لحضور مؤتمر طبي في لندن، كان فرصة رائعة ليهرب بها من تلك الوساوس التي تؤرق عقله منذ ذلك الحلم الأخير، سافر طوال فترة غيابه كان يطمئن عليها بمكالمات قصيرة لا تتعدي بضع دقائق، اليوم عاد يحمل الكثير والكثير من الهدايا للجميع ولها هي تحديدا، حين خرج من المطار خلع نظراته السوداء يبحث عن سيارة أجري ليري زيدان يقف في انتظاره خارجا ابتسم حسام في حبور أسرع كل منهما للآخر يتعانقان بقوة ربت زيدان علي ظهر بقوة يهمس له:.

- حمد لله علي سلامتك يا صاحبي، طالت غيبتك شهرين يا جدع كويس أنك رجعت قبل الفرح، هنعمل فرح من غير عريس
ضحك حسام بخفة يحرك رأسه بالإيجاب بدأ هو وزيدان يضعان الحقائب في صندوق سيارة زيدان الذي هتف مدهوشا:
- ايه يا عم كل دي شنط، أنت كنت في لندن مش في العراق مش جايب معاك بقي تليفزيون ملون في الشنط دي كلها.

بعد لحظات استقل حسام المقعد المجاور لزيدان ادار الاخير محرك السيارة ينطلق بها، القي نظرة خاطفة علي ذلك الجالس جواره عينيه شاردة ينظر للطرقات والشوارع التفت ناحية زيدان يتنهد بعمق، ظن زيدان في تلك اللحظة أنه سيقول شيئا هاما الا ان حسام أردف قائلا:
- مصر قبل شهرين هي هي مصر بعد شهرين الكلب اللي واقف جنب الشجرة هناك دا واقف بقاله شهرين.

ضحك زيدان عاليا يحرك رأسه يأسا اشتاق لصديقه المجنون حقا لم يكن عليه أن يعتقد أن حسام صاحب العقل الشبه خرب سيقول شيئا جادا، ابتسم زيدان يتمتم في هدوء:
- واحشني هزارك والله، كويس أن مؤتمر لندن شغل وقتك بدل ما كنت هتجنن من التفكير في الهلاوس.

تنهد حسام بارتياح يحرك رأسه بالإيجاب نعم تلك الدعوة جاءت له في وقتها الصحيح، كان عليه أن يشغل عقله في اي شئ كان لتتوقف تلك الهلاوس عن الظهور في رأسه لتؤرق ليله ونهاره تنهد يتمتم بارتياح:
- ايوة فعلا حقيقي كنت محتاج انغمس في عالم جديد وأنت عارف صاحبك حظه عسل لما روحت هناك المستشفي اللي تابع ليها المؤتمر دكتور الناس عمل حادثة وجاله كسر في دراعه أنا مسمي 6 بنات سارة و4 لينا و 3 صبيان حسام.

تعالت ضحكات زيدان يحرك رأسه يآسا الحالات الطارئة تطارد حسام أينما ذهب، توقفت السيارة في أحدي إشارات المرور المزدحمة، التفت زيدان ناحية صديقه يسأله:
- كنت بتكلم سارة وأنت مسافر
تنهد حسام بعمق يحرك رأسه بالإيجاب مد يده يعبث في محرمة ورقية يمزق اطرافها بين يديه التفت برأسه ناحية زيدان زفر يتمتم في هدوء:.

- ايوة بس كانت مكالمات قصيرة ما تتعداش دقيقتين آخر مرة كانت بتقولي عايزة اقولك حاجة مهمة بس ساعتها كان عندي حالة ولادة مستعجلة فقفلت من غير ما أسمعها حاولت اتصل بيها بعدها ما كنتش بترد، بس أنا بطمن عليها من صادق، ومن عمي عمر، هي عندها امتحان النهاردة هيخلص بعد ساعة
ابتسم زيدان يربت علي كتف صديقه يحادثه بتعقل:
- طب حلو اعملها مفاجأة وهاتلها هدية اكيد وحشتك بقالك شهرين ما شوفتهاش..

نالت الفكرة استحسان حسام توسعت ابتسامته يحرك رأسه بالإيجاب في حماس، فتحت الاشارة ليدير زيدان محرك السيارة من جديد ينطلق الي حيث منزل خاله، شردت عينيه لتلوح علي ثغره ابتسامة صغيرة ما أن مر طيفها أمام عينيه، اجفل علي جملة حسام:
- صحيح إنت عامل ايه أنت ولينا، خصوصا بعد اتصال انجليكا
ابتسم زيدان في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب:.

- الحمد لله، انجليكا ما اتصلتش تاني وأنا ما حاولتش اتصل بيها بصراحة، لينا بقالها شهر مسحولة في الفاينل كل ليلة تقعد تندب أنها مش عايزة تكمل تعليهما وانها عايزة تتعلم طريقة عمل اللوبيا افيد لها
تعالت ضحكات حسام يضرب كف فوق آخر يغمغم ساخرا:
- والست مالهاش غير بيتها وجوزها وكيان وكرير ايه بس دي عايزة تخلف كمال وكريم مش كدة.

ما أن انهي حسام كلامه اختفت إبتسامة زيدان فجاءة يشعر بغصة مؤلمة تنخر في قلبه، طفل صغير، لينا باتت لا ترغب في اي شئ سوي أن تنجب طفل صغير، يعوضهما عن رضيعهما الذي قُتل غدرا، اوصل حسام إلي بيت خاله، ليتوجه بعدها إلي عمله دخل حسام الي بيت أبيه بعد عناق حار مع جدته، توجه سريعا لأعلي في طريقه اختطف النظر ناحية الجناح الشرقي، وقف ينظر له للحظات يبلع لعابه مرتبكا، خطي تجاهه إلي أن اقترب من ذلك الباب الكبير، أمسك المقبض الفاخر الجديد فتحه ضوء الشمس المطل من الستائر البيضاء سمح له برؤية الجناح كاملا، رائع كلمة قليلة لا تفي بالوصف، التناغم المذهل في الألوان بين الأثاث والبساط علي الأرض وألوان الحوائط، سرير كبير ودولاب ضخم وغرفة ملابس ومرحاض وطاولة وكرسيين جوار الشرفة.

ومكتب في احدي جوانبها واريكتان وطاولة قصيرة الإقدام، الوضع اشبه بشقة صغيرة في جناح، خطي داخل الغرفة يفتح الدولاب ليجد ملابس سارة اصتفت بشكل منظم تأخذ مكانه، دولاب الملابس ينتظر ملابسه لتكتمل الصورة، تنهد بعمق يبتسم في هدوء مد يده يلتقط « بلوزة » بيضاء من ملابسها قربها من أنفها يحاول إيجاد رائحتها فيها، بالفعل وجد ذلك العطر الهادئ التي تستخدمه دائما يغرق الملابس، اعاد القطعة مكانها ليخرج من الغرفة بدل ثيابه يأخذ حقائب الهدايا الخاصة بعمه عمر تحديدا وبها هي علي وجه الخصوص، توجه إلي سيارته، إلي جامعتها، ليس من الصعب أن يدخل وقد كان محاضرا فيها قبل فترة قصيرة حين دخل إلي ساحة الجامعة اقترب الطلاب منه يرحبون به بحرارة في حين وقفت هي بعيد بين مجموعة صغيرة من الفتيات ما أن وقعت عينيها عليه بدأت دقات قلبها تتسارع بعنف رجفة قوية تعصف بجسدها حين استمعت لصوت ضحكاته القوية، الحبيب الغائب عاد، بعد طول غياب غاضبة منه، لا تعرف هي فقط حزينة من جفاءه التي لا تعرف له سببا، مكالمته لها الفترة الماضية لم تكن سوي من قبيل الواجب مكالمت جافة لا تتعدي بضع جمل باهتة ويسرع في إغلاق الخط، اجفلت علي صوت احدي الفتيات تغمغم حانقة:.

- يا رتني كنت ولد شايفة دكتور حسام بيهزر مع الولاد عادي ازاي
لترد فتاة أخري تؤيد ما تقول صديقتها:
- فعلا دكتور حسام متحفظ جداا في تعامله مع البنات
تنهدت فتاة أخري بولة تهمس بحالمية:
- يا بخت اللي هيتجوزها، يعني دكتور ومحاضر ومؤدب وعسل ودمه خفيف.

- ومز، نطقت بها احدي الفتيات بمرح لينفجروا جميعا في الضحك، تحرك حسام من بين جمع الشبان يتوجه إليهم فصمتت الفتيات عن الضحك ينظرون لبعضهن البعض في ترقب لما يأتي ناحيتهم، اقترب حسام يقف علي بعد خطوات منهم ابتسم يحمحم في هدوء مردفا بتهذيب:
- صباح الخير يا دكاترة اتمني تكونوا حليتوا كويس في الامتحان. سارة.

نادي اسمها لتتوسع أعين الفتيات في دهشة حين همس باسمها نظروا جميعا إليها في دهشة في حين خفضت هي رأسها سريعا أرضا توسعت عينيها في ذهول تقبض كفيها من التوتر تشعر بريقها يجف كالصحراء لتسمعه يحادثها:
- يلا يا سارة عشان اوصلك
حركت رأسها بالإيجاب سريعا تحركت ناحيته ترغب في الركض بعيدا، ما إن اقتربت منه سمعت احدي الفتيات تسأله مذهولة:
- هو حضرتك تعرف سارة يا دكتور حسام.

ابتسم في هدوء أمسك كف يدها في يده يحرك رأسه بالإيجاب يتمتم مبتسما:
- طبعا سارة بنت عمي وخطيبتي وكلها كام يوم وتبقي مراتي
نظر ناحيتها في حين أنها كانت تنظر أرضا ليردف مبتسما:
- ما تنسيش تعزمي زمايلك علي الفرح يا سارة
حركت رأسها بالإيجاب سريعا، تحركت بصحبته إلي حيث توجد سيارته، حاولت إفلات يدها من يده تهمس بارتباك:
- أنا هروح في عربية بابا.

شد علي يدها برفق يستمر في جذبها معه إلي أن وصلا إلي سيارته فتح بابها ينظر لها يبتسم في هدوء تنهدت قلقة تصعد إلي السيارة، أغلق الباب عليها، ليلتف حول السيارة جلس جوارها يدير المحرك يتمتم مبتسما:
- أنا كدة كدة جاي عندكوا واتصلت بعمي عمر واستأذنته اني اوصلك.

شعرت بقليل من الارتياح يعلم والدها بالأمر اذا لن يغضب منها ولكنها لا تزال غاضبة من ذلك الجالس جوارها كتفت ذراعيها تشيح بوجهها ناحية النافذة القي نظرة خاطفة عليها ليبتسم يسألها:
- انتي زعلانة ولا ايه
نظرت له بجانب عينيها لتعاود النظر الي النافذة لحظات صمت قبل أن تبتسم تغمغم ساخرة:
- ليه هو أنت عملت حاجة تزعل.

ضحك عاليا يحرك رأسه نفيا، ما عرفه عن سارة في الفترة الماضية أنها شخصية حساسة خجولة قليلة الكلام مع الغرباء، لكن ما أن تعتاد عليك وتخرج من حيز الغريب إلي شخص مألوف تعتاد عليه تتصرف بطبيعتها المرحة المحببة إليه، أوقف السيارة علي جانب الطريق ابتسم حين لم تتوتر كعادتها سابقا، تنهد يمسك بكف يدها لتنزع يدها من يده بعنف ضحك بخفة يمسك كفها من جديد لتلتفت له برأسها ترميه بنظرة حادة غاضبة تحادثه حانقة:.

- سيب ايدي يا حسام، أنا مش عايزة اتكلم معاك اصلا، متشكرة اوي علي المكالمة الدقيقة ونص كل أسبوع مرة
تهدلت نبرتها تردف بخفوت حزين:
- دا أنا حتي كنت عايزة اقولك اني...
صمتت تقطم ما كانت ستقول لتشيح بوجهها بعيدا عنه تتمتم بجفاء:
- مش مهم إنت كدة كدة مش فارق معاك تعرف.

ابتسم يشعر بالإحراج مما فعل ولكنه كان معذور كان منشغل في الكثير من الجراحات العاجلة التي وقعت فوق كاهله دون رغبة منه حتي تنهد بقوة يحتضن كفها بين كفيه يهمس لها بترفق:.

- صدقيني يا سارة أنا من يوم ما سافرت وأنا مسحول حرفيا ما بين المؤتمر وشغل وعمليات اليوم اللي كلمتك فيه وقولتيلي عايزة اقولك حاجة مهمة في نفس اللحظة جات ممرضة بتصرخ أن في حالة عنجها نزيف حاد ما كنش عندي وقت ابرر انتي عارفة في شغلنا اللحظة بتفرق، حاولت اكلمك بعد كدة بس انتي ما كنتيش بتردي عليا يا سارة.

لم تلين نظراتها لم يرضي قلبها طريقته الجافة الفترة الفائتة أثناء حديثهما معا لا مبرر لها ما الذي أخطأت فيه ليحادثها بتلك الطريقة زفرت حانقة تتمتم في ضيق:
- ماشي كنت مستعجل، وحالة خطيرة، ممكن أعرف بقي سبب طريقة كلامك معايا الفترة اللي فاتت أنت حتي ما قولتليش أنك مسافر هو أنا مش المفروض خطيبتك.

مد يده يمسك طرف ذقنها يدير وجهها إليه ما أن نظرت له حرك رأسه بالنفي لتتوسع عينيها في دهشة، ليبتسم في هدوء حاني يهمس لها بشغف:
- انتي مش خطيبتي بس انتي خطيبتي وحبيبتي ومراتي اللي بحلم باليوم اللي هيجمعني بيها تحت سقف واقف، كنت مشغول يا سارة ومتوتر من زحمة الشغل اعذريني لو حسيتي في جفاء في كلامي غير مقصود.

تسارعت دقات قلبها والخجل كموج بحر عالي يغرق أنفاسها، ارتجفت تشعر بالدماء تفر من بين خلاياها يديها باردة كالثلج تتعرق كالنار، سحبت يدها من يده تفرك كفيها من التوتر بالكاد خرج صوتها من بين دفتي شفتيها تهمس له بارتباك:
- أنا عايزة أروح.

ابتسم في هدوء قبل أن يطرق الشيطان عقله يحثه لفكرة غبية شيطانية مخيفة، اقترب منها برأسه أكثر فأكثر لاحظ انكماشها بعيدا وتوسع حدقتيها خوفا، كادت أن تصرخ فيه، لكنه باغتة بقبلة علي وجنتها شخصت عينيها من فعلته لترفع كف يدها دون تردد تصفعه علي وجهه بعنف تصرخ فيه مرتعشة:
- أنت قليل الأدب ومش متربي.

ارتسمت ابتسامة هادئة علي شفتيه يشعر بقلبه يرقص فرحا، تدارك الأمر سريعا حين رآها تحاول الهبوط من السيارة وقد فتحت الباب المجاور لها بالفعل ليمد يده يغلقه سريعا أدار محرك السيارة يتحرك من جديد ليعيقها عن النزول، التفت لها برأسه ينظر ناحيتها نظرة خاطفة ابتلع لعابه يغمغم لها نادما:
- سارة أنا آسف، أنا مش عارف أنا عملت كدة ازاي، دا من حبي وشوقي ليكي.

حركت رأسها نفيا بعنف تمنع دموع عينيها بصعوبة احمرت حدقتيها من محاولاتها البائسة لردع دموعها لحظات صمت تتنفس بعنف قبل أن تصرخ فيه بحرقة:
- دا مش حب وشوق يا حسام دي قلة أدب، ازاي تفكر حتي أنك تعمل كدة يا دكتور يا محترم ياللي البنات كانت لسه بتحكي بأخلاقك.

انهمرت دموع عينيها تصاحب صراخها الحزين، شعر بالاشمئزاز حقا من أفكاره العقيمة التي أوصلتهم لهنا، بكائها صوتها الحزين الممزق، أحمق ما كان من المفترض ابدا أن يفعل ذلك وقد التقوا بعد غياب طويل
لم يعرف ماذا يفعل الآن خاصة وهي تبكي جواره في صمت مخيف، ابتلع لعابه يهمس لها حزينا علي حالها:
- خلاص بقي يا سرسورة حقك عليا أنا آسف، دي بوسة اخوية عفيفة، طب يارب اموت لو زعلتك تاني.

ابتسم في مكر سمع الي تلك الجملة مصادفة من والده وهو يحادث زوجته فما كان من لينا زوجة أبيه الا سارعت تصيح كعادتها:
- بعد الشر عنك اوعي تقول كدة تاني
انتظر هو الآخر عله يستمع إلي جملة مشابهة منها من سارة الا أن الأخيرة رفعت يدها تمسح دموعها بعنف تتمتم:
- ياااارب
توسعت عينيه في دهشة لم يكن ذلك الرد الذي ينتظره تماما، شد علي أسنانه ليمد يده يمسك برباط شعرها الكبير يصيح مغتاظا:
- بتدعي عليا يا بنت المستخبي.

ابتسمت سارة في اصفرار تتمتم ساخرة:
- أنت اللي بتدعي علي نفسك وأنا بأمن وراك وسيب التوكة والا والله هقول لبابا علي اللي أنت عملته
ابتلع لعابه مرتبكا ليس خوفا عمر أن علم بما فعل علي الارجح سيلغي زفافهم سيقدم له فرصة إلغاء الزفاف علي طبق من ذهب حمحم في هدوء يغمغم حانقا:
- ماشي يا سارة...

وضعت يدها علي فمها تضحك شامتة علي غيظه اوصلها لبيتها ليعطيها الحقائب وجلس مع العائلة نصف ساعة علي الأكثر، اوصلته سارة الي باب المنزل وهو يغادر ليلتفت لها قطب ما بين حاجبيه يسألها متذكرا:
- صحيح حاجة ايه اللي كنت عاوزة تقوليلي عليها في التليفون
ابتسمت في رقة تحرك رأسها بالنفي تغمغم بخفوت:
- لاء خلاص مش هقولك هتعرف ساعتها لوحدك اعتبرها مفاجأة.

ابتسم متوترا يحرك رأسه بالإيجاب ودعها ليغادر وعقله يدور في محور فكرة واحدة ما تلك المفاجأة التي تحضرها سارة له!

علي صعيد آخر بعد عدة ساعات طويلة خرج زيدان من عمله اخيرا استقل سيارته عائدا للبيت، توجه اولا الي احد المطاعم اشتري بعض الأطعمة الجاهزة ومن ثم توجه مباشرة الي البيت دخل يبحث عنها، رأي مجموعة من الكتب علي سطح الطاولة في الصالة ولا أثر لها في الطابق السفلي بأكمله، خلع سترة حلته يلقيها علي أحد المقاعد وضع الطعام علي الطاولة في المطبخ تحرك لأعلي يبحث عنها توجه إلي غرفتهم فتح بابها ليرلها تجلس علي حافة الفراش تخفي وجهها بين كتفيها تقبض علي شئ صغير في كف يدها لم يعرف ما هو، اقترب منها يهمس باسمها، رفعت وجهها إليه لتتوسع عينيه فزعا حين رأي سيول الدموع العنيفة التي تغرق وجهها هرع إليها يسألها مذعورا:.

- مالك يا لوليا بتعيطي ليه يا حبيبتي، فيكي ايه ردي عليا
مدت العصا البيضاء الصغيرة ناحيته يديها ترتعش قطب جبينه ينظر للخط الأحمر الوحيد الذي يتوسط سطح شاشة شفافة قطب جبينه ينظر لها لتخرج شهقة قوية من بين شفتيها تغمغم بغصة مختنقة باكية:
- أنا مش حامل يا زيدان، الاختبار بيقول أن أنا مش حامل.

تنهد بارتياح بعد ان كاد يظن أن مصيبة قد حدثت اقترب يجلس جوارها جذب رأسها يضعها علي صدره يمسح علي خصلات شعرها برفق ابتسم يردف ضاحكا:.

- يا شيخة حرام عليكي صرعيتني وبتفكري في الخلفة دا انتي تنسيها بعد الخضة دي، وبعدين يا عبيطة احنا متجوزين بقالنا شهرين ونص أرنبة انتي، لسه يا قلبي قدامنا وقت طويل اوووي علي ما نبدأ نقلق من موضوع الخلفة دا، ولا انتي بتدوري علي اي حجة بقي عشان ما تذاكريش لامتحان بكرة يا فاشلة
ابتعدت عن صدره بعنف تنظر له حانقة طوقت خصرها بيديها تتشدق ساخرة:.

- هي مين دي اللي فاشلة علي الاقل أنا كنت علمي علوم وجبت 94 في المية صحيح ودخلت طب خاص بس بردوا جبت مجموع كبير مش أنت يا ابو كلية بتاخد من خمسين في المية
نظر لها يبتسم في هدوء مد يده يزيح خصلة تدلي فوق جبهتها برفق يعيدها خلف اذنيها اقترب من اذنها يغمغم ساخرا:
- وأنا في ثانوية عامة كنت بردوا علمي علوم أنا جبت 98,8
توسعت حدقتيها شهقت بعنف تتمتم في ذهول:
- 98,8 ليييه بتنافس ديتول.

ضحك ملئ شدقيه يعدل من تلابيب ملابسه في زهو يتمتم بغرور:
- عرفتي بقي مين فينا الفاشل يا فاشلة...
قلبت عينيها تقلده بصوت خفيض ساخر، التفتت له لتراه يتسطح علي الفراش ينظر لها يبتسم وضعت رأسها علي صدره تهمس له بصوت خفيض متوتر:
- تفتكر هيبقي عندنا بيبي يا زيدان.

رفعت وجهها تنظر لعينيه ليبتسم لها في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب تنهدت تزفر أنفاسها القلقة عادت تضع رأسها علي صدره من جديد لتبتسم في حماس غداا ستعد له مفاجأة رائعة بالطبع ستعجبه، اجفلت علي جملته التي قالها في هدوء تام:
- علي فكرة احنا هنعمل فرحنا مع فرح حسام وسارة بعد اسبوع
توسعت عينيها للحظات من الدهشة قبل أن تتحول الدهشة إلي سعادة ارتمت عليه تعانقه بقوة ليضحك عاليا يطوقها بذراعيه يردف مبتسما:.

- كنت عايز اعمهالك مفاجأة بس قولت بلاش عشان يبقي عندك الوقت تشتري الفستان اللي تحبيه وحجزت شهر عسل كمان في مكان هتحبيه اوووي
ابتعدت عنه قليلا تنظر لوجهه بأعين دامعة انسابت دمعات بسيطة علي خديها رفعت كفيها تحاوط وجهها بهما تهمس له بشغف:
- أنا بحبك أوي يا خالد!
قطب ما بين حاجبيه يبتسم في عجب خالد! لم يسمع منها ذلك الاسم ابدا، لم يعد يسمعه حتي نسي من الأساس أنه إسمه، ضحك في عجب يهمس لها:.

- خالد!، مش عارف مستغرب الاسم ليه، ما اتعودتش عليه، لاء قولي زيدان
جلست امامه تطوق عنقه بذراعيها تنظر لعينيه مباشرة خفضت صوتها حتي بات هامسا ببحة لطيفة تهمس له:
- بس دا اسمك، خالد زيدان الحديدي ولا إيه
ابتلع لعابه مرتبكا يشعر بذبذبات غريبة ترجف قلبه توترت حدقتيه تسارعت أنفاسه خاصة حين ابتسمت تهمس بدلال:
- يا لودي.

انفجرت تلك المضخة التي تسكن في صدره تحديدا في جانب صدره الأيسر تسارعت أنفاسه كلماته تدفع الدماء بعنف لداخل خلاياه العاشقة لهثت أنفاسه يهمس لها:
- بعشقك يا قلب خالد زيدان الحديدي.

وها قد انقضت الليلة بسعادة عارمة علي العشاق، في اليوم التالي تحديدا قرب الرابعة عصرا خرج زيدان يركض من عمله متجها صوب سيارته يقودها بسرعة البرق الي منزله بعد أن وصله اتصال من لينا تصيح فيه وهي تلهث:
- الحقني يا زيدااان، بسرعة يا زيدان، تعالا البيت.

احمرت عينيه يضغط علي دعاسات البنزين تحت قدميه بعنف قلبه يكاد يتوقف من الذعر ما أصابها، اليوم كان امتحانها النهائي ربما لم تتوقف فيه ظلت تبكي الا أن انهارت متعبة، الكثير من الافكار السيئة تخترق عقله تمزق قلبه اخيرا وصل بعد صراع مع الطريق ظن انه لن ينتهي ابدا، ركض يفتح باب منزله بمفتاحه ما كاد يدخل تصمنت ساقيه وقف مدهوشا ينظر للواقفة أمامه وكأنه تمثال نحتوه من حجر صوان، هناك أمامه مباشرة تقف لينا جوار والدته! أمامهم طاولة كبيرة عليها كعكعة تتوسطها صورته اليوم يوم ميلاده الثالث والثلاثون، نقل انظاره بين لينا ووالدته التي تقف علي قدميها! جوار لينا تبتسم له تغرق الدموع وجهها، تحركت بخطي مرتعشة وكأنها تتعلم المشي توا تمد كفيها أمامها لا ترغب فقط سوي في الوصول إليه، في حين وقف هو مكانه لم يأتِ بحركة واحدة ينظر لوالدته مشفقا علي حالها، قلبه لازال حزينا ارتعش جسده وكأن كهرباء أصابته حين ارتمت بين ذراعيه تبكي وتجهش في بكاء حارق يغمر قلبه ألما تتوسله من بين دموعها:.

- سامحني يا ابني، سامحني قبل ما أموت، أبوس أيدك سامحني.

كادت أن تمسك يده لتقبلها لينزع يده من يدها سريعا يطوقها بذراعيه أغمض عينيه تنساب دموعه في صمت لحظات طويلة من الصمت لينا تنظر لهما تراقب بحذر ما سيفعل، تدعو في قلبها الا يكون رد فعله غير الذي تتمناه، رأته وهو يبعد والدته عنه ليتنفض قلبها تنظر له بقلق اختفي تماما حين مال علي رأس أمه يقبلها، لم يشعر بالكلمة تخرج من قلبه وهو يقولها ولكن أمام حالتها ورجائها لم يكن يملك سوي أن ينطقها بابتسامة باهتة:.

- مسامحك يا ماما...
شهقت لوجين فرحة تعانقه بعنف تقبل وجهه ورأسه تغمغم من بين دموعها المتسارعة:
- الحمد لله يارب الحمد لله...
ابعدها عنه للمرة الثانية يسمح دموعها بكفيه امسك بكف يدها يتحرك معها برفق إلي أن وصل جوار لينا وقف في المنتصف بينها وبين والدته ينظر لها يبتسم سعيدا، ليقبل جبينها، نظر للعكعكة الكبيرة أمامه كاد علي وشك أن ينحي ليطفئ الشموع حين سمع صوت يعرفه جيدا يردف ضاحكا:.

- اوعوا تكونوا طفيتوا الحج يعلقك
أردف بها حسام ضاحكا وهو يدخل من باب المنزل ليدخل بعده خالد ومعه لينا، توسعت ابتسامة زيدان ما أن رأي والدته ليهرول إليها يقبل يديها ورأسها يغمغم سعيدا:
- حمد لله علي السلامة يا ماما
ادمعت عيني لينا رفعت يدها تكوب بها وجه زيدان تهمس له في حنو:
- كل سنة وأنت طيب يا زيزو.

ضحك زيدان عاليا أستغل فرصة بأن خالد انشغل مع ابنته وشقيقته للحظة ليندفع يعانق والدته رغما عن أنف الجميع يضمها بين ذراعيه بقوة يهمس لها:
- ربنا يخليكي ليا يا ماما وما يحرمني منك ابدا.

أدمعت عيني لينا تربت علي ظهره كانت تظن أن بمسامحة زيدان لوالدته ربما ينساها ولكنها كانت مخطئة وهي سعيدة لأنها كانت مخطئة، تأوه زيدان متألما في اللحظة التالية حين سقط كف خالد علي رقبته من الخلف بعنف قبض علي تلابيب ملابسه يبعده عن لينا قصرا يزمجر غاضبا:
- هو أنا مش قولت يا كلب ما تحضنهاش والله اضربك بالنار وأرمل البت...

ضحكت لينا عاليا تمسح علي رقبة زيدان بخفة، التفوا جميعا حول الطاولة ينشدون احدي اغاني اعياد الميلاد ليسارع حسام باطفاء الشموع قبل زيدان صدحت ضحكات الجميع داخل منزل زيدان، بعد أن عرفوا اخيرا معني السعادة التي لاتزال في بدايتها فقط.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة