قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وواحد وخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وواحد وخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وواحد وخمسون

فى خارج الحديقة الخلفية،
قبل المشاجرة بعدة دقائق...
بالكاد تتمالك بيسان حرجها منذ اقتحامها خلوة ابن خالتها، بقدر ما تشعر تلك الغصة فى حلقها وهى ترى هيام وعشقه لرهف
هى لا تشعر بالغيرة كالسابق، بقدر حاجتها لذلك القدر من الاهتمام الذى يصبه نزار لمعشوقته
هى ببساطة لم تحب نزار كما تخيلت،.

بمرور الوقت فترت مشاعرها وأصبحت انوثتها تقتات من روحها، تتمنى حب كبير وعشق أعظم لكن تعلم ان تلك الأمور لن تستطيع نيله
نظرت إلى خاتمها الذهبي لتتنهد بضعف، كلمات ذلك الأحمق غسان كون خطيبها اختار واجهة جميلة، كشئ يفخر به أمام عائلته وأصدقائه أكثر اهتمامه من الجوهر
وهى سخرت منه، ولم تجد اعتراضًا أن يراها كشئ جميل فى بادئ الأمر، لكن الآن!

أصبحت ترغب منه بالمزيد، والكثير من العواطف الداخلية أكثر من انبهاره بجمالها الخارجى.
انتبهت على ذراعين رجولتين احتضنت خصرها، شهقت بفزع حينما شعرت بشفتين تطبع على خدها، ليتعامل جسدها بنفور شديد حينما سمعت صوت خطيبها مصطفى يغمغم بكلمات تسبب لفتاة مثلها بالخجل، فمهما كان لم يقرب منها أى رجل بحميمة كما يفعل خطيبها
-مصطفي احنا قولنا ايه.

زفر مصطفى بحدة مستشعرًا تصلب جسدها نفورًا، ليتنهد بضيق، أدار جسدها لتقع عيناه على أجمل ما رأى من النساء فى محيط عمله.
لقد كانت خجولة، قليلة الكلام مع الجنس الآخر، لكنها جريئة بطبعها وأمام انوثتها، لم تشعر بالخجل من التباهى بجمالها وانوثتها مستشعرة بالقوة من شعورها بنظرات الرجال نحوها، وهو مثلهم.

لكنه قرر أن يظفر بتلك الحلوى بمفرده، وحينما تقدم للزواج، ظن أنها ستلين وترضخ لمجرد بضع لمسات بريئة من وجهة نظره إلا إنها بالنسبة لها شئ محرم فى قاموسها
وحينما عرض عقد القرآن كى لا تشعر بالذنب، رفضت رفض قاطع واستكفت أن عقد القرآن مع حفل زفافهما، فهى ببساطة قالت مستعجل على ايه، ما انا كدا كدا هفضل قدامك ٢٤ ساعة لحد لما تزهق منى، وكلمة الملل كانت وحدها كلمتها القاضية.

هو يخشى أن يشعر بالفتور خلال فترة زواجهما، خاصة أن كلا طبعيهما مختلفين تمامًا
أصدر جملته الشهيرة كأى رجل مصرى أعزب يرغب فى تلين تيبس عقل أى فتاة
- بيسان متحبكيهاش بزيادة، يا بت انتى هتبقي مراتي
إلا أن جملته الشهيرة لم تلقى صدى في عقلها، لتزم شفتيها قائلة بحدة
- ولو يا مصطفي، حاجة زي دي مش مضمونة لسه فيه وقت كبير على الجواز
زم مصطفى حاجبيه بانزعاج ليغمغم بتهكم.

- ده كله عشان بوستك من خدك، اومال لو بوستك من شفايفك هتعملي ايه
اتسعت عينا بيسان لجرأته ووقاحته لقولها ببساطة وصراحة أشد، لكن جميع ثورتها وانفعالها خمدت حينما صرخ صوت خشن
- اجااااك الموت ياتارك الصلاة تعاااال لهون
وضعت بيسان كفها تغطي فمها وهى ترى الثور يهجم كليًا على طريدته بالمعنى الحرفى، همست بصوت خفيض خشية أن تطالها بطشته
-يالهوى، ده هيموته.

اندفع غسان بكل دم رجل حار يدافع عن شرف عائلته، تلك الحمقاء ستمرغ بأسم العائلة فى الوحل بتصرفاتها اللاعقلية
لم يكن يرى بالمعنى الحرفى ما يسببه للذى يستغيث أسفل يده
لكن كل ما يراه هو اللون الأحمر
ووقوده هو الثأر
ضم قبضة يده وصار يوجه قبضاته العنيفة نحو كل وجهه ليمسكه من تلابيب قميصه صارخًا بوحشية
- وبكل وقاحة جاي تبوسها يا حقير، شو مفكر ولك مافي وراها رجااااال.

عضت بيسان باطن خدها، وهى تكاد ترتعب من مظهر غسان الهمجي
بقدر ما تكرهه، إلا أنها لن تسمح له أن يكون له السلطة العليا بحياتها وقرارتها
حاولت ارتداء عباءة الحزم والجدية وهى تتقدم بساقين رخوتين هامسة بصوت ضعيف مرتجف
- غسان سيب الراجل هتموته
ظنته لم يسمع وهى تراه يسدد لكمة، فالثانية، اتبعها بالثالثة، لتراه يرفع عيناه المدججين بالخطر صارخًا فى وجهها بوحشية
- انت سدي بووووزك همسك ما بدي اسمعه.

على اثر صراخه الهادر، ارتدت ثلاث خطوات للخلف تنظر بعينين مضطربين نحوه محاولة إرغام جسدها على عدم الارتجاف أثر نبرته، لتزم شفتيها وهي تنظر نحو خطيبها مستصرخًا الفرار من قبضة الليث لتهمس بنبرة أقوى من سابقتها
- يا مجنون سيبه، هتموته علي ايدك.

رمى جسد المرحوم عليه مستقبلا، واستقام ينفض كفيه وكأنه تذكر ان لمس جسد الرجل لوث يديه، ليقترب نحو الاخرى الواقفة بصلابة أنثى و عينيها الدباحتين متسعتان بفضول وترقب ليزمجر في وجهها بفورة غضب ما زالت تدق فى أذنيه
- وشوو بدك ياني اعمل مثلا اقعد صفقلك يعنييي اااااه
احتقنت أوداجها سخطًا وهى تهسهس بغضب
- وانت مالك يا همجي انت، دي حاجة ما بينى وما بينه.

رفع حاجبه بريبة ليقترب منها مانعًا إياها استنشاق أى هواء نقى فى حضرته، اختلج قلبها وهى تشعر بذبذبات جسده المشحونة بطاقة سلبية سائلا اياها بصوت جامد
- كنت رح تخلييه يلمسك
عضت باطن خدها ممتنعة عن الرد فى الوقت الحالى، هى حتمًا غير موقنة لأى رد فعله سيبهرها به
الأحمق بالله كيف من ليلة وضحاها يتدخل فى أدق تفاصيلها مع خطيبها
ماذا يظن نفسه، كونه الأبن الأكبر لخالتها يحق له التصرف كأبيها أو كشقيقها المزعج!

تبًا له ان ظنت انها ستسمح له ليتدخل فى قراراتها، انفجر يصرخ فى وجهها بنفاذ صبر يختبره فى حضرتها
- ردى عليييي كنت رح تخليه يلمسك لهالكلب
ان كان يظن أنه الوحيد الذى يستطيع أن يصرخ فى وجهها، فهو مخطئ تمامًا
صرخت بحدة مستعيدة لسانها السليط
- هو اي اللي مش من حقه، ده جسمي انا وانا اللي سيدة قراري ان شاء الله قررت انام معاه انت مالك.

اتسعت عيناها جحوظًا جراء ما تفوه به عقلها الغبى، لم تحاول النظر فى عينى الآخر إذ وجدت ذراعيه اللتين عملتا ككماشتين يدفعها للارتطام بصدره هسهس بغضب
-اوعا يا بيسان، لا تخليني اتنرفز اكتر من هيك الفيوزات يلي بعقلي رح يطقو، تكة واحدة وصدقيني مارح تلومي غير حااالك فهماااانة.

صاح آخر جملته وهو يهز جسدها حرفيًا، كانت تلك القشة الأخيرة قبل أن تعود لسلاطة لسانها تدفع جسده عنها صائحة بحدة والآخر ملقى الجسد غائب الوعي
- انت مالك متعصب كدا كأنك غيران عليا
الجملة الجمت وحوش عقله الهاجعة، لينظر الى ذلك البهاء المتوحش حين غضبها، الأحمق الآخر لا يعلم أن تلك المرأة جمالها يكمن فى غضبها وليس فى خضوعها!
زم شفتيه بحدة وهو يندفع قائلاً بحمية رجولية تدفعه لحمايتها.

- يا بنت انت عرضي، لا تتغابي عليي ولك
زفرت بحنق متجاهلة اياه، ورغم تبارى انفاسهما، إلا أن هذا لم يمنعه من التحديق الكامل للنظر إليها
كانت أجمل بكثير منذ رحيل والبقاء بجوار صديقه
لا يعلم أنه تركها بين يدين رجل خسيس لا يهمه سوى إشباع غريزته المقيتة، عادت الوحوش تنهض ليسألها بجدية
- قوليلي هالكلب لمسك او باااسك او حضنك قليلي احسن ما انفجر فيك خلصيييني.

لا تصدق جرأة الرجل امامها ليسألها عن شئ خاص كهذا، احتقنت وجنتيها غضبًا لتهدر بحدة
- غسان مصطفي خطيبي وفي حكم جوزي مقدرش اقولك انا وهو بنعمل ايه، ده مش من حقك، انت ترضي دلوقتي لما تتخطب اقولك انت وخطيبتك بتعملوا إيه وبتتكلموا في ايه
بطرف عينيه وجد الآخر يستقيم من مجلسه يهم بأخذ ثأره، ولملمة كرامته المبعثرة.

بالكاد يهم للانقضاض عليه، إلا أن هذا لم يقابل من الآخر سوى بضربة قاضية فى منتصف الجبهة تمامًا جعله يسمع صوت نزار الهادر من خلفه
- يا مجنون اهدى حاج متل التور عضلات عالفاضي
رأى شقيقه يقترب منه مبعدًا إياه عن الآخر، وترك بيسان تهتم بخطيبها ليحكم جسد غسان الغاضب صارخًا فى وجهه
- انت صار لعقلك شييي كيف بتضرب خطيب بنت خالتك
دفع جسد شقيقه واضعًا كلتا كفيه على صدره صائحًا بغضب.

- لك حل عني ياااا هالحقير كان بدو يبوسها
لمعت عينا نزار غضبًا، ودفعته الحمية للفتك بالذى تعرض لعرضه، ليكيل باللكم هو الآخر على الذى بالكاد لا يرى ليهسهس بغضب وقد وجد حلاً لمتنفس غضبه
- الحقيير، كيف بيتجرا
نظرت بيسان بعجز تجاه خطيبها رغم محاولاتها المستميتة للتحدث مع نزار إلا أن ذراعىّ غسان منعتها نهائيا عن الاقتراب منه، سحبها بعيدًا عن أعين الجميع كى تقع تحت حمايته و انظاره.

شعر باهتزاز جسدها وصوت نحيبها، ليرفع رأسها لتقابله مقلتيها الدامعتين
رغم قوة شكيمتها لعدم الانهيار، سامحة فقط دمعتين للهبوط
الا كان لهذا أثر مزلزل لقلبه، لا يعرف كهنة هذا الشعور!، لكن ما يرغبه هو عدم السماح ذرف تلك الدموع الغالية لأجل حقير مثله.
عض على نواجذه يكبح إخراج سبة حقيرة من شفتيه ليغمغم لها قائلا بصوت أجش
- يالله ياالله لك لييي عم تبكي هلا فهميني.

عضت بيسان على باطن خدها، وجسدها الأنثوى يستشعر ذلك الجسد الرجولى بالقرب منها، قرب تشعر بالأمان بجواره، رغم كونه أكثر شخص تبغضه فى الحياة بأكملها، لكن قربه تستأنسه، وتستطيع أن تعلم أنه لن يتعدى أى خطوك حمراء أو بالتحفز حينما يقترب خطيبها منه بغية طلب جرئ!
همست بعذاب وهى تنظر الى عينيه المشتعلتين بالغضب، إلا أن داخل عمقهما اهتمام وقلق.

- انت ليه مُصر تتدخل في حياتي يا غسان، انا كنت مرتاحة من عدم وجودك فى حياتي
أصابت كلماتها فى مقتل، لتشعر اختلاجة عضلة فكه وأظلمت ملامحه لتشعر بوجع أليم بين عضديها أثر انغراس أصابعه فيهما ليسألها بجنون
- بهمك يعني امره لهالحقييير
همت بوضع يدها على صدره الا ان حالة الجنون تلبسته كليًا حينما همست بيأس
- انت بتحرمني ليه من الشخص اللي عايزني
ربااااااه.

المرأة تدفعه لارتكاب جناية حقيقة لذلك المصطفى، بالله كيف يستطيع أن يأمنه عليها وهو الحقير يتمنى فعل شيء دنيء معها! ألم تلاحظ كل تلك العلامات الحمراء لفسخ خطبتها؟!
دفعها بعنف ليرتطم جسدها بحائط صلب جعلها تأن بتوجع حقيقى، اللعنة ألا يلاحظ أنها امرأة وعظامها اللينة لن تتحمل أى خشونة كما يفعله معها، وضعت يدها تمسد ظهرها بتوجع لتراه يتقدم منه بغضب.

وهى تشعر أن جسده ازداد ثلاثة اضعاف من حجمه، رفعت عينيها ناظرة الى الجنون المتلألأ في حدقتيه
ازدردت ريقها بتوتر لتراه يمسك ذقنها بخشونة صارخًا فى وجهها
- انت مجنونة هبلة غبييية لك شايفة هالكلب كيف بيطلع عليك نظرته بتقرف يابيسان افهمي بقا هالواطي مو شايفك غير مجرد جسم بدو يتباهى فيه قدام الناس، لك تخيلي لو انو يعد الزواج زاد وزنك لك رح يزتك ويدور عوحدة جسمها عاجبه.

جسده يستشعر نعومة جسدها اسفل منه، تلك الرقة والنعومة شعر بها أثر عينيها الجريحتين والمتألمتين لكلامه، يعلم أنه اوجعها، وهى تستحق رجلا أفضل ممن معها، تحتاج لرجل بصدق يتقبلها بكافة عيوبها وكافة تقلباتها وجنونها قبل النظر الى جسدها وملامح وجهها..
تراجعت جيوشه واوقف الحرب حينما رأى انزلاق دمعات حارة، لم تكن اثنتين كالسابق، بل انفجار دمعى حار جعله يجفل كونها اظهرت ضعفًا امامه.

غمغم اسمها بحدة محاولا استعادة تلك اللبؤة الشرسة بدلا من تلك الضعيفة التي تستفز جانب داخلى لمواستها، بل وازالة تلك الدموع من عينيها
- بيسان
وكان ندائه لوحده جعلها تزيد من بكائها ليقترب منها مستشعرًا أن يزيل جميع حدوده معها
مقتربًا من نهل أنثوى عذب، وهو بالنهاية رجل ظمآن رأى استكانة جسدها مع قربه المحظور، ليضع يديه على خديها قائلا بصوت دافئ
- لا تبكي مشانه ما بيستاهلو هاللوليات تنزليهن لأي مخلوق يخلق.

عينيها رفعتا تلقائيا للنظر الى تلك العاطفة، لتنهار دمعة ازالها هو بتلهف شديد بابهامه، صاحت بصوت مختنق من البكاء
- مش عشانه، انا بعيط عشان نفسى انا صعب الاقى حد يحبني انا، وانت مُصر تخليني شخصية شريرة فى روايتك، بس صدقني انا مش كدا
انامله رغمًا عنها تداعب وجنتيها ليرى تورد وجنتيها الذى طفق ظاهرا على جلدها ليهمس لها بنبرة أجشة
- بعرف.

وهى كانت بعيدة كل البعد عن المشاعر الهائجة كبحر هائج، لتهز رأسها قائلة بحدة
- لأ انت متعرفش، متستعبطش يا غسان
ابتسم من بين ما يداعب به عقله اللعين، ليبعد انامله مرغمًا عن وجنتيها لكن ظل محتجزًا اياها بجسده ليلقى نظرة سريعة نحو اناملها الرقيقتين لكن شئ لا مع على بنصرها جعلت شياطينه تستيقظ ليزمجر بحدة
- زتيله المحبس بخلقته لهالكلب
ألقت بيسان نظرة نحو خاتمها لترفع عينيها نحوه، لتعض باطن خدها هامسة.

- غسان، مش معقول من اقل خناقة ارميله الدبلة، الفرح قرب
ضرب بقبضة يده الحائط بجوار رأسها، جعل جسدها يرتعد رعبًا لينفجر فى وجهها بنبرة آمرة
- لا تتزوجيه لهالوسخ اذا بدك حدا يحبك افسخي الخطبة هلا
فغرت شفتيها وهى تحدق به كالبلهاء، ولسانها فقد قدرته على الحركة، لتشعر بنظرته تتبدل لشئ أقرب من المشاعر المهتمة الذى شعرت بها لتهمس باعتراض واهن
- بس.

نظر الى خاتم خطبتها، وبدون وعى أنه ازاى خاتم خطبتها ليضعه فى جيب بنطاله وهى فارغة الفم، جاحظة العينين، متيبسة الجسد ليقول بنبرة متسلطة
- بترجعي عالبيت وبتقولي لخالتو انك بدي تفسخي الخطبة فهمتي
لم تجد بدًا سوى انها تهز رأسها موافقة بإذعان، ليبتسم بتألق وهو يفك أسر جسدها عنه، ابتعد غسان مرغمًا وهو لا يصدق أن سرمد عبث بعقله.

تبًا، لقد أصبح مثله تمامًا وهو من سخر منه أنها كانت مرتبطة بشخص آخر لكن عجبًا لحاله الآن!
شعرت بيسان بالبرد ينخر عظامها حينما رحل دفئ جسده عنها، لفها فى غمامة لم يكن بها سواهما، لقد تلاعب بعقلها
عينيها وقعت على بنصرها الخالى من خاتم خطبتها، لتهمس بسخط
- هو انا وافقت على كلام المجنون ده ازاي!

ترجلت فرح من سيارة أجرة، نظرت بعينين فضولتين نحو بوابة المقهى الذى طالبها به ناجى، ربما هى ليست تعلم ما سبب اتصاله فى الصباح، لكن فضولها دفعها بالمقابل
فبالنهاية الرجل يحتاج إلى اعتذار صادق لما سببته من مشاكل وحرج فى مقر عمله!
مسدت فستانها الصيفى الأصفر معيدة خصلات شعرها الطليقة خلف اذنها لتدلف تجاه البوابة..
عينيها ظلت تبحثان عليه لتنتبه الى نداء اسمها
-فرح.

استدارت برأسها لتجد ناجى يستقيم من مجلسه متقدمًا نحوها مصافحًا يدها قائلاً
-بقالى فترة متواصلتش معاكي، رغم انك بقيتي دلوقتي اشهر من نار على علم
قبلت يده الممتدة، ليغمغم بابتسامة واسعة
- جيت اباركلك بمناسبة نزول كتابك، وكنت حريص اني اقتنيه
لمعت عيناها لذكر كتابها الذى تعتبره كأبنها حرفيًا، همست بلطف
- هنتظر رأيك اكيد بعد ما تخلصه.

دعاها للجلوس على المقعد لتقبل دعوته وهى تضع حقيبتها جانبًا لتلتف إليه محدثًا نحو كتابها بشغف
- ده اكيد، وصدقيني بدأت فيه، وعايز اقولك اني انبهرت
لمعت مقلتيها بسعادة، لتتورد وجنتيها أثر إطرائه لتسمعه يغمغم بشغف
- بترسمي وبتكتبي خواطر وقصص، ده غير اني كنت حريص اتابع فيديوهاتك اللى بتنزليها على السوشال ميديا، صدقيني بقيتي حاليا أهم شخص صاحب تأثير إيجابي للناس.

زادت وجنتيها حمرة أشبه ب فراولة طازجة تشتهى قطافها لتهمس بخجل
- انا، انا حقيقى مكنتش متصورة اللي بتقوله ده، بس شكرا يا ناجى
قطع حديثه قدوم النادل مناولا طلباتهم، وما إن غادر حتى قرأ فى عينيها سبب مكالمته، ابتسم قائلاً
- طبعا مستغربة وتقولي ليه اتصل بيا وطلب يقابلني، بس هقول ايه؟! اول مرة افتكر لما شوفتك فى فرح كنت معلقة فى بالى.

رفرفت بأهدابها عدة مرات محاولة لصق ابتسامة هادئة، متنحية عن أى تفكير آخر يطرأ عقلها وقد ألهمها الصبر كى تستمع باقى حديثه
- وطبعا غير لما جيتي اشتغلتي فترة معايا
ابتلعت غصة في حلقها لتهمس بخجل من أفعال طليقها المتهورة
- انا اسفه لو سببتلك أي أذى فى شغلك
هز ناجى رأسه بلا مبالاة قبل أن يغمغم مشاكسًا
- صدقيني صعب جدا اقابل نوعية طليقك دى كل يوم
هزت فرح رأسها يائسة، وابتسامة حرجة تزين شفتيها ليصدمها بحديثه.

- سعيد بجد انك اطلقتي منه، بجد سعيد انك حققتي طلب كنت اتمنى تنفذيه
تغضنت جبينها وغادرت أى ابتسامة من شفتيها لتغمغم بحزم
- ناجى
لمعت عيناه ولم تكن غبية لرسالته الواضحة، اجابها بهمس متكاسل
- نعم
حدجته بنظرة صارمة لتقول بحدة
- عايز توصل ايه بكلامك
سألها بصراحة
- للدرجة دي كلامي موضحش انا عايز اوصل لإيه
شبه ابتسامة ساخرة زينت شفتيها وهى تجيبه
- للاسف مفهمتش.

اسند ذراعيه على طرفى الطاولة مقتربًا منها قائلاً بصراحة
- عايز اتعرف عليكي عن قرب اكتر
رفعت حاجبًا مستهجنا متسائلة بعدم اكتراث
- والسبب؟
تلك المرة لمعت عيناه بتسلية قائلا بنبرة ذات مغزى
- متصعبيهاش يا فرح
لكنها كانت أعند من أن تستجيب لعبث حديثه
- السبب يا ناجى
رضخ تلك المرة قائلا بصدق تغلغل صوته
- مش عارف انساكي، انتي صعب انك تتنسي يا فرح
فغرت فرح شفتيها وهى تهز رأسها نافية، قابلها إصرار من طرفه لتهمس بأسف.

- مش هينفع انا اسفه
تجعد جبينه متسائلاً ببعض الحدة
- لسه بتحبيه مش كدا؟!
اغمضت فرح جفنيها بيأس، ذلك الحقير دائما ينغص عيشتها وحياتها بأكملها
حتى حينما حاولت أن تقتصر علاقتها بعائلته كى لا يكون بينها وبينه أى احتكاك مباشر وفضلت قضاء أطول فترة مع غالية وتوأمها، لكن ذلك اللعين استطاع أن يحشر نفسه بينهما
لما فى كل يجب أن يذكر اسمه سواء بطريقة مباشرة أم عكسه
ألن تتخلص منه حتى بعد ابتعادها عنه!

زفرت حانقة قائلة بجفاء
- لو بحبه صدقني مكنتش طلبت الطلاق
هز ناجى رأسه قائلاً بنبرة ساخرة
- مش شرط، فيه اوقات ستات بتطلب الطلاق وبتتطلق عشان تعرف ترجع جوزها لمساره الصح، انتى بقى من النوعية دى
وضع النادل طلبهما، لتشكره فرح بإبتسامة مقتضبة قبل ان ترفع عينيها تحرق ذلك الجالس أمامها لتبتسم ببرود قائلة بنبرة فاترة من أى مشاعر
- قررت تحلل شخصيتى يا ناجى
مال شفتيه قائلاً بصراحة
- مجرد تخمين مش اكتر.

تمتمت من بين انفاسها عن غبائها، تمتمت ببرود
- متفتكرش طريقة استفزازك ليا هستجيب ليها واتكلم معاك ببساطة
سألها بوقاحة جعلتها تتسع بؤبؤي عينيها لتدخله السافر لحياتها
- ناوية تكملى باقى حياتك لوحدك
ألجم غضبها وهو يقول بنبرة جادة استشعرتها منه لأول مرة منذ جلوسها معه
- فرح الشهرة والمجد ده كله لفترة مؤقتة، مع العمر هتبقى مجرد ذكرى جميلة منسية
همت بالرد عليه، الا انه قاطعها قائلاً.

- وانا مش عايزك تحسى بده ابدا، عايزك تحسي ان فيه شخص معاكي وهيفضل دايما جنبك
تمتمت بصراحة فقد جاء اليها فى وقت حرج
- ناجى، صدقني انا عمرى ما فكرت حاليا بالارتباط أو حتى صداقة مع راجل
نظرت الى عينيه المبهمتين ليسألها بصوت جاف
- خايفة منه
تلك المرة أخرجت تأفف حانق لتهمس بحنق
- مش معقول كل دقيقتين تجيب سيرته
مال ناجي بجسده نحوها ليهمس لها بحنق متذكرًا كيف كان حالها سابقًا.

- يا فرح للاسف انتى كنتى خاضعة ليه بطريقة موجعة، انتى مكنتيش شايفة قيمة نفسك وهو كان بيطمس شخصيتك سواء بقصد منه أو بدون قصد
لم تظهر أى انفعال جلىّ على ملامحها قائلة بسخرية
- وانت بقى الملاك اللى بجناحات اللى عايز ينتشلني من اللى انا فيه
صاح بحدة تجاه نبرتها الساخرة
- لأ، انا عايزك تعرفى شعور يعني ايه راجل يحبك بجد، يحترم ذاتك ويقدرها.

همت فرح بالرد عليه إلا أن هناك ظل أسود غيم عليهما، انفرجت شفتيها بسبة خافتة، ليس وقت ظهور هذا الرجل الآن وهذا الوقت
تبًا له
أغمضت جفنيها وهي تسمع نبرة صوته الأجشة من الغضب
- يا حنين وايه كمان اشجيني
رفعت عينيها لتقابل ذلك البخار المتصاعد من أذنيه، وعينيه لوحدها بمثابة بركان على وشك قذف حممه، هسهست بحدة
- انت بتعمل ايه هنا
وضع نضال يديه فى جيب بنطاله قائلاً بسخرية لاذعة.

- بشوف البيه اللى عايز يحب فى طليقتي، تحبوا اجبلكم اتنين لمون واعتبرونى شجرة الغرام.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة