قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والثلاثون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والثلاثون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والثلاثون

صمت دوي في أرجاء المكان عقب جملة أدهم توسعت عيني مايا في صدمة تقبض على كف يدها تشد عليها بعنف تغرز أظافرها في كف يدها تكاد تدميها من الضغط، احمرت وجه جوري من الخجل والمفاجأة، الجميع صامت زاهل ينظر للآخر في صدمة، ليقطع الصمت صوت رعد حين قال فجاءة بهدوء:
- وهو طبعا شرف لينا اننا ننساب فرد من أفراد عيلة السويسي، بس أنا آسف اختي مقرئ فتحتها على حسين ابن خالي عاصم، مش كدة يا بابا.

نظر جاسر لرعد يقطب جبينه متعجبا مما يقول ابنه، ولكنه لم يكن ليقلل من شأن كلمة ابنته أمام أي حد، حرك رأسه إيجابا يؤيد ما يقول ابنه حمحم يردف بتروي:
- والله يا ابني إنت عريس لقطة وشاب هايل، بس أنت عارف كل حاجة في الدنيا نصيب، واكيد ربنا هيرزقك بنصيبك احسن.

ابتسم أدهم في اصفرار يحرك رأسه إيجابا، ينظر لمايا بطرف عينيه، يتنهد في نفسه براحة لا يعرف من الأساس لما نطق تلك الجملة ولكنه اراد ان يخرج قلب من أسر لعنتها وهداه تفكيره أن يرتبط بأخري عله فقط يحرر روحه من قيد عشقها المحرم، ولكنه حتى القيد ابي إن ينحل، عقد العزم على أن يخنق ما بقي من ثباته الزائف داخل جدران عشق ليس له به حق، اعتذر أدهم بأدب ليرحل من المجلس، ظلت مايا تتابعه بعينيها، تود فقط أن تفهم لما قال لذلك الا يحبها هي تشعر بغيرته حبه، عشقه لها، لما أراد الارتباط، نظرت لرعد تبتسم ممتنة، في نفس اللحظة التي التف فيها أدهم لينظر لها لمحة خاطفة قبل أن يغادر ورآها تبتسم لغيره، تبدو سعيدة تفتت زجاج قلبه العاشق إلى شظايا رمتها الرياح بعيدا، بخطي سريعة شبه مهرولة اتجه إلى سيارته يود فقط الهروب من المكان بأكمله إلى أين لا يهم، فقط يهرب.

من حجيم عشق مؤلم يستنزف روحه.

راقب خالد بحذر رد فعل أدهم يشعر بالشفقة والحزن عليه، نظرة العذاب التي رآها في عينيه وهو ينظر لمايا ذكرته بعذابه القديم حين حرمه جاسم من لينا، هو أكثر من يعرف عذابه ولكنه ولأول مرة يشعر بالعجز عن مساعدته ماذا سيقول لشقيقه عذرا ابنك المتبني يحب شقيقته، حمزة يعتبر أدهم ابنه قلبا وقالبا لن يقبل بتلك الفكرة ابداا، تنهد يزفر انفاسه الحارة يحاول الاختلاط مع الجمع، ليقع عينيه على لينا التي تنظر له قلقة تسأله بعينيها لما أنت شارد، ابتسم يطمئنها يحرك رأسه نفيا بخفة، يعاود الحديث معهم إلى أن انتهي اللقاء وقف جاسر يصافح خالد وحمزة يردف مبتسما:.

- كانت سهرة سعيدة جدا والله يا ابو الخلد، هنستني ردكوا واي كان الرد احنا أهل ودا عمره ما هيتغير، نستأذن احنا بقي
عانقت رؤي مايا بشدة تشد على جسدها تتمتم بسعادة:
- حبيبتي يا ميوش ما تعرفيش هنبقي سعداء اد ايه لو وافقتي، صدقيني مش هتلاقي لا طيبة ولا حنية رعد، والرأي رأيك بردوا خدي وقتك كله.

اغمضت مايا عينيها تنساب منها دمعات بسيطة حضن تلك السيدة دافئ، حنون وهي في اشد شوقها لتشعر بحنان والدتها التي افتقدتها طوال حياتها...
رحلت عائلة جاسر، التفت حمزة لخالد يسأله متعجبا:
- غريب أوي اللي أدهم عمله دا، دا حتى ما خدش رأيي ولا قالي أنه عايز يخطب، لما اتكلمت معاه في الموضوع دا من مدة قالي أنه ما بيفكرش في الموضوع دا خالص.

تنهد خالد بحرقة حزينا على حال ذلك الفتي المسكين نظر لأخيه للحظات في عتاب صامت ليردف بعدها:
- أنت اذيت أدهم اوي يا حمزة، مش دلوقتي من زمان أوي.

قطب حمزة جبينه متعجبا مما يقول أخيه وقبل أن يسأله حتى عما يقول تركه خالد وغادر متجها لخارج الفيلا، قاصدا بيت شهد لن تمر الليلة الا بعد أن يضع حدا نهائيا وفاصلا لذلك الموضوع ما كاد يقترب من سيارته سمع صوت لينا تنادي عليه، التفت لها يبتسم ليترك سيارته عائدا إليها، اقترب منها ليجدها تدفعه في صدره بعنف توسعت عينيه خاصة حين بدأت تبكي بصوت عالي تنظر له بقهر تصيح فيه:.

- أنت رايح فين يا خالد، من الصبح وأنت برة وما قعدتش ساعة ودلوقتي بردوا خارج، خلاص أنا ما بقتش افرق معاك اوي كدة، إنت حتى ما كلمتنيش ولا كلمة النهاردة، أنت زعلان مني
ابتسم يآسا يحرك رأسه نفيا يحتوي نوبة بكائها داخل صدره لف ذراعيه حول جسدها يضمها ضحك يردف مشاكسا:.

- الله يخربيت الهرمونات اللي منكدة علينا عيشتنا، الحكاية وما فيها يا ستي أن فعلا النهاردة اليوم كان مزحوم مشاكل كتير عند على ولبني بسبب اللي حصل لعثمان بس، وأنا دلوقتي عندي مشوار اخلصه واجيلك جري
حركت رأسها نفيا بعنف داخل صدره تتمتم باكية:
- لاء ما تمشيش أنت طول النهار برة، او خدني معاك.

توسعت عينيه في صدمة يأخذها إلى أين، حرك رأسه نفيا بعنف يبعدها عنه يحاوط وجهها بين كفيه بمسح دموعها بإبهاميه ابتسم يردف بحنو:
- ما بتكبريش ابدا يا لينا نفس العيلة الصغيرة اللي بتشبط فيا وأنا خارج، سنين عمري بتمر وانتي بنفس نظرة العيلة الصغيرة اللي بتصحيني من النوم عشان اعملها ضفيرة...
لثم جبينها بقبلة حانية شغوفة عاشقة يهمس لها بترفق:
- مش هتأخر عليكي، ما تعيطيش بقي عشان خاطري.

حركت رأسها إيجابا تبتسم ابتسامتها الحانية المعتادة تمسح ما تبقي من دموعها، تهمس له بصوت متحشرج باكي:
- خلي بالك من نفسك، وما تتأخرش مش هنام غير لما تيجي.

ابتسم يحرك رأسه إيجابا يشعر بغضة قاسية تعتصر قلبه قلق كلمة قليلة للغاية عن ذلك الشعور المؤلم الذي يهاجم كيانه يتمني فقط يتمني أن يستطع حسام إقناع والدته بأن تعدل عن رأيها، نظر خالد نظرة اخيرة لزوجته ليري التردد يكسح مقلتيها، ابتسم في خبث زائف ليميل على أذنيها يهمس في عبث:
- هتوحشني البسبوسة على ما اجي يا بسبوسة
ضحكت بصخب تدفعه في صدره تتمتم صائحة من الخجل:
- امشي يا قليل الادب مش هتتغير ابدا.

ودعها متجها إلى سيارته استقلها يلوح لها وهو يغادر بينما كانت هي تقف بعيدا تنظر له وهو يغادر، شعور مؤلم ينهش قلبها لا تعرف لما ولكنها شعرت في تلك اللحظة أنه يغادر دون عودة.

على صعيد آخر، تقف أمام مرآه زينتها تلتف حول نفسها بذلك الفستان الأحمر القاني الطويل، هديته لها، احبتها حقا احبتها، التقطت فرشاه شعرها تمشط خصلاتها وابتسامة واسعة سعيدة تغزو شفتيها لم تكن تظن في ابعد خيالاتها أن تعش سعادة كهذة ومع من زيدان!، قضيا اليوم بأكمله تقريبا بين الأمواج، لم يعودا سوي من سويعات قليلة، ليطلب منها أن ليتناولوا العشاء في الخارج، ارتدت اقراطها تنظر لانعاكسها للمرة الأخيرة لتبتسم في رضي التقطت حقيبتها الصغيرة، تخطو للخارج بخطوات متهملة واثقة ناعمة...

كان يقف هو في الخارج يرتدي حلة سوداء، قميص أبيض، رابطة عنق حمراء قانية ينتظرها أمام الغرفة يتأنق كعريس في ليلة زفافه، ينتظرها بابتسامة صغيرة حانية لينا تتقدم بخطي سريعة في طريق علاجها وفي طريق عشقها له، فقط بقي القليل وستصبح له قلبا وقالبا، اجفل على صوت الباب يفتح ليرفع وجهه سريعا فرآها تجمدت أنفاسه ينظر لها عينيه كجبل جليد يذوب من حرارة عشقها، انفجر نابضه من شدة خفقاته تفصحتها عينيه ليشعر بلعابه يجف انفاسه تتباطئ دقاته تتصارع جسده يشتعل يديه باردة كالثلج، بلع لجافه الجاف يخترزها بنظراته يهمس في ولة:.

- فتنة! جمالك فتنة تغوي الراهب
ابتسمت خجلة كلماته تعزف برفق على أوتار انوثتها لتزيدها ثقة، أعادت خصلة ثائرة خلف اذنها اليسري تهمس له بخفوت خجل:
- احم شكرا، مش هنروح نتعشي.

حرك رأسه ايجابا يحاول أن يفيق من حالة الخدر التي تملكت بأوصاله ينظر لها نظرة اخيرة، على الرغم من انها ترتدي فستان واسع لا يلتصق بجسدها بأي حال من الأحوال مغلق بالكامل، وجهها يخلو من اي مساحيق تجميل ولكنها حقا فاتنة بشكل يجعل غيرته تمنع من أن تخرج بذلك الشكل، اقترب منها يمسك كف يدها يتمتم بصوت خفيض حانق:
- كان لازم يعني تبقي حلوة أوي كدة لو حد عاكسك هقلبها مجزرة تحت، أنا لاسع وعندي برجين طايرين.

ضحكت بخفة على ما يقول تشبك كفها في كفه تخطو معه لخارج غرفة الفندق الخاصة بهم متجهين إلى المطعم، اتجه معها إلى أحدي الطاولات يجذب لها المقعد ابتسمت تجلس عليه ليدفعه قليلا للامام جلس أمامها، ليراها تنظر لساحة الرقص تبتسم، حمحم لتنظر له أخذ نفسا قويا ينظر لعينيها يهمس لها بخفوت عاشق:
- تعرفي يا لينا أنا عمري حتى ما في أبعد احلامي تخيلت اني ممكن أعيش السعادة دي ابدا.

انطفئت ابتسامتها يكسو الالم مقلتيها مدت يدها تمسك بكف يده الموضوع على الطاولة تسأله في حذر:
- زيدان أنت ليه مش عايز تحكيلي عن حياتك اللي فاتت، احنا الاتنين بنفتح صفح جديدة مع الدنيا لازم نقفل القديم ونبدأ من جديد
رفع وجهه لها لتري العذاب بعينه يصرخ في عينيه للحظات انقبض قلبها ورغبتها في أن تعرف ما حدث معها تلاشي مع الرياح، ابتسم متألما يحرك رأسه إيجابا:.

- هقولك يا لينا، هحكيلك كل حاجة لما نطلع اوضتنا...
ابتسمت تحرك رأسها إيجابا ليمسك كل منهما قائمة الطعام الخاصة به، يطلب العشاء، جاء النادل ليمليه زيدان ما يريدان، أخذ طلباتهم ورحل لتجلس هي تراقب ساحة الرقص تفكر في ماضي زيدان المجهول المخيف، لتجفل فجاءة حين رأته أمامها ينحني للامام قليلا بحركة مسرحية يبتسم في لباقة مردفا:
- تسمحيلي بالرقصة دي.

ابتسمت تحرك رأسها إيجابا تبسط كفها في كف يده الممدودة ليشدها برفق، اتجها معا إلى باحة الرقص يتناغمان على إيقاع الموسيقي، كانت تبسط كفيها على كتفيه لتلمح عينيها هناك يقف بعيدا خلف زيدان، معاذ! من جديد هنا تلك المرة لم تنتظر لتتأكد هو أم لا تركت زيدان تتحرك ناحيته بخطي سريعة شبه مهرولة تريد فقط أن تعرف لما هو هنا لما يظهر لها بتلك الطريقة المريبة المخيفة ما أن اقتربت منه اختفي، اختفي وكأنه سراب من وحي خيالها المريض، وقفت تتلفت حولها تبحث عنه بفزع خوف توتر، اجفلت تكاد تصرخ حين شعرت بيد توضع على كتفها التفت سريعا تنظر للفاعل بأعين جاحظة لتجد زيدان يقف خلفها ينظر لها قلقا يسألها متعجبا:.

- في ايه يا لينا، انتي كويسة رايحة فين بتدوري على مين
حركت رأسها نفيا تدور بعينيها في ارجاء المكان لتسخص عينيها في فزع حين رأته معاذ يخرج من باب المطعم رأته وهو ينظر لها بجانب عينيه رأته وهو يبتسم كأنه يتعمد أن تراه وقبل أن تشير له حتى كان قد غادر.

اشتعلت دقات قلبها خوفا ماذا يريد معاذ ولماذا يظهر لها بذلك الشكل هل تخبر زيدان ام فقط تتغاضي تصمت ربما هي فقك هلاوس وهو غير موجود من الأساس، اجفلت على يد زيدان تلتف حول كتفيها يردف في قلق:
- لينا شكلك تعبان تعالي نطلع ونبقي نطلب العشا في الأوضة
لفت وجهها له تبتسم شبح ابتسامة شاحبة تحرك رأسها نفيا تردف بخفوت:
- لا أنا كويسة، أنا بس شبهت على حد شبه بابا، فجريت عليه كنت فكراه هو.

لماذا تكذب لما تستمر في الكذب هي حقا لا تعلم، الأمر بسيط تخبره انها رأت معاذ، تنهدت حائرة تردف مبتسمة في قلق:
- خلينا نتعشي وبعدين نطلع
ابتسم يؤيد فكرتها ليعود بها إلى الطاولة جلست أمامه مرة أخري ليحضر لهم النادل الطعام لأول مرة تشعر بفقدان شهيتها للطعام فقط تحرك الطعام في صحنها الخاص دون أن تسمه، لاحظ زيدان شرودها وقبل أن يسألها صدح صوت انثوي يأتي من جانبهم:.

- ايه دا لينا انتي هنا، مش معقول الصدفة بتتكرر، دا نصيب اننا نتقابل.

نظر الاثنان معا لتتوسع عيني لينا في فزع تلك الفتاة الثرثارة من جديد تجلس على الطاولة المجاورة لهم بصحبة رجل عجوز مسن ملامحه وسيمة رغم كبره في السن، ترتدي ثوب اقل ما يقال عنه أنه فاضح، نظرت لينا لزيدان تتوسله بنظراتها أن يهربا وقبل أن يقدمها على اي فعل كانت تلك الفتاة تجلس على المقعد الفارغ جوار لينا تعانقها بكعنف تلتصق بها كقنديل البحر حين يلتصق بضحيته، ابتسمت لينا بحرج تشعر بالحرج من اعتصار تلك الفتاة لها، لتسمع صوت ذلك الرجل يهتف بهدوء ورزانة:.

- موني وبعدين معاكي مش هتبطلي حركات العيال دي
ابتعدت الفتاة عن لينا تنظر للرجل حانقة تبتسم في غيظ ليقترب الرجل منهم ابتسم يصافح زيدان يردف:
- مهاب المالكي، رجل أعمال أنا بعتذر جدا عن تصرف منار مراتي بس هي مندفعة شوية
ابتسم زيدان ينظر للرجل باشمئزاز سمعة منير المالكي تسبقه بأميال، صافحه يحرك رأسه إيجابا يغمغم مبتسما باصفرار:
- لا ابدا ما فيش حاجة، زيدان الحديدي ظابط شرطة.

للحظات رأي زيدان عيني ذلك الرجل تضطرب قلقا، ومن ثم عقد جبينه يجذب مقعد يجلس جوار زيدان يغمغم في عملية:
- أنت قريب خالد السويسي صاحب شركة السويسي للمقاولات، جوز بنته على ما اتذكر
تنهد زيدان حانقا ليست الفتاة فقط هي العلكة بل زوجها ايضا عاود الابتسام باصفرار يحرك رأسه إيجابا ليحرك مهاب رأسه ناحية لينا تفرسها بنظرة سريعة ليقول مبتسما:
- تشرفنا يا مدام مبروك.

ابتسمت لينا بحرج تود أن تضع يديها على أذنيها وتصرخ بصوت عالي علها تتخلص من ثرثرة تلك الجالسة جوارها تتحدث بلا توقف كراديو قديم نسي احدهم اغلاقه، رأي زيدان نظراتها المتوسلة فقام واقفا جذب لينا يلف ذراعه حول كتفيها يعتذر لهم بلباقة:
- نستأذن احنا معلش، عرسان جداد ومحتاجين نرتاح عن اذنكوا.

وقبل أن يجيب اي منهم سحب زيدان لينا وغادر، ظل مهاب وزوجته يتباعانهم حتى اختفوا من أمامهم التفت مهاب لزوجته ابتسم في خبث يغمغم:.

- زيدان الحديدي دراع خالد السويسي اليمين والشمال، خالد ما عندوش غير بنت واحدة فمعتمد على زيدان في كل حاجة، المطلوب منك يا نوني توقعي زيدان، زيدان سلمنا لخالد لو وقعتي زيدان، ساعتها زيدان هيقنع خاله أنه يشاركني في الشغل، وهندخل كل الصفقات تحت اسم السويسي وطبعا اي صفقة تحت اسم خالد وشركته ما بتتفتش اصلا فهماني يا موني.

ابتسمت منار في خبث سعيدة هي حقا تكره استعمال مهاب لجسدها كصنارة صيد تجلب له الصفقات ولكنها حقا ترغب في تلك الصفقة حركت رأسها إيجابا تتوعد للينا أن تأخذ ما هو حقها هي.

في غرفتها تجلس على فراشها تنظر لفراش شقيقتها الفارغ تبكي في صمت، اشتاقت لسارة ولوالدتها، ولعثمان منذ ما حدث له وهي لا ترغب سوي في أن تبقي جواره تشعر بالقلق عليه في كل لحظة ابتلعت لعابها بصعوبة تمسح دموعها المتساقطة رغما عنها تلتقط هاتفها ترغب في الاتصال بوالدتها، ليصدح صوت هاتفها في تلك اللحظة قطبت جبينها حين رأت رقم غريب لا تعرفه، فتحت الخط تضع الهاتف على اذنها قبل أن تنطق بحرف سمعته، هو صوته المميز نبرته الحزينة وهو يقول:.

- ايوة يا سارين أنا عثمان
عثمان! يطلبها حلم بل أبعد من الحلم، كيف ولما ومتي وكيف جاء برقم هاتفها من الأساس تسارعت دقاتها بعنف جحظت عينيها تهمس بصوت خفيض مضطرب متوتر متلعثم:
- ععثمااان، خيرر يا عثمان ااا، إنت جبت رقمي منين
مقعده المتحرم بالقرب من النافذة يمسك هاتفه في يده ينظر لسواد الليل ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه ينظر لانعاكس صورته من خلال زجاج الشرفة الكبير المغلق ليردف متنهدا بألم:.

- مش دا المهم يا سارين، أنا عايز اقولك حاجة وارجوكي اسمعيني كويس، أنا اناني يا سارين، اناني اكتر مما تتخيلي، عيشت طول عمري اللي أنا عايزة بيحصل اللي بحلم بيه لازم يجي، كانوا فاكرين انهم كدة بيعوضوني عن غيابهم، ما كنوش يعرفوا انهم كدا بيدمروا اي اخلاق ومشاعر كويسة فيا، حتى بعد اللي حصلي أنا لسه اناني بفكر في نفسي وبس، أنا عايزك جنبي يا سارين عارفة ليه، عشان تساعديني اقف على رجلي تاني، بعد اللي حصلي بقي طيفك انتي دايما معايا عايزك انتي بس، دا مش حب أنا إنسان ما يعرفش يعني ايه حب دي انانيه مني، أنا عايز ايدك تشد ايدي عشان اقوم من على الكرسي وارجع امشي تاني، فارجوكي ارفضيني، ابعدي عني، ما تعلقيش قلبك بواحد زيي، انتي تستاهلي حد نضيف زيك يا سارين، تكوني فرحته الأولي...

تجلس على فراشها في غرفتها تتساقط دموعها بصمت تحرك رأسها نفيا تنفي كل كلمة يقولها اشتدت يدها على هاتفها تصيح فيه باكية:.

- كفاية يا عثمان، مش بإرادتي إني أحبك غصب عني، حتى بعد اللي بتقوله دا، إنت مش اناني يا عثمان ومش وحش زي ما انت فاكر، أنا وأنت اتربينا في نفس الظروف الفرق أنك ولد مسموح يعمل اي حاجة وما حدش هيحاسبه وأنا بنت حتى النفس هيحاسبوني عليه، عثمان أنا كنت باخد حبوب منوم كل ليلة عشان ما اسمعش خناقات ماما مع بابا، من وقت ما بدأت افهم الدنيا وأنا شايفاهم بيتخانقوا بيزعقوا، ماما بتعيط، بابا على طول مش في البيت، حياتي ما كنتش وردي، كرهت الجواز وقولت عمري في يوم ما هتجوز، بس غصب عني والله غصب عني قلبي حبك...

صمت، صمت طويل ساد بعد إنفجار سارين بتلك الطريقة لا يسمع سوي صوت شهقات سارين العالية، كسر الصمت بل فتت إلى فتات جملة عثمان التي نطقها فجاءة:
- تتجوزيني يا سارين
توسعت عينيها في صدمة عقدت لسانها، توقفت دقات قلبها، شلت عقلها، ليكمل هو مبتسما في ألم:.

- تقبلي تتجوزيني أنا بني آدم وحش جدا عملت علاقات بعدد شعر رأسه، ضحكات على بنات كتير، شخص اناني طماع، مشلول ما فيهوش ميزة واحدة، عايز يفتح صفحة جديدة من الدنيا معاكي، صفحة نضيفة بعيد عن كل سواد الماضي، موافقة
دون تردد حركت رأسها إيجابا تبتسم وهي تبكي جسدها يرتجف من عنف تلك الصدمة لتهمس بصوت خفيض باكي:
- موافقة بس بابا مش هيوافق.

بالطبع لن يوافق في الأساس لم يكن ليوافق على عثمان زير النساء، الآن سيوافق على عثمان القعيد زير النساء ابتسم يسخر من حاله خرجت من بين شفتيه تنهيدة حارة يتمتم:
- بصراحة عنده حق لو بنتي مستحيل اوافق على واحد زيي بأي حال من الأحوال بس أنا بردوا هحاول معاه، ما تقلقيش.

بالقرب من باب غرفة سارين يقف عمر يحمل كوب حليب كبير كان يود إدخاله إليها حين اقترب من الباب سمعها تصيح باكية تخرج كل ما يجيش في قلبها الصغير المهموم ليتذكر جملة أخيه في تلك اللحظة « بنتك محتاجله زي ما هو محتاجلها، » انتفض قلبه حزنا على صغيرته لم يكن يدري أن شجاراته مع زوجته ستحدث ذلك الشرخ العميق القاسي في نفس ابنته، منوم تأخذ منوم حتى تهرب من الواقع، أي معانة كانت تعاني وهو فقط لا يهتم سوي بحاله ونذواته، مد يده يدق باب غرفتها سمعها تهمس بتعلثم:.

- ااا دخل يا بابا
حاول تصنع الهدوء قدر المستطاع دخل إلى الغرفة يبتسم في اتساع يبحث عن هاتفها بعينيه ليجده موضوع على الطاولة الصغيرة جوار الفراش تنهد يقترب من فراشها يبتسم في حنو جلس امامها يمد يده لها بكوب الحليب يغمغم مبتسما:
- اللبن، انتي كنتي بتعيطي ولا ايه.

التقطت منه كوب الحليب تحرك رأسها نفيا سريعا تمسح وجهها بعنف ظلت عينيه تخترز قسمات وجهها الحزين المجهد البائس ليبتسم حزينا هو اقترب من جبينها يلثمه بقبلة حانية يتمتم برفق:
- حاضر يا سارين...
قالها وقام يغادر الغرفة لتقطب هي جبينها متعجبة لا تفهم ما قال والدها للتو.

في شقة شهد
يجلس حسام امام والدته يحاول اقناعها بشتي الطرق أن تعدل عن قرارها الغريب ذاك، وقف امامها يصيح متعجبا:
- أنا بجد مش فاهمك يا ماما، المفروض، المفروض يعني أن الضحية ما تبقاش طايقة تبص في وش الجاني، وانتي عيزاه يتجوزك، ليه طيب
نظرت شهد لابنها حانقة لتكتف ذراعيها ترميه بنظرة عتاب قاسية تهتف محتدة:
- انا حرة دا قراري وأنا مضربتش حد على ايده، وبعدين إنت مالك أنت، ايه دخلك في الموضوع.

رفع كلا حاجبيه متفاجئا مما تقول ليقترب منها يتمتم ذاهلا:
- يعني ايه أنا مالي، مش دا ابويا وحضرتك امي، وبعدين أنا شايف انه طلب غريب مش مفهوم، مش بحامي لحد وأنا آسف في اللي هقوله بس حرفيا بابا بيعشق مراته...
اشتعلت عيني شهد حقدا بعد جملة حسام تلك ورغبتها الدفينة تزداد شراسة نظرت لحسام غاضبة تصيح فيه:.

- أنت اتصالحت مع ابوك وجاي تقلب عليا، يا دكتور أنا بوست رجل الدكتور عشان يسيبك تعيش، ابوك كان عايز يموتك قبل حتى ما تشوف الدنيا وفي الآخر بقي دا جزاتي يا حسام، متشكرة يا ابن بطني.

قالت كلامها دفعة واحدة لتدخل إلى غرفتها تصفع الباب خلفها، تنهد حسام حائرا ساعتين واكثر وهو يحاول إقناع والدته بالعدول عن رأيها وهي لا تلين ابدااا، تقدم يقترب من غرفتها حين دق الباب، عاد اليه مرة أخري يفتحه ليجد والده يقف بالخارج ابتسم في تعب يفسح له المجال، مغلقا الباب خلفه، نظر خالد لحسام يسأله بعينيه عما حدث، ليتنهد الأخير تعبا يردف بسأم:
- ما فيش فايدة حاولت كتير مش راضية تسمع كلامي.

في تلك اللحظة تحديدا خرجت شهد مندفعة وقفت امام خالد تشهر سبابتها امام وجهه تصيح فيه:
- بص يا خالد يا سويسي أنا ما ضربتكش على ايدك وقولتلك تعالا اتجوزني بالعافية، إنت قولتلي أنا مستعد اعمل اي حاجة عشان تسامحني وأنا قولتلك شرطي مش عايز خلاص أنت حر بيني وبينك حساب هنقف فيه قدام ربنا.

بلع خالد لعابه كلمتها الاخيرة ارجفت كيانه، نظر لها غاضبا يشعر بالعجز وهو ليس بشخص عادي ليشعر بالعجز أمام امراءة، دس يديه في جيبي بنطاله يغمغم في حدة:
- أنا نفسي اعرف راسك فيها ايه هتستفادي ايه، أنا قولتلك مستعد احققلك كل أحلامك، اشمعني الطلب دا
ابتسمت في غل تكتف ذراعيها امام صدرها تهتف بنبرة قاطعة:
- والله دا اللي عندي، ومش هرجع في كلامي موافق أنت حر مش موافق أنت بردوا حر.

نظر خالد لها مطولا يحاول فقط استشفاف فيما تفكر تلك السيدة ولماذا تصر على رأيها بتلك الطريقة، شد على اسنانه يتمتم بغيظ:
- ماشي يا شهد وأنا موافق بس في السر ومن غير ما حد يعرف، أنا راجل متجوز وما عنديش اي استعداد اني اخسر مراتي
قصد جرحتها بتلك الكلمات القاسية علها فقط تتراجع عن قرارها كان متأكد انها بالطبع لن توافق ليراها ترفع رأسها قليلا تنظر لعينيه بتحدي تردف مبتسمة:
- وأنا موافقة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة