قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثاني والأربعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثاني والأربعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثاني والأربعون

وصلت سيارة على أسفل العمارة السكنية التي يقطن فيها عمر، نزل على اولا يخرج من صندوق السيارة الخلفي المقعد المتحرك الخاص بعثمان، فتح الباب المجاور للسائق يساعده على الجلوس على المقعد، تجرع عثمان بصعوبة مرارة شعوره بالعجز خاصة في تلك اللحظات ليرسم شبح ابتسامة باهتة على شفتيه، يتحرك بصحبه والديه إلى اعلي
بينما في الأعلي في منزل، تحديدا في غرفة الفتاتين.

جلست سارة جوار سارين على فراشها ابتسامة واسعة تشق شفتيها تتحدث بسعادة:
- أنا بجد مش مصدقة حاسة أنه حلم جميل، بابا وماما اتصالحوا ومش هيتخانقوا تاني، واحنا رجعنا كلنا تاني نعيش مع بعض، وعثمان اتقدملك عشان تتجوزوا أنا بجد مبسوطة عشانك أوي يا سارين.

ارتسمت شبح ابتسامة حائرة على شفتي تحرك رأسها إيجابا لا تنكر سعادتها بما آلت له الامور، ولكنها سعادة شائبة، تشعر بأن العلاقة بين والديها لم تصبح جيدة من الأساس ترى نظرات والدتها المزيفة التي تنظر بها لأبيها، ترى ماذا يخبئان عنهما وعثمان، لا تنفك عن التفكير فيه، كيف حاله هل هو صادق في كلامه ترى اسيحبها يوما، ليلا! بالطبع هي السبب فيما حدث له، أين هي الآن ترى أعثمان يعلم بأنها المجرمة في حقه، الكثير والكثير من الاسئلة تتصارع في عقلها بينما سارة منشغلة بالغناء على أحد الألحان وهي تعيد ملابسها إلى دولابها من جديد...

على صعيد قريب منهم للغاية في غرفة عمر، بعد أن اغتسلت وبدلت ثيابها إلى رداء منزلي وقفت امام المرآه تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة تنظر لانعاكس صورتها في المرآة عينيها مضطربة مشتتة حائرة، تفكر في القادم، هي حقا لا تعرف إلي أين ستأخذها الموجة معه ولكنها على أتم استعداد أن تفعل أي شئ فقط من أجل ابنتيها، اجفلت من شرودها على صوت الباب انفتح ودخل هو، يبدو من خصلات شعره الندي ورائحة الصابون التي انتشرت ما أن دخل أنه اغتسل في الغرفة الاخري، لا يهم ولما تهتم من الاساس، تجاهلت النظر إليه تلتقط مشطها الخشبي تمشط خصلات شعرها بهدوء، بينما وقف هو عند باب الغرفة، ينظر لها يبتسم في عشق أحمق هو ليضيعها من بين يديه، توجهت قدميه ناحيتها تلقائيا وقف بالقرب منها، عاطفته الهادرة تسيطر على تصرفاته، وقف خلفها يضع رأسه على كتفه يهمس لها بصوت عميق حاني:.

- تعرفي أنك حلوة اوي، كل يوم بتحلوي اكتر عن اليوم اللي قبله
ارتجف قلبها بأثر كلماته الحانية ولكنه ليس حبا، حبه فتته هو حين طلقها بكل سهولة دون أن يرتف له جفن، فقط كلماته لعبت على وتر أنوثتها الحزين تعزف لحن هادئ حاني، بلعت لعابها الجاف لتسمك بكفيها كفيه التي تحاوط خصرها تبعده عنها التفت تواجهه نظرات حادة غاضبة اشهرت سبابتها امام وجهه تردف في غيظ:.

- حركاتك دي خليها للهوانم الشمال اللي تعرفهم، أنا قولتلك أنا قاعدة هنا عشان البنات، بينا اتفاق هتكسره هسيبلك البيت وامشي دلوقتي حالا.

تهدل كتفيه، انطفئ بريق عينيه ينظر لها حزينا نادما، يعلم أن جرحها صعب مداواته، قاطع سيل أفكاره صوت دقات على باب المنزل، القي عليها نظرة أخيرة حزينة ليخرج من الغرفة متوجها ناحية باب المنزل ما أن فتحه قطب جبينه متعجبا حين رأي على ولبني ومعهم عثمان، حمحم على في حرج امام نظرات أخيه المتعجبة ليقترب منه يصافحه يردف في حرج:
- أنا آسف يا عمر على الزيارة المفاجأة دي بس...

قاطعه عمر سريعا، ابتسم يردف بحبور وهو يعانق أخيه:
- أنت بتقول ايه يا عم على البيت بيتك طبعا، انتوا مش ضيوف عشان تعتذر، اتفضل، اتفضلوا
دخل ثلاثتهم ليصطحبهم عمر إلى غرفة الصالون...
توسعت عيني سارين وسارة معا ينظران لبعضهم البعض في دهشة لتنقض سارة على شقيقتها تعانقها في سعادة تهمس فرحة:
- عثمان برة اكيد جاي يطلب ايدك، بسرعة بسرعة يلا عشان تلبسي.

هرولت سارة سريعا ناحية دولاب ملابسهم تبحث بين الملابس بتلهف عن افضل ما سيليق بشقيقتها، بينما وقفت سارين متجمدة مكانها عقلها يردد كلمة واحدة، عثمان هنا!

في غرفة تالا سمعت صوت زوجها وهو يرحب بالجمع الآتي، لتقوم سريعا التقطت أحد فستانيها ترديه على عجل، جذبت حجاب من القطن يتماشى مع لون الفستان، خرجت من غرفتها سريعا ناحية المطبخ، تحضر الضيافة المناسبة لهم، وقفت تضع اطباق الحلوي الصغيرة على الصينية واكواب العصير على الصينية الأخري تفكر في سر الزيارة حين دخل عمر إلى المطبخ لتبادر تسأله سريعا:
- هما جايين ليه.

رفع عمر كتفيه لأعلي كأنه يخبرها أنه لا يعلم، ليأخذ احدي الصنيتين وتحمل هي الأخري تتوجه خلفه إلى غرفة الصالون وضعت ما في يدها على الطاولة أمامهم تبتسم في هدوء تردف برحابة:
- اهلا وسهلا منورين والله.

جذبها عمر برفق لتجلس جواره تنظر لهم على يتحدث مع عمر، لبني تجلس صامتة أكل الحزن قسمات وجهه احرق لمعة عينيها التي تراها دائما، أما عثمان فيجلس صامتا ينظر ارضا بلعت لعابها ينقبض قلبها شفقة على ما جري له، لم تكن تتخيل أن الصياد التي طالما حذرت ابنتيها من الاقتراب منه، هنا الآن ليطلب يد ابنتها للزواج والادهي أن ابنته تحبه وهي لم تكن تعلم، اجفلت من شرودها على صوت عثمان حمحم يردف في مزاح باهت:.

- ايه يا بابا خلاص عرفنا أن الاسعار غليت وإن سوق البورصة مش مضمون اليومين دول، مش نتكلم في الموضوع اللي جينا عشانه
ابتسم على ينظر لابنه يحرك رأسه إيجابا حمحم يردف مبتسما:
- بص يا عمر أنا عارف...
وصمت حين بادر عثمان يقاطع والده يقول في هدوء حزين:
- معلش يا بابا سيبني أنا اتكلم المرة دي
حرك على رأسه إيجابا، ليتحرك عمر بعينيه صوب عثمان الذي التقط انفاسه يرسم ابتسامة باهتة بلا معني على دفتي شفتيه يردف:.

- عمي، أنا طالب منك ايد سارين، أنا عارف اني مش العريس اللقطة اللي تتمناه لبنتك أكيد، وعارف أنه كفايا ماضيا المشرف يخليك تطردني من هنا، أنا بس كل اللي طالبة فرصة اثبت فيها أن لما اتغيرت وعمري ما هرجع زي ما كنت، واوعدك اني هحط سارين جوا عينيا، قولت ايه.

تنهد حائرا لا يعرف بما يجيب، يشعر بالشفقة على ذلك الجالس ولكن حتى الشفقة ليست دافعا بأن يوافق عليه ليوافق عليه كعريس لابنته، نظر خلف عثمان ليري سارين تقف تحاول أن تختبئ خلف باب الغرفة الشبه مغلق رأي السعادة تصرخ في عينيها، ليتنهد حائرا قلبه يوافق وعقله يرفض، وهو بين هذا وذاك لا يعرف ما العمل، تنهد يحسم قراره ليردف في هدوء حازم:.

- أنا موافق يا عثمان، أنا كل اللي طالبه منك أنك تحافظ على البنت، لا هقولك هات شبكة بمليون جنية ولا مهر عشرة، ما تآذيهاش، لو جرحتها ولا اذيتها صدقني هنسي اي صلة قرابة بينا وهقتلك، أنا ما عنديش غير بناتي
ابتسم عثمان في تلهف يحرك رأسه إيجابا سريعا، يردف سريعا:
- اوعدك يا عمي، ها نقرا الفاتحة.

نظرت تالا لعمر في غيظ، تجاهل عمر نظراتها عينيه مسلتطين على سارين يبتسم لها يري تلك الابتسامة الكبيرة تحتل ثغرها فيطري قلبه لها، حرك رأسه إيجابا ليرفع الجميع أيديهم لقراءة الفاتحة عدا تالا التي تركت الغرفة بأكملها وغادرت، نظرت لبني فئ أثر تالا تبتسم حزينة، لتنظر لعمر حمحمت تهمس بصوت ضعيف:
- ممكن معلش ادخلها.

حرك عمر رأسه إيجابا سريعا لتتحرك لبني من مكانها متجهه إلى غرفة تالا دقت الباب سمعت صوتها تأذن بالدخول دخلت، تنظر لها تبتسم في شحوب، بينما قطبت تالا جبينها متعجبة، اغلقت لبني الباب تقترب من تالا جلست جوارها على الفراش ابتسمت تلقائيا تساقطت دموعها امسكت بكف تالا تهمس لها راجية:.

- أنا عارفة أنك مش موافقة على الجوازة بنتك تستحق واحد احسن، بس عشان خاطري تالا وحياة بناتك، عثمان محتاج سارين والله عثمان طيب والله بس اهمالي فيه هو اللي عمل فيه كدة، أنا قلبي بيتحرق كل لحظة وأنا شيفاه في حالته دي...
أدمعت عيني تالا تنظر لحالة لبني المنهارة لتقترب تعانقها، انفجرت لبني فئ البكاء بينما حركت تالا رأسها إيجابا كأنها تعطيها موافقة صامتة منها على ما سيحدث.

في الخارج، حمحم عثمان في حرج يحادث عمر بتهذيب لم يعهده قبلا:
- معلش يا عمي ممكن اتكلم مع سارين كلمتين لوحدنا
تردد عمر للحظات ليحرك رأسه إيجابا قام متجها إلى الخارج يبحث عنها ليقطب جبينه متعجبا ألم تكن تقف هنا قبل لحظات توجه إلى غرفتها دق الباب ليدخل رفع حاجبه الأيسر متهكما يردف مازحا:.

- بتفكريني بسالم المسلمي لما كان بيراقب البت شادية من ورا الباب وابو فياض دخل يشوفه لقاه فجاءة على السرير، ايه بتطيري يا حبيبتي
تعالت ضحكات سارة بينما احمر وجه سارين بأكمله من الخجل، اقترب عمر خطوتين منها يعقد ذراعيه أمام صدره يتلكأ قائلا:
- عثمان عايز يتكلم معاكي كلمتين، ها موافقة
خجلت ولم ترد بل اخفضت رأسها ارضا لترتسم ابتسامة متسلية على شفتي عمر يردف في عبث:
- مش موافقة صح، طيب أنا هروح اقوله.

توسعت عينيها في صدمة لترفع وجهها تصيح سريعا بتلهف:
- لاء أنا موافقة، موافقة
التفت عمر ينظر لها يآسا ليقترب على رأسها برفق يردف ساخرا:
- لاء واقعة واقعة ما فيش كلام، أنا عايز اعرف بس أنا كنت فين وانتي بتتربي، يلا يا جوليت هانم.

قالها ليلف ذراعه حول كتفيها يصطحبها معه إلى الغرفة ارتجف قلب سارين ما أن وقعت عينيها عليه لتخفض رأسها سريعا جذبها عمر إلى ابعد اريكة من زاوية عثمان لتجلس عليها نظر لعلي يبتسم مردفا:
- أبو على تعالي اوريك قفص العصافير اللي لسه شاريه، أنا صحيح لسه ما اشترتش عصافير، بس جبت القفص
ضحك على يحرك رأسه إيجابا ليتحرك متجها ناحية عمر، تحركا للخارج ليلتفت عمر لعثمان يردف في غيرة واضحة:.

- 3 دقايق بالظبط وهتلاقيني على دماغك، واياكي تتحرك سنتي من مكانك
ضحك عثمان يحرك رأسه إيجابا سريعا بينما التفت عمر لعلي يحادثه وهما يرحلان:
- قولي بقي اجيب عصافير ايه تليق مع لون باب القفص.

ظل عثمان يتابعهما بعينيه إلى أن اختفيا من أمامه ليلتفت ينظر لسارين التي تنظر ارضا تضم كفيها تفركهما متوترة خجلة لترتسم ابتسامة باهتة على شفتيه يقارن بينها وبين ليلا، لا يعرف ما كان يجذبه في تلك الحية، تلك الحية التي اقسم إن يذيقها العذاب ألوان ما أن يعد كما كان، حمحم ليجذب انتباهها لتلفت منه ضحكة صغيرة حين رأسها إيجابا دون أن ترفع وجهها لتقابله، ابتسم يردف في هدوء:.

- سارين، طب بصيلي، ماشي يا ست المكسوفة، انا بس كنت عايز اشوفك، أنا عرفت أن امتحانتك بعد بكرة وهتستمر 21 يوم تقريبا، ايه رأيك نتجوز بعد امتحاناتك
حركت رأسها ايجابا مرة اخري تهمس بصوت متوتر خجول:
- اللي بابا يشوفه...

ابتسم ينظر لها رغب لو كان يقدر أن يقم من مكانه يتجه اليها يرفع وجهه ينظر لعينيها يخبرها كم هو احمق قبض على مقبضي المقعد بعنف يتنفس بحرقة، لترفع سارين عينيها نظرت له للحظات وابتسمت ليشعر بابتسامتها مسكن يهدئ من حرقة قلبه ولو قليلا!

على صعيد آخر، في منزل شهد
توسعت عيني خالد ينظر لشهد في صدمة مما قالت، بلع لعابه الجاف يشعر بالاختناق والنفور من قربها حل زر قميصه الأول لتبتسم شهد في انتصار ظنا منها أنها ستنال ما تريد، لتجده يتخطاها بهدوء يخرج من الغرفة، توسعت عينيها تشد على أسنانها تهرول خلفه تصيح فيه مغتاظة:.

- استني يا خالد رايح فين، انت مالحقتش تقعد، أنا مراتك زيي زي لينا هانم، ودا حقي عليك، اشمعني هي كل الدلع ليها وأنا لاء
التفت ينظر لعينيها ليدرك في تلك اللحظة أن الحقد أكل قلب شهد عقد ذراعيه أمام صدره ارتفع جانب فمه بابتسامة حزينة يردف:.

- اتغيرتي يا شهد عن العيلة الصغيرة اللي عندها 17 سنة بتتكسف من خيالها، انتي بجد عندك استعداد اني تخوضي علاقة مع واحد ما بيحبكيش، أنا اتجوزتك عشان شعوري بالذنب ناحيتك وانتي عارفة كدة كويسة، أنا ماليش ذنب أن جوزك كان عاجز ولا لاء
توسعت عينيها على آخرهما تعالت أنفاسها تنظر له حاقدة لتمر أمام عينيها شريط سريع من معاناتها القديمة انهمرت دموعها بغزارة تصيح فيه بكره احتبسته لسنوات:.

- لاء ليك الذنب كله ذنبك انت أصلا، أنا حبيتك، حبيتك اوي من قبل حتى ما تعرفني ولا تشوفني، كنت بفضل ابص عليك وأنت معاك لينا هانم حبيبة القلب واتخيل نفسي مكانها، سنين وأنا بس بتفرج، لحد ما الدنيا ضحكتلي اخيرا لما مامتك زينب هانم جت تخطبني لابنها ما صدقتش نفسي كنت هطير من الفرحة اخيرا، هكون معاك هشوف الحنية اللي كنت بشوفها وأنت مع لينا، اغتصبتني بدل المرة اتنين، ولا مرة نديت اسمي من غير ما تتلغبط وتنادي اسمها الاول، كنت بتحرق كل مرة بتقولي فيها يا لينا، حاطط هدومها في حضن هدومك ومش مسمحولي اقرب منها، لما كنت بحاول اقرب منك حتى اقعد جنبك كنت بتبعد عني كأني جربانة وهعديك، لما طلقتني ورجعت لأهلي، شوفت ذل ما حدش شافه خالي اللي ما كان صدق باعني، رجعتله تاني وحامل، كنت بنزل اشتعل واخدمه في البيت عشان ما يرمنيش برة، لحد ما ولدت، ولدت عند داية تحت بير سلم يا باشا، وأنت طبعا خدت مراتك في أكبر مستشفي في البلد عشان تولد، جه مختار وقالي أنه عايز يتجوزوني، واني محتجاه اكتر ما هو محتاجني، هو هيربي الولد، مقابل اني اعيش ساكتة وما فتحش بوقي بكلمة عن عجزه وافقت، ما كنش عندي حل تاني غير اني أوافق، كتب الولد باسمه وكتبنا الكتاب وخدني وسافر، عيشت سنين على هامش حياته، مختار ما كانش يفرق معاه غير أنه يكون عنده طفل، حسام كان حياته كلها، لحد ما مات ورجعت أنت تقولي سامحيني، بتقولي ازاي عندي استعداد اني اخوض علاقة مع واحد ما بيحنيش، ايوة أنا موافقة دا حقي وأنا اتنازلت عن حقي كتير اووي.

اخرجت كل ما يجيش في صدرها لتنهار أرضا على ركبتيها تنفجر في البكاء، وقف هو مكانه اغمض عينيه يردع دموعه بعنف، مأساة كان سببها هو، لينا وشهد وهو يقف في المنتصف هو بين قلبه العاشق لاولي وشعوره بالذنب القاتل ناحية الثانية يقف ممزق حائر مشتت، انحني بجذعه العلوي يمسك ذراعيها بكفيه لتقف أمامه أبعد كفيها عن وجهها يمسح دموعها بكفيه برفق ابتلع غصته يهمس بصوت نادم معذب:.

- سامحيني يا شهد، أنا عارف إن كلمة سامحيني، أنا آسف مش هترجع اللي راح بس
قاطعته حين ارتمت في صدره تلف ذراعيها حول عنقه تتمتم من بين نشيجها الحار:
- عشان خاطري يا خالد خليك جنبي ما تسبينش، أنا خلاص ما فضليش في الدنيا كتير
نيران تحرق جسده، جسده يرفض اي انثي أخري تحاول الاقتراب منه، بلع لعابه يقطب جبينه خاصة مع جملتها الاخيرة أمسك ذراعيها يبعدها عنه يسألها:
- يعني ايه ما فضلكيش في الدنيا.

ابتسمت ابتسامة باهتة لتنزع يديها من يده تمسح دموعها، أتخبره أنها مريضة قلب في مراحل متأخرة تحيي بالأدوية حتى حسام لم تخبره بذلك، حمحمت تهمس بخفوت:
- أنا بس حاسة اني هموت قريب
ابتسم يآسا، ربما فقط تتوهم بسبب سوء حالتها النفسية، تنهد يمسح على رأسها برفق:
- بيتهيئلك بس عشان نفسيتك اليومين دول...

مال يطبع قبلة على جبينها في تلك اللحظة دخل حسام من باب المنزل يصفر بإندماج، توقف عن الحركة توسعت عينيه في صدمة يردف في حدة:
- ايه اللي أنا شايفه دا، وفي الصالة كمان طبعا ما أنا رابطة بقدونس في البيت
ضحكت شهد عاليا لتتجه ناحية ابنها تعانقه تهمس له بحنو:
- حمد لله على السلامة يا حبيبي، احضرلك الغدا
قلب عينيه يشيح بوجهه في الاتجاه الآخر عقد ذراعيه أمام صدره يتمتم حانقا:
- لاء مش عايز منك حاجة.

ابتسمت شهد في مكر تحادثه كأنه طفل صغير قرصته من خده تتمتم بعبث:
- خلاص انت حر، هاكل أنا المكرونة بالبشاميل
نظر لها بطرف عينيه ليعاود النظر بعيدا يتمتم بكبرياء زائف:
- يعني ايه مكرونة بالبشاميل يعني، اللي بيبقي فيها مكرونة وبشاميل ولحمة مفرومة وبشاميل وجبنة موتزريلا كتير على الوش بتشد كدة...
وجه انظاره لوالدته يردف مكملا بنفس النبرة المكابرة:.

- اتفضلي يا استاذة مش أنا اللي يغريني الكلام دا، طبق كبير بسرعة أنا بيغريني الكلام دا عادي
ضحكت شهد بانطلاق على مزاح طفلها لتقرص خدها تتوجه للمطبخ تعد الغداء، اختفت ابتسامة حسام ينظر لوالده الذي يقف هناك صامتا، اقترب منه وقف أمامه يهمس له بخفوت:
- أنت كويس يا بابا.

رفع خالد وجهه ينظر لحسام يبتسم في شحوب يحرك رأسه إيجابا، ربما حسام هو السلوي الوحيد لما في الأمر بأكمله، قطب جبينه فجاءة حين تذكر مكالمة تالا لينظر لابنه بشراسة يردف متوعدا وهو ينزع طوق خصره الجلدي:
- صحيح يا حوسو مش مرات عمك كلمتني بتشكرني على اني عرفتهم على دكتور شهم زيك، ساعد سارة مرة واتنين وراحلهم لحد البيت يودي الملازم عشان ما تتعطلش سارة عن مذاكرتها يا حنين، رايحلهم البيت من ورايا يا حيوان.

انهي كلام ليجذي طوقه بأكلمه يثينه فئ كفه بينما توسعت عيني حسام فزعا، ابتعد خطوة للخلف ابتسم في بلاهة يردف:
- أنا هفهمك كل حاجة، في الواقع البحر فيه قواقع
قالها ليفر راكضا إلى غرفته وخالد خلفه ما كاد حسام يدخل إلى الغرفة حاول غلق الباب ليجد خالد يدفعه بعنف من الخارج قبل أن يغلقه دخل خلفه إلى الغرفة يغلق الباب عليهم من الداخل، توسعت عينيه حسام ذعرا ينظر لابيه متوجسا يسأله:
- انت هتعمل ايه يا حج.

توسعت ابتسامة خالد الخبيثة شمر عن ساعديه ينظر لحسام متوعدا:
- هنرقص Dance يا حبيب أبوك.

وقف في مكانه في الصالة ينظر لباب غرفة شاهيناز المغلق ليأخذ طريقه إلي غرفة شاهي، يتوعد لها في نفسه خاصة حين تذكر ما جري قبل ساعات طويلة
حين كان يحتضن سهيلة وصدح صوت هاتفه ألقاها من يده برفق مازحا التقط الهاتف ليري اسمها، فتح الخط ليسمع صوتها تصرخ فزعة:
- الحقني يا جاسر أنا بنزف ابنك هيموت يا جاسر.

كم رغب في أن يبصق عليها ويخبرها بأنها عاهرة رخيصة ولكن القصة لم تكتمل بعد، اصطنع الفزع ببراعة حين صرخ:
- ايه طب أنا جاي حالا
قالها ليهرول للخارج عليه أن يحكم حبال خطته حولها، عليها أن تصدق أنها بالفعل بدأ يحبها، سريعا ذهب إلى شقته فتح الباب ليجدها ملقاه على ارض الصالة تغرق في بحر من الدماء نظر لها مشمئزا للحظات ليركض اليها رفعها بين أحضانه يسألها فزعا متلهفا خائفا:.

- شاهي، شاهي مالك يا شاهي، ايه الدم دا
فتحت عينيها بقدر بسيط لتنساب دموعها تتمتم باكية:
- الحقني يا جاسر ابنك هيموت، اتزحلقت ووقعت على ضهري مش قادرة اقوم وبقالي كتير بنزف
حرك رأسه إيجابا سريعا بهلع، ليهب سريعا أحضر عباءة سوداء يلبسها إياها ليحملها بين ذراعيه يهرول بها إلى أسفل وضعها في سيارته يستقل مقعد السائق يتمتم سريعا بهلع:
- انتي بتابعي مع دكتور ولا دكتورة مش كدا.

حركت رأسها إيجابا تنظر له بوهن، ليردف سريعا وهو يدير محرك السيارة:
- قوليلي عنوانه بسرعة
رأي ابتسامتها المنتصرة حين ظنت أن خطتها تسير وفق هواها، ارشدته إلى الطريق ليصل بها بعد قليل، حملها يصعد بها إلى اعلي يصيح كعاشق خائف:
- بسرررعة الحقوني مراااتي وابني.

هرع بها إلى غرفة الكشف، يضعها على الفراش لتطلب منه الطبيبة الانتظار خارجا إلى أن تنتهي، ولأجل صالحها انصاع مرغما لطلب الطبيية خرج من الغرفة يقف يستند بظهره إلى الحائط ينظر ارضا يبتسم ساخرا، دقائق طويلة ووجد الطبيبة تخرج من الغرفة تخلع قفازيها عدلت من وضع نظارتها تردف قي عملية:.

- مدام شاهيناز قالتلي أن حضرتك اسمك جاسر، بص يا أستاذ جاسر الواقعة حقيقي كانت صعبة على الجنين والحمد لله اننا قدرنا نوقف النزيف، بس لازم راحة تامة ما تتحركش تاني، والا لقدر الله هنفقد الجنين
اكتسي الحزن عينيه نظر للطبيبة للحظات ليردف بصوت مختنق حزين:
- ممكن ادخل اشوفها.

حركت الطبيبة رأسها إيجابا تفسح له الطريق، ليدخل إلى الغرفة بخطي متلهفة، اقترب منها سريعا جذب مقعد يجلس على المقعد جوار فراشها امسك كفها يقبله يغمغم في ندم:
- شاهي سامحيني يا حبيبتي على اهمالي ليكي، ابني كان هيموت بسبب اهمالي، سامحيني يا حبيبتي ما عرفتش قيمتك الا بعد ما كنتي هتضيعي مني
في تلك اللحظة حركت رأسها ناحيته ترفع يدها تبسطها على وجهه تهمس بخفوت حاني:.

- ما تلومش نفسك يا جاسر، أنت مالكش ذنب، الحمد لله ابننا عايش
حرك رأسه نفيا بعنف يقبل كف يدها يهمس باكيا:
- لاء أنا السبب أنا اللي كنت هضيعك من أيدي محملك ذنب مالكيش ذنب فيه، بس خلاص مش هسيبك لوحدك تاني، انتي هتيجي تعيشي معايا، عشان اخد بالي منك ومن ابني، أنا هروح احضر شنطة هدومك واجي مش هتاخر يا حبيبتي
وقد كان ذهب جاسر سريعا إلى شقتهم يحضر حقيبة ملابسها، وجد هاتفها فتحه ليجد رسالة من مراد، فحواها.

« نفذي الخطة اللي اتفقنا عليها »
ابتسم ساخرا يقبض على الهاتف بعنف سيريهم كيف تكون الخطط بحق، عاد اليها ليحملها برفق يضعها في سيارته متجها بها إلى منزله الذي يقطنه بصحبة سهيلة، يعرف انها ستكون صدمة لسهيلة ولكنه سيخبرها بكل شئ
Back
اجفل من شروده على صوت رنين هاتفه عاد يلتقطه، ليجد رقم والده فتح الخط يضع الهاتف على اذنه ليسمع صوت رجل غريب يردف بعملية:.

- حضرتك هنا مستشفي (، ) صاحب التليفون دا عمل حادثة واتنقل المستشفي ودا آخر رقم اتسجل انه كلمه
صدمة عصفت بكيانه بروده قارصة سرت في اوصاله شعور بالذعر تمكن منه صرخ باسم والده بصوت عالي لتنهمر دموعه، خرج يركض من المنزل استقل سيارته يقودها بجنون يكاد لا يري من عنف دموعه التي تغطي عينيه، لا يعرف حتى كيف وصل كل ما يعرفه أنه فجاءة وجد نفسه امام المستشفي...

خرج من السيارة يركض لداخل المستشفى وقف أمام مكتب موظف الاستقبال يصيح فيه خائفا:
- رشيد الشريف، بابا حد كلمني وقالي انه عمل حادثة هو فين هو كويس
لم تتغير تعابير الموظف الهادئة فقط حرك عينيه للحاسب الآلي أمامه يحرك أصابعه على لوحة المفاتيح بخفة وعملية أردف:
- رشيد راشد الشريف في غرفة رقم (، ) في الدور التاني.

ما إن انهي الرجل كلامه ركض جاسر كالمجانين يصعد للطابق الثاني، يبحث بين أرقام الغرف بذعر إلى ان وقعت عينيه على رقم الغرفة وجد في تلك اللحظة طبيب يخرج من الغرفة ليهرع إليه يسأله مذعورا:
- بابا، بابا، طمني يا دكتور
حمحم الطبيب يردف في هدوء مترفقا بحال الشاب:.

- الحمد لله جات سلمية، عنده كسر في رجله اليمين ودراعه الشمال وكدمات متفرقة خصوصا في منطقة الضهر يعني محتاج راحة تامة وانه ما يتحركش خالص ندعي بس إن الاربعة وعشرين ساعة الجايين يعدوا على خير.

حرك جاسر رأسه إيجابا ليهرع إلى غرفة والده فتح الباب وقف عنده ينظر لوالده ساقه في جبيرة وكذلك ذراعه وشاش ابيض يلتف حول رأسه وكدمات متفرقة في وجهه، انهمرت دموعه بعنف ليقترب من فراش والده جلس على ركبتيه جواره امسك كفه السليم يقبله يهمس باكيا:
- سامحني يا بابا أنا غبي وحمار ومتخلف، قوم إنت وأنا هعمل اللي أنت عاوزه هقفل المطعم هطلق شاهيناز وسهيلة، هرجع الأرض تاني، بس عشان خاطري ما تسبينش.

بصعوبة شديدة سحب رشيد يده من يد ابنه ليرفع جاسر وجهه له سريعا بتلهف، بلع لعابه خاصة حين رأي تلك النظرة الجافة المعاتبة في عيني والده ليسمعه يهمس بصوت ضعيف متعب:
- أنت ايه اللي جابك هنا، امشي أنا مش عايز اشوفك، اعمل اللي أنت عاوزه خلاص ما بقاش ليا علاقة بيك، بس طلق سهيلة وسيبها، صدمتي في البية نستني الغلبانة اللي اتصلت تستنجد بيا، طلقها يا جاسر بالذوق احسنلك.

حرك جاسر رأسه إيجابا اخفض رأسه إيجابا يتمتم بخزي:
- حاضر يا بابا هعملك كل اللي أنت عاوزه.

بعد يوم آخر اظهرت فيه تقدما ملحوظا في الاختلاط بالناس تتحرك تضحك تتسابق معه عادت معه إلى غرفتهم القت بنفسها على الأريكة تضحك تقول مبتسمة:
- ااااااه يا اني تعبت اوي النهاردة، بس شوفت سبقتك 3 مرات
رفع حاجبه الأيسر متهكما هو من كان يتركها تسبقه حتى لا تبكي بلا توقف كالأطفال والآن تتباهي بإنجازاته هو، ابتسم يردف مازحا:
- ماشي يا ستي انتي كسبتيني، هروح اخد دش، وننزل نتغدي تحت.

ابتسمت تحرك رأسها ايجايا لتلقي بجسدها تتمدد على الاريكة تتصفح صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي بينما دخل زيدان للاستحمام، لحظات ورأت رقم غريب يضئ على شاشة هاتفها رفعت كتفيها متسأله لتفتح الخط تضع الهاتف على أذنيها سمعت صوته يهتف متلهفا:
- الو يا لينا أنا معاذ، المرة دي ما تقفليش السكة يا لينا اسمعيني أنا أنا هحكيلك كل حاجة، زيدان هو...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة