قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والثمانون

اجعل صديقك قريب منك مرة
وعدوك أقرب منك مرتين..
لطالما كانت تلك هي الطريقة الاستراتيجية الوحيدة للنصر، وحتما تفلح في كل مرة.
أفضل طريقة لأستدراج فريستك أن توهمها أنها ظفرت بوليمتها، اجعلها تعيش في هذا الوهم لفترة كافية، كافية لاستدراجها لفخك الأكبر..
في حال حصارها داخل مصيدتك، ستتخذ فترة طويلة تحاول أن تستوعب أنها تحولت من الصياد للفريسة.

لجلب الفريسة، كانوا يحتاجون لألهاء، ولطالما كانت هي إلهاء وفريسته التي لطالما يرغبها
وضعوها داخل مصيدة وفخ أكبر، ولجعله يظن أنه أكثر ذكاءً كانوا يحتاجون إلى حرس غفير
فالصياد المميز يعرف بخفة يده وسرعة بديهته، وكيف يأخذ فريسته ولو من جوف الحوت..
الخطة متقنة، لكن هذا لا يدفع للثقة والاطمئنان الكامل، ف الفريسة التي يرغبونها برية، لا تستطيع أن تأمن جانبها
لكن ما من خطة بديلة.

يجب جلب الفريسة الى عقر دار الصياد، ف إن استطاع الدخول فلن يتمكن من الخروج ابدا من المنزل!
جحظت عينا شادية لتحدق بعدم تصديق الى عيني ماهر شقيقها بعدما أخبرها بخطة جلب معاذ داخل المنزل، هزت رأسها نافية عدة مرات، لتهمس بتوسل متمسكة بكلتا ذراعيه بقوة
-ماهر، ارجوك لأ، لأ
اقترب ماهر جالسا على ركبتيه محتضنا وجه شادية، محاولا تهدئة هلعها ونوبة الذعر ليهمس بصوت جاد
-مفيش غير الطريقة دي.

انهمرت الدموع من عينيها، لتجهش في البكاء وهي تحاول ان تثنيه عن رأيه قائلة
- يا ماهر انا مش هقدر
امسك ذراعيها بقوة جعلها تتألم لتنظر نحو شقيقها الذي تطلع اليها بصرامة أعلمتها أنه لا فرار من الخطر المحدق
ستقابله مرة أخرى، سيكون هنا ولن تستطيع الاستنجاء منهم، ستنظر إليه عينيه الجشعتين والله وحده يعلم كيف ستكون حالتها وكيف سيكون هو!
زفر ماهر بحدة وهو يهمس بصرامة.

- الطريقة دي الطريقة الوحيدة اللي هنقدر نمسكه بيها
انهمرت الدموع من عيني شادية لتحدق نحو ماهر بيأس وتوسل علّه يجد طريقة اخرى ليمسكوا به، ألا يكفي ذهابها الى مركز الشرطة لتدلى بأقوالها.

كانت وقتها على وشك فقد سيطرتها، وتحكمت بدموعها بقلب من أسد للأمساك به، متشبثة بيد شقيقها بعد أن ابتعد والدها عن الصورة تماما، ترك الشقيق يهتم بأمور شقيقاته ورفع يداه عنهما تماما مما جعلها تلزم غرفتها بعد محاولاتها الكثيرة باءت بالفشل لاسترضاء والدها الذي خاصمها كليا، لا يوجه لها حديثه ولا حتى ينظر نحوها، تعلم أنها أخطأت بعدم هرعها إليه، لكنها حاولت أن تتصرف ولو مرة واحدة بعيدة عن ايادي عائلتها، حاولت أن تتعامل بجسارة وقوة.

حاولت أن تتصرف كامرأة قوية، حكيمة، تستطيع أن تتعامل مع مصائبها بيد من حديد، لكنها فشلت!
فشلت فشل ذريع وبدلا من أن تجده يفتح ذراعيه ويخبئها داخل ذراعيه عن العالم، أدار هو بظهره لتحارب رهابها، ألم تحاول أن تبدو ك محاربة شرسة فلتحارب بمفردها حتى النهاية!
توترت شفتي شادية وهي تنظر الى شقيقها بتردد شديد، اخفضت رأسها أرضا وهي تحاول السيطرة على ارتعاش يديها لتهمس بقلق
-افرض أذاني.

لم يستكثر العناق الذي ترغبه رغم عدم نطقها به، لتنفجر هي في البكاء بقلة حيلة وماهر يشدد عناقه مقبلا رأسها ليهمس بثقة
- مش هيلحق
يحاول هو زرع الثقة والشجاعة، وهي نبتة ضعيفة والدعامة التي تستند عليها لم تستطيع ان تجعلها تقف صلبة أمام أى ريح عاصف، بل ازدادت انحناءً وكادت تسلم على الأرض لتشعر بيد ماهر ينتشلها من أعماق غياهب عقلها
عيناها المذعورتين تقابلان عينيه المطالبة بالثأر.

غمغم بصوت أجش ومقدار نصيب ذلك الجرذ تضاعف أضعافا مضعفة
ان كانت الشرطة لن تستطيع القبض عليه كونه ابن رجل سياسي له وزن في البلد، سيلعب هو بحقارة بعيدا عن عيون الشرطة، ويعلم هو تمام المعرفة أنهم سيلصقوا التهمة لرجل آخر، حتى يبقوا سمعة السياسي نظيفة وإن كان والده كره تنظيف قاذوراته، لكنه بالنهاية ابنه وسيضطر لاستخدام نفوذه للحفاظ على سمعة اسمه للانتخابات القادمة!
همس بثقة شديدة وهو يداعب خصلات شعرها.

- مش هيعرف
تمسكت بذراعيه وهي تحدق نحو عيني شقيقها، لتهمس بصوت أجش
-هتكون جنبي
هز ماهر رأسه موافقا، لتخفض رأسها محاولة التفكير كيفية التخلص منه، بل كيف ستواجهه بعد ما فعله بالرجل القابع في غرفة العناية المركزة، توترت شفتيها، لترمش بأهدابها عدة مرات والنغزة في صدرها لم تغادرها ما ان اخبرها ماهر بخطته، لتهمس بذعر
-ماهر انا مش مطمنة.

امسك ذراعيها بقوة لتواجه عيناه التي قد تحولت الى جمرتين، مما جعلها تشهق بذهول لتنفض ذراعه إلا أنه صاح بصرامة شديد
- عايزة تخلصي منه ولا لأ
ظل يهز جسدها عدة مرات لتجيبه
-عايزة
ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتي ماهر ليميل مقبلا رأسها، ثم استقام واقفا ليقول
-سيبي كل حاجه عليا، وخليكي مستعدة انا لولا خوفي عليكي جيتلك، والا خلتها عنصر مفاجأة
اتسعت عينا شادية لتستقيم من فراشها قائلة بذعر.

- انت كمان مكنتش عايز تقولي
لاح علامات الرفض على وجهه شادية كليا والتفتت مغادرة، إلا أن ما جعلها تتوقف عن لسماعه وهو يهتف بغيظ
- هاخدك المستشفى تطمني عليه
استدارت على عقبيها تحدق نحوه بعدم تصديق، اقتربت منه وعلامات اللهفة طغت أي تأثير آخر لتهمس قائلة
- بتتكلم جد.

تجهمت ملامحه فور رؤيته لملامح الشوق التي تحاول شقيقته اخفاءها، ما الذي جعلها تأمن هذا الرجل تحديدا بعد ما عانته بعد معاذ، خصيصا ان والده لا ينفك ويذكره ان الرجل وقحا لدرجة تمني قتله قبل طرده من المنزل، تحكم بيد من حديد ان لا يخنقها ليقول بغيرة
-راعي اني اخوكى والا هحلف اني مش هاخدك
اختفت معالم الشوق لتنظر الى شقيقها الذي غمغم بخشونة
-ليه.

تجهمت ملامح الشقيق تماما وظل ينظر الى شقيقته محاولاً الولوج الى خباياها، سألها بحنق
-ليه هو، ايه المختلف عنه يخليكي تدافعي عنه بالطريقة دي
وهي تظل تسأل نفس الاسئلة لحالها كثيرا
لما هو؟ ما المميز به؟ لم يتوانى مرة محاولا الحفاظ على الحدود بل كان يريد كسرها ويقترب
ظنت عبثه ليس غلاف خارجي يخفى داخله رجلا تود اكتشافه.

بالنهاية ليس رجل أحمق كما ظنت، أو عابث متهور، تهور لانقاذها رغم كونه يستطيع ان يساعدها دون أن يقترب منها مقدار انش..
هزت رأسها بيأس وهي تجيبه
-لأنه مترددش لحظة يساعدني، دخل وسط النار وهو عارف انه هيتحرق واعتقد دي اقل حاجه اعملهاله
زاد عبوس ملامح شقيقها واجابتها لم ترضيه، ولن ترضيه ابدا، لولا فقط الرجل كبله هو ووالده بقيد لكان قتله، زفر بحدة وهو يميل مقبلا رأسها ليربت عليها قائلا.

- هيبقي لينا كلام تاني، خليكي قوية ارجوكي ومتجبيش سيرة لجيجي
هزت رأسها موافقة، ولن تكذب إن كانت ما تشعر به هو عدم المبالاة، هي تكاد تموت خوفا ورعبا، إلا أنه لا يوجد حل اخر
يوم كالجحيم أفضل من أن تعيش في حالة من الذعر والترقب حد تذهب روحها إلى بارئها!
-حاضر.

في الوقت الحاضر،
مر يومان منذ أن آتاها شقيقها، ومنذ أن رفع حماية وكلف حراسة خاصة حول المنزل، لكنه اخبرها انه ترك منفذ لدخوله، حتى القطة لولو وضعتها في غرفة شقيقتها رغم ان تلك الشقية تترك غرفة شقيقتها وتموء امام باب غرفتها المغلق لتسمح لها في النهاية للدخول لعدة ساعات قبل ان تخرجها متطلبة منها الذهاب لجيجي لاطعامها، ازدردت ريقها وهي تكاد تجن من فرط توترها، ماذا إن لم يأتي شقيقها؟

ماذا ان لم يستطيع حمايتها؟
وما رد فعل والدها؟، اختنقت أنفاسها لتهدد دموعها بالانهيار، والدها يعاقبها بقسوة وهي تعلم مدى تعلقها به بسبب تعرضه للخذلان منها
خذلته نعم
وكادت أن تكون هي في وضع سرمد أو ربما أفظع
لم يعانقها ولم يهدأ من روعها منذ تلك الليلة، لم يحاول فعل شئ، ببساطة ابتعد عنها ورفع يديه عن العناية بها، هل تستحق تلك المعاملة؟

تساءل عقلها ليأتيها الجواب بنعم، هي تستحق ذلك العقاب، ويكفي انها تعيش تحت سقف منزله وما تركها وتخلى عنها!
أنهت رثاء حالها لتحاول النهوض من فراشها بخمول مما سبب الانين في عظامها لتتأوه بوهن وهي ترتدي خفيها لتتجه نحو الحمام الملحق بغرفتها قبل أن تعود لكآبتها مرة اخرى!

دقائق عديدة مرت داخل الحمام بعد ان قررت ان تأخذ حماما دافئا لتعيد تجديد نشاط جسدها، لفت رأسها بمنشفة بعد ان اكتشفت انها نست المجفف الخاص بها على طاولة الزينة، ارتدت بيجامة قطنية مريحة..

هرعت للخارج لتجحظ عيناها، و وتتخشب قدميها وهي تجده جالس بأريحية شديدة على المقعد متفرسا اياها والنشوة تزداد تدريجيا وهو يرى خوفها، يكاد يشم رائحة الخوف مما جعله يستقيم من مجلسه مقتربا نحوها حتى تقدم أمامها ليميل برأسه مشتما عبيرها الهادئ ليهمس بصوت أجش
-وحشتيني مش كدا.

ارتجفت شفتيها وهي تتطلع نحو باب غرفتها المفتوح على مصراعيه ثم شرفتها المفتوحة، لطالما تركت باب شرفتها مفتوحا وظنت انها الطريقة التي سيدخل منها لكن أن يأتي من باب غرفتها!
هل حدث شئ لشقيقتها؟ هل اختطفها هي أيضا؟ شحب وجهها تدريجيا وهي تهمس بتعثر
-م، معاذ
ابتسم معاذ بشراسة وعيناه تحدقان نحو عينيها المذعورتين، لمس وجنتيها لتبتعد عنه خطوة.

زاده رغبة وهو يتقدم يلمس فكها لترتجف وهي تبحث عن معونة من شخص، أين شقيقها؟
أين الجميع؟!
كادت تتحدث الا انها انفجرت صارخة برعب حينما وجدته ينسل من جيب بنطاله مسدس!
صرخت بذعر وهي تتراجع للخلف صارخة بانهيار
-ايه اللي في إيدك ده يا مجنون
نظر الى سلاحه بانتشاء ثم نحوها ليقول ببرودة اعصاب
-مسدس، تحبى تيجى بالذوق ولا اقتلك
اجبرت قدميها على التحرك والهروب، لن تأمن وجودها بجانب مختل.

خطوة، اثنان وثلاثة الا انه امسك ذراعها بخشونة جعلها تصرخ طالبة النجدة، دفعها بخشونة نحو الحائط ويده توجه نحو فوهة المسدس نحو عنقها قائلا بتهديد
-متحاوليش تهربي مني، خلاص انتي وقعتي تحت رحمتي
التمعت عيناه بشرر ناري، وهو يتذكر كيف قام والده بالتبري منه تماما بعدما طلب نجدته، أبيه ينقذ اسمه فقط ولا يهتم به اطلاقا!

لقد فقد ابيه الأمل منه تماما، وما يقوم به لحمايته فقط من أجل اسمه وحملته الانتخابية القادمة، لقد أخبره بها صراحة
ألم يفر هاربا تاركا الزفاف وقرر الرحيل نحو الخارج، تاركا والده وعائلته في وضع حرج أمام عائلة السويسري، والسبب انه فقد رغبته بها بعدما كاد يجن وتصبح مجرد عدد تضاف للائحته
أو غزو جديد ليعلن انتصاره.

شرست ملامحه وهو يقرب الفوهة من رأسها و ملامحها الشاحبة وارتعاش جسدها يزيد من نشوته وانتصاره ليهمس بصوت أجش
-انتي فاكرة الحمير اللي معينهم برا دول هيمنعوني منك
انفجرت شادية تصرخ بعلو صوتها، حتى كادت احبالها الصوتية تنقطع ليزيد من صوت صراخها ضحكاته الثملة الأجشة زادت ملامحه قسوة وضراوة وهو يمسكها من مؤخرة عنقها ليصرخ في وجهها قائلا.

-اصرخي اكتر، ولا حد هيقدر يعمل حاجة، انتي عارفة أنا بسببك حصلي ايه، والدي رفض يستقبلني في حضنه بعد ما عرف حبيبك اللي طلع ايطالي
زاد حقده عليها وعلى ذلك اللعين الأجنبي، ذلك الأجنبي الذي زعزع سلامه وحياته السليمة، امسك ذقنها بخشونة آلامها لتنفجر صارخة وهو يغمغم بقسوة
- قوليلي يا بيبي ياتري عارف بعلاقتنا الحلوة القديمة ولا لأ، انطقييي.

اقترب يشم عبير عطرها الناعم ليطبع قبلة على خدها بانتشاء وهو يهمس بثمل وقسوة شديدة
- ولا مش فارق معاه، بس مش هسيبكم، انتي بتاعتي لوحدي
حدقت شادية نحوه بغضب، يذكرها بأعظم غزواته السابقة ويتغني بها أمام ليؤلمها
ويحبطها ويكسرها، لكن الآن!
ليست تلك الضعيفة أمامه، هل هي ضعيفة؟! لا ليست ضعيفة.

ألم يتركها والدها تتعامل مع مشاكلها بمفردها، يهدد المسدس امام وجهها، لكن يقين داخلي تعلمه أن تهديده بالسلاح لن يتجرأ على استخدامه ابدا
هو لا زال بحاجتها، يعيد استرجاع غزواته القديمة وهي ستريه كيف أصبحت آخر غزواته!
دفعته بقسوة عنها وهي تصرخ هادرة في وجهه
- ابعد عني، عايز ايه تاني مني، مش اخدت اللي عايزة ورمتني
مال برأسه مفكرا قليلا قبل أن يتمتم بعبث.

- ووحشني للأسف، الوحيدة اللي معرفتش انساها، بتخيلك دايما في احلامى في حضني ومشتاقة ليا
اقشعر جسدها وهي تتذكر لمسات ذلك القذر منذ أن عقدا قرانهما، ولمساته التي كانت تزداد جرأة يوما عن الاخرى معللا أنها أصبحت زوجته وما يفعله ليس بعيب وحرام، كان يجادلها دينيا ويعقد مناظرة وهو حتى لا يعرف عدد ركعات الظهر!

انفجرت ضاحكة بسخرية وهي لا تصدق كم كانت ساذجة، مغفلة، هل تلك الدرجة لم ترى خداعه ولم ترى مكره ووجهه القذر، مالت برأسها وهي تواجهه بشراسة وقوة لم تعتادها ابدا
لكن مضطرة إليه، إن كان لا يوجد احدا في ظهرها وهي وحدها في الوادي!
يجب عليها قتل الأسد في عرينه وترفع رأس الأسد أمام جميع الحيوانات لتجعل جميع الحيوانات الأخرى تخشى الاقتراب منها!
همست ببرود
- واضح ان احلامك واسعة يا معاذ.

تركها تتحدث وتعبر عن ما يجيش في صدرها، إلا أن الكلمة الأخيرة له
هكذا هو السلطان يترك رعيته تتحدث وتتكلم، ثم ما يحدث بالنهاية يخرس ألسنة من يحاولون شن الفتنة، اقترب ممسكا إياها من ذراعها لاويا اياه خلف ظهرها لتتلوي بجسدها وعينيه تمشطانها تجري مسحا على جسدها الغض بين ذراعيه
لقد فقدت الكثير من وزنها، اللعنة عليها، ما الذي فعلته بنفسها، صاحت بهدر
- ابعد، ابعد عني.

تأوهت بألم حينما زادت أنامله قسوة ليجيبها بجفاء
- احلامي هتتحقق، بعد اللي خسرته مفيش غيرك مش هقدر اخسرك
سمع معاذ صوت اقدام ارجل ليدير جسده أمام باب الغرفة رافعا فوهة المسدس لرأس شادية التي شهقت بجزع ما ان رأت شحوب وجه شقيقتها نظرت اليها محاولة اطمئنانها
وكان حديث الأعين بعيدا عن الصخب الدائر
- لو حد قرب منها هقتلها.

كادت جيهان تفقد وعيها وهي ترى هذا المختل يوجه فوهة المسدس في رأس شقيقتها، شعور بالعجز تكبلها وخشيت أن تتقدم خطوة واحدة كى لا تتعرض حياة شقيقتها للخطر
رفعت عيناها باضطراب محدقة نحو شادية التي تنظر نحوها بثبات واطمئنان، مما جعل رعبها يزداد ضعفا
من التي من المفترض أن تخشى وتخاف؟
هي أم شقيقتها؟!

كادت الارض ترحب بجسدها الا ان ذراعي وسيم التي سبقتها ساعدها على دعم جسدها وهي تدير وجهها نحو وسيم التي تحولت ملامحه قد من حجر ناظرا نحو معاذ بثبات قائلا بصوت خشن
- سيب السلاح على جنب
حدق معاذ بسخرية شديدة وهو يضم جسد معذبته اكثر مستشعرا نعومة جسدها ورائحتها المسكية، ليزداد جسده احتياجا لها، هي الوحيدة القادرة على إشباع ظمئه منها!
لوى شفتيه ساخرا وقال
-ابعد انت منها دلوقتي واهتم بحبيبة القلب.

تقدم وسيم خطوة منه بجسارة جعل معاذ يجفل ليرفع فوهة المسدس في اتجاه وجهه مما جعل جيهان تصرخ باكية ليصيح معاذ بحدة
- لو حد قرب هقتلها وهقتلكم
ضم وسيم يديه في جيب بنطاله، وزرقاوته تتطلع نحو رجل خلف يتسلق الشرفة آمرا اياه بالهدوء، لم يستغرق النظر أكثر من ثلاثة ثوانٍ كي لا يشك معاذ وتفشل عملية القبض عليه لينظر إلى معاذ قائلا بجدية
- الموضوع مبيتحلش بالطريقة دي يا معاذ.

ألقى وسيم نظرة زاجرة نحو جيهان لكى تلتزم الصمت وهي تتطلع نحو شقيقتها بيأس شديد، انفجر معاذ يضغط ذراعه حول رقبتها ليقول بسخرية
- الهانم فاكرة اني هسيبها، بس ده بعينها
غمغم وسيم بنبرة باردة وهو يحدق نحو فوهة المسدس الموجهة نحو شادية
- ميصحش ترعبها بالطريقة دي لو عايزها.

كشر معاذ عن انيابه، ومحاولة خطته للهروب باءت بالفشل، هو تأكد يوم دخوله للقصر عدم وجود أي شخص من عائلتها، تأكد خروجهم حتى يتسني له فرصة الدخول
وكيف دخل؟
حقا دخل بأسهل طريقة، بعد رشوة الرجال استطاع الدخول، لكن لم يكن في الحسبان ابن المالكي في المكان، لقد تأكد من الجاسوس الذي زرعه ان الفتاتين بمفردهما!
اجابه بفظاظة
- متتدخلش في اللي ملكش فيه.

اقترب وسيم ليوجه معاذ المسدس في اتجاهه تلك المرة مما جعل وسيم يرفع عيناه قائلا
- ارمي السلاح ده على جنب، ممكن تأذيها في النهاية وتخسر كل حاجه
انفجر معاذ ضاحكا بسخرية وما زال المسدس يشير ناحية رأس وسيم الذي قرر أن يبتعد عن محيط جيهان، امال برأسه قليلا ناحية شادية التي فهمت انه يعلم بخطتها مع شقيقها، لكن أين هو ماهر؟
انتبه وسيم الى نبرة معاذ الخشنة
- وانت فاكرني عبيط مثلا، فوق انت مبتتكلمش مع عيل صغير.

عاد يضحك بانتشاء وسخرية إلا أنه في ثانية واحدة تجهم وجهه حينما شعر بمعدن بارد التصق خلف رأسه وصوت أجش آمر ارعد فرائصه
-ارمي السلاح والا الرصاصة هتفجر في دماغك يا...

ابتعد وسيم سريعا عن إمامهم وما ان هم معاذ بالحركة لم يتردد الرجل أن يطلق نار بجوار أذن معاذ الذي انهار جالسا من صوت اطلاق النار، مع ارتفاع صراخ الفتاتين بانهيار، حاول معاذ الجلوس وهو يطرقع بإصبعه محاولا التعرف أن يصاب بالصمم، ليس بالبعيد ان اخترقت طبلة اذنه، ليتأوه بألم والرجل يتعامل معه كجرذ ليتدخل ماهر بعد أن زفر متنهدا بحرارة وهو ينظر بتشفي نحو معاذ الذي كبله الرجل، اومأ ماهر برأسه نحو الرجل الذي تفهم ما اومأ له ليرفع جسده بيد واحدة جارا اياه للخارج...

اقترب ماهر من شادية التي تحتضن شقيقتها، ليحتضن كلتاهما مغمغما بصوت أجش
- اهدي، اهدي خلاص انتهي الكابوس
اغمضت شادية جفنيها براحة، تلك المرة ستستطيع النوم
انتهى الكابوس
انتهى معاذ تلك المرة للأبد!

في قصر المالكي،
الجميع في الحقيقة عبارة عن مجانين
لتسألني ماذا عن المجانين داخل مشفى الأمراض العقلية
الحقيقة لم يفهم الجميع مدى ذكائهم أو مدى عمق جرحهم، فأعتبروهم مجانين
ببساطة
مجانين، حتى من يكون عاقلا يفقد طور تعقله تماما مع حفنة مجانين على أساس أنهم أطباء يرغبون بعلاجهم
لم يتساءل أحد عن مدى تعقل الأطباء داخل مشفى الأمراض العقلية.

هم عبارة عن وحوش متجسدة بهيئة بشرية، تنهدت اسيا بقلة حيلة وهي توقف تفكيرها حاليا عن المشافي الامراض العقلية لتركز بعينيها نحو الكتاب الذي تقرأه
بعد ذلك اليوم الذي أخذتها به وجد لمؤسسة خاصة بالأطفال اليتامى، استطاعت أن تعلم أى وجه لتلك المدللة الخاصة بالعائلة
ليست هينة اطلاقا، وهي تراها تلتصق بها دائما، تشكر حقا جلوسها الشبه الدائم وإلا ستفقد تعقلها هي.

جميع العائلة ينظرون الى علاقتهم بأفواه متسعة، خصيصا الهركليز الضخم خاصتها الذي هددها
نعم هددها تلك المرة، ليس عبثا ولا كرهها
بل هددها ببساطة بتدميرها، وتجريدها من كل ما تملكه، لأول مرة يستعمل الهركليز نفوذه وقوته الجسدية والمالية أمام زوجته مهددا اياها بعدم العبث بالفتاة المدللة الذهبية، والا ستقابل عقابا وخيما من جميع العائلة وأولهم هو!

بئسا له، لم تربيه الحية جميلة وتعلمه أصول الأدب والاحترام أمام زوجته، لا بأس ستعلمه..
ثم من هي الصغيرة المدللة التي يخشى عليها منها، بل هي التي من يجب أن تخشي منها، تلك المدللة تستطيع قراءتها، بل تستطيع قراءة الجميع، لأول مرة تخطئ بالحكم على شخص، لكن لا مشكلة الجميع يتعلم
والذكى من يتعلم من أخطاءه ولا يسقط من نفس الجحر مرتين!

تأففت بحدة وهي تغلق الكتاب لتستقيم واقفة تود الخروج من غرفة المكتب التي احتلتها، لقد خصصت لها مكانا في ذلك السجن، بداية من غرفة المكتب الخاصة ب العجوز الذي اخبرته عن مواعيدها اليومية التي ستجلس فيها داخل مكتبه في حاجة ماسة للهدوء
والجد تفهم جيدا، وترك لها الغرفة كما طلبت، والحقيقة هي هنا تبحث عن رسالة والدها فقط.

الهركليز اللعين خدعها أن والدها ترك رسالة خاصة، تقسم ان كان الامر خدعة فلن تكتفي بحرق القصر بالذين فيه!
تقسم ان كانت خدعة ستحرق الجميع ولن يردعها شخص، تأففت بضيق حينما استمعت الى صوت الجميلة الحاد تتحدث أمام غرفة المكتب
-احنا مش قفلنا الموضوع ده وقولت لأ
كانت ستغادر وتتخذ الباب الاخر للمكتب الا انها توقفت تستمع الى صوت الجد الحاد
-ومين انتي عشان ترفضي الموضوع يا جميلة.

ضيقت آسيا عيناها بعبوس، محاولة التذكر السبب للمجادلة لتتسع عيناها بإدراك، اللعنة الفتاة المدللة حزينة بسبب رفض الحية للزواج من الرجل الذي تحبه، كيف نسيت الأمر تماما عن بالها، اللعنة ستصبح أمام المدللة فتاة أنانية وهي بحياتها تقدم حياة الجميع على حسابها
الأمر رغما عن ارادتها، أقسمت لوالدتها الحفاظ على تشابك العائلة، لكن العائلة مفككة الآن
وشقيقتها تنعم ببعض العسل مع زوجها أو سابقا!

وابنتها صغيرتها التي ربتها حاولت أن تمنحها ما فقدته، لكن ما حدث
هي الغبية التي أخبرتها عن ضرورة معرفة الآب، وياليتها لم تخبر شقيقتها الغبية، الرجل تشبث بصغيرته وسيحرق العالم لو اخذها احدا منه.
كادت تنفجر ضاحكة وهي تسمع صوت جميلة الحانق
-انا امها
زفر غالب بحدة وهو ينظر بعيون ثاقبة متفرسا في ملامحها، يتوغل الى دواخلها ليقول بصوت أجش مصححًا
-عمتها.

صفقت آسيا بيديها دون إصدار صوت، لتسمع رد جميلة المحتنق بغضب
-الام اللي تربي مش اللي تخلف
لوى غالب شفتيه، ليقول بتهكم
- ولو انتي امها ليه تكسري بفرحة البنت
ضيقت جميلة عيناها لتقول بلا مبالاة
-هو مش زي اي عريس جاي، بعدين اكيد ربما هيجيلها الاحسن مش واحد من طبقة الخدامين
تعمدت ذكر أصلهم المتدني بأستحقار ليصرخ غالب في وجهها
-جميلاااااااااا
انتفخت أوداج غالب سخطا وهو يقترب منها صارخا بهدر.

-انتي شايفاني عجوز وخرفت عشان معرفش مين مناسب لحفيدتي
ارتعبت جميلة وهي تحاول كز اسنانها كى لا تنفجر ساخطة، لا تعلم إصراره على تلك الزيجة من هذا الرجل
الرجل لا يوجد ما يعيبه، ليس بشخصه لكن رغما عنها تريد الأفضل لابنتها، ابنتها تستحق ذلك
هي ليست بحاجة لرجل يعلم جميع الاعمال الحرفية، تريد رجلا في مركز هام وشخصية قوية لتتغني به أمام صديقاتها
نفخت بقوة وهي تجيبه.

-العفو يا بابا لكن انت مشوفتش هو عامل ازاي ولا الست اللي معاه
هز غالب رأسه يائسا، لم يتوقع انها بكل تلك السنين لا تستطيع التميز ما بين الألماس الحقيقي والمغشوش.

ألم يتركها تبحث عن عرسان لحفيدته وكانوا حقا مثيرين للشفقة والسخرية، ثم بالله من هم الفقراء، ثورة تحية ضخمة، ما تركه لها والدها وعلمه منذ بضعة ايام ان حفيدها يستثمر بعض اموالها في مشاريع عدة تحقق ربحا جيدا، هذا غير ممتلكاتها العقارية الخاصة بعد موت زوجها وأموال والدي عاصى، الرجل لوحده ثورة موقوتة متحركة، رغم عدم اهتمامه بالمظاهر وبساطته ومدى تربيته وخلقه ورجولته التي شهدها من كل شخص عمل لديه، الا ان جميبة معمية تماما لتنبهر باللمعان صحح من مفهومها قائلا بغيظ.

-اللي معاه دي تبقي تحية هانم، بنت صاحب اكبر جواهرجي في مصر ومستواها فوق ما تتخيلي يا جميلة، وحفيدها متربي احسن تربية وراجل اقدر ائتمنه عليها
محدثي نعمة، كادت جميلة تبصق بها لتهز رأسها رافضة بنفي تام
- مش موافقة برضو
لوى غالب شفتيه ساخرا ليغمغم بحدة
- وانا مش هاخد برأيك، هاخد برأيها هي
اتسعت عينا جميلة لتهمس بعدم تصديق
-للدرجة دي
قال غالب بنبرة ذات مغزى
- لما اشوفك بتوديها طريقك يا جميلة يبقي لازم اقف.

شحب وجه جميلة تزامنا مع حديث غالب، لتردد كلمته باستنكار
-طريقي
احتدت نظرة غالب وهو يقترب منها قائلا بنبرة ذات مغزى
-طريقك يا جميلة، فاكراني للدرجة دي مش عارف انك بتخليها نسخة منك
عضت على باطن خدها والدموع تتخذ طريقها للانهيار إلا أنها منعتها بقسوة لتهمس بحشرجة
-نسخة منى! للدرجة دي أنا وحشة في نظرك؟
زفر غالب حانقا ليقول بتهديد صريح لا عبث به قبل أن يستدير على عقبيه قائلا بسأم.

- هروح انام، انا تعبت من الكلام، اسمعي بقي كلامي يا جميلة لو شميت، شميت خبر بس حاولتي فيه تتعسي حياة حفيدتي ابقي شوفي وش غالب المالكي التاني
طعنة وجهت نحو هدفها تماما وهي تحدق نحو والدها تحاول معرفة سبب تمسك تلك العائلة، لترفع صوتها والحقد يتغلل صوتها.

-يااااه للدرجة دي الست سحرتك هي وحفيدها، قولي بقي انك عايز تحقق إنجازات قديمة من خلال حفيدتك وعايز ترجع الحب القديم ويحلالكم الجو سوا، انا مش مصدقة ولا هقبل أفعال المراهقة والصباينية دي ابدا، مش هسمح ليها تسحرك وتغويك بالطريقة المقززة التي تدل على مدى وضاعتها وحقارتها مش في الاخر يقولوا غالب المالكي اخدته في آخر عمره بنت من اصل ااااه.

صفعة مدوية وجهت لخدها، أسقطتها ارضًا، تنفس غالب بهدر وهو ينظر بعينين محتنقتين وملامح متجهمة ينظر جميلة التي انهارت باكية تصرخ في وجهه
- بتضربني عشانها
لم يتوقع الابنة تتواقح معه بذلك الشكل، تقل من كرامته ووضعه بسبب اوهامها الخرقاء واشياء لا تستطيع رؤيتها أبعد من انفها المغرور، صاح بغلظة شديدة.

- بضربك لانك واضح خرفتي يا جميلة، وواضح المسلسلات اللي بتتفرجيها ليها تأثير سيئ عليكي، مش عايز اشوف وشك نهائي، برااااا
استقامت جميلة بضعف، وتلك الصفعة لن تنساها بحياتها ابدا لتغمغم بقهر
- مش هسكت على اللي حصل ده ابدا
امسك غالب يده بقوة على عصاه كى لا يطرق عصاه على راسها، صاح بجفاء شديد
- اطلعي برا البيت لو مش عجبك.

تراجعت خطوة للخلف مصدومة مما يفعله والدها، أو عمها بالحقيقة الذي اعتبرته والدها، همست بصدمة
-بابا
انفجر في وجهها هادرا بعنف
-اياكي تنطقي بالكلمة دي، معنديش بنات، خسارة تربيتي فيكي
نمى حقدها أكثر وهي تتوعد لتلك المرة، لم تستطيع منع نفورها وضيقها منها لتصيح صارخة في وجهه.

- ده كله عشانها هي، الست البيئة دي جاية بعباية سودا ومعاها حفيدها اللي فرحنالي بيه، شغال صبي قهوة انت متخيل اقول للناس ايه لما يسألوني عن شغله
لم يرد عليها، لم يحاول حتى
ان كانت معمية فستظل على عماها، الرجل هاتفه واعرب عن مدى تمسكه ب صغيرته رغم الحرج الذي تملكه، لكن الرجل بادر بالحديث وإقناع العمة بما لديه، رفع اصبعه محذرا وتقاسيم وجهه لا تنبئ بالخير ليصيح بصرامة.

- ايدك تبعد عن جوازة وجد وإلا قسما عظما...
قاطع كلماته صوت وجد التي دخلت قلب المعركة بقدميها
-جدو، ايه حصل
زفرت آسيا بسخط شديد لتمتم بحنق
-دخلتي ليه يا غبية انتي، مش كنا ارتحنا منها
تدخلت جميلة وهي تنظر الى صغيرتها لتصيح بنبرة قاطعة
- انا بعلن اهو، انا مش موافقة على الجوازة دي ولو حصلت تبقي على جثتي
تجمعت الدموع في عيني وجد لتعض على طرف شفتها السفلى لتميل برأسها محاولة استمالة رأس والدتها الصلد.

-مماة انتى بتقولى ايه
اكتفى غالب حقا منها، بانانيتها وعجرفتها، كيف تؤلم صغيرتها، ألم تكن هي عاشقة ميؤوسة من حب طرف واحد!
لما لا تترك طفلتها تختار حياتها مع من تريد بمفردها إن كان الرجل اهلا بها، حقا لا يفهم منطقها ولا يعلم ما الذي يدور برأسها؟
صاح بنبرة نافذة الصبر
- جميلااااا.

دك بعصاه على الارضية المصقولة جعل اسيا تميل مسترقة السمع، غير راغبة في التدخل للحديث النارى، توقعت ان الحية عادت لمخبئها لكنها ما زالت تبخ سمومها وهي تصيح بعصبية
- لطالما هتخرسوني، هتكلم دلوقتي، انا مش راضية تتجوزي البتاع ده، انا منظري هيبقي ايه وسط الناس والنادي دلوقتي.

نظرت وجد نحو جميلة بخيبة أمل، وهي التي توقعت أن تجد منها دعم تستحقه، توقعت ان تجد منها معونة ودعم لكنها لم تجد سوى خيبة أمل، تحشرج صوتها وهي تهمس
- يعني النادي اهم مني وسعادتي يا مماة
رمقتها جميلة بحدة لتقول بتهكم
- تاخدي واحد معندهوش شغل محترم
شهقت وجد لتحتد عيناها وهي تجادلها قائلة
- مين قالك يا مماة انه مبيتشغلش
اكتفي الجد يحدق نحوها بنظرات مميتة قاتلة، إلا أنها لم تكتفي أبدا.

الا يكفي انها لم تعد تشارك طاولة الطعام معهم بسبب زوجة لؤي التي تسمم بدنها بكلماتها اللاذعة، انفجرت تقول باشمئزاز
- صبي قهوة ونجار وسباكة، ايه هعمل بيه يعني، اجيبه لما ماسورة الماية تنفجر يصلحهالي
توجعت وجد وهي ترى عمتها تقلل من رجلها، تقلل من شأنه، وتخسف من قدره، احتقن وجهها وهي تحاول السيطرة على أعصابها لتنظر الى عمتها بنظرة خاوية
جعلت قلب العمة يرتجف.

لقد سقطت العمة من نظرها بعد ان وضعتها في موضع سامى، لا تستطيع ان تتحمل كلامها الجارح عنه وهي لم تراه ولم تتعامل معه مطلقا، مسحت الدموع المعلقة و غمغمت بنبرة محتدة.

- يعني انتي سبتي شهادته ووظيفته كدكتور محترم وليه سمعة وسط الناس، ولما قالنا انه اشتغل كل حاجة عشان يساعد جدته وميمدش ايده ياخد منها مصروف عشان حس انه راجل وانه شايل مسؤولية جدته شوفتيها عيبة في حقه، كنتى عايزاه يبقي زي الشباب اللي عايزاني اتجوزهم يا مماة، اتجوز واحد من اختيارك بياخد مصروف من بباه حتى بعد ما كبر وميكنش محقق حاجة لذاته افتخر بيها بعيدا عن اسم عيلته، هعمل ايه باسم العيلة يا مماة ان كان مطلعش راجل معايا، هستفيد باسم العيلة ايه لما الاقيه بيعاملني زي عروسة باربي مامته جبتهاله عشان يتسلي بيها وقت خنقته، شايفاني عروسة باربي يا عمتي، انا عايزة راجل في حياتى وعاصي هو الراجل ده.

طعنة اخرى صوبت تماما في قلبها، لقد قالت عمة
الكلمة التي لم تنطقها وجد بحياتها استطاعت ان تقولها، لقد فقدت صغيرتها التي رمقتها بأسف شديد متمتمة
- مكنتش متخيلة انك هتعملي معايا كدا وتكسريني
سارعت بالهروب مهرولة نحو غرفتها، ليزفر غالب قائلا بنبرة مختنقة
-ارتحتي.

مدت جميلة يدها تمسح الدموع من عينيها، لقد فقدت صغيرتها ووحيدتها، اللعنة على تسرعها وغبائها، لقد جعلتها تتمسك به، زفرت جميلة وهي تحاول استيعاب حجم خسائرها
والدها وطفلتها في يوم واحد، هذا كثير عليها، حقا كثير عليها!
انتبهت على صوت غالب الذي غمغم بجفاء شديد
-تلمي هدومك وتروحي شالية الساحل لمدة شهر، شهرين، لحد لما اطلبك
حينما لاحظ تخشبها انفجر في وجهها هادرا.

- يلاااااا، مش عايز تأخير ربع ساعه وتكوني جوا العربية
التفت غالب مغادرا يحوقل، لتجز جميلة على اسنانها بقهر شديد لما حدث لها منذ قليل، كادت تستدير مغادرة الا انها تفاجأت بشخص يفتح باب مكتب والدها لتخرج من اسيا وعيناها كانت كفيلة جدا لمعرفة ان تلك الشيطانة علمت ما حدث بالكامل.

انفجرت اسيا وهي تداعب خصلات شعرها، لقد تخلصت منها دون أن تقترب منها لقد حفرت القبر بيديها الحمقاء ربما لو طالت اقامتها أكثر لدفعتها نحو الجنون
شرست ملامح آسيا تزامنا مع تذكرها الماضي، وما فعلته بحياتها ودمرت مستقبل عائلتها وكانت السبب في موت والدها
أي ضمير تملكه هذه الحقيرة لتقف امامها بجبروت دون أن ترمش عيناها لتغمغم اسيا بنبرة ماكرة
- ارتحتي لما خربتيها وقعدتي على تلها، مش كدا بيقولوها برضو.

زفرت جميلة بحدة لتغمغم
- مش ناقصاكي هي كمان
انفجرت اسيا ضاحكة لتسود ملامحها وزرقة عيناها تموج بجنون لتقترب من جميلة هامسة بوحشية
-كان نفسي اقولك هتوحشيني، بس اتمني تروحي ومترجعيش لانك ملكيش مكان هنا للأسف، مجرد بنت يتيمة انانية عايشة مع عمها اللي بينفذ أوامرها وفاكرة ان طلباتها هتتنفذ حتى لما تعجز بس للاسف بتراهني على الشخص الغلط
شحب وجه جميلة وهي تنظر الى اسيا بذعر.

كيف تعلم عنها كل هذا، ازدردت ريقها وآسيا تهمس بخبث
- يلا غوري من المكان، ولما ترجعي هتأكد اني هخلي ايامك اسود ايام حياتك يا، هانم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة