قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة واثنان وعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة واثنان وعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة واثنان وعشرون

في تلك الحديقة الواسعة الشبه مضاءة بأعمدة المارة تراصت بشكل متناغم مع الحديقة لتكن جزءً لا يتجزأ منها، هناك تقف وحيدة سيارة سوداء فارغة من الحياة، سيارة كانت تملئها الضحكات قبل دقائق فقط أما الآن هي والصمت فقط، من داخل المنزل القريب يعلو صوت موسيقي هادئة حالمة تتراقص الخطوات تلتف القلوب تتلاحم المشاعر، اضاءة خافتة موسيقي هادئة خطوات لا يسمع لها صدي وكأنها رفرفة الفراشة بين أحضان حبيبها تتمايل على أنغام الموسيقي، تستند برأسها على صدره وهو يطوقها بذراعيه، لحظات من السعادة هي حق لهم بعد طول عذاب، فراق، ألم، جاءت السعادة تلفهم بشباكها الناعمة، ترفرف بهم بين غيمات السحاب...

خرجت تنهيدة حارة قوية من بين شفتي زيدان يشدد على احتضان سعادته الماكثة بين ذراعيه يشعر بدقات قلبه تتقافز من الفرح، شعور لذيذ يدغدغ كيانه بالكامل، تحبه وهو يحبها وبعد طول صراع اخيرا عاد طيره الشارع ليحط على عش قلبه الملتاع شوقا إليه، امسك بذراعيها يبعدها عنه قليلا فقط القليل يوجه انظاره لمقلتيها ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيه تنهد يهمس ملتاعا:
- اخيرا!

بادلت ابتسامته بأخري واسعة رفعت يديها تحيط بها عنقه تنظر له في سعادة اشرقت مقلتيها حركت رأسها بالإيجاب تهمس بنبرة رقيقة غير مصطنعة:
- كنت محتاجة دا يا زيدان، كنت محتاجة لما نرجع ابقي رجعالك بكامل إرادتي، من غير خوف من غير حيرة، أنا عارفة أنك زعلان مني بسبب اللي اسمه معاذ او نائل، بس صدقني أنا عمري ما حبيته، أنا يوم ما قلبي دق كان ليك، ولما اتجرح منك بسبب الشيطان دا كان جرحه صعب اووي...

اختفت الإبتسامة من فوق ثغره شيئا فشئ الا أن باتت نبتة صغيرة حزينة تنمو فوق ثغره، نظر لمقلتيها للحظات قبل أن يجذبها من جديد يطحن عظامها داخل صدره تأوه يتمتم بحرقة:
- حاسس بنار في قلبي كل ما بفتكر أنك انجوزتيه يا لينا...
شعرت بحرقة قلبه تنبعث من بين خلجاته، لتشدد هي الاخري على عناقه، أغمضت مقلتيها بعنف تهمس بصوت خفيض متألم حزين:.

- احنا الاتنين اتلعب بينا يا زيدان، نفس حرقة قلبك دي أنا كنت بحس بيها وأنا بيجيلي كل يوم صور ليك أنت وانجليكا، لما سافرت مع حسام، جاتلي بعدها صورة ليكوا وهي مرمية في حضنك، كنت هتجنن من الوجع، ليه تاخدها معاك وأنت مسافر، سمعتك وأنت بتقولها أنك بتحبها، نفس حرقة قلبك كنت أنا بس بيها يا زيدان، زيدان.

همست باسمه في آخر جملة لها ليبعدها عنه ينظر لمقلتيها دون كلام، رفعت يدها تبسطها على وجهه تهمس له بصوت خفيض:
- أنا بحبك، بحبك أوي، ممكن ننسي اللي فات كله، حتى ما نتكلمش عنه ولا نفكر فيه
تنهد في هدوء يبتسم يحرك رأسه لها بالإيجاب توسعت ابتسامتها ارتمت بين أحضانه من جديد يشدد على عناقها يزرعها في صدره بقوة، يتمتم بحزم يخبر نفسه قبلها:.

- هننساه هنقفله، مش هنتكلم عنه تاني أبدا، هنبدأ صفحة جديدة من حياتنا مع بعض من النهاردة
حركت رأسها تؤيد ما يقول بين أحضانه، رفعت وجهها له تتمتم بابتسامة رقيقة ناعمة:
- أنا عايزة فرح يا زيدان، عايزة فرح كبير اوي، عايزة احس اني عروسة بجد...
ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب نظر لمقلتيها يتمتم بوله:
- تؤمري يا بندقة زيدان
ضحكت بخفة تنسل من بين ذراعيه تحركت بدلال حركات رشيقة ناحية باب الغرفة تتمتم مبتسمة في براءة:.

- طيب لحد ما نعمل فرح، هنعتبر نفسنا لسه بنتعرف على بعض، يعني احنا لحد دلوقتي لسه مخطوبين، فما ينفعش تلمسني تصبح على خير يا زيزو
توسعت مقلتيه في دهشة مما تقول تلك الماكرة التي تقف أمامه، في لحظة رآها تسرع الخطي لخارج غرفته هرول خلفها يحاول اللحاق بها يتمتم سريعا مذهولا:
- لينا انتي رايحة فين، خدي هنا، يعني ايه مخطوبين، دا أنا كاتب عليكي في القسم جواز ميري...

ضحكت هي عاليا قبل أن تفر إلى غرفتها توصد الباب عليها من الداخل بالمفتاح لتسمع صوت دقاته على باب الغرفة من الخارج يتمتم حانقا:
- لينا افتحي الباب وبطلي هزارك الرخم دا
سمع صوت ضحكاتها العالية تصدح من خلف الباب المغلق قبل أن يسمعها تهمس في دلال:
- روح نام يا زيزو.

قطب ما بين حاجبيه في غيظ، تلك الفتاة لن تتغير ابدا، ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيه ينظر للفراغ يفكر بمكر، عاد ينظر لباب الغرفة المغلق تهدلت نبرته يهمس في هدوء حاني:
- ماشي يا لينا، تصبحي على خير
في داخل الغرفة التفت حول نفسها عدة مرات تبتسم سعيدة قلبها يتراقص من الفرح، وقفت تنظر لانعاكسها في المرآة، لم تشعر يوما بأنها سعيدة مشرقة بذلك القدر الآن، اكتمل فراغ روحها، رُمم الصدع.

الكبير التي احدثته الحياة بين جنبات قلبها الحزين او الذي كان يوما حزين، خلعت قرطيها وقلادتها، قطبت جبينها حين سمعت صوت كلب ينبح، اقتربت تتجه من مصدر الصوت القادم من شرفة الغرفة خرجت إلى الشرفة لتري ذلك الجرو الصغير الذي أحضرته معها من الواحة كبر عن ذي قبل، نظرت له ابتسمت وادمعت عينيها، تحركت ناحية باب الغرفة تفتح لتشخص عينيها ذهول حين رأت زيدان يقف أمامها مباشرة يبتسم في براءة ماكرة يتمتم في هدوء:.

- ايه رايك في المفاجأة دي
اقتربت منه تعانقه بقوة ابتسمت تشكره ممتنة:
شكرا بجد شكرا أنك دايما بتفتكر اصغر التفاصيل اللي بتفرحني
ابتسم سعيدا يكاد يقسم أنه اليوم عرف فعلا ما هي السعادة، دفن وجهه بين طيات شعرها الذي حلته من وثاقه، يتمتم ببحة خافتة عاشقة:
- أنا عمري ما انسي حاجة انتي بتحبيها ابدا يا لوليا القلب، وأم ياسين ووتين.

ضحكت برقة خافتة، قبل أن يحملها بين ذراعيه كالعروس يلتف بها حول نفسه لتتعالي ضحكاته تمتزج بخاصتها، يلتف القلب يعانق شطره الغائب، التفت ذراعيها حول عنقه تصرخ فيه ضاحكة بأن يتوقف، وقد توقف هو والزمن وصمتت الألسنة ورفعت رايات العشق وحان وقت بأن نقول عن اذا طلع الصباح فسكتت شهرزاد عن الكلام المباح.

حفلة الصغير في منزل عز الدين كانت حقا رائعة المكان مزين بشكل جميل، سهيلة تجلس على احد المقاعد تحمل أحمد بين أحضانها كوردة صغيرة تحتضن بتلة اصغر، الحفلة بأكملها لا تهمها فقط ذلك الصغير بين أحضانها هو لها الدنيا وما فيها، لن يفهم احد ابدا شعور خوفها من فقدان طفلها الصغير، ولكن يكفي أنها تفهم، كانت ترفع رأسها بين حين وآخر تنظر إلى ارجاء الحفلة تبحث عن صديقتها، المكان مزدحم بأناس لا تعرف معظمهم، اقترب جاسر منهم يجلس على المقعد المجاور لها يغمغم مبتسما في مرح:.

- ايه يا سهيلة بتدوري على مين كدة
نظرت سهيلة ناحيته تبتسم قبل أن تردف في توتر:
- على لينا مش شيفاها خالص هي جت ولا لسه
ابتسم جاسر ساخرا يحرك رأسه بالنفي اقترب برأسه منها يغمغم في مكر:
- لا، بقالي شويتين بحاول اكلمهم أنا وحسام، في الآخر زيدان رد على حسام وقاله ما حدش يتصل بيا أنا عريس.

انهي كلامه بضحكة عالية لتتوسع عيني سهيلة في دهشة ممتزجة بفرحة، لينا وزيدان تصالحا أخيرا، كانت تظن أن طفلها سيدخل إلى المرحلة الإعدادية قبل أن يتصالحا، ابتسمت تغمغم فرحة:
- يعني لينا وزيدان اتصالحوا اخيرا
ابتسم جاسر يحرك رأسه بالإيجاب، لتبتهج قسمات وجه الأخيرة، مد جاسر يده يأخذ الصغير من بين أحضانها يحمله هو يقبل يديه الصغيرة نظر لها يطلق صفيرا طويلا يتمتم معجبا:
- بس ايه القمر دا، القلقاس احلو أوي.

ضحكت برقة تضع يدها على فمها تخفض رأسها للأسفل خجلة، لتسمعه يهمس من جديد:
- محضرلكوا انتي وأستاذ أحمد حتة مفاجاءة، هتعجبكوا اوووي.

ابتسمت في سعادة كادت أن تسأله بلهفة عن تلك المفاجأة ولكن قدوم حسام بصحبة سارة اوقفها ابتسمت ما أن رأتهم حسام كشقيق لها وتلك الابتسامة السعيدة التي تراها في عينيه قبل أن ترتسم على ثغره، وابتسامة سارة الخجولة الرقيقة تنبأ عن زوجين غاية في الروعة، اقتربا منهم ليمد حسام يده يحمل الصغير من بين ذراعي أبيه، يحادثه ضاحكا.
- ابو حميد العسل، دا أنت ربنا يكون في عونك لما تكبر، أمك دي بومة زي صاحبتها.

نظرت سهيلة له في غيظ مما قال، في حين صدمته سارة على ذراعه بخفة تهمس له بصوت خفيض معاتب:
- ما ينفعش تقول كدة سهيلة ممكن تزعل
ضحك هو عاليا بلامبلاة، في حين قامت سهيلة من مكانها وقفت جوار سارة تحادثها مبتسمة:
- لا يا حبيبتي ما تخافيش مش هزعل، أنا بس هقول لعمو خالد وهو هيعلقه من قفاه
قلب حسام عينيه في ملل من ثرثارة سهيلة نظر لها يرفع حاجبه الأيسر مستهجنا يرفع دفتي قميصه يغمغم في زهو:.

- يا بومة هانم اللي ما تعرفهوش إن عمك خالد بيعملي ألف حساب
رفعت سهيلة حاجبيها في سخرية تحرك رأسها بالإيجاب نظرت خلف حسام مباشرة تتمتم مدهوشة:
- صحيح يا عمو الكلام اللي حسام بيقوله دا
توسعت عيني حسام في فزع ليقفز من مكانه ينظر خلفه سريعا، لا أحد الحمقاء كانت تخدعه نظر لها في غيظ لتتعالي ضحكاتهم جميعا، اقترب حسام منها سريعا يضع يده على فمها يتمتم:
- بس يخربيتك دا أنا سارقك من ورا ابوكي.

قام جاسر يأخذ الصغير من بين ذراعي حسام يعطيه لسهيلة، اقترب من حسام يسأله ضاحكا:
- وسرقتها ازاي يا ناصح
ابتسم حسام في مكر نظر حوله هنا وهناك قبل أن يقترب من جاسر يهمس له في زهو:.

- هقولك، عمي عمر اخيرا لف رأسه عنا وقام يكلم واحد ما اعرفوش، ومرات عمي بتتكلم مع واحدة والله ما عارف هي مين من كتر المكياج، بيتكلموا عن مسحوق الغسيل ومين بيزيل على البقع ومين اقوي على التحدي وكلام كدة كله رغاوي، قومت قايم وشادد ايدها بسرعة قبل ما حد يشوفنا.

ضحك جاسر عاليا، حسام لن يتغير ابدا يكاد يشك أن ذلك الرجل الماثل أمامه طبيب ماهر ومحاضر في أحدي الجامعات أيضا، في حين توجهت عيني حسام ناحية سارة الواقفة جوار سهيلة أخذت منها الصغير تحمله هي بين ذراعيها في مشهد متناغم جعل دقات قلبه تتصارع، تنهد بحرارة يعبث في خصلات شعره يبتسم كمراهق عاشق.

على صعيد قريب منهم في منزل خالد السويسي، في غرفتها منذ مدة طويلة تجلس على سطح الفراش تحرك ساقها اليسري بعصبية تخلصت من حجابها تشعر بالاختناق، والدة زوجها هنا، لما جاءت بعد تلك المدة الطويلة، تعرقت يديها من القلق، يهدر نابضها بعنف، تنفي تلك الفكرة التي تطرق رأسها خالد لن يتزوج بالطبع ولديه ابن تجاوز الثلاثين من عمره إذا لما جاءت إلى هنا تتذكر قبل سنوات طوال آخر موقف جمع بينهما بعد وفاة والد خالد بعدة أشهر، كانت هنا في منزلهم، تلح على خالد أن يتزوج لينجب صبيا يحمل اسمه يكون سندا كما قالت لم تبالي انها كانت تقف أمامها تستمع لما يقولون وكالعادة رفض خالد فما كان منها إلا أن وقفت تصيح فيها غاضبة:.

- بقي كدة يا خالد طب اعمل حسابك بقي أن بيتك دا مش هدخله تاني لو ما سمعتش كلامي، بكرة تكبر وتعجز وتدور على حد يسندك ومش هتلاقي، خليك ماشي بشوارة الهانم
قالتها لترحل من بيتهم دون عودة من وقتها، رفعت لينا يديها تمسح ما سقط من عينيها من دموع غزيرة، انتهي الأمر وخالد كبر في السن لما عادت الآن، صوت الباب يُفتح ويغلق وخطواته هو تقترب جلس جوارها يغمغم مبتسما:.

- مش بتكبري ابدا يا لينا، نفس الحركات لما تزعلي تجري على اوضتك وتقفلي الباب
- هي جاية ليه، همست بها لينا بغصة مختنقة تقتل دقات قلبها ذعرا، رفعت وجهها تنظر لوجهه يغطي حدقتيها طبقة رقيقة شفاقة من الدموع، ليمد يده يمسح ما يتساقط من عينيها بلا توقف تنهد يهمس حزينا على حالها:
- دي أمي يا لينا، وقالتي أنا عايزة اجي اقعد عندك كام يوم ينفع اقولها انتي جاية ليه.

حركت رأسها بالنفي سريعا تخفض رأسها خرجت من بين شفتيها شهقة عالية لم تستطع ايقافها ليبتسم يحرك رأسه يآسا اقترب يضمها بين ذراعيه يغمغم ضاحكا:
- يا بنتي أنا أشعر أبّيض خلاص جواز ايه اللي هتجوزه، هو عشان حمزة اتجوز هتاخذي بذنبه.

ابتسمت ابتسامة خاوية من الحياة تحرك رأسها بالإيجاب ليتنهد هو على حالها سنوات مرت، يمكن حادث زواجه من شهد هو ما جعلها أكثر خوفا، قام من مكانه يجذب يدها لتقف هي الأخري تنظر له وكأنها عينيها دوامتين من الفراغ، تنهد يهمس لها بقلة حيلة:
- اعمل ايه طيب، هتفضلي خايفة لحد امتي يا لينا، لحد ما اموت
شهقت بعنف ما أن نطق تلك الكلمة لتحرك رأسها نفيا بقوة تصيح فيه محتدة:.

- بعد الشر عنك اوعي تقول كدة تاني، أنا مش خايفة أنك تتجوز، أنا بس موجوعة وحزينة من والدتك اللي كنت بعتبرها في يوم أمي، بقت ما بتكرهش حد قدي...
حرك رأسه نفيا بعنف امسك بذراعيها بين كفيه رفعت وجهها إليه ليبتسم هو يتمتم سريعا:.

- أمي ما بتكرهكيش يا لينا صدقيني، والله بتحبك هي بس بتفكر من منظورها هي، شايفة من وجهه نظرها أني لازم يكون عندي ولد عشان كل الكلام الاهبل دا يشيل اسمي وسند، دا كله ما يفرقش معايا، صدقيني هي ما بتكرهيش...
تنهدت تشيح برأسها بعيدا عنه ابتعدت عنه تتمتم في خفوت جاف:
- أنا هنزل احضرلكوا العشا.

تركته وخرجت من الغرفة ليتنهد هو يآسا على حالها الحزين، تحرك ينزل لأسفل رأي والدته تجلس على الاريكة كم كبرت وكأن العمر وحشا غمرها نظاراتها الطبية، تلك التجاعيد التي تملئ وجهها ويديها، تستند بيديها على عصاها الطبية، ابتسم في هدوء تحرك يجلس جوارها:
- منورة والله يا ماما
التفتت زينب برأسها ببطئ ناحية خالد ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تهمس له بتلهف:
- ابنك فين، عايزة اشوفه.

ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب اخرج هاتفه يطلب رقم حسام، اغلق معه الخط نظر لوالدته مبتسما:
- بيوصل عمه عمر عشان عربيتهم عطلت عشر دقايق وجاي
ابتسمت زينب في تلهف تحرك رأسها سريعا تكاد تتحرق شوقا لرؤية حفيدها مر بعض الوقت إلى أن سمعوا صوت الباب يُفتح وصوت حسام يتمتم في مرح:
- يا أهل الدار جالكم عنترة المغوار، فين عبلة بقي
ضحك خالد ساخرا قبل أن يصدح بصوته يستدعي حسام ليأتي إليهم:
- تعالا يا حمار.

لحظات ودخل من باب الغرفة تعلقت عيني زينب بذلك الشاب اليافع طويل القامة دقتت النظر لقسمات وجهه تكاد تقسم أنها تري صورة مصغرة من خالد حين كان شابا في مثل عمره مع بعض الاختلافات ادمعت عينيها تحمد الله في نفسها أن رزقك بكرها صبي كما كانت تدعو، نظر حسام لزينب يقطب جبينه متسفهما عن ماهيتها تحرك بمقلتيه ناحية خالد يسأله بعينيه عن من تكون، ابتسم الأخير يردف في هدوء:
- دي جدتك زينب يا حسام والدتي.

ابتسم حسام مبتهجا لم يكن يعرف أن لديه جدة، اقترب منها جلس جوارها امسك كفها يقبلها يغمغم مبتهجا:
- دا ايه القمر دا كله، اكيد كنتي مزة يا زوزو وانتي صغيرة
ضحكت زينب ليزجر خالد حسام يتمتم غاضبا:
- حسام وبعدين.

- سيبه يا خالد مالكش دعوة بيه ما تضايقوش ابدا، غمغمت بها زينب في حدة لتتوسع عيني خالد في ذهول في حين ابتسم حسام متشفيا اخيرا وجد من ينصره في ذلك البيت بعد زوجة أبيه، اقترب حسام من زينب يعانقها بقوة يلاعب حاجبيه لأبيه متشفيا يغمغم سعيدا:
- حبيبتي يا تيتا يا نصفاني، قوليلي مش جيبالي معاكي باكو بسكوت حتى.

ضحكت زينب عاليا ذلك الشاب لم يرث ملامح أبيه فقط بل أخذ كل شئ حتى خفة ظله، أبعدته عنها تفتح حقيبة يدها الكبيرة تخرج ما بها، تعطيه لها ليتمتم ضاحكا:
- عسلية يا زوزو دا انتي اللي عسلية والله
امسكت زينب باذنه بين أصابعها تشد عليها تردف ضاحكة
:
- يا واد اختشي دا أنا ستك، طالع قليل الادب زي أبوك بالظبط
تركت إذنه ليخفض صوته يغمغم ساخطا رفع يده يمسح على إذنه برفق حين قالت زينب في سعادة:.

- ابوك قالي أنك هتتجوز سارة بنت عمك عمر، جدع يا حسام بنات العيلة ما يروحوش لحد برة، بس بقولك ايه، تسع شهور والاقي اول عيل، عايزة اشوف ولادك
ابتسم حسام في زهو يعدل من تلابيب ملابسه بغرور نظر بجانب عينيه إلى ابيه الذي يجلس على الجانب الآخر من جدته يرميه بنظرات قاتلة حمحم يردف في خيلاء:
- تسعة كتير خمسة كفاية.

- ليه يا حبيبتي هتتجوز فار، غمغم بها خالد ساخرا لينفجر حسام في الضحك ومعه زينب، قاطع تلك الضحكات صوت حمحمة خافتة من عند باب الغرفة ومعها صوت لينا زوجة خالد تهمس في هدوء:
- العشا جاهز.

لاء أنا مش جعانة، أنا هقعد مع حسام، قوم ياض طلعني اوضتي، اردفت بها زينب تنظر لحسام ليهب الأخير يمسك بيدها لوح للينا زوجة ابيه يبتسم لها لتقابله لينا بابتسامة أخري باهتة صعدت زينب بصحبة حسام لأعلي، تحرك خالد ناحية لينا لف ذراعيه حول كتفيها يغمغم مبتسما:
- أنا واقع من الجوع، يلا نتعشي
ابتسمت له في هدوء تحرك رأسها بالإيجاب..

مضي الليل سريعا ليطل الصباح بنوره الساطع، تلك الأيام حقا حارة بشكل كبير، أشعة الشمس تتحداها الا تستيقظ على الرغم من أن الغرفة شبه باردة بفعل مكيف الهواء الا أن ضوء الشمس المنعكس على زجاج الغرفة اصر وبشدة على ايقاظه فتحت عينيها قليلا تتأفف من ذلك الضوء، رفعت الغطاء تغطي وجهها تحجب عنها أشعة الشمس مدت يدها تبحث عن زيدان النائم جوارها لتطلب منه إن يغلق الستائر لتشعر بفراغ بارد جوارها أين زيدان يبدو أن أستيقظ قبل فترة طويلة، فتحت عينيها تنظر للجزء الفارغ من الفراش لتقطب جبنيها تتثأب ناعسة، كادت أن تتحرك حين صدح رنين هاتفها يوفقها، مدت يدها تلتقطه من سطح الطاولة الصغيرة المجاورة للفراش أبصرت اسم سهيلة يضئ الشاشة اعتدلت قليلا فتحت الخط تضع الهاتف على اذنها تهمس بصوت ناعس متحشرج من النوم:.

- صباح الخير يا سهيلة، معلش يا حبيبتي أنا كنت والله عايزة اجي
قاطعتها سهيلة حين ضحكت بقوة تردف بخبث قبل أن تكمل لينا:
- يا ستي ولا يهمك، الزوز ابو عيون زرقا أهم بردوا، قوليلي بسرعة اتصالحتوا صح
ضحكت لينا رفعت يدها تمشط خصلات شعرها المبعثرة بأصابعها تنهدت تهمس سعيدة:
- ايوة اتصالحنا...
صاحت سهيلة في سعادة ما أن نطقت لينا تلك الجملة الصغيرة:.

- اخيراا يا بنتي، أنا عايزة ازغرط بس ما بعرفش، بجد أنا مبسوطة اووووي
ابتسمت سعيدة كم هي محظوظة حقا لامتلاكها صديقة رائعة مثل سهيلة، انتصفت جالسة على الفراش تسألها:
- قوليلي أحمد عامل ايه عايزة اشوفه اووي، وجاسر لسه زعلانة
ضحكت سهيلة في خجل تهمس بصوت خفيض حالم:
- أحمد بخير الحمد لله، انما اخوكي دا مش عارف ازعل منه، ابن اللذين عسل اووي...

صدحت ضحكات لينا العالية تملئ المكان أدمعت عينيها من الضحك تحادث سهيلة ساخرة:
- يلا يا واقعة، هحاول اخلي زيدان يجيبني عندكوا النهاردة عشان اشوف أحمد، سلام.

أغلقت الخط مع صديقتها تبتسم في سعادة، قامت من فراشها تتحرك لخارج الغرفة حافية القدمين ترتدي فستان بيتي رقيق من اللون الزهري الفاتح نزلت تبحث عنه هنا وهناك، وصلت لصالة المنزل لا أثر له، توجهت إلى المطبخ لا أثر له، وقفت في منتصف المطبخ تعقد جبينها في عجب أين ذهب زيدان، لحظات وشهقت بعنف حين شعرت باحدهم يلف ذراعه حول خصرها يحمل يلتف بها عدة لفات، قبل وجنتها بخفة يتمتم في خفوت عاشق:.

- صباح الفل على احلي عروسة
ابتسمت في رقة التفت له تسأله متعجبة:
- كنت فين يا زيدان التف برأسه يشير إلى ما يحمل فئ يده الاخري لتري علبة حلوي تلك الشوكولاتة التي التهمت نصفها بالأمس، اكبر حجما، داعب أنفها بأنفه يغمغم ضاحكا:
- جبتلك علبة شوكولاتة ليكي لوحدك بدل ما تاكلي بتاعت الناس وتفضحينا يا عرسة
زمت شفتيها تضربه على صدره بعنف ليتأوه متألما جعد جبينه يتمتم حانقا:
- بقي كدة ولا واحدة شوكولاتة.

قالها ليأخذ العلبة ويخرج من المطبخ توسعت عينيها تهرول خلفه تغمغم سريعا:
- استني يا زيزو وحياة مامتك هات العلبة.

اشاح بيده بلامبلاة يبتسم في خبث جلس على الاريكة يفتح العلبة ينظر لها في شماتة، فتح احدي الحبات كادت يضعها في فمها حين اختطتفها لينا بيد والاخري حملت العلبة كادت أن تهرب الا أنه قبض على رسغ يدها سريعا جذبها لتجلس جواره على الأريكة ضحك على منظرها وهي تأكل الحلوي بشراهة نظرت له بجانب عينيها ابتسمت بفمها الملطخ بالحلوي تتمتم في نزق:.

- بتضحك على ايه أنت شايف مهرج، وبعدين إنت ما تتكلمش معايا اصلا انا مخصماك
رفع حاجبه الأيسر ساخرا مد يده يلتقط محرمة ورقية يعطيها لها يتمتم ضاحكا:
- امسحي بس البهدلة على وشك دي، وبعدين مخصماني ليه دا أنا جايبلك أربعة كيلو شوكولاتة يا مفترية
اخذت منه المحرمة تمسح وجهها بإيباء تنظر له حانقة كمشت المحرمة تلقيها أرضا ليرفع حاجبيه ينظر لها في غيظ اشار للمحرمة يتمتم:
- قومي شيلي المنديل من على الأرض.

ارتسمت ابتسامة واسعة ماكرة على شفتيها امسكت بأوراق الحلوي الفارغة تتمتم باستمتاع:
- ايه دا أنت طلعت موسوس نضافة، اكيد اتعديت من ماما...
قالتها لتلقي الأوراق الفارغة من يدها بعنف لتتناثر في كل مكان في الغرفة توسعت حدقتيه في غيظ ينظر لاوراق الحلوي التي ملئت الغرفة، عض على شفتيه يتمتم حانقا:
- عارفة يا لينا يا بنت خالد السويسي لو ما قومتيش لميتي اللي عملتيه دا، هعمل إيه.

ابتسمت في دلال تزيح العلبة من امامها اقتربت منه تلف ذراعيها حول عنقه برقة تغمغم في دلال ناعم:
- هتعمل ايه
ابتلع لعابه يشعر بثباته يتداعي أمام ابتسامتها نظرات عينيها أن ظنت الخبيثة أن مقاومته ستضعف بحركاتها تلك فهي محقة!، اقترب برأسه يهمس جوار اذنيها بصوت خفيض حالم:
- هقوم اجيب حاجة مهمة وجاي.

ابتسمت في براءة تحرك رأسها بالإيجاب ليتحرك هو في حين امسكت هي العلبة تأكل من جديد لحظات مراته يقف أمامها يبتسم في براءة، توسعت عينيها حين رأته يحمل مكنسة التقط علبة الحلوي من يدها يعطيها المكسنة بدلا منها يتمتم مبتسما:
- اتفضلي مش عايز ورقة على الأرض، أنا جبت فطار جاهز معايا هحطه على الترابيزة في الجنينة على ما تخلصي.

عقدت ما بيت حاجبيها في غيظ تأففت تمسك المكنسة قلبت عينيها تقلده ساخرة سمعت صوته يأتي من بعيد يغمغم ضاحكا:
- نضفي كويس.

اشتعلت أنفاسها غضبا عازمة على الانتقام، انتهت من جمع الأوراق القتهم في سلة المهملات، توجهت بخطي غاضبة للحديقة رأته يقف يوليها ظهرها ينظر لسطح المسبح الكبير، ابتسمت في خبث الآن ستنال انتقامها، اقتربت تمشي على اطراف أصابعها اسرعت الخطي ناحيته تريد أن تدفعه فجاءة في اللحظة الفاصلة تنحي زيدان فجاءة لتشهق هي بعنف حين ألقت بنفسها داخل المسبح تسمع ضحكاته العالية رفعت وجهها تجمعت الدموع في مقلتيها تنظر له حزينة ليجثي هو على ركبتيه يحدثها بحنو:.

- هاتي ايدك اطلعك
ابتسمت في رقة تعطيه يدها ما أن امسكت كفه تغيرت ابتسامتها باخري خبيثة قبل أن تجذبه بقوتها كامل ليسقط هو الآخر في المسبح، ضحكت بقوة ترشقه بالمياة، ليضحك هو الآخر يلقي عليها المياة يلعبان وكأنهم فقط أطفال.

سيداتي آنساتي سادتي اهلا ومرحبا بكم في المبارة الربع نهائية لهذا العام للفروسية، قبل خط النهاية تقف الخيول شامخة كجلمود صخر حطه السيل من على كما وصفها امرؤ القيس، فوق صهوة جواده الاسود يستعد هو للفوز بالمبارة رفع يده يربت على رأس جواده بحنو يهمس له وكأنه حقا سيفهمه:
- مستعد يا باشا، الميدالية دي بتاعتنا.

شهق الخيل عاليا وكأنه يخبره لا تقلق نحن هنا للفوز تحركت عينيه ناحية سارين التي تجلس بين مدرجات الجمهور تنظر له قلقة وكأنه سيذهب للحرب لا مباراة خيل وستمر، ابتسم لها يبعث لها قبلة صغيرة فئ الهواء، ابتسمت سارين تلوح له بحرارة، تدعو في قلبها أن يمر الأمر دون سوء له، تبقي لحظات وتبدأ المبارة، استمعت هي في تلك اللحظات إلى صوت فتاتين يجلسان خلفها مباشرة يتحدثان عنها يسخران منها:.

- شوفتي الصياد قد ايه يجنن
- الصياد اللي كان كل أسبوع مع واحدة دلوقتي بقي الزوج المخلص
- وياريت بقي الزوج المخلص عشان ملكة جمال، دي حتة عيلة صغيرة حقيقي مش عارفة ايه عاجبه فيها في بنات كتير اوووي احلي منها، هي جنبهم طفلة
- اسكتي عشان هي قاعدة قدامنا بدل ما تسمعنا
التفت سارين تنظر لهما بعينين تغشاهما الدموع من الألم.

قبل أن يرفع الرجل يده يطلق طلقة البداية صدحت صوت صرخات عالية قادمة من مقاعد الجماهير صرخات يعرفها هو، جعلته يقفز من فوق صهوة جواده يهرع إليهم!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة