قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي عشر

في إحدى الأحياء الشعبية الشهيرة،
صخب الشوارع يصل إليها من شرفتها، تنهدت المدعوة بأم يحيي الخاطبة المشهورة في الحي والأحياء المجاورة، تراقب السيدة العجوز توحة ترتشف شايها بكل هدوء، الهرم والعجز كسي ملامح وجهها، لكن الحي يعلم وهي تعلم أن هدوئها مجرد غلاف خادع..
تبسمت في وجهها وهدوءها المريب استبشرته لتقول بنبرة ماكرة.

- زي ما بقولك يا توحة، البت سناء دي بسم الله ماشاء الله عليها ادب ايه، اخلاق ايه وجمال ايه، يعني كاملة متكاملة ست بيت لهلوبة واهم حاجه هادية وبتسمع الكلام، ما انتي عارفاني يا توحة، مجوزة بنات الحتة كلهم والكل يشهد بيا
هزت توحة رأسها عدة مرات لتمتم بنبرة غامضة
- قولتيلي عندها كام سنة.

انشرحت أسارير أم يحيي، وهي تفكر إن تم المراد ستأخذ الحلاوة ف عاصي حفيد السيدة توحة العازب الشهير في حيها والاحياء المجاورة حتى نساء الحي يطلبون منها أن تجس نبض السيدة توحه لبناتهم، تمتمت بنبرة ضاحكة
- عشرين سنة
هزت توحة رأسها باستحسان لتمتم
- امم، مش بطالة، حلوة يا ام يحيي؟
سارعت ام يحيي ترد بتلهف شديد، وهي واثقة انها ستلقي زغرودة يسمعها الحي بأكمله
- دي ولا البدر في تمامه.

ضيقت عيناها بعبوس شديد، ليزدرد ريق ام يحيي من نبرتها الصارمة
- عارفة لو بتضحكي عليا يا ام يحيي والله لاقوم جراكي انتي والبت دي من سلالم العمارة والحتة تتفرج عليكم
توترت معالم وجهها، لتفرك يديها وهي تقول بنبرة ضاحكة مفتعلة
- يووه، ايه لازمته الكلام ده يا توحة، لولا انك كدا بتشكي فيا كنت زعلت وأخدت على خاطري، لكن استاذ عاصي يستاهل بنت خير
اشاحت توحة يدها بلا مبالاة لتقول بعدها بنبرة صارمة.

- بتدرس ايه بقي سناء
اجابت بصراحة شديدة وعفوية
- في البيت
لمع الاعجاب في عيني توحة لتمتم بنبرة بها فخرا
- طب والله حلو، البت مكملة تعليمها منازل
ستلقي البشارة لأهل العروس، انفجرت ضاحكة من تفكير توحة لتمتم بعدها بسخرية
- تعليم ايه يا توحة، البت سابت تعليم من اعدادي.

اتسعت عينا توحة بذهول، وهي ترى الفارق التعليمي بينهما، هبت فجأة من مقعدها وقفزتها السريعة جعل عينا أم يحيي تتسع بجحوظ لتمسك بخشب تقرأ المعوذتين المقعد لتسمع صراخ توحة الهادر
- اعدادي، وحفيدي مخلص كليته، انتي خرفتي يا ام يحيي ولا ايه، بقي انا حفيدي هياخد واحدة مكملتش تعليمها
وقفت ام يحيي بجسدها الممتلئ محاولة استمالتها.

- ايه يا توحة، تعليم ايه بس، الراجل هيعمل ايه بتعليمها، هو بس عايز اللي يدلع كرشه وحياته اكيد فاهمه اقصد ايه
صاحت توحة بشراسة شديدة والغضب يستحوذ في كل خجلة من وجهها
- قومي يا ولية اما انتي قليلة الرباية صحيح، قومي وغوري من وشي
لوت ام يحيي لتمتم باستنكار
- توحة مالك الله، استهدي بالله كده مش مستاهلة كل دا
خمست توحة في وجه ام يحيي لتقول معددة صفات حفيدها البكري.

- انا حفيدي بسم الله حافظه وصاينه خريج اول في دفعته والله اكبر عليه وخمسة عليه في وش العدو بعد سنين دراسته وشغله يتجوز واحدة واخدة شهادة اعدادي، ليه قالولك ان ابني جعان ولا بيشحت من الجوع مش شايفة طوله الله اكبر.

عضت ام يحيي على شفتها وهي تعترف أنها اخطأت في تهوين الامور، نعم تجرأت لأول مرة لتزور منزلها، لكن لم تكن تعلم ما يخبئ اسفل الجسد الهرم من انثي يافعة تناطح الجميع دون رادع، تمتمت بصراحة شديدة
- ماشاء الله طبعا، الله اكبر مفهوش حاجه ناقصة
صاحت توحة باهتياج شديد
- شايفه حفيدي بط عشان تزغطيه، ايه محروم من الاكل في البيت والنضافة، شايفة بيتي مش نضيف يا ام يحيي
هزت ام يحيي رأسها نافية لتمتم بصراحة قائلة.

- فشر، تفي من بوقك يا توحة
تبحث ام يحيي عن مخرج من حديث توحة اللاذع، تنفست الصعداء حينما دلف عاصي مقتضب الوجه يتمتم بنبرة حلوة بها العتاب لجدته
- توحة، مش قولتلك بلاش اللي بنعمله ده ونفتح بابنا، الجيران كلها سامعة دلوقتي.

رفعت رأسها وهي تنظر إلى عاصي بحدة، هل هي مجنونة مثلا أو عقلها لا يعمل بكفاءة، بل فعلتها متعمدة حتى تخرس النساء في الحي ويتوقفن عن عرض بناتهن عليها، حفيدها يستحق اميرة، امرأة تستحقه، حلوة، ذكية، لامعة، مثقفة، مرحه، والكثير من الصفات، فحفيدها تراه كاملا، انهى تعليمه بل متفوق بدراسته، ساعي للعمل عكس بعض الشباب الكسالى الذين يقضون النهار في المقهى ويشكون قائلين لا يوجد عملا بما يناسب شهادتهم، الحمقى يريدون غرفة مكيفة ليقضوا النهار ويعودون من العمل بدلا من السعي والشقاء، زفرت بسخط شديد تحت نظرات عاصي المعاتبة لتبتسم بحلاوة شديدة.

- حبيب قلبي تعالي وحشتني
انفجر عاصي ضاحكا وهو يضم جسدها النحيف برقة شديدة ليقبل جبهتها، مسحت توحة بكفيها المجعدتين على وجنتيه الخشنتين، طرفت بعينيها نحو أم يحيي فاغرة فمها كالبلهاء، شرست ملامحها لتصيح بحدة
- امشي انتي يا ولية وحسابي لسه مخلصش
فرت ام يحيي هاربة من الشقة لتغلق الباب خلفها، كتم عاصي ضحكة متسلية وهو لا يصدق أفعال جدته الصبيانية ليقول
- هتاكلي الست يا توحة.

تمتمت بلهفة شديدة وهي تخشي ذهاب شباب حفيدها ويكبر في عمره دون وجود إمرأة بجانبه
- مش هتريح قلبي بقي وتتجوز، عايزة اشوف عيالك ولا انت مصمم تنكد عليا وتخليني اموت وما اعش اللحظة اللي اشيل فيها ابنك
مسح على رأسها وهما يجلسان على الاريكة ليقول بلهفة
- بعد الشر عنك يا توحة، هو انا ليا مين غيرك في الدنيا دي، لسه ملقتهاش يا قلب توحة، اوعدك اول ما الاقيها هجيبها فورا تقابليها.

تجهمت ملامح جدته للاستياء لتهمس بضعف
- كل مرة تسكتني بالكلمتين دول، انت مش شايفني عجزت وخرفت وقربت اموت
قبل راسها عدة مرات وهو يطلب منها السماح ليقول بمشاكسة لطيفة
- توحة ليه بس بتجيبي سيرة الموت، ده الحي كله يشهد بجمال توحة اللي خطفت قلب معلم الحتة
اشاحت بوجهها للناحية الاخري لتهمس بنزق
- اقعد كل بعقلي حلاوة وماله، لكن انا قررت اني هجوزك لاميرة مش واحدة معاها شهادة اعدادي.

ثم استدارت اليه وهي تحتضن وجنتيه بكفيها لتهمس بصلابة
- انت ابني وحفيدي ونور عيني، انا مش عايزة غير اللي تناسبك وتناسب حياتك واهم من كل ده قنوعة بحياتها في المكان ده
اومأ عاصي برأسه قائلا
- اكيد.

احتضن جدته وهو يراضيها، فجدته تمارس عليه جميع الادوار، دور الطفلة المتهورة ودور المرأة الثائرة ودورالأم الغيورة ودور جدته الحنونة، حقا لا يعلم إذا قرر المضي في حياته ووجد المرأة التي سترضي كيف سيكون التعامل مع جدته؟!

في حالة خاصة تغمرها
تنعي حبها البائس الذي كان بالنهاية خيط من طرف واحد
العيب ليس به، كل ما في الأمر كان كذبة وهي أصرت أن تصدقه
تنقر على مفاتيح البيانو لتسافر عبر الالحان الى عالم مثالي.

عالم وضعته هو فارس ارضها وهي أميرته، الدموع تهبط بكل راحة من جفنيها المنغلقين لتعض على طرف شفتها السفلي وجسدها كله يتحرك بانسجام مع الالحان المنبعثة، تحاول تخطي الأمر، تحاول تخطي ليلة أمس الكارثية حينما استمعت بالصدفة رغبته عن الزواج بإمرأة غيرها.

تريد ان تعلم لما تبكي؟، هو لم يغدر بها، لم يخدعها، لم يعدها بشئ، بكل كل ذلك كان في عقلها الساذج وما نماه هو والدتها التي اعتنت بها، عمتها جميلة كانت تدفعها إليه حتى لا تكرر مأساتها السابقة من حبيبها القديم الذي تخلى عنها لأمرأة أخرى، غفلت هي أن القلب عضو مستعصي.

صعب للغاية ارضاؤه، بل إجباره على تقبل الواقع الذي من المفترض أن يتعايشه، وهذه كانت مشكلتها هي وعمتها، وماذا الذي حدث بالنهاية، انتهى الأمر بها مثل عمتها وذبل شبابها وهي تعتني بأطفال شقيقها، توقفت عن العزف وهي تأخذ استقطاع لحزنها للحظة، هل سينتهي بها الامر لتعتني بأطفاله وأطفال وسيم في المستقبل؟ هل ستصبح مربية أطفال؟َ! وماذا عنها هي؟!
لا لا لن تكون نسخة باهتة من عمتها، ابدا.

استعاد عقلها أحداث ليلة أمس كما لو انه يحدث أمام مريء عينيها..
استقامت جميلة من مجلسها وهي مندهشة من رغبة ابن شقيقها، التفتت بحدة تنظر إلى جدها الذي رفع يديه مستسلما، يخبرها انه لا دخل له بالأمر، صاحت بدهشة
- انت بتتكلم جد
زفر لؤي متنهدا بحرارة ليجيب بنبرة جادة
- الموضوع ده ميفهوش هزار.

رمشت جميلة أهدابها عدة مرات، لا تصدق حقا هل يريد أن يكسر كلمتها بتلك الطريقة؟! لتلك الدرجة يكره قرب وجد منه؟!، تمتمت بدهشة وعدم استيعاب
- واشمعني دلوقتي، عشان عرضت عليك
قاطعها بجمود وهو ينفي ما يطرأ في عقلها
- وجد اطلاقا ملهاش علاقة بالموضوع، انا عرضت عليها الجواز من فترة وقولتها تاخد وقتها
عبست ملامح جميلة وهي تفكر بأمومة لتصيح بحنق أمومي
- كل ده ست الحسن والدلال بتفكر.

اقترب منها وهو يقبل جبهتها لينظر نحوها نظرة ذات مغزي، يريدها داعمة لزواجه المترقب بل وهناك عتاب خفي قدرت جميلة على أن تستشفه، القي نظرة نحو جده بجمود وملامح متجهمة ليتمتم
- من حقها ولا ايه غالب باشا
عبس غالب وهو لا يصدق أهذه نظرة متحدية، هز رأسه وقال بلا مبالاة
- لطاما شايف انه كويس على بركة الله
غمغم بعملية شديدة وهو يربت على ظهر عمته باطمئنان
- متقلقش ارتباطي بشادية هيقدر يوثق علاقتنا اكتر.

زفرت جميلة بحنق شديد لتصيح
- هو كله شغل شغل شغل
وصاحبة الحفل حضرت وقتها، وياليتها لم تحضر، تكهرب الجو أثر وجودها لتمتم بابتسامة ناعمة
- مساء الخير.

حان وقت المواجهة، رفع لؤي رأسه ليقابل عيناها المتسائلة، حقا لم يرغب أن يزداد الوضع سوءا خاصة وهو يشعر بميلها نحوه، لكن الله يشهد كيف يراها، مجرد شقيقة صغيرة تحتاج للرعاية والاهتمام والدلال الكثير، وتلك الأشياء غير قادر على تلبيتها، لا يريد أن يحطم امانيها بزواج مكلل بالفشل
رفضه لخطبتها السابقة ليست لغيرة كما توقع عقلها الصغير
بل خشية شقيق على شقيقته، رأي الرجل غير مناسب، بل وقلبه معلق بإمرأة اخري.

بالله كيف يوافق عليه، وهي تبحث عن رجل يسخر لها وقتا ليدللها
هي تستحق شخصا أفضل من خطيبها السابق بل ومنه، ابتسم برجولية وهو يتمتم
- كويس انك جيتي يا وجد
طرفت بعينيها نحو عمتها التي تتحاشي النظر نحوها، انقبض قلبها وهي تعلم أن ما سيقوله سيحطمها، حاولت أن تهرب منه لتقول بتعجل
- انا، تعبانة وعايزة
صاح ببرود شديد وهو يمنعها من هروبها الفاشل
- عايزك تباركيلي، لاني ناوي اتجوز.

ازدردت ريقها بتوتر وهي تحاول البقاء صامدة، تمنع الدموع للخروج عن سيطرتها وتحفظ المتبقي من كبريائها خرج صوتها متحشرجا
- مبروك، ومين سعيدة الحظ؟
ابتسم وقال بنبرة عادية
- شادية السويسري
هزت رأسها عدة مرات، وهي تلتقط انفاسها كي تجيب بحدة طفيفة
- تناسبك اكيد، عن اذنكم
تعامل الامر بطبيعه شديدة، وكأن ليس هناك قلب أحد تحطم
يشهد الله كم حاول أن يعطيها اشارات انها ليست المنشودة.

لكنها بعناد البغال قررت عدم النظر، أدعت عدم المعرفة
لما الان تبكي وتنهار رغم ان يقين داخلي أخبره انها كانت تعلم أن طريقهما متوازيان لن يتقاطعا، قال بنبرة فاترة
- طيب بما ان مفيش حاجه هتعطلنا اخر الاسبوع نعمل خطوبة
ابتلعت جميلة غصة مؤلمة في حلقها وهي تعلم ان ابنتها تبكي بانهيار في غرفتها لتهمس بتوتر
- ايه يا عريس مستعجل على الجواز ليه
غمغم ببرود
- خير البر عاجله.

عادت وجد تنقر بأناملها على مفاتيح البيانو، تغير معزوفتها الكلاسيكية الكئيبة للايقاع موسيقي سريع، لا داعي لتبكي مرة اخري ,, يكفي دموعها المراقاة بكل قسوة وهي تنعي حظها العثر لتقع في حب رجل مترصدا لها.

مرر وسيم انامله على خصلات شعره الناعمة وهو يزفر بسخط، المخرج سيسبب له كارثة لا محالة، صاح في وجه معد البرنامج حينما استمع إلى أغبى قرار اتخذه المخرج
- يعني انا كاره حلقات الموسم، تقولي هنستقبل ضيوف
غمغم ببرود وعملية وهو يسير في طرقات المبني الايذاعي
- المخرج شايف كدا اظرف والطف، بدل فضحيتك بتاعت الاسبوع اللي فات
هز وسيم رأسه يائسا ليغمم بسخرية
- والله شكلك هضيعني انت والمخرج.

ابتسم باسم في وجه وسيم ليقول بمشاكسة
- خليك متفائل طب والله دا انا مختار الضيوف هيعجبوك جدا
تجهمت ملامح وسيم وقال بنبرة حانقة مزدرية
- واضح فعلا.

القي تركيزه على رسائل من احدي التطبيقات الشهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت جميعها بالنسبة له بلا أهمية، فرسالة جارته الشقية المعتادة في مساء كل خميس لم تأتيه، هل قررت تلك المجنونة عقد هدنة مثلا؟! أم تستعد لشن حرب جديد؟!، الحق يقال ان كلامها ومشاجراتهم خفت بطريقة ازعجته كليا، يشعر ان وجودها في يومه يضيف صخبا من نوع خاص، صخب ملون خاص بجيهان ذاتها، انتبه على صوت باسم الذي يقول بمكر.

- فكر كدا انا جايبلك مين اول واحدة
توقفا كلاهما امام غرفة التسجيل ليضيق وسيم عينيه بقلق ليهمس
- مين؟
فتح باسم باب الغرفة ليغمز بشقاوة قائلا
- حبيبتك اووي
حالما وقعت عينا وسيم على الضيفة في حلقته اتسعت عيناه جحوظا ليصيح بانفعال
- انت جاي تهزر.

ابتسم باسم نحو جيهان التي تجلس على مقعدها بكل انوثة، ابتسامة لطيفة وعينان ناعستان وهمس خافت انثوي منها جعل وسيم يرفع حاجبه للحظة، لما تمثل معه دور البلطيجة وهي تستطيع أن تصبح أنثي، جعد جبينه وباسم يقول بنبرة مرحة يختلقها في الاجواء الكئيبة
-انتو مشهورين طبعا خصوصا علاقة الجيرة اللي بتجمعكم وطبعا صورة عليها لاف وشوية كومنتس اكيد فاهم الناس بتفكر ازاي
سارع وسيم نافيا بكل صراحة.

- انا و جيجي، يا راجل دي زي اختي
عبست جيهان وهي تري وقاحته لاستقبالها، اعتادت ان تسمع كلمة اختي منه كثيرا تلك الايام، لا يحتاج لتكرارها لقد حفظتها ويرفقها طعنة مؤلمة في قلبها، رفعت عيناها وهي تتأمل ملامح المدعو باسم العادية بنظرها وهو يقول بمنطقية شديدة
- مليش دعوة بتفكر بايه، الناس بتفكر بايه وده الاهم.

وجه وسيم نظرة ممتعضة لثوبها الفاضح برأيه لفتاة محترمة مثلها، بالله ألا يوجد تنورة أقصر من ما ترتديه، ماذا سيفيده الاحتشام من الاعلي والاسفل يوجد به هرج ومرج، القت نحوه قبلة في الهواء لتقول بنبرة مغناجة
- هاااي بيبي، عجبني استقبالك حقيقي المرة الجاية ابقي جيب بوكيه ورد
صاح بحدة وهو يخبط على المنضدة
- من امتي بتروحي برامج يا انسه
لفت حول خصلة شعرها وقالت بعبوس طفولي.

- اصل فيه واحد بشع اووي، بيدخل في حياتي بطريقة تملكية غريبة منه، قولت يا بت يا جيجي منكدش على عيشته ليه زي ما هو منكدها عليا
غامت عيناه الزرقاء لتصبح حالكتين، توجست جيهان خيفة وهي تري انقباض وانبساط فتحتي أنفه دلالة على غضبه، اقترب منها وهو يجذب ذراعا لتستقيم واقفة من المقعد وهي تنظر اليه ببرود، همس وسيم بتهديد صريح
- جيهان قسما بالله لو...
قاطعته بنبرة ناعمة.

- لا يا حلو اهدي كدا الله، وسيب دراعي مش كفاية الاشاعات اللي بتترمي هنا وهناك
ترك ذراعها وهو يقول متوجسا
- اشاعات ايه؟
هزت رأسها بعدم رضي زائف لتقول بنبرة ماكرة خبيثة
- مش نسيت ما اقولك، صورتنا من خطوبة اخويا نزلتها على انستجرام وحطيت بس قلب عليها، الناس بتباركلنا يا بيبي على السوشال ميديا ومستنين على نار لحلقة الليلة.

بسرعة فتح وسيم صفحة جيجي على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة إنستجرام ليري الصورة التي تحدثت عنها، الصورة كانت حميمية للغاية رغم عكس حقيقتها، تبتسم بانطلاق أمام عدسة الكاميرا كانت ستلتقط الصورة وهي بين مجموعة شباب لكن هو وقتها من حسن حظه أو سوءه! لف ذراعه حول خصرها وقربها من جسده ليقترب من بؤرة العدسة وشفتيه تقبل عنقها، بل ما كان موضع حنتها!، لا يصدق انها تجرأت بكل تهور عقل منها لتنشر تلك الصورة التي يوجد عليها الكثير من المشاركات والتفاعل، جز على اسنانه بسخط كي لا يدك عنقها وقال.

- افتكري انك اللي بدأتي يا جيجي
غمغمت ببراءة وهي ترفرف باهدابها، وجسدها اقشعر من تذكر تلك القبلة اليتيمة وقتها، الوقح، السافل، عديم التربية، يريد تهذيبها أما هو الماجن فلا يحتاج لأحد ليحاسبه على أفعاله، والسؤال هنا لما فعلها؟
- مش بزمتك كنت اجنن في الفستان
تذكر فستانها الابيض العاري، ليغمض جفنيه وهو يتمتم بحدة
- المسخرة اللي لابساها دى كانت حاجه مقرفة.

انفجرت جيهان ضاحكة وقلبها يغرد في صمت، وهي تري انفعالات وسيم العنيفة ليلة الخطبة لتفتعل تنهيدة حارة وعيناها على باسم
- حبيبي الحمش، بيغير عليا اووي
همت بالمغادرة ليسحب عضدها وهو يدفعها للعودة للجلوس على المقعد، تأوهت متألمة وهي تسمع نبرته الصارمة
- اترزعي هنا لحد لما اجيلك.

اشار بعينيه نحو باسم الذي يتابع المشهد بابتسامة ماكرة بينهما، حدجه بنظرة مميتة وهو يمسكه ويجره جرا خارج الغرفة وحينما هم باغلاق الغرفة خلفه استمع إلى صوتها الساخر
- متتأخرش عليا يا بيبي عشان بخاف اقعد لوحدي
وجوابه لم يكن سوى صفعة الباب، لتجلس بمفردها في غرفة التسجيل! وسؤال قلبها يلح بخبث
هل غار صاحب العينين الباردتين؟!

عيناه ببساطة تنتقلان من بين زهرة لأخري
النساء كالزهور كل انثي لها عطر خاص بها
من بين رائحة الفل، والياسمين، والزنبق، واللافندر و، الخ
هو يشم عبير عطورهن ولا يكتفي بواحدة، اتسعت ابتسامة رجولية جذابة على شفتيه عدسة كاميرته تعكس رؤية مثيرة للغاية، حرارة تصاعدت في جسده ليغمغم بعبث
- اووو، نعم هذا جيد، اممم بل رائع.

عض طرف شفته السفلي يكتم تأوه يكاد يخرج من شفتيه، وهو ينظر نحو الكاميرا التي يضعها ما بين ساقيه مراقبا ساقين جذابتين، بل مهلكتين للغاية، ساقين مغويتين تعلمان تأثيرها للغاية على الرجال، عينيه الوقحتين تلتهمانها بشراهة شديدة وهو يري حبيبها الذي يضم خصرها بتملك، يحق له الرجل.

اللعين ذلك محظوظ، انفرجت عن شفتيه ابتسامة ساخرة ليرفع عيناه وهو يراقب طاولة تلك المثيرة الصهباء، خصلاتها الطويلة للغاية تتأرجح بحرية خلف ظهرها ليضع يده على قلبه وكانها رشقته بسهم طاعن، مسد متأوها على نبضات قلبه، غمغم بحقد دفين
- اللعنة عليه ذلك الخبيث، اين حظي بها؟

سؤاله ألقاه عبثا، وهو يدير بعينيه التي تلتهم النساء اسفل نظارته القاتمة، لو خلع نظارته لانفضت النساء من حوله، لكنه مراقب جيد، تعلم صبر الصياد و جراءته، ليست مشكلته انه يحب ان تسر عينيه بالنساء، فهن خلقن من أجل الحب والدلال والمتعة فقط، كائنات متفجرة المشاعر، قادرات على وضع مشاعر تحت قدر ضغط لكن قدر الضغط في نهاية الاحوال سيطلق صفير قبيل انفجاره، هبطت عينيه نحو الكاميرا ليري تدبل وضعية جلوس الصهباء ليكشف الكثير، الكثير حقيقة بسخاء عن مفاتنها الظاهرة للرائح والغادي، مرر يده على خصلات شعره السوداء لتتلاعب ابتسامة خبيثة على شفتيه وهو يراها ترمي بنظرات ناعسة نحوه..

واخيرا، لقد جاءت الجميلة اليه، رفع عينيه ليقع نظراته على عينيها الزيتونية، تناشده بصمت وانفراج شفتيها المكتنزة جعلت ابتسامته تتسع، خلع نظارته ليقابل نظراتها البريئة المتاورية بنظرة رجل لإمرأة أثارت غريزته.

اتسعت ابتسامتها ليقابلها رضي كبير وهي تلتهمه بعينيها بوقاحة فجة لتشير برأسها لكي يقف لثواني، ابتسم بتكاسل شديد وهو يثبت عينيها داخل عينيه السوداء لتعبس ملامح الصهباء فجاة، لفحته رائحة ناعمة من نادلة التي اقتربت بأغواء هامسة بصوت مغناج
- هل ترغب بشيء آخر سيدي؟
لكنتها سيئة في الانجليزية للغاية، وقعت عيناه عليها وهو يري زهرة اخري لطيفة عكس الاخري ليبتسم وهو يقول بنبرة ذات مغزي.

- أشك أنني سأجد منك ما اريده
فهمت ما يرمي اليه لتهبط بجذعها قليلا تستعرض انوثتها عليه لتقول بمكر وهي تمرر يدها على صلابة ذراعه
- لما لا تجربني؟
رمق يدها الجريئة على ذراعه ليبتسم بسخرية وقال
- أواثقة انت؟
ثم بكل برود ازاح يديها ليلفظها بكل برود منه قائلا
- لا للاسف، لستِ من نوعي.

اتسعت عينا المرأة وهي لا تصدق ذلك الحقير الذي لفظها وكانها قطة من شوارع موبوءة يخشي ان تصيبه بالمرض، تجهم وجهها لتصيح بجفاء وهي تنصرف عنه
- قذر، لعين.

لم يعبا بها ليعيد نظره نحو الصهباء التي كانت تتابع ما يحدث بعبوس، لكن ما ان صرفها حتى عادت ابتسامتها تتألق من جديد، الدعوة مفتوحة له ولكي تجعله مضطرا على قبولها، استقامت من مجلسها وهي تذهب إلى استراحة نسائية تقبل شفتي حبيبها بتعجل لتلقي غمزة ماكرة اليه وهي تعده باكثر من عناق وقبلات شغوفة..

ارتفع حاجبيه بتسلية ليغلق تصوير الفيديو مربتا عليها كما لو أنها كنز أثرى قديم، استقام من مجلسه حاملا كاميرته الثمينة ليذهب بفضول ودافع إليها ولم تخطئ عيناه عن حبيبها المزعوم، سار في الردهة المؤدية للاستراحة ليشعر بيد امراة تسحبه إلى استراحة النساء، ابتسمت الصهباء بظفر شديد لتهمس بنبرة ناعمة
- مرحبا يا وسيم
غمغم بنبرة هادئة وهو ينتظر خطوتها القادمة
- مرحبا يا مثيرة.

ضحكت بمكر لتدفع جسده نحو الحائط وهي عازمة على تقبيل شفتيه، الا انه منعها ممسكا ذراعيها قائلا
- ليس بتلك السهولة يا مثيرة
تبرمت شفتيها بيأس لتنظر اليه بعبوس غمغمت بياس
- لقد احبطتني يا رجل، لولا اني شعرت بنظراتك لي وهيئتك العضيلة الرائعة لما قمت من مجلسي
ارضته حقا برجولته، عبس وهو يقول بفضول شديد
- حقا؟ ماذا عن حبيبك يا مثيرة؟

تبرمت شفتيها لتمتم وعيونها النهمة تمر على جسده الرجولي وهي تائقة لتصبح بين ذراعيه
- اووه مايك، هذا الرجل مقرف للغاية لقد سئمت منه، هل تريد مني أن أصبح حبيبتك؟
هم بالرد إلا أن صوت هادر صاح بشراسة وهو يحاول اقتحام استراحة النساء
- من ذلك الحقير يا روزي الذي معك في الغرفة، افتحي الباب يا.

اتسعت عيناه ولوهلة يشعر انه انقاد نحو فخ، هل يعقل انهما استدرجوه ليسرقوه؟! يا ويلهم حقا، تمتم بنبرة ساخرة وهو يهز رأسه متأسفا
- هذه حقا شتيمة وقحة
فتح باب الاستراحة النسائية لتقع عيناه على حبيبها المدعي وهو يقتحم الاستراحة ينظر نحو حبيبته ليقول بلغة ايطالية كحديث خاص بينهما
- هل انتهيتي؟
ربما من حسن حظه انه يعلم الايطالية، همت المرأة بالرد الا انه صاح بلهجة ايطالية صحيحة.

- هل هذا حبيب كما تدعين أم قواد؟
اتسعت عينا المرأة بجحوظ وارتبك معالم وجه الرجل، ابتسم ببرود وهو يقترب من الرجل ليربت على صدره قائلا بأسف
- للاسف بضاعتك مغشوشة يا رجل، يجب على الرحيل
اوقفه الرجل وهو يصيح بحنق
- أين تظن نفسك ذاهبا، هيا اعطني مائتي دولار الان
رمقه باستخفاف رغم علامات الشرر في عيني غريمه ليقول ببرود
- انت تحلم لم ألمسها.

صاح الرجل بحدة شديدة وهو يميل برأسه يمينا ويسارا استعدادا للحرب ليخرج مدية من سرواله
- هل تريدها بطريقة سهلة أم صعبة
القي نظرة نحو المرأة التي تتابع بقلق لما يحدث، وضع الكاميرا الخاصة به بين يديها ليقول بنبرة عابثة
- احتفظي بها يا مثيرة لدقائق حتى اعود إليك.

تقبلت المرأة الكاميرا الخاصة به، والغمزة الوقحة منه وصلتها كأنها رسالة مشفرة قدرت على قراءتها، التفت نحو الرجل والمدية لم تتأثر به مقدار ذرة وهو يستعد لنزال معركة، على حين غرة لكم الرجل لكمة عنيفة وهو يقول بعبوس
- بل خشنة
تفاجأ حينما خر الرجل ساقطا على ركبتيه والمدية تطايرت وسقطت بعيدا عن متناول يديه، أمسك الرجل انفه التي تنزف بغزارة، هز راسه بحزن بائس وهو يلتفت نحو المرأة ليقول بأسف زائف.

- كم أشعر بالاسف عليه، يبدو انه قضي اوقات عديدة في الصالة الرياضية لتكوين عضلات لكن يبدو انها مزيفة من أول لكمة يخر ساقطا، عار عليه، علمت الان يا مثيرة سبب غضبك منه
سحب منها الكاميرا وهو يغادر الاستراحة النسائية، وتوجه خارجا ليلتقط حقيبته التي تركها جانبا ومن ثم خارج المطعم، عبث بشفتين غير راضيتين نحو الصور التي التقطها ليقول بعبوس شديد.

- يبدو أنني سأكتفي بالسيقان في تلك المرحلة، سحقًا لهما مزاجي أتلف بسببهما يجب على...
تبخرت باقي عبارته حينما وقعت عيناه على زهرة جديدة، منفتحة بإشراق جميل ألهب حواسه، ابتسم بمكر
-يبدو أن اليوم هنا ملىء بالمفاجآت الرائعة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة