قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السادس والسبعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السادس والسبعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السادس والسبعون

في الحارة، تحديدا في منزل منيرة، في صالة المنزل مساءا، تجلس روحية علي أحدي الارائك، أمامها يجلس أدهم ومنيرة تتوسطهم صينية متوسطة الحجم موضوعة علي طاولة بها طعام العشاء، ربتت منيرة علي يد روحية تتمتم مبتسمة:
- كلي يا حبيبتي
تحدث أدهم في تلك الأثناء بابتسامة صغيرة هادئة:
- كلي يا روحية ما تتكسفيش، البيت بقي بيتك خلاص
إيدته منيرة سريعا تغمغم مبتسمة:
- علي قولك يا ابني البيت بيتها، حد يتكسف في بيته.

رفعت روحية وجهها تنظر لأدهم تشعر ببعض الارتياح، الأمان حين رأت ابتسامته الهادئة، قلبها لا زال ينتفض بين اضلاعها خوفا من تهديد مراد الصريح لها، منذ الصباح منذ أن القي تهديده بوجهها وهو مختفي تماما وتتمني حقا أن يظل مختفي إلي الأبد، اجفلت من شرودها علي جملة أدهم:
- طب أنا هدخل أنام أحسن دماغي بتلف من العلاج، تصبحوا علي خير.

توجه أدهم إلي غرفة جدته، صباحا قامت بإبدال فراشها الصغير الي آخر كبير يسع فردين، توجهت منيرة الي روحية تغمغم مبتسمة:
- بت يا روحية أنا هروح اقفل الدكان وهطلع علي طول مش هتأخر، كلي انتي ولما تخلصي حطي الصينية في المطبخ.

ابتلعت لعابها مرتبكة تحرك رأسها إيجابا لتلتقط منيرة حجابها الطويل تلفه حول رأسها إلي الأسفل توجهت أغلقت الباب خلفها، جلست روحية مكانها التقطت لقمة طعام صغيرة تقربها من فمها ما أن لامست شفتيها انفجرت تبكي، بكاء عنيف صامت، وضعت يديها علي شفتيها تتحرك للأمام وللخلف تنهمر دموعها بلا توقف، ترغب فقط في أن تعرف فيما أخطأت لتعاقبها الحياة بتلك المأساة، ماذا فعلت لتلاقي ما لاقت من عذاب لا ينسي، لينتهي بها الحال زوجة بالاجبار لوغد دنئ حاول اغتصابها، لم يكن لها الاختيار، سوي الموافقة، وافقت أن تعيش معه رغما عنها...

خائفة بل مذعورة مما قد يفعله بها، ظلت تبكي لفترة لا تعرفها، إلي أن بدأت تشعر برأسها تثقل وجسدها يرتخي، قامت تتحامل علي روحها المنهكة حملت صينية الطعام الي المطبخ توجهت قبل أن تضعها علي الطاولة الصغيرة في المطبخ شهقت بعنف تسقط من يدها حين شعرت بيده تلتف حول خصرها وصوته البغيض يهمس جوار أذنيها بنبرة مقززة:
- ايه يا عروسة صاحية مستنية عريسك، حقك طبعا ما الليلة ليلتك.

مر شريط سريع لما فعله به ذلك الوعد حين اغتال برائتها لينتفض جسدها بعنف دفعته بعيدا عنها تنظر له مذعورة تتنفس بعنف من شدة خوفها، لتحتقن عيني مراد اقترب منها في لمحة يصفعها علي وجهها بعنف أمسك خصلات شعرها يهمس مغتاظا:
- انتي عايزة ايه يا بت ما خلاص اتنيلت علي عيني واتجوزتك، أحسن انتي الشرف مقطع منك أوي، بقيتي مراتي، وحقي الشرعي هاخده منك يا عروسة سواء برضاكي أو غصب عنك.

انتفض جسدها بعنف لتدفعه بكفيها بعيدا عنه تصرخ بحرقة:
- لا لا لا، أبعد عني مش هسيبك تلمسني، مش هخليك تدبحني زيه
أيقظ صراخها الخائف، أدهم الذي اندفع سريعا ناحية صوت الصراخ وقف عند باب المطبخ يهتف متعجبا:
- هو في إيه
هرولت روحية سريعا تقف خلفه تحتمي به ترتجف مذعورة تتوسله باكية:
- ابعده عني، أبعده عني ابوس ايدك
حرك أدهم رأسه إيجابا التفت برأسه لها يحاول طمئنتها:
- اهدي حاضر ما تخافيش.

عاد سريعا ينظر لمراد يرميه بنظرات حارقة غاضبة ليردف في حدة:
- في ايه يا مراد، ما تخلي عندك دم يا أخي أنت مش شايفها مرعوبة ازاي
ارتسمت ابتسامة ساخرة متوعدة علي شفتي مراد يتمتم متهكما:
- وأنت بتصدق الشويتين دول، وبعدين إنت مالك اصلا، دي مراتي هما مش لبسوني فيها عافية، يبقي أنا حر فيها، اوعي بقي وسع من طريقي
انتفضت روحية خائفة تحرك رأسها نفيا تتشبث.

بذراع أدهم تحرك رأسها نفيا أن لا يفعل، زفر أدهم حزينا علي حال الفتاة ليعاود النظر لمراد يهتف في حدة:
- مش هسيبك تأذيها يا مراد، هما ما لبسكش فيها أنت اللي كنت رايح تغتصبها، لو جينا للحق هي اللي لبست فيك...
احتقنت عيني مراد بالدماء ليقبض علي تلابيب ملابس أدهم يزمجر غاضبا:
- أبعد عن طريقي يا ابن سمية ما تخلنيش أسيح دمك.

وإن ما بعدش يا أبن نعمات هتعمل إيه، خرج ذلك الصوت الحاد من فم منيرة التي دخلت توا لتهرع روحية إليها تحتمي بها تختبئ في حضنها ربتت منيرة علي رأس روحية تنظر لمراد بحدة:
- انتي بتعيطي ليه يا بت، ما تخافيش، ما يقدرش يمس منك شعرة طول ما أنا علي وش الدنيا، هو فاكر نفسه مين، دا أنا انزل بشبشي علي وشه ما اخليش الناس تعرفله وش من قفا
امسكت منيرة يد روحية تجذبها معها الي غرفتها تغمغم في حدة:.

- تعالي يا بت انتي هتنامي عندي فئ الأوضة وابقي خليه يفتح بؤقه وأنا اديله بالشبشب علي بؤقه...
اخذت منيرة روحية الي غرفتها، وقف أدهم ينظر لمراد يبتسم في شماتة، تثأب ناعسا يتوجه الي الغرفة الأخري نظر لمراد قبل أن يدلف يتمتم ساخرا:
- ابقي خد بقي الوسادة الخالية في حضنك يا ميرو
دخل أدهم إلي الغرفة ليوصد الباب من الداخل بالمفتاح، وقف مراد يكاد يتميز من شدة غيظه، يتوعد لروحية بأشد عقاب.

أمام فيلا خالد السويسي وقفت السيارة ليلا أمام باب المنزل ليتنهد خالد حانقا نظر لزوجته القابعة جواره تتصفح هاتفها وكأن الأمر برمته لا يعينها منذ أن خرجوا من منزل والدها وهي تنظر لهاتفها لم توجه له نظرة واحدة حتي، طفح به الكيل ليجذب الهاتف من يدها رفعت وجهها تنظر له نظرات هادئة بينما هتف هو بنزق:.

- في ايه يا لينا مالك من إمبارح مش فيكي حاجة مش مفهومة، امبارح تعيطي وتصرخي ودلوقتي بتتعاملي معايا بمنتهي البرود، احنا من ساعة ما ركبنا العربية ما بصتيش ليا ما نطقتيش بكلمة واحدة حتي
وجهت له نظرات غامضة حقا لم يفهمها، إلا أنه شعر بالقلق منها، ابتلع لعابه قلقا بينما ابتسمت هي تردف في هدوء ناعم:
- عادي يا لودي أنت بس اللي بقيت حساس زيادة اليومين دول، يلا ننزل أحسن دماغي هتنفجر وهموت وأنام.

تنهد حائرا يحرك رأسه إيجابا نزل من الباب المجاور له ليجد سيارة حمزة أخيه تقف جواره نزل حمزة اولا يحمل خالد الصغير وهو نائم بينما نزلت بدور تحمل الصغيرة النائمة، عقد خالد ذراعيه أمام صدره يتمتم ساخرا:
- كنتوا فين كدة يا حمزة بيه
ابتسم حمزة في هدوء يحمل الصغير علي أحد ذراعيه ليلف ذراعه الآخر حول كتف بدور:
- ابدا يا سيدي خدت بدور والاولاد نغير جو، عن إذنك عشان جايين من الملاهي هلكانين.

تحرك حمزة بصحبة بدور للداخل وقف خالد ينظر لهم وهم يغادرون ليتمتم ساخرا:
- العالم يحترق وحمزة لا يبالي، دماغ لوحده، لينا استني يا لينا
أسرع في خطواته يحاول اللحاق بزوجته التي اندفعت للداخل، بخطي سريعة تهرب لغرفتهم وهو خلفها، لمح ابنته تجلس في الصالة، تنظر لهم مدهوشة، بينما هو يكمل طريقه الي اعلي دخل سريعا الي غرفته يعترض طريقها يصيح محتدا:
- ما هو ما فيش نوم الليلة دي غير لما أفهم في ايه.

وقفت أمامه ترميه بنظرات نافرة كارهة أحمر وجهها غضبا لتصرخ تقرر إخراج كل ما يجيش بقلبها:
- عايز تعرف في ايييه، اقولك أنا في ايييه!

علي صعيد حالمي هادئ بالقرب منهم في غرفة بدور وضع حمزة خالد الصغير علي الفراش يدثره بالغطاء بينما وضعت بدور سيلا في فراشها الصغير، اقترب حمزة من بدور يهمس لها بصوت خفيض:
- ناموا
حركت رأسها إيجابا تهمس بصوت خفيض وهي تبتسم:
- ايوة بس انبسطوا اوي، اليوم كان جميل أوي، كان ناقصه مايا كان نفسي توافق وتيجي معانا
ابتسم يربت علي وجهها برفق يهمس بخفوت بنبرة حنونة:
- الجايات اكتر بإذن الله.

توسعت ابتسامتها تحرك رأسها إيجابا ليميل يطبع قبلة علي جبينها يهمس بصوت خفيض:
- صحيح أنا جايبلك هدية معايا في الأوضة تعالي عشان اديهالك
حاولت الاعتراض ليمسك بكف يدها يجذبها خلفه برفق الي غرفته، دخل يجذبها خلفه يغلق الباب عليهم؟!

ابتلعت لعابها متوترة دقات قلبها تتدافق بعنف تشعر بتوتر رهيب يغزو أطرافها، جسدها وكأنه ألقي في لوح ثلج في القطب الجنوبي، كان يقف هو أمامها يبتسم، ابتسامته حقا لغز هادئة مريحة مطمئنة ولكن في نفس الوقت بها من المكر ما بها، اخرج علبة زرقاء من جيب سرواله فتحها امام عينيها لتتوسع عينيها منبهرة، حين رأت قلادة من الالماس يتشابك في منتصفها كلمة درة، بشكل حقا خطف أنفاسها، تضاربت دقاتها حين شعرت به يقترب ناحيتها وقف خلفها تشعر بيده تلتف حول عنقها، يلبسها القلادة بترفق شديد، كأنه يخشي خدشها حتي، خرجت من بين شفتيها تنهيدة حالمة، معاملة حمزة الرقيقة ترفعها فوق غيمة وردية فوق السحاب استسلمت لسحابة مشاعره الجارفة، آخر ما تذكرته أنه همس جوار أذنيها بنبرة هامسة شغوفة عاشقة:.

- موافقة؟
ولا تعرف كيف حركت رأسها بالإيجاب وبعدها لا تدري كيف جذبها لغيمة مشاعره العاصفة كيف ومتي سلمت زمام مشاعرها لها ليطفو بها بعيدا، يعاملها برقة لم تعهدها من زوجها السابق قط، دوما ما كان يشعرها بأنها جماد لا تشعر، يعاملها اسوء معاملة حتي في تلك اللحظات، أما الآن فالوضع مختلف تماما، لم تستفق من حلمها الوردي الا صوته حين همس جوار أذنيها بخفوت عاشق:
- مبروك يا مدام حمزة السويسي!

في الغرفة المجاورة، غرفة خالد ولينا
- عايز تعرف في ايييه، اقولك أنا في ايييه!
تلك كانت آخر جملة سمعها تصرخ بها قبل أن يسود الصمت الغرفة، وقفت هي تنظر له، نظراتها حادة غاضبة تتنفس بعنف أنفاسها تتسارع بشكل أخافه عليها، عينيها حمراء، تكور قبضتها تشد عليها بعنف، زفرت فجاءة نفسا حارا قويا لتتركه وتهرع إلي المرحاض دخلت تهرول تصفع الباب خلفها، توصده بالمفتاح هرع خلفها، يدق الباب بعنف يصيح فيها قلقا:.

- لينا افتحي يا لينااااا، لينااااا
أرهف السمع للحظات ليتناهي الي اسماعه صوت بكائها العالي، صوت نحيب المتواصل، كور قبضته يدق علي الباب بعنف يصرخ فيهااا:
- لينااااا، ليناااا افتحي الباب، قسما بالله لو ما فتحتيه لهكسره يا لينا.

لحظات أخري وسمع صوت المياة تندفع من خلال الصنبور بشدة، صمت بعدها وصوت خطواتها يقترب، فتحت الباب بعد ثواني قليلة تمسك بمنشفة صغيرة في يدها تجاوزته متوجهه الي الفراش جلست عند حافته تجفف وجهها بالمنشفة تنظر لنقطة ثابتة في الفراغ امامها، ابتلع لعابه متوترا قلقا، ليقترب منها جلس جوارها علي الفراش ليمد يده يمسح علي خصلات شعرها بحنو يسألها بهمس خافت قلق:
- مالك يا حبيبتي فيكي ايه، أنا زعلتك في حاجة.

حركت رأسها نفيا تتخاشي النظر إليه ليمد يده يبسطها أسفل ذقنها يحرك رأسها ناحيته لتتلاقي مقلتيها بعينيه ابتسم يغني بصوت خفيض عذب:
- أنا زعلتك في حاجة طب ايه يا حبيبي هي، بتداري عينك ليه لما بتيجي في عينيا.

ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتيها سرعان ما محتها لتتنهد حزينة، ابتعدت برأسها عنها تخفي وجهه بين كفيها، إن أرادت أن تكذب عليه فعليها أن تخبئ عينيها حتي لا يعرف أنها فقط تكذب، تنهد بحرقة تهمس بصوت خفيض حزين:
- أنا ضميري هيموتني يا خالد، كان عندي عملية أول امبارح وللأسف المريض مات العملية ما نجحتش حالته كانت متدهورة جداا ما قدرتش أعمل حاجة، من ساعتها وأنا محملة نفسي ذنب موته، حاسة اني أنا السبب.

تنهد بارتياح الآن فقط عرف سر حالتها الغريبة تلك، يكاد يسجد لله شكرا أنها لم تكتشف ما فعل، اقترب منها يأخذها بين ذراعيه يحتويها داخل صدره يمسح بكفيه علي شعرها، يهمس لها مترفقا:
- حبيبتي ما تقوليش كدة، دا مش ذنبك دا عمره وأنا واثق أنك عملتي كل اللي تقدري عليه وزيادة عشان تنقذيه، صدقيني حتي لو كان مكانك أحسن دكتور في العالم كان المريض هيموت بردوا لأن دا عمره، أجله، فهماني.

حركت رأسها إيجابا داخل صدره ليبتسم سعيدا دقاته تهدئ أعصابه ترتخي، ابعدها عنه قليلا يمسح علي وجنتها بخفة ابتسم يميل يقبل جبينها ليشعر بجسدها ينتفض، انتفاضة عنيفة ابتعد عنها يقطب جبينه يسألها متعجبا:
- في ايه تاني يا لينا
رسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تتمتم بخفوت ناعس:
- أنا بس تعبانة وعايزة أنام...
حركت رأسه نفيا بخفة لتنكمش ملامحه في ضيق، ابتسم يمسح علي وجهها برقة يحادثها بشغف عاشق:.

- خليكي صاحية معايا شوية كمان، انتي وحشاني أوي...
وضعت رأسها علي صدره لتتوسع ابتسامتها للحظات ومن ثم اندثرت حين سمعها تهمس بخفوت ناعس:
- أنا عايزة أنام يا خالد
تنهد حانقا ليرفع يديه يطوقها بهم يمسح علي شعرها بحنو يهمس لها:
- نامي يا حبيبتي.

أغمضت عينيها تشد بقبضتها علي قميصه بعنف، لحظة فقط فتحت مقلتيها تنظر للفراغ نظرات كارهة نافرة تشد علي أسنانها، صدره كالشوك ينغرز بعنف في الروح لا الجسد، أغمضت عينيها من جديد، تستلم الي أن يحين وقت المواجهة.

مرت عدة أيام، بلا جديد لا حدث مهم فيها...
في فيلا خالد السويسي، في غرفة مايا، كانت تقف أمام مرآه زينتها تمشط خصلات شعرها قبل أن تذهب الي العمل، حين سمعت دقات متتالية علي باب الغرفة من الخارج سمحت للطارق بالدخول ليدخل حمزة والدها علي شفتيه ابتساامة عررريضة، قسمات وجهه تصرخ فرحا وكأن عاد شابا في ريعان شبابه، دخل الي الغرفة يحادث ابنته برفق وابتسامة ساطعة:.

- ميووش جهزي نفسك عشان مسافرين بكرة دبي، أنا كلمت عمك جاسر عشان ما يبقاش في اي إحراج ليكي، وبصراحة الراجل قدر جداا ظروف السفر.

شخصت عينيها في صدمة تنظر لوالدها من خلال سطح مرآتها المصقول، عينيها شاخصة فمها مفتوح قلبها يكاد يتوقف من الصدمة، تسافر هكذا فجاءة دون أن يشورها والدها، أليس لرأيها أي قيمة ليضعه والدها في عين الإعتبار، التفتت بجسدها تنظر ناحية والدها نظرات حانقة مصدومة، خرجت من حالة الصدمة التي تملكتها لتصرخ في والدها محتدة:.

- لاء طبعا أنا مش موافقة، حضرتك حتي ما خدتش رأيي أنت بس بتفرض عليا أمر واقع أنا مستحيل أرضي بيه بالشكل دا، مش موافقة ومش هسافر
في تلك اللحظة اختفت ابتسامة حمزة اختفت ملامحه الضاحكة ليحل محلهم وجوم وغضب مخيف، تقدم ناحيتها يقف أمامها مباشرة يرميها بنظرات حادة قاتلة يزمجر غاضبا:.

- اسمعي يا بنت حمزة اللي اقوله يتنفذ من غير نفاش، مش هعرف امشي كلامي عليكي ولا ايه، بكرة الصبح تكوني جاهزة بشنطك، بمزاجك، او رجلك فوق رقبتك هنمشي بكرة.

قالها ليلتفت ويغادر صافعا الباب خلفه بعنف لينتفض جسدها قهرا، ارتمت جالسة علي حافة فراشها، تخفي وجهها بين كفيها تجهش في بكاء عنيف، كانت تظن أن الخلاف بين والدها وادهم سينتهي قريبا، ولكن برحيلهم، ستنقطع كل السبل بينهم، برحيلهم قتل والدها الأمل الذي نبت في قلبها أن تعد الحياة كما كانت.

رفعت وجهها عن كفها تنظر للفراغ للحظات طويلة بعينيها الحمراء الباكية تلتقط حقيبة يدها تمسح دموعها بعنف، لن تذهب الي العمل ولكن إلي بيته ستتجه، ربما لتراه للمرة الأخيرة، قبل أن ترحل إلي اجل غير مسمي.

أمام أحدي مراكز الدروس الخصوصية في محافظة أسيوط كان يجلس علي مقهي صغير أمام المركز ينتظرها بالطبع لم يكن ليحتسي اي من مشروبات تلك المقهي، لن يضع في فمه تلك الأكواب التي فقط يغرقونها بالماء، بالطبع ستكون مليئة بالبكتيريا والفيروسات هو فقط يعطي للعامل نقود ليجلس ينتظرها، أثناء جلوسه وصل الي هاتفه رسالة فتحها سريعا ليجدها من مراد إلي صبا، شريحة التجسس التي ادخلها الي هاتف صبا جعلت له السيطرة الكاملة علي هاتفها، فتح الرسالة يقرأ ما كتب فيها:.

- وحشتيني اوي يا صبايا
احتقنت عينيه غضبا دمائه الشرقية تثور تصرخ، ذلك الوغد يتلاعب بطفلة بريئة، سيريه مصير من يعبث مع عائلة الشريف، هو يعرف أنها بالطبع لن تجيب لأنها داخل محاضراتها الآن ولكن ما جعل الدماء حقا تنفجر في رأسه حين ردت الرسالة بأخري:
- وأنت كمان وحشتني اوي يا مراد
البلهاء تنساق كالحمير لفخ أحمق مثل من صنعه، ركز عينيه علي شاشة الهاتف يقرأ ما يرسلون
- مش هترجع بقي يا مراد
- قريب يا صبا، قريب.

- أمتي بس إنت غايب بقالك كتير
- معلش يا حبيبتي عندي شوية مشاكل لازم احلها قبل ما اجي
- تفتكر جاسر وبابا هيوافقوا اننا نتخطب، بابا دايما بيقول اني لسه صغيرة
- حتي لو ما وافقوش أنا هقنعهم وأنا واثق أنهم هيوافقوا
- ازاي يا مراد
- لاء ازاي أنا هشرحهالك بالتفصيل لما أجي
- مراد أنا هقفل، عشان الحصة خلصت وخلاص همشي
- ماشي يا حبيبتي خلي بالك من نفسك وطمنيني عليكي لما توصلي.

يقرأ كل حرف تبعثه له وهو بالمقابل بأعين حمراء دامية منع نفسه بصعوبة من أن يدخل إلي المركز ويصفعها أمام الجميع، يبرر لها انها فقط طفلة مشاعرها غير مستقرة، طفلة انخدعت في فخ الثعلب وهو هنا لحمايتها لكي لا تسقط فريسة في الفخ، بعد عدة دقائق رآها تخرج من المركز تحتضن عدة كتب بين يديها، وضع النقود علي الطاولة الصغيرة جواره ليتحرك من مكانه متجها إليها، زفرت حانقة ما أن رأته، ذلك المتطفل والده يثق بن لدرجة أنه سمح له باصطحابها يوميا من ( دروسها ) إلي المنزل، تحركت تسير جواره هو وهي والصمت ثالثهم، كل منهما يفكر عقله مشغول، هي تفكر في مراد، وهو يفكر كيف ينقذها من مراد، حمحم يكسر الصمت يحادثها بهدوء:.

- عارفة يا صبا، هحكيلك حكاية بدل الصمت دا، كان ليا واحد زميلي شبه ممثل تركي مش فاكر اسمه ايه بصراحة، المهم الولد دا كان فعلا وسيم جداا ما فيش بنت بتشوفه الا ولازم تعجب بيه، بس هو كان شخص سئ جداا، كانت هوايته الوحيدة، وانا اسف طبعا في اللي هقوله، أنه يعمل علاقات محرمة مع البنات وخصوصا الصغيرين، كان بيفرح اوي لما بيشوفهم مكسورين بعد ما ياخد برائتهم ويفضحهم، هو مات عامة من سنتين، بس بعد ما اذي بنات كتتتير، وسامته وطريقته كانوا بيجذبوا البنات ليه زي النار بتلمع في عيون الفراشات وأول ما بيقربوا منها بتحرقهم، فهماني يا صبا.

ارتجف جسد صبا ذعرا شعرت وكأن تلك الحكاية التي يقولها مراد، موجهة لها بشكل غير مباشر، تسارعت دقات قلبها حين نظرت له، أما هو فابتسم ابتسامة بريئة للغاية وكأنه لم يكن يعني شيئا مما قاله، ازدردت لعابها الجاف كصحراء لم تمسها قطرة ماء تحرك رأسها إيجابا بصعوبة بالغة، سار معها في الطريق إلي أن وصلوا لمنزل عائلة الشريف، الي داخل البيت توجهت صبا يليها غيث...

في الصالة الواسعة كانت شاهيناز تتحرك من الأريكة متوجهة إلي السلم، في لحظة نزول سهيلة من أعلي ابتسمت شاهيناز في خبث لتصطدم بكتف سهيلة وتتأوه هي من الألم، انكمشت ملامحها ألما تهمس بصوت خفيض:
- مش تفتحي يا سهيلة، حرام عليكي أنا حامل، بتزقيني ليه أنا عملتك إيه.

شخصت عيني سهيلة في غيظ يكفي ما لاقت طوال الفترة الماضية تلك الحية اخذت حبيبها الأول والأخير، بات يعاملها أسوء معاملة، حتي رشيد والده يرفض خروجها من البيت يمنع رحليها بحجة أنه سيعيد كل شئ كما كان وأفضل، حتي أنه اخبرها أن ما يفعله جاسر هو خارج إرادته، هل يظنها بلهاء لتلك الدرجة، انفجرت تصرخ تخرج بكل ما يجيش في قلبها من قهر:.

- انتي ايييه يا شيحة حية، ولا حرباية، انتي مش بني آدمة انتي شيطانة، سرقتي مني جوزي، قهرتيني، ودلوقتي انتي اللي بتزقيني وكمان بتتبلي عليا، أنت حية هيجي يوم وديلها هيلف علي رقبتها يموتها.

احمرت عيني شاهيناز في غضب حارق كادت أن تفتح فمها لتسمعها وصلة سباب لا نهاية لها، حين ظهر فجاءة دون سابق إنذار جاسر، وقف أمام شاهيناز ينظر لسهيلة بأعين سوداء نيران من جحيم اسود تستعر في مقلتيه، دون حتي أن تعي ما يحدث كان كف يده يهبط علي وجهها بصفعة عنيفة قاسية اسقطتها أرضا علي وجهها تنظر أمامها بأعين شاخصة يقتلها الألم والقهر، انتهي كل شئ، وكانت الشعرة التي قتلت حبه في قلبها للأبد، اندفع غيث سريعا ناحيته يجذبه بعيدا عن سهيلة يصرخ فيه محتدا:.

- أنت اتجننت يا جاسر بتضرب مراتك، أنا كنت واقف وشايف كل حاجة شاهيناز هي اللي زقت سهيلة
قبض جاسر علي تلابيب ملابس غبث بعنف يهزه بقوة يصرخ فيه بجنون:
- ما تجبش سيرتها علي لسانك، انا مراتي ما غلطتش، مراتي ما بتغلطش
لفظ غيث بعيدا عنه بحدة ليرتد الأخير للخلف ينظر لجاسر بذهول لا يفهم حقا ما به، التفت جاسر لسهيلة يصرخ فيها:
- وانتي يا بت امشي اطلعي برة، يلا برة.

اندفعت شروق من خارج المنزل علي صوت الشجار لتشهق بعنف ما أن رأت حالة سهيلة المذرية، وتسمع ما يقوله ابنها، هرولت ناحية الفتاة تنتشلها من علي الأرض تنظر لجاسر تصرخ فيه:
- أنت فيييك ايييه، أنت خلاص اتجننت بتضرب مراتك وتطردها من بيتك، دي الأمانة اللي وصالهالك أبوها، منك لله يا ابن بطني
احتدت عيني جاسر تسارعت أنفاسه بعنف مخيف، ليصيح في والدته بصوت غاضب كالرعد:
- اسكتي مش عايز اسمع صوتك.

كانت الصدمة تلك المرة قوية كثيرا علي شروق، ولدها التي تشهد البلد اجمعها بأخلاقه العالية تبدل حاله بين يوم وليلة، أمسكت بيد سهيلة توقفها جوارها، تتوعده صارخة:
- لاء دا أنت اتجننت رسمي، حسابك مع ابوك لما يرجع يا ابن رشيد...

نزعت سهيلة يدها من يد شروق تتحرك حركة آلية للغاية توجهت الي غرفتها توصد بابها بالمفتاح، بأعين دامعة وقلب يتفتت، بدأت تجمع ثيابها فئ حقيبة صغيرة اخفتها أسفل الفراش، في الليل ستهرب، في الليل سينتهي كل شيء، فقط حين يحل الليل، تسطحت علي الفراش تضم ركبتيها لصدرها تنخرط في بكاء عنيف مؤلم تنعي به حبها المقتول في مهده البرئ.

في شركة السويسي للمقاولات
جلست لينا أمام تلك السيدة التي تدعي أشرقت، تستمع لكل حرف تقوله بإنصات شديد، لا تنكر أنها في الفترة الماضية تعلمت منها الكثير والكثير، كان والدها محقا حين أخبرها أنها يجب أن تتعلم كل شئ من نقطة الصفر، اجفلت من شرودها علي جملة تلك السيدة:
- بس انتي بجد ما شاء الله عليكي شاطرة مش بقولها مجاملة عشان انتي بنت خالد باشا، بس انتي حقيقي شاطرة وبتتعلمي بسرعة.

ابتسمت لينا في حماس، تشعر بالفخر بذاتها، بأنها تتقدم للأمام تحقق شيئا أخرجها من دوامة فرحتها صوت رنين هاتفها استأذنت من أشرقت لتقم بعيدا، نظرت لاسم المتصل لتتنهد حائرة معاذ، معاذ الذي لم يتوقف عن الاتصال بها يسألها كل لحظة وأخري هل وافق والدها، وإلي الآن لا تعرف لما لا تخبره أن والدها قد وافق بالفعل، تنهد حائرة تغرز اظافرها في خصلات شعرها فتحت الخط تضع الهاتف علي أذنيها ليأتيها صوت معاذ الملتاع شوقا:.

- ايه يا لينا فينك يا بنتي، انتي وحشاني أوي، إيه رأيك اعزمك علي الغدا في أي مكان تحبيه
الفكرة لم تروق لها كثيرا كادت أن تعتذر له بأي حجة كانت لتسمعه يبادر متلهفا:
- ارجوكي ما ترفضيش، انتي فعلا وحشاني ومحتاج اشوفك، أنا حاسس أنك بتتهربي مني يا لينا، أنا زعلتك طيب.

زفرت مختنقة، تشعر بروحها تتشتت من جديد ارتمت علي اقرب مقعد مجاور للنافذة، ما ذنبه معاذ لتهمله أليست هي من اختارته بملئ إرادتها، أليس هو سندها في أصعب الأوقات، دائما جوارها لم يتخلي عنها ابداا، حكايتها مع زيدان أغلقت صفحاتها للأبد، هي بيدها من أغلقت حكايتها لتبدأ أخري جديدة من نقطة البداية، خرجت من حيرتها علي صوت معاذ ينادي باسمها:
- الو، الو، يا لينا، روحتي فين يا بنتي.

تنهدت تحسم قرارها لتحرك رأسها إيجابا:
- ماشي يا معاذ موافقة
سمعت صحيته الفرحة ليغمغم سريعا متلهفا فرحا:
- مسافة السكة وهبقي قدام شركة والدك، ربع ساعة بالكتير مش هتأخر
عقدت جبينها في لحظات، تتسأل في نفسها من أين له أن يعلم أنها في شركة والدها، سؤال لم تبقيه بداخلها بل سألته إياه مباشرة:
- وأنت عرفت منين أن أنا في الشركة بتاعت بابا
صمت للحظات لتسمعه يضحك متعجبا من سؤالها يغمغم في مرح:.

- صباح الزهايمر أنتي اللي قيلالي من كام يوم أنك بدأتي تدريب في شركة باباكي، مسافة السكة يا حبيبتي مش هتأخر، سلام
أغلقت معه الخط تنظر لاسمه الذي يعلو شاشة هاتفه تقطب جبينها مستفهمة تحاول أن تتذكر متي أخبرته بذلك الأمر، تنهدت مستسلمة ربما فعلت ذلك ونسيت!

علي بعد آخر، بعيدا، كان في غرفة مكتبه يجلس خلف سطح مكتبه عينيه شاردة في الفراغ، منذ عدة أيام وهو هنا، أيامه تتشابه بحد ممل سخيف، العمل هنا قليل للغاية، يقضي معظم وقته يحادث الموج في موقع فارغ بعيدا عن الناس يشكي به همه يحدثه يخبره بكل ما يعتمر في صدره من لوعة وشوق، يحاول أن يتجب الاختلاط بباسل قدر الإمكان من الجيد أن تلك الفتاة التي تدعي انجليكا لم تظهر في طريقه مرة أخري، اقتربت بجزعه العلوي من سطح المكتب بمرفقيه علي سطح المكتب يخفي وجهه بين راحتيه يريد فقط أن يخبره أي من كان كيف السبيل للخلاص من طيفها الذي يلازم روحه باستمرار ترفض الخروج من عقله، مع كل محاولاته التي تبوء بالفشل ويزداد طيفها به التصاقا، تنهد يزفر أنفاسه الحارقة حين سمع صوت دقات علي باب المكتب سمح للطارق بالدخول، ليسمع صوت طرقات حذاء ذو كعب عالي علي سطح الأرضية رفع وجهه ينظر للطارق كان يظنه باسل الثرثار، ليجدها هي تلك الفتاة، تقف أمام مكتبه مباشرة تبتسم ابتسامة كبيرة، تنظر له بولة عينيها تلمع بإعجاب يراه الاعمي، أشار للمقعد المجاور لمكتبه يحادثها برسمية:.

- who can l help you
( كيف يمكنني مساعدتك )
ابتسمت انجليكا في توسع ممتزج بحماس اسبلت عينيها برقة تغمغ بوداعة:
- أنت وهشتني كتير زيدان، أنا جيت اشان، استني أنا فاكر الكلمة، آه اشان، نروه ناكل سوا...
حركت رأسه نفيا يضحك يآسا من محاولاتها البائسى للتحدث بالعربية، حمحم يستعيد جديته:
- جاية تعزميني علي الغدا قصدك
حركت رأسها إيجابا سريعا تؤيد ما لم تستطع قوله بشكل واضح، ليحرك هو رأسه نفيا بخفة يتمتم في هدوء:.

- مش هقدر معلش، ورايا شغل كتير
امتعضت ملامحها حزنا ولكنها لم تكن لتستسلم قامت من مكانها متجهه ناحيته تجذب كف يده تشده بعنف من فوق مكتبه تردف مُلِحة:
- بليز زيدااان، بليييز، بليييز، بلييييز، أنا ايزة اهرج مع إنت بليزززز، say yes
ضحك يآسا تلك الفتاة ليست سوي طفلة في جسد انثي لا يناسب عقلها تماما، تنهد يآسا من إلحاحها يتمتم علي مضض:
- طيب خلاص ماشي موافق، اسكتي بقي صدعتيني.

ابتسمت منتصرة لتجذب كفه بعنف اذهله هو نفسه، وقف عن مقعده لترتمي بين أحضانه تصيح سعيدة:
- yes، yes، thank you zedan...
ارتسمت ابتسامة حزينة علي شفتيه، حين اختفت انجليكا من أمامه عينيه وظهر طيفها هي من جديد، سحقا لقلبه الذي لم يعشق سواه برغم كل ما فعلت.

عودة لشركة السويسي للمقاولات خرجت لينا من شركة والدها، متوجهة إلي سيارة معاذ التي تقف تنتظرها بالخارج، نزل سريعا ما أن رآها ليلتف حول سيارته يفتح الباب المجاور للسائق ينحني بحركة مسرحية مضحكة يتمتم فرحا:
- تفضلي بالدخول مولاتي الأميرة
أبتسمت ابتسامة صغيرة تدلف للسيارة ليعود هو الي مكانه سريعا جوارها، التفت لها يبتسم ابتسامة كبيرة مشتاقة، امسك يدها يقبل كفها برقة يتمتم ملتاعا:.

- وحشتيني اوي، صدقيني كنت هموت لو ما شوفتكيش
ابتسمت ولم تجب، لتسمعه يكمل مبتهجا:
- ها يا ستي تحبي تروحي فين
اي مكان يا زيدان!، نطقتها بعفوية لم تكن تقصد حتي أن تذكر اسمه، التفتت ناحية معاذ لتجد الإبتسامة التي علي وجهه انطفأت تماما وحل مكانها نظرات غاضبة، يديه تشد بعنف علي المقود رأت عروق يده تنفر من شدة غضبه، حمحمت تهمس بخفوت تعتذر له:
- أنا آسفة يا معاذ ماكنش قصدي صدقني، أنا آسفة.

أعطاها ابتسامة صغيرة يحرك رأسه إيجابا يغمغم:
- ولا يهمك يا حبيبتي، بس ابقي خلي بالك بعد كدة، ها بقي يا ستي تحبي تروحي فين
حركت رأسها بالإيجاب تمسح وجهها بكف يدها، تخبره باسم مطعم تعرفه ليأخذ طريقه لهناك مباشرة.

علي صفيح ساخن، في شقة شهد التي تقطن فيها بصحبة حسام، منذ الصباح وهي تشعر، بشعور سئ ألم يزداد بشاعة يضرب بصدرها تحملت الأمر أمام حسام حتي لا يقلق، ولكن ما أن نزلت لعمله تركت لدموعها العنان تكمش يدها موضع قلبها تشعر بقلبها يتمزق مع كل دقة الألم بشع لا يوصف، تحركت لغرفة حسام، تتسطح علي فراشه، اخذت ادويتها عل الألم يسكت ولو قليلا ولكن لا شئ الألم يزداد بشاعة جسدها تشعر به بارد كالثلج ينصهر عرقا، شدت الغطاء ترتجف تحته من البرد والألم، لم تعد تتحمل أكثر جذبت هاتفها تطلب رقمه هو، انتظرت الي أن سمعت صوته لتبادرة قائلة بنبرة ضعيفة باكية:.

- الحقني يا خالد، أنا بموت، الحقنئ ارجوك
سمعت صوته يهتف متلهفا:
- أنا جاي حالا مسافة السكة وهبقي عندك
اغلق الخط، لتبدأ تشعر هي بأنفاسها تثقل، للحظات أيقنت انها علي شفي الموت، وهي لا تريد فئ تلك اللحظات سوي أن تري صغيرها للمرة الأخيرة قبل أن تخرج روحها من جسدها، بصعوبة طلبت رقم حسام، الذي أجاب من أول دقة تسمع صوته المرح:
- اؤمريني يا ست الكل.

انهمرت دموعها يتمزق قلبها ألما، وحزنا عليه بالكاد خرج صوتها ضعيفا:
- حسام تعالا يا إبني أنا عايزة اشوفك
سمعت صوت ابنها يصرخ ملتاعا خائفا:
- مالك يا أمي فيكي ايه
التقطت نفسا بشق الانفش تبلع لعابها الجاف كالصحراء تهمس له بصوت بالكاد سمعه:
- ما تتأخرش يا حسام.

في مستشفي الحياة، نزع حسام مئزره الأبيض يركض كالمجنون لخارج المستشفى إلي سيارته مباشرة ما كاد يصل إليها وجد لينا تنزل من سيارتها اقتربت منه تسأله متعجبة:
- في ايه مالك يا حسام بتجري كدة ليه
انهمرت دموعه فجاءة خوفا علي والدته لم يستطع كبح جماح مشاعره ابدااا ليهتف مذعورا كطفل صغير:
- أمي، ماما، تعبانة أوي مش عارف فيها ايه.

تركها وتوجه سريعا يستقل سيارته، ليجدها تهرع سريعا تجلس علي المقعد جواره، نظر لها مندهشا لتهتف هي سريعا:
- اطلع بسرعة نشوف والدتك
ابتلع لعابه قلقا من فكرة وجودها ولكن قلقه علي والدته لم يدع تلك الفكرة تشغل باله كثيرا، سحق الدعاسات تحت قدميه يشق غبار الطريق ينطلق بسرعة رهيبة يسابق الزمن ليصل
علي جانب آخر وصلت سيارة خالد أسفل منزل شهد نزل من السيارة يركض ليستوقفه الحارس يغمغم في احترام:.

- يا باشا الركنة هنا ممنوعة ممكن الونش يجي يشليها
القي له خالد مفتاح السيارة يغمغم سريعا وهو يركض لأعلي:
- خد اركنها وهديك اللي انت عاوزه
صعد درجات يركض، يقتله شعوره بالذنب أهمل في حقها الفترة الماضية بأكملها، وها هي ستحمله ذنب آخر، وقف أمام باب منزلها ليخرج مفتاحه سريعا يدسه في قفل الباب دخل يركض الي المنزل يصيح باسمها يبحث بين الغرف، الي أن فتح باب غرفة حسام رآها مسطحة هناك هرع إليها، يصيح خائفا:.

- شهد مالك يا شهد ردي عليا يا شهد
فتحت عينيها بقدر بسيط تبتسم ابتسامة باهتة واهنة، بضعف شديد خرج صوتها:
- خالد أنت جيت، كنت فكراك مش هتيجي
امسك كف يدها داخل قبضته يشد عليه برفق يردف سريعا:
- أنا هنا جنبك والإسعاف علي وصول، ما تخافيش، مش هيحصلك حاجة هتبقي زي الفل
ابتسمت بوهن تحرك رأسها نفيا تهمس بخفوت مجهد:
- مش هبقي، أنا عارفة، خلي بالك من حسام يا خالد، حسام بيحبك أوي، بيحبك حتي اكتر مني.

ادمعت عينيه حزنا علي حالها ليحرك رأسه نفيا بعنف يردف منفعلا:
- ما تقوليش كدة يا شهد انتي هتبقي كويسة صدقيني هتبقي كويسة
توسعت ابتسامتها الشاحبة، لتمد يدها تبسطها علي وجهه تلتقط أنفاسها بصعوبة تهمس له:
- احضني يا خالد، احضني اوي، ولو لمرة واحدة احضني علي اني شهد مش لينا.

اندفع يطوقها بذراعيه يضم رأسها لصدره، يغرزها بين أحضانه يعوضها ولو قليلا عن ما عانت بسبب قديما والآن، لم يكن يفكر في أي شئ وهو يحتضنها بينما تتشبيث هي بقميصه تنساب دموعه ودموعها معا، قاطع تلك اللحظات صوت شهقة، يعرف صاحبة ذلك الصوت جيدا فتح عينيه، ينظر سريعا لمصدر الصوت لتشخص عينيه فزعا حين رآها، لينا تقف أمامه مباشرة في شقة شهد تراه وهو يحتضنها بتلك الطريقة، والألم الذي رآه في عينيها أبشع مما قد يُوصف، في تلك اللحظة تحديدا عرف أن النهاية التي ظل حذرا منها يخطط لها جيدا قد أتت دون أن يحسب لها حساب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة