قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى الفصل العاشر

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى الفصل العاشر

غمر الرذاذ اطراف قلبها انتعاشا يقال انه اقتحمه قاف اقتحمت كل حروفه فلم يبق منه الا " ع ش " عش احتواها فاقامت اخره ليبقي عشقًا اسرها مع صدى صوت كلماته التى حرقتها من الداخل.

صرخت ماجده بصوت عال قائلة
- عشان عاوزاك ليا وبس اتهوست ..!
لاحظ سليم ركض غفر قصرهم نحوهم بسرعه ثم اردف قائلا بخوف
- ورد خدى اختك وامشي يلاااا الغفر جاااييييييييين وشكلها ليله طين .
التفت ورد نحو اختها راجيه
- يلا ياوجد .. يلا ..

كلمات ماجده نجحت ان تعتصر قلبها ثم تمزقه اشلاء متناثره، عجز لسانها عن النطق ففي محكمه الحب النصره للاقوى والاجدار وهى تقف علي ارض طينيه بجسد متراقص فوق اوتار حب اوشك علي الانتهاء، فسارت وجد مع اختها باستسلام وهى ترمق سليم بنظرات يائسه كأنها اردت ان تودعه للمرة الاخيره، تشحن روحها بالنظر إليه كى يكون لديها مخزون كافى للعيش، دلفت داخل سيارتها وخلفها اختها قائله بخوف
- اطلع بسرعه يا عم سيد يلاا

التفت سليم صوب الحرس اللذين اقتربوا منه فردد احدهما
- حوصل حاجه ياسَليم بيه !
زفر سليم بضيق قائلا
- لا مافيش .. هاخد بت عمى وداخلين .. فتحوا عنيكم زين !

قبض سليم علي كف ماجده وسحبها خلفه بقسوه وخطواته الواسعه التى تلاحقها بالركض متأوهه من قبضته عليها .. راقبهم احدى الغفر حتى ابتعدوا عن انظارهم فالتفت الي رفيقه قائلا
- العربيه اللي عدتت دى تبع العتامنه .. تفتكر ايه اللي جايبهم اهنه وسَليم بيه ماله مش علي بعضه !

اردف الاخر قائلا وهو يعلق سلاحه بكتفه
- ماخابرش ! بس لازمًا راجح بيه يعرف اللى حُصل ..

 

" اقسم بالله ياماجده لو مابطلتيش لعب عيال وعقلتى اكده لهتصرف معاكى بطريقه متعجبكيش "
اردف سليم جملته بصوت مخنفض بنبرة تهديديه وهو يدفعها داخل غرفتها بقوة حتى ارتطم جسدها بالارض تلهث من كثرة بكاؤها مردفه بحزن يقرضها
- وانت من ميتة اتصرفت معاى تصرف عجبنى .. !

التقط سليم انفاسه بصعوبه بالغه محاولا تهدئه روعه ولكن كلماتها كانت لهيبًا مشتعلا يلتهمه بدون رحمه، اكملت ماجده قائله بتحدٍ وهى تقف امامه مستجمعه كل قواها
- عارف ياسليم الواحده لما تحب بتضلل علي حبيبها برموش عيونها .. ولما واحده غيرها تفكر تاخده منها مش بعيد تخزق عيونها وتقتله جواهم، انا عارفه انت بتفكر في اي دلوقت تلاقيك بتقول دى لو عندها ذرة كرامه كانت بعدت ووقفت قدام الكل عشان متجوزهاش .. انا عندى كرامه بس عندى جبال حب وحبى انانى قوى مش عارف يكون غير ليك .. بس لا اللي بتفكر فيه دا مش هيحصل ابدا .. اللي هعمله عمرك ما هتتخيله ياسليم بس ورحمة ابوك ماهتتجوز ولا تحب غيري،، اسمحلى بقي احارب بجيوش حبى ضد جيوش حبك لوجد وشوف مين فينا هينتصر يا ابن عمى ..

ظل سليم يتأملها طويلا بحيره وسخط فاردف قائلا بفظاظه
- يمكن جيوش حبك مسلحه زين بس واقفه فوق سطح الميه من غير مركب تحميها .. وعارفه المركب دى ايه ! هى الحب المتبادل بين طرفين .. بلاش ياماجدة تصطادى في الميه العكرة وتقولى ملقتش سمك .. خلى الايام دى تعدى علي خير لحد ما كلنا نرسي علي شط الامان .. تصبحى علي خير يابت عمى .

ثم تركها في قاع نيرانها تحترق تعض علي اناملها بغل وهى تنتوى ان قلبه لن يخضع الا لها في النهايه، دلف سليم غرفته التى تقع اخر الطابق متأففا بداخله افكار تلتهمه بقوه، القى جسده في منتصف مخدعه محاولا الاتصال ب ( وجد ) مرارا وتكرارا ولكن بدون جدوى حتى فقد زمام سيطرته علي جيوش غضبه فألقي هاتفه بعيدا مرتطما بجدار الغرفه ليهبط علي الارض اجزاء مُبعثره ..

تجلس وجد في السيارة ودموع القهر تسيل على وجنتيها حتى حفرت وديانا تجري من خلالها، ندبت حظها لانها احبت شخصا لم يكن لها في نهاية المطاف، فابشع ما يواجه المراة حبٌ يموت قبل ان يحتضر صاحبه ليروي الروح ولو لليله ! ..

احتضنت ورد اختها بحنان مردفه
- خلاص عاد ياوجد .. بصراحه انتِ اللي غلطتى عشان روحتى لعنده .. كنتى سبتيه يتصرف كده زودتى الطين بله .
جففت وجد دموعها بطرف كمها وهى تلتقط انفاس متقطعه مردفه
- خلاص خلصت ياورد .. كده عرفت نهايتى مع سليم، انا بس كنت حابه اشكره قبل ما مشي على كل لحظه حب قضيتها معاه لانها مش هتتكرر مع حد تانى غيره .

قضبت ورد حاجبيها باستغراب
- انتى شكلك اتهوستى ! مين عطاكى الحق تحكمى على علاقه لسه مااكملتش ..

ضحكت وجد ساخرة وهى تجفف بحر الدموع الذي انسكب من عينيها مرة اخري
- لا كملت وكل واحد عرف مصيره خلاص، سليم لماجده .. ووجد لادهم واخر كلام عندى قولته ..

ثم اعتلت باحثه عن شيء ما حتى امسكت بهاتف اختها
- وخدى كمان محمولك انا مش هكلم حد تانى .. ولو سليم اتصل ردى قوليلوا الكلمات دول .

رمقتها اختها بعيون حزينه فربتت علي كتفها برفق
- طب خلاص اهدى .. اهدى لحد ماربك يحلها من عنده .

 

" في قصر الهواري "

تقف ماجده امام المراة وهى تصفف شعرها المنسدل خلف ظهرها بعشوائيه كمن فقد عقله للتو، تلتقط انفاس توعديه وهى تراقب تغير ملامحها وتمسح دموعها المنهمره بدون وعى فاردفت متوعده
- ماشي ياسليم هتشوف مين فينا هيغلب ..

يجوب عماد غرفته ذهابا وايابا بحيره وحزن يقلب في ذكريات زوجته التى اشتاق اليها كثيرا حتى الباب اشتاق لدخولها منه لتحضنه بدفء، اشتاق للضحك واللعب معها، للناقش ورأيها الصائب دوما الذي لم يتبعه اطلاقا، كان يود ان يتوقف الزمان لساعه واحده ويعود به اليها ليستشيرها في مصيبته التى لا مفر منها، فهو يقف عاجزا في المنتصف المميت بين ان يكون معها او يكون مع غيرها .. قفل عماد دفتر ذكرياته قائلا بحزن
- ااااه لو الزمان يعود عشان املى روحى منك بطاقه تخلينى اقدر اكمل الطريق دا لوحدى .. فينك يا نيره !

 

" في قصر العتامنه "

نجحت وجد واختها ان يعودوا الي البيت بدون ما يكشف احد امرهم،الي ان تسللوا ببطء فوق درجات السلم المؤدى لغرفهم في ظلام يعتم الرؤيه امامهم، هتفت ورد هامسه وهى تنير كشاف هاتفها
- خلى بالك ياوجد !
وفجاة انارت جميع انوار الطابق العلوي مما جعلهم يشهقون بصوت مرتفع وجسد مرتجف، بللت ورد حلقها الجاف وهى تمسك بكف اختها
- روحنا في داهية ياوجد ..

التقطت وجد نفسا طويلا محاوله اخفاء خوفها منتظرة مصيرها وعلى الفور اردف ادهم بفظاظه وهو يتجه نحوهم
- والله عال .. نورتوا ياهوانم ! ما بدري !
تارجحت عيون وجد واختها يمينا ويسارا والعرق يتصبب من مسامهم هلعا فكيف الفرار من هذا المأزق، اكمل ادهم بسخريه
- اقدر اعرف بنات عمى المحترمين ولاد الحسب والنسب راجعين منين الساعه ٣ الفجر .
رفعت وجد عينيها بتحدٍ مردفه
- وانت مالك !
ضغطت ورد علي كفها متوسله
- احب على يدك مرقي الليلة دى ياوجد .
هبط ادهم درجه واحد من فوق السلم قائلا
- مالى كيف ! دا حتى ربنا عرفوه بالعقل .. واعيه انت لحديتك .
صعدت وجد درجة سلم واحده بعناد

- عاوز تعرف اي يا أدهم !
- من حقى اعرف بت عمى كانت فين في نص الليل اكده !
استجمعت وجد شتات قواها مردفه
- ابقى اتصل بعم سيد شوفه وصلنى فين وهو هيقولك، وبعد ما يقولك ابقي حود علي المستشفي واتاكد انى كنت في اوضة العلميات من ١٢ ونص لساعه ٢ وخدت ورد معاي عشان ماعودش لوحدى .. عرفت كنت فين ياولد عمى ؟!

رمقها بنظرات عدم تصديق مردفا
- وماقولتيش ليه كنت جيت معاكِ !
عقدت ساعديها امام صدرها قائله بهدوء وبنيرة ساخره
- المرة الجايه هابقي اسيب العيان يموت في اوضة العلميات واجى استئذنك .
التو ثغر ادهم ساخرا
- ماشي يا ست الضكتوره .. عطلناكى ربنا يخليكى لعيانينك ..

رمقته من اعلي لاسفل عدة مرات متتاليه ثم استدارت راسها صوب اختها قائله
- يلا ياورد روحى نامى عندك دروس كتير بكرة كفاياكى ضياع وقت امتحاناتك قربت ..
ركضت ورد نحوها بجسد مرتجف وهى ترمق ادهم بنظرات متأرجحه مردفه بتردد
- تصبح على خير ياولد عمى .
- وانت من اهله يابت الغالى .
اردف ادهم جملته وهو ينحدر يسارا مستندا علي سور السلم الحديدي ويراقبهم بنظرات توعديه، تحركت وجد بصحبة اختها نحو غرفهم متنهدين بارتياح كمن نجا من مصرعه للتو .

" صباح اليوم التالى "

《تائهه انا ابحث عنك بقلب امٍ فقدت صغيرها منذ اعوام ولم تجد للوصول اليه سبيلا .. 》

استيقظت وجد من نومها المتقطع اخيرا وهى تجوب بانظارها في ارجاء الغرفه باحثه عن ضالتها بقلبٍ منهلع اوشك علي الانخلاع، ذكريات امس كوشم قُبع في ذاكرتها حاولت بقدر الاماكن ان تُذيبهما بملوحه دموعها ولكن دون جدوى .. استجمعت شتاتها بصعوبة بالغه وهى تنهض من مرقدها مردده بحسرة وندم
- كنت كل يوم انام احلم باليوم اللي هصحي فيه الاقيك قدامى، حبيتك وحبيتنى بس الدنيا محبتناش سوا يا ولد الهواري ..

اقتربت من مكتبها لتبحث عن شيء بين طيات دفاترها فالتقطت ورقه متوسطه الحجم مثنيه ووضعت الدفتر فوق المكتب وفتحت الورقه لتقرأها بتمهل وهى تقترب من شرفتها المُطله علي الاراضي الزراعيه التى تحاوط قصرهم .. فذرفت منها دمعه حاره رغم عنها بمجرد قراءتها اول سطر

" باسم ولد الهواري العاشق لاحلى بنت العتامنه مطلعة حبابي عينيه،، النهارده مشيت وراكى من اول ماخرجتى من باب بيتكم لحد ماوصلتى الجامعه، كنت حاسس بخوفك وانت لسه رايحه للعالم اللي متعرفيش فيه حد غير نضارتك اللي واكله نص وشك وكتبك، كان نفسي وقتها اجى احضنك واطمنك وامسكك من يدك واخدك وسط الجامعه كلها وانادى بأعلى حس واعرف الخلق كلهم انك من حقى وبس .. كنت مكتفى اراقبك من بعيد لبعيد عشان اشحن عينى وقلبى منك لاجل اقدر اعيش واكمل باقى اليوم، لبسك كان حلو قوى خطفتى بيه قلبي مشكلتك عارفه ايه اللي عيعجب سليم وعتلبسيه، ولاول مرة تسمعى الكلام وتلمى شعرك من عيون الخلق، انا عكتبلك كل دا وانا واقف مستنيكى قصاد باب الجامعه لاجل ماتخلصي محاضراتك قولت اتونس بطيفك هبابه، وحشتينى قوى ياوجد .. كل ماعينك تقع علي عتتكهربني فبتأكد ان ماس حبى لدغك في قلبك، انا بكرة هستناكى تانى .. وهستنى ورقه منك في نفس المكان اللى اتعودى تاخدى منه كل رسايلى .. ااه نسيت اقولك ان سليم الهواري مش عاوز حاجه من الدنيا غيرك .. بحبك ياوجدانة روحى "

اعتصرت الورقه بين اصابع بدموع متساقطه من عينيها قائله
- ووجد بتحبك قوى ياسليم ... يااارب حوش حبه من قلبي لو ماليش نصيب فيه يارب .

ثم اتجهت نحو خزانه ملابسها ودخلت المرحاض الخاص بغرفتها وهى تمسك بملابسها بتكاسل كى تترك للماء مهمة محو اثار جروحها الداخليه الداميه ...

 

" في قصر الهواري "

- كام جوز حمام دول يابت !
اردفت عفاف جملتها بحماس وهى تتفقد الاناءات المتسعه التى بداخلها الطيور المذبوحه .. اردفت احدى الخادمات
- دول مية جوز حمام ياام عماد .. ولسه هيجيبوا خمسيين كمان ..
قضبت عفاف حاجبيها بتفكير مردده
- لا قليلين يجيبوا ميه تانى .. دا يادوب ايه الناس هتبص يعنى .. وكمان روحى شوفي عشر تجواز رومى .. عشرين قليلين ..

- وه وه وه ياست عفاف .. انت ناويه توكلى اهل البلد كلها اياك .

- اسمعى الكلام من غير مناهده يامزغونه .. يلا شهلى .. وشوفى الطباخين وصلو ولا لا ..

رمقتها الخادمه بنظرات تعجب مردده في سرها
- والنعمه احنا سبب الازمه الاقتصادية في ام البلدى !

استيقظت ثريا وبناتها الاتى شرعن في تجهيزات الفرح الا صفوة التى تجلس علي مكتبها تستكمل مسيرة ابحاثها .. خرجت عفاف من المطبخ فوجدت ثريا امامها ثم اردفت بضيق
- ماتقومى تشوفى عشا بناتك وتقفي على راس الطباخين واقضى مصلحه اكده بلا قعدتك اللي لا تقدم ولا تاخر ..

اتكأت ثريا بفظاظه مردفه
- وانا علي اخر الزمن هاخد اوامرى منك اياك ياثريا !
زفرت ثريا بحقنه قائله
- هو انتى ماتعرفيش تقصري الشر واصل !
وثبت ثريا قائمه بهيئتها الموقره مردده
- بصي ياعفاف عشان نكون علي نور يابت عمى من اولها .. الجوازه دى انا مش راضيه عنها يعنى مش هقدر ارضي طموحك واعمل فيها ام العروسه ! فرحانه بعيالك قوى اكده اطبخى وزغردى وارقصي كمان .. لكن انا مالكيش دعوة بي .. واوعدك ان حقى اللي مخدتهوش منك بناتى بنات ناصر الهواري هيطلعوه علي عيالك لحد ما اشوفك متحسره عليهم واحد واحد ..

رمقتها عفاف بسخريه مردفه بابتسامه خفيفه
- وهى الواحده عاوزه اي غير راجل يضلل عليها ! وولاد عادل الهواري سباع ويأكلوها نيه، فتفتكري بناتك لما يحسوا بالحب والامان هيغدروا ! هما اه هيغدروا بس بيك انتِ .. اعقلى واقصري الشر بناتك عارفين مصلحتهم زين ..._ثم ابتعدت عنها وهى تهلل بالزغاريد وتقترب من محمد ابنها_ لولولولولىىىىىىىىىى يامحمد ياضكتور ايه الحلاوة دى ياقلب امك !
فرد محمد كتفيه بثقه وهو يدلف من اسفل
- ياصباح الورد علي احلى ام في الكوكب الحزين ده ..
اقتربت منه عفاف لتحتضنه كى تشعل نيران الحقد بقلب ثريا اكثر
- حلاوتك وانت عريس ياضكتور احلى عريس لاحلى عروسه والله ..
رمق محمد ثريا بنظرة معانده مردفا
- ادعيلنا ياما ادعى كاتيير حق في ناس كتير عاوزه تحشر مناخيرها في الجوازه دى .. مع انى رايد بت عمى وبت عمى ريدانى مش عارف مالهم عاد ..
ربتت عفاف علي كتفه بحنان قائله
- ياولدى الليله هتبقي مرتك واللي مش عاجبك يشرب من الترعه .. ولا ايه رايك ياثريا !
تأفف ثريا في ذعر وهى ترمقهم بنظرات مشتعله بنيران الغل فابتسم محمد قائلا بعناد
- صباح الخير عليكِ ياحماتى ..
زفرت بضيق ثم تركتهم وغادرت دون اي جواب، التفت محمد الي امه قائلا باستغراب
- حاجتين هموت وافهمهم عشان ارتاح سر مثلث برمودا وسر ثريا مراة عمى ..
ضحكت عفاف بصوت عالي قائله
- سيبك منها هى كده هتفضل تاكل في روحها لاجل ما تبقي رماد .. افرح انت واتبسط عاد الليله ليلتك .
قبل محمد رأسها بحب
- طب يمين تلاته انت اجدع ام في الدنيا .

 

نهض سيلم من مخدعه متكاسلا يشعر بصداع يرج قلبه حتى اوشك على انخلاعه، القي نظرة علي هاتفته المُلقى ارضا ثم تجاهله متجها نحو المرحاض ليذيب جبال الهم من فوق صدره .. اغلق بابه بقوة وهو ينزع المتبقي من ثيابه بعنوة شديده فاقترب من الصنبور ليبدا في تنفيذ مهمته وفجاة طيف ذكراها اقتحم ذهنه فاغمض عينه مستسلما له .

#فلاش باك ..

" انتِ مين ياشاطرة !"
اردف سليم جملته وهو غائصا في بحور عشقها ثم استدارت اليه الطفله صاحبة الخامسة عشر عاما مردفه بسخريه .
- انت جاي بيتنا عشان تسالنى انا مين ؟! انت حمار يابنى ؟
التوت شفته جنبا بسخريه قائلا
- اي اللماضه دى يابت وانتِ زي القمر كده .. انا سليم وانت مين !
رمقته بعيون ضائقه استشعر كأنها تسحبه بداخلها بسلاسه وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها مردده بمكر
- قولتلى بقي الحلو اسمه ايه !
دنى سليم منها بهيام قائلا بصوت منخفض
- اسمى سليم .. وسمسم وسوولم وشوف الجميل لو يحب ينادينى بأي حاجه تانيه انا مش همانع .
ابتسمت بخبث قائله
- ااه .. انت كنت بتاخد درس عند مستر سالم جوه .

- احم مستر سالم ! وانت تعرفيه دانا بقيت بحب مستر سالم وحصة مستر سالم واي حاجه فيها مستر سالم .. والحلو بقي مين ؟!

اتسعت ابتسامتها الخبيثه مرده
- انا بنت مستر سالم ..
تبدلت ملامحه بالقلق ويبدو عليه معالم الارتباك
-هاا احم احم !.. هو انا مش بقول اي حاجه فيها مستر سالم تتحب .. طب عنئذنك انا يادوب الحق اخوكى اصلو ثانويه عامة ومطحون ..

هم سليم بالتحرك من امامها هاربا من مصيره المنتظر ولكن اوقفته كلمات وجد الصارمه بشماته
- اااه وانا هقول لمستر سالم مايدخلش الاشكال دى تانى القصر عندنا، اتلم الاول وبطل معاكسات وبعدين قول انك ثانويه عامه .

توقف سليم لبره مستجمعا كل قواه مردفا بمزاح
- طيب ما انت اللي حلوة جوي عتجبري الواحد انه يعاكسك ..

زفرت بنفاذ صبر مستيره خلفها لتنادي علي والدها
- يا باااااابااا ... ياباباااااا ..

وفي لمح البصر كان سليم اختفى من امامها هاربا من ثرثرتها المزعجه، الى ان استدارت فلم تجده فزفرت بضيق هاتفه
- اووووف هرب الجبان !

اتاها صوت والدها من الخلف
- مالك ياوجد حوصل اي ياحبيبتى ..
شعرت ابنته بقليل من الارتباك قائله
- لا يا بابا مافيش كنت عاوزه اقولك انى حفظت كل الكتب اللي انت عطتهانى وعاوزه كتب غيرهم ..

خرج سليم من خلف الشجرة الكبيره التى اختتبئ بجدارها قائلا باعجاب
- هى البت دى مالها ! وقعت في حبك ولا ايه ياض يا سَليم ! طب والله ما انا سايبك بلماضتك وحلاوتك دى!

#باااااك

هز سليم رأسه تحت الماء كثيرا ليفيق من سطوها المسلح علي قلبه وذاكرته فتنهد بمرارة وهو يضرب الحائط بجواره مردفا بتوعد
- وحق اللي حط حبك في قلبى ما هتكونى لحد غيري !

 

" ودونى علي بيت حبيبي نعيش مع بعض فيها دا بقا لنا مده طوبه طوبه بالحب بنبنيه "
تراقص (يسر ) على اوتار فرحتها حاضنه فستانها الابيض بدلال وانسيابيه كمن ملك مفاتيح ابواب الفرح للتو، رمقتها صفوة التى رفعت عينيها عن الاوراق المبعثرة امامها مردفه بسخريه
- اصبري بس لو ما جيتى تصوتى بكرة وتلعنى في الجواز ابقي قولى صفوة قالت !
رمقتها بنظرة اشمئزاز ثم قالت بلا اهتمام
- مش هاجى اشكيلك هابقي اروح اشكى لاي حد غيرك خليكى ف حالك بس ..

القت صفوة القلم من كفها ثم عقدت ذراعيه مستنده علي سطح المكتب قائله
- تعرفي انا للتو اتوصلت لسبب سذاجتك دى ! انك مش لابسه نضارة ماهو انتى لو لابسه نضارة هتشوفى حقيقة الدنيا باربع عيون ..

- ياستى انا موافقه ابقي عميه .. وطالما معارضة الجواز كده متتجوزيش .. قولى لا وبناقص عروسة يعنى .

ابتسمت صفوة بمكر ثم قالت بهمس
- لا هتجوز عشان اعرف كل واحد غلطه ويفكر الف مرة قبل ما يقف قصاد صفوة الهواري !

- انت بتكلمى نفسك ياصفوة !

فاقت صفوة من شرودها سريعا
- هااا لا معاكى .. حلو الفستان بتاعك يا رورو ياحبيبتى ..

 

" يا ولاد بلدنا يوم الخميس .. هكتب كتابى وابقي عريس "
ظل مجدى يردد جملته بفرحه عارمه وهو يصفف شعره المرفوع عن جبهته بحرفيه ويتراقص امامه مرآته، قفل عماد الكتاب الذي بين راحته نازعا نظارته الطبيه قائلا
- ياخى انت غريب قوى ! مالك ملهوف على الجواز كده اومال لو كنت بتحبها !
وجه ( مجدى ) انظاره نحوه في المرآه بعيون ضيقة وحاجبين منعقدين قائلا
- ومين قال انى ما بحبهاش !
مط عماد شفته لاسفل قائلا بحكمه
- انت طول عمرك عايش مع خالك بين القاهره واسكندريه وصفوه واخواتها طول الوقت عايشين فى القاهرة وملهمش علاقه بحد .. مافيش غير سليم اللى كان يسافر لهم دايما عشان يدى عمك فلوس ارضهم .. وطبيعى محمد بيحب يسر عشان قعد عندهم طول فترة الدراسه، انت بقي طاير من الفرح ليه ! ماتقولش بتحبها ..

اتسعت ابتسامة مجدى وهو يستدير ليقترب منه قائلا بهدوء
- شوف ياخى ممكن كل كلامك يكون صح، بس انا كبرت على كلمة جدك مجدى لصفوة، برغم انى ما بشوفش صفوة دى غير فالمناسبات بس اتعلقت بيها،، وبصراحه اكتر هى من النوع اللي مكيفنى ويملى الدماغ ويسلى الوقت .. دخلتلى من حته التحدى والعند وانا بموت في تحديات البنات اللي ملهاش وجود من الاصل .. فمبسوط انى هبدا معاها حياة كلها مغامرات وساسبنس كده .

رفع عماد حاجبه مرددا بسخريه
- مجنون !

- وخدنا ايه من العقل ! قولى بقي انت ناوى علي ايه؟!

فكر عماد لبرهه ثم اردف قائلا بثبات وثقه
- هتفق معاها ان دا وضع مؤقت لحد ما كل واحد فينا يروح لحاله .. انا مسئول عن حمايتها وهى مسئوله انها ملهاش دعوة بيا خالص وبس .. اظن ان كده احسن .

ابتسم مجدى ابتسامه ماكرة مرددا في ذهنه
- لو ما جابتك علي جدور رقبتك ابقي قول مجدى اخويا ما يفهمش حاجه ! قال حمايه وملهاش دعوة بيا قال عيل صغير انا عياكل بعقله حلاوة !؟ .

 

تقف امام المرآه لترتدى ملابسها التى احضرتها عفاف لها بالامس المكونه من ملابس داخليه خاصه بالنوم وغيرها من مستلزمات العرائس .. نصبت عودها امام المراه وتنغجت بدلال وهى مرتديه القميص القصير وتقف علي اطراف قدميها بميوعه ..

- هو بس سليم يشوفنى لابسه واحد من دول وهيجى لحد رجليا راكع .. يخربيت حلاوتك يابت يا ماجى !

ثم ركضت سريعا نحو مخدعها لتمسك بقميص اخر قصير ذو اللون الاحمر وتتأمله بانبهار
- اش اش اش ! اي الحلاوة دى !

ثم تنهدت بكلل قائله هو تحتضن ما بيدها
- يارب ياسليم تحس بقلبى وماتغلبنيش ..

قطعت شرودها دخول نورا المفاجئ قائله جملتها قبل ماتعلو شهقتها
- ماجدة كلمى امى تحت ... يخربيتك انت ايه اللي لابساه دا ! انت نسيتى كلام امك ؟!

زفرت ماجده بضيق قائله بهمس
- اقفلى الباب الاول وتعالى بس ..

استدارت نورا لتقفل الباب وتقترب منها بشفتين مزمومتين وعيون متسعه فركضت ماجده نحوها بفرحه لتقول مهلله وهى تدور بجسدها وشعرها يتحرك معاها
- اي رايك بقي ! هعجب سليم ؟!
رمقتها نورا باستغراب
- ماجده لازم تفهمى ان اللي بتعمليه دا غلط ! سليم مش بيحبك للفرحه دى !

تبدلت ملامح ماجده قائله بنبره تمثيليه
- ومين قالك انه مش بيحبنى ! انت عارفه دا جيه بالليل لحد عندى واعتذرلى وقالى حقك علي يابت عمى وانا في الاول والاخر ستر وغطى عليك.. يبقي كيف مش بيحبنى !

رمقتها اختها بعدم تصديق قائله
- بقي سليم قال كده !
اكملت ماجده مسرحيتها بحرافيه
- اومال هكدب عليكى ليه ! وانا من ساعتها حاسه قلبي هيتخلع من مطرحه، المهم اسمعى انت كلامى ولازم توصلى حبك لقلب عماد .. انا حاسه بيكى وعارفه انت بتحبيه .. فادلعى واتبسطى ونسيه مراته وهو هيبقي بين ايديكى يقولك شباك لُبيك .

ابتلعت نورا غصة احزانها قائله
- مالكيش دعوة بيا .. كل واحد يخليه في حاله ويلا غيري هدومك دى عشان امك عاوزاكى تحت ..

 

" في المساء "

" عاوزكم تتاكدوا كلكم انى ماظلمتش حد فيكم .. واللي شايف نفسه ضحية يراجع حساباته، انا من حقى الم شمل العيلة دى قبل ما اموت، عاوز اكون مرتاح في تُربتى، واكيد مش هابقي مرتاح لو انتوا هنا في وادى ومراة عمكم خدت بناتها بقيوا في وادى تانى وتعيشوا وتموتوا وماتسمعوش حاجه عن بعض "

جلس الجد فوق مقعده بفظاظه بعدما اردف كلماته على احفاده الصبيان اللذين يقفون بجوار بعضهما فمن يراهم يظن انهم بُنيان مرصوص ليستمعون له بخضوع واستسلام .. فاردف سليم معارضا
- كان في كذا طريقه ياهواري غير الجواز تجمعنا بيها ..
ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه قائلا
- زي ايه ياسليم .. ترموا بنات عمكم في حضن الغريب وتسبوه يتمرمغ في خيركم !

تافف سليم بضيق قائلا
- عارف ان الكلام مافيش منه فايده دلوق، بس محدش يلوم سليم على اللي هيحصل بعد اكده .

لكزه مجدى في ذراعه قائلا بهمس
- اسكت عاد متولعهااش .. خليها تعدى .
رمقه الجد بنظرات ساخطه
- طول ما انا عايش كلمتى هى اللي هتمشي ولما اموت ابقي اعمل اللى عاوزو ياسليم !

سااد الصمت لبرهه فاكمل الهواري كلامه قائلا
- المأذون زمانه وصل، بعد كتب الكتاب كل واحد ياخد مرته ويروح بيها اظن انكم فرحتوا بما فيه الكفايه امبارح ..

التزم كلا من عماد وسليم صمتهم فادرف محمد بجماس قائلا
- طبعا ياهواري هنعيش في العماره اللي ورا القصر !

نصب الجد عوده قائلا بنبره آمرة
- كل واحد شقته متجهزة من كله علي بال ما تتأقلموا اكده وكل واحد ياخد مرته ويشوف هيعيش بيها فين ..

اعتلى صوت زغاريد النساء بالخارج حتى اخترقت الاذان فقال الهواري بشموخ
- يلا ياعرسان المأذون وصل ...

 

" في قصر العتامنه "

تقلب صفحات الكتاب الذي بين يديها بتأفف وضيق حتى نفذ صبرها فقفلته ووضعته بجوارها متكئه علي مقعدها للخلف تتأمل الطيور وهى تختبئ في اغصان الشجر، وفجأه شعرت بغصه تقف في حلقها مع ضيق صدرها ... حاولت ان تلتقط انفاسها بصعوبه وهى تسعل بقوة حتى ذرفت الدموع من عينيها،، مدت يديها فوق الطاوله لترتشف كوب الماء حتى عادت انفاسها تخرج بصورة طبيعيه ثم اردفت بخوف

- ياتري فيك اي ياسليم !
التقطت كتابها ثم قامت متأهبه لمغادرة الجنينه صاعده لغرفتها كى تختبئ من همومها خلف ستار النوم، وصلت (وجد) الى ساحه القصر الواسعه ولكنها التفتت لحركه علي غير المعتاد بالخارج، تحركت صوب اسهم فضولها لتكتشف الامر واقفه خلف النافذه، اذن بعدد كبير من الرجال المسلحين يحتشدون امام باب القصر، اصابها الخوف في مقتل على حبيبها ..

لاحظت خروج ادهم حاملا سلاحه من غرفة مكتبه وخلفه عمه حيدر، فركضت نحوهم بجسد مرتجف قائله بتوتر
- خير يادهم الناس اللى بره دول عيعملوا ايه اهنه ؟!
وضع ادهم سلاحه بداخل جلبابه ثم استدار لينظر لعمه نظرة غريبه ثم قال بثبات
- عمك طلع امر بأن تارنا هيتاخد الليله .. وفرح الهواره هيتقلب ميتم ..
ارتجف قلبها من مكانه وهى تمسك كفه بعيون متوسله ان يقف امامها قائله بخوف
- تارنا كيف يعنى ؟! هو في ايه يا عمى .
اقترب عمها بخطوات ضيقه مستندا على عكازه
- يابتى التار نار قايده ما عتنطفيش غير بالدم، وانا معلق جوازك علي التار ومهرك هو راس اللي قتلوا ابوكى ياوجد ..

تصاعدت انفاسها بخوف كمن يركض في حر الصحراء الوحله وعيون متراقصه محمره قائله
- ليه ليه عاوزين تفتحوا مجزرة دم ملهاش اخر ! ياعمى فهمنى وبعد ما ادهم ياخد بالتار الحكومه هتسيبه ولا ولاد الهواري هيسيبوه .. انت اكده بضيعنا واحد ورا التانى ؟!

- وحق ابوكى نسبوه الناس تاكل وشنا ونعيش طول عمرنا تحت الحيط خايفين .. التار شرف ياوجد ولازمن ولا بد منه يتاخد يابتى .

ركضت نحوه بجسد مرتجف قائله بتوتر
- ياعمى ربنا قال " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ " حق ابوى من اللي قتله اللى هو مختفى وملهوش اثر، انما اي ذنب عيال عادل، وايه ذنب ادهم يده تكون متلطخه بالدم ! ياعمى التار خراب عمره ما كان شرف ..

رمقها عمها بنظرات ناريه ثم التفت نحو ادهم الذي خرج سلاحه من جلبابه وشد اجزائه قائلا بشر
- خولص الكلام يا وجد .. الليله راس سليم الهواري هتترمى تحت رجليكى

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة