رواية أسرار (لأني أحببتك) للكاتبة هبة شاهين الفصل التاسع والتسعون والأخير
#Harry#
- بعد يومين-
نحن نقف هنا منذ نصف ساعه تقريبا، على مسافه ليس ببعيده عن تلك القبور، انا، زين، نايل، لوي، ليام، زاك، والدي، زوجه والدي ليندا، اختي جيسي، آدم، بيلي، مايكل، الينور، هانا، دانيال و بيري تقف في النهايه تحمل طفلها و بعض الصحفيين يقفون بعيدا يلتقطون الصور.
جميعنا كنا نرتدي الملابس السوداء، الصمت كان يعم المكان و هناك بعض الرياح الخفيفه. هناك على مسافه قصيره وضعت خيمه صغيره حيث يقوم بعض الاشخاص بتجهيز الصندوق ليضعوه تحت الارض بعد ان توضع به الجثه
جثه ديانا
بعد يومين من وجودها في ثلاجه المستشفى و الانتهاء من بعض الاجراءات، نحن نقف هنا الان ننتظر انتهائهم من تجهيز الصندوق.
لاول مره ارفع عيناي عن الارض و انظر إلى الينور و هي تتجه إلى داخل الخيمه ثم خرجت بعد ثوان قليله و سارت نحوي
الينور هل تريد رؤيتها؟
همست في اذني فأومئت و انا اتنفس بعمق و سرت إلى تلك الخيمه بتردد و بطئ لست واثقا اذا كنت حقا اريد رؤيتها.
وصلت إلى هناك فأزحت باب الخيمه بيدي و توجهت إلى الداخل في الوقت نفسه الذي خرجت فيه الاشخاص من الخيمه. نظرت إلى الطاوله الموجوده في المنتصف و التي وضع الصندوق فوقها، اقتربت اكثر حتى استطعت رؤية ديانا و هي ممده بداخل الصندوق و يديها على معدتها، رداء ابيض طويل يغطي جسدها، و شعرها الاسود يستقر على كتفيها و وجهها ناصع البياض و عينها مغلقه. تبدو مختلفه قليلا ربما لان هذه اول مره اراها بدون ان استطيع سماع انفاسها.
نظرت اليها مطولا قبل ان اعود إلى وعيي و ادرك انه يجب على ان لا اتأخر في الخروج. مددت يدي لامرر اصبعي على بشرتها الناعمه البارده
مرحبا ديانا
همست و هناك ابتسامه صغيره ظهرت على شفتاي مجرد انني تخيلت و لو للحظه انها سوف تجيبني
لقد مر يومين. يومين بدونك
قلت و اختفت تلك الابتسامه لان صوتها لم يصدر بعد
اشتقت اليك اتعرفين هذا؟
قلت دون ان اتوقف عن تحريك اصبعي على خدها. فجأه شعرت بألم شديد بداخلي و بالتحديد كان في صدري فعرفت حينها ان الدموع لن تستطيع البقاء اكثر فأخذت تتساقط على وجهي ببطء
اتريدين سماع شيء ما غريب؟
تحدثت
لقد شعرت بك تلك الليله في المستشفى، شعرت بروحك و هي تترك الغرفه و تصعد إلى الاعلى، شعرت بها و هي تتركني وحدي دون ان تودعني حتى
قلت و انا اتذكر كل شيء حدث و شعرت به تلك الليله.
لقد احتفظت بوعدي لك بينما لم تفعلي انت
بدأت بالبكاء اكثر و اخرجت الهواء من فمي
كنت دائما تطلبين مني ان اعدك انني سأبقى معك، ففعلت و وفيت بوعدي و لكنك لم تفي بوعدك. لقد تركتيني
ابعدت يدي عنها حتى امسح دموعي رغم انني اعلم انها ستتساقط اكثر
انا اسف
قلت بعد ان ساد الصمت لثوان
اعلم انني اخفيت عنك الكثير من الاسرار، الكثير و لكن صدقيني ان كل شيء ابقيته سرا كان من اجلك و من اجل مصلحتك، و هذا كان كل من اريده.
تنفست محاولا التوقف عن البكاء و لكنها كانت مجرد بدايه
و هناك شيء ما.
قلت و انا اخرج ورقه صغيره من جيبي و قلم من الجيب الاخر و كتبت بها
- لأنني احببتك-
اغلقت الورقه و وضعتها بين يديها و اعدت القلم إلى جيبي
لطالما كنت تسألين لماذا اخفي عنك تلك الاسرار. انت الان تملكين الاجابه
تنهدت.
نني احببتك، كل سر اخفيته عنك اخفيته لانني احببتك، لم ارد جرح مشاعرك، لم ارد ان تتساقط دموعك على خديك، لم ارد ان اراك حزينه، كل هذا لانني احببتك
قلت بصوت مهتز و الدموع تحجب عن عيناي الرؤية بوضوح
و اعدك ان كل شيء سأخفيه. سأبقيه سرا لأنني احببتك
قلت و عدت لالمس وجهها مجددا
اتعرفين ماذا؟
تنهدت و انا ارفع شعري
تبدين جميله. حتى و عندما فارقت روحك هذه الحياه، ستبقين دائما اجمل و افضل امرأه عرفتها.
انا لم ابكي هكذا في حياتي ابدا. فجأه دخلت الينور الخيمه
الينور هيا هاري
امنحيني دقيقه
اومئت لي و هي تعود إلى الخارج. اخرجت كتاب ديانا
لقد عدت إلى المنزل بالامس و اكتشفت انك قد وصلت إلى المشهد الأخير، اذا اسمحي لي ان اقرأه لك
قلت و انا افتح كتاب روميو و جوليت على المشهد الأخير
يا حبيبتي، زوجتي، .
هنا حيث سأرسي اسس مقامي الأزلي و اخلص جسدا ارهقه هذا العالم من نير طوالعي المشئومه. عيني فلتلقي آخر نظراتك. ذراعي فليكن اخر عناق تعانقه. و يا شفتي يا ابواب الأنفاس. فلتعقدي صفقة الموت الدائمه الباهضة تلك بطهارة قبله. وهكذا اموت على قبلتي الأخيره لجوليت.
اغلقت الكتاب بعد ان وصلت إلى كلمه النهايه بعدها اخذت بعض الشهقات تخرج من فمي لا إيراديا و انا انحني لاصبح قريبا منها اكثر
هذه اخر نظره لي.
قلت محدقا بها
هذه اخر قبله لي
همست و انا اقترب و قبلت شفتيها الساكنه و شعرت بدموعي و هي تتركي خدي لتكمل طريقها على وجهها الناعم و لكن سرعان ما ابتعدت لامسحها
وداعا. دي
قلت بعد ان سمعت خطوات الينور و هي عائده من جديد و دخل الاشخاص خلفها ليحملوا الصندوق
لحظه
قلت قبل ان يقوموا بإغلاقه، اخذت ورده بيضاء صغيره كانت موجوده في جيب معطفي و وضعتها بين اصابع ديانا و بقيت انظر اليها حتى اختفت داخل الصندوق
.
نقف مجددا في المكان نفسه ننظر إلى الرجلين و هما يقومان بوضع الرمال على الصندوق فلم تحتمل الفتيات رؤية هذا فقررن الانتظار في السياره. شعرت ب نايل الذي كان يقف بجانبي
اين آني؟
نايل مع الفتيات في السياره
اومئت بعد ان انتهى الرجلين من عملهما و بعدها تقدم كل منا و ترك بعض الورد على حافه القبر حتى وصل زاك و سمعته يهمس
زاك شكرا لانك كنت افضل صديقه لي على الاطلاق.
بعدها مسح بيده على وجهه و رحل و لم يتبقى سوى انا و آدم و بيلي
آدم انا اسف لخسارتك بني
قال و هو يضع يده على كتفي و اومئت له
آدم هل اخبرك احدهم عن سبب الوفاه؟
انها الولاده
هذا ما قاله لي الطبيب
بيلي تماما كوالدتها، تموت من اجل ان يحيا شخص اخر
قالت و لكن و لاول مره لم اتحرك لفعل اي شيء فقط بقيت في مكاني احدق بتلك الصخره
ديانا والتر سميث
1995- 2017
في قلوبنا للابد.
استدرت تاركا كل من آدم و بيلي يقفان هناك و توجهت إلى السياره و اخذت آني بين ذراعاي و سرت بها خطوات قليله حتى وصلنا إلى سيارتي
انه فقط انا و انت الان
قلت و انا ادير محرك السياره
- في الوقت الحاضر-
- عام: 2022-
- اليوم: السبت-
- الساعه: 9: 00-
- لندن، ويستمنستر-
هذا كل ما حدث
قلت بعد ان انتهيت اخيرا من سرد قصتي للطبيب النفسي، حسنا لقد استغرق هذا وقتا طويلا و لكنه هو من طلب مني سردها بالتفاصيل.
اجل فهذا ما قرره الفتيان عندما حجزت نفسي في المنزل لمده اشهر فقط لاعتني ب آني و اراها تكبر امام عيناي يوما بعد يوم، ظنوا انني ربما اعاني من حاله اكتئاب بسبب وفاه ديانا و لكنني لست كذلك و على اي حال استمعت اليهم حتى اتخلص من ازعاجهم لي رغم انني اعرف تما انه لا فائده من الامر
خمس سنوات.
اجل لقد مر على تلك الحادثه خمس سنوات! على اي حال قررت ان استمع اليهم و اذهب إلى طبيب نفسي و اخبره بقصتي و ها انا قد انتهيت منها الان
الطبيب مستر ستايلز، لا يمكنني قول اي شيء عدا. انا اسف لخسارتك
ابتسمت له ببطء و انا انهض عن الكرسي و اتوجه إلى الخارج لاجد تلك الفتاه الجميله تنتظرني على احد الكراسي في الممر و هي تقوم بأرجحه ساقيها الصغيرتين للامام و إلى الخلف. انها آني
آني ابي!
قالت بأبتسامه واسعه بعد ان لاحظت خروجي من الغرفه و نهضت عن الكرسي و هي تبعد شعرها البني عن كتفها و تنظر إلى بعينيها الزرقاء
هيا بنا عزيزتي
قلت و انا امسك بيدها الصغيره و نسير إلى الخارج
آني كدت اقتل من الملل هناك
اعدك اننا لن نعود إلى هناك ابدا
آني جيد، بالمناسبه انا ارى ان ذلك الطبيب مغفل، لا يمكن ان تكون مريضا ابي
قالت و بدأت بالضحك
لقد قلت هذا لاصدقائي و لكنهم لم يصدقوني
آني لا تقلق ابي انا اصدقك.
قالت فأبتسمت لها و حملتها لاضعها على الكرسي الامامي في السياره
آني إلى اين سنذهب الان؟
الي اين تريدين الذهاب؟
سألت و انا اثبت حزام الأمان على جسدها الصغير
آني امم ماذا بشأن تناول بعض المثلجات؟
قالت فرفعت رأسي و نظرت اليها و انا اتذكر والدتها
لنتناول بعض المثلجات اذا
قلت و اغلقت باب السياره و ذهبت لاركب من الجهه الاخرى و ادرك محرك السياره
الاحد
11: 00 AM.
اوقفت السياره في تلك المنطقه الواسعه امام القبور حيث كان المكان فارغ هناك و هادئ ايضا
خرجت من السياره و سرت إلى هناك ببطء حتى خطوت على العشب و بعدها اكملت سيري حتى وصلت إلى قبرها، هنا حيث اقف كل يوم
امام ديانا!
مرحبا عزيزتي
خاطبتها و انا انحني لاجلس على ركبتاي
لقد مرت خمس سنوات اتعرفين هذا
تنهدت
خمس سنوات
قلت و انا اعيد شريط ذكريات الك السنوات الخمس.
اتعرفين؟ احيانا اتساءل. اتساءل ماذا لو كنت الان تجلسين في المنزل، على السرير، تأخذين آني بين ذراعيك بينما اقف انا عند الباب انظر اليكما. كيف سيكون هذا الشعور؟
تساءلت و بعدها رفعت حاجبي
اعتقد انني شعرت بهذا من قبل! اجل شعرت به عندما كنا في المستشفى
ساد الهدوء قليلا
على اي حال
قلت و انا انهض و رفعت رأسي للاعلى محاولا منع نفسي من البكاء
احضرت لك شيء.
عدت إلى السياره لاخذ باقه الورود البيضاء التي احضرتها و وضعتها بجانب الحجر
اتمنى ان تعجبك
وضعت يداي في جيبي و تحدثت مجددا
لا اريدك ان تقلقي، انا لن اكرر الخطأ نفسه، لن اكرر خطأ والدك عندما اخفى عنك وفاه والدتك، لن احضر لها ام اخرى بل سأخبرها بكل شيء سأخبرها بل سأاتي بها إلى هنا حتى تتحدث معك ايضا. اعدك.
خطوت إلى الخلف بعد ان نظرت مطولا إلى المكان و عدت إلى السياره و انطلقت متوجها إلى المنزل إلى فتاه صغيره تنتظرني هناك
.
انا لم افكر ابدا، و لو لحظه واحده انني قد احظى بعائله، زوجه، طفله، لم افكر في هذا ابدا بل ظننت انني سأبقى كما انا مجرد فتى يبحث عن الحب و لكنني لن اجده و ان وجدته فهو لن ينجح ابدا.
و لكن كل شيء تغير عندما رأيتها تقف هناك في الجامعه امامي و هي ترتدي نظارتها الشمسيه التي تخفي بها نصف وجهها و تمد يدها لي لتصافحني و اقول لها سررت بالتعرف اليك
في النهايه ادركت شيء ما، و هو ان كل شجار قام بيننا كان بسبب سر اخفيته عنها، لطالما كانت تلك الاسرار سبب صراخنا كل مره. هي اختفت عني الكثير من الاسرار و كذلك انا.
و لكن من يدري ربما اذا كانت تلك الاسرار قد كشفت في وقت ما اخر كانت ستتسبب في مشاكل اكثر و اكثر. اعتقد انه في النهايه كل سر قد كشف في وقته المناسب.
لم احب ابدا نهايه قصه روميو و جوليت، لم ارد اي نهايات حزينه في قصتي و لكن ماذا يمكنني ان افعل عندما اقف في وجه القدر! اعلم انني فقدت شيء ما اقسمت من قبل انني لن استطيع العيش بدونه، فقدت سنوات رائعه قضيتها، فقدت احاسيس و مشاعر رائعه اعلم جيدا انها لن تعود ابدا. دائما ما يقال لي ان هناك بديل لكل شيء و كل شخص
و لكن هذا مستحيل
ليس معي لانني لن اجد بديلا لها ابدا حتى لو قضيت سنوات في هذا فلن انجح!
كل ليله كانت هناك انفاس حاره بجانبي، كان هناك جسد صغير تلتف ذراعي حوله بقوه و همسات صغيره بيننا في الظلام. كان هناك عقل عنيد و صراخ في ارجاء المكان و بكاء. غضب، حزن، غيره، سعاده، امن، حب، اممم و بعض الاسرار
الكثير! كان هناك الكثير و لكنه لم يعد كذلك
ديانا؟ لا استطيع ان اقسم انني سأحبك لبقيه حياتك و لكنني اقسم انني سأحبك لبقيه حياتي.