قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والتسعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والتسعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والتسعون

في قصر المالكي
الخبر نزل علي اذني جميلة كالصاعقة
اهتزت أطراف يديها وهي تترك شوكتها وسكينتها وهي تسمع خبر الصباح الذي القه غالب ببرود وكأنه يخبرها بطقس اليوم!
-اتجوزتي
غمغمت بها جميلة باستنكار بالغ وعينيها سقطت علي ابنتها التي قامت بتربيتها، تضرجت وجنتي وجد بخجل وهي تلوم جدها الذي منعها أمس من اخبار عمتها.

بللت طرف شفتيها وعينيها اللائمتين تقع علي الجد الذي يقرأ جريدة الصباح ببرود مرتشفا قهوته، تاركا اياها اما الاعصار
- الموضوع جيه بسرعة يا عمتو، احنا هنعمل حفلة في آخر الأسبوع
رمت جميلة المحرمة علي الطاولة بعنف وانتفضت قائمة وهي بهذا الأمر اخترقت وأساسيات الإتيكيت الذي تطبقه بحذافيره، لتقول بحدة
-للدرجة دي مش مهمة ومهمشة من حياتك.

والصوت المرتفع علي حاول الطعام يعد اختراق اخر، رفعت عينيها باستنجاء إلى جدها الذي كان يقلب صفحة جريدته ببطء مثير متعمد للفتك بأعصابها، لتبرر قائلة
- لأ، توحة كانت تعبانة و..
رفعت جميلة يدها بحدة موقفة حديث وجد التي ابتلعت لسانها، لقد تخلت عنها
بقدر ما جرمت، لم تتصور أن تفعل هذا بها هي
حتى يوم فرحها الذي حلمت به وهي طفلة صغيرة، قد هشمته بيديها
دمعة فارة سيطرت عليها وهي تقول بجمود
- ملهوش لزوم تبرري.

انضم وسيم بمرحه وهو يحتضن عمتها من ظهرها ويميل طابعا قبلة علي وجنتها وقال بمشاكسة لطيفة
- خلينا نبص من الجانب المشرق، أن الصغيرة اللي في العيلة اتجوزت، انا بقالي عشر سنين بحب علي نفسي ومش عارف اتجوزها
هزت وجد رأسها بيأس وهي تقول باتهام
- انت الغلطان يا وسيم
حدجها وسيم بنظرة قاسية جعل وجد تهز رأسها بيأس، ثم اقترب من وجد وهو يعانقها بأخوية قائلا
- مش مصدق حقيقي ان حد خطفك مننا.

التفت وسيم نحو جده الذي لم يتحرك ساكنا، وهو يعلم عقاب جده لعمته
فغالب كرامته محفوظة دائما وعمته فقدت سيطرتها وبدأت تهذي ببعض الكلمات جعلها تفقد مكانتها أمام عينيه، يعلم جده أنه يكاد يتحملهما فقط بسبب وجد وإلا لدفعها خارج منزله
همس بمناغشة لطيفة
- افرحي شوية، متكشريش، غالب بيبص من تحت الجورنال بتاعه
عضت وجد علي طرف شفتيها بألم وهي تهم بالاقتراب منها هامسة
- متزعليش يا عمتو، انا لحد دلوقتي مش مصدقة.

غضت جميلة عينيها عن محاولة وجد لارضاءها
ارضاء ماذا؟!
هي تخشى أن تستيقظ صباح اليوم التالي وتخبرها انها طارت لعش الزوجية
أين هي من كل هذا؟!
أفاقت من شرودها علي صوت آسيا التي صاحت بصوت مغناج شديد
- صباح الخير
تراجعت اسيا خطوة حينما كادت ان ترتطم بجسد جميلة، اشمئزت اسيا لا اراديا وهي تقول بسخرية
- لا مبقاش صباح الخير.

زمت جميلة شفتيها بحنق وهي تغادر من طاولة الطعام دون أن تنبس ببنت شفة، زفرت آسيا بارتياح نسبيا كونها لن تتعرض لرؤية ملامح تلك الحية الرقطاء
غمغم غالب بنبرة امرة ومتسلطة جعل عينا اسيا تتسعان بدهشة
- اقعدي يا آسيا
هل اعتاد عليها؟ كونها تشارك مائدة طعامهم هل يجعله يفرض سيطرته عليها كالباقي؟!
هل هو مخبول؟ أم جن هو؟!
اقتربت منه باستفزاز شديد لتضرب بيدها علي طاولة الطعام بحدة
- مش من حقك توجهلي كلام يا عجوز.

تهدجت انفاس آسيا بفقدان سيطرة وملامحها تتقزز من رؤية ملامح وجهه التي تذكرها بوالدها لتسمع همس وجد المحذر
- آسيا
التفت اتجاه وجد بملامح إجرامية وهي ترى نظرات وجد المتعاطفة اتجاهها، غمغمت بسخط شديد وهي تدرك مدى تأثير تلك الفتاة عليها
تستفزها بعاطفة لا تعلم من أين مصدرها وتتحكم بها
- مش عجوز هو ولا شعره ابيض من الشباب.

ظهرت ابتسامة وسيم المتلاعبة وهو يغمز لها بمكر جعلها تهز رأسها بيأس، اخر ما تريد رؤية هو وجه ذلك الأشقر صاحب الملامح الأوروبية لتسمع همس وجد المحذر
- متلعبيش بالنار
لما لا يرد العجوز؟!
التفتت إليه لتراه منكب في القراءة لجريدته التي تكاد تقسم أنه يختارها فقط لكي يتحاشى الكلام مع أحد، وتجزم ان أذنيه مرهفة السمع حتى تكاد تسمع حركة من هم في العالم السفلي!

تغيرت معالم وجهها مائة وثمانون درجها وهي تقول بابتسامة هادئة
- اتبسطت من الخبر، اتمني تكوني اختارتي صح
استقامت وجد من مجلسها واقتربت لتجلس بجوار آسيا التي تتناول طعامها ببرود ثم تحدج الرجلين بنظرات قاتلة قابلها عدم اهتمام من الأول، وتلاعب بالحاجبين من الثاني، لكزتها وجد بحدة لتميل مقتربة منها بهمس
- بطلي غباء ومتخسريهوش
هل اعتادت وجد عليها حتى تشتمها؟!
هل حقا شتمتها؟ بالطبع شتمتها.

لقد شتمت عقلها، إذا تشتمها هي
كشرت عن أنيابها وهي تسألها بنبرة شرسة
- دي شتيمة دي
قلبت وجد عينيها بملل، ان توقعت اسيا انها ستخاف من زمجرة وتغير مقلتي عينيها فهي واهمة، لكزتها مرة أخرى بحدة كادت اسيا ان تطلق. تأوه عالي
الا في الثانية الاخيرة عضت آسيا علي طرف شفتيها وهي تنظر اليها بتوعد لتسمعها تهمس
- وهل عندك حاجة يا اسيا تقدري تأذيني بيها بكلامك
لا
هذا ما هتف به عقل آسيا.

تشعر أن تلك الفتاة تجعلها تخضع لتنويم مغناطيسي من عينيها، لتزفر بسخط
- اممممم، حاليا لأ
غمغمت وجد بثقة
- ومش هتلاقى
لوت آسيا شفتيها نازقة، حانقة، وكل ما ترغب بفعله في الوقت الحالي أن تمزق تلك الحية الرقطاء تمزيقا، انتبهت علي نداء أجش
- آسيا
رفعت عينيها وعبست بعدم فهم، لم ظنته خرج ولبي نداء طبيعة حياته العملية التي تعتبرها من الان ضرتها الثانية، زفر لؤي بحدة
- ورانا مشوار.

القت نظرة نحو الجميع المنشغل بالطعام، رغم أنها تكاد تقسم ان عيونهم مسلطة عليهما، استقامت من مجلسها تنفض تنورتها السوداء لتقترب منه وهو يتفحص ثيابها بعدم رضا كلي..
زم لؤي شفتيها بعدم رضا لرؤيته لساقيها العاريتين، من المفترض ان ذلك الشيء اعتاد عليه في طبقته التي نشأ عليها
وبيئة الأخرى تعتبر متحررة، وتنورتها تلك التي تغطي ركبتيها تعتبر انها امرأة محتشمة في ثيابها ولن ينكر هذا.

لكن شئ خبيث، خبيث جدا في داخله يرغب أن يجعلها مخفية عن عيون الرجال
ليس أحمق كي لا يعلم ما قد تثير اسيا بخطوة واحدة غرائز الرجال من حولها، والله وحده مقدار ضبط النفس الذي يلجأ إليه كي يتعامل مع انثى مغوية بعقل شيطان داهية!
سبقها متوجها للمرآب الخاص بالمنزل لتلحقه اسيا بحدة و أصوات نقر كعب حذائها تفلت أعصابه المشدودة.

سؤالها المندهش وهي تخطو خلفه كمراهقة حمقاء تستجدي اهتمام حبيبها بدلا من أن يأتي إليها زاحفا متوسلا راكعًا
لكن مبادرته تلك في هذا الصباح موجها حديثًا، بل كونهم يخرجان معا لمكان ما بعد حبسه القصري في منزل العائلة
- هنروح فين.

رفع رأسه بخشونة وهو ينظر إليها مليا قبل ان ينزلق داخل سيارته الضخمة، فتحت الباب المجاور لها بعنف واغلقته بعنف أكبر مستجدية انتباهه، إلا أنه ببرودة أعصاب انطلق بسيارته خارج حدود القصر
خبطا بعنف علي تابلوه السيارة، تقسم لو وجدته لم يرد عليها، ستأمره بالتوقف او ان يوصلها الى مؤسسة الأطفال التي تستطيع أن تقضي فيه يومها
- ممكن ترد علي فكرا.

رفع لؤي عينيه وهو ينظر إلى احتقان وجهها من الغضب، مما جلب بسمة خفية لشفتيه وهو يخبرها بنبرة رخيمة
- عارفة نفسي اعمل فيكي ايه دلوقتي
ضيقت عينيها بعبوس شديد وهي تسأله بتردد
- تقتلني
تلك المرة لم يستطيع منع ابتسامته وهو يقود سيارته بسلاسة تجاه وجهته المحددة ليلتفت اليها قائلا بنبرة ماكرة
-لأ، حاجات منحرفة.

شهقة خفيضة خرجت من شفتي آسيا، التي اتسعت عيناها بجحوظ، ثم ما لبثت ان حاولت ان تسيطر علي دهشتها وزرقة عينيها تلمع بشقاوة لتقترب منه بمكر
- عايزاني اقلع هدومي يعني
قبض بعنف علي المقود ونظر إليها بحزم شديد ليقول بنبرة محذرة
- آسيا
خلعت آسيا رباط الأمان لتميل بجسدها مقتربة منه، تكاد تلتصق به وهي تضع راحة يدها علي فخذه ويدها الأخرى تلتف بنعومة حول عنقه لتهمس له بنبرة خطرة
- انت قولت حاجات منحرفة.

نظرة محذرة ألقاها لها وهو يتابع قيادته التي ستتحول لحادثة قريبا ان استمرت اللعب بأعصاب باردة معه هكذا غمغم بخشونة
- فهمتي غلط، اقصد حاجات بعيدة عن تفكيرك المحصورة عن حاجة واحدة
انفجرت ضاحكة بتسلية، هل زوجها خجول من نطق علاقة جسدية!
هي لا تخجل علي الاطلاق، دفنت وجهها في عنقه وهمهمت بنبرة حسية
- تقدري تقول SEX بطل انك تبقي خجول من الكلمة دي، انا بدأت اشك انك بتاخد حبوب منشطة.

اتسعت عيناه بجحوظ ليس من كلماتها الجريئة، هو معتاد عليها بل من اناملها الخبيثة التي تصل الى المحظورات
هل تريد فضحه وتزجه داخل السجون نتيجة تحرشها به في الطرقات، زمجر بحدة وهو يزيح يدها ليصيح بصرامة
- آسيا
ابتسمت بشقاوة وهي تميل لتطبع قبلة عن فكه الذي اختلج لتتنهد بأريحية شديدة وهي تداعب مؤخرة عنقه قائلة
- وشك احمر يا لؤي، للدرجة دي بتتكسف، قولي اللي كان بينا بسبب حبوب ولا كله طبيعي.

جز لؤي علي اسنانه وبدا علي وشك اما عمل حادثة بها، أو بهما
جسده يستميل إلى أنامل تلك المغوية ويرغب في تشجيعها، لكن اللعنة
ألم تجد سوى السيارة تلك المجنونة؟!
اجلي حلقه وهو ينظر من طرف عينيه إلى آسيا التي وضعت ساقا علي فخذيه مكبلة اياه بقسوة
كيف تشعر تلك المجنونة؟ كيف تجلس بتلك الطريقة ولا تخشى من أي شىء
ألا يوجد لديها مشاكل بالعظام مثلا كي تبعد ساقيها عنه!
سألها بحدة وبدأ سؤالها مهين لرجولته.

- انتي شايفة ايه
صمتت للحظات وهي تري انها تلعب بالنيران معه، اللعنة لم تمن جريئة هكذا معه قبلا
لم يصل بهما الجرأة لتتحرش به في سيارته، لتجيبه ببرود
- حبوب منشطة
ولتترك الكرة في ملعبه اندست بجسدها واتكأت علي ساقه لتقول بصوت مغوي
- الا لو حابب تقنعني دلوقتي يا لؤي، تعملها في العربية
لم يجد بدا سوى أن يدعس علي دواسة الفرامل، ليتلفت إلى آسيا وعيناه تقدحان شررا
- انتي اتجننتي فاكرة نفسك فين.

هزت اسيا رأسها بلا مبالاة وهي تشد ياقة قميصه تلفح انفاسها في وجهه قائلة بزمجرة
- انت جوزي علي فكرا، مش واحد جيباه من بار
عينيه تلكأت عليها وعلي تتوسله حرفيا
تتوسله عاطفة، لن يقدر علي تلبيتها في هذا الوقت الحالي
سيذهبان إلى شرطة الآداب أن فعلها في الشارع وسيفتضح علي الصحائف
تأففت اسيا بحنق وهي تترك ياقة قميصه حينما سمعته يجيبها
-أخلاقك فاسدة يا مدام.

تحركت من علي جسده لتستقر علي مقعدها، اتريده الآن أن يأخذ دور الرجل في العلاقة الحسية؟
أتغتصبه حينما ييأس بها الأمر، تكبله وتجبره علي اقامة علاقة معها وتحرص علي ان تنجب منه طفلا!
التمعت الفكرة الشيطانية بخبث شديد تحت نظراته الساخطة، مرت عيناها نحو اختلاجة فكه وارتعاش يديه التي يحاول السيطرة علي المقود لتعلم أن بليد الشعور
يرغبها كأنثى
حسنا يبدو ان يتدلل كثيرا.

سمعته يسب بشتيمة وقحة تلاها عدة شتائم بلغة الأم وهو يحدجها بشرر شيطاني مدفون بها أتون مشتعل من الرغبة
بربك!
أتمزح الآن؟!
عدلت تنورتها الضيقة ومسدتها قائلة ببؤس
- عشت سنين سينجل وسط الاغراءات الكتير، لازم تديني وسام شرف اني لسه محافظة علي جسمي ليك يا متوحش، يا عديم الإنسانية
رفع لؤي عينيه نحو سقف السيارة ليعود إليها وهو يغمغم بسخط
- آسيا عمر ما كانت المشاعر بتتركز علي السرير بس
لوت آسيا شفتيها بنزق لتقول.

- بس انا واحدة يعتبر كنت مشردة في الشارع، يعني انت عارف أطفال الشوارع عارفين علاقة السرير من A TO Z
اتفاجئه بجرأتها في الحديث؟!
لا ابدا، معتاد عليها بل أصبح يعتاد عليها
كون تلك الصراحة الطبيعية تخرج من شفتيها دون ان تفكر بعقلها ثانية واحدة..
زفر بيأس وهو يلتفت اليها يخبرها بهدوء
- دي اسمها شهوة يا حبيبتي مش علاقة حب.

شعرت بالسيارة تتحرك مرة أخرى ولفهما الصمت، عينيها بخبث تراقب اختلاجة انفاسه وزفراته الحارة
لقد اشعلته، حسنا ليموت كمدا حتى نهاية اليوم!
جذبته في حديث لتقول
- افتكر اني قريت روايات عن اللي بتقوله ده، بس اللي بستغربه فعلا في كتاب الغرب، أن ازاي واحدة بتسلم جسمها لواحد غريب وبعد ما يعملوا علاقة تحس انها بتحبه، ده حاجة مناقضة جدا.

حسنا لن تكذب وتقول انها امضت سنينها في الانتقام، ولم تترك لنفسها وقتا لتدلل انوثتها قليلا
تتذكر نصيحة صديقة لها بأن تقرأ روايات رومانسية لأحدي الكتاب، وللحق لم تكن تلك الروايات تنتمي للرومانسية بصلة
كلهم ذات عقائد غريزية مقززة، تشمئز منها وتنافرها
لكن لؤي، استثناء عن القاعدة
لم يكن من الرجال حينما بدأت بمواعدته استغل هذا وحاول تقبيلها، او لمس مفاتن جسدها او أي حركات من المداعبات الجسدية.

كان شرقي اصيل رغم أنه يعيش في بلاد الحرية، عزز من انوثتها واحترم كيانها ولم ينتهكها
حتى صديقاتها صرن يحسدنها عن رجل بتصرفات رجل نبيل قديم، لكن حينما تزوجته
رأت عالم منا في تماما لتصوراتها أو ما يخبرنها صديقاتها
العطاء كان أساس علاقتهما، والحب هو بنيانهم المرصوص
لكن لماذا تهدم؟! لماذا؟!
أخرجها لؤي من تفكيرها قائلا
- انتي اللي تجاوبي مش انا
غمغمت بشرود.

- سألت بس للأسف تفكيرهم منحصر في العلاقات الجسدية أكتر من العاطفية
رفع حاجبه بتعجب ليتجهم وجهه وهو يسألها بسخرية
-واللي بتعمليه معايا
ابتسمت بمكر وهي تقول بثقة
- انت جوزي، ومن حقي اتحرش بيك في أي وقت، بس للأسف سديت نفسي
أن كانا في المنزل سيرحب بمبادرتها ولن يرفض عرضها قطعا
لكن في الشارع، اتظن انها في بلادها؟!

صف سيارته أمام وجهته المنشودة تحت شرودها وصمتها لبقية المسافة، رآها تتيقظ وتلتفت حولها بحيرة نحو المكان وما ان رأت الواجهة حتى التفت اليه قائلة باستنكار
- ايه اللي جابنا هنا
لم تترد ثانية وهي تطيعه حينما اخبرها بخشونة
- انزلي
ترجلت من السيارة وهي تحدق تجاه مدخل المشفى بذهول ثم إليه، لتهمس بتعثر
- لؤي
اقترب منها لؤي محذرا وعينيه تقرأ ما يموج في عينيها من تخبط واضطراب في مشاعرها.

- خليكي مدام محترمة شايلة اسمي وحافظي علي كرامتي
ابتسامة دافئة شقت طريقها لتلمع عينيه بنظرة خاصة، نادرة، ذكرتها بليالي
حينما كانت هي وهو فقط
والعالم يحترق من حولهما غير مكترثين
اقتربت منه بمشاكسة لطيفة وجسدها يكاد ينفجر من الاثارة
- والا
زفر لؤي بيأس ولم تفته نظرة الامتنان في عينيها، هم بالتحرك إلا أنها جمدته حينما قالت بصوت خافت
- احضني.

تلك هي امرأته التي يعلمها، نبرتها الخافتة و عينيها الضارعتين جعله يقترب منها بهدوء محتضنا خصرها ودافنا جسدها بين ذراعيه لتنفلت منها آهة خافتة كتمتها بين طيات صدره وألقت مسامعها لقلبه الذي اضطرب
مال طابعا قبلة علي رأسها ويده تمر علي خصلات شعرها تأخذ وقتها واندفع يتجه صوب المشفى و قدميه تتجهان نحو الصغيرة التي استحوذت علي قلب شيطانته!

الفترة التي قضتها اسيا بين ذراع لؤي اكثر وقت دافئ منذ وطئها للعاصمة، نظرت بارتباك وهي تري مدخل غرفة الصغيرة فارغ دون وجود حارس غضب الليل، وثقة لؤي المفرطة وهو يدفعها بهدوء لتدخل الغرفة ثم اتبعها ليري الصغيرة مستكينة بوداعة شديدة غارقة في سبات عميق
اغرورقت عينا آسيا بالدموع وهي تقترب من صغيرتها لتنهار جالسة علي الفراش وهي تميل برأسها تنثر قبلات في وجهها وكفيها المكتنزة الصغيرة.

تنهدت اسيا بحرارة حينما رفعت جسدها ودفنت جسد الصغيرة في عناق طويل جعل الجبل الشامخ خلفها يهتز
بكاءها وهمساتها الدافئة كانت كالطعنات في قلبه
كيف كان جاحدا ليرفض زيارتها، عض علي طرف شفته السفلي بحدة وهو ينظر بحنين الى مشهد يتخيله
صغيرة مشاغبة تنجبها من رحمها ويشاهد دلال اسيا الصغيرة ويبقى هو من علي مسافة يشاهد ما يعرض أمامه دون ملل!

اندفع الباب ينفتح ليتحفز جسد آسيا وهي تضم جسد الصغيرة التي تظنها اخذت مخدر جعلها لا تشعر بها حتى الآن، ابتسمت المريضة بتوتر حينما رأت تحفز ملامح المرأة والرجل الذي انقبض وجهه لتجلي حلقها هامسة بصوت خافت
- مساء الخير
ومع ازدياد عبوس آسيا زفرت الممرضة بيأس، الا يكفي ابيها المجنون
تأتي امرأة مجنونة مصطحبة بكتلة عضلات خلفها، استمعت الى صوت الرجل الثقيل
- عايزين نطمن علي حالة شمس الغانم.

ألقت الممرضة نظرة اتجاه الصغيرة التي ما أن أتم فترة نقاهتها حتى بدأت بالصراخ والبكاء مطالبة بوالدتها ووالدها واسم آخر..
الله يعلم كيف هي تتمنى أن تجعل الأب يغادر مع ابنته، لكنه كالغراء ويشهد الله كم طالبت من المشرف ان يبدل اسمها بممرضة اخري لكن الكل تراجع وتشاغل بكثرة مرضاهم، زفرت بيأس وهي تقول بنبرة متعجلة
- لا البنت صحتها زي الفل، لو تعرف أستاذ نضال ياريت ياخد بنته.

رفعت الفتاة عينيها بيأس تجاه الرجل الذي انغلقت معالم وجهه، لتستأذن مغادرة بل فارة بجلدها!
غمغمت آسيا بعد خروج الممرضة
- لؤي
ابتسم لؤي بدفء وهو يخبرها
- مش كنتي عايزة تشوفيها
هزت رأسها بإيماءة خفيضة وهي تندس في عنق الصغيرة تدغدغها كي تستيقظ
ماذا يضعون في جسد الفتاة من مخدر؟!

اللعنة ستقاضيهم أن اكتشفت انهم يتهاونون في عملهم معها، ستستغل السفارة الأمريكية التي ما ستصدق كي ترفع الأمر لأعلي السلطات، شهقت فجأة وهي تضع الصغيرة في فراشها ثم أخرجت هاتفها من حقيبتها لتقول
- انا، انا هكلم مارية
اجابها لؤي ببساطة شديدة وهو يدس يديه في جيب بنطاله
- مارية زارتها امبارح وهتزورها النهاردة
وأين ذلك المختل المجنون من الصورة إذا؟!
سألته بتخبط
- ازاي عملت كده؟

رفع عينيه تجاه عينيها الحائرتين والمليئة بالاسئلة ليجيبها بنبرة واثقة
-تقدري تقولي نفوذ عيلة المالكي يا مدام
هزت رأسها بيأس وهي تقول ببرود
- نضال الغانم مش بيهمه حد
اومأ رأسه موافقا وهو يعلم ان طباع الرجل النزقة ليخبرها ببساطة وهو يتذكر زيارته منذ أيام لوقاص الغانم
- بس وقاص الغانم بيفهم وبيراعي قلق مامتها وخالتها.

الرجل كان متفهما جدا بل ومصر علي المساعدة، ولم يكن ليتصور أنه سيستطيع أن يردع بشخص مثل نضال الغانم، في النهاية هم اخوة
يكفيه نظرة الامتنان والحب التي تلمع في عيني آسيا التي اقتربت منه تجذب ياقة قميصه بدلال انثوي لتقول بهمس خافت
- تستحق المكافأة دي يا بيبي
غرفة ذات اربعة جدران مغلقة
هي وهو والصغيرة نائمة
ما حجته لردعها واستجابة ما يهفو اليه قلبه.

انتفض جسده حينما مررت اناملها علي عرقه النابض، ليمسك يدها بخشونة آلمتها
والتأوه الخافت أخرجت شياطينه من مكامنها
قبض علي خصرها بخشونة جعلتها تجفل قليلا قبل ان تستسلم بوداعة وهي تسمعه يهمس بنبرة فاقدة للسيطرة
- آسيا
أسندت جبهتها علي خاصته تتنفس عبيره الخاص المختلط بأنفاسه، نبضات قلبها تدق كأجراس العيد في الموطن الذي عاشت به في حياتها.

والرعدة الخفيفة هزت اطراف بدنها حينما لمست صلابة عضلات جذعه، تمتمت بنبرة لاهثة
- اعترف انك مش قادر تتمالك اعصابك
اعتصر لؤي خصرها بقوة وهو يتمني ان يزرعها بين ضلوعه، يري شفتها السفلي تسحقها بقوة كي لا تخرج تأوه ليميل باغتا وهو يسرق انفاسها ويسترد راحته
واحة آمانه، وبر العودة
لحظات سرقت من الزمن، وكلا الجسدين اندمجت يعيدان كتابة آواصر عشقهم
افلتها من شفتيها مكرها وهو يغمغم بحدة.

- انتي تفقدي أعصاب شعب بحالهم
لثواني ظلت مسلوبة الأنفاس، مأخوذة القوة والإرادة، تستند علي جسده الصلب كداعمة للزلزال الذي ضربها دون هوادة
همست بتقطع وعينيها ترتفعان لتحدق بعينيه المشتعلة كالجحيم
- بتقاوح ليه
ظلل اللوم والعتاب في عينيه ليجيبها ويداه لم تتجرأ حتى علي ابعادها ولو انش واحد فقط
- خايف تهربي مني تاني والمرة دي تكوني شايلة ابني.

ربتت بكف يدها علي قلبه الذي اهتز بانتفاضة قوية لضربات قلبه السريعة لتجيبه بنفي
- مستحيل اعمل كده
حدق بها بعدم تصديق جعلها تهز رأسها يائسة وهي تعلم لماذا لا يصدقها
هي احيانا حينما تفقد سيطرتها تقوم بأفعال واشياء تخزي منها، فلا عتاب علي امراة مقهورة ليست بحياتها شئ سوى فتات ما خلفته الحياة
همست بيأس شديد
- ممكن اه بفكر بشيطانية بس تفتكر ايه اللي مخليني استحملك
إنها ساقطة في حبه
هذا الجواب واضح كالشمس.

تنهد لؤي بحرارة شديدة ومال طابعا قبلة علي جبينها، لينفتح الباب في تلك اللحظة
واندفع صوت ساخر قوي يقول بدهشة مصطنعة
- لا لا لا، اكيد المسخرة دى مش بتحصل قدام بنتي
لثواني شعرت اسيا انها معراة المشاعر أمام عدوها اللدود
دفنت وجهها في صدر رجلها وتركته يتعامل معه كي تسترد صلابتها، قال لؤي ببرود وهو يربت علي ظهرها
- بعض ما عندك يا كازانوفا.

هز نضال رأسه بلا مبالاة وهو يلقي نظرة تجاه شمس النائمة وقال بسخرية مبطنة
- مش هنكر، عموما اعملوا اللي تعملوه بعيد عن عين بنتي
ثم خرج من الغرفة بحدة وهو يتذكر تعليمات أخيه عن أن يكون حليما حينما تزورها والدتها وخالتها، هو لا يتحملهما، لكنه مجبر فقط من أجل أخيه وشمس ليس إلا !
كان يستطيع ان يرفض ويفرض سيطرته لكن شمس لن يفعلها
شمس تستحق الأفضل، شمس يجب أن تكون أفضل منه.

حتى وان كان والديها الحقيقين منفصلين، لن يمنعها من رؤية والدتها البيولوجية وعرابتها..
رفعت اسيا رأسها بذهول وحدقت في الباب الذي غادر منه بهدوء شديد عكس اقتحامه الغرفة لتعقد حاجبيها قريبة هامسة بصوت خافت
- ماله ده
استمعت الى صوت لؤي الذي لم يهتم بالمرة بما فعله، إلا أنها هي ضيقت عيناها بتردد وهي تهمس بذهول
- تحسه متغير.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة