قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثامن والسبعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثامن والسبعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثامن والسبعون

في الحارة، تحديدا في منزل السيدة منيرة
أبعدت روحية منيرة عن أحضانها بعد أن هدأت من موجة بكائها العنيفة، مدت يدها تمسح دموع الفتاة بحنان يفيض من عينيها، امسكت ذراعيها تشد عليهما تتمتم في حزم:
- خلاص يا روحية اللي راح، راح مش هتفضلي طول حياتك تبكي علي اللي فات، نبص لقدام، أنا لقيتلك شغل علي فكرة.

توسعت عيني روحية في ذهول تنظر لمنيرة مندهشة لتحرك الأخيرة رأسها إيجابا تؤكد كل حرف قالت تردف:.

- واحدة معرفة من زمان، بيتشتغل في عيادة دكتور بتدخل العيانين وتنظمهم بيقولوا عليها السكرتيرة دي، هتقعد من الشغل عشان عيالها التؤام في ثانوية عامة السنة دي وعايزة تركز معاهم في المذاكرة، جوزها ما شاء الله راجل كسيب وفاتح بيته ومكفيه وقالها كفاية كدة شغل مالوش لازمة، وقصدتني اشوف حد يجي مكانها، ها قولتي إيه.

توترت حدقتي روحية في حيرة يأكلها الخوف والفزع، بعد ما حدث لها باتت ترتعب من الناس نظراتهم أحاديثهم حتي رؤيتهم باتت تخيفيها، لن تسلم من ألسنتهم الحادة التي تلقيها بأقذع الكلمات، حركت رأسها نفيا بعنف ترفض الفكرة من أساسها، لتشد منيرة علي يدها تحادثها بحدة:.

- ما فيش حاجة اسمها لاء يا روحية، أنا مش هسيبك تدفني نفسك بالحيا، عيادة الدكتور أصلا في حتة بعيدة عن المنطقة دي بكل اللي فيها، ويبقي حد يفتح بوقه معاكي بربع كلمة.

طب ومراد، همست بها روحية بنبرة خافتة مفزوعة، لتشيح منيرة بيدها بلامبلاة تتمتم ساخرة:
- انتي فاكرة أنه هيجي تاني، أنا سمعته بيتكلم في التليفون بيقول أنه مسافر ودا لما بيغيب بيقول عدولي، المهم انتي الست هتسيب الشغل آخر الاسبوع دا، فكري كويس
ماشي يا روحية.

ابتلعت صحراء لعابها الجاف تؤمي برأسها إيجابا، تفكر.

بالقرب منهم في غرفة أدهم علي فراشه يجلس هو يمد ساقه المكدومة، وتجلس هي علي مقعد يلتصق بالفراش وجهه مقابل لوجهها، مد يده يمسك بكف يدها يشبك أصابعه في أصابعها لترفع وجهها إليه ترميه بنظرات عتاب قاسية حزينة ليتنهد بحرقة يهمس لها بشغف:.

- والله بحبك، بحبك أكتر من روحي، سنين وأنا بتعذب بحب الناس كلها شيفاه حرام، يوم ورا يوم وانتي بتكبري قدام عينيا، وبيكبر عشقك في قلبي، بغير عليكي من روحي، أنا عارف اني غلطت، غلط كبير، خنت أبويا اللي رباني، لما حبيت بنته، بس غصب عني، باباكي لما اتبناني كان عندي 8 سنين كنت كبير وفاهم وعارف أن دا مش بابا، وانتي مش اختي، وغلطت تاني لما سمحت لشيطاني يتحكم فيا وكنت عايز انتقم من أبويا، أنا بتعذب كل لحظة بنار الندم كل ما بفتكر هو قدملي إيه وكنت هرد جميله بإيه، بحس إن أنا أسوء إنسان في الدنيا، بكره نفسي لأني فكرت حتي أني ااذيكي، سامحيني يا مايا، أنا ما فيش في ايدي اي حاجة غير اني اقولك سامحيني أنا آسف، أنا اقذر إنسان في الدنيا.

أنا بحبك، قاطعت سيل اعترافته وندمه الفائض بتلك الجملة القصيرة، فقط كلمة وضمير اخرستا لسانه، تفجرت دقات قلبه تدق قفصه الصدري بعنف تطالب بتحريرها، ملئت الدموع عينيه ليشعر بأصابعها تشد علي كفه، انهمرت دموع مقلتيها تهمس له:.

- من زمان وأنت كل حاجة ليا في الدنيا، من غيرك حاسة اني غريبة تايهة، حتي نفسي مش عرفاها، روحي بتدور علي اللي ضايع منها، عارف أنا دلوقتي عارفة أنا مين حاسة بروحي وكياني، لما بتبقي بعيد بحس إن أنا تايهة وسط الناس...

خطت دموعه فوق وجهه ينظر لها متوترا همس مرتبكا خائفا:
- يعني سامحتيني مش كدة.

ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تحرك رأسها إيجابا لتنهار جميع حصونه الزائفة اسرع يجتذبها يعتصرها بين أحضانه، يشدد علي عناقها بقلبه لا بذراعيه، انهمرت دموعه انهارا
لا يجد ما يقوله لسانه يعجز عن الكلام وقلبه يعجز عن التوقف عن الصراخ فرحا، حلقة ناعمة من المشاعر تحلق بقلبه، حلقة تفتت فجاءة حين سمعها جملتها الخافتة الباكية:
- هتوحشني يا أدهم هتوحشني أوي.

قطب جبينه متعجبا قلقا من جملتها ابعدها عنه ينظر لها يسألها متوترا:
- ليه بتقولي كدة يا مايا، أنتي مش سامحتيني خلاص، كل حاجة هترجع زي ما كانت.

حركت رأسها نفيا بعنف صاحبه دموعها الغزيرة خرجت منها شهقة عالية تهمس بحرقة:
- دي آخر مرة هشوفك فيها، بابا مصمم اننا نرجع دبي بكرة، حاولت اعترض علي قراره زعقلي وقالي هتسافري بمزاجك، او رجلك فوق رقبتك، عشان كدة كان لازم اشوفك علي الأقل اودعك.

أعطته الحياة السعادة للحظات قليلة لتعاود بقسوة سلبها منه ترحل تغادر بعيدا لن يراها مجددا بعد أن رآها أخيرا، قلبه بعد أن كان يصرخ فرحا، بات يصرخ ألما، قهرا، كمدا، حرك رأسه نفيا بعنف يحتضن وجهها بين كفيه يهمس لها ملتاعا:
- ليه، أنا ما صدقت سامحتيني، ليه تبقي فرحتي عمرها قصير اوي كدة...

اخفضت رأسها ألما ما باليد حيلة، اندفع يطوقها بين ذراعيه من جديد ربما للمرة الأخيرة قبل أن تغادر بلا عودة، خرجت من بين شفتيه أهه ملتاعة ممزقة يشعر بها جوار قلبه تحتضنه وهو يفعل المثل، لحظات قبل أن يُفتح باب الغرفة بهدوء تاااام لم ينتبه له اي منهما، لم يسرق تلك اللحظات منهما سوي صوت حاد ساخر يعرفه كلاهما جيدا:
- دا إيه المبالغة في المشاعر دي...

توسعت عيني مايا فزعا حين سمعت صوت والدها يأتي من خلفها مباشرة ابتعدت عن أدهم سريعا تنظر لوالدها بأعين حاجظة مذهولة، تنظر لعينيه الحادة المشتعلة غضبا، رفع يده يصفق ببطئ شديد يتمتم متهكما:
- لاء برافو عليا حقيقي برافو، برافو يا حمزة عرفت تربي، بنتك في حضن راجل غريب علي سريره، معلش لو كنت قطعتكوا قبل ما تجيبوا آسر وياسمين...

ارتجف جسد مايا ذعرا تفكر في أسوء ما يمكن أن يفعل والدها في تلك اللحظات، انتفضت واقفة من جوار أدهم وقفت جوار فراشه تنظر لوالدها متوترة بينما لا تتغير ابتسامة أدهم التي ظهرت فجاءة علي شفتيه، اشار للمقعد المجاور لفراشه التي كانت تحتله مايا قبلا يغمغم في هدوء:
- اهلا اهلا حمزة باشا اتفضل اقعد أنت مش غريب بردوا.

شد حمزة قبضته يرمي أدهم بنظرات قاتلة ذلك الفتي يطبق جيدا ما عمله هو، ولكن عذرا لن يتفوق التلميذ علي الأستاذ ابدااا، جذب حمزة المقعد يجلس فوقه يضع ساقا فوق أخري يرمي كلاهما بنظرات قاتلة شديدة الغضب يتمتم ساخرا:
- ما غريب الا الشيطان يا راجل، دا أنا يا دوب، الراجل اللي رباك طول عمرك، أنا المغفل اللي بتقرطسه مع بنته...

انتفض قلب مايا خوفا وابتسامة أدهم كما هي لم تهتز حتي، كتف ذراعيه أمام صدره يغمغم مبتسما:
- ليه حضرتك بتقول كدة، يعني حضرتك شوفتني بحضن مايا قدامك أكتر من ألف مرة وما كنتش بتضايق يعني.

انفجرت دماء حمزة غضبا لينتفض من مكانه يقبض علي تلابيب ملابس أدهم بقبضته اليمني فقط يصرخ فيه:
- أنا اللي غلطان اني ربيت تعبان في بيته، اعتبرته إبني ما فرقتش بينه وبين بنتي، الغلطة غلطتي أنا، إني وثقت في عيل قذر زيك.

أنت جاي تتجهم علي ابن ابني يا راجل إنت، امشي اطلع برة، برة قبل ما ارقع بالصوت وألم عليك رجالة الحتة كلها.

صدر ذلك الصوت الحاد من منيرة الواقفة عند باب الغرفة تنظر لحفيدها مذعورة من هجوم ذلك الرجل عليه، التفت أدهم لجدته يتمتم في مرح:
- بس بس اهدي يا جدتي، حمزة باشا أبويا اللي رباني من وأنا عيل صغير، يعمل اللي هو عايزه، روحي معلش اعمليله فنجان قهوة مظبوط.

نظرت منيرة لحمزة شرزا، لتغادر علي مضض عينيها معلقتين بأدهم، التفت حمزة لأدهم يبتسم ساخرا، يتمتم متهكما:
- لاء أنا كدة اتثبت، ونعمة التربية حقيقي.

لفظ أدهم بعنف بعيدا عنه يتوجه ناحية مايا قبض على رسغ يدها يهمس لها بصوت خفيض حاد متوعد:
- ورحمة أمك ما هتشوفي الشارع تاني بعد اللي عملتيه دا
شدد كفه حول رسغ يدها يجذبها معه ما كاد يتحرك بها خطوة واحدة سمع صوت أدهم يردف سريعا:
- ثواني يا حمزة باشا معلش في حاجة أنت كنت وعدتني بيها وما نفذهتهاش ودا عيب كبير في حقك.

توقف حمزة عن الحركة ليلتف خلفه نظر لأدهم مستهجنا يرفع حاجبه الأيسر ساخرا:
- حاجة ايه يا أدهم بيه.

توسعت ابتسامة أدهم يتمتم بدهشة أجاد تصنعها:
- نسيت يا باشا معقولة افكرك، يوم حادثة الأسانسير لما أنقذت مايا منه، قولتلي أنك مستعد تديني اي حاجة اطلبها مكفاءة لمسعدتي لبنتك.

نظر حمزة لادهم باشمئزاز، ترك يد ابنته يضع يده في جيب سترته يخرج دفتر صغير للشيكات، فتحه يلتقط قلمه عاد ينظر لأدهم يتمتم ساخرا:
- عايز كام.

صمت للحظات طويلة رفع ادهم كف يده يشير لمايا الواقفة جوار الباب، ليعاود النظر لحمزة يتمتم مبتسما:
- عايز مايا وقبل ما تفهمني غلط أنا عايز اتجوزها.

خرجت ضحكة عالية ساخرة من بين شفتي حمزة مزق ورقة من دفتر الشيكات يضعه في جيبه من جديد، خط بضع الكلمات علي الورقة يلقيها جوار أدهم، نظر له باستخفاف ليرفع سبابة يمناه يشير له من أعلي لاسفل يتمتم ساخرا:.

- أنت عايز تتجوز بنتي، بنت حمزة السويسي، أنت مين اصلا، حتة موظف لا راح ولا جه ساكن في حارة، أنت فين وهي فين ما تبصش فوق عشان رقبتك ما تتكسرش، خد القرشين دول، نظير مساعدتك لبنتي، غير كدة مش عايز اشوف خلقتك تاني.

التفت لابنته ليراها تنظر له نظرات مصدومة حانقة دموعها تغطي وجهها بعنف حركت رأسها نفيا تصيح محتدة:
- ليه، بتعمل كدة ليه، هو غلط، كلنا بنغلط، واكيد أنت نفسك غلطت، أدهم ندمان وعايزك بس تسامحه وأنت بتدمره بكلامك، أنا بحب أدهم ومش هتجوز غيره، ومش هسافر معاك، أنت خلاص اتجوزت وعايز تعيش حياتك أنت حر أعمل اللي أنت عايزه، سيبني أنا كمان أعيش حياتي...

ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيه ينظر لابنته ولأدهم ينقل انظاره بينهما بات هو شرير الحكاية الآن من يحاول التفريق بين عاشقين خاناه بسكين الثقة التي اسلمهم إياها، دون حرف آخر قبض علي يد ابنته يجذبها خلفه للخارج متوجها بها الي سيارته، دفعها إلى أريكة السيارة الخلفية ليستقل هو مقعد السائق
ينطلق إلي وجهته لا يسمع سوي صوت بكائها ونشجيها الحار.

في منزل خالد السويسي.

تهاوي بجسده علي الأريكة يخفي وجهه بين كفيه، عقله متوقف يعجز عن تفسير ما حدث ويحدث الآن، لينا لم تتفهم طريقتها الغريبة، نظراتها حتي كلامها، كأنها أخري غير التي أحبها وتزوجها وهام بعشقها جنونا، يعذرها يعطيها كامل الحق لما تفعل، لن يتركها مهما حدث جاسم بالطبع سيفعل ما بوسعه ليفرقهم وهو حقا لن يسمح، في خضم موجة افكاره المبعثرة الحزينة، نسي شيئا، توسعت عينيه فزعا هب واقفا يصفع جبينه براحة يده يتمتم متلهفا:.

- حسام!

خرج يهرول إلي سيارته استقلها ينهش الطريق تحت عجلات السيارة، انتشل هاتفه يطلب رقم صديقه، لحظات وسمع صوت الخط يُفتح قبل أن ينطق بكلمة واحدة بادر خالد يتمتم بنبرة ممزقة:
- محمد أنا محتاجلك يا محمد، أنا رايح على مستشفي (، ).

قاطعه محمد قبل أن ينطق بحرف آخر يغمغم سريعا:
- مسافة السكة وهبقي عندك، كل حاجة هتبقي تمام، اهدي، أنا جايلك.

اغلق محمد الخط وخالد يلتهم الطريق إلي المستشفى، حسام لينا ابنته زيدان شهد صور كثيرة متداخلة تمر أمام عينيه، يشعر بالعجز بل هو والعجز سيان في تلك اللحظة اغشت طبقة حارقة من الدموع مقلتيه، صدم قبضته بعنف في المقود تنهمر دموعه قلبه يحترق مع دموع عينيه، تسارعت دقات قلبه يشعر بألم بشع يغزو صدره، جذب رابطة عنقه يرميها بعنف يفتح ازرار قميصه الأولي يحاول التقاط أنفاسه، لا يعرف حتي كيف وصل للمستشفي، اوقف السيارة نزل سريعا يسأل عن رقم الغرفة اخبرته بها موظفة الإستقبال، ليأخذ طريقه سريعا إلي الطابق الثاني الغرفة 234، لم يستمر البحث طويلا وجد حسام يجلس علي أحد المقاعد أمام أحدي الغرف هرع إليه يسأله متلهفا:.

- حسام أنت كويس، طمني شهد عاملة إيه.

لحظات صمت طويلة قبل آت يرفع حسام وجهه ويري خالد عينيه الحمراء ككرات دم انفجرت دموعه التي تغرق وجهه وجهه الشاحب، ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي حسام يتمتم متهكما:
- أنت لسه فاكر تسأل...

ابتلع خالد لعابه متوترا ينظر لحالة إبنه المذرية، بينما رفع حسام يده يشير إلي باب الغرفة المغلقة أمامه انهمرت دموعه يتمتم بحرقة:.

- أمي لو حصلها حاجة أنا مش هسامحك عمري كله، امشي مش عايز اشوفك، روح للينا هانم، هي أغلي عندك من الكل، مستعد تدوس علي الكل عشانها، حتي أمي أنا اذيتها ودوست عليها عشانها، وأنا استحملت ورضيت اني ابقي ابنك في الدري عشان خاطر الهانم، سيبت أمي بتموت وجريت ورا الهانم، امشي من هنا روحلها، أنا مش عايز اشوفك.

مد خالد يده يحاول أن يربت علي كتف إبنه عله يهدئ قليلا، ليدفع حسام يده بعنف هب يصرخ فيه بحدة:
- بقولك امشي من هنا، أنت ما بتفهمش.

تنفس خالد أنفاس عميقة يحاول بها السيطرة علي أعصابه الثائرة من وقع كلمات ذلك الارعن، تحرك يجلس علي المقعد المجاور له جذب كف يده بعنف ليعاود الجلوس، ابتسم يتمتم في هدوء:
- لاء فاهم ومقدر الحالة اللي أنت فيها كويس، والا كنت رقدتك في سرير جنب أمك وكان زمانهم بيدوروا علي دكتور يعالجك يا دكتور...

نظر حسام له نافرا ليعاود إخفاء وجهه بين كفيه يدعي لوالدته إن يمر الأمر دون أن يخسرها منذ ساعات طويلة وهي داخل الغرفة يكاد يموت خوفا عليها، اخيرا سمع صوت الباب يفتح هب يهرول ناحية الطبيب الذي خرج توا يسألها متلهفا كطفل صغير خائف:
- طمني عليها، ماما كويسة ارجوك قولي آه.

نظر الطبيب له مشفقا، تنهد يهمس في حذر:
- للأسف حالة القلب صعبة ما ينفعش معاها علاج، لازم يتعملها عملية في أسرع وقت، وللأسف بردوا نسبة نجاحها قليلة.

صدمة تليها أخري تقع علي رأس حسام عينيه علي وشك أن تخرج من مكانها قلبه توقف عن النبض صمتت جميع الأصوات من حوله حتي الطبيب ما عاد يسمع ما يقول اغمض عينيه تنهمر دموعه ليسمع صوت والده العزيز يحادث الطبيب قائلا:
- بكرة الصبح هتسافر لمستشفى (، ) في لندن هما مجاهزين كل حاجة ومستعدين للعملية...

اومأ الطبيب برأسه إيجابا يتمتم في هدوء:
- يكون افضل بردوا، والمستشفى هتكون تحت امركوا بعربية إسعاف مجهزة لحد المطار...
غادر الطبيب، ليلتفت حسام لخالد يسأله محتدا:
- أنت كنت عارف أنها تعبانة؟!
حرك رأسه إيجابا ببطئ تنهد بحرقة يحادثه بترفق مراعاة لحالته المتأزمة:
- عرفت منها من فترة بسيطة، ووصتني ما اقولكش.

ارتسمت ابتسامة ساخرة كبيرة علي شفتي حسام يقهقه متألما عاود ينظر لوالده انهمرت دموعه بعنف يصرخ حاقدا:
- ولما عرفت عملت إيه ولا حااااااجة، قولت اسيبها تموت اهو بالمرة اخلص منها ومن الذنب اللي لافة رقبتي بيه، أنا بكرهك، بكرهك أكتر مما تتخيل.

حسام اهدي يا حسام، اهدي يا صاحبي، اندفع زيدان سريعا يقف حاجزا بين حسام وخالد يمسك بذراعي حسام يحاول تهدئته، انهار حسام باكيا ما أن رأي صديقه ليرمي بما به من خوف وقلق وهم علي كتف صديقه رمي نفسه بين ذراعي زيدان يصيح بحرقة:
- امي هتموت يا زيدان، أنا مش هعرف اعيش من غيرها، مشيه من هنا قوله يمشي، مش عايز اشوفه.

اسرع زيدان يسند صديقه يربت علي رأسه برفق كأنه طفل صغير، بينما يقف خالد بالقرب منهم قلبه يتفتت إلي شظايا تدمي روحه وصوت بكاء حسام يعلو، اقترب منهم خطوة واحدة ليحرك زيدان رأسه نفيا سريعا يخبره إلا يفعل، وقف يقبض كفه يمنع نفسه بصعوبة من انتشال طفله إلي أحضانه، اجفل علي يد وضعت علي كتفه نظر للفاعل ليجد محمد صديقه ابتسم ما أن رآه، ليمسك محمج كفه يجذبه ليتحرك معه دون ادني مقاومة، لمحت عينيه وهو يغادر فتاة تقف بالقرب منهم، تلك الفتاة رآها قبلا ولكنه حقا لا يتذكرها الآن تقف تنظر لهما مشفقة تحتضن سترة زيدان بين ذراعيها، تحرك بصحبة صديقه إلي حديقة المستشفي جلس جواره علي أحد مقاعد الإستراحة صامتا للحظات طويلة لا يجد ما يقوله عينيه ثابتة جافة من الحياة، مرتكزة في الفراغ السرمدي الي ما لا نهاية تصل معاناته، اجفل علي حركة يد صديقه يربت علي كتفه، ليضع رأسه علي كتف صديقه الجالس جواره، زفر نفس حار يحرق احشائه، سمع صوت محمد يسأله في رفق:.

- إيه اللي حصل.

دون جهد يذكر تحرك لسانه يخبر صديقه بكل ما حدث منذ أن رأته لينا في منزل شهد إلي تلك اللحظة، انهي ما يقول لترتسم علي شفتيه ابتسامة معاناة لا تعبر عن ذرة ألم واحدة بداخله يتمتم ساخرا من حاله:
- لينا بقت بتكرهني، وحسام بقي بيكرهني، وشهد هتموت بسببي، يا ريت أنا اللي اموت واريح الكل.

بعد الشر عليك يا خالد ما تقولش كدة، نطقها محمد سريعا ليمسك بذراعي صديقه يحادثه بحزم:
- كل حاجة هترجع لمجراها الطبيعي، خليك جنب حسام ومعلش استحمل اي كلام هيقوله دي والدته بردوا، وأنا هروح للينا لو هي رافضة تسمع منك هتسمع مني أنا، اجمد كدة دا أنت شيخ الشباب يا راجل، مش عيل سيكي ميكي ولا ناسي.

ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتي خالد يومأ برأسه إيجابا ليربت محمد علي كتفه بحزم، ومن ثم تحرك يغادر متجها الي منزل جاسم مباشرة، بينما عاد خالد إدراجه الي حيث يوجد حسام، اقترب منهم ليجد زيدان في المنتصف بين حسام وتلك الفتاة جلس علي أحد المقاعد المقابلة لهم يفصل بينهما الممر الطويل، ينظر ناحية إبنه نادما، بينما ينظر الأخير ناحية باب غرفة والدته المغلقة يدعو لها في كل لحظة.

في مكان آخر يبعد كثيرا عن سابقه في منزل حقا ضخم، حديقة كبيرة، مسبح ضخم وفي الداخل منزل واسع يتكون من طابقين ( فيلا ) فاخرة فخمة بكل ما تعنيه الكلمة من معني تجلس بدور في الصالة الضخمة امام شاشة تلفاز عريضة تنام الصغيرة سيلا علي قدميها، بينما يلعب الصغير خالد ارضا بالكثير والكثير من الألعاب الغالية ، شردت عينيها لا تعرف أهي سعيدة أم لا هي حقا راضية، يكفي ما قدمه لها إلي الآن، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها حين تذكرت ما حدث صباحا باكرا.

Flash back
- مبروك يا مدام حمزة السويسي...

ترددت تلك الجملة في عقلها عدة مرات سريعة متتالية لتوقظها رغما عنها من ثباتها العميق، فتحت عينيها ببطئ شيئا فشئ، رفعت يدها تمسد جبينها تشعر بألم حاد يطرق في رأسها، لحظات وتوسعت عينيها حين بدأت تدرك أين هي، تلك ليست غرفتها ابداا، نظرت جوارها سريعا لتجد حمزة نائما جوارها، لحظات وبدأت ذكريات الليلة الماضية تقتحم عقلها تخبرها بحقيقة ثابتة لا تقبل مجالا للشك أنها باتت زوجة ذلك النائم جوارها بكل ما تعنيه الكلمة من معني، ابتلعت لعابها قلقة علي طفليها وخاصة سيلا الصغيرة كيف تنام بعيدا عنها، الصغيرة تستيقظ كثيرا ليلا، انقبض قلبها خوفا علي صغيرتها، رغبت في التحرك سريعا تتوجه إلي غرفتها، لتشعر بيده تمسك رسغ يدها شهقت متفاجئة تنظر له لتقابل ابتسامته الناعسة، اعتدل في جلسته يفرك عينيه ابتسم يتمتم ناعسا:.

- رايحة فين احنا لسه بدري اوي...

حمحمت تحاول إيجاد صوتها الهارب تهمس متوترة:
- هقوم اشوف سيلا، اكيد عيطت كتير بليل.

ابتسم من جديد يزيح خصلة كبيرة غطت وجهها عن عينيه يحادثها برفق:
- ما تقلقيش علي سيلا، أنا روحت اطمن عليها بليل، لقيت لينا مرات خالد واخداها تبات معاها.

ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها إيجابا، أرادت ان تتحرك من جديد لتجده يسمك بيدها من جديد، التفتت له تلك المرة تناظرها بنظرات متعجبة ليبتسم ينطق بكلمة واحدة:
- ندمانة؟

قطبت جبينها متعجبة من سؤاله لتحرك رأسها نفيا تتمتم:
- ليه حضرتك بتقول كدة.

ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيه تنهد يتمتم في تروي:
- عشان كلمة حضرتك اللي أنتي لسه قيلاها دي، بدور أنا عارف إن لسه في بينا حواجز كتير وأنا تجاوزت كل دا باللي حصل بس...

قاطعته حين ابتسمت ابتسامة متوترة مرتعشة تحرك رأسها نفيا تتمتم بخفوت مرتبكة:
- ما حصلش حاجة لكل دا، دا حقك.

قطب جبنيه غاضبا من تلك الكلمة التي نطقتها توا، ليمسك بكفيها بين كفيه رفعت وجهها له حين سمعته يهتف سريعا:
- حتي لو يا درة، أنا ما ينفعش افرض نفسي عليكي بأي شكل من الأشكال، انتي بالنسبة لي درة يا درة، فهماني.

ارتسمت ابتسامة خجولة علي شفتيها تؤما برأسها إيجابا حمحمت بخفوت تسأله:
- هو احنا بردوا هنسافر.

حرك رأسه نفيا، لتتوسع ابتسامتها مد كفه يبسطه علي وجنتها يغمغم مبتسما:
- لا يا ستي مش هنسافر، أنا قررت اننا نستقر هنا، واشتريت بيت وجهزته من كله وبصفي شغلي عشان انقله هنا، عشان خاطر عيونك أنتي ومايا.

توسعت ابتسامة لتسمك بكفيه تتمتم بتلهف سعيد:
- بجد شكرا، شكرا اوي، أنا هروح افرح مايا.

توسعت ابتسامة حمزة الخبيثة يحرك رأسه نفيا يغمغم في مكر:
- لاء خليكي عايز اعمل فيها مقلب.

ضحك بشر مضحك، ليتحرك من جوارها ارتدي خفيه ليتحرك إلي خارج الغرفة، قامت خلفه سريعا تقف عند باب الحجرة من الداخل تحاول أن تعرف ما سيفعل لحظات وسمعته يزمجر غاضبا:
- اسمعي يا بنت حمزة اللي اقوله يتنفذ من غير نفاش، مش هعرف امشي كلامي عليكي ولا ايه، بكرة الصبح تكوني جاهزة بشنطك، بمزاجك، او رجلك فوق رقبتك هنمشي بكرة.

رأته يخرج من غرفة ابنته يصفع بابها بعنف خلفه لتتوسع عينيها في صدمة لما فعل ذلك، وقفت مقابلة له ما أن دخل إلي الغرفة تسأله مدهوشة:
- ليه زعقتلها كدة، وبعدين دا مقلب وحش جداا، لو سمحت روح قولها أننا مش هنسافر، او أنا هروح اقولها، مايا حساسة وبتتأثر بأي حاجة.

ابتسم ينظر لها سعيدا، احسن الاختيار حقا بدور تحب ابنته وتخاف عليها، لحظات وانفتح باب غرفة مايا بعنف تخرج تهرول الي الخارج لتلتفت بدور إلي حمزة تردف سريعا:
- شوفت اهي خرجت زعلانة، ألحقها بقي وقولها أنك بتهزر معاها، ما تزعلهاش عشان خاطري يا حمزة.

توسعت ابتسامته الواسعة من الاساس ليلف ذراعه حول كتفيها يغمغم سعيدا:
- قولي يا حمزة تاني كدة، حاضر يا ستي عشان خاطرك، البسي ولبسي الولاد، هوصلكوا علي البيت، وهروح لمايا الشغل افهمها اللي حصل...

حركت رأسها إيجابا سريعا تتحرك بتلهف بدلت ثيابها هي والأولاد ضبت حقائبها أغلق آخر حقيبة تضعها أرضا في لحظة دخول حمزة الغرفة نظرت للحقائب نظرات حادة غير راضية رفع وجهه لها يتمتم:
- هاتي سيلا اشيلها وامسكي خالد في إيدك وسيبي الشنط دي مش هناخد حاجة منها، أنا جايبلكوا هدومي ليكي وللولاد هناك.

وقبل أن يعطيها فرصة للرد تقدم يحمل الصغيرة ليخرج من الغرفة، وقفت للحظات لا تعرف ما تفعل تنهدت تزفر أنفاسها الحائرة لتمسك بيد طفلها تلحقه، نزلت لأسفل لتجد خالد يبدو أنه استيقظ توا، ابتسم ناعسا ما أن رآها، ليقترب منها يقبل جبينها يتمتم مبتسما:
- خلاص هتمشوا.

حركت رأسها إيجابا تبتسم له ليميل يحمل خالد الصغير يقبل وجنته وجبينه يحتضنه، نظر لحمزة يتوعده قائلا:
- حمزة نصيحة تخلي بالك منهم، عشان لو وزعلتها هنسي أنك اخويا وهزعلك أوي.

ابتسم حمزة ساخرا يردف:
- خلاص يا أبو البنات، يلا يا درة عشان ما نتأخرش.

ودعت بدور خالد لتقترب من حمزة يتحركان للخارج لينظر خالد لحمزة يتمتم مشمئزا:
- درة، رايح جاي يقول يا درة كاتك الأرف في دلعك اللي شبه وشك.

سمع صوت حمزة يأتي من بعيد يصيح حانقا:
- سمعتك علي فكرة.

ضحك خالد ساخرا ليعلو بصوته هو الاخر:
- ما أنا قاصد أنك تسمعني علي فكرة، يلا ياض غور من هنا مش عايز اشوف خلقتك تاني...
ضحكت بدور علي ما يحدث بينهما جلست علي المقعد جوار حمزة تنطلق بهم السيارة الي وجهتهم، ساعة ويزيد إلي أن توقفت السيارة في تلك الحديقة الكبيرة، توسعت عينيها في دهشة، تنظر حولها تغزو ابتسامة واسعة ثغرها، ليلف هو ذراعه حول كتفيها يسألها مبتسما:
- عجبتك الجنينة.

حركت رأسها إيجابا سريعا، تتحرك معه للداخل، والداخل لم يكن أقل رقي بل أزيد
المكان حقا أكثر من رائع، تقدمت للداخل في تلك اللحظات دق هاتف حمزة، أجاب سريعا كل إن وقعت عينيه علي اسم المتصل يغمغم متلهفا:
- ايوة يا ماهر، أدهم كويس حصله حاجة.

احمرت عينيه فجاءة بغضب اخافها لتسمعه يصيح غاضبا:
- أنت متأكد أنها مايا، طيب خليك عندك أنا جاي حالا.

ودون أن ينطق بحرف كان يهرول إلي سيارته ينطلق بها سريعا الي حيث لا تعلم هي.

Back
اجفلت من شرودها الطويل علي صوت باب المنزل يُفتح ويدخل حمزة يسبقه صوته الغاضب:
- ادخلي يا هانم للدرجة دي ما عرفتش اربي..

وضعت بدور سيلا علي الاريكة لتهرول ناحيتهم سريعا وقفت حاجزا بين مايا وحمزة تصيح سريعا قلقة علي الفتاة:
- اهدي يا حمزة براحة عليها، حصل إيه.

نظر حمزة لمايا نظرات قاتلة حادة، ليمد يده ينزع حقيبة أخرج هاتفها منها ليلقيه أرضا ليتهشم الأخير الي فتات نظر لها يصيح محتدا:
- وادي الزفت شوفي بقي هتكلميه ازاي وحسك عينك اشوفك خارجة برة باب الفيلا أن شاء الله حتي للجنينة...

نظرت مايا له كارهة لتصرخ بقهر:
- أنت فاكر أنك كدة هتبعدني عنه، أنا بحب أدهم وهو كمان بيحبني، أنت اللي جمعتنا الأول، مش هخليك تبعدنا تاني.

اشتعلت أنفاسه غضبا لينظر لزوجته يصيح فيها:
- بدوور خديها من وشي عشان أنا لو فقدت أعصابي هموتها في أيدي.

اسرعت بدور تجذب مايا بعيدا تهمس لها سريعا بتلهف قلقة:
- تعالي يا مايا، تعالي يا حبيبتي، وكل حاجة هتتحل، سيبي بس بابا يهدي.

جذبت بدور مايا تصعد معها إلي أعلي، تهاوي حمزة علي أحد المقاعد يتنفس بعنف يمسح وجهه يكفيه بعنف، اخفي وجهه بين كفيه يتذكر جملة ابنته التي اعادت فتح دفاتر ذكريات قديمة ( واكيد أنت نفسك غلطت ) نعم هو أخطأ حقا أخطأ وجاءت ابنته لتحاسبه علي ذلك الخطأ.

في منزل جاسم الشريف، اسدل الليل استاره وهي كما هي منذ أن جاءت وهي تجلس علي مقعد صغير في الحديقة تنظر للفراغ نظراتها ثابتة جافة من الحياة يمر شريط حياتها أمام عينيها تنظر لكل لحظة فيه، منذ البداية إلي الآن، تبحث عن مقاطع سعادتها، لم تزرف دمعة واحدة، قلبها يبكي كمدا وعينيها ثابتة كالجليد، لا تذيبه حرارة قلبها الباكي، تزوج، متزوج، ذهب لاخري بعد كل ما حدث بينهما حب بل تعدوا تلك الكلمة، حياة سنوات، عشق، جنون، مرا سويا بالأسوء قبل الأسعد كانت جواره في كل لحظة، لم تتخلي عنه في أكثر لحظات حياتهم سوءً، كيف يفعل بها ذلك، كيف يسمح لها قلبه بأن يقتل قلبها وهو يلقي بعشقهما بعيدا ويذهب لاخري، لما فيما أخطأت ليفعل ذلك، لأنها نصف أنثي كما أخبرتها والدته مرارا وتكرارا، لا تقدر علي إنجاب ولي العهد الذي سيحمل إسم العائلة فاختار أن يتزوج، اختار أن يسحث قلبها بحذائه دون أن يرتف له جفن.

اجفلت من عاصفة مشاعرها علي صوت والدها حين جذب المقعد المجاور لها جلس يتمتم ساخرا:
- أنتي هتفضلي قاعدة كدة، أنا قولتلك من الاول أنه عامل مصيب وأنتي فضلتي تقوليلي حرام عليك يا بابا أنت دايما كدة ما بتحبش.

ارتسمت ابتسامة متهكمة علي شفتيها تحرك رأسها إيجابا، ليخرج والدها ورقة من جيب حلته يفتحها امامها يضع فوقها قلمه قطبت جبينها تنظر للورقة متعجبة لتعاود النظر لوالدها الذي بادر قائلا:
- توكيل، امضي يلا عشان من بكرة هرفع عليه قضية خلع وحياتك عندي لالففهولك محاكم مصر كلها، اخليه يقول اريد حلا.

ضحكت لينا ساخرة، قبل أن تحرك رأسها نفيا أزاحت القلم والورقة ناحية والدها تردف بنبرة خاوية:
- أنا مش هرفع قضية علي خالد يا بابا أنا هخليه يطلقني.

نظر جاسم لها محتدا غاضبا كور قبضاه يصيح فيها:
- لاء يا لينا انتي مش هتخليه يطلقك، انتي هتستنيه يجي ياكل عقلك بكلمتين زي كل مرة عشان تسامحيه وتروحي معاه وكأن ما فيش حاجة حصلت مش كدة.

حركت عينيها تعاود النظر لنقطة ما في الفراغ تهز رأسها نفيا تردف بذات النبرة الخاوية:
- لاء مش كدة، لينا اللي كانت بتسامح وتغفر خلاص راحت، حاسة أنها ماتت جوايا، أنا حتي مش عارفة اعيط، حاسة أن قلبي مات منه اي شعور ناحيته، أنا مش هرفع قضية خلع عليه عشان بس العشرة والسنين الكتير اللي يينا، بس أنا مش هرجعله تاني ابداا...

أغمضت عينيها تحاول حتي البكاء أن تزرف دمعة واحدة دون فائدة، تنهد جاسم حزينا علي حالها توعد لخالد بالانتقام علي ما فعل بابنته، تحرك من مكانه تنهد يتمتم:
- أنا هجبلك كوباية عصير واخلي الخدامين يعملولك اكل انتي ما كلتيش حاجة من ساعة ما جيتي.

تحرك جاسم لذلك المنزل مرت دقائق قبل أن تتوقف سيارة محمد في حديقة المنزل، ابتسمت ساخرة ما أن رأته بالطبع كان سيأتي، تقدم محمد يحتل المقعد مكان والدها ابتسم يحمحم في هدوء مردفا:
- ازيك يا لينا عاملة إيه.

اشاحت بوجهها بعيدا عنه ابتسمت تتمتم ساخرة:
- أكيد أنت عارف أنا عاملة ايه زي ما أنا عارفة أنت جاي ليه، وريح نفسك عشان خلاص الموضوع خلص.

نقر محمد بأصابعه علي سطح الطاولة امامهم ابتسم يردف في ثقة:
- لاء يا لينا ما خلصش، لسه بدري أوي علي الموضوع يخلص، لينا تفتكري ليه ممكن واحد زي خالد بيعشقك ممكن يتجوز عليكي ايه السبب الرهيب اللي يخليه يقرر فجاءة بعد ما عدي الخمسين أنه يتجوز، اتجنن ما هو دا حلها الوحيد والحمد لله خالد عاقل لسه ما اتجننش.

كورت قبضتها تغزر أصابعها في كفها تشد علي أسنانها تتنفس بعنف تتذكر مشهده في أحضان تلك السيدة، ليكمل محمد ما يقول:
- يبقي اكيد في سبب قوي يخليه يعمل كدة...

التفتت لمحمد تناظره بحدة لتصيح غاضبة:
وأنا مش عايزة أعرف ايه هو سببه، المهم النتيجة أن صاحبك اتجوز عليا، رمي كل اللي بينا داس عليه بجزمته وراح اتجوز وأنت جاي تقولي أكيد ليه سبب قوي يولع هو وسببه خلاص صاحبك ما بقاش فارق معايا.

تنهد محمد يآسا يتمتم في مرح:
- خالد طبع عليكي، ايه يا بنتي العصبية دي كلها ما كنتيش كدة
عادت تشيح بوجهها بعيدا، ليتنهد هو يكمل بهدوء:.

- يا لينا انتي عارفة حكاية شهد واكتر واحدة عارفة احساس خالد بالذنب ناحيتها معذبه ازاي، شهد استغلت الموضوع دا اسوء استغلال، اشترطت عشان يسامحها انه يتجوزها، صدقيني أنا وهو حاولنا معاها كتير، بس هي رفضت كل الحلول، حتي جواز خالد منها كان علي الورق بس، خالد ما لمسهاش، يا لينا خالد بيحبك وانتي ادري واحدة بحبه ليكي...

حركت رأسها نفيا بعنف تصيح بحرقة:
- لاء يا محمد لينا اللي كانت بتسامح بح خلاص، أنت قولت زمان معلش يا لينا لكل جواد كبوة، وكبوة صاحبك عدت، رصيده في السماح خلص، خليه يطلقني بالذوق احسنله.

ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتي محمد يتحدث بمرح يحاول تخفيف وقع ما يحدث:
- طب ما ينفعش اشحنله أنا رصيد في السماح.

ابتسمت لينا باصفرار علي مزحته السخيفة، ليأتي جاسم في تلك اللحظة يحمل كوب عصير من فاكهة البرتقال وضعه أمام ابنته نظر لمحمد يتمتم ساخرا:
- هو دا اللي أنت فالح فيه يا محمد، تطبل لخالد، تطلعه ملاك ما بيغلطش، حتي لو هو الشيطان بذاته.

نظر محمد محتدا لذلك العجوز الواقف أمامه يشد علي أسنانه، رسم ابتسامة بسيطة علي شفتيه يكتف ذراعيه أمام صدره يتمتم في ثقة:
- ايوة أنا صاحبي ملاك وما بيغلطش وما غلطش يا جاسم، وحاسب كدة أحسن أجنحته تدخل في عينيك.

اشتعلت عيني جاسم غاضبا ليصيح في الجالس أمامه:
- طب اسمع بقي يا أبو جناحات أنت وصاحبك، قوله يطلقها بالذوق بدل ما اخلي سيرته علي كل لسانه، خالد باشا المخلوع.

تعالت ضحكات محمد، وقف من مقعده ينظر للواقف أمامه يتمتم ساخرا:
- أنت سامع نفسك يا جاسم، أنت عارف أنت بتتكلم عن مين طيب، خالد باشا السويسي...

مد محمد يده يربت علي كتف جاسم يبتسم في ثقة:
- جاسم خالد مستحملك وبيحميك عشان لينا، فاكر آخر كذا قضية بتوع تجار المخدرات، اللي كانوا متفقين علي موتك لولا خالد كان زمانك الله يرحمك، ما تشعللهاش عشان أنت مش هتقدر تطفيها، سلام يا لينا، هجيلك تاني.

قالها ليتوجه إلي سيارته وتشتعل عيني جاسم حقدا يعزم في نفسه علي تنفيذ ما نوي.

تجاوزت الساعة الثانية عشر ليلا، الجميع نيام بالطبع نيام، فتحت باب غرفتها بهدوء شديد تتحرك علي اطراف أصابعها تنزل الي أسفل تحتضن حقيبة ملابسها، نزلت الي الطابق السفلي لتتوجه الي المطبخ، من الباب الخلفي ستهرب من الجيد أن الخدم رحلوا، فتحت باب المطبخ تركض للخارج خارج المنزل والمكان بأكمله تهرول بعيدا تهرب من عشق مؤلم قاتل فتت روحها، تسابقها دموعها في الهرب بعيدا بعيدا لن تعود من جديد، إلي أين لا تعرف ولا يهم لاقت ما يكفي ويفيض...

بينما في احدي غرف المنزل في الشرفة تحديدا وقفت شاهيناز تراقب سهيلة وهي تفر بعيدا تقطم تفاحة في يدها تنظر لها مستمتعة متشفية، انتظرت الي أن اختفت تماما بعيدا من أمام عينيها، لترسم الفزع علي قسمات وجهها توجهت لفراش جاسر توقظه بتلهف تصيح فيه:
- جاسر اصحي يا جاسر، اصحي يا جاسر في مصيبة.

انتفض جاسر فزعا يسألها سريعا:
- انتي كويسة فيكي حاجة، اللي في بطنك كويس.

حركت رأسها إيجابا سريعا تغمغم فزعة:
- الحق سهيلة، أنا شوفتها دلوقتي ماسكة ايد غريب كان بيبوسها في الجنينة وبعدين هربت معاه شوفتها بتجري هي وهو بيهربوا من البيت!
منك لله يا شاهيناز الكلب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة