قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والثمانون

التعثرات والتخبطات التي تجعلنا نفقد اتزاننا
مجرد حجرات عثرة على طريق النجاح
شد برداء عزيمتك واستحضر قوة شكيمتك
فالدنيا مجرد نزالات
والمصارع يعلم الوقت الذي يتحول من مدافع لمهاجم.
اختلاجات القلب، وتعثرات الألسنة اما يكون ناتج من حب جارف
واما يكون ناتج من الخوف الذي يقتل الشخص!

وتعثرها وتخبطها وهي تشاهده واقفا كأسد شامخ قد عاد من عرينه منتصرا ويراها هو الآن كفريسة عصية استطاع أن يجعل الدماء تجف في عروقها لتهمس اسمه
-نضال
عينيه الثاقبتين، ولمعة ذهبيته أخافها، أكثر ما يخيفها هو رؤية تلك النظرة في عينيه، فمن هي التي من المفترض ان تنظر اليه بشموخ ورأس لم ينكسر، ترتجف من الخوف وما جعلها تكاد تفقد اتزانها صوت استماع تكة المفتاح
هل أغلق الباب عليهما.

اغلق الباب عليهما داخل استراحة نساء!، التفتت يمينا ويسارا علها تبحث عن مخرج بعيدة عن هذا المختل ولكن ضحكته القوية الساخرة جعلتها ترفع رأسها تنظر اليه وهو يضع يديه في جيب بنطاله متقدما نحوها بخطوات بطيئة مدروسة
-مالك كأنك شوفتي عفريت قدامك.

مالت برأسها ومقدار ما يستفزها أن تناطحه وتجابهه الا انها امسكت بالرخام البارد تطالبها بالقوة التي لم تستعد لها، حينما ارادت ان تستجمع قواها اتى الذي سيزيل بمسحة واحدة، ومع اقترابه حبست أنفاسها واتسعت مقلتي عيناها تنظر اليه وهو يقترب منها للحد المسموح له بالاقتراب
يعيد اغواءها، أو الاطمئنان على بضاعته ان لمسها غيره!

انامله الباردة مرت على من جبهتها وهبط بخفة شديدة حتى وصل الى عنقها، وحينما استشعر خفقات عرقها النابض ابتسم بهدوء شديد متسائلا
- خايفة
راها تنزع يديها عن الرخام البارد وجسدها المنكمش المذعور بدأ يستعيد شجاعته رويدا، رويدا ليراها تستقيم واقفة بثبات شديد تنزع يده عن عنقها لتقول بصوت بارد جاف من أي مشاعر اعتاد عليها
-تقريبا الحاجة الوحيدة اللى اتعلمتها منك انى مخافش.

تجاعيد عينيه انبسطت قبل ان تنفرج شفتيه عن بسمة هادئة وهو يقول بنبرة ذات مغزى
- بقيتي جريئة
أعاد يديه داخل كفي بنطاله، ولم يحاول التزحزح مقدار انش من قربه الذي يعلم ان لم يؤثر خلال الثلاثين الثانية القادمة سيصدق المرأة التي أمامه استطاعت أن تتخطاه
بداية من رؤيته لتغير أفعال جسدها، والذبذبات الضعيفة انه يراها مازالت متأثرة به، لن يصدقها حتى لو اقسمت على هذا، اتسعت حدقتا عينيه حينما قالت بنبرة جافة.

-بفضلك يا نضال بيه
استدعت تلك المرة ابتسامة ساخرة تزين ثغره وعينيه تراقبانها ويدرس لغة جسدها التي تغيرت قليلا، رفع عينيه نحو عينيها التي تنظر بعبوس وتأهب شديد ليقول بسخرية
- لا ولسان القطة طول
زفرت فرح بحدة، لا ينقصها مجادلة كلامية مع من سيصبح طليقها، لما ظلت تسأل عنه منذ دقائق قليلة، يا ليتها ما سألت وكيف تنسى دخوله ليس كالآخرين
يفضل الدخول من النوافذ عن الأبواب الأمامية، تحاول أن تتأمله مليا.

هل ستشتاق له؟
ربما ستشتاق وكيف المرء ينسى الحب الأول، ولكن حبها لم يكن عاديا، بل كان مميتا لدرجة سببت في قتلها وهو كما هو، وسيظل كما هو ولو تظاهر، يمتلك قوة لم تستطيع حتى الآن أن كسبها، لكن ستتعلمها المرة القادمة، ولن تترك الفرصة لتدع الجميع يتلاعبون بهما كما أرادوا.

ربما لم تكن لديها المقدرة أن تأخذ حقها منه كاملة واضطرت ان يساعدها عائلته، لكن بمجرد ان تنهي صفحته ستبدأ فصلها الجديد، بفرح جديدة تستطيع أن تفخر بها.
سألته بنبرة ممتعضة ولم يغب عنه نظرتها الحادة
- وياتري جاي تكمل ضرب فيا ولا عندك حاجة عايز تقولها.

لانت نظراته المتفحصة حينما لمس نبرتها المختنقة، هو أمر كان دائما يخرج من طور هدوئه المعتاد عليه، دائما كان تستفز لأخراج أسوأ ما به ولا تدخر وقتًا لاستخراج جزء بدائي بداخله ليظهر بدوره اب معتدى لعين في عيون القانون والشرع
سألها دون مواربة
- وانتِ تعرفي عني ايه بالضبط.

اتسعت عيناها محاولة فهم لمغزي سؤاله في ذلك الوقت بالتحديد، من المؤكد ليس مجنون ليحاول رأب الصدع بينهما، هي لم تستطيع فهمه بل لم يعطيها الفرصة للولوج لحياته كما ينبغي، وهو لا يقدم لها حقوقها وابسط الأشياء الواجبة عليه، حاولت الابتعاد عن مداره بهدوء شديد وهي تجيبه
- اللى عايز توريهوني يا نضال، ده اللى اعرفه، لكن اللى مش بتحاول تخبيه عن الكل ده ليك انت.

الإجابة لم تكن مقنعة، رغم كونها حقيقية، لا يعلم لما يسأل
هي أكثر النساء اللاتي استمرت معه في الزواج، سمح لها بالاقتراب من ابنة لم يكن يعلم عنها شيئا، سمح لها للتوغل بين عائلته المفككة، وانغمست بداخلهم كما لو كانت هي شقيقتهم وهو زوج الشقيقة الذي ينظرون نحو شرزا منتظرين الفرصة للفتك به!
حاول عدم الابتسام بسخرية، الابتسامات باتت متأصلة به حتى في أكثر المواقف المصيرية في حياته
كحاله هو الان.

يعلم الحكم سيكون في صالحها، والمحامي خاصتها والقانون سيكونون بمثابة درع حماية لها ضده هو، غمغم بصوت أجش
- نضجتي
هزت رأسها وقالت بنبرة متهكمة
- وهي الواحدة بعد ما تقعد معاك كل الفترة دي مش بتنضج
ولكونه لم يستطيع اكمال أي حديث ناضج عقلاني لمرة واحدة في حياته، التمعت عيناه بمكر وهو يقول
-والله مفكرتش اسأل عن الستات اللى اتجوزتهم قبل كدا حياتهم مشيت ازاي.

هل يريد رؤية أي بوادر غيرة! احمق، هي بدأت تشعر بالشفقة عليه الآن
وعبثه وعدم صراحته لما يريد الوصول إليه اتعبها وكاد يستفزها إلا أنها أجابته بصوت جامد
-راحو مصحة نفسية يا نضال، انت بتاخد كل حاجة حلوة لحد لما تبقي الست اللى مبهور بيها شبح وبعدين بترميها في اقرب مكب زبالة
هل أصبح الآن مصاص دماء، من زوج مغتصب ومعتدي الان تحول لمصاص دماء أخرق، اجابها بصلابة
- بس انتى الوحيدة اللى طلبتي الطلاق.

لا تعلم ما منطق جملته الان التي ألقاها في وجهها، بملامح ممتعضة وعينين سوداوين يكاد جسدها ينتفض ذعرا من منابت رأسها حتى أخمص قدميها، رفعت حاجبها بتهكم قائلة
- لتاني مرة لو فاكر كويس.

انفجر ضاحكا باستمتاع تلك المرة، دون قيود ولا حواجز تمنعه من الضحك، وهل المرة السابقة حينما طلبتها كانت تقصدها؟، بل كانت تحاول اثارة غيرته التي لا تحتاج للاختبار، لطالما كان هو غيور لعائلته ماذا تظن نفسها الغبية وهو من جعلها امرأته بعد تفكير عميق مفضلا إياها أن تكون مربية لصغيرته، سألها بمشاكسة
- يعني فاكرة
ارتسمت ابتسامة مقتضبة على وجه فرح وهي تجيبه بتحدي صريح
-بس المرة دي مش هرجع.

أعجبه التحدي، وأشعل جوارحه المتطلبة لوأد تلك الشعلة المتمردة في عينيها، اقترب منها ودنا هامسا بالقرب من أذنها
-ثقتك كبيرة
لم تهتز، ولم تطرف أهدابها، بل اتخذت سياسته الماكرة في اللعب
اللعب البارد بالاعصاب، والهدوء المبالغ به، مالت برأسها تنظر اليه قائلة
-طول ما انت بتفكر بالطريقة دى وبتكابر صدقني هتخسر كل حاجة حلوة ليك، تقدر تقولى مين مستعد تقدم روحك علشانه.

لم تعطيه فرصة للإجابة، أجابت هي وداخلها يقين شديد انه لن يتردد في الحاق نفسه للأذى في سبيل نجاة طفلته
- شمس
انقبضت معالم وجه نضال للجمود، ولم تحاول حتى هي أن تفهم سر العبوس الطفيف لتقول تحدي صارخ
- وتفتكر شمس يا نضال هتقدر تتحداك ولا هتكسر تمردها، هتكون اب متفهم ومراعي ليها وتقدر تتنازل عن كبريائك وعنجهيتك قدامها، ولا الآنا بتاعتك العالية هيكون ليها السلطة في قراراتك.

لم تعطيه فرصة للإجابة، ومنذ متى يرد على أسئلتها، كما تطرح اسئلتها تجيب عليها ببرود شديد وهو يتابعها بملامح منغلقة
- الآنا مش كدا!، متوقع، بس صدقني يمكن مفيش حد فينا يقدر يكسر حاجة جواك، بس شمس هي اللى هتقدر
ابتسامة صغيرة شقت ثغر فرح وهي ترى اتساع بؤبؤ عينيه، كأنها تكشف له مسارات مبهمة في حياته، إلا أن الجمود غلف تقاسيم وجهه الحادة وهو يقول.

- محسساني كأني كنت بضحك عليكي بكلمتين حلوين وواعدك بالجواز و اغتررت بيكي
اتسعت عيناها جحوظا وزحفت حمرة الى وجنتيها دل على مدى حرجها وقمة غضبها، ذلك الفاسق المتدني
دائما ما يفلت بنفسه من أفعاله الشنيعة ويلصق التهم في الاخرين، صرخت في وجهه ويديها تبحث عن أي شيء تضربه بها على رأسه او يقتل من وسامته الخطيرة الماكرة التي حطمتها وحطمت الفتيات من غيرها.

- ياريتك عملت كدا، انت عارف مشكلتي ايه يا نضال، انك صح، انت مخدعتنيش، نبهتني بدل المرة عشرة اني محاولش اقرب منك، وانا معنديش نية كنت اقرب منك، وقت ما اضطريت اوافق عشان اقدر ارفع بمستوى اللي كنت فيه، كنت بقرف منك، أول يوم جواز حسستنى انى مش بنت، تعاملت معايا بكل احتقار
اتسعت عينا نضال وسماعه لأحداث جديدة لم ينتبه لها جعلته ينظر إليها باستنكار شديد ليقول
-عايزة تقولي اني معرفتش ارضيكي.

زاد احمرار وجنتي فرح وهي تجيبه بقهر
- مراعتش احساسى انى اول مرة اتجوز، اهتميت بنفسك انت بس يا نضال، تشبع نفسك وفرح تولع زيها زي غيرها
الدموع حفرت طريقها الى وجنتيها، واكتفت من الصلابة ما تكفيها لتنكس رأسها وهي تفصح عن دواخلها
- لما بترميلي الفلوس بعد كل ليلة تطلبني بيها متتخيلش احساسي عامل ازاي، كنت بتمني اشنق نفسي يومها انى وافقت امضي على الورق ده.

مال برأسه ونظر اليها محتقن الوجه، ثائر المشاعر، جارحة رجولته وطاعنة كبريائه
ربما لن تصدقوه في هذا، لكنه حتما لم يجبر امرأة على معاشرته بل كن على طواعية شديدة ويتلقين ما يعطيه اليهن برضا شديد، لكن أن تأتي هي وتسرد أحداث قديمة بمنظورها هي، أين كان هو؟!
هل كان غافلا؟ معمي البصيرة؟، كان يظن انه فقط خجل عذراء وسينتهي، وهي لم تخبئ عن عائلتها ليصدق حقيقة ما قالته منذ قليل.

- جاية تحكيلي عن سنة فاتت ايه كان شعورك اتجاهي
قالها بتهكم شديد وتعابير وجهه كانت غاضبة، مما جعل فرح تزيل دموعها بحدة وهي تقول بصوت متحشرج
- تصدق كنت غبية، فرح اوعك تقعي في حبي وتعمل ايه تتفنن انك تخليني احبك، فرح اياكي تروحي الشغل ده، اياكي تكلمي ده، اياكي واياكي وسلسلة أوامر غير منتهية عشان تبان انك متحكم باللعبة بس من صورة تانية عايز تخليني احلم انك بتغير عليا وانت لا بتغير ولا...

قاطعها بصراخ وهو يضع يديه في عضديها بخشونة جعلتها تصرخ متألمة من قوة قبضته
- بغير عليكي يا فرح، اياكي، اياكي تشكي فيا، عمري ما كدبت عليكي بحاجة ابدا
رفعت رأسها تتطلع الى عينيه الذهبيتين اللامعتين بغضب، وتنفسه السريع الدال على الغضب جعل ابتسامة تنفرج عن شفتيها وهي تقول باستهزاء
- برافو ها كمل وايه كمان عايز تقوله ونفسك تقوله وتخلي الوقت نقضيه هنا وتحاول تلاعب بيا عشان اتخلي عن قراري.

ضيق عينيه متفحصا نظراتها الخاوية من أي مشاعر، هل لتلك السرعة استطاعت أن تتجاوزه!
ألقي جملته الساخرة في وجهها كقنبلة يدوية فجرتها حية
- لو قولتلك هترجعي، هترجعي
لثواني صمتت، تنظر الى عينيه باستنكار وتعمق محاولة تحليل أثر كلماته، لتجيبه بنفي صريح
- استحالة، على جثتي يا نضال، عارف يعني ايه على جثتي.

تأوهت بألم حينما شدد من قبضة مرفقيه وحينما حاولت الفرار كان نصيبها أن زاد من قبضته قسوة شاعرة انه سينزع لحمها من جسدها، هلعت حينما ارتطم جسدها بصدره ومال يهمس في اذنها قائلا
- افتكري انك اللى بتبدأى تطلعي أسوأ ما فيا
امالت رأسها بضعف قبل ان ترفع عيناها وجسدها المكبل قيد بجسده لتسأله
-فيه ايه تاني تحب تخليه برهان قدام القاضي
انفرج عن شفتيه ابتسامة ماكرة ليقول بنبرة غامضة
- ده.

للحظة شعرت بصدمة أثرت على جميع خلاياها العصبية، عيناها تتسعان بجحوظ وشفتيه كانت تنتهكان خاصتها دون إذن منها
تسارعت نبضات قلبها والنفور بدأ يتملكها، حاولت نزع جسدها من براثنه، إلا أنه كالغراء لم يتحرك مقدار انش، مطالبا إياها بالقرب دونه
أغمضت جفنيها بيأس وهي تدعي الله ان يبتعد على ما ستقوم به، ركلت ساقه بقوة مما أثر ابتعاده عنها وهو ينظر إليها شزرا، اما عنها فنزعت جسدها بقوة منه وهي تصيح إياه محذرة.

- نضال
مرر اصبع السبابة على شفتيه مستعيدا ذكرى ذلك العناق الذي لم يكتمل، ليهز رأسه ساخرا وهو يقول
- نضال الغانم عمر ما حد أجبره يعمل حاجه ضد إرادته
البقاء معه في مكان واحد لأطول فترة ممكنة لن يكون محمود العواقب، حاولت السيطرة على نبضات قلبها وتنفسها السريع، الا ان كلامه المستفز يستفز لسانها للرد عليه
- عايز تكسرني يا نضال
انفجر ضاحكا بسخرية وهو يتأملها مليا ليقول
- لو عايز اكسرك مكنتيش قدامي بالشكل ده.

شهقت فرح بجزع أثر نظارته الداكنة مما جعلها تشهق مذعورة تتعثر في سيرها، وهي تحاول الوصول الى أي نقطة بعيدة عن مدارة لتقول
- اياك، نضال
لكن الإصرار في عينيه جمد أطرافها لتحدق اليه بذعر، رغما عنها تذكرت اسرار وطلبها بالذهاب الى الحمام، اتسعت عيناها وهي تحدق اليه لتقول بغضب
- انت، انت اتفقت مع اسرار
نفى بهدوء قائلا
- اسرار متعرفش انى هحبسك هنا معايا.

ربما لو عرفت انه سيكون مترصد لها لما تركتها تذهب بمفردها، هي كانت تلح عليه سابقا وتخبره بما سيفعله وهدوءه المريب لم يجعلها تشك به لثانية والفضل يعود بالطبع لحملها في هذا الوقت
ربما لو لم يأخذ الطفل اهتمامها وزوجها الأحمق الذي لا يدعها لدقيقة بعيدة عنه ربما لم يكن ليسلم منها!
التمع الغضب في عيني فرح وهي تنظر اليه باتهام قائلة
- عايزاني اصدقك ازاي
ببساطة كما ألقت السؤال اجابها هو
- عمري ما كدب تعليكي.

انفجرت فرح ضاحكة بيأس لتهز رأسها وهي تقول
- طول عمرك كداب يا نضال
لن يكذب ويقول انه لم يكذب من قبل، فالخداع والمكر المتأصلين به عبارة عن كذبة كبيرة يستطيع أن يوهم الجميع بعظم بشاعة أفكاره، لكن قلبه يمنعه بالنهاية
صدقوا، لنضال الغانم قلب يشعر ويحس، لكنه فضل أن ينتظر أحد للوقوف بجانبه
من يريد فمرحبا به، ومن لا يرغب فشكرا على زيارته، هو اعتاد وليست مرته الاولى الذي يهجره فيها شخصا لم يسمح له بالرحيل.

فوالدته رحلت قبل ان يسامحها، هو حاقد وناقم، ويلعن اليوم الذي قابلت فيه والدته والده وقرر انجابه، لكن ما بيده حيلة
اصبح زوج واب، بل اب مطلق، هذا سيكون لقبه في بطاقته الجديدة
انتبه عليها وهي تغمغم بحدة وقد تلون وجنتيها بالحمرة القانية أثر تحديقه السافر لجسدها
- فيه حاجة كمان وحشاك عايز تطمن عليها قبل ما تبقي محرمة عليك
لوى شفتيه وعض طرف شفته السفلي بحسية جعل فرح تصرخ في وجهه بحدة
- نضاااال.

اقترب مقلصا تلك الأمتار التي تفصلهما، تعلم انها مهما هربت ستقع اسفل قبضته خصوصا انه لم يحاول الابتعاد عن جعل الباب خلفه تماما، مال برأسه وهو يجذبها من مقدمة بلوزتها الناعمة جاعلا فرح تشهق بخجل وهي تهم بالصراخ في وجهه وسبه، قيد كلتا يديها خلف ظهرها بيد والاخري جذبت عنقها وهمس في وجهها بنبرة اجشة
- اسمعي بقي كويس كلامي، لو اتطلقتي مني يا فرح، قسما بالله ما في دكر هخليه يقرب منك.

ضيقت فرح عينيها منتظرة تلك الرجفة، الرجفة الغبية التي تشعر بها أثر كلماته التملكية!
أين ذهبت؟! لقد غادرت مع أدراج الرياح، دفعها تلك المرة لتنفجر ضاحكة باستهزاء
- بقيت اشعر بالاطراء حقيقي، ثانية ثانية، جسمي قشعر ااااه.

صرخت بألم حينما صفعها بقوة خلف ظهرها، لتحتقن وجنتيها وبلعت الكلمات وهي تنظر إليه باستنكار إلى فعلته، ليكرر ضربته مرة أخرى بحميمية شديدة و بصفعة أقل حدة جعل جسد فرح يرتجف بين ذراعيه لتنفرج عن شفتي نضال وهو يقول بمكر
- حسيتي بالقشعريرة يا قطة.

أجلت فرح شفتيها بتوتر، والحرارة في الغرفة بدأت تزداد سخونة ويده التي تركت عنقها مفضلة اسفل ظهرها، جعلها تشعر بالحرج الشديد وهي تحاول بجسدها ابعاد يده إلا أنه يزداد إصرارا كل مرة مما جعلها تنظر إليه شزرا حتى تستطيع ترتيب جملتها، لكنه سبقها قائلا وقد قرر ان يرحم وجهها الذي أصبح كطماطم طازجة
- زعلان اووي اني هدفن زهرة شبابك بدري يا فرح، بس انتي اضطرتيني اعمل كدا.

كادت تلك المرة ان تكرر ضربها على ساقه إلا أنه سبقها بصفعة مؤلمة لمؤخرتها جعل الدموع تنسل من عينيها وهي تحدق اليه بغضب وكره شديدين لتقول
- غصبا عنك، هتحب وهحب حد غي...
قاطعها بجفاء شديد ونبرة تملكية استشفتها من صوته الغاضب
- قلبك ليا يا فرح
هزت رأسها نافية وهي تجيبه بإصرار
- رجعته تاني.

وهل تظن نفسها في محل تجارى لتستعيد بضاعتها، اشياءه هو لا ترد ولا تستبدل، ما أن يأخذها فهو يمتلكها حتى مماته، قال بنبرة متعجرفة
- هيفضل ليا
هزت رأسها نافية واصرارها هذا يكاد يحطم وجهها الجميل الذي بدأ يسترد عافيته من أثر عنفه وهجومه البدائي منذ اخر يوم تقابلا به
- للأسف معرفتش تحافظ عليها
مرر أنامله على وجهها ليمسك ذقنها وهي تنظر اليه ببرود شديد جعله ينفجر غضبا وسخطا قائلا
- مفيش من بعدي راجل يا فرح.

هزت فرح رأسها والدوار بدأ يلازمها وستفقد وعيها تقريبا ان ظل مقتربا من وجهها هكذا ويتنفس دون مراعاة انها تحتاج لمساحة وفيرة من الهواء كي تتنفس
- مش هتقدر تقيدني ليك طول العمر يا نضال
جذب عنقها بخشونة وهو يهسهس بغضب
- هقيدك يا فرح، متفرحيش بالحرية اللى هتاخديها
زاغت عيناها مستشعرة طاقة غضبه ومقته، لترسم ابتسامة مقتضبة على شفتيها هامسة
- كل حيلك استنفذت مش كدا.

انتفض جسدها هلعة وقرعت طبول قلبها حينما سمعت الى صوت سحاب تنورتها، هل ما تفكر به صحيح!، دفعت جسده بعيدة عنها صارخة
- نضااال
زاد نضال من جعل جسدها يأن بتوجع وقد أطبق على خصرها، ليحاول التخلص من تنورتها الضيقة الطويلة، منذ متى الهانم ترتدي تنورة ضيقة! لولا فقط وجوده فقط حمام عام لنزع ثيابها وتخلص من ملابسها تلك تماما وجلب لها شئ تتستر به، يداها تحاربان يديه.

وجسدها بدأ يزداد نفورا وتأففها وغضبها وهي تهمس كلماته لا يزيده سوى اصرارًا
- انت مجنون، اياك تفكر اني هسيبك تلمسني
تنفس الصعداء حينما حل سحاب التنورة ليتركها تقع أسفل ساقيها ليسمع إلى صوت شهقتها المفزوعة وقبل أن يجدها تصرخ حملها من فخذيها ودفعها بقوة للحائط، ساقيها تستندان على ذراعيه ويديها تخدش وجهه وتدفعه بعنف عنها، قرص منطقة خصرها بقوة لتتأوه متوجعة وهي تراه يهمس ببرودة أعصاب
- قاومي يا فرح.

انامله تجرد اتزانها وصلابتها، ويئد تمردها ونفورها، عيناه تحملان تصميما وعيناها تحملان رفضا غير قابل للتفاوض
صاحت بنفور وجسدها الشبه عاري يتقزز من رؤيته لأستباحته لجسدها لتصرخ بحدة وهي تدفعه بقوة عنها جعل جسده يتراجع عدة خطوات لتستغل تلك الثواني المعدودة محاولة الفرار من قيده
- نضال لا، انا رافضة، ده اغتصاب يا نضال.

راها تلتقط تنورتها السوداء الغالية بذعر محاولة الدخول الى احدى الحمامات لترتديها لتنفجر ضحكته الشرسة
- اغتصاب!
وقفت امام باب المرحاض الذي ستهم بغلقه في وجهه ووصده اياه لتصرخ بتقزز وعينيها حفرت معالم الخذلان والكره
-لطالما هتاخدني دون ارادتي يبقى اغتصاب، لو هتاخدني وانا جوايا رافضة يبقى اغتصاب، انا مش لعبة يا نضال بين ايديك
همت بغلق الباب في وجهه لتنتفض بذعر وهي تجده داخل المرحاض.

إصراره لن يمنعه من أخذ ما يريده
تعلمه جيدا، ليس هناك قوة على الأرض قادرة على تخليه على ما يبتغيه
جذبها برفق تلك المرة ليحتضن جسده جسدها، يحفر تلك المرة طريقة ويسطر خطوط النهاية بقلمه
انامله تعزف على جسدها ألحان الموت وعينيها مغرورقة بالدموع، تحاول استمالة رأسه الصلبة مما ينتويه
الا ان صوت الحانه أقوى من أى صوت، تسارعت وتيرة أنامله وقلبها يدق بخوف محدقة نحو عينيه المتملكتين
مال هامسا بصوت خفيض.

- بحاول اخليكي تكرهيني زيادة، حاجة تخليكي كل ما تفتكريني، تلعنيني كل يوم
ابتلع باقى حروف اعتراضها وتحكم بقبضة من حديد من نفور جسدها، إن كان هناك شئ سيجعلها تتذكره بحسن
فليكن تلك ذكراها الاخيرة
ذكرى وهو يجردها من كل معتقداتها وايمانها، ذكرى تقتحم احلامها، وتستفز كوابيسها، ذكرى يجعلها جثة هامدة لن تقدر على رفع رأسها بكبرياء وإباء.

بكاءها زاده نشوة وهمساتها بأسمه كي يبتعد زاده إصرارًا فوق إصراره، دفعات يديها الضعيفة لأبعاده عنها أحكم قيدها، حتى انتهى الأمر بسقوطها خائرة القوى وارتمي رأسها على صدره، تنفس بخشونة وهدر محاولا التحكم وزأر ويداه تمسكان رأسها ليميل بشفتيه موشما إياها صك ملكيته.

السواد
السواد يملأ المكان، فلا وجود للضوء ولا نهاية للعتمة
القلب متحجر، والدموع غير قادرة على التجرؤ والأقدام للنزول على صفحة وجنتيها، رأسها مبتور
وقامتها منكسرة، حتى بعد صدور أمر القاضي بالطلاق
الفرحة تكسرت، فعلها ابن الغانم
استطاع أن يمحو ابتسامة ظفرها، ويجعلها تخشى التجرؤ على النظر في أعين الجميع، حتى أسرار التي شاهدت شحوب وجهها المخيف بعد إطلاق نضال لسراحها.

كانت تصرخ في وجهها فزعة تطمئن عليها وسبب شحوبها، الا انها لم تستطيع
توارت بين الجميع واختبئت حتى شعرت بالمحامي يطلبها وقد جاء دورها وحينما دخلت القاعة
كان يوجد لديها إصرار واحد وهدف سامي تسعي اليه
هو لفظ ذلك النجس المبتسم بتفاخر أقصي حياتها، ونجحت!
انتبهت على صوت اسرار المربتة على ظهرها و زرقة عينيها تلمعان بقلق يكاد يقلق زوجها المرابط بجوارها
-بداية خطوة جديدة يا فرح.

اي خطوة تتحدث عنها اسرار وبفضله قضى على الاخضر واليابس بجنونه، ابتسمت بسخرية وعينيها تدور حول الجمع الغفير لتهمس بتعثر
- عارفة ومرعوبة جدا
عادت اسرار تعيد تهمس اسمها بقلق
- فرح
اقتربت منها تحتضن اياها بقوة جعلت فرح تستند برأسها على كتفها مطلقة آهة موجعة خفيضة بترتها وهي تحاول الاستقامة.

لولا اسرار ربما لانهارت ساقطة، اغرورقت عينا اسرار بالدموع وهي تنظر الى زوجها الذي تجهم وجهه ناظرا بنظرة مميتة نحو شخص معين تعلمه، ليعود نادرا اياها بدعم شديد عاقدا حاجبيا بقوة آمرا إياها بالتوقف عن البكاء، الا انها لم تستطيع لتهمس بصوت متحشرج
-انا قلقانة عليكي، وشك اصفر حصلك ايه
اكتفت فرح من الدعم العاطفي ما يكفيها لتنسلخ عنها وهي تحاول الوقوف على أرضها الرخوة بصلابة
- مفيش.

هزت اسرار رأسها بنفي لتقترب منها متسائلة إياها بقلق
-اذاكي؟!، عملك ايه انطقى
ذكرى ما حدث جعل العالم يدور من حولها، ليهتز الأرض من تحتها وهي تقول بصوت أجش
-خلاص بقي طليقي، طلقة ملهاش رجعة تاني
زفرت باختناق وهي تحاول على قدر الامكان ان لا تلتفت اليه، تشعر به أنه ما زال حولها، يراقبها، لتجلي حلقها وهي تغمغم بصوت أجش
-حاسة اني تعبانة وعايزة ابعد.

صمت اسرار لبرهة وهي تلاحظ سراج يطالبها بعدم الإلحاح اكثر، لتتذكر شقتها بالإسكندرية لتقول
- انا اعرف مكان ممكن يساعدك
صاحت فرح بصوت معترض أجش
- اسرار انا استحالة اقبل بأي مساعدات تانية، انا هروح مركز تأهيل ههحاول اتخلص من العلاقة المسمومة دي، لاني بجد تعبت
تدخل تلك المرة سراج مقاطعا الحاح زوجته ليضمها بذراعه وهو يقول بصوت خشن رامقا ذلك اللعين راغبا في قتله اليوم قبل الغد.

- قرارك كويس جدا، وانك فكرتي بيه وحسيتي انك محتاجة علاج نفسي اثبتي انك اقوى من غيرك بكتير
مررت فرح اناملها في خصلات شعرها لتحاول بيأس شحذ طاقة تبقيها على الوقوف بصلابة بدل ما ان تسقط مغشيا عليها كضعيفة لم تتحمل بعد لدغة الأفاعي
-الأهم اني اقدر انفذه
نادي سراج تلك المرة بلطف نحو اسرار التي نظرت اليه برفض تام
- أسرار
زفرت اسرار بيأس واستسلمت بعدم الإلحاح ليقول سراج جاذبا انتباه فرح
- تعالي نوصلك للقرية.

هزت فرح بنفي وهي ترسم ابتسامة لطيفة وعينيها تتابعان نحو الزوج السعيد امامها، فرغم قوة وتمرد اسرار الا انها تستسلم بضعف حلو امام زوجها
ضعف انثوي ناعم يحافظ على كرامتها، وشخصيتها، ويبدو أنه رغم رغبته بالسيطرة الا انه لا يكسر قوة شخصيتها مهما كانت
هذا ما تعلمته منذ أيام سابقة قضت صحبتها بجوارها، همست بلطف
- أستاذ وقاص مجهزلى عربية خاصة للشركة قدام المحكمة.

أومأ سراج رأسه بتفهم، لتستأذنهم هي بالمغادرة متوجهة خارج جدران القاعات الخنيقة، اطلقت زفيرا وهي تفتح باب السيارة والسائق سارع بالتوجه نحو مقعده لتنطلق السيارة بوجهتها ناحية قرية الغانم، انتفضت على رنين هاتفها لينتفض قلبها هلعا وهي تخرج هاتفها من حقيبتها إلا أنها سرعان ما هدأت انفاسها وهي ترد على الهاتف لتسمعها تقول بلهجة آمرة
-كلميني لما ترجعي
غمغمت فرح بهدوء قائلة
- حاضر.

سارعت بإنهاء المكالمة لتطلق العنان لدموعها
باكية بصمت
ووجههامحدق تجاه نافذتها، مالت برأسها ترفع كلتا يديها تخبئ وجهها باكية بأنهيار
- ليه عملت كدا يا نضال، ليه!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة