قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثمانية

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثمانية

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثمانية

في سيارته يديه تشتدان بعنف على المقود، يدهس الدعاسات تحت قدميه بقسوة مخيفة، قسوة لم يعرفها قلبه، لم يولد بها، بل صبغته الحياة بها رغما عنه، لما عادت من جديد، عادت لترميه في بحر موحل من الذكريات السوداء، بحر ظل عمره بالكامل يتخلص من بقاياه العفنة التي تلوث روحه، والآن عادت لتغرقه فيه من جديد بمنتهي البساطة، عادت تريد منه إن يسامحها، كيف يفعل ذلك وهي سبب شقاءه، كان مجرد طفل، طفل صغير لم يرد سوي والدته لم يكن له سواها، وهي ماذا فعلت تزوجت بمريض نفسي مجنون كان يكره والده فعذبه هو، اذاقه الويلات وهي فقط تشاهد في صمت، تريد منه السماح نجوم السماء أقرب لها منه، نظر حسام لصديقه الجالس جواره ملامحه الغاضبة عروق يديه النافرة عينيه الحمراء يشعر بأنفاسه السريعة، زيدان غاضب بل على وشك الإنفجار، بعد أن اوصلوا انجليكا الي الفندق، ها هو يقود سيارته منذ ساعات بلا هدف، فقط يتحرك في الطرقات الخالية يشتد من سرعته كل حين، حاول تهدئته أكثر من مرة دون فائدة، بعد ساعات وقفت السيارة في حديقة منزل زيدان البعيد، بعد أن انتصف الليل تقريبا، أوقف زيدان السيارة لم تترك يديه المقود، ظل أصابعه تقبض على مقود السيارة يطحنه بين يديه عينيه تسبح قي فراغ الليل المظلم، ذكرياته تتصارع في رأسه تأكله بلا هوادة تمزق قلبه الممزق من الأساس، طال صمته، قبل أن يحرك رأسه ناحية حسام يطالعه بنظرات فارغة فتح فمه لتخرج نبرة صوته الخاوية من الحياة:.

- أنا عمري ما هسامحها، ابدا يا حسام، أبوك فاكر أني لما اشوفها هجري في حضنها، أنا بكرهها، ما بكرهش حد في حياتي قدها، دي شيطانة صدقني، ما تتخدعش بدموعها، هي راجعة عشان تحسسني بالذنب، عشان تخلي الناس تتعاطف معاها، عشان اطلع أنا الوحش في النهاية.

نظر حسام لصديقه صامتا لا يجد حقا ما يقوله، زيدان عاني كثيرا بسبب والدته، هو أكثر من يعرف معاناة صديقه، يحفظه عن ظهر قلب، أراد أن يخفف عنه بأي شكل كان فرسم ابتسامة مرحة مصطنعة على شفتيه يتمتم في مرح باهت:
- معقولة تطلع إنت الشرير في رواية أحدهم
هي فقط ابتسامة شاحبة التي ارتسمت على ثغر زيدان يحرك رأسه يأسا رفع حسام يضعها على كتف زيدان يشدد كفه على كتف صديقه يحادثه مترفقا:.

- زيدان أنت مش مجبر أنك تسامحها احنا مش ملايكة يا زيدان، بحكم شغلي أنا عارف إن في أمهات مجردين من الرحمة، بشوف منهم حالات كتير، بابا في الأغلب كان فاكر أنه هيفرحك ويتلم الشمل، وتنسي جزء كبير من وجعك، ما تحطش اللوم على نفسك، ولا عليه، دا مقدر انها ترجع دلوقتي، زي ما هو مقدر بردوا إن كنت هتسامحها او لاء ما حدش فينا عارف ايه اللي هيحصل بكرة...

صمت للحظات ينظر لعيني صديقه التي هدأت عاصفتها قليلا بعد ما قال، ليرسم حسام ابتسامة مرحة على شفتيه يتمتم كطفل صغير:
- يلا يا عم أنا هموت وأنام واعمل حسابك أنا مش جايب معايا هدومك، من غير ما تقول يا جدع عارف إن دولابك دولابي
قالها ليخرج من السيارة فتح الباب المجاور لزيدان يخرجه إياه قصرا يحادثه مبتسما في غرور:
- هعملك عجة بس مش عايز اقولك ما تتاكلش قسما بالله، حاجة كدة تقرف...

ضحك زيدان رغما عنه يسير خلف صديقه لداخل المنزل، ينظر لحسام ممتنا، لولا وجود ذلك الرجل في حياته منذ سنوات طويلة لكان تدمر من كثرة ما يلاقي من لطمات.

في غرفتها تتسطح على فراشها ترتسم ابتسامة صغيرة على شفتيها بعد محادثة طويلة مع سهيلة أخبرتها بما يفعله جاسر، شقيقها الرومانسي، محظوظة سهيلة بجاسر، كما كانت محظوظة هي قديما بوجود زيدان، اعتدلت في جلستها تنظر لساعة الحائط تخطت الواحدة بعد منتصف الليل، رغبة ملحة بداخلها تدفعها للذهاب لغرفة لوجين لما لا تعرف ولكنها حقا تريد أن تفعل، والدها أمر الخدم بتجهيز غرفة كبيرة لها، بعد رحيل زيدان اليوم انهارت لوجين في البكاء، ليحملها والدها يضعها في غرفتها، الغريب في الأمر هو موقف والدتها، هي خير من يعرف والدتها العطوف، تحب الجميع، اكثر ما قد يؤلمها هي أن تري شخصا يبكي، لكنها كانت تنظر لوالدة زيدان وهي تبكي بأعين فارغة تماما من الحياة، وكأنها تشمت بها، حسنا لينا لم تكن لتقاوم فضولها ابداا، تحركت من غرفتها خطت في الممر الفارغ إلي غرفة الضيوف التي تقطن بها لوجين، رفعت يدهت تدق الباب بخفة، دقة اثنتين ثلاثة، انتظرت بضع لحظات، ظنت مع الصمت أنها قد نامت إلا أنها استمعت إلي صوت ضعيف تلوه بحة البكاء الخاصة يأذن للطارق بالدخول، تنهدت بقوة امسكت مقبض الباب تديره دخلت للغرفة، اول ما وقع عينيه عليها، لوجين تجلس على الفراش، تحتضن برواز لصورة لم تحتاج للكثير من الذكاء لتعلم أنها بالطبع صورة زيدان، رسمت ابتسامة متوترة على شفتيها حمحمت تهمس مرتبكة:.

- مساء الخير، اانا مش قصدي ازعجك، أنا بس كنت جاية اطمن عليكي
فقط شبح ابتسامة صغيرة ارتسم على وجه لوجين رفعت يدها تمسح سيل دموعها الفائض، لتربت على الفراش جوارها، اقتربت لينا تجلس بالقرب منها تختلس لينا النظرات لها بين حين وآخر لا تجد ما تقوله، فقط تبتسم في توتر واضح، في حين ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي لوجين، رفعت يدها تربت على كتف لينا تحادثها:.

- تعرفي أن زيدان ما كنش بيبطل كلام عنك وهو صغير، كان بيخليني اكلم خالد واخليه ويبعتلنا الصور، كان دايما يقولي خالو عنده نونو حلوة أوي، أنا هتجوزها لما أكبر وابقي ظابط زي بابا
انحدرت دموع لوجين تصاحب كلامتها لتلتفت لينا برأسها تنظر لها مشفقة على حالها، رأتها وهي تنظر لصورة زيدان اجهشت في البكاء تهذي باكية:.

- أنا اذيته بانانيتي، سلمت مشاعري وقلبي لمعتز عرف يضحك عليا، قبل ما اتجوزه كان خالد دايما يفضل يقولي أنا ما بحبوش يا ماما، عينيه بتخوفني، وأنا اقول طفل صغير، بكرة معتز هيعوضه وهو هيحبه، بس هو كان عنده حق، وأنا اللي كنت غبية، معتز دا شيطان، اذاني واذاه، كل دا عشان ينتقم من زيدان، يا ريتني ما سمحت للشيطان دا يخش حياتي، كان زمان ابني في حضني، ما كنش اتعذب العذاب دا كله بسببي.

نظرت لينا للوجين حزينة لتدمع عينيها، هي الاخري سمحت لشيطان آخر أن يدخل حياتها فدمرها، واكلمت حلقة عذابه، قامت من مكانها تخرج من غرفة لوجين دون أن تنطق حرفا آخر، توجهت في طريقها إلي غرفة زيدان، دون أن تفكر مرتين فتحت الباب، تدخل الي الغرفة تغلق الباب خلفها وقفت تلهث بعنف تنظر للغرفة امامها توجهت إلي فراشه مباشرة ترتمي بجسدها عليه، أغمضت عينيها لتسيل خطوط دموعها، تغرق وجهها، تحركت يدها تقبض على وسادته تجذبها إليها، لتلمح تحت شئ اسود صغير مدت يدها تلتقطه لتجده شريحة تخزين صغيرة للهاتف، تري ما بها وماذا تفعل تحت وسادة زيدان، اعتدلت في جلستها تلتقط هاتفها من جيب سروالها البيتي، وضعت الشريحة فيه انتظرت للحظات قبل أن يظهر ملف الشريحة على هاتفها، فتحته سريعا تنظر لما يحتوي، لتجد الكثير من مقاطع الفيديو، مقاطع قصيرة تستمر لثواني معدودة، اطولهم مقطع يمتد لدقيقة واحدة فتحت أحدهم عشوائيا، لتجد فيديو مصور لها!، وهي في الحديقة تسقي الأزهار، توسعت عينيها في دهشة هل كان يصورها، بدأت تفتح ملفات الفيديو واحد تليه الآخر، وهي تأكل وهي تذاكر على الطاولة بالأسفل، وهي تشاهد التلفاز وهي تضحك مع جاسر، وفيديو لها وهي في الواحة بصحبة الفتيات، حياتها بأكملها هنا، في مقاطع فيديو يحتفظ بها لنفسه دون أن يعلم أحد...

في صباح اليوم التالي في تمام الثامنة صباحا تحرك خالد السويسي بسيارته متوجها إلي منزل زيدان، ليلة أمس وبعد ما حدث، حين صعد لغرفته وجد لينا نائمة تغرق في نوم عميق غير مبرر، نوم عرف سببه فيما بعد، لينا اخذت أحد اقراصها المهدئة لتنام رغما عنها، ربما لتهرب من الحديث معه، وصل بعد ساعة تقريبا إلي منزل زيدان نزل من سيارته توجه ناحية الباب يخرج مفتاحه دسه في قفل الباب لينتفتح، خطي إلي داخل المنزل الفارغ لولا بقايا الطعام الذي تعلو الطاولة لظن انهم لم يأتوا إلي هنا، اخذ طريقه لأعلي، حيث غرفة زيدان، مد يده يفتح مقبض الباب ليرفع حاجبيه ساخرا ينظر للمشهد أمامه في تهكم مستنكرا، زيدان ينام مجاورا لحسام كجثتين يضع حسام يده على وساق فوق أخرى وهو نائم!، بينما ينام زيدان على ظهره يديه جواره، أحدهما عاري الصدر والآخر يرتدي « فانلة » سوداء ذات حمالات، غض خالد على شفتيه حانقا ينظر لهما مشمئزا يتمتم مع نفسه :.

- أنا من زمان وأنا شاكك في العيال دي
توجه إلي زجاجة المياة يغرقهما بهما الاثنين معا ليستقيظا فزعين، يصيح زيدان غاضبا:
- ايه في إيييه
بينما يصيح حسام مذعورا فزعا:
- بغرق ما بعرفش اعوم، ما بعرفش اعوم
لحظات حتى، استوعب كلاهما ما حدث، حرك زيدان رأسه ينفض الماء عن رأسه، بينما حسام لأبيه مغتاظا يتمتم حانقا:
- ايه يا حج الهزار التقيل دا على الصبح، ما تضربنا بالنار أحسن، ولا خلي تريلة محملة رز تعدي علينا.

ضحك خالد ساخرا يشير بيده لهما معا، يحادث زيدان أولا:
- البيه يقوم يغسل وشه ويفوق عشان عايزه في كلمتين
تأفف زيدان حانقا، ليترك الفراش يتجه صوب مرحاض الغرفة، اشار خالد بيده ناحية حسام يحادثه ساخرا:
- والبيه اللي حاطط رجل على رجل وهو نايم ولا كأنه رئيس إدارة المرتبة، انزلنا اعملنا فطار وقهوة يلا
قفز حسام من مكانه اقترب من أبيه بتلك ال«فانلة» السوداء، يتمتم مغتاظا:.

- ايييه يا عمنا هو أنا الفلبينية، ما اخدلكوا الغسيل فومين أحسن
وضع خالد يده على مسدسه لتتوسع عيني حسام فزعا، ابتسم في بلاهة يتمتم سريعا في ذعر:
- خدامك حسام يا باشا، فطار وقهوة بس، من عينيا الجوز يا باشا.

قالها ليفر لخارج الغرفة بينما ضحك خالد يأسا، توجه إلي أحد المقاعد يرتمي بجسده عليه ينتظر زيدان لحظات وخرج من المرحاض يرتدي « تيشرت » أسود، يجفف وجهه بمنشفة صغيرة توجه ناحية خالد يجلس على المقعد المقابل له جوار الشرفة، في صمت مطبق، رفع يده يطرقع بأصباعيه، يجذب انتباه زيدان، ليتمتم في هدوء ما أن نظر الأخير:
- ايه اللي أنت عملته إمبارح دا.

ابتسم زيدان ساخرا، ينظر لعيني خاله ليردف بنبرة ساخرة مريرة:
- عملت ايه، أنا اللي مش فاهم ايه اللي أنت عملته دا، اومال لو ما كنتش عارف الحكاية كلها، احنا مش في يوتوبيا هنا يا خالي، أنا مش هسامح لاني المفروض اسامح ولا لأنها المفروض، وللاسف تبقي أمي...
زفر خالد بقوة يقاطع زيدان فجاءة قبل ان يقول المزيد:.

- امك ما كنتش واعية للي بتعمله، الشيطان اللي اسمه معتز خلاها مدمنة مخدرات من اول يوم سافرتوا فيه، تعرف أنه رماها في السجن، وأنها بقالها سنين مسجونة..
في تلك اللحظة رن هاتف زيدان نظر لخالد لترتسم على شفتيه ابتسامة باردة رفع كتفيه يتمتم بلامبلاة:
- ما تفرقش معايا هي بالنسبة لي ميتة من زمان، عن إذنك هرد على الموبايل.

قام زيدان من مكانه في هدوء يتجه صوب هاتفه الموضوع على الطاولة تتابعه أعين خالد حزينا عليه مشفقا على حاله هو ولوجين معا، وضع زيدان الهاتف على أذنه يتحدث مع الجانب الآخر والتي استشف خالد انها انجليكا من حديثه معها:
- ايوة يا انجليكا، هتسافري الغردقة، ماشي، خلي بالك من نفسك، سلام
أغلق معها الخط يبتسم شاردا ليجفل على صوت خالد يسأله مباشرة:
- حبيتها.

تحولت ابتسامته لاخري ساخرة يحرك رأسه بالنفي، التفت برأسه ناحية خالد يردف متالما:
- يا ريتني عارف أحبها، كنت ارتحت من العذاب
عاد يجلس على المقعد المقابل لخالد ليردف الأخير يسأله مباشرة:
- علاقتك بيها غريبة، تقريبا ملازماك زي ضلك، مش شاكك لتكون مزقوقة عليك من حد
حرك زيدان رأسه نفيا في هدوء تنهد بقوة يتمتم في هدوء واثق:.

- لاء مش شاكك أنا عارف كل حاجة عنها، جبت تاريخ حياتها، انجليكا بس عنده تعلق مرضي، لما بتحب حد او حاجة بتتعلق بيها بشكل كبير ودي معلومات وصلت ليها من اهلها نفسهم، دا خلي حبيبها الاولاني اللي اسمه ماكس يسيبها، هي متعلقة بيا بس كمسكن لوجع قلبها بعد ما سابها ماكس، وانا ما اقدرش بصراحة ابعدها، أنا عارف الحالة اللي هي فيها كويس، عيشتها قبل كدة.

حرك خالد رأسه إيجابا لتشرد عينيه بعيدا، يرغب في تلك اللحظة بأن يجذب زيدان من يده ولينا ابنته في اليد الاخري إلي اقرب مكتب مأذون يعقد قرانهما ويلقيهما معا في بيت بعيد، ليتعاتبان كما يريدان، وينتهي هو من عنادهما، فكرة جيدة راقت له كثيرا ربما يطبقها قريبا، اجفل من شروده على صوت حسام بالقرب منه يتحدث ساخرا وكأنه فتاة لعوب:
- الفطار والقهوة يا سيد الناس
ضحك خالد عاليا يحرك رأسه يأسا يردف ساخرا:.

- يا رتني كنت خلفت دكر بط
اقترب حسام منه يضع صينية الطعام الصغيرة على الطاولة نظر لوالده يتمتم سريعا بعد أن تذكر:
- صحيح يا حج مش احنا واحنا في البلد قابلنا دكتور اسمه مروان ساهر، اللي لينا باسته وهي صغيرة!

شخصت عيني زيدان في صدمة احمرت حدقتيه ينظر ناحية حسام تكاد تخرج النيران من عينيه ذلك الطبيب الذي دله بنفسه على غرفة لينا، قبلته معشوقته الحمقاء قبلا متي حدث ذلك، لاحظ حسام نظرات زيدان اللاهبة ليحمحم حسام يردف سريعا:
- وهي طفلة صغيرة بريئة عندها سنة واحدة...
ابتسم خالد في خبث ينظر لرد فعل زيدان يبدة أنه يحتاج لمحادثة مروان قريبا جداا، كم أشتاق لتلك الخطط القديمة، وحان وقت اللعب من جديد!

مر يومين لم يحدث حسام مقيم في منزل زيدان، لوجين لا تخرج من غرفتها سوي أقل القليل، العلاقة بينها وبين لينا زوجة خالد شبه معدومة، بينما تتوطد العلاقة بينها وبين لينا ابنته يوما يليه آخر، في تلك الساعات المبكرة من صباح اليوم، شقت سيارة عثمان طريقها مسرعة عائدة للقاهرة من جديد، يقود السيارة مستمتعا ترتسم ابتسامة واسعة على شفتيه بينما تجلس سارين جواره حانقة تسأله بنزق بين حين وآخر:.

- ممكن تفهمني احنا رايحين فين وليه قررت نرجع فجاءة كدة...
ويكون رده العابث غمزة ماكرة من طرف عينيه وابتسامة كبيرة وكلمة واحدة بقولها:
- مفاجأة.

ظلت هكذا طول طريق العودة للقاهرة، عقلها يذهب بها إلي أسوء الاحتمالات وقلبها يحاول طمئنتها، عثمان يحبها ولن يؤذيها، بعد ساعتين قضتهم تتلذي بنيران القلق والفضول، وصلت سيارة عثمان عند باب النادي الخلفي، قطبت جبينها في عجب، لما لم يتجه عثمان للباب الرئيسي، اوقف السيارة ليلتفت لها يسألها مبتسما:
- واثقة فيا
نظرت له في صمت قلق للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب، ابتسم هو لينزل من السيارة.

لف حولها يفتح لها الباب امسك يدها يجذبها للخارج، نزلت تمشي بصحبته، لتجده يدخل من باب صغير يمشي بها فئ ممر شبه مظلم إلي أن وصا لغرفة جانبية دق باب الغرفة، توسعت عينيها في دهشة حين فتحت والدته الباب، ليدفعها ناحية والدته يغمز لها بطرف عينيه، فتحت فمها تريد أن تقول شيئا ولكنه قد اختفي في ظلام النفق ابتسمت لبني لها تجذبها لداخل الغرفة لتتوسع عينيها في ذهول حين رأت!

اوقف عثمان سيارته أمام مدخل النادي الرئيسي، نزل منه ليجد والده في انتظاره اقترب منه يسأله في حماس:
- كل حاجة جاهزة
تنهد على قلقا من افكاره ولده المجنونة حرك رأسه بالإيجاب يتمتم في قلق:
- آه ربنا يستر من دماغك.

ضحك عثمان مستمتعا يتحرك بصحبة أبيه الي أكبر قاعات النادي، المزينة بشكل فاخر عمل والده جيدا على جعل المكان أكثر من رائع، بينما عيني عثمان كانت تبحث عن مكبرات الصوت، الأمر حقا يستحق ما سيفعل، ترك والده يتوجه احدي الغرف التي يعرف طريقها جيدا دق الباب ودخل ليجد ليلا تلتف حول نفسها بفستان أبيض عاري من الأعلي يصل لبعد ركبتيها ببضع سنتيمترات، هرولت ناحيته ما أن رأته ترتمي بين احضانه تعانقه بقوة تصيح فرحة:.

- عثمان أنا فرحانة أوي بجد، ايه رأيك في الفستان حلو
ابعدها عنه قليلا يمسك يدها جعلها تلتف حول نفسها برقة ليطلق صفيرا طويلا يعبر به عن إعجابه بما يري:
- هايلة يا قلبي، هروح البس على ما تخلصي.

ودعها ليتوجه إلي غرفة ملابسه القديمة بدل ثيابه الي حلة سوداء قميص أبيض رابطة عنق سوداء، نظر لانعكاس صورته في المرآة، يبتسم ساخرا حانت ساعة الانتقام، توجه للخارج بخطوات رشيقة وصل لقاعة الحفل التي بدأت تعج بالضيوف، بحث بعينيه عن والده إلي أن رآها، نظر له ليحرك «على» رأسه إيجابا يخرج من القاعة بالكامل، وقف هو يتلقي التهاني من الجميع لا أحد يعلم لما هو هنا من الأساس، المنتشر أنه حفل زفاف الصياد، دقائق فقط قائق وصدحت أصوات الابواق العالية، وقف هو عند نهاية البساط الاحمر الطويل ينظر لباب القاعة وهو يُفتح ويظهر والده ممسكا بسارين، سارين التي إلي إلا الآن لا تفهم ما يحدث، حين دخلت إلي الغرفة رأت فستان زفاف كبير، في انتظارها، ارتدته وسط دهشتها لتبدأ العاملات في الغرفة بوضع مستحضرات التجميل لها، بمساعدة لبني والدته، والآن يأتي والده يصطحبها من يدها وقف بها عند باب القاعة من الخارج انفتحت الأبواب بشكل درامي، ليترك على يدها يبتسم لها، في اللحظة التالية خرجت شهقة مذهولة حين رأت ابيها يأتي ناحيتها عقد يده في يدها يتمتم مبتسما:.

- يلا عشان اسلمك لعريسك
متي جاء والدها كيف فعل كل ذلك وكيف فعله من الأساس، تحركت بصحبة والدها تتوجهان ناحية عثمان الذي يقف هناك عند النهاية ينتظرهم، وصل عمر إليه بصحبة سارين ليترك يدها يسلمها له، نظر عثمان لعمر يحادثه مبتسما:
- صدقتني لما قولتلك اني هعملها فرح تاني
ابتسم عمر وادمعت عينيه اقتربت من ابنته يقبل رأسها يهمس لها بحنو:.

- ربنا يسعدك يا بنتي، ماما تعبانة اوي من الحمل ما قدرتش تيجي بس سارة بتصورلها كل اللي بيحصل لايف
اشار بيده إلي سارة التي تقف هناك تمسك هاتفها تصور ما يحدث بالكامل ابتسمت في سعادة تلوح لها، تبعث لها قبلة في الهواء ادمعت عيني سارين لا تصدق ما يحدث تنتظر أن تصحو من الحلم بعد لحظة وأخرى، أخذ عثمان بيدها إلي « الكوشة » ما كاد يجلسها عليها سمعوا جميعا صوت انثوي يصيح غاضبا:
- هو ايه اللي بيحصل.

صمتت الأصوات توجهت أنظار الجميع ناحية ليلا التي تقف عند باب القاعة ترتدي فستان زفافها لتفاجئ أن عروس أخرى تجلس جوار عثمان...
- هو في اييييه، خرج ذلك الصوت من عمار الذي جاء توا هو الآخر بعد أن وصلت له رسالة من ليلا! حسب ظنه، بأنها ستريه نهاية الصياد اليوم في قاعة الزفاف الكبيرة
نظر عثمان لهما معا يبتسم مستمتعا طرقع بأصابعه لتُغلق أبواب القاعة بقوة تحرك هو يقف في منتصف القاعة يتحدث في زهو:.

- حاسس أني محمد على اوي في اللحظة دي.
ضحك بقوة ليعاود النظر لجميع الموجودين في القاعة وخاصة ليلا وعمار، صمت للحظات قبل أن يصدح صوته يقول مبتهجا:.

- طبعا اغلبكوا إن ما كنش كلكوا مش فاهمين احنا هنا ليه النهاردة، احنا هنا النهاردة عشان نحتفل كلنا سوا، بعيد ميلاد مراتي وحبيبتي واغلي ما املك في دنيتي، سارين، ولأن ظروف جوازنا اضطرتني اني ما اعملش فرح وقتها فأنا قررت اعملها مفاجاءة واعمل فرح تاني مع عيد ميلادها، عشان اقولها كل سنة وانتي طيبة، كل سنة وإنتي حبيبتي ومراتي ومعجزتي...
بدأ الجميع في التصفيق وصفرات الشباب تأتي من هنا وهناك.

ليشير بيده للجمع أن يهدوا قليلا قبل أن يصدح صوته من جديد يردف في دهشة ساخرة:
- طبعا الناس هتسأل ازاي في عروستين، مين اللي واقفة عند الباب دي...
أشار بيده الي سارين يردف مبتسما:
- دي مراتي وحبيبتي ومعجزتي زي ما قولت
التفت برأسه ناحية ليلا لتختفس ابتسامته يحل محلها قسوة مخيفة اشار إليها بأصبعه يردف محتدا:.

- ودي حية خبيثة شيطانة، فاكرة اني غبي، هتعرف تضحك عليا، ليلا هانم الزهاوي، عشيقة عمار بيه، اللي اتفقت معاه أنها تضحك على الصياد وتوقعه في يوم السبق، اهو يموت يتكسر يتشل، مش مهم، كدة او كدة او كدة هيتزاح من الساحة ويبقي عمار بيه هو بطل السباق، كان نفسي اوريكوا المقطع الجاي صوت وصورة بس للأسف دي مشاهد +18 ما ينتفعش تتعرض فاسمعوها صوت بس.

اخرج جهاز تحكم صغير من جيب سرواله يضعط على أحد الازرار فيه لتصدح من مكبرات الصوت، صوت ليلا وعمار يتحدثان
- يا لولو الموضوع بسيط، انتي هتوقعي عثمان واعتقد أن دي حاجة مش صعبة عليكي، بس اوعي يضحك على عقلك، عثمان لو ما عرفش يطولك هيجي يخطبك وساعتها بقي هتقدري تحطيله الحبوب في أي عصير يشربه، ويوم السبق تزودي الجرعة هوب هيقع يموت بقي يتكسر، اهو هنبقي هنبقي زحناه من على الساحة ولا من شاف ولا من دري.

- خرجت ضحكة دلال عالية من بين شفتي ليلا لتردف مكملة في خبث:
- بس كدة دي بسيطة خالص، انا كدة كدة ليا عند الصياد طار قديم واحدة صاحبتي كانت بتحبه وهو رفضها، ما استحملتش جالها اكتئاب وانتحرت، فاكر نفسه جان، أنا بقي هوريه
- هنوريه كلنا بس تعالي هقولك موضوع مهم دلوقتي، لتتعالي ضحكات ليلا الماجنة من جديد
اوقف عثمان مكبر الصوت، ينظر للجمع أمامه يتمتم ساخرا:.

- طبعا احنا كلنا عارفين إيه هو الموضوع بس عمرنا ما نروح نقول
من بين الحضور كان اول المدعوين جميع رؤساء النوادي المسؤولة عن مسابقات الخيل الدولية والمحلية والعالمية، بدأت نظرات الاشمئزاز تندفع من الجميع ناحية عمار وليلا...
وقف عثمان يدس يديه في جيبي سرواله ينظر لهم ساخرا للحظات قبل أن يصدح بصوته ينادي افراد الامن اشار ناحية ليلا وعمار يتمتم مشمئزا:.

- طلعوا الزبالة دول برة وسخوا المكان بما فيه الكفاية!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة