قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثون

في قصر السويسري،
الأيام تمر وأجواء المنزل تزداد اشتعالا بوجود ماهر الدائم ومكوثه المرابط لوجود شادية، الأب قرر ترك أخيه يتصرف بحرية واكتفي فقط بوضع المشاهد الصامت حتى جيهان بدأت تشعر بوجود شئ بين ماهر وشادية وشادية تمارس عملها ببرود وحديثها يكاد يكون عاديا حينما تجلس معها.

تعلم أن والدها يعلم بأمر زيارتها منذ عدة أيام، ولم يحاول معاتبتها أو تقريعها، لطالما قررت التصرف بعقلها فتركها تفعل ما يحلو لها وقد قرر رفع كلتا يديه عن حمايتها من سقوطها القادم
لكن ماهر ووجوده لمحاولة امتصاص أي مشاحنات أدت الى فشل ذريع تام، ليصبح سكان المنزل متربص لأي زلة من الاخر.

زفرت بيأس وهي تلف خصلة من شعرها منتظرة رسالة وسيم الذي سيأخذ الأذن من والدها للأفطار فى الخارج، ابتسمت حينما رأت رسالته التي تخبرها ان تتمنى له الحظ وبعض الدعم كي يأخذ الأذن من والدها، انفجرت ضاحكة وهي تبعث بعدة ملصقات مغيظة له وخرجت من غرفتها هابطة السلالم بسرعة كي تكون على وضع الاستعداد حين يحتاج الى دعم منها!
ابتسم وسيم وهو يجلي حلقه ناظرا الي حماه الذي يكاد يخفي رداء غضبه ليقول بابتسامة مرحة.

-حمايا العزيز
رفع معتصم عيناه من صحيفته ليرمق الشاب الأشقر بملامح مقتضبة سرعان ما عاد ينظر إلى صحيفته قائلا بجفاء
-اخلص، مش بتيجي في خير ابدا
تنحنح وسيم بحرج وانتبه على وجود جيهان الملاصقة للحائط ليقول بثقة
-عايز مراتي
وضع معتصم صحيفته جانبًا واقتدت عيناه بشرر ليقول بنبرة مخيفة
-مرات مين يا ولد، اتكلم عدل مع عمك.

كتمت جيهان ضحكة صاخبة تكاد تنفجر من شفتيها وهي تراه يتراجع بعد أن قرر أن يقوم بدور محارب عاشق آتيا على فرسه مقتحما منزلها طالبا بكل غرور امرأة امتلكت قلبه، لكن مع توتره من إلغاء أي تقارب بينه وبين الفأرة الملونة بعد ذلك اليوم حاول ان يستخدم اسلوب اللين
-طيب يا عمي يا ابو قلب طيب
رمقه معتصم بغيظ، وهو يعلم ذلك الاشقر لن يتركه فى حال سبيله، قال منهيا النقاش
-عمى الدبب، لو عايزني اسيبك مع جيهان انسي.

اقترب وسيم بسرعة من حماه قائلا
-طب وغلاوة بنتك دي مش محتاجة تفك عن نفسها
استقام معتصم من مجلسه بعنف وهو يتهكم بحديثه قائلا
-تفك عن نفسها اه قولتلي عشان ترجعهالي علي وش الفجر بحجة السحور، انسي.

هز وسيم راسه نافيا، وهو يعلم مجرد تفكير كهذا أو فعل أخرق كهذا سيعذبه بتأجيل الزفاف، وهو بالكاد يحاول إنهاء الفيلا فى اقل من شهرين رغم استنكار شركة التصميم ومحاولة لإنهاء على اقل تقدير من ثلاثة لأربع أشهر، اضطر ان يستعين ب لؤي لفرض سيطرته ونفوذه، رغم كرهه لاستخدام ذلك الأمر، لكنه كان مجبورا بسبب حماه العنيد
عرض علي حماه قائلا بابتسامة اللزجة
-طب ما تيجي معانا، ده حتي في خيمة رمضانية تجنن السنة دي.

رفع معتصم حاجبيه بسخرية جعل وسيم يعلم أن ما عرضه كان سخيفا جدا ليقول بمزح
-خايف عليا يا بوب ولا ايه!
جاءت اجابة معتصم واضحة بدون وقت للتفكير
-طبعا اخاف عليها منك يا سهن انت، اه بنتي من حقي اخاف عليها
احتقنت اذني وسيم حرجا وخشي أن يكون علم بأمر اقتحامه لغرفة ابنته سرًا، تبًا لقد دخل من شرفتها كلص! تنحنح بخشونة طاردًا تأثير تلك الليلة خاصة أنه صائم ليقول.

-دي تتخاف منها يا حمايا، متقلقش وعد راجل لراجل اخدها ونرجع قبل عشرة
رأي الرفض يلوح في عيني معتصم ليقول بنبرة جافة
-انسي
اقترب وسيم وهو ينظر الي حماه بلين، ليري بعض القلق والترقب، قلق أب يخشى على ابنته الصغيرة، ابتسم بتفهم وهو يعطيه وعد رجل
-طب وشرفي ما هيحصل اللي في دماغك
ورغم أن قلقه هذا لكن لن يمنع ان استخدامه لكلماته كان وقح أمام رجل مثله ليهدر فى وجهه
-اتلم يا ولد، والا احلف ما تشوفها لحد الفرح.

ابتسم وسيم وكاد يقفز محتضنا حماه مقبلا رأسه لكن يعلم ان حماه لا يرغب بأي عناق بأي شكل من الأشكال من شخص غريب سوي من بناته، ابتسم قائلا باطمئنان
-ادتلك وعدي
لم يكن معتصم بقلق علي جيهان منه، أكثر من كونه قلق من ابنته عليه، يعلمها تثير المشاكل وتدفع الرجل لفقدان طور هدوءه، لكن وعد الفتي إمامه الذي تربى على يديه جعله يسلم ابنته له، اقتحمت جيهان المكان قائلة بتلهف
-ها اروح معاه يا بابا؟

حدق بغضب تجاه وسيم الذي انقبضت ملامحه، بدا يشعر بالتوتر حينما استمع الي حنق حماه
-ده انتو متفقين بقي؟!
اقتربت جيهان تلقي ذراعيها على جسد والدها تطبع قبلة على خده هامسة بصوت خفيض له
-وحياتك قولتله مفيش حاجة هتم الا بدونك، بس قولت اجهز بسرعه عشان منتأخرش
قبض معتصم على فكيه وهو يرى لهفة الأشقر على ابنته، لم يمنع نفسه من ان يحتضن ابنته وغيرته كأب لم يتحكم بها قائلا
-اخدت منك وعد شرف، متتأخروش.

هز وسيم رأسه وامتنع عن تحية جيهان او حتي تلامس ايدي مراعيا مشاعر والدها وخشية منه هو ذاتيا، عاد يستغفر ربه وهو يراها تطبع قبلة لوجنة أبيها قائلة بمشاكسة
-عشرة بالدقيقة هتلاقينى قدامك
ثم تحركت تسبق وسيم قائلة
-يلا
هز وسيم رأسه تجاه حماه ثم تحرك على إثر خطاها خارجا من المنزل ليجدها مستندة على سيارتها قائلة بتهكم
-مش هنركب عربيتك
رفع حاجبيه وهو ينظر تجاهها ثم الي سيارتها السوداء ليقول بتهكم.

-بتاعتي احسن من بتاعتك علفكرا، فيه فرق موديلات و سرعات
ثم اقترب منها ممسكا عضدها خارجين من بوابة المنزل ليغمغم بحنق
-احنا مش ناقصين نتسرق تعالي
انطلقت ضحكة مرتفعة ليراها تقترب منه متلاعبة كلتا حاجبيها بشقاوة متسائلة
-خايف تتثبت قدامي يا وي وي
نظر اليها بتجهم جعلها لم تكف عن استفزازه، بل مواصلة لدفعه الى اقصى مراحل جنونه ليقول
-لمي لسانك، احنا فى رمضان عدي يومك ده على خير.

التزمت الصمت حينما استشعرت جدية حديثه، همت بأن تحدثه لكن كلامها تبخر حالما وجدت الدراجة النارية أمامها، شهقت بتفاجئ ثم نظرت إليه باستنكار
-بتتكلم جد صح، مش بتضحك عليا
هز وسيم راسه موافقا وهو يراها تقفز كالمجنونة حول نفسها ليفاجئ بعناق ناعم منها وقبلة حطت على خده لتنسل من بين ذراعه هامسة وعينيها تلمعان بسعادة
-احسن وسيم في الدنيا.

توقف وسيم كالتمثال وهي تتقدم تجاه الدراجة تلمسها بشغف شديد لتصعد عليها وقد اشتاقت للشعور بالحرية حينما تقوده!
انبطحت محتضنة الدراجة مما جعل عينا وسيم تجحظان سرعان ما أشاح ببصره وهو يدرك مدى غبائه
كرر استغفاره وهو يسمعها تهتف بنزق
-اركب يلا، هنتأخر
اغمض وسيم جفنيه بيأس وهو يتقدم نحو الدراجة ويدعو الله ان يلهمه القوة والصبر علي تلك المجنونة قبل ان تصيبه بالجنون!

مر وقت وجيهان تنظر حولها من الأجواء الرمضانية، رغم أنه يعتبر فاخر بعكس الأجواء الشعبية داخل القاهرة، كحي عاصي الذي زارته، لكن لن تنكر ان الاجواء اعجبتها، انتبهت من شرودها على صوت وسيم المتسائل
-ها ايه رأيك فى المكان
القت نظرة اتجاهه وهي تراه لم يخفي اعجابه بعبائتها الجديدة التي أهدتها جدة عاصي لها ولآسيا ولوجد مع فتيات أخريات، غمغمت بفظاظة
-عالله بس يكون الاكل اي كلام.

حدجها بنظرة قاسية ليحاول البحث عن أي شئ يكمم به شفتيها ليقول
-يا بت اتلمى بقى احنا علي الفطار، متخلنيش افطر عليكي
اقتربت منه ممسكة بالسكين على الطاولة المنخفضة لتشيرها اتجاهه قائلة بجنون محاولة تقليد حركة رأتها ذلك اليوم منذ ذهابها للحي
- ايه افطر عليكي ده! متلم لسانك يا حلو كدا عشان منزعلش من بعض
نظر إليها ثم نظر الي السكين البلاستيك ببعض الاستهجان ليشيح بالسكين عن مرمى بصره وسألها.

-قررتي ايه تبقي الألوان فى الفيلا؟
تركت السكين البلاستيكي جانبًا والتفت اليه قائلة بجدية
-بص ليه فيلا!، ما ممكن ناخد شقة كبيرة، يعني انا مش شايفة داعي للتبذير كل ده واحنا مش هنستخدم كل المساحة دي
سألها بحدة
-ولما يجوا العيال هنعمل ايه، مش هنفكر فى مكان أكبر.

عضت جيهان باطن خدها بتوتر، ورغم واقعية كلماته لا تعلم لما شعرت بالحرج والارتباك، هي لم تكن لتحلم أن يكون قريبا منها كتقارب رجل وامرأة ما بالك بأن تحمل فى رحمها نطفة تزيد علاقتهما تشابكًا!
رأي وسيم تورد طفيف يغزو وجنتيها، وارتباكها لتقول بحدة غير مقصودة
-هما اتنين حلوين، ولا حضرتك ناوي على عدد اكتر!

ابتسم وسيم وقد اسعده خجلها، حسنا يعلم ان فأرته سليطة اللسان، لكن لم يتوقع خجلها من ذكر كلمة أطفال! اجابها بعبث
-ناوي الصراحة على خمسة
شهقت جيهان باستنكار لتعيد إمساك السكين البلاستيكي وتقترب منه بغية تهديده قائلة
-خمس عفاريت لما يلفهوك، خمسة ايه، فاكر صحتي تستحمل البهدلة دي.

امرها بنظرة من عينيه ان تعود هادئة فى مجلسها، نظرت بطرف عينيها للاعداد التي استقطبتهم بغبائها، ابتسمت بحرج وهي تعود جالسة بصمت لتجيبه بهمس حاد
-هما اتنين ان شاء الله ولدين طلعوا او بنتين كلهم رزق من ربنا، المشكلة مش فى خلفة العيال، المشكلة في تربيتهم يا استاذ
لن ينكر أن ما قالته صحيح، تربية الاطفال اصعب بكثير من إنجابهم، سألها باهتمام
-ناوية تجيبي بيبي ستر ليهم عشان تروحي شغلك؟

لاح الرفض الجلي في عينيها قبل ان تجيبه بجدية
-لا، هاخد اجازة من الشغل بابا مش هيعترض ممكن اتابع في البيت، لازم اول فترة في حياة الأطفال تكون امهم موجودة، وانا مش ناوية احرم نفسي من لحظة امومة زي دي
تعجبت من عدم مبادلته معها فى الحديث، لترفع عينيها وهي تجده ينظر إليها
بطريقة تقسم انها إذابتها حرفيًا
ابتسمت بخجل وهي تسأله بهمس خافت
-الكلام جاي على هواك، مش كدا!
اومأ رأسه وهو يغمغم بصراحة
-فاجئتيني.

هي الاخري تتعجب من ذاتها بعد عملها تحت يدين والدها، ازدادت قربا من والدها عكس السنوات السابقة، ارهفت اذنيها لسماع صوت الأذان، ابتسمت وهي تمسك بتمر من الطبق وتضعها فى فمه قائلة
-عارفة، المغرب اذن كل بلح
رددت دعاء الصائم وهي تكسر صيامها بالتمر لتسمعه يغمغم بهدوء
-جيهان
التفتت اليه وهي تسكب عصير التمر هندي لها وله لتسمعه يسألها بهدوء مخادع
-ممكن تندمي في لحظة انك ارتبطتي بيا.

ابتسمت جيهان وهي تضع العصير في يده لتجيبه بمشاكسة
-ممكن اندم لو خلفت عيال فى حلاوتك دى
انزعجت ملامح وجهه الوسيم ليقول بحدة
-انا بتكلم بجد، مش بهزر دلوقتي
نظرت اتجاهه بيأس من اصراره لأسئلة عديمة الجدوى في نظرها، لكن من وجهة نظره هو مفتاح الحياة لعلاقتهما المستقبلية
فترة الخطبة بالنسبة له ليس مجرد هدايا وكلمات مغازلة وعناق أنفس كالجيل الحالي.

الخطبة بالنسبة له هو مسار حياة يتفق عليها الشريكان لحياتهما الجديدة بعيدة كل البعد عن تدخل الأهل!
حينما رأت الاصرار فى عيني وسيم اجابته بهدوء لتثلج صدر الاخر.

-مش هندم ابدا، ريح عقلك ده شوية، صدقني انا مش عبيطة ولا صغيرة عشان معرفش انا مقبلة علي ايه في حياتي، حياتي هتتغير وانت كمان بس اعتقد بدعم بعضنا والصراحة المطلقة اللي بينا واننا نوعد بعض منخبيش على طرف التاني حاجة ولو زعلتك في حاجه تيجي تعاتبني واعتذرلك وانت كمان، لاني قسما بالله يا وسيم لو نيمتني في يوم مضايقة منك لهتشوف جحيم في حياتك.

انفجر مع نهاية كلماتها الى تهديدها الواضح وإمساكها للسكين للمرة الثالثة ليقول بمشاكسة
-اهدي يا وحش مالك، ما كنا كويسين
التفت جيهان إليه بكامل جسدها وهي ترفع طرفي عباءتها شاكرة الله انها استعانت ببنطال جينز وتيشرت قطني اسود لتقول بجدية
-هو انا ممكن اكون لاسعة ووقحة شويتين، بس انت الوحيد اللي هتعرف تلجمني والوحيد اللي فاهمني، وانا متأكدة انك هتكون اب ممتاز.

اتسعت عيناها بجوع لذيذ وهي تشم رائحة الشواء بجوع، وضع النادل الطبق الرئيسي المكون من تشكيلة لحم مشوي لتمسك بأصبع الكفتة تغمزها فى الطحينة لتضعها في فمها تلوكها بجوع شديد، غصت بطعامها حينما سألها
-تحبي نسافر فين فى شهر العسل
مد بكوب الماء تجاهها، لترتشف بضع قطرات الماء محاولة تهدئة الحريق فى داخلها.

افكارها تنحني بوقاحة، لتنظر اليه وهو ينظر تجاهها بجدية، صمتت لبرهة من الوقت قبل أن تستعيد صوتها الذي فقد هامسة بتحشرج
-انا عايزة كل سنة من جوازنا ناخدلنا كم يوم لوحدينا بعيدا عن كل حاجة، حتي بعيدا عن العيال لما يجوا بأذن الله، نستعيد ايامنا اللي زي دي انا وانت لوحدنا، فلو شهرعسل، عايزاه يبقي كل سنة حتي لو روحنا بلطيم.

اتسعت عيناه دهشة وهو ينظر الي جيجي، الفتاة الذهبية كما لقبت تخبره برغبتها قضاء شهر العسل في بلطيم، وهي من قضت سنواتها السابقة متنقلة من بلد الي اخري، تنهد بحدة وهو يدفعها لتناول الطعام بدلا من تفحصها المرتبك له ولمشاعره
-كلي طيب عشان معملش حركة غدر
غمزت تجاهه بوقاحة متعمدة خفض صوتها بغنج
-عايز تبوسني مش كدا!

زفر وسيم بحدة وهو يدفع الطعام فى فمها، ابتلعت جيهان الطعام بصعوبة ماضغة إياه، هي تري احمرار أذنيه بشدة، لتقترب منه هامسة في أذنها
-انا اقدر ابوس علفكرا
امسكها من مرفقها واربطها جواره ليزجرها بحدة
-يا بنتي اتلمي يقولوا علينا ايه الناس
زمت شفتيها بضيق مغمغمة بحنق
-واحدة مع جوزها هما مالهم
نظر اتجاهها بحنق لمشاعره الثائرة والي كلمة الشرف التي كالسيف في عنقه ليقول بصوت خفيض
-انا وعدت عمي.

وكان تلك بمثابة الف كلمة غزل ينطقها بها، امسكت كلتا وجنتيها بكفيها هامسة
-حبيبي انت يا ابو الرجولة كلها.

وسألوني لما الجفاء
والأنثي ستنكر من غلظتك
قلت ما بيدى
فقلبى طوع بنانها، وعقلى جل ما امتلكه
ففي النهاية أنا رجل، وخطوط الاعوجاج التي تمارسها تثير سخطي.
زفر لؤي متنهدًا بتعب وضغوطات العمل تكاد تجعله لا يرى من أمامه، بل على شفا جرف من الصراخ، فى حاجة لأقل شعلة ليحول المكان الى نارًا لا تبقي شيئا ولا تذر.

غامت عينيه والغصة ما زالت فى حلقه، متذكرا وعده لعمه بحماية العائلة وخاصة بناتيه، وبالأخص تلك الشيطانة الساحرة، التى تمارس عليه أقصى مجهوداته لجلب طفل
هوسها الجديد يثير قلقه، بل ذعره
لم يكن يعرف أن اسيا لجوجة بهذا الشكل، بل ذلك الهوس المطلق المسمي بطفل جعله يتراجع بعاطفته، ويترك قلبه جانبًا مفكرًا بعقله!
آسيا برغم جميع ادعاءاتها، وحالة السلام التي تخدعه به، يشعر انها تخفي شيئا عظيما.

ليس بهين، لن ينكر أن ابتعاده عن منزل العائلة، ساعد آسيا بالتوقف عن سخطها وتمردها، ووجودها فى منزله والعمل شئ لا يحتمل الأعصاب
خاصة أنها تثير الجزء البدائي منه، تعلم كيف تخرج الوحش من طوع بنانه، وكيف تشعل الحرائق! واخمادها لا يكون سوى على يديها!

نظر الى ساعة يده لينظر أن تبقي وقت كافي قبل موعد الإفطار، استقام من مجلسه وتحرك من مقعده ليتجه الى مكتب تلك الشيطانة، متمنيا أن لا يكون ازداد هوسها بمشاهدة الدراما المصرية، لتقارعه بالكلمات المصرية الجديدة التى تسمعها من الدراما.

فتح الباب بدون طرق كرد فعل على ما تقوم به، ليراها تنتفض وهي تنظر اليه بدهشة، تهم أن تلقي سباب لاذع على مقتحم الغرفة، لكن ما ان رأت لؤى حتى اقتربت منه مرتميه بجسدها على صلابة جسده، متنعمة بدفء جسد زوجها لتسمع غمغمته الخشنة باسمها
-آسيا
رفعت رأسها لتنظر الي عينيه التى تنظر اليها بترقب وشك، لتبتسم بتوتر قائلة
-حمدلله علي السلامة، اخيرا افتكرت ان مراتك مستنياك.

ولكي تزيد من شكوكه قبلتها على خده الأيسر لتهمس بنبرة ناعمة
-وحشتني
لم تظهر سوي شبح ابتسامة على شفتيه، وهو يلاحظ أمرًا تخفيه اسيا عنه ليقول بصوت ذات مغزى
-ايه كل الحب ده
لوت شفتيها بضيق، لتدفعه بكلتا ذراعيها على صدره الصلب
-انا اللى غلطانة.

تألمت حال لمسها لصدره الصلب، هى لا تمزح حينما تصف صدره بشئ صلب، كحائط بشري، لا تعلم كيف فعل هذا الأمر فى الصالة الرياضية، ورغم اخباره ان هذا الامر يضايقها كونها لا تستطيع ان تنام بين ذراعيه براحة، قال بكل صفاقة أنها ستعتاد عليه مع الوقت
أخرجها من شرودها تجاه صوته المتسائل
-جاهزة عشان نتحرك.

هزت رأسها موافقة وهى لا تعلم كيف ستستقبل الزيارة الثانية من غالب، بعد الزيارة الأولى التي انتهت على خير، من جهتها هى بالأخص خصوصا أن الشمطاء اعتذرت عن الحضور، تأففت لتخبره
-برضو مُصر نقضي اليوم هناك
أجابها ببرود
-وجد مستنياكي
وكأن وجد هي المفتاح السحري لتشتيتها، واكتساب موافقتها، خاصة بعد الحاح وجد العجيب للعودة كونها تفتقدها فى المنزل، قالت بهدوء
-هلم حاجتي واجيلك.

هز رأسه باستحسان بالغ، ليرى توترها فى التحرك، وشئ تخبأه عن عينيه، لتتسع عيناه حينما أدرك ما تخفيه، ليهدر صوته بصرامة قائلا
-هاتي اللي مخبياه عني
ارتجف جسدها على اثر صوته الهادر الخشن، لتلتفت إليه بحدة قائلة
-مفيش حاجة
اقترب منها بخطوات وعيدية، لتتسع عيناها ذعرا متراجعة، تهم بابتعادها عن الثور الناطح إلا أنه أدركها حينما أمسك بعضديها بقسوة جعلها تخرج تأوه متوجع لكنه لم يهتم بها ليقول بحدة
-هاتيه.

تلوت محاولة الفرار من قبضته، وحينما علمت انها محاصرة، وان العناد لن تجني منه سوى الألم، وضعت اختبار الحمل الذي أجرته منذ قليل في يده بحدة، لتراه يلتقط الاختبار محدقا نحوه بجنون ثم رفع بصره ليقول بقسوة استفحل كل جسده
- ده بسببه هيخسرنا بعض
نظرت اليه بوجوم، لتراه يقترب منها ممسكا بعضديها يكاد يسحق عظامها وهو يصرخ فى وجهها
-انتي ليه بتفنني تلاقي سبب نخسر بعض عشانه، فهميني.

لم يدع لها مجالا للرد، بل تابع يقول بحدة
-وقت ما تحسي انه خلاص مفيش امل نقتل بعض مش كدا!، عشان طفل يا آسيا
هدرت فى وجهه وهى تقول بعنف
-ايوا نفسي اكون ام، اتحرمت من شمس عايزة يكون ليا طفل لوحدي
أطبق الصمت يخيمهما، لينظر لؤي اليها والى الإصرار في عينيها، ليقول بصوت متهكم
-ولو متكتبلناش يا آسيا هنعمل ايه، هتقرري تعملي ايه انطقى.

تلبسها الارتباك، وكل ذلك لاحظه من عينيها الزرقاوين، يعلم متى تكون فى أشد حالاتها ضعفا ومتى تكون كجبروت متكبر! همست بيأس واستنكرت تخيله
-مش عارفة، مش عارفة
عاد يسألها بقسوة وقد بلغ الصبر منتهاه
-ده اهم من حياتك وحياتي وحياتنا
نظرت الى شريط الاختبار بأسف، ثم لتعود تنظر الي عينيه قائلة
-ده المستقبل، ده هيخليني ابقي ام وهنبقي عيلة
ابتسم لؤي بسخرية ليقول بتهكم.

-ما يمكن انتي مش مؤهلة ليه، ولا انا، ايه عرفك ما يمكن سبب التأخير يكون مجرد عقاب
طعنها بسكين ملثم، لم تكن تتوقع هذا منه
تلك السخرية والازدراء من مشاعر امومة اقتحمتها فجأة دون سابق إنذار حينما حملت شمس لأول مرة فى ذراعها، كواحة أمان عثرت عليها بعد سنين بحث مجدية انتهت باليأس
الدموع تجمعت فى عينيها، وصبرها لجفائه، وقلة رعايته جعلها تصرخ فى وجهه تنفي ادعائته الكاذبة في حقها.

-بقالي خمس سنين مجربة الاحساس ده مش مجرد رغبة، ربيت بنت اختي اللي هي بنتي، واول واحدة تقولي ماما تقولي مش مؤهلة، تصدق ده انت طلعت جاحد عايز اي سبب عشان تطلعني انا الوحشة مش كدا يا لؤي، كل حاجة بعملها لازم تطلعلي العيب فيها مش كدا
هدر بصوت قاصف، يلجم تلك التى فقدت السيطرة على ذاتها لتلقي بالمزهرية في وجهه، لكنه تفاداها على اخر ثانية ليتأجج الغضب في حدقتي عينيه
-آسياااااااااا.

رفعت رأسها بايباء شديد، لتقول بغضب
-انا استحالة اكمل حياتي معاك، طلقني
اتسعت عينا لؤي ولا يخفي صدمته من عرضها الصريح لأول مرة بالطلاق
اقترب منها ممسكها زندها ليقول بخشونة
-انتي اتجننتي، ايه اللي بتقوليه ده، طلاق ايه!
زمجرت بحدة وهي تتملص من قبضته لتعيد طلبها بقوة أكبر
-بقولك طلقني، سيبني بسلبيتي لوحدي
رفع نظره لساعه يده ثم التفت اليها قائلا بجمود
-محتاجين نتكلم بعدين، متأخرين.

لم تكن تتوقع أن يفعل مثل هذا الأمر لها، مواعيد جده اهم مما يناقشونه، ليس نقاش بل طلبها الذى جاءت به بعد تفكير
هى منذ عادت إليه لا تشعر أنه هو كالسابق ولا حتى هي!
كانت تنتظر على أمل أن يعود ذلك الرجل الذي أوقعها فى حبائله
لكن لا شئ
يزداد غموضا، و تعجرفا، وجفاءً، حتى مشاعره ليست بالحرارة التى كانت فى السنوات السابقة.

ربما الجرح الذي اخلفته جعله يحجم لجام مشاعره، تقرأها فى عينيه، وهى التى وعدت ذاتها أن تنسي ما كذبه وخداعه، لكن يبدو انها من قررت ان تغفل عن هذا الأمر لوحدها
وهو ما زال محبوس داخل اشباح ماضيه!
هدرت بوقاحة متعمدة حينما رأته يفتح باب مكتبها، لتتعمد رفع صوتها ليصل الى المارين بجوار المكتب
- يبقى شوفلك اوضة تانية تنام فيها، ولما نرجع هدومك متكنش في الدولاب عندي.

امسك لؤي الباب بوحشية ووحش داخلي، يحفزه بل يستفزه ويطلب الانقضاض على تلك الوقحة، عديمة التربية لإعادة تشكيلها على يديه مرة أخرى، أغلق الباب بعنف لتشهق أسيا بصوت خفيض وهي ترى تحول الهيركليز للرجل الاخضر
عروقه البارزة فى عنقه وصدغيه، جعلها تبتلع ريقها بتوتر لتسمعه بصوت يكاد يحافظ على هدوءه
-والله لولا انى صايم، كنت عرفتك ردى وهنا، طالما مش فارق معاكي الناس كنت ندمتك حقيقي على كلامك ده.

عقدت ساعديها على صدرها، مخفية ارتعاشة يديها، لتقول بمقارعة وندية متساوية
-وانت بقي فاكرني هرجع ذليلة ليك واترجاك عشان تبقي في سريري، انسي، واضح انك مش عارفني كويس، ولطالما راجل اووي كدا يلا وريني، وريهم الهمجية يا لؤي باشا عشان يعرفوا أي راجل أنت.

زمجر بغضب، وصوت زمجراته وصلتها لتشيح بعينها عنه بحدة ليقرر تركها فى التو واللحظة وإلا يقسم انه سيدق عنق تلك المرأة الآن، استغفر ربه سريعا ليعود فتح الباب قائلا بصرامة
-عشر دقايق والاقيكي جاهزة يا آسيا هانم
صاحت باعتراض تام
-نص ساعة، لو مقدرتش تستحمل ممكن تمشي انا بعرف اسوق عربيتي لوحدي.

لم يصلها رده سوى صوت صفق للباب بعنف، حتى كادت ترتعب من سماعها ل صدى صوت إغلاقه العنيف للباب، لتتنهد بحدة حابسة دموعها لتهدر بغضب
-غبي
...
نصبته ملكًا، وعزيزًا فى عالمى
ولم يأتيني منه سوى الجرح
دفعته إلى أقصى حالات غضبه
وما كان غضبه سوى جروح تنب على جدار حبنا
حبنا الذي تلونا عهوده
الحماية
الأمن
الحب
بل الكثير منه
الود
والرحمة
وما أخذت منه سوى النبذ والتهكم
أهذا حال كل امرأة عشقت رجل وجعلته دنياها؟!

في قصر المالكي،
لم يخفى ما حدث للؤي وآسيا امام الحاضرين المتمثل فى وجد وغالب وجميلة، وجميلة لم تكن تعطي أي أهمية لهم بل كانت منشغلة بانهاء جميع طلباتها لزفاف صغيرتها، والتأكد من كمالية كل شئ، وغالب وجد هذا أمرا جيد
فمن ناحية لا تعكر صفو لقاء آسيا بهم
ومن جهة آخرى، أن لا ينشأ شجار حاد.

لكن ما لم يكن يتوقعه هو حالة التوتر التى تسود اسيا ولؤي، وقد قررت اسيا عدم جلوسها بجواره على المائدة وفضلت الجلوس بجوار وجد، نظرات الوعيد والغضب التى يطلقها لؤي جعله يطلب من وجد أن تأخذ اسيا بعيدًا ليعرف سبب ذلك التوتر..!
سحبت وجد ذراع آسيا التي حاولت التملص منها، عالمة أن وجد ستصر على معرفة ما حدث بينهما، وجاءها السؤال الأول من وجد حينما دفعتها للجلوس على أريكتها
-ممكن افهم فيه ايه بينك وبين لؤي.

ادعت اسيا الجهل قائلة وهى تلف خصلة حول اصبعها
-مالنا ما احنا كويسين اهو
دققت وجد النظر تجاه لؤي، عينيها تفصحان عن جرح عميق رغم ادعائها البرود، امسكت بكف آسيا قائلة بحرج
-دي مش طريقتك معاه، يعني كلنا عارفين انك...
قاطعتها آسيا قائلة بتهكم
-لازقة فيه، كاتمة على نفسه! مش كدا! لا خلاص بح من الكلام ده
لم تخفى وجد ابتسامتها لتسألها بتعجب
- انا نفسي اعرف انتي بتجيبي المصطلحات دي من فين.

زفرت آسيا بضيق لتنظر الى وجد قائلة بحنق
-من الافلام يا عينيا، تخلي الحجر ينطق لهجتكم
ابتسمت وجد بمكر لتقول بمشاكسة محاولة اذابة الجليد بينهما
-واضح ان لؤي مش عاجبه بعدك عنه
كان من الأدق أن تقول قتلها، احراقها
غمغمت ساخرة وهى تشعر انها لن تستطيع الصمت أكثر من هذا، تود منه ان ينفذ طلبها على الفور قبل أن تقوم بمصيبة
-كان بيقولي ميصحش اعمل كدا قدام اهله
صاحت وجد باستنكار حينما لاحظت اقصائها من دائرة العائلة.

-اهله هو احنا، وانتي مننا يا آسيا
التفت اسيا تجاه وجد، ولولا انها تهم بإطلاق شتيمة نابية الا انها حفظت لسانها قائلة
-انتي عارفة معزتك عندي قد ايه
صمتت وجد للحظات قبل أن تسألها بهمس خافت
-بسبب الحمل مش كدا؟
طفرت الدموع من عيني آسيا، لترتمي على صدر وجد تبث وجعها من حبيب روحها
-قال كلام يجرح ومكنش اصلا تفكيري، قال ان انا مش مؤهلة ابقي ام، شايفني مجنونه!
هزت وجد رأسها نافية لتهمس
- لا طبعا انتى ست العاقلين.

زمجرت آسيا بعصبية لترفع رأسها قائلة بغضب
-الست كرامتها بتتمسح في الأرض لما يعرف الراجل قد ايه مرغوب ناحيته عشان كدا بيعاملها بلا مبالاة، كشئ موجود مش هيمشي، بس هما عايزين اللي تلعب في عقولهم، الست اللى بتقعد تلفه حوالين نفسه، بيموتوا في المعاناة بعكسنا عايزين حد يأكد وجوده الفعلي في حياتنا مش شبح يزور وقت ما يحب ويمشي وقت ما يحب.

لم تملك سوى أن تميل لاسيا مصدقة اياها، برغم كل شئ هى انثى وهي تشعر بوجعها وشغفها للطفل، سألتها بحرج تام كي لا تفسر سؤالها بمعتقد آخر
-افرض لو ربنا مكتبش بيبي يا آسيا هتعملي ايه؟
حتى هى سألتها؟
هى لم تفكر بالأمر من جهة عدم امتلاكها اطفال، لطالما حلمت بهذا من مراهقتها التعيسة، أنها ستعوض ما حرمت منه بانجاب الكثير من الأطفال
زحف القلق ونهش اشباح الخوف ركزيتها، لتقول
-هنتحر مثلا، او اتحط في مستشفى مجانين.

صاحت وجد باستياء تام
-انا مبهزرش
تنهدت آسيا قائلة ببرود
-انا طلبت منه الطلاق
شهقت وجد مستنكرة ما سمعته من اسيا، التى ترمقها ببرود لتقول باعتراض
-استحالة يعمل كدا ويوافق على جنانك
جزت آسيا على اسنانها قائلة
-لؤي بيجرحني يا وجد، وانا مش عايزة شخص اناطح معاه كل يوم، عايزة سكن، عارفة يعني ايه سكن
اومأت وجد رأسها ايجابا، لتتنهد آسيا بضجر وهي تشعر بالبرودة تزحف أطرافها.

تعلم ان لؤي سيظن أن طلبها ناتج عن جنونها وشجار، وليس أمر توصلت اليه بعد اختبارات كثيرة يفشل بها
لقد تغير لؤي، كحالها أيضًا
استمعت الى سؤال وجد الخجول
-طب انتي حبيتي فيه ايه، خصوصا انك اكتر واحدة عارفة لؤي
هى حتى لا تصدق أنها تفتح صدرها لوجد
المرأة التى كانت عدوتها اللدود، هى أقرب شخص إليه الآن، باحت بمكنونات صدرها قائلة بحنين.

-لؤي اتغير، كان حاجة كدا متتوصفش، حنين جدا وبيعاملني برقة وخوف، كأني بنته وبيسمع مشاكلي وعقدي، كان حبيب مثالي، قليل الكلام بس عينيه بتفضح مشاعره، بس دلوقتي كل حاجة معايا بحساب
تنهدت اسفًا على حال آسيا لتقول وجد
-يمكن خايف تمشي وتسيبيه تاني
رفعت آسيا عينيها مستنكرة مما قالته وجد لتقول بسخرية
-امشي هروح فين يا وجد؟ أمريكا! مقدرش اعيش هناك لوحدي
ابتسمت وجد وهي تمسك كف اسيا مؤازرة، ليتفاجأ بصوت غالب الخشن.

-حاولي تفتحي اوراقك كلها معاه وهو كمان، اعتقد انتو الاتنين محتاجين جلسة صراحة بدون اي ضغط ولا انفجار، كل واحد يطلع أسباب تخوفه من التاني واعتقد هتطلعوا بنتيجة
رفعت المرأتين رأسهما لينظرا تجاه غالب الذي ينظر تجاه آسيا ليسمع صوت وجد المتفاجئ
-جدو
ابتسم غالب ليربت على شعر وجد قائلا
-سيبني معاها لوحدي
نظرت الى كلاهما قلقة من حدوث أي شجار بينهما، الا ان جدها طمئنها لتستقيم من مجلسها سامحة لهما بالحديث..

جلس غالب على الاريكة لينظر تجاه آسيا التى تشيح ببصرها عنه، مكتفية بوضع كتمثال راقى يزين الغرفة ليقول غالب بصوت دافئ
-تعرفي حالة حفيدي كانت عاملة ازاي لما رجع من السفر وزورتي موتك
التقط غالب الاهتمام من آسيا رغم ما ترسمه من برود ليسترسل غالب في حديثه قائلا باختناق
-كان شخص ميت، شخص حد سحب منه حياته، جثة بتتحرك وبتمشي
انفجرت آسيا ضاحكة بسخرية مريرة لتلتف إلى غالب بعداء واضح قائلة.

-بتديله اسبابه عشان يصعب عليا
ابتسم غالب وهو يقرأ الوجع فى عينيها، لن ينكر انه حينما استمع من لؤي أنه هو المخطئ، رغم لكل منهما أسبابه ودوافعه
لكن دوافع لؤي هزلية عن اسيا، غمغم بمرح
-منكرش انه ساعات بيبقي بدماغ زي التور، بس الشخص اللي عايزاه حنين طول الوقت ده مش انسان زيه زيك!، أوقات عايز هو كمان حد يطبطب عليه ويطمنه انه جنبه
علمت فحوى الرسالة التي يريد إيصالها، لتزمجر بعصبية وهي تستقيم من مجلسها.

اكتفت هى من وضع الشخص الذي يتنازل اولا
هو لم يتنازل لمرة عن كبريائه البغيض ولو حتى لمرة! صرخت بكبرياء واضح عن رفضها لمطلبه
-بردو بتدافع عنه
صاح غالب بجدية تامة، ليقهقر من تحفز آسيا للغضب
-انا ماسك العصاية من النص، لو هو حفيدي فانتي حفيدتي برضو يهمني مصلحتكم انتوا الاتنين
لمعت عينا آسيا بمكر أثار حفيظة غالب، ليراها تقترب منه قائلة
-لو طلبت منك طلب دلوقتي تقدر تنفذهولي
هز غالب رأسه قائلا بجدية.

-اي طلب عنيا ليكي، بس اللي بتقوله عنيكي لأ
تعست ابتسامتها الماكرة لتجيبه بسخرية
-كنت متأكدة مصلحته هو أهم
وقوفها أمامه جعله يزمجر بغضب
-اقعدي يا بنت، كلامي معاكي مخلصتهوش
جلست مضطرة وقالت بصياح حاد
-اسمع يا غالب
قاطع صياحها بنبرة تجعل الكبير يرتعب قبل الصغير
-غالب بيه واعرفي مقام اللي قدامك
نظرت اليه بتحدى قبل أن تقول بنبرة ملتوية
- ولو قولتلك هنسي حقدي ليك وهبقى حفيدة تتباهى بيها قدام الطلب ده، ايه رأيك.

عقد غالب حاجبيه، وقد حاصرته الماكرة بين المطرقة والسندان، التمس الجدية فى صوتها، فهو من جهة سيكسب حفيدة ومن جهة اخرى سيخسر حفيده!
وسيبدأ صراع آخر!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة