قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة وثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة وثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة وثلاثون

لعبة الحب
إما أن تكون ممسكا بخيوطها جيدا
او تلف تلك الخيوط حول عنقك مُزهقة روحك.
وخيوط الحب لم تلعب على أوتار قلبه فقط
بل على روحه
حياته المليئة بالملل الاقرب للسكون لم تكن مليئة بصواعق الحب ولا حتى فياضاناته
لكن ماذا يقول؟!
عينيها الزرقاوين أسقطته صريعًا، وصار على باب حبها متضرعًا
يسألها الخلاص أو الحب
فأجابته بالحب، والحب الذى حصل عليه كان سم قاتل منها.

فلا يقدر على تخطيها ولا نسيانها، بل باتت كالدم يجرى فى عروقه!
ضم لؤى قبضة يده بعنف، عروق يده النافرة على وشك أن تنفجر، لكنه يود أن يفجر رأس تلك الوقحة، الحية خاصته الذي بات فريستها، تريد الخلاص منه، ولا حتى تفكر فى عواقب فعلتها لمركزه ولا حتى لاسمه، ولا حتى لرجولته.

رنين هاتف مكتبه جعله يرفع سماعة الهاتف ليسمع صوت سكرتيرة قائلة بصوت عملى جاد عن اعتذار السيدة اسيا لتأتي لمكتبه شرارة نارية لمعت في عينيه وهو يغلق الهاتف بحدة أغلق زر سترته وانطلق كوحش ثائر صوب مكتبها..

لم يلقي بالا إلى سكرتيرتها التى حاولت ثنيه عن الدخول، لكنه لم يكترث، فتلك المرأة يبدو من الاسابيع السابقة ظنت أن طلبها الأحمق سيقابل بالموافقة، وأن جدهما سيوافق على تفكيرها الساذج، هم بفتح الباب ليفتح الباب من الجهة الاخرى وتقابله عيناها الزرقاوان الباردتان وبجوارها رجل أحمق جوارها قصير القامة، استشعر الرجل بذبذبات وطاقة سلبية من لؤي ليبتسم بتوتر منهيا حواره مع آسيا التي كانت توليه كامل اهتمامها متناسية التنين الغاضب، ولكى لا يزداد الوضع سوءً رحل دون سلام ايدى لتلتفت اسيا الى مكتبها دون أن توجه حديث للؤي الذي استشاط غضبا واندفع داخل مكتبها مغلقا الباب خلفه بحدة لم يؤثر على باردة الاعصاب تلك لتنظر اليه عاقدة ذراعيها على صدرها وهى تراه يتقدم نحوها كقذيفة نارية ليصرخ في وجهها.

-ممكن افهم يعنى ايه ترفضى تقابلينى، انتى فاكراه لعب عيال ولا ايه، احنا هنا فى شغل
عيناها حطت على اظافرها المطلية باللون الاصفر متماشيا مع ثيابها العملية البيضاء، لترفع عينيها بملل قائلة
-اعتقد يا استاذ لؤى، حضرتك عارف انى مشغولة وكان عندى عميل، ولما سئلت السكرتيرة ردت عليك انى مشغولة، مفيش داعي للعصبية
لكن ردها زاد من صب نيرانه على رأسها ليصرخ فى وجهها
-اسياااا.

احتقنت عيناها الباردتين لتتقدم منه هامسة بتحذير
- نحافظ على الألقاب ما بينا، ما تسمحش لنفسك تتخطى أى حدود ما بينا
ترى عروقه النافرة فى كلا من عنقه ويداه، عينيه تحذرانها من التمادى لكن ماذا تفعل معه
وهو الذي أحرق جميع فرصه معها، لا تكترث لغضبه ولا حتى لجنونه
هسهس بنبرة خطيرة اقشعر جسدها من وعيده
-اقسم بالله هطلع جنانى عليكى لو مفوقتيش من اللى بتعمليه.

رعشة باردة مرت على عمودها الفقرى وهى ترى قربه المشبع بالغضب والحنق، غضب مشبع بأسابيع من جفائها، ترى عدم سيطرته أمامها، ووعيده الممزوج بنيران عينيه التى تستطيع حرقها من موضعها
ولكى يعلم ان تهديداته العبيثة او الحقيقة لا تكترث لها، اشارت بكف يدها اتجاه الباب لتقول بلا مبالاة
-اتفضل لمكتبك لو معندكش حاجة تقولها، عندى اجتماع خاص مع غالب كمان نص ساعة، فلو معندكش حاجة ارجو انك متعطلش غيرك.

هل يستطيع خنقها، ام يوسع وجهها الفاتن هذا ضربا كى لا يفتتن به رجال غيره!
اقترب منها بجاذبية يملكها هو وحده، رغم الانبعاثات الخطيرة المنبعثة من جسده ليهمس بوعيد
- هيجى اليوم اللى هطلع عينكى فيه، ورحمة أمى ما هرحمك وقتها.

رفعت رأسها لتحدق في ظلمة عينيه، يبدو أن الحبيب لا يستطيع التحمل البعد عنك اكثر، وتلك الفكرة وحدها جعلها تبتسم بسخرية فى وجهه، لتمسك رابطة عنقه مرتفعة عدة انشات لتصبح فى طوله رغم كعبها العالى، مالت فى اذنه هامسه
-ابقى ورينى وقتها، عن اذنك.

ربتت على كتفه باستهزاء تام وهى تتخطاه لكن خطوة وأخرى أمسك من زندها بقسوة، تألمت وهي تعض باطن خدها لترفع رأسها محدقة فى عينيه الشرستين، ليدفعها دفعا لتكون بين ذراعيه، تشعر به يفعلها عمدا، يعيد الاحمق اواصر هو قطعها، لتنظر اليه بجفاء تام
-خييييىر.

هسهس بغضب ويده الاخرى موضوعة اسفل ظهرها، ينهل قربا بات محرما عليه، لكم اشتاق لها، لوقاحتها فى الحديث معها، طلبها فى الوصال الذى لا تخجل من البث به أمامه، جرائتها فى طلباتها واندفاعها للحصول على ما ترجوه اضعافًا مضاعفة!
-انسى اني اطلقك.

افترت عن أسنانها لتميل رأسها متأملة اياه بأسف بالغ، لتضع يدها كوضع عازل عن اى شوق يستعر في جسد الآخر، تشعر بحرارة جسده تذيب جليدها، بل عامدا متعمدا ليجعلها امرأة وضيعة فى نظرها
ان كان يزن ما تفعله سابقا وشوقها لحبه مجرد علاقة حسية فهو مخطئ تماما، دفعته بحدة عنها قائلة
- مهو لو مطلقتش انا هخلعك، ولا أى حد هيلومنى
أعاد جذبها مرة اخرى بألم اكبر وقسوة شديدة ليسألها بحدة ممزوجة بسخرية.

-ويا ترى ايه سبب الخلع، ايه مبعرفش
عبست ناظرة إليه بعدم فهم عن ماذا يقصد مبعرفش سرعان ما لمع الإدراك في ذهنها لتبتسم بشيطنة قائلة
- مش هغلب متقلقش
كادت تهرب من حصاره للمرة الثانية لكن للمرة الثالثة جذبها بحدة للحائط، دفعها بحدة المت عظام جسدها كليا لتنظر اليه بحدة وغضب لتصرخ فى وجهه
-سيبنى، مينفعش اللى بتعمله ده
كاد يجذب شعرها يصرخ فى وجهها بحدة ان ما تقوم به لا يزيده سوى اصرارا.

لاعادة القطع إلى نصابها، ليصرخ فى وجهها
- انا لسه جوزك
اتسعت عيناها شراسة، لتدفعه بكل قوتها لتهدر بشراسة
- منفصلين فى حكم المطلقين يا لؤى، اعرف انت بتقول ايه كويس
انفتح الباب بحدة ليرتفع الرأسان ناظرين تجاه غالب الواقف بحدة امامهما، أغلق الباب خلفه وهو يرى حفيده يحاصر زوجته فى الحائط، تصرف غير موفق منه اذا اراد اعادة الأواصر بينهما، ليقول بنبرة حادة
-آسيا.

لمع الجنون فى عينا اسيا، وهى تراه يدينها دائما، همت بالرد عليه الا انها رأته يوجه بكامل تركيزه تجاه لؤي قائلا بحدة
- شغل العيال فى الشركة ده مش مسموح بيه هنا، ولا انت عندك رأى تانى يا لؤى
القى نظرة سريعة تجاه الغاضبة، ثم ابتعد بحصاره عنها قائلا بصوت متفهم
- اكيد طبعًا
أعاد ترتيب هيئته ليقول بصوت بارد على مسامع كلاهما
-عقلها وقولها مفيش طلاق، عشان متزعلش من اللى هعمله.

تلك المرة لم تستطيع اسيا سوى الانفجار فى وجهه قائلة بغضب جم
-هو انت ليك عين يا بجح انت تتكلم، وتقول ان انا هزعل من اللى هتعمله، هو انت فاكر عشان كنت بحبك خلاص هتستبيح كل حاجة، انسى يا لؤى
اتسعت عينا لؤي وهو يرى الغضب فقط يلون عينا زوجته، برغم كل شئ لم يتوقع ان يناله من غضبها نصيبا له، جز على اسنانه وهو يقترب منها قائلا
-استبيح! انتى مجنونة؟!

ضحكت بسخرية وهي تواجهه بكبرياء جريح لتقول بما يزيد اشعال النيران فى صدره
-انت اللى اتجننت، ولا خلاص فكرة انك مبقتش مرغوب معفرتاك
وها هو يسألها بعينه ان لم يعد مرغوبا كما تخبرها صراحة امامه
ولصدمته قالتها دون حاجة ان تنطقها، اشاح بعينيه عنها ليهمس بسيطرة
-لولا غالب باشا، كنت اتصرفت معاكى
كانت بارعة جدا فى الضرب على الأوتار الحساسة خاصته لتقول بسخرية لاذعة.

- طبعا عشان متوريهوش وشك التانى، وش لؤى اللى على حقيقته
ضرب غالب بالعصا على الأرضية المصقولة لينفجر هادرا بحدة فى وجه كلاهما
- بس بقى، مفيش احترام ليا هنا ولا ايه
ران الصمت بين الجميع تخللها انفاس لؤى الثائرة وهو يلاحظ انتفاضة امرأة اخرى بداخلها
امرأة تتخلى عنه بكل سهولة، لم يراها قبلا
نظر نظرة سريعة إلى جده ثم قال بهدوء يكاد يحسد عليه
- لأ طبعا ليك احترامك، عن اذنكم.

تحرك مغادرا مكتبها لتفاجئه بصوتها المرتفع المهدد
- لو منفذتش طلبى يوم الفرح، تانى يوم هقدم طلب خلع يا لؤى انت سامعنى
نظر بوعيد صريح وتام لها ولم ينبس ببنت شفه ليغادر المكتب مغلقًا اياه بحدة، جعلت الجدران تهتز، تكاد تقسم انها تهتز التفتت تجاه غالب الذى صاح فى وجهها موبخا
- بطلى جنان انتى كمان، مش ناقصة اتنين مجانين فى نفس الشركة.

لمعت عيناها بشراسة، ورغم أنها لم تأخذ أمانها بالكامل معه خاصة أنها تعلم ماذا يعد لؤي بالنسبة للعائلة لتقول بغضب
-يعنى انت مش شايف جنانه معايا
لكن الوضع لم يعجبه خاصة ان لؤي يفقد كامل اتزانه وسيطرته معها، وهذا ما حدث وجرى أمام عينيه ولم يهتما بكونه أمامهما، بل انساق كلا منهما فى جرح وايذاء الاخر بأكبر قدر ممكن، ليقول
-وهو عشان مجنون تبقى انتى أجن منه.

اقتربت من غالب تحدق فى وجهه، ترى ما الذي جد لتراه يتغير
اهو الاخر سيرفع يده عن طلبها، لكن نظرة الجد الصارمة وهو يقرأ ما بداخلها جعلها ترتعب
أن يعلم هذا الرجل ما بدواخلها أو ما يخطر على بالها، يجعله متقدمًا عنها، همست بحدة فى وجهه
-اومال عايزنى اعمل، اهادى واسايس واتحايل واقوله معلش يا حبيبى، انا تعبت، حاططنى فى بؤرة الخاينة والغدارة وهو مش شايف نفسه بيعمل معايا ايه، لطاما مش واثق فيا يسبنى.

لا يملك سوى ان يهز رأسه لما تقوله، هى محقة فيما تقوله، لكنه لا يملك سوى الحفاظ على سمعة العائلة، ليقول بصوت هادئ
-اهدى الكلام ده مينفعش يتقال قدام الناس، فى البيت هنتصرف
رفعت نظرها تجاهه، ترمقه بنظرة بدت غريبة بعض الشئ له، لتقترب منه متسائلة
- هتطلقنى منه
لم يملك سوى أن يهز رأسه بنعم، فقد كان هذا اتفاقهما الاولى، لتبتسم اسيا بشراسة لتقول
- اوعدنى.

حدق الجد فى عينيها، يرى أن الطلاق هو الأنسب الحل لكلاهما، ليعلم كل شخص اهمية الاخر ولن يستطيعا فهم هذا سوى بالفراق، ابتسم بثقة قائلا
-هطلقك منه
لكنه تابع حديثه قائلا بتقريع
-بس ميصحش اللى حصل فى مكان الشغل
قلبت عينيها بملل حقيقي، والغضب بدأ يندفع إلى أوردتها تدريجيا لتقول
-انت برضو بتدافع عنه
ابتسم غالب وهو يخبرها بهدوء
-لو بدافع عنه يا آسيا مكنتش سبتك تتكلمى بالطريقة دى قدامه.

هزت اسيا رأسها بلا معنى وهى تهمس بتحذير تام له
- لو ورقة الطلاق موصلتش، يبقى ميزعلش من اللى هعمله
لن تعقل تلك الوقحة، هز غالب رأسه بيأس وهو يراها تغادر مكتبها، ليتنهد بيأس قائلا
-اتنين اغبى من بعض.

فى شركة شادية،
الوقت يمر ببطء وعينا داود متربصتين، متحفزتين، على أهبة الاستعداد للانقضاض
لكنه بحاجة للاشارة الخضراء
عينيه تتأملانها بوقاحة، يرسم تفاصيل جسدها بفجور، حتى أدق تفاصيلها الحساسة، مما جلب احتقان وجنتى شادية غضبا ناظرة إليه بحدة على وشك الإمساك بدباسة الورقة وإلقائها على وجهه
حتما لا يختلف عن الوقح الآخر في شئ، يعاينون المرأة كبضاعة وما أن تستهويهم يلقون بشباك سحرهم عليها..

تأفف حانق خرج من حلقها جلب البسمة لداود وهو ينظر لها، يبحث جاهدا عن سبب او شئ يجعل الاخر مدلها بها لتلك الدرجة، فبالنظر لجسدها فهى نحيفة، نحيفة للغاية مقارنة بصورها القديمة التي رآها، لكن بالنظر الى مكامن أنوثتها حسنا هنا يستطيع التحدث، ان من امامه امرأة وليس عمود كهرباء.

رفع عيناه ليقابل ملامح وجهها المليح، سمراء البشرة، ناعمة الملامح، ربما ما يشفع لها شفتيها عض على طرف شفته السفلى بحسية شديدة جعل الاخرى تنتفض بنفاذ صبر لتستقيم من مجلسها قائلة بحنق بالغ
-هيا اخبرنى بما جئت لأجله، لا املك الوقت لك.

حمرة وجنتيها جراء تفحصه الذكوريى لها، يراها مغطاة الشعر الا من مقدمة رأسها، كفتاة محتشمة تتلمس طريقها للحجاب، حسنا من النظر لصورها ومعلوماته السابقة انها كانت محجبة ثم خلعته، لكن يبدو ان تحبو حبوا فى العودة! تنهد وهو يريح ظهره على المقعد ليجيبها ببرود
-أظن من آداب الحديث ألا تكونى نزقة للمحاور أمامك.

رفعت شادية حاجبا مستنكرا لتتأمله مليا هو الآخر، يبدو أن هناك سمة ظاهرة فى تلك العائلة وهي الطول والعرض، ومعنى الطول والعرض هنا، إنهما ضخام الجثة مفتولى العضلات وان كانت عضلات هذا الرجل اكثر من الاخر، مشتركون في اللحية والشارب وإن كانت خاصة ذلك الرجل مهذبة عكس الآخر.

التقط عينيها وهى تحدق فى عينيه، لتشير برأسها بلا مبالاة وكأنها تخبره برسالة صريحة أنها لا تخشى من نظراته المتحرشة لها، فما تعرضت له يفوق مجرد نظرات!
نقرت بقلمها على طاولة مكتبها لتنظر اليه قائلة بجدية، تقوم باعادة سيطرة موضعها، وجعله يعلم ذلك الوقح متحرش العينين انه لم يخلق رجل بعد لاعادة بعثرتها بعد لملمة شتاتها الآن.

- ان لم تخبرنى بما جئت إليه، صدقنى اعدك ستخرج من شركتى والحارسين يلقونك خارجا كأحد المتسولين
نبرة التهديد واضحة والتقطها هو بسهولة ليرتفع حاجبيه للحظة من قوة التهديد الناعم بها، تهديد لا حاجة لتأويل،
نابع من قوة امرأة تعلم قدر نفسها جيدًا، يتأملها مليا ويتأمل المكتب الخاص بها، لينظر لها قائلا بنبرة ناعمة لينة، يأسر بها اهتمامًا خاصا بها.

- حسنا، دعيني أعترف أنهم لم يكذبوا مطلقا عن اعطائهم لقب الشرسة فى العمل
ضيقت عينا شادية بملل ولم تنسي رفع أعلام التحذير له، تابع متفكها وهو يطرق على وتر حساس يختبرها به
- ظننتهم يبالغون فى ردة الفعل، خاصة حينما رأيتك فى اشد حالات ضعفك، كنت منكسرة، مهزومة، أصابك داء العشق بسهامه.

رعدة خفيفة شملتها في أطراف جسدها لكن عينيها الحادتين لم تتزحزح مقدار شعره ليصمت هو قليلا، وقت كافى لدراسة تأثرها به، متابعا بنبرة ساخرة
- حسنا لن أطيل فى الحديث، لكن علمت لما الأحمق الآخر وقع مدلها فى حبك كصبى مراهق لم يجرب العشق سابقا.

انتفخت أوداجها لتمسك بسماعة هاتفها، منهية ذلك الحوار العقيم الا ان يده الضخمة التى حطت على كفها مانعة اياها من رفع سماعة الهاتف، رفعت عيناها بحدة ترسل شرارات نارية تكاد تحرقه من موضعه، ضغط بخفة على كفها قائلا بحدة
- اياكِ، حتى هذه اللحظة أنا لطيف معك
طحنت ضروسها وهي ترى يده الحقير على يدها لتفلت يدها منه بحدة قائلة بحدة
-فكر مرة أخرى لمس يدي، وستندم أشد الندم وقتها.

دارت حول المكتب لتصبح مواجهة لذلك الضخم، وقفت أمامه شامخة الرأس
كبرياء عالي
امرأة ما زالت صامدة بعد فاجعتها، صاحت ببرود شديد برود ينخر فى العظام
-اسمع يا رجل، لم ولن يخلق رجل يجبرنى على الحديث معه، بل يضعنى امام الامر الواقع كفرصة سانحة له لتحقيق أحد أحلامه المريضة
تأملها مبهرا لثوانٍ، لم يستطيع سوى ان ينبهر حتما، افتر عن اسنانه ضاحكًا ليهمس
- القذر اللعين عرف يختار امرأته حتمًا.

لم تعطيه فرصة واحدة لمتابعة حديثه الأحمق، لتشير الى باب مكتبها المغلق قائلة بجمود
- اتفضل
وضع يديه فى جيب بنطاله الجينز الاسود وعينيه تتأملانها حتى أصابع قدميها، رغم ثيابها العملية الواسعة، الا ان الثياب لم تستطيع مدارة انوثة المرأة مطلقًا
ابتسم، وابتسامته تتسع، وهو يخبرها بمكر.

- اشك لثانية انك كنتى هكذا امام حبيب القلب، ذلك الايطالي الفاسد المدلل، انا متأكد ان ذلك الحقير يملك طرق ساحرة لنساء مثلك لا يستطعن مقاومته، وانتى مثلهم
رعشة خفيفة جعلتها تغمض جفنيها لثانية واحدة، محافظة على تعابير وجهها الباردة، عيناها محدقة فى وجه ذلك الغليظ العابث مثل قريبه، كل هذا لم يجفل عنه داود الذى استرسل فى حديثه قائلا باعتذار مخادع.

- حسنا يبدو انني سافرت قليلا بحديثي، اخبريني هل تعيشين على ذكراه؟ ام استطعتي ان تتخطيه؟
كل هذا والمرأة أمامه واقفة بصلابة يكاد يحسد عليها، يقسم ان المرأة تكاد تقف بصلابة كى لا يعرف نقاط ضعفها، مستغلا هذا فى المستقبل
وهذا ما يبحث عنه، نقاط ضعف المرأة كي يسدد لكمات غادرة تجعلها كالآخر
وجدها تبتسم رغم ما قاله، تميل رأسها محدقة فى عينيه التى لم تتبين معرفة لونهما لتقول ببرود.

- ماذا تريد أن تصل بهذا الحديث
لم يمنع أن يخبرها بكرهه وحقده لقريبه بصراحة تامة
- اننى اكره حبيبك هذا، ولن تصدقي مدى سعادتى بعجزه عن تحقيق حلمه الوحيد
حاول أن يلتقط رد فعل من كلماته، لكنه وجدها ببساطة شديدة تسأله
- هل انتهيت الآن؟
لمعة غضب سكنت مقلتيه التقطتها شادية التى تبتسم بتفكه، الاحمق ماذا يظنها.

بعد كل تلك التجارب لن تستطيع أن تبقى صامدة امام شخص يعبث معها بكلماته محاولة رؤية اثر تعاطف او حب مستحيل
وكل هذا لغريم استمعت الى نبرته التي لمست بها انزعاجًا
- تبدين من النساء اللاتي يستطعن التكيف مع فقدان احبائهن
لم تملك سوى ان تهز كتفيها دون حتى أن تكلف نفسها عناءً للرد على سؤاله، لتقترب منه قائلة بتهديد صريح ومع ابتسامة واسعة تزين ثغرها.

- زيارتك معى انتهت، فكر مرة اخرى الاتصال او حتى ان تطأ بقدمك هنا وصدقني لم تعلم بعد ماذا باستطاع شادية السويسرى فعله
ضحكة خافتة خرجت من داود، وهو يقبل التحدى الذى تعلنه امامه، ليقول بنبرة محذرة
-كلام رائع ويبدو أنه خارج من امرأة متمرسة في عملها، لكن يا عزيزتي لا تعبثي مع الشخص الخاطئ
اتسعت عيناها وابتسامة خافتة مستفزة تكاد تغيظ الرجل، ليقترب خطوة منها هامسا بخطر.

- ان كان الحقير هذا قام بقتلك حية، فانا لست رحيم مطلقا بمن يجذب حواسى للصيد، ودعيني اخبرك انك تبدين كغزال برى اشتهى التهامه
تشعر بذبذبات الخطر تنبعث من جسد الرجل، هيئته ليست مريحة مطلقًا، ولا تحبها، وضعت كف يدها على شفتيها مانعة ضحكة ساخرة تخرج منها، مما جلب الدهشة في وجه الآخر رفعت اصبعها باستهزاء أمام وجهه قائلة بحدة لاذعة.

- هل تريدنى اتحدث معك بصيغ الحيوانات الآن! حسنا، احذر ايها الاسد المغرور، ربما سقوطك سيكون على يد غزالة، ومن يعلم ربما الغزالة هي من اسقطتك في فخها وانت بغرورك هذا لم ترى أنك دخلت المصيدة!
بدا ملامح الانزعاج تسيطر على الرجل، وان كان يسيطر عليها، لكن ظلمة عينيه تخبرها انها تلك المرة ضربت على وتر حساس خاص به، يبدو أن الأسد المتفاجر لديه نقطة ضعف كالجميع.

ابتسمت شادية وهي تراه يقترب منها، تشعر بالهواء يضمحل ليأتى هو، برائحة عطره النفاذة وحرارة جسده ليميل امامها ناظرا الى عينيها التى لم تخشى منه حتى الآن، ليهسهس فى وجهها بصرامة
- اتعلمين ما أكثر شيء يزعجني، ان ذلك الحقير امتلك مقاليد قلبك، لو رأيتك قبله لوصمتك بملكيتى الخاصة، ملكية داود.

اجفلت شادية لثوانى وهى تنظر اليه، غير مصدقة وقاحة رجل مثله عضت على باطن خدها وهى ترى التماع عينيه الداكنة وانقشاع ذلك الظلام، لتنفجر ضاحكة وهي تهز رأسها غير مصدقة ما يقوله الأحمق
اى ملكية هذا الاحمق يتحدث عنها، وهل لو كانت رأته لوقعت فى حبه! اللعنة على عائلة النجم هدأت ضحكاتها وهي تلعن الاخر فى عقلها، اللعنة عليه، لما يستحوذ الان على عقلها ادارات بوجهها اتجاهه لتغمز له بمكر ملاعبة على وتر جديد.

-سيعجبنى رؤية سقوطك المتفاخر يا داود، لا تغتر بنفسك كثيرا، من تشركها في صيدك، أسقطتك هى فى صيدها اولا
حديثها المتلوى بل وتأكيدها عن كونه يشرك مصيدة لفريسة اخرى، جعله يود معرفة كيف توصلت لهذا لم يملك سوى أن يخبرها بسخرية
- سنرى!
تابعت حديثها بتسلية قائلة
- وحينما تأتى تلك المرأة، أنا واثقة اعز الثقة أنها ستقلب حياتك جحيما
فتح ذراعيه مرحبا، ليقول بنبرة مسرحية.

-مرحبا بالجحيم إذا ثم اخرج بطاقة تعريفه من محفظته الجلدية ومدها لشادية قائلا بجدية تلك المرة هذه بطاقة اعمالى، سيتصل بك وكيل أعمالي للاتفاق على تنظيم مناسبة فى الخارج، يمكنك وضع السعر الذي ترغبينه
لم تملك شادية سوى اخذ البطاقة ناظرة الى تعريف عمله، اتسعت عيناها دهشة من معرفة عمله، لتنظر اليه بذهول قابلها بابتسامة متسلية وغمزة قائلا
- الى اللقاء قريبا يا شرسة.

ثم تحرك بثقة مغادرًا مكتبها، لتزفر شادية بحرارة لتلقى البطاقة على المكتب قبل أن تصرخ بغيظ
- عيلة متخلفة زي وشهم، رجالة قذرة.

اللعنة على تلك العائلة جميعهم، أمسكت بتلك الدباسة التى ودت ألقاها على رأسه لتلقيها بعنف على الحائط، عائلة تقسم ان رجالها لم يعرفوا معنى التربية بشئ، وضعت يداها على المكتب محاولة تهدئة نبضات قلبها الثائرة وفلاشات ذاكرة رجعية تذكرها بالآخر وقربه لها، تخطيه لجميع الحدود الحمراء معها، قاطعا اى بعد جسدى عنه، ارتجفت شفتيها مغمضة جفنيها لتمر ذكرى يوم الباخرة فى يوم عيد ميلادها..
قربه
لمساته
غضبه.

غيرته الواضحة لأخيها
تملكه
هزت رأسها مخرجة تلك الذكري من عقلها، ماذا فعلت بنفسها؟
لقد أعطته الاشارات الخضراء من اول يوم تجرأ بأساليبه البوهيمية تلك مفرضًا ذكوريته عليها
وهى الحمقاء قبلت به، قبلت بذكوريته انوثتها كانت ترغب ذلك الجانب البوهيمى منه!
اللعنة كان يعلم ذلك الحقير، يعلم هذا حينما اخبرها جانب منها يستسلم له..

الحقير خبطت بكف يدها على سطح باب مكتبها، لتلتف حول المكتب لتمر في خاطرها ذكريات وجوده هنا فى المكتب حتى اقساهم حينما تلقت خبرًا لتجده داخل شوال مضرج بالدماء!
العالم يدور من حولها، وتباطأت انفاسها لتشعر باختناق شديد فى المكتب، تشعر أن الجدارن تقترب محاولة إزهاق روحها، سحقت شفتها السفلى بقوة محاولة طرده من عقلها.

لقد بدأت تعتاد على هذا البعد والنسيان المؤقت، لكن اللعنة، ذلك الرجل جاء وعبث فى اوراقها، انتبهت على صوت جيهان الفكاهى
- صاروخ اقسم بالله صاروخ ارض جو دخل الشركة
رفعت رأسها بحدة لتحدق فى ملامح شقيقتها المرح لتغمغم بحدة
-جيجي اتلمى، والا متلوميش نفسك لما وسيم يعرف
قلبت عينيها بملل حقيقي لتجيبها بلا مبالاة
-ما يعرف، هكش منه مثلا ولا هخاف.

جلست على المقعد الأقرب لها، محاولة التمرن على التنفس الذى اخبرتها به الطبيبة النفسية، لتسألها
- جيتى ليه
ابتسمت جيهان ببرود وهى تجلس على المقعد المقابل رافعة ساقيها على مكتبها مما جعل شادية تجحظ عيناها بدهشة لتقول جيهان بابتسامة باردة
- جاية عشان اجدد اشتراك باقة الصمت اللى فى البيت، هكون جاية ليه مثلا فاضية موريش حاجه قولت اعدى عليكى.

عقدت حاجبيها بريبة وهي تنظر للساعة التي لم تتخطى الثانية ظهرًا وهذا الموعد بعيد كل البعد عن فراغ الوقت الذى تخبرها به جيهان، سألتها بشك
- بابا رجع البيت؟
لوت جيهان شفتيها بحنق متمتة بضيق حقيقي
- بابا مبقاش يهمه صحته، والدكتور تعب حقيقى بس هو دماغه ناشفة، قولت مفيش غيرك هيلين معاه
هبت من مقعدها فورًا وهى تتقدم من جيهان والشحوب يمتلك وجهها لتسألها بقلق
- بابا حصله ايه يا جيجي.

تفاجئت جيهان حينما حطت شادية كلتا يديها على ذراعها لتطمئنها قائلة بابتسامة ساذجة
-متتخضيش يا شادية، بابا بس يدوب الضغط ارتفع معاه مفيش حاجة تقلق
أجلت شادية حلقها وهى تسألها خشية أن ما تفكر به صحيح
- جيجي، بابا فى المستشفى مش كدا!
همت جيهان بالمماطلة، ولأنها لا تستطيع الكذب على شقيقتها خاصة فى امور صحة والدهما، هزت كتفيها قائلة محاولة ان تبث الاطمئنان داخلها.

-والله كويس، حتى انا موجودة هنا، متقلقيش، انا مرضتش اتصل عشان متتحوليش زومبى كدا
صرخت شادية بجزع، وهمت بإلقاء شتيمة فى الوقت هذا لشقيقتها الا انها امسكت حقيبتها قائلة بحدة
- ودينى هناك يلا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة