قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الحادي والثمانون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الحادي والثمانون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الحادي والثمانون

- أنا آسف
جملة قصيرة حادة كصخرة قوية سقطت علي قلب الجبل ففتته، هوي قلب حمزة أرضا ينظر للطبيب مذعورا، ينفي برأسه فكرة أن يكن صغيره أصيب بأذي، أدهم حي، أدهم بخير، ترنح جسده بعنف ليشعر بيده خالد يشد عضده بقوة، ليكمل الطبيب سريعا:.

- الرصاصة دخلت في صدره، ما جاتش ناحية القلب ودا شئ كويس، بس سببت إصابة خطيرة، أنا آسف المريض دخل في غيبوبة غير معلومة المدة، ممكن يفوق بعد يوم او اتنين، وممكن يقعد شهور وممكن سنين، وممكن للأسف قلبه يقف في اي لحظة، أنا حبيت اشرح لحضرتكوا الحالة كاملة عشان نبقي مدركين لأي تبعيات.

ما بين صرخات ابنته التي بدأت تعم المكان، وصوت أخيه الذي يصدح يحادثه خائفا قلقا يأمره بالثبات، كان قلبه وعقله في مكان آخر، هناك عند المرة الأولي التي رآها فيها أدهم طفلا صغير سرق قلبه منذ اللحظة الأولي، أدهم طفله الذي شب يوما بعد يوم أمام عينيه، من طفل لشاب لرجل يستند عليه، أخطأ ومن لم يخطئ هو نفسه أخطأ قديما، لما لم يسامحه، لما أبعده عن أحضانه، وهو الآن لا يرغب سوي أن يضمه بين ذراعيه، رأي ابنته تتحرك ناحيته وقفت أمامه تصرخ بحرقة قلبها الملتاع:.

- أدهم لو جراله حاجة يبقي أنت السبب، فاهم أنت السبب.

لولا أن خالد يمسك به جيدا لكان سقط ارضا قديمه لم تعد قادرة علي حمله، بعد لحظات خرج خرج سريري طبي من غرفة العمليات يتحرك جواره الاطباء والممرضات متوجهين سريعا ناحية أحدي الغرف، صاحت مايا باسم أدهم بلوعة لتهرول خلفهم، ووقف هو يراقب جسده طفله وهو مسطح على فراش من الحديد ساكن يغمض عينيه، جزعه العاري يلتف بضدمات كبيرة تغطيه، انسابت دموعه دون أن يدري، ينظر لطفله الذي يختفي أمام عينيه شيئا فشئ، ويحل مكانه ذكري قديمة تحققت الآن.

Flash back
اخرج أدهم وجهه من تحت سطح الماء لينفض رأسه بعنف يبعد المياه عن وجهه وخصلات شعره، تحرك يخرج من المياة ناحية أحدي المقاعد الخشبية المسطحة التي يتمدد ابيه علي أحدهم، خلع حمزة نظراته الشمسية، ينظر لادهم الذي يقترب منه ليتمتم ساخرا:
- توم كروز خارج من الماية، حاسب عشان بتوقع قلوب العذراي يالا.

ضحك أدهم عاليا ليجلس علي المقعد المجاوى لأبيه التقط منشفة كبيرة يجفف بها جسده وخصلات شعره يردف مبتسما بغرور:
- أنا احلي طبعا...
ضحك حمزة عاليا ليقف من مكانه نظر لادهم يردف ساخرا:
- طب قوم يلا يا أحلي إنت، نطلع نشوف اختك زمانها صحيت عشان نروح نتغدا.

التقط أدهم نظارته الشمسية يضعها علي عينيه ليتحرك جوار أبيه متجهين ناحية الفندق، في طريقهم تأوه حمزة متألما نظر أدهم مفزوعا لما حدث، ليجد كرة من كرات تنس الطاولة الصغيرة اصطدمت بظهره، التقط أدهم الكرة ينظر بأعين حمراء تشع جمرا يبحث عن الفاعل ليجد شاب تقريبا في مثل عمره يقترب منهم حمحم يتمتم معتذرا:
- أنا آسف جداا علي اللي حصل ما كنش اقصد والله
قبض أدهم علي تلابيب ملابس الشاب بعنف يصيح فيه:.

- وأسف بتاعتك دي اصرفها منين، ااا
قطم شفتيه قبل أن يكمل حين صدح صوت حمزة الحاد:
- أدهم خلاص، هو ما كنش يقصد وبعدين اعتذر، اديله الكورة وحصلني يلا
تحرك حمزة يغادر لينظر أدهم للشاب نظرات حانقة، امسك بالكرة الصغيرة يرميها تجاه البحر، ينظر للشاب باستحقار ليلحق بأبيه سريعا، اقترب منه ليسمع صوت ابيه يتمتم ساخرا:
- ما حصلش حاجة للفيلم اللي أنت عملته دا كله، دي حتة كورة اومال لو كانت رصاصة كنت عملت ايه.

ابتسم أدهم في هدوء يدس يديه في جيبي سرواله الجينز القصير يتمتم في هدوء:
- كنت هاخدها عنك
Back.

وصدق صغيره ضحي بحياته لأجله اخذ الرصاصة بدلا منه فاضت دموع عينيه ينظر لأخيه يتمتم عاجزا:
- خدني لادهم يا خالد وديني عند إبني
نظر خالد لأخيه مشفقا يحرك رأسه إيجابا سريعا يتحرك معه برفق يبحثان عن غرفة أدهم الي أن وجدها سريعا ووجد مايا تقف تلتصق بزجاج الغرفة تنظر لمن في داخلها تبكي بعنف، ترك حمزة يد خالد يتحرك لداخل الغرفة، وقف الطبيب أمامه يمنعه من التقدم:
- ما ينفعش حضرتك تدخل العناية.

دفعه حمزة بعنف بعيدا عن طريقه يفتح باب غرفة العناية، دخل وأغلقه خلفه وقف جوار الباب المغلق ينظر لادهم لحظات طويلة، يجر ساقيه جرا ناحية فراشه، وصل ليتهاوي جالسا علي جزء صغير فارغ جواره علي الفراش، مد يده يمسك بيد ادهم بيمناه واليسري تمسد علي شعره برفق تسارعت دموعه تسبق شهقاته:.

- أدهم، أدهم أنت سامعني مش كدة، أنا بابا يا حبيبي، حقك عليا يا إبني، قوم، قوم يا أدهم يلا وأنا اجوزك مايا مش إنت عاوز تتجوزها، قوم يلا يا إبني، انت حضنتي وأنا
زقيتك، أنا دلوقتي اللي عايز احضنك ومش عارف، قوم يا أدهم..
- حمزة كفاية كدة، الدكتور بيقول غلط اللي أنت بتعمله دا
همس بها خالد بنبرة حزينة مثقلة ينظر لأخيه مشفقا، ليلتف حمزة برأسه ناحية أخيه انهمرت دموعه يتمتم بحرقة:.

- أدهم ممكن ما يصحاش تاني يا خالد...
حرك خالد رأسه نفيا بعنف وقف أمام أخيه يمسك بذراعيه يتمتم سريعا متلهفا:
- هيبقي كويس والله هيبقي كويس، اهدي إنت بس، المهم دلوقتي نعرف مين اللي عمل كدة ولا إيه.

في لحظات عادت تلك الشخصية السوداء تتلبس جسد حمزة من جديد، إياد عاد ليفتح أبواب الجحيم يحرق بها من تجرأ وحاول إيذاء صغيره، في لحظة هي فقط لحظة تبدلت نظرات عيني حمزة الي أخري سوداء قاتمة، أبعد ذراعي أخيه عنه، ليميل يقبل جبين إبنه، تحرك من جوار فراش إبنه لخارج الغرفة ليجدا محمد بالخارج تقدم ناحيتهم يسألهم قلقا:
- طمنوني أدهم عامل ايه
حرك خالد رأسه إيجابا سريعا يردف:.

- هيبقي كويس أن شاء الله، المهم أنت عملت ايه
تنهد محمد حائرا لا يعرف ما يقول نظر لحمزة يتمتم:
- المعمل الجنائي مالقاش اي بصمات غريبة، لاء علي البوابة ولا أوضة الحارس، المشكلة أن لا الفيلا ولا الشارع فيهم كاميرة مراقبة واحدة نقدر نوصل منها لحاجة
خرجت ضحكة سوداء قاتمة من بين شفتي حمزة يردف متوعدا:.

- مين قال ان الفيلا والمحيط بتاعها ما فيهمش كاميرات مراقبة، انتوا ما تشوفهاش، وربي لهدفعه التمن الغالي اللي عمل كدة.

أخرج هاتفه من جيب سرواله يفتح نظام المراقبة الخاص بالمنزل، تم تفعيل النظام ببصمة عين حمزة لينتفتح، محمد وخالد يراقبان ما يفعل، توسعت عيني في دهشة كاميرات المراقبة تغطي الفيلا بأكملها من الداخل والخارج ولكنه يقسم أنه لم يري ولو واحدة فقط حتي، بسرعة تنقل حمزة بين الملفات ليصل لما لقطتت الكاميرا ليلة أمس، الحارس يجلس أمام البوابة يعطي ظهره للشارع من خلفه جاء رجل ضخم ملثم لا تظهر منه سوي عينيه أتي من خلفه ليحقنه بشئ في رقبته لحظات وارتمي الحارس أرضا، ليجذبه ذلك الضخم لداخل غرفته أخرج عصا من الحديد كبيرة يضرب بها الحارس علي رأسه بعنف عدة مرات، وقف للحظات يتنفس بعنف ليخرج قلم اسود من جيب سرواله تحرك ناحية احدي حوائط الغرفة يخط عليها بخط كبير عريض.

( The game is not over yet)
اللعبة لم تنتهي بعد!
توسعت عيني خالد في ذهول تلك الجملة رآها من قبل في المحزن، يعني أن من فعل ذلك كان يقصده، كان يريد إيذاءه هو فأراد قتل أخيه، شعر بدوار حاد يعصف بجسده هو السبب فيما حدث لابن أخيه، أخيه كان سيُقتل بسببه هو!

بدأ حمزة يسرع حركة فيديو المراقبة الي أن أتي الصباح الباكر، تفتت قلبه وهو يري أدهم يدخل من بوابة المنزل علي شفتيه ابتسامة كبيرة واسعة، بدأ يسرع حركة الفيديو من جديد، للحظة التي ركض فيها أدهم ناحيته وقف أمامه، اغمض عينيه يشد عليها بعنف، التقطت الكاميرات المزروعة عند بوابة المنزل، شخص عند المبني المقابل المهجور، ضاعف حمزة حجم الصورة عدة مرات ليصل للفاعل، ورأي وجهه بوضوح، توحشت نظراته يتوعد له بأشد عذاب، اخذ محمد الهاتف من يد حمزة يصور بهاتفه صورة الرجل التي ظهرت، اعطي الهاتف لحمزة ليدس هاتفه في جيب سرواله يغمغم متلهفا:.

- كدة احنا معانا الصورة، سهل نجيبه، أنا هطلع حالا علي الإدارة، هبلغك بالجديد أول بأول يا خالد
تركهم ورحل مسرعا، بينما وقف خالد صامتا كالجماد كأن علي رأسه الطير، جسده يرتجف بعنف، فقط لو يضع يده علي من فعل ذلك يقسم بأنه سيذقيه الويلات.

وصلت سيارة الاجري الخاصة بجاسر اخيرا أمام فيلا عز الدين، خرج يركض من السيارة بعد أن أعطي للسائق أجرته، خرج يهرول من السيارة، عبر حديقة المنزل مهرولا ليصل الي الباب دقه بسرعة وعنف، لحظات وفتحت احدي الخادمات الباب ليندفع جاسر الي الداخل يصيح باسم زوجته بلوعة:
- سهييييلة، سهييييييلة انتي فين يا سهيلة، سهيلة
خرج عز الدين من مكتبه علي صوت جاسر هرول ناحيته يسأله قلقا:.

- أنتي بتنادي علي سهيلة ليه، هي مش سهيلة معاك
أمسك جاسر يدي عز الدين يترجاه بنظراته يغمغم متلهفا:
- يا عمي ارجوك، لو أنت مخبيها، أنا بس عايزة اشوفها دقيقة واحدة، افهمها بس اللي حصل، ارجوك يا عمي ارجوك
توسعت عيني عز الدين فزعا نزع كفيه من يدي جاسر ليقبض علي ذراعي جاسر يصرخ فيه فزعا:
- بنتي فين يا جاسر عملت فيها ودتها فين
تنهد جاسر حانقا شد علي أسنانه يغمغم محتدا:.

- يا عمي ما بلاش شغل الأفلام العربي دا، بابا قالي أنه بعتها ليك، هي فين، عايزة اشوفها هتكلم معاها دقيقة واحدة بس
حرك عز الدين رأسه نفيا بعنف توسعت عينيه ذعرا يتمتم فزعا:
- قسما بالله سهيلة ما هنا ولا جت اصلا، بنتي فين يا جاسر عملت فيها ايييه
انهي كلامه ليقبض علي عنق جاسر بعنف يصرخ فيه غاضبا خائفا علي ابنته:
- انطق وديت بنتي فييييين.

في تلك اللحظات دق هاتف جاسر برقم ابيه ابتعد عن عز الدين يلتقط هاتفه ما أن وضع الهاتف علي أذنه سمع والده يصيح قلقا:
- ايوة يا جاسر لقيت سهيلة، السواق الحمار بيقولي أنه وصلها عند موقف عربيات مش عارف حتي إسمه وقالتله أنها ساكنة هناك
حرك رأسه إيجابا الآن فقط فهم سهيلة هربت، منه اولا ومن الده ثانيا، كأنها كانت تعرف أن والده سيخبره بمكانها فخدعت السائق وهربت، اجفل علي جملة والده التي يصيح بها بعد ذلك:.

- جاسر أنت سامعني، أنا في العربية دلوقتي، رايح علي الموقف ومعايا السواق، لو لقيتها هكلمك، وانت اتصل بيها
اغمض جاسر عينيه متألما يحرك رأسه إيجابا حمخم يخرج صوته ضعيفا خفيضا:
- حاضر يا بابا
اغلق الخط التفت لعز الدين الذي ينظر له عاجزا يصرخ بلوعة:
- بنتي فين يا جاسر ابوس ايدك طمني عليها
زفر جاسر أنفاسه المثقلة يحرك رأسه نفيا يهمس بثقل يجثم علي قلبه:
- مش عارف، هربت، ارجوك لو اتصلت بيك بلغني.

ترك والدها قلبه يحترق ألما علي صغيرته، وخرج من منزله وقف في الشارع ينظر للسماء للحظات دمعت عينيه يهمس داخل قلبه راجيا:
- يااااارب، يااااارب الاقيها يااارب
رفع يده يمسح تلك الدمعات التي هطلت من عينيه، ليتحرك ناحية منزل خالد القريب للغاية من منزل عزالدين عله سهيلة هناك عند لينا، تحرك بخطي واسعة ناحية منزل خالد، دق الباب عدة مرات، فتحت له لينا الباب نظر لها للحظات كطفل ضائع يهمس لها راجيا:.

- قوليلي أن سهيلة عندك يا لينا وحياتي عندك قوليلي انها عندك
قطبت لينا جبينها متعجبة، سهيلة ماذا سيأتي بها الي هنا، حركت رأسها نفيا بعنف، لتنهمر دموع جاسر بعنف افزعها، توسعت عينيها مدهوشة لتقترب منه تطوقها بذراعيه تحتضنه ليرتمي بين أحضانها يشهق في بكاء عنيف يتمتم من بين شهقاته:
- سهيلة هربت يا لينا، راحت، أنا أذيتها أوي اوي، بس والله ما كنت مدرك أنا بعمل إيه.

ابعدته لينا عنها تجذب يده لداخل المنزل، ما إن خطي للداخل وجد بدور تجلس علي أحدي المقاعد تحتضن طفليها بعنف تنظر للفراغ، نظرات خائفة فزعة، جذبت لينا جاسر الي غرفة مكتب والدها دخلت واغلقت الباب خلفها
ارتمي جاسر علي أحد الارائك، يخفي وجهه بين كفيه، تقدمت تجلس جواره تربت علي رأسه برفق تسأله قلقة:
- مالها سهيلة يا جاسر، ايه اللي حصل فهمني.

رفع وجهه ينظر لها رأت العذاب يصرخ في عينيه، بدأ يقص عليها ما حدث طوال الفترة الماضية وهي تنظر له مدهوشة لا تصدق ما يقول سحر، أعمال كيف، أليست فقط تخاريف لا صحة لها، فغرت فاهها تنظر له مذهولة تتمتم:
- سحر، هو في حاجة اسمها سحر فعلا، أنا فكراها تخاريف، طب سهيلة، سهيلة راحت فين
رفع كتفيه لاعلي يحرك رأسه نفيا يتمتم بحرقة:.

- ما اعرفش، ما اعرفش، أنا خايف عليها، خايف لتأذي نفسها، خايف تسقط اللي في بطنها، كلميها يا لينا، حاولي تتصلي بيها اكيد هترد عليكي انتي
حركت رأسها إيجابا سريعا تخرج هاتفها من جيب حقيبتها، تحاول طلب رقم صديقتها مرة تليها اخري وأخري، الهاتف مغلق دائما، مرة واحدة دق جرس الهاتف لينظر جاسر للهاتف متلهفا، ولكن لا رد...

مرت عدة دقائق في صمت لا تعرف ما تقول، وهو قلبه ينصهر خوفا عليها، إلي أن رن هاتفها برقم غريب، فتحت الخط سريعا تردف:
- الو مين معايا
-أنا سهيلة يا لينا
توسعت ابتسامتها حين سمعت صوت صديقتها لتغمغم متلهفة:
- سهيلة انتي فين يا سهيلة، جاسر قالب عليكي الدنيا
جذب جاسر الهاتف من يدها يفتح مكبر الصوت ليسمع صوتها الضعيف الممزق:
- مش عايزة اسمع اسمه يا لينا، خلاص كل اللي بينا انتهي، أنا في المستشفي، سقطت الجنين.

شهقة فزعة خرجت من بين شفتي لينا، بينما تفتت قلب جاسر لفتتات توسعت مقلتيه ذعرا، لتكمل هي:
- لو هو جنبك خليه يطلقني، كفاية اوي اللي عمله فيا، أنا موت ابني عشان ما يفكرنيش بالعذاب اللي شوفته معاه، سلام يا لينا.

الو سهيلة استني، الو، غمغت بها لينا متلهفة ولكن بعد فوات الأوان اغلقت الخط حاولت الاتصال بها عدة مرات دون فائدة، رفعت وجهها تنظر لجاسر الذي يقف كالصنم عينيه متسعة حمراء تتهاوي منها دموعه مدت يدها تود أن تمسك بذراعه، ليبعد يدها عنه تحرك للخارج لتهرول خلفه تصيح باسمه:
- جاسر استني يا جاسر، جاسر.

تسارعت خطواته يخرج من المنزل بأكمله وهي خلفه تصيح باسمه، ابتعدت عن البيت تهرول خلفه تحاول اللحاق به، لتظهر فجاءة دون سابق إنذار سيارة سوداء كبيرة نزل منها رجلين ضخام الجثة، اندفع أحدهم ناحيتها يحاول الإمساك بها لتصرخ باسم جاسر تستجديه:
- جااااااااسر.

التفت خلفه سريعا لتتوسع عينيه صاح بها ليركض ناحيتها، كمم احد الرجلين فمها بيسراها ليحملها من خصرها بيمناه يدخلها قصرا الي السيارة، وهي تحاول باستماته تحرير جسدها منه، تصرخ بصوت مكتوم، اقترب جاسر منهم ليخرج الرجل الآخر مسدسه طلقة واحدة استقرت في ذراع جاسر جعلته يسقط أرضا يصرخ من الألم بينما تصرخ هي باسم جاسر صرخات مكتومة تحاول تحرير نفسها باستماتة لتصل لأخيها، ولكن ذلك الشئ الذي انغرز في رقبتها جعلها تصمت تماما ترحل عن الدنيا رغما عنها.

عودة إلي المستشفي، حمزة يجلس امام غرفة أدهم، ومايا تقف أمام الزجاج ترفض التحرك انشا واحدا حتي، وخالد يجلس علي الناحية الأخري، من الممر ينظر لأخيه نادما لا يعرف كيف يخبره أنه السبب فيما حدث لابنه، في تلك اللحظات تحديدا دق هاتف حمزة بصوت رسالة فتح الرسالة ليجد مرسلة من رقم غريب، في البداية عنوان وتحته كُتب ( دا عنوان الواد اللي حاول يقتلك والرصاصة جت في ابنك، الحقه قبل ما يهرب ).

شد علي الهاتف بعنف ينظر للعنوان عدة مرات نيران الإنتقام تحرق قلبه للأخذ بثأره، وضع الهاتف في جيبه، ليتحرك من مكانه اتجه ناحية أخيه يغمغم بهدوء يسبق العاصفة:
- خالد خد مايا وديها عند لينا وبعدين ارجعي أنا هفضل مع أدهم لحد ما تيجي
تنهد خالد متعبا يحرك رأسه إيجابا، قام متجها ناحية ابنه أخيه يمسك بيدها يتمتم برفق:
- يلا يا ماما هنرجعله تاني يا حبيبتي.

حركت رأسها نفيا تتساقط دموعها بعنف بسطت كفيها علي سطح الزجاج تغمغم بحرقة:
- مش هسيبه مش هقدر اسيبه، أنا السبب يا ريتني ما قولتله تعالا، ولا بعتله العنوان
جذبها خالد لاحضانه لتتمسك مايا به تنفجر في البكاء وهو يربت علي رأسها برفق يهمس لها بحنو:
- صدقيني يا بنتي هيبقي كويس والله هيبقي كويس بإذن الله، بس انتي محتاجة ترتاحي شوية، اقولك تعالي نروح تغيري هدومك وتاكلي لقمة سريعة وارجعك تاني، يلا بقي.

حركت رأسها إيجابا تنظر لادهم نظرة خاطفة تودعه بعينيها، أمسك خالد بيدها يتحرك معها للخارج بينما يقف حمزة يراقب، انتظر الي أن رحلت سيارة أخيه، نظر للعساكر التي جاءت بصحبة محمد تقف عند باب غرفة أدهم فهي جناية قتل اولا واخرا يحادثهم:
- خلوا بالكوا منوا
ابتسم أحدهم يحرك رأسه إيجابا يتمتم بهدوء:
- ما تقلقش حضرتك.

حرك رأسه إيجابا ينظر للفراغ لتتبدل نظراته الي أخري سوداء قاتمة، تحرك الي سيارته سريعا يشق الطريق إلي العنوان الذي اُرسل إليه، لا يفكر سوي في الإنتقام...
علي صعيد آخر في الطريق بينما يوصل خالد مايا، دق هاتفه برقم محمد صديقه ليفتح الخط سريعا يسأله:
- ايوة يا محمد حصل جديد
غمغم محمد سريعا بتلهف:
- ايوة يا خالد عرفنا نوصل لعنوان الواد، أنا في طريقي لبيته ومعايا قوة...
تنهد خالد بارتياح يتمتم سريعا:.

- طب ابعتلي العنوان وأنا هوصل مايا واحصلك
أغلق خالد الخط يبتسم متوعدا، يعد بأن يلقن من فعل ذلك درسا لا ينسي.

أوقف حمزة سيارته عند مفترق طرق، الطريق القادم ضيق للغاية لن يسع لسيارته، نزل منها يضع مسدسه في جيب سرواله، تحرك ناحية العنوان، يبحث بين أرقام العمارات المتهدمة القديمة عن رقم العمارة الذي أرسل له إلي أن وجدته، قدحت عينيه شرا ينزل درجات السلم، حسب الوصف، الفتي يعيش في شقة صغيرة في بدروم تلك العمارة المتهدمة، تحركت قدميه ناحية البدروم، ليقابله باب أزرق، اخرج سلاحه يشد أجزائه، حرك بيده الباب ليفتح بسهولة، تحرك للداخل خطوة اثنتين ثلاثة ليقف متسمرا مكانه حين رأي ذلك الفتي ملقا أرضا مقتول بطلق ناري في رأسه، شلت الصدمة جسده للحظات، قبل أن يدوي صوت صافرات سيارات الشرطة، وتتسارع الأقدام تأتي ناحيته...

حمزة ارمي السلاح من ايدك، ايه اللي أنت هببته دا
نظر جواره ليجد محمد يقف هناك عند باب الغرفة ينظر له فزعا، لتخرج من بين شفتيه ضحكة عالية لم يظن يوما انه سيقع في ذلك الفخ الساذج ابدا حركت رأسه يتمتم ساخرا:
- ما يقع الا الشاطر فعلا، برافو يا حمزة
وقف محمد عاجزا لا يعرف ما يفعل أمام جثة وحمزة يقف بمسك بمسدسه، والكثير من الشهود من الجيران والعساكر معه، يقرون بواقعة أن حمزة هو من قتل ذلك الفتي.

تنهد محمد حائرا ليقترب من حمزة يهمس لها متألما:
- أنا آسف يا حمزة بس إنت مقبوض عليك بتهمة قتل
ابتسم حمزة ابتسامة بلا حياة يمد يده لمحمد ابتلع الأخير لعابه مرتبكا ليخرج الأصفاد من جيبه يطوق بها رسغي حمزة، في تلك اللحظة سمعا صوت خالد يصيح مذهولا:
- في ايه، ايه اللي حصل
- أنت حمار الله يخربيتك ايه اللي خلاك تخدرها
- يا عم ما هي كانت عمالة ترفس وتخربش بضوافرها بص ايدي عاملة إزاي.

- يا غبي حاول تفوقها يلا ما ينفعش يغمي عليها...
الكثير والكثير من الجمل تقتحم عقلها دون سابق إنذار، ليغزو أنفها فجاءة رائحة قوية حادة تطرق عقلها بعنف، حركت رأسها نفيا علها تبعد تلك الرائحة التي تصر بعنف علي طرق ثنايا عقلها النائمة، تأوهت بصوت منخفض ترفع يدها تضعها علي رأسها لتسمع صوت ساخر يردد من جوارها:
- أهي البرنسيسة صحيت أهي.

كانت جملته إشارة الخطر التي ايقظت عقلها فجاءة، فتحت عينيها سريعا تنظر حولها لتجد نفسها داخل سيارة تجلس في المنتصف بين رجلين ضخام الجثة، لا يُري منهم سوي العينين وجههم بالكامل ملثم، شهقت حين تذكرت جاسر وما فعلوه بقي لتلهب عينيها غضبا، لا تعرف لما ولكنها حقا لا تشعر بالخوف بل بالغضب، صرخت بشراسة لتحاول بعنف ضرب الرجل الجالس بجوارها بكفيها، تصرخ فيه:.

- جاسر يا حيوانات، أنا هوديكوا في ستين داهية، بابا هيموتكوا، لاء هيدفنكوا عيشين، هتتمنوا الموت من اللي هيعمله فيكوا
اندفع الرجل الآخر يمسك بيديها ليصفعها التي كانت تضربه علي وجهها بعنف، صفعة قوية قاسية جعلت شفتيها تتشقق وتنساب منها الدماء نظرت له بشراسة لتبصق في وجهه، كاد الرجل أن يصفعها مرة أخري حين صدح صوت السائق يصيح فيهم غاضبا:
- في عربية ورانا.

التفت الرجلين ينظران للخلف ليجدا سيارة سوداء ضخمة تلحق بهما، صاح احد الرجلين في السائق:
- سيب الطريق وانزل في الصحرا
حرك السائق رأسه إيجابا سريعا لينحرف بمقود السيارة بعنف لتبتعد عن الطريق بعنف تغوض داخل الصحراء، والسيارة السوداء الضخمة تسرع خلفهم توسعت ابتسامة لينا تنظر للرجلين بحقد ابتسمت تتمتم متشفية:
- مش قولتلكوا هيخليكوا تتمنوا الموت
قبض أحد الرجلين علي خصلات شعرها بعنف يصرخ فيها:.

- اخرسي خالص مش عايز اسمع صوتك
ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي لينا تنظر للرجل بتشفي، أسرعت السيارة السوداء بعنف كبير، تسير حذاهم، لتتوسع عيني لينا في دهشة حين رأت من في السيارة جاسر ومعه معاذ!، تسمع صوت الرجل يصرخ في السائق:
- ما تخليهمش يقفلوا عليك، اخبط العربية حاول تبعدها.

بدأ سائق السيارة التي هي فيها بعنف يصطدم بسيارة معاذ، لتشتعل عيني معاذ غضبا حاول بعنف أن يصطدم هو الآخر بالسيارة ليصيح جاسر فيه محتدا:
- أنت بتعمل ايه يا مجنون؟ لينا في العربية...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة