قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعون

فى قصر السويسرى،
اصطفت سيارتين أمام مدخل القصر، الاولى تابعة لسيارة معتصم وبصحبته جيهان بعدما أصر على ان ترافقه بدلا من زوجها المزعوم خشية من تلهف وجنون الآخر الذي لا ينفك ولا يعبر عن حاجته لها مستغلا انتهاء أوضاع البيت بالجوار بالانتهاء منتظرًا تشريف العروس، والثانية خاصة بوسيم.

ترجل وسيم مندفعًا تجاه سيارة حماه المستقبلى يفتح الباب ليترجل اولا حماه تبعها جيهان التى تنظر اليه بخجل جراء وقاحته منذ حفل الزفاف، غمغم وعينيه تنهشها امام والدها دون خجل
-حمدلله على السلامة
امسك معتصم بعضد جيهان وسحبها خلف ظهره ليقول بضيق
-الله يسلمك يا وسيم، ملهوش لازمة تعبك ده.

وبداخله يتمنى لو يستطيع أن يركله خارج جدران منزله، ولا حتى وافق على عقد القران الذى فوجئ به، لقد اجبره الاشقر هذا متلاعبًا بصورته أمام ضيوفه، والان ظهرت حقيقته المتلاعب الوقح، يتحرش بابنته أمام مرأى عينيه، والله أعلم ماذا يفعل بها خلف ظهره..
ربت وسيم على صدره مسبلاً تجاه جيهان قائلا بحشرجة
-تعبك راحة يا عمى
صاح معتصم بصرامة
-فيه حاجة يا وسيم
اعتدل في وقفته قائلا وهو ينظر باحترام بالغ تجاه حماه.

-لا ابدا يا عمى، بس محتاج جيهان فى كلمتين
نظر اليه بضيق لينظر تجاه ابنته، المجنونة الاخرى المتلهفة للحديث معه على انفراد، صاح بغيظ شديد
-دقيقتين وتحصليني
ابتسم وسيم بتهذيب شديد رغم وهج زرقة عينيه كمكر الثعالب، توجست جيهان خيفة وهي تهمس بقلق
-خير يا وسيم.

انتظر وسيم حتى دخل معتصم القصر، لينظر لها بملامح غير مقروءة ليمسك عضدها بقوة فاجئتها وهو يدفعها تجاه الجراج بعيدًا عن أنظار الجميع واولهم والدها لتهمس جيهان بحدة قائلة بحنق وهى تدفعه بحدة من صدره
-يا مجنون فيه ايه
زفر وسيم عدة مرات وهو ينظر اليها بافتتان، لقد حطمته بفتنتها المهلكة، وهي تغريه بشقاوتها وجمالها الآخذ
وهو بالنهاية، رجل!

له احتياجات وطلبات، ولا يستطيع أن يصبر أمام كتلة اغراء متكاملة امامه بل والأنكى تلك المرأة حلم صباه وحبيبته وزوجته
صرخ فى وجهها هامسًا
-اسكتى
دفعها داخل الجراج لتقول بحنق تجاه معاملته الغير آدمية بالمرة، تشك أن عرقه الاجنبى هذا موجود برغم ملامح وجهه الصارخة بكونه غربى، لكن صوته وحديثه بل وتصرفاته لا تخرج سوى من رجل شرقى حد النخاع
وبالطبع تعلم ان من عزز هذا هو والدها وجده!

غمغمت بحنق تجاه جره لها كالبهيمة
-براحة طيب متجرش كدا
اسندها على الحائط ليقول باعتذار ليس صادق من نبرته الملتوية
- انا اسف على اللى هعمله
ضيقت عيناها بعدم فهم، لتنفرج شفتيها تسأله عما يتأسف
-هتع...
ابتلع باقى حروفها بين شفتيه، لتتسع عينا جيهان جحوظًا
الوقح
زوجها الوقح يقبلها فى عقر دارها
اللعنة، بل جراج منزلهم
وضعت يداها على جذعه الصلب، تتيح فرصة لها للتنفس لتهمس اسمه تدفع بعض التعقل لعقله
- وسيم.

ضم وجهها بين كفيه ليضع جبهتها على خاصته هامسًا بنبرة حارة اذابتها حتى العظم
- تعباااان، ابوكى بيستغل انه يحرمك مني وانا تعبت
طبع قبلة على ارنبة انفها، مستغًلا حالة صدمتها، ليهمس بصوت أجش مثقل بالعاطفة
- بحبك
انفرجت شفتى جيهان وهى تنظر اليه باستسلام تام، مستقبلة أشواقه برضا تام وتخمة تغمرها، الا انهما انتفضا على صوت شهقة شادية لتدارك سريعًا بغضب
- انت اتجننت، بتعمل فعل فاضح فى بيت بابا.

احتقنت اذنى وسيم حرجًا وهو ينظر تجاه جيهان المختبئة في صدره ليغمغم
-شادية انا
رفعت كفها ولم تستطيع سوى ان ترمقهما باشمئزاز، لتتابع سيرها تجاه منزلها وقد غيرت رأيها بوضع سيارتها فى الجراج..
هم وسيم باستئناف ما كان يقوم به، إلا انه تفاجئ بضربة قوية على صدره لتصرخ جيهان بخجل
- شوفت بسبب تهورك حصل ايه
نظر نحوها نظرة تكاد تذيب اعصابها، ليغمغم بوقاحة
-جعااااان.

تلقى لكمة اقوى فى صدره، جعله تلك المرة يتأوه متوجعًا وجيهان تصرخ فى وجهه محاولة الفكاك من عناقه
- نقى الفاظك ايه جعان دى
ثم نادت شقيقتها قائلة بترجي
-يا شادية استني
دفعته ببعض اليأس، إلا أنه فى النهاية افلتها، لتمر بجانبه رافعة اصبع التحذير فى وجهه
-اياك تكرر الموضوع ده
أ يخبرها انها كانت بين ذراعيه كقطة متمرغة فى حضن صاحبها، إلا أن لم يكن ليخاطر بهذا، مما جعله يمسك ساعدها قائلا قبل مغادرتها.

-افضيلي بكرا
رفعت حاجبًا متهكمًا قائلة ببرود
-السبب
هز وسيم رأسه ليغمز لها بعينه الزرقاء
-محضرلك مفاجأة
لمعة عينيه تعترف
مخيفة قليلاً
الا انها لم تملك سوى أن توافقه قائلة
-هنشوف
واندفعت تسابق الريح تجاه شقيقتها، التي تأمل ألا تفضحها أمام والدها جراء ما فعله هذا المجنون بها منذ قليل!

دخلت شادية غرفتها وجسدها يأن وجعًا من كعب حذائها الذى لم تخلعه منذ الصباح الباكر، خلعت حذائها لتتنهد بوجع تام
والالم الجسدى لم يكن اقوى من ألم قلبها، تنهدت بحزن وهي تربت على قلبها بحزن
ليس لك طريق للسعادة أيها القلب، فكل من جاء لم يحافظ عليك كما يجب!

تقدمت خطوتين الا ان كتلة من الفراء الأبيض الناعم يخربشها من قدميها لتهبط بجذعها حاملة قطتها لولو، التي أهملتها منذ الصباح الباكر تاركة إياها فى رعاية شقيقتها لتميل طابعة قبلة على جبهتها هامسة بأسف
-اهدى، اهدى، انا اسفه انى مشغولة عنك اليومين دول
مواء قطتها العابس وهى تدير برأسها للجهة الاخر جعلها تهمس بحزن
- قلبك طيب يا لولو، مش كدا!

شعرت بتملل القطة بين يديها لتتركها تركض مختبئة أسفل فراشها، لتبتسم بمكر وهي تعلم ان علبة التونة ستكون سبب صلحهم، فتحت درج خاص بمستلزمات القطة الذى حرصت جيهان على جلب كافة ادويتها و منتجات ترفيهية، خبطت عدة مرات على الأرضية بعلبة التونة وكما توقعت انقضت القطة على علبة التونة، ابتسمت شادية بسمة خافتة وهى ترتمي بجسدها على الفراش تأمل فى نوم هادئ دون ازعاج.

الا ان صوت رنين الهاتف جعلها تتأفف وهى تحرك جسدها لتمد باحثة عن هاتفها الذى ألقته باهمال على طاولة الزينة، استقامت بتأفف وهي تلتقط الهاتف دون ان تنظر الى المتصل قائلة بنعاس
- الو
صمت غلف الشخص الاخر، الا صوت انفاس هادرة وصلتها عبر الاثير، تبعها صوت اجش قوى تعلمه جيدًا
-مرحبًا
نغزة قوية فى صدرها، الحبيب الخائن، الذى قطع كافة وسائل الاتصال يتصل بها الآن!

أم هى هلاوس سمعية، اللعنة هل ستفقد عقلها وهى فى هذا العمر؟ سألت بتشكك ويدها تقبض بعنف على هاتفها
-س، س، سرمد!
تنهيدة حارة جاءت من الطرف الاخر، مما أصاب لها بلين العظام لتجلس ارضا ودموعها انفجرت بصمت جراء سماعها لصوته اللهوف المشتاق
-اشتقت اليك يا امرأة
خرج انين من شفتيها رغمًا عنها، مما جعلها تعض طرف شفتها السفلى بحدة، اللعنة يا غبية
أتخبرينه بكل صراحة انك اشتقت له؟!
ربتت على قلبها الذي ينبض بعنف.

تسأله، ألم تكن منذ قليل هادئ، اصوته فقط يسبب بك هذا؟!
موجة من الغضب اندفعت حالما تذكرت اتصاله الاخير، وبعدها انقطعت اخبارها عنه لتهمس بشراسة مصرة على حديثها بلغتها الخاصة
-بتتصل ليه دلوقتى! انت اتجننت وجرا فى مخك ايه
سمعت صوت حركة من الآخر، مما جعلها تهم بسؤاله عنه
عن حاله
ومرضه
كيف يبلى فى علاجه! ام انه توقف عن العلاج!
اتسعت عيناها جحوظًا حالما توصلت لاخر شئ، هل يأس بسرعة؟!

هى تعلمه ليس غبى لتلك الدرجة لييأس من علاج به أمل بالنهاية!
تفاجئت حينما وصلها همسه الاجش يعتذر بصدق
-انا اسف
انهمرت دموعها بقوة وانفرجت شفتاها بوجع حقيقى لتهمس بتهكم
-وبتعتذر دلوقتى! لا كتر خيرك حقيقى، بس مش عايزاه
لاحقها صوته اللاهث وكأنه يقرأها، يقرأ انها ستغلق هاتفها، قاطعة الحبل الضعيف الذي يربطهما
-شادياااه.

أغمضت جفنيها وهى تعصر ثوبها بقبضة يدها كما لو تمسك قلبها، تعصره بقوة، كيف له يتألم لألمه، كيف له أن يحزن لحزنه، كيف تتأثر بوجوده!
كيف بعدما فعله!
سألها بصوت مختنق ليفاجئها صوت دوى مفاجئ جعلها تفتح عينيها بحدة
-ألم يغفر قلبك ولو قليلا؟!
همت بسؤاله عما يقوم به ذلك الرجل، إلا أنه عاجلها ضاربًا وترا حساسًا بها.

-كنت غبي وأحمق ومتهور لعين، لكن ألم يشفع قلبك، ألم تبرد نار انتقامك ولو قليلا، وضعى سئ للغاية ولا أمل لى من النجاة، كوني رحيمة بي
رحيمة به!
وصلتها تلك الجملة كسخرية من حالها، وماذا عنها هى!
زمجرت بخشونة وهي تصرخ فى وجهه بحدة.

-رحيمة بك! وصراخى وتوسلاتي لك يا سرمد، اصرارك على وضعى فى خانة امرأة حقيرة وضيعة، وانا كالغبية كنت استسلم لك ظنًا مني إنك تكن لى شيئا حقيقًا، وفى النهاية تعاقب خطيئتي بتلك الدرجة كأننى غررت بك وخدعتك
حشرجة انفاسه وصلتها وندائه المميز بأسمها وصلها لتصمت
- شادياااه
هل يجبرها على الصمت الآن! اللعنة عليه ان فكر انه يمتلك مقاليدها
واللعنة عليه أن فكر مرتين انها ستصمت مرة اخرى.

هو من جاء فليتحمل سخطها، غضبها وعتابها!
-انت اغبى واحد شوفته فى حياتى، كنت فاكراك ذكى عشان تفهم سبب نفوره منك وكلامى انى مش المناسبة ليك، بس طلعت راجل شرقى ذكورى متعفن كل اللي يهمك غشاء امرأة يدل على طهرها مش كدا
ازدادت سرعة انفاسها لتعلم انها اصابته فى مقتل، لا تعلم جرأة ما تفوهت به إلا حينما أنهت حديثها، لتتلون وجنتيها حرجًا وهي تسمع صوته يأتي حانقًا غاضبًا وصوت دوي آخر اقلقها تلك المرة.

-انت تعلمين لا أفكر بتلك الطريقة مطلقًا، يكفى قربى منك لأعلم اى امرأة انتِ، استسلامك ل كان أعظم انتصار حققته فى حياتى
اهذا ما حققه؟ اهذه انتصاراته عليها؟! سألته بتهكم ساخر
-استسلام! ده كل اللى وصلك استسلام
اكل الضعف الذى شعرت به تجاهه مجرد استسلام، اللعنة على ذلك الرجل وحديثه! يزيد الوضع سوءً من صراحته التي تعلمها علم اليقين لتسمع رده كما يعلم ما يدور بعقلها.

-عائلتى هكذا يا شاديااه، ستتفهمين ما اقوله حينما تصبحين فردًا منهم، ولا افسر هذا الأمر لأقلل من وضع النساء اعلم الشعارات الرنانة عن حقوق المرأة، لكن انا اخبرك عن استسلام عاشقة لرجلها، أن تسمح له بكل شئ، محرمة هذا على رجال آخرين
اتسعت عيناها جحوظًا، أقال ستصبح فردًا فى عائلته!
ماذا يتفوه به ذلك المخبول، غمغمت بحدة مخرسة انتفاضة قلبها بعنف واصوات عقلها التى لا تهدأ مطلقًا
-اسكت.

لكنه لم يستمع الى صوتها الامر بالصمت، بل تابع بنبرة خشنة صادقة تشى بمدى ضعفه
- رحلت لأننى سأضعف بك، عينيك يا برتقالية هما ضعفى، سأظل ماكثًا فى غرفة المشفى حتى اتعفن، لم اكن اريد هذا، كنت اريد ان نختبر بعدنا لفترة، لكن ما زادنى البعد سوى لهفة وشوقًا لك
ضغطت على اسنانها تنهر قلبها على سماع ما يطربه وينعشه، هو كاذب لعين.

معسول الكلام، تعرف هذا جيدًا، لكنها تصدقه رغما عن نداءات عقلها، همست بتوسل له ليرحمها من شياطين عقلها
-سرمد، ارجوك
ترجته ليصمت، وهو يملك فرصة واحدة سيحرص على استغلالها جيدًا
فربما وقت اخر سترفع جداريات باردة لتلفظه بعيدًا كما لو انه مرض معدي!
- اسمعيني
اجبرته تلك المرة للصمت لتتحدث نحوه بجدية.

- بل اسمعنى انت، سرمد انا لا استطيع نسيانك وانت كنت بارع فى هذا، لكن ارجوك كن بخير وتعافى هذا ما اريده كى يتوقف قلبى عن القلق عليك
فغر سرمد شفتيه وهو ينظر الى شقيقه الذى يتابع تفاصيل ملامحه بقلق، ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتيه وهو يسالها بمشاكسة تلك المرة
- قلقك أكبر من سخطك علىّ
التقطت نبرته المغوية تلك لتزفر بحنق وهي تقول بحدة.

- بل من أجل السيدة غيداء، المرأة لا تستحق كل هذا الألم والخوف الذى تعيشه، رجاء لى من فضلك، ابذل كل جهدك وتعافى لتسير على قدميك، ارجوك افعل هذا
توسلها فى اخر كلامها جعله يضرب بكف يده على الفراش بعنف مما جعل سامر ينظر بقلق حقيقى، وهو يسمعه يهدر فى وجهها بعنفوان جامح منه
-هل تتوسليني؟ تتوسلين أن أحارب وانت يا برتقالية لم تستطيعي غفران خطيئتى بك.

يصر على فتح الجراح مرة اخرى، او يريد اختبارها كيف سيكون وقع الماضى عليها، وكما توقع هربت منه ليسمعها تقول بتعجل
- انا اسفه، من فضلك لقد وعدتني بعدم الاتصال مرة آخرى
قاطعها بحدة وغيرة تلك المرة تولت دفة حديثه، وكأنه تذكر سبب اتصاله بها
- يبدو ما قاله صحيح
ارهفت شادية اذنيها سماع ما يقوله، لتسمع غيرته التى لا تحتاج للتأويل مستعملا الفاظ نابية بالايطالية كى لا يخدش حيائها.

-قريبى اللعين داوود، يريد حرق قلبى عليك، يريدنى اشاهدك وانا عاجز وانتى تتخطينى بكل سهولة
وبكل عنجهية منه أمرها بعنف لا يصدر سوى منه
-ابتعدى عنه، لن يخلف سوى الخراب
اتسعت عينا شادية بجنون، هل جن هذا الرجل ليأمرها كما لو كانت
كما لو كانت ماذا؟ امرأته كما يقول
كأعراف عائلتهم التي لا تفهمها تلك!، فركت جبينها بتعب وهى تهمس بحنق
-أتأمرني! بعد ما فعلته بى يا سرمد، يا لبجاحتك يا رجل.

استفاق من جنون غيرته ليهمس بنبرة فاترة خالية من أي تعابير
-هذا شئ لا استطيع حتى التظاهر به، لا أملك شيئا حتى آمرك بعدم الاقتراب منه
وكما انه وجد ان هذا الاتصال عبثي، نظر الى شقيقه بحدة كما لو انه يعاتبه!
اللعنة لقد أخبر شقيقه أنه لن يذهب للعلاج الفيزيائي مرة اخرى ان لم يعطيه الهاتف!
تنهد وهو يخفي وجعه امامها وامام شقيقه ليهمس بنبرة حادة.

-وصلتنى اجابتك بكلتا الأحوال، كوني بخير واعتنى بقطتك جيدًا، واسف على ازعاجك فى هذا الوقت
هم ان يغلق الهاتف، لكنه لم يجرأ، منتظرا لسماع صوتها
او حتى ان يعرف هل هي متلهفة لاغلاق المكالمة
أم مثله
فى منتصف كل شئ!
حيث لا يستطيع التقدم خطوة لنسيانها، او حتى للمسامحة!
استمع الى صوتها الخجول به الكثير من الفضول
- كيف تبلى بعلاجك؟
اثلجت صدره بسؤالها عن حالة، حتى وان كانت مندفعة بجانب شفقة كما تخبره بها مرارًا.

شفقة كانت ترغب أن يتزوجها بها، ان لم يكن يملك عقله لوافق وربطها به بجواره
يخرج جميع جنونه ووجعه ولهفته فى صدرها هى فقط!
لكنه يعلم أنه بهذا لن تكون شاديااه التى يرغبها معه، بل أقرب إلى كائن بارد عملى سيتعامل معه!
يريدها كما يعرفها
حانقة، غاضبة، خجولة جراء وقاحته، تعامله بند كامل ما أن تكره منه أوامره المجحفة كما الآن!
تنهد تلك المرة طالبا منها بيأس.

- اريد دعوة صافية من قلبك ربما يكون هذا شفائى، رغم صعوبة ما اسمعه من الأطباء
توجع قلبها لحالته، انتبهت لدخول جيهان الذى نظرت بعبوس لها، الا انها امرتها بالصمت، وهي تهمس له بصوت جاهدت أن يخرج هادئًا
- ادعو لك يا سرمد، ليلا ونهارًا كى لا تفجع قلب عائلتك، ولتستمر بحياتك كما كانت سابقًا
حشرجة صوته كما لو انه يشاركها مصابه لتسمعه يغمغم بهمس دافئ.

-لم اعد اريد حياتى السابقة يا شاديااه، حتما ان استطعت السير على قدمين مرة آخرى أتعلمين ما أول بلد سأفر لها
عبست جيهان ولم تخفى ذهولها من معرفتها ان شقيقتها المحترمة!
التى تسب الرجل بكل الشتائم التى لا تمت للشتائم بصلة
هل يتحدثان سرًا دون علم والدهًا
لمعت عيناها بالخبث وهى تسمع صوت شادية الخجول تهمس له
-ما هى؟
لمعت عينا سرمد وما قاله اصابها الذهول حتى انها فقدت النطق على اثر ما قاله.

-مكة المشرفة، اريد الذهاب هناك للتخلص من جميع آثامي وخطاياىّ، أريد العودة طاهر القلب مرة أخرى
بسمة ناعمة زينت ثغره وهو يهمس لها بصلابة
-كوني بخير
كما لو انه عالم بانهيارها التام بعد اغلاقه للمكالمة، لتنفجر باكية بين ذراعى جيهان التى تربت على ظهرها بوجع حقيقى تشاركه معها
تشبثبت شادية فى حضن شقيقتها بقوة باحثة عن دعمها اللامشروط، وهى تقدمه لها ببذخ
همست بوجع حقيقي
- قلبى بيوجعنى.

امسكت جيهان بذقن شادية لتسألها بقوة وهى تنظر الى عيني شادية المحمرتين من البكاء
-سامحتيه
عضت باطن خدها لتصرخ بيأس على حالتها البائسة
-مش عارفة، بجد مش عارفة، بس حاسة انى هموت يا جيهان
سألتها باهتمام وهى تنظر الى خلجات شادية المفضوحة لها
-قالك ايه
دمعت عينا شادية وهى تهمس بوجع حقيقى لها، تبًا لها، وتبًا لضعفها
-ادعيله انه يقف على رجليه، شكل مشوار العلاج صعب.

امسكت جيهان بعضدي شادية قائلة بحدة تفيق تلك التي تبكي على حاله
- بس هو قرر يمشي فيه يا شادية، مهما كان طريق العلاج صعب بس هو مشى فيه فى الآخر
لم تمنع سوى أن تصدر تعليق مرح لها لتكسر حالة البكاء تلك
- شكلك بتحبيه يا غبية، وبتكابرى تانى
عضت شادية على باطن خدها، ولم تجد شئ لترد على ما قالته شقيقتها، همست بعبوس شديد متذكرة جنون غيرته كما السابق عليها
-قالى مشتغلش مع قريبه.

نظرت جيهان بصدمة تجاه شقيقتها، هل بسبب غيرة الأحمق يمنع عنها نجاح عملها
صاحت بصرامة شديدة
-وتطيري شغل مهم، انسى، هتشتغلى عشان شغلك، وتقدرى تحطى الواد ابو عيون خطيرة ده فى مكانه
ابتسامة زينت ابتسامة شادية رغم دموعها، تتغزل بالرجل حتى إنها تشعر به هالة خطرة
-وسيم لو سمعك
تركت جملتها معلقة جعلت جيهان تغمغم بمشاكسة
-وسيم ده فى حتة تانية، بس ميمنعش انى اقدر الوسامة
أمسكت بكفي شقيقتها بقوة قائلة
-سافري.

عقدت حاجبيها وهي لا تنكر أنها تشعر بالخطر من المدعو داود، حتمًا تشعر بالتحفز والكثير والكثير من القلق رغم عرضه المغري لتنظيم حفلة لعمله
-بس
تجهمت ملامح جيهان لتقول بحدة
-عايزة ترفضى عشان قالك لأ، واضح كدا فيه ريحة غيرة وتحكم من الاستاذ حتى ولو كان فيه بينا حدود، وقت ما يقف على رجله ويرجع يطلب السماح ابقى ساعتها اسمعى كلام جوزك المستقبلى
كتمت شادية شهقة مصدومة انفلتت من شفتيها لتهمس بيأس.

-جيجي انت عقلك راح بعيد، انا مش بفكر فى الموضوع ده
الا ان جيهان غيرت دفة الحديث
هي تعلم علم اليقين، أن الرجل تعشقه كما يعشقها لولا انها فقط تخبرها بما قام به لتجعلها تنفره بتلك الدرجة!
-الشغل ده فيه نقلة كويسة ليكي، تقدرى تروحى للعالمية، بجد يا بختك كان نفسي اكون هناك معاكى بس الشغل بقى
ترددت شادية لثوانى وهى توازن الامور بعقلها، لا تنكر أن ما قالته شقيقتها صحيح، غمغمت ببؤس
-يعني اروح.

اومأت جيهان برأسها وهى تغمز لها بمكر
-وعرفى ابو عيون خطيرة، ان المصريات صعب انهم يلعبوا بيهم
انفجرت تلك اىمرة شادية ضاحكة، مزيلة الدموع من عينيها وهي تنظر بيأس تجاه شقيقتها غافلتان عن عيني الأب الذي تابع ما دار بعينين غامضتين قبل أن يتحرك من مكانه متوجهًا نحو غرفته، وقد اعتزم أمره لنهاية تلك المهزلة.

فى إحدى المدن الساحلية،
وقفت وجد بشرود أمام الشرفة، تشم رائحة الصباح المحملة باليود من البحر، لون البحر الفيروزى أسرها فى هذا الوقت من الصباح الباكر، والهدوء الذى يغلف المكان لا تتصور انها ايام فقط معدودات و سترحل من هنا...

عينيها متخمة من عاطفة عاصى الحارقة، فما أن انتهى حفل الزفاف حتى عادا الى منزلهما، قائلا بوقاحة لا تصدقها أنه يرغب أن ما سيحدث يبقى بين جدران منزلهما وليس مجرد فندق لا معنى له!
وهي صدقته، تسير معه على مهل ودقات قلبها تدق كالطبول، حتى وصلا الى مملكة أرضهما..

دفعها لتغير الفستان بعد مساعدته التى لم تخلو من بعض اللمسات والعبث الذى اندفع تورد وجنتيها كطماطم طازجة، ثم استعجلها حتى يقوما بتأدية الصلاة، وهى لم تكن تشعر بلذة أن يصبح إمامها إلا حينما أصبحت خلفه..
شعرت به والتمست صدقه فى دعاءه جعلها تستكين فى صدره ساقطة فى النوم من تعب الصباح..

لم تستفيق سوى على ربتات خفيفة وصوته الأجش قائلا عن آذان الفجر، لتجفل وهى تنظر الى وضعها بثوب نومها الرقيق الذي كانت تغطيه باسدالها، انتفضت قائمة لتجد نفسها فى فراشهما
توردت وجنتيها وهي تشعر بحرج ما قامت به، الا انه اراح قبلة على الجبين حاثًا إياها على الذهاب الى الحمام قبل أن يستعدا لسفرهما..

بالكاد انهت صلاتهما حتى طلب منها تغير ثيابها، وهى من وقع خجلها، والمصيبة التى قامت بها لم تدرى بنفسها سوى أن تكون ساقطة بين احضانه معتذرة إياه بكلمات خجلة لا تتعدى كلمتين انا اسفه وهو كان متفهما بدرجة لا تتخيلها حتى انه شجعها كى تغير ثيابها لسفرهما...

كان طريق السفر لا يخلو من مشاكساته وهو يخبرها انه قام بشراء فيلا ساحلية خصيصًا منذ عقد قرانه فى إحدى القرى التى تمتاز بهدوئها بعكس القرى الآخرى معطية كافة الخصوصية لجميع قاطنيها..
وهى لم تكن تصبر حتى رؤيتها، قضى فوق الثلاث ساعات حتى وصلا وما ان صف بسيارته حتى شجعها بحماس لتهبط من السيارة..

كانت مرتعبة من الموقف ومشاكسته لها لم تتعدى الحدود طوال الطريق حتى أصبحا فى المنزل الساحلى، وما ان خطت بقدميها حتى وجدت نفسها محمولة على ذراعيه جلب الدهشة له متقدمًا بجنون نحو غرفتهما وعينيه كانتا كفيلتان بمعرفة ما سيحدث بالداخل!

عضت شفتها السفلى خجلة وهى لا تصدق ان اليوم بحاله قضته فى الفراش بسبب دلاله الزائد لها، من جلب اطعمة ومشاكساته التي أصبحت جريئة بعد الشيء حالما أصبحت رسميًا زوجته، وها هى اليوم التالى تقف امام الشرفة تنظر الى البحر بشرود بعد استيقاظها من الفجر تحت نداءه لتصلي معه، انتبهت على عناقه الدافئ وهو يداعب بطنها بإبهاميه
-سرحانة فى ايه
رفعت رأسها تستدير بوجهها إليه لتميل طابعة قبلة على ارنبة انفه قائلة بغنج.

-فيك يا عاصي
لم تفتها تلك النظرة الداكنة فى عينيه، لتهمس بثرثرة محاولة اخراج حالة التيبس التى تعيشها أمام عينيه
- انت متخيل فرحنا عدى بسرعة ازاى، زي الحلم
انفجر عاصى ضاحكًا وهو يميل طابعا قبلات سريعة على عنقها وما ظهر أسفل منه ليقول
- وبالنسبة لبعد الفرح
تأوهت بصمت وهي تستدير بكلتا جسدها إليه ولم يتوقف لثانية عن قبلاته لتهمس بخجل معاتب
-بطل قلة ادب، كنت فكراك محترم على فكرا بس طلعت قليل الادب.

رفع رأسه ونظر الى عينيها الخجولتين لينفجر ضاحكًا و ذراعيه تزيدان من ضمها الى صدره، لتتأوه بوهن رافعة ذراعيها محتضنة عنقه ليغمز بمكر
-قليل الادب! انا جوزك قولا وفعلا يا مدام وجد
واتبعها يقرن هذا فعليًا وهو يدفعها الى الاستسلام الى جنون قبلاته المتلهفة، المجنونة مثله، انفصلت بلهاث حار مغمغمة بإسمه
- عاصي.

لم تكن تعلم انها اخطئت بنداء اسمه بتوسلها هذا، الذى لم يزيد من حالته سوى جنونًا لتغمغم بتوجع ما أن شعرت انه قام بعضها فى عنقها
-عاصي اهدى شوية
رفعها بين ذراعيه لتشهق بفزع ما أن رأته يهم بها بدخولهما إلى الغرفة مرة آخرى قائلا بنبرة آمرة
-لا انتهى وقت الهدوء
تعلم أن ما يفعله جراء نومها البائس بين ذراعيه تلك الليلةرغمًا عنها، اعتذرت منه لكن يبدو انه يعاقبها بهذا الآمر حتى الآن!

حاولت العدول عن قراره لتهمس بتطلب يائس
-يا مجنون، اصبر ثانية عايزة انزل البحر النهاردة
وضعها على الفراش ليهبط بجسده العضلى ساحقًا نعومة جسدها أسفل منه وهو يغمغم بنبرة متلاعبة
-البحر موجود طول السنة يا وجد، معانا ايام جاية بس الوقت ده لأ
هم بتقبيلها الا انها وضعت يدها على شفتيها لتهمس بتذمر حقيقي
-لا أرجوك، عايزة انزل بحر، الوقت ده الماية بتبقى تحفة.

استدعى التفكير لثوانى وهى تنظر اليه بتطلب، وعينيها الناعستين جعلته يزفر قائلا موافقًا
- موافق، بس لما ادوق العسل يا عسل
شهقت وجد بذهول جراء كلماته الوقحة وهى تستقيم من الفراش قائلة
-لا يا عاصى، متوقعتش منك ابدا الكلام ده
إلا أن عاصي كان كأسد يستعد لتناول غزالته التي تربطم بكلمات لم يحاول أن يفهمها، ليتقرب منها بتؤدة حتى جذبها من خصرها، إلا أن رنين الهاتف جعلها تهمس دافعة التعقل له
-التلفون يا عاصي.

الا انه تجاهل الهاتف، وهو يزيد من إصراره لجذبها مما جعلها تهمس بخجل
-استنى يا عاصي
تركها على مضض وهو تجذب هاتفها لترى آسيا، ما أن رأى المتصل ليس جدها حتى عاد جذبها مرة آخرى مما جعلها تهمس له طابعة قبلة على خده
-حبيبى هكون ليك بس ارد عليها
انسلخت عنه بعيدًا وهى تبتسم مجيبة بصوت مرح
-ايوا يا آسيا
انحسرت ابتسامتها تدريجيًا ما ان سمعت صوت بكائها، جعلها تهمس بقلق
-فيه ايه يا آسيا.

اتسعت عيناها جحوظًا وهى تغلق الهاتف ما ان سمعت الخبر، رفعت عيناها تجاه عاصى لتهمس بنبرة مختنقة
-لؤى طلق آسيا...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة