قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثامن والثمانون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثامن والثمانون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثامن والثمانون

يبدو أن أحدهم تأخر كثيرا أو ربما ضل الطريق وربما لم يفعل وهو فقط ينتظر اللحظة المناسبة كالليث يتربص بفريسته الحمقاء فريسة ظنت نفسها ذكية لتلاعب أسدي عائلة الشريف...

عصف دوار حاد برأس الصغيرة صبا، تشعر بجسدها يرتخي وكأن جسدها نائم تماما يغرق في ثبات عميق وعقلها فقط هو المستيقظ حتي صحتوه مشوشة ثقيلة عينيها زائعة لسانها ثقيل كأنه جبل من حجارة، سقط الكوب من يدها أرضا ليتهشم الي بقايا وينكسب منه ما بقي من العصير، لتسمع في تلك اللحظة صوت ضحكات مراد العالية، ضحكات مخيفة شرسة وكأنها قادمة من جوف الجحيم الأسود، وجهت مقلتيها إليه بصعوبة بالغة لتراه يقف هناك علي الناحية الاخري من الطاولة ينظر لها يعقد ذراعيه امام صدره يتأملها، يميل برأسه قليلا لليمين يخترزها بعينيه، ابتسامة سوداء قاتمة تعلو جانب ثغره، سمعته يتأتأ ليردف بعدها بنبرة سوداء ساخرة:.

- تؤتؤتؤ، هي ماما ما قالتكيش ما تشربيش حاجة من ايد حد غريب، طب ماما ما قالتلكيش اوعي يا صبا حد يضحك عليكي ويقولك تعالي اوديكي لماما وتروحي معاه.

ختم كلامه بضحكة عالية مجلجلة، بعثت فيها رجفة سقيع خائفة كعصفور ينظر لقط شرس ذو أنياب يتلاعب بها يمينا ويسارا، بالكاد خرج صوتها الضعيف من بين شفتيها:
- اااا، ااانت، بتعمل كدة ليه، أنت، بتحبني...

لم تزده كلماتها إلا ضحكا وكأنها تخبره بطرفة ظريفة قديمة مضحكة للغاية، هدأت ضحكاته لتبقي ابتسامة واسعة تسحق شفتيه تظهر أنيابه الغاصبة، مال بجزعه العلوي ناحيتها يستند بكفيه علي سطح الطاولة قتمت عينيه يتمتم ساخرا:
- أنا بحبك، يا حرام، انتي عارفة ايه مشكلتك يا صبا أنك طيبة اوي وبريئة اوي وساذجة أوي اوي، انتي عيلة في أولي ثانوي يا صبا، ايه اللي ممكن يكون يشد أي حد ليكي، غير عبطك يا صبا.

ازدادت قطرات دموعها شيئا فشئ مع كلمة سامة تخرج من بين شفتيه إلي أن كسح طوفان دموعها وجهها، تبكي دون تنظر له فزعة مذعورة كارهة ليس هذا هو مراد الذي عرفته واحبته بقلبها الساذج البرئ كما قال، بل شيطان تلبسه، ارتجف قلبها فزعا، خاصة حين لمعت عينيها يكمل بنبرة سوداء قاسية:.

- أما بقي أنا عايز منك إيه، عايزك تبقي الشوكة اللي هغرزها في ضهر جاسر، عشان يفضل صباعه تحت ضرسي، يمشي مكسور مذلول ما يقدرش يرفع وشه فيا، والا هفضحه...

تسارعت دقات قلبها تنظر له فزعة مذعورة ارتجف جسدها يرتعش بلا توقف ارتجفت شفتيها اضطربت عينيها، هي فقط جملة صغيرة التي خرجت من بين شفتيها المرتجفة:
- دا صاحبك!

جملة صغيرة كانت كفتيل نار أشعل غضبه قتمت عينيه زيادة، حتي باتت سوداء كاليل مخيفة اعتدل واقفا ينظر لها بشراسة عروقه تنفر بعنف، يصرخ بغضب أعمي يخرج كل ما في قلبه الأسود من كره وحقد:.

- صاحبي، هو احسن طول عمره أحسن في الدراسة في حياته في كل حاااااجة، هو عند أهل يحبوه ويخافوا عليه وأنا لاء، آخر مرة شوفت فيها أبويا وامي كنت عيل صغير عندي اربع سنين وبعدها رموني كأني كيس زبالة مش عيزينه في حياتهم، هو معاه فلوس فلوس كتير، وأنا شحات فقير، زيه زي كلب السكك بيلقط فلوس من هنا وهنا، هو خد كل حاجة حلوة في الدنيا، وأنا ادتني الدنيا علي وشي من وأنا عيل صغير، عيل مالوش ذنب في اي حاجة، هو مش احسن مني أنا أحسن منه، جه الوقت اللي اعيش مذلول مكسور وانتي يا صبا، سهلتي دا سهيلته اوي.

ختم كلامه بابتسامة واسعة قاتمة يقترب منها خطوة وأخري، تصلب جسده علي بعد خطوة واحدة منها حين سمع صوت يأتي من خلفه مباشرة يتمتم في هدوء ساخر:
- ما كنتش أعرف أنك بتحبني أوي كدة يا صاحبي.

توسعت عيني مراد علي اخرهما في ذهول ممتزج بصدمة التفت خلفه سريعا ليجد جاسر يقف داخل المنزل، كيف ومتي، كيف علم ومن أوصله لطريقه، صدمة عنيفة زعزعت كيانه الشيطاني الأسود، ابتسم جاسر في هدوء ساخر يدس يديه في جيبي سرواله يبتعد بانظاره تماما عن صبا حتي لا يذهب ويقتلها في تلك اللحظة هو في اوج حالاته غضبا منها، ركز مقلتيه علي عيني مراد القاسية الحمراء يتمتم في تهكم:.

- طول عمري بعتبرك صاحب عمري ودراعي اليمين، طول عمري شايفك اخويا اللي برمي عنده كل أسراري، عشان اكتشف في الاخر أن صاحبي هو اللي بيطعني في ضهري، أنا اذيتك في ايه يا مراد، عملتلك ايه مخليك بتكرهني الكره دا كله، وبلاش أسطوانة إنت احسن مني، أنا طول عمري بعاملك علي أنك اخويا، عمري ما قليت ابدا، ليه يا مراد، ليه الكره دا.

تهدجت أنفاس مراد بعنف صدره يعلو ويهبط بسرعة قاسية ينظر لجاسر مكروه ممتزج بحقد قاسي، ليصيح بشراسة:
- عشان أنت أحسن، احسن في كل حاجة وأنا ما بحبش حد يبقي احسن مني، اللي عندك دا لازم يبقي بتاعي، أنا اللي لازم ابقي أحسن، أنا اللي لازم ابقي معايا فلوس كتير مش أنت، أنا اللي لازم الناس تحبني مش أنت، حتي المطعم لازم يبقي بتاعي أنا هخليه أحسن مطعم في الدنيا بس وهو ملكي...

نظر جاسر لصديق شبابه سنوات وهما معا يشاركه كل تفاصيل حياته، ضحكات لم تعرفه الشفتين بقدر ما عرفها القلب، مر أمام عينيه لقطات كثيرة من مواقف حياتهم معا، صديق عمره ما هو الا خائن كبير يسعي لتدمير حياته، جرح غائر في قلبه، يفتت روحه..
رسم ابتسامة ساخرة متهكمة علي شفتيه يتمتم بقسوة:
- ورغم كل اللي حاولت تعمله عشان تدمرني الا أنك فشلت عارف ليه يا مراد، عشان أنا أحسن منك وهفضل دايما أحسن منك.

اشتعلت عيني مراد كره مخيف ينظر لجاسر حاقدا ليخرج ماديته من جيبه اندفع ناحية جاسر يصرخ كارها:
- هقتلك يا جاسر.

انحني جاسر سريعا يتفادي مادية مراد ليصدمه في ساقه بعنف سقط مراد أرضا يصرخ بشراسة متألما، يحاول الأنقاض علي جاسر من جديد دارت معركة عنيفة بين صديقين كانا يوما اعز صديقين وصبا تجلس مكانها لا تقدر علي الإتيان بحركة واحدة فقط تبكي من الذعر، شهقت بعنف حين سمعت صوت صافرة سيارات الشرطة، وقبل أن تعي ما يحدث شعرت بأحدهم يحملها سريعا بين ذراعيه، نظرت له مذعورة لتجده غيث!

ينظر لها في هدوء قاتل، حملها غيث يتجه بها لداخل الشقة توجه بها ناحية المطبخ، ذلك الباب المفتوح الذي يؤدي إلي سلم الخدم القديم وضعها هناك واغلق الباب عليهم وهما في الخارج نظرت له مذعورة خائفة علي أخيها بينما ابتسم هو في قتامة، رفع سبابته أمام شفتيه:
- هششش
همس بها ليتركها وينزل الي أسفل سريعا راكضا، نزل يلتف حول العمارة يصعد سلمها يدق علي باب شقة مراد يصيح مذعورا:.

- افتح يا مراد، جاسر أنت سامعني، جاسر أنت كويس
لحظات وبدأت خطوات عنيفة تصعد إلي السلم بعنف وقف الضابط أمام غيث المذعور ليصيح غيث سريعا يتوسله:
- ارجوك يا حضرة الضابط بسرعة الحقه هيموت جاسر.

اكسروا الباب، صاح بها الضابط بحدة الي العساكر الواقفة خلفه، ليندفعوا سريعا يصدمون باب الشقة بعنف الي أن انفتح علي مصرعيه في ظل المعركة الطاحنة التي تدور بالداخل، جرح مراد جاسر في صدره جرح ليس بهين، اندفع العساكر ناحية مراد الذي يمسك بالمادية الغارقة بالدماء يصرخ كالمجنون:
- هقتلك يا جاسر هموتك، اوعوا ابعدوا عني...

تكالب العساكر علي مراد يقيدون حركته يجذوبه للخارج وهو يصرخ بشراسة مجنون:
- مش هسيبك يا جاسر، هقتلك لو آخر يوم في عمري هموتك.

اندفع غيث ناحية جاسر يصيح فيه بلوعة:
- أنت كويس يا جاسر.

انخفض صوته إلي أن بات همسا ينظر لجاسر حانقا يهمس له:
- مش قولتلك تاخد بالك
ابتسم جاسر متألما يحاول أن يلمس جرح صدره النازف، اقترب الضابط منهم يردف في عملية:
- حمد لله علي سلامتك يا جاسر
ابتسم جاسر في ألم يحرك رأسه إيجابا مد يده يصافح الضابط يتمتم ممتنا:
- متشكر لحضرتك لولا انكوا لحقتوني كان زمانه قتلني.

ابتسم الضابط يحرك رأسه إيجابا يتمتم في هدوء:
- الحمد لله، وبعدين ما تشكرنيش أنا، اشكر جاسم باشا الشريف، واضح أن أستاذ غيث تواصل معاه وهو كلمني يبلغني.

عقد جاسر جبينه في جهل أجاد تزييفه جيدا يسأل الضابط متعجبا:
- هو حضرتك تعرف جاسم الشريف منين.

ضحك الضابط في خفة يرفع يده يمرر يده في خصلات شعره الاشيب يتمتم مبتسما:
- تلميذه، أنا أعرف جدك من زمان، من أيام ما كنت في الكلية وكان بيساعدني جدا في دراسة القانون تحديدا، صحيح أنا ما عرفتكش بنفسي، أنا حاتم عدنان!، حمد لله علي سلامتك، بس لازم تتفضل معانا عشان نقفل المحضر في القسم، دا شروع في قتل.

حرك جاسر رأسه إيجابا في هدوء، ينظر لغيث نظرات ذات مغزي، ليحرك الأخير رأسه إيجابا نظر للضابط يبتسم يتمتم في حرج:
- معلش اعذروني أنا هدخل الحمام خمس دقايق وهحصلكوا.

تحرك جاسر بصحبة الضابط لأسفل، ليندفع غيث إلي الخارج، ناحية باب المطبخ المغلق، فتحه ليجد صبا قد فقدت وعيها تماما تستند برأسها إلي الحائط خلفها ترتجف بعنف، تنهد حانقا منها ومشفقا عليها، ليحملها بين ذراعيه إلي الداخل وضعها في أحدي غرف النوم يغلق عليها الباب من الخارج، ليخرج من الشقة يغلقها بالقفل من الخارج، وينزل سريعا خلفهم، جلس في سيارة جاسر خلف المقود يبتسم في هدوء خبيث أدار محرك السيارة يتوجهان لقسم الشرطة.

Flash back
- انتي طالق، طالق، امشي اطلعي برة للشوارع اللي جيتي منها برررررررة.

نظرت لهم جميعا تحاول أن تتوسلهم، رأي الاشمئزاز والقرف في وجوه الجميع، تحركت خطوتين للامام لتغادر، لتسقط أرضا فاقدة للوعي فجاءة نظر جاسر لها باشمئزاز ممتزج بقرف، يصيح في الخدم:
- يا آمين يا حسين...

تحرك رشيد في تلك اللحظات انحني علي ركبتيه جوار تلك المقاة أرضا، يتفقد نبضها ينظر داخل حدقتيها المغلقة، حين سمع صوت جاسر يصيح ساخرا:
- ايه يا بابا أنت صدقتها ولا إيه دي بتمثل، أنا هجيب الغفر يرميوها برة.

رفع رشيد وجهه ينظر لجاسر للحظات تنهد حائرا ضميره المنهي لن يسمح له ابدا هب واقفا يتمتم بنبرة حادة قاطعة:
- بس هي مغمي عليها فعلا، ومش هتخرج من بيتي وهي بالمنظر دا، سنية جملات، شيلوها طلعوها أوضة الضيوف.

شهقت شروق بعنف تضرب بيدها علي صدرها تصيح مذهولة:
- بعد كل اللي عملته يا رشيد هتسيبها في بيتك.

ضرب رشيد الارض بعصاه التي تخص والده قبلا بعنف يهدر في حدة:
- وهجبلها دكتورة الوحدة كمان، مش رشيد الشريف اللي يسيب واحدة ست حامل تخرج من بيته في انصاص الليالي وكمان في حالتها دي، طلعوها يلا.

اضطرت الخادمات صاغرات اطاعة اوامر سيد البيت، تحركن يحملن شاهيناز تنظر كل واحد منهن إليها يقرف واشمئزاز شديد، تحركن يضعنها إلي غرفة الضيوف، ليغيب رشيد بعض الوقت عاد ومعه طبيبة، تحرك بها لأعلي يرشدها لغرفة شاهيناز، وقف هو خارجا، تقدم جاسر منه يصرخ كالليث غاضب:
- بعد كل اللي عملتوه رايح تجبلها دكتورة، اللي في بطنها دا مش ابني اصلا.

نظر رشيد لولده في هدوء تام ابتسم يغمغم في رفق:
- واللي في بطنها دا روح مالهاش ذنب في اي حاجة، حرام نسيبها تموت.

اشتعلت أنفاس جاسر يحاول السيطرة علي زمام غضبه القاتل قبل أن يذهب ويخنقها بين يديه، لحظات وخرجت الطبيبة من الغرفة نظرت لرشيد تعدل من وضع نظارتها الطيبة فوق عينيها حمحت تتمتم في هدوء:
- دكتور رشيد حالة المدام اللي جوا غير مطمئنة بالمرة يستحسن ليها الراحة التامة، وتنام علي ضهرها وما تقومش بأي حركة عنيفة غير كدة أنا مش مسؤولة عن اللي هيحصل للجنين، دي ادوية ومثبتات من الافضل تمشي عليها.

شكر رشيد الطبيبة واعطاها نقودها يعطي ورقة الدواء إلي احد غفرائه ليحضرها، نظر جاسر لوالده في حنق، ليندفع ناحية الغرفة التي بها شاهيناز رآها وهي ممدة العرق يغطي وجهها الشاحب شفتيها ترتجف، رأي ضعف قاسي يأكل مقلتيها، اقترب منها يدني بوجهه ناحية يهمس لها بشراسة:
- فين العقد، عقد المطعم اللي خلتيني امضي عليه وأنا مش حاسس بالدنيا انطقي والا الله هطلع روحك في ايدي.

ارتجفت حدقتيها تحرك رأسها ايطاليا بهلع مذعورة بالكاد همست له بنبرة مرتجفة:
- في الدولاب تحت هدومي.

تركها جاسر وخرج من الغرفة اندفع الي غرفتها يخرج ملابسها من الدولاب يلقيها أرضا، إلي أن وجد ضالته فتح الورقة ينظر لتوقيعه الذي خطه وهو غائب العقل أثر سحرها عليه، ليخرج قداحة من جيبه يشعل الورقة لتتحول لرماد في لحظات...
تهاوي علي أحد المقاعد يخفي وجهه بين كفيه يتنفس بعنف قلبه ينتفض شوقا وغضبا، لحظات وسمع صوت يتمتم في هدوء:
- هو عاش يا صاحبي وكل حاجة بس احنا لسه عندنا مصيبة أكبر.

رفع جاسر وجهه ليجد غيث أمامه يبتسم، اقترب غيث منه، يجذبه من يده يخرج به من الغرفة دخل به إلي غرفة الأخير عقد جاسر جبينه قلقا ينظر لغيث تنهد يردف حائرا:
- في أيه يا غيث مصيبة ايه قلقتني.

اغمض غيث عينيه للحظات يتمني فقط أن يمر الأمر بخير حين يخبر جاسر بما لديه من معلومات، اقترب يقف جواره ربت علي كتفه يهمس متوترا:
- هقولك بس توعدني أنك مش هنعمل اي تصرف يأذي صبا، أنا بس محتاج مساعدتك، عشان انفذ اللي في دماغي.

انتفض قلب جاسر خوفا حين سمع اسم شقيقته وكلمة مصيبة لا تزال عالقة في رأسه ابتلع لعابه بصعوبة بالغة يحرك رأسه إيجابا في سرعة، ليقص عليه غيث الحكاية من البداية، منذ أن سمع صبا مصادفة وهي تحادث مراد وسبب قدومه لهنا، والمكالمة الأخيرة التي دارت بينهما، وغضب جاسر يزداد مع كل كلمة تخرج من بين شفتي غيث، عينيه تشتعل تقدح شررا كالنار، تلتهب، نفر عرق صدغه ينفر يعنف عروقه تصرخ من الغضب دمائه تفور، لا يفكر في تلك اللحظة سوي في القتل، شد علي أسنانه بعنف يصيح غاضبا:.

- أنا هقتلها!

تحرك يخرج من الغرفة ليقف غيث في وجهة يمنعه من الحركة، دفعه في صدره بعنف ليرتد جاسر إلي الوراء ينظر لغيث غاضبا، تقدم غيث يهمس له محتدا:
- ما تزعقش، وأنا مش بقولك عشان تقولي اقتلها، صبا صغيرة وساذجة أنت أكتر واحد عارف اختك، أنا بس عايزك تساعدني.

ابتعد جاسر عن غيث يتجه إلي نهاية الغرفة عند الشرفة تحديدا وقف كور قبضته يضرب بها سور الشرفة بعنف، اقترب غيث منه يقف جواره ليجد دمعات حارقة تمردت تهطل من عيني جاسر وقف للحظات يشعر بالشفقة عليه قبل أن يسمع جاسر يهمس بصوت حزين يتألم:
- أنا ما اذيتوش عمري ما اذيته، بالعكس دا.

صاحب عمري كنت دايما بعتبره اخويا وسندني وسري، بس واضح إني كنت أعمي ما بشوفش، يطلع جواه كل الكره دا ناحيتي، وربي لدفعه التمن غالي.

ابتسم غيث في هدوء مخيف يقف جوار جاسر مباشرة وضع يده علي كتفه يتمتم في خبث:
- وأنا هساعدك، مراد ذكي لحد دلوقتي ما فيش في ايدينا دليل نمسكه عليه، ولو فكرت تثبت أن اللي في بطن شاهيناز دا مش ابنك، هتبقي فضيحة كبيرة للعيلة، ولو اتجهت للحل التقليدي بتاع الأفلام أنك تعذبه او تضربه، دا هيزيد من شره أكتر، هيدور علي اي طريق يأذيك بيه، الحل الامثل أننا نرميه بعيد خلف القضبان.

ارتسمت ابتسامة باردة ساخرة علي شفتي جاسر التفت بوجه لغيث ينظر لعينيه الماكرة للحظات قبل أن يتمتم متهكما:
- بتهمة ايه بقي أن اللي في بطن شاهيناز ابنه ولا أنه بيستدرج اختي من ورانا.

حرك غيث رأسه نفيا في هدوء تام، اقترب برأسه من جاسر يغمغم جوار أذنه بخبث مخيف:
- شروع في قتلك!
عقد جاسر جبينه متعجبا من تلك الجملة الغريبة التي نطقها غيث توا، يسأله في حذر:
- مش فاهم.

توسعت ابتسامة غيث يعقد ساعديه امام صدره يتمتم في لؤم:
- أنا هفهمك احنا هنمشي خطة مراد زي ما هو راسمها بالظبط، أنا عرفت عنوان الشقة اللي هو مأجرها وعرفت أن العمارة ليها سلم خدامين قديم ما حدش بيستخدمه خالص، هو هيروح يجيب صبا واحنا هنكون في انتظاره، هوووب، تخرج أنت، أنا عايزك تستفزه لحد ما تضربوا بعض بس خد بالك ليعورك، والباقي علي جاسم الشريف.

حرك جاسر رأسه نفيا يقطب جبينه متعجبا من تلك الخطة الغريبة يهمس محتدا:
- أنا مش فاهم حاجة، ومش هضحي بأختي، وايه علاقة جدي بالموضوع أنا مش فاهم.

تنهد غيث حانقا من عناد جاسر ليقترب منه فك يديه يمسك بهما ذراعي جاسر يهمس له محتدا:.

- صبا هي الطعم اللي هتجيب مراد، أنا عمري ما هضحي بيها أنا نازل عشانها، أنا هبقي وراهم لحد ما يوصلوا، صبا لازم تفوق وواحد في نرجسية وغرور مراد، هيتفاخر جدا بانتصاره علي الكل، مجرد ما يدخلوا أنت هتخرج وهتستفزه، لحد ما تخليه يضربك، في الوقت دا جدي جاسم هيكلم تلميذ قديم ليه اسمه حاتم عدنان اللي سمعته أنه كان في القاهرة واتنقل من حوالي يومين ومن حظنا حقيقي أنه اتنقل في الوقت دا، جدي جاسم هيبلغه أن في شروع في قتل لواحد من أحفاده، حد بيحاول يتهجم عليه ويقتله، هتيجي الشرطة وأنا هاخد صبا اخرج بيها من الشقة عشان ما تظهرش في الصورة، وبكدة نكون ضربنا عصافير كتير بحجر واحد، إيه رأيك.

Back
صحيح أنه قضي ساعات طويلة في إقناع جاسر بالموافقة علي دخول صبا في خطتهم الا أنه وافق اخيرا علي مضض، نظر بجانب عينيه الي جاسر الجالس جواره يبدو شاردا، عينيه قد قتمت انطفئت تماما، توجهوا اخيرا الي قسم الشرطة، الي داخل غرفة الشرطي توجهوا جلس جاسر وغيث علي المقاعد جوار مكتب الضابط، وكانت اقوال جاسر كالتالي.

« كنت خارج أنا وغيث لما جالي تليفون من مراد بيطلب مني اني اروحله الشقة دي عشان في حاجة مهمة عايزني فيها، لما وصلت غيث كان مستنيني تحت وأنا طلعت مجرد ما دخلت لقيت مراد بيتهجم عليا بمطوة وعايز يقتلني، والحمد لله أن غيث سمع صوتي واتصل بيكوا.

حرك غيث رأسه إيجابا يؤكد كل كلمة قالها جاسر، امسك حاتم هاتف مراد ليجد بالفعل مكالمة صادرة منه لهاتف جاسر لعدة ثواني قليلة، توسعت ابتسامة غيث الواثقة الخبيثة من الرائع أن تكن عبقري في التكنولوجيا شكرا لك حقا يا أدهم، خرج جاسر وغيث من القسم بعد أن تم حبس مراد أربعة ايام علي ذمة التحقيق ويراعي التجديد له في الميعاد.

حين خرج جاسر وجد مراد يقف هناك تقيد يديه اصفاد الشرطة، رغم النغزة القوية التي اقتحمت صدر جاسر وهو ينظر لحالة صديقه المزرية، الا أن شعور الخيانة كان أصعب من أن يغفر له ما فعل، اقترب جاسر من مراد وقف أمامه بضع لحظات صامتا ينظر لعينيه مباشرة قبل أن ترتسم ابتسامة ساخرة علي شفتي جاسر مال برأسه ناحية مراد يهمس له بنبرة ساخرة:
- أنا أحسن.

توحشت عيني مراد في كره صاح بشراسة يحاول الانقضاض علي جاسر ليسرع العساكر بالامساك به بينما هو يصيح :
- هقتلك يا جاسر، هقتلك.

في الطريق وقف جاسر ومراد أمام أحدي الصيدليات ليضمد جاسر جرح صدره، ليأخذوا الطريق سريعا إلي الشقة المغلقة حيث تركوا صبا هناك فاقدة الوعي لا تشعر بشئ مما يحدث.

في فيلا خالد السويسي تحديدا في غرفة ابنته وقفت أمام مرأه غرفتها الكبيرة، مرأة طويلة تظهر لها قوامها كاملا، رفعت رأسها قليلا تنظر لصورتها الجديدة امراءة حرة رغبت في التخلص من جميع القيود حتي قيد الحب لم تعد ترغب فيه، هي الآن سعيدة عليها أن تظل تكرر تلك الكلمة مرارا وتكرارا حتي تنتقع هي الآن سعيدة ستصبح سعيدة بصحبة معاذ.

الذي سيأتي بعد قليل بصحبة المأذون كي تصبح زوجة له، معاذ يحبها أكثر مما تتخيل، نقطة البداية دائما عنده كما هي النهاية، شط الأمان بعد أن كادت تغرق، معاذ دائما جوارها يساندها يستمع إليها دون كلل أو ملل كأنها معزوفة خاصة لفنان عالمي قام بتلحينها له هو فقط، علي من تكذب، هي لا تري معاذ ابدا، وجه زيدان معاها دائما، ضحكات معاذ تتبدل بضحكاته، يحيطها من الجوانب حتي دون أن يكن حاضرا يلفها بالكامل، يتغلل كيانها، تهدجت أنفاسها تنظر لفستانها الأسود اللامع يحتضن جسدها برقة كما كان يفعل هو، تتذكر حتي أحضانه لم تنساها أبدا، اغمضت عينيها بقوة تحرك رأسها نفيا بعنف حين فتحت عينيها أبصرت وجه والدتها القلق أمامها مباشرة، تسألها متلهفة:.

- لينا انتي كويسة يا حبيبتي.

أخذت انفاسها بصعوبة بالغة تؤمأ برأسها إيجابا، وقفت لينا أمامها تحتضن وجهها بين كفيه تنظر لعيني ابنتها الشبيهة كثيرا بعيني والدها تسألها قلقة:
- أنتي متأكدة يا لينا من اللي هتعمليه دا.

ابتسمت الأخيرة ببساطة تحرك رأسها إيجابا في هدوء، تنفي إعادة التفكير في قرارها من جديد، هو ذهب لاخري وهي لن تقف تبكي علي الأطلال، احتضنها والدتها بقوة لتسمع نبرتها الباكية وهي تهمس لها:
- يارب تكوني فعلا عارفة انتي بتعملي ايه في نفسك، يا رب يبقي فعلا يستاهلك.

ابتعدت والدتها عنها بعد لحظات تربت علي وجنتها برفق تحاول أن تبتسم تهمس لها:
- هسيبك تكملي لبسك.

تركتها وخرجت من الغرفة لتصطدم في ذلك الواقف أمامها مباشرة يرتدي حلة سوداء بقميص يماثلها سوادا رفعت وجهها له تنظر لوجهه للحظات استطاعت أن تري القلق والألم في عينيه، هو أيضا خائف قلق علي ابنته من اختيارها رغم أن ما حصل عليه من معلومات تؤكد بأنه شاب عادي حياته خالية من المخاطر، مستقيم ذو خلق عالية!، نظر للحظات لعيني زوجته لتتهرب هي بعينيها بعيدا حتي لا تفضحها نظرات الشوق، ليبتسم هو شبح ابتسامة صغيرة، تركته هي سريعا وغادرت لينزل الي مكتبه بالأسفل، ارتمي بجسده علي أقرب أريكة، يتنهد في ارتياح بعض الشئ يحمد الله أن زيدان سافر اليوم، اخرج هاتفه يحادث حسام، يطمئن عليه، لحظات وسمع صوت حسام يتمتم في هدوء:.

- ازاي حضرتك يا بابا
ضحك خالد ساخرا يمسح علي شعره بكف يده الحرة يتمتم متهكما:
- من امتي الأدب دا، يا حبيب بابا، ولا القلم اللي خدته علي وشك رباك، لو أعرف كدة كنت رزعتك بالقلم من زمان.

سمع صوت أنفاس إبنه الحانقة يليها صوته يغمغم بكلام خفيض لم يتبين ماهيته ليردف حانقا بعد لحظات:
- أنا مش هرد عليك علي فكرة عشان أنت راجل كبير وزي أبويا.

عاد خالد يضحك من جديد ارتمي بجسده للخلف يريح ظهره الي ظهر الاريكة خلفه يغمغم ساخرا:
- لا يا حبيب ابوك إنت مش هترد عليا عشان ما اجيش اقطعلك لسانك.

ضحك حسام في الجانب الآخر، قبل أن يسمع خالد صوت دقات علي باب المكتب سمح للطارق بالدخول لتدخل الخادمة تتمتم سريعا في فرحة:
- خالد باشا، العريس وصل.

صرفها بإشارة من يده دون أن يهتم بما قالت، ليسمع صوت حسام يتمتم في ذهول:
- عريس، مين عندكوا هيتجوز يا بابا.

صمت خالد للحظات يزفر أنفاسه الخانقة فتح ازرار قميصه الأولي يتمتم في خواء:
- لينا أختك.

سمع صوت شهقة فزعة تأتي من ناحية حسام تلاها صوته يهمس في صدمة:
- يا نهار أسود ازاي طب وزيدان لا ما ينفعش.

وقف خالد من مكانه يتحرك في الغرفة اتجه ناحية الحائط الزجاجي الضخم ينظر من خلاله الي الحديقة بالخارج حين تنهد خالد يهتف في ارتياح قليل:
- هعمل ايه بس يا حسام، الحمد لله أن زيدان سافر قبل.

- زيدان ما سافرش، زيدان بايت عندي النهاردة
همس بها حسام بصوت خفيض حذر يقاطع والده، لتنتفض خلايا جسد خالد أجمع أثر ما سمع، خرج قلبه من مكانه يركض بعيدا عن جسده، شد قبضته علي الهاتف يصيح في ولده:
- حسام اسمعني اوعي تجبله سيرة أنت فاهم، اوعي يا حسام...

طمأن حسام والده أنه من المستحيل أن يفعل ذلك، بعد لحظات أغلق معه الخط، وقف مكانه يستند بكفيه علي سطح المكتب يلهث بعنف عينيه شاردة تسبح في الفراغ ضرب سطح المكتب بقبضته بعنف يهمس متألما:
- ليه يا لينا، ليه استخسرتي في حياتكوا فرصة.

وقف للحظات يحاول أن يهدئ مسح وجهة بكف يده عدة مرات، مرت عدة دقائق قبل أن يخرج إليهم، وقعت عينيه علي معاذ الجالس يتأنق بحلة فاخرة وجواره المأذون، وحمزة شقيقه يجلس معهم، توجه إليهم ليهب معاذ سريعا يمد يده يود أن يصافح خالد يتمتم سريعا يبتسم في توسع:
- خالد باشا ازاي حضرتك أنا سعيد جدا اني حضرتك قبلتني فرد في العيلة.

نظر خالد ليده الممدودة للحظات قبل أن يتجاوزه دون حتي أن يمد يده جلس جوار أخيه، حمحم معاذ في حرج يعاود الجلوس جوار المأذون ينظر أرضا في حرج، لحظات واطلقت احدي الخادمات زغرودة طويلة عالية جعلت الجميع ينظر للسلم حيث تنزل لينا ابنه خالد أولا، وخلفها زوجة وبدور زوجة حمزة، ابتسمت لينا بتكلف لمعاذ، نزل الجميع لأسفل في صمت طويل مطبق، صمت لم يكسره سوي جملة المأذون التي نطقها بتوتر:.

- احم يا جماعة مش هنكتب الكتاب ولا ايه، أنا لسه عندي كتب كتاب وطلاق
نظرت لينا لوالدها ليتفادي خالد النظر إليها مال ناحية أخيه الجالس جواره يهمس له بصوت خفيض متألم:
- حمزة أنا مش قادر احط ايدي في ايد الواد، مش هقدر يا حمزة.

ابتسم حمزة في رفق يربت علي كتف أخيه لينظر ناحية الجميع يرسم ابتسامة مرحة واسعة علي شفتيه يغمغم في مرح:
- والله ما حد هيبقي وكيل العروسة غيري أنا ما بقتش وكيل قبل كدة يا جماعة ادوني فرصتي، خالد خد فرصته قبل كدة.

قام حمزة من مكانه يجلس علي الاتجاه الآخر منه، لتنظر لينا لوالدها نظرات طويلة تملاءها الصدمة والخذلان، لا تصدق أن رفض للتو أن يزوجها وترك تلك المهمة لأخيه، وضع حمزة يده في يد معاذ ليقبض خالد علي كفه بعنف يشد علي أسنانه بقوة، في اللحظة التالية قامت لينا زوجته تجلس علي المقعد المجاور له ليمد يده سريعا يمسك بكفها يشد عليه ليشعر بأصابعها تعانق كفه برفق كأنها تهون وانتهي كل شئ كما بدأ فجاءة مع جملة المأذون « بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير »...

توسعت ابتسامة معاذ الفرحة ما أن نطق المأذون تلك الجملة، التقط منه القلم سريعا يخط توقيعه ليلمح حمزة شيئا لم يره من قبل جزء صغير من وشم لمحه لمحة خاطفة موسوم علي باطن يد معاذ عند عروقه تحديدا، لمحة لم تتعدي اللحظات، ليأتي دور لينا خطت اسمها بأحرف مرتجفة علي الورقة وكأن يديها ترفض أن تفعل ذلك، ما إن انتهت هب خالد فجاءة يصيح في ابنته محتدا:.

- اتجوزتيه خلاص، عملتي اللي في دماغك، ما ترجعيش تندمي بعد كدة.

واندفع إلي أعلي دون أن ينظر خلفه من جديد، حمحمت لينا في حرج مما فعل خالد للتو، حاولت أن تبتسم وتمرء ذلك الموقف الغريب اقتربت من ابنتها تتمتم ضاحكة:
- ايه يا لوليتا انتي عارفة بابا بيغير عليكي قد ايه...

حاولت لينا رسم ابتسامة ولو مزيفة علي شفتيها تنظر لمعاذ لتراه يبتسم في توسع وكأن ما حدث بالكامل لم يزعجه ابدا، نظرت ناحية سلم البيت علها تلمح طيف والدها، اقترب معاذ يلتقط حقيبة ملابسها يتمم مبتسما في سعادة:
- يلا يا حبيبتي.

توجهت ناحية والدتها تعانقها بقوة لتبادلها لينا العناق تهمس لها قلقة:
- خلي بالك من نفسك يا لينا، لو حصل اي حاجة بلغيني، أنا هكلمك علي طول وهجيلك دايما.

حركت رأسها إيجابا تعانق والدتها ليقترب حمزة منه يفتح ذراعيه علي اتساعمها يغمغم ضاحكا:
- وما فيش حضن لعمو حمزة ولا ايه.

اقترب يعانقها بقوة لتختبئ داخل صدره تبحث عن ابيه بين أحضانه، حين سمعت صوت حمزة يهمس لها قلقا:
- خلي بالك من نفسك يا لينا ولو حسيتي بأي حاجة مريبة حتي لو مجرد إحساس اتصلي بينا فورا.

ابتسمت لعمها ابتسامة خفيفة تحرك ليقبل جبينها يربت علي وجهها برفق، تركها متجها ناحية معاذ قبض علي تلابيب ملابسه ابتسم ابتسامة مجنونة شرسة يغمغم بنبرة شيطانية:
- مبروك يا صهر عائلة السويسي الجديد، أنت عارف طبعا إنت دخلت عيلة مين وعارف هما يقدروا يعملوا ايه، فنصحية مني ما تخليناش نزعلك، ماشي يا معاذ.

لم تتغير ابتسامة معاذ فقط رفع كتفيه لأعلي بلامبلاة يحرك رأسه إيجابا بعد وداع مع الجميع، توجهت لينا الي سيارة معاذ، وقفت جوار السيارة ترفع رأسها لأعلي لتجد والدها يقف هناك في شرفة غرفته ينظر لها مباشرة للحظات شعرت أنها تراه يبكي، قبل أن يلتفت ويغادر، اجفلت علي جملة معاذ:
- مش يلا يا حبيبتي.

ابتسمت في خواء تحرك رأسها إيجابا، لتستقل المقعد المجاور له، جلس هو جوارها مباشرة يضعط مكابح السيارة بقوة لتنطلق بهم تشق الغبار
في منزل شهد.

علي طاولة الطعام يجلس حسام يقابله زيدان، يشعر بقلق غير مبرر في قلبه وكأن خنجر مسموم يطعن قلبه لا يعرف حتي لما يشعر بذلك الشعور ولكنه قلق خائف يشعر بأن حلقات قلبه تتكسر واحد تلو الآخر تنهد حانقا، يحاول أن يهدئ رفع وجهه ليجد حسام ينظر للفراغ يقطب جبينه غاضبا نظراته حادة غاضبة قاتمة يكور كف يده يشد عليه بعنف، قطب جبينه يسأله متعجبا:.

- مالك يا حسام من ساعة ما كنت بتتكلم في التليفون وشكلك مش مظبوط أنت كنت بتكلم مين.

وجه حسام مقلتيه ناحية زيدان يحاول أن يبتسم حرك رأسه نفيا يتمتم متلعثما:
- هاا، لا لا ابدا دا تليفون شغل.

رفع زيدان حاجبه الأيسر ساخرا حسام يكذب وواضح للغاية للاعمي أنه يفعل، ولكن لما يكذب حسام ما الذي يحاول أن يخبئه عنه، مد يده سريعا يلتقط هاتف حسام الموضوع علي الطاولة، كونه صديقه فهو يعرف كلمة السر الخاصة بالهاتف، صاح حسام غاضبا ما أن امسك زيدان هاتفه:
- زيدان سيب الموبايل.

ولكن زيدان لم يستمع له في لحظات كان قد فتح هاتفه، ينظر لآخر مكالمة ليجدها من رقم خاله، توسعت عيني زيدان في قلق خوفا من أن يكون أصاب أحدهم مكروها، هب واقفا يصيح في حسام محتدا:
- هي دي اللي مكالمة شغل اكيد حد حصله حاجة، أنا رايحلهم.

اندفع زيدان متجها ناحية باب المنزل ما أن امسك القميص سمع صديقه يصيح باسمه التفت له ليسمع آخر جملة تمني سماعها يوما:
- زيدان، لينا اتجوزت!
علي صعيد أخر أمام منزل معاذ وقفت السيارة اخيرا بعد مسافة ليست بطويلة، وقفت أمام عمارة سكنية راقية للغاية نزل معاذ اولا ليلتف حول السيارة فتح الباب لها لينحني بحركة مسرحية يتمتم سعيدا:
- اتفضلي مولاتي.

ابتسمت ابتسامة متكلفة تحرك رأسها إيجابا نزلت من السيارة ليسير معاذ من جوارها يرشدها للطريق، يخبرها بمدي سعادته في تلك اللحظات بوجودها معه، توجها معا الي المصعد الي الطابق الخامس تحديدا، وقف المصعد ليخرجا منه معا تقدمها سريعا يفتح باب الشقة دخل اولا يفسح لها المجال، لتدخل هي الاخري صفع الباب بعنف مخيف ما أن دخلت لتنظر له تقطب جبينها متعجبة مما فعل، التفت برأسها تنظر للمنزل امامها لتتوسع عينيها حين رأت...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة