قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى الفصل الخامس عشر

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى الفصل الخامس عشر

جالسه فوق مخدعها تراقب تحركاته العشوائيه التى يخطوها بدون وعى، يقفل باب الخزانه اكثر من مرة ثم يعود ليفتحها مجددا، يدلف الي حمام غرفته ويخرج مرة اخري بدون قضاء اي شيء، تجاهل وجودها نهائيا حنى اردفت ماجده قائله بحزن
- للدرجه دى انا تقيله عليك ياسليم ؟!

اغمض عينيه لبرهه متخذا نفسا عميقا متجاهلا سؤالها حتى ارتدى جلبابه الفضفاض ووضع محفظته الجلديه بداخل سترته، وثبت امامه لتكرر سؤالها
- ليه اول ما جيت تقرب منى اتكهربت وبعدت بالطريقه بالمهينه دى .. ليه ياسليم !

- عشان ما ينفعش ياماجده .. ولو سمحتى الموضوع دا مايتفتحش تانى ... ومن هنا ورايح مش عاوز اشوفك في مكان انا فيه ..

ذرفت دمعه من عينيه بحرقه لتقول
- للدرجه دى !
تأهب سليم للمغادرة ولكنها اوقفته سريعا لتقول
- كلمنى زي ما بكلمك ..
ضغط سليم علي فكيه محاولا تهدئه اعصابه لبره ثم اردف بهدوء متصنع
- اتاكدى لو اللي في دماغك دا حصل ولا انا ولا انت هتكونى مبسوطه ... كده بظلمك معايا وانا مش عاوز اسببلك اي الم او جرح تعيشي ندمانه عليه طول عمرك...

- انا هعيش ندمانه طول عمري لو سبتك !
مسكها من معصمها برفق وجذبها لتجلس بجواره ليقول لها بحكمه
- ماجده افهمى .. انت الف مين يتمناكى .. انتِ من حقك تتحبي زي ماتحبي، مافيش حاجه اسمها انك تدى طول الوقت .. انت اغلى من انك تفرضي وجودك علي حد .. عارف ان كلامى قاسي عليكِ .. بس والله هو دا الصح وهتيجى ف يوم تشكرينى...

ردت مقاطعه
- بس ياسلييييم ..
اردف سليم سريعا
- اسمعينى وافهمينى للاخر الله يرضي عنك ... ماجدة انا فاهم وعارف انك بتحبينى ودى حاجه خارجه عن ارادتك وانا كمان بحبك بس زي اختى ... ومستحيل اكون غير كده معاك .. وواجبى انى احميكى اكتر من نفسي واللي يتعرضلك هاكله بسنانى .. بس القلوب ملهاش سلطان هى الآمرة والناهيه جوانا واحنا عبد المأمور...

اجابته باكيه
- كده بتظلمنى معاك ياسليم ...
هز راسه نافيا ليقول
- لا ... احنا اللي بنظلم نفسنا لما نحاول نقرب ونستنى ناس عمرهم ما هيكونوا لينا في يوم من الايام .. ناس مليانه من جواها بغيرنا ياماجده...

ثم التقط نفسا عميقا ليقول بابتسامه باهته
- مش عاوزك تزعلى منى .. تيجى نتفقوا اتفاق !

رفعت مقلتيها الباكيتين بانتباه فربت سليم علي كفها بحنو
- خلينا متفقين انك احلى واجمل بنت في الدنيا كلها .. وبُعدي عنك مايقللش في دا ... اتاكدى ان وجودنا مع بعض فترة مؤقته وانا مش حابب اشحن الفترة دى بذكريات سودة نندم عليها عمرنا كله ... يعنى ياستى مختصر كلامى هنعيش تحت سقف واحد اخوات وصحاب بس لكل مننا خصوصيته، لحد ما يجى الوقت المناسب اللي اسلمك فيه للقلبك وعقلك يختاره ويكون بيقدرك ويصونك ... قولتى ايه !

كان قلبها يرتعد من قسوة كلماته الناريه، وتفر دموع عينيها هاربه من خراب جوفها المفجع، فنتهدت بتثاقل لتقول
- انا اسفه علي كل اللي حصل منى واوعدك انى مش هكررها .. واتمنى تكون مقدر كده .. وبعدين اللي عاوز هيحصل، حاجه تانيه !

تبسم سليم بخفوت ليقول ممازحا
- عاوزك تبقي مبسوطه وبس يابت عمى، وانا وعد عليا هحاول مزعلكيش مهما حصل .. يلا عاد امسحى دموعك دى وانزلى اقعدى مع عفاف الصبح شق اصلا ...

اردفت بصوت منخفض حزين يائس
- حاضر شويه وهنزلها وانت روح شوف هتعمل ايه !

نهض سليم من جوارها منتهدا بارتياح فاخيرا اذاب جبال الهم من فوق صدره ليضع حدا بعلاقته معها، ثم اردف قائلا
- فوتك بعافيه عاد ... خلى بالك علي روحك .

تركها سليم في بحور اوجاعها ترتطم بها امواج القلب يمينا ويسارا وقلبها يعلو ويهبض متأوها علي فقدانه كل اشعه الامل التى كانت تنير دربها للوصول إليه ..

 

" انت يابنى ادم يالى برررررره الحقنىىىىى "
اردفت صفوة جملتها بصراخ وهى تقف فوق سطح المكتب بصوت مرتجف خائف تترقب حركه الفئران اللذين حولوا غرفتها لسريك .. جالسا بالخارج فلم يرف له جفن الشفقه علي صوت عويلها المتصاعد حتى اردفت مرارا وتكرارا
- اااااااه مجددددى الحق في فارين في الاوضه ... اااا يااااماما...

ظلت تتنقل فوق مرتفعات غرفتها بصراخ وخوف لاهث يرعد قلبها، اوشكت ساقيها علي لمس الارض فسريعا ما وجدت فار يمر من تحته فتراجعت سريعا بجسد منتفض وهى تنادى عليه بتوسل وهلع .. اخيرا رق قلب مجدى ليقترب من غرفتها بجمود واقفا امام الباب قائلا
- في حاجه ياااصافي ..

اجابته باكيه مرتعده
- ااااااه ... في فار ... لا في فيران كتير الحقنى ..
كتم صوت ضحكه الساخر ليقول
- عادى ياصافي مش هيعملولك حاجه ... اجمدى .
صرخت بصوت عال وهى تركض بعيدا عندما اقترب منها الفأر لتقول
- انت بتستهبل بقولك دول كتيررر وانا مش عارفه اخرج من هنا ...

وضع مجدى يده علي مقبض الباب ليجده مغقلا
- انت قافله الباب ... اعملك ايه ..

- اتصرررررف واكسره .. اعمل ايه حاجه !
انفجر ضاحكا علي صوت عويلها وهو يضرب كف علي الاخر قائلا ببرود
- لا خسارة الباب .. وبعدين لو كسرته هيكون ف خطر عليكِ منى ..

صرخت به منتفضه
- الله يخربيتككك ... انت بتهزر !

- والله بتكلم جدا ... اجمدى كده يادكتورة وافتحى الباب اومال دكتورة ازاي وعامله فيها سبع رجاله في بعض .. مش كام فار اللي يعملوا فيكى كده ..

حاولت صفوة التسلل بخفه وجسدها الملتصق بالحائط لتقترب من الباب ولكنها سرعان ما ركضت خائفة بعيدا عندما وجدت احداهم يقترب منها فاردفت وهى تضرب الارض بساقيها
- اااااااااه .. هما بيتحركوا كتير ليييه ..
اردف مجدى في سره قائلا بشماته
- اصلى موصيهم عليك ..
ارتفع نداء صفوة لتقول بذعر
- انت رووحتتتت فين !
مجدى بصوت عال كاتما ضحكه
- ماهو ياتفتحى الباب وتسبينى اتصرف معاهم .. لتتصرفي معاهم انتِ .. علي فكرة ياصافى سندريلا كانت مصاحبه الفيران عادى متتكسفيش منهم ..

بمجرد ما انهى مجدى حديثه وجدها فتحت الباب سريعا وهى تركض نحوه قائله بذعر
- اتفصل اتصرف مع الارف اللي جوه دا !
تفتنها مجدى باعجاب شديد وهو يراها في زيها البيتى المكون من بنطلون يصل للركبه وفوقه توب يبرز كل مفاتن جمالها فادرف قائلا بهيام
- هو انا ماينفعش اتصرف مع اللي بره وافكنى من اللي جوه !

زفرت في وجهه باختناق فاستدارت نحو باب الحمام لتدفعه بكل قوتها فقال مجدى متنهدا
- الصبر من عندك يااارب .. هى البت دى بتحلو ازاي كده !
ثم فزع من موضعه عندما وجد فار صغير مر فوق قدمه فقال بمزاح
- لا انا جايبكم تطلعوا عينها هى مش انا ...

فاقترب من باب غرفتها ليقفل بابها وتحرك نحو الصاله ليحضر مصيده الفئران التى احضرهم بها قائلا بتوعد
- لكل فعل رد فعل يابت الهواري ...

عادت حركه البيت مرة اخري بمجرد بزوغ شمس نهار جديد .. كل منهما يتسارع مع الزمن لاتمام عمله .. فنهضت ورد لتقوم باجراء المهام المعتاده صباحا وبعد ما انتهت من صلاة الصبح اتجهت نحو هاتفها الذي لم يتوقف عن الرنين اتسعت عينيها عندما وجدته سليم .. انتفض جسدها بارتباك
- اعمل ايه انا بس !
ثم استجمعت شتات قوتها لتضع ابهامها علي العلامه الزرقاء مردفه بتوتر وعيون متارجحه
- الو ..
تنهد سليم الذي يقود سيارته بهدوء قائلا
- ورد !
اصدرت صوت ايماء منفخض ثم اكمل سليم قائلا
- وجد عندك .. ؟!
ارتبكت ورد اكثر فاكثر لتقول
- لا .. ااااه ..
دار سليم مقود السيارة بغضب مكبوت ليقول
- ااااه ولا لا ... حددى ..

- اصل اصل الصراحه ياسليم انا مش مرتاحه لتصرفات اختى اليومين دول ..

عقد سليم حاجبيه قائلا
- في ايه يا ورد !
تحركت بعشوائيه في ساحة غرفتها لتقول بعد تردد بالغ
- بص انا هقولك واللي يحصل يحصل .. بقيت تتكلم مع ادهم كتير وخناقات علي طول مع امى ومراة عمى، وهى وفايز بردو بقيوا يتكلموا كتير ووجد عمرها ما كانت اكده يا سليم .. انا قلقانه عليها قوى ...

ضرب مقود السياره باغتياظ ليقول بتوعد
- طيب يا وجد اما طربقتها عليكِ مابقاش سليم الهواري ..
ثم استكمل حديثه مع ورد قائلا
- وهى فينها دلوق ..؟

- انا شوفتها ركبت العربيه مع ادهم .. بس معرفش راحوا فين ...

جز علي اسنانه بنفاذ صبر وشرار الغضب يتوهج من عينيه قائلا
- طب بصي ياورد عاوزك تجبيلى كل تحركات اختك والزفت دا عشان شكلها ناويه علي خراب قريب ... وكمان اي حاجه تعرفيها تقوليلى علي طول .. فهماتى ياورد .. في اي وقت اتكلمى وخلى بالك مش عاوز وجد تحس بحاجه ..

شعرت بالقلق يقرضها علي مهل حتى اردفت قائله
- ماشي .. اللي عاوزو هعمله ..

- تقفلى دلوقتي وتروحى تشوفي راحت فين مع الزفت اللي مايتسمى ده ..

وصلت وجد للاعتاب مكان شبهه مهجور .. فهو منعزل تماما عن اهل القريه .. ثم اردفت من سيارة ادهم بجسد قلق وخائف قائله

- انتوا بتصنعوا الزفت بتاعكم دا هنا !

هبط ادهم خلفها وهو يغلق باب السياره بعفويه قائلا
- احنا عمرنا ما صنعنا .. طول عمرنا بناخدو جاهز ونوصلوه لرجالتنا ..
التفت اليه برأسها لتقول
- واشمعنا المرة دى عاوزين تصنعوه !

عقد سليم ساعده امام صدره قائلا
-عشان العمليه مش جايبه همها .. من ايد لايد الحاجه بتتنظر .. وكمان عاوزين يكون لنا بصمتنا في السوق ومنوزعش حاجه كل الناس بتوزعها .. وماقدميش غيرك ياوجد انت اللي هتقدري تعملى كده !

رفعت عينيها بسخط لتقول
- بس دا مش شغلى .. دا شغل صيادله يا ادهم بيه ..

- يلا كلكم معجونين بعجينه واحده فرق مكتب تنسيق مش اكتر ...

نظرت له بعيون ضيقه
- مش فاهمه !
اقترب منها ادهم متبسما ليقول
- واحنا مش جايين هنا نتسايروا ياوجد يلا شوفى شغلك ...
خفق قلبها ألما لتقول متسائله
- انت واثق فيّ ليه ؟! اش ضمنك انى ممكن ابلغك عنك ..

مط شفته لاسفل قائلا
- ما هو انتِ لو ناويه تعمليها مش هتقولى لى اكده .. هتروحى تبلغى علي طول .. اما انت اعقل بكتير انا خابر زين .. مش هيهونوا عليك العتامنه تخسفى بيهم الارض بعد اللي وصلوله ...

رمقته بنظرات ساخره فتأهبت للتقدم نحو البيت المهجور حتى وقفها صوته المزعج قائلا
- وجد .. الشغل مافهوش هزار .. واتاكدى انك محتاجانى زي مانا محتاجلك ...

وقفت لبرهه تستوعب قذيفه كلماته ثم رفعت رأسها للسماء راجيه ربها ان يزيح عنها ما ابتليت به ...

 

" مرسي اوى .. اتفضل كتابك اهو "
اردفت نورا جملتها وهى تقف امام عماد بجسد مرتجف بدقات قلب الحب .. رفع حاجبه متعجبا
- انت لحقتى تخلصيه بسرعه كده ..
ابتسمت بفرحه قائله بهدوء
- انا مش عاوزه اقولك انى منمتش اصلا طول الليل سهرانة عليه لحد ما خلصته .. بجد شكرا مرة تانيه لانك كنت سبب في ليلى الطويل يعدى بسرعه كده .

مط شفته لاسفل ليقول
- للدرجه دى بتحبي القراءه !
هزت كتفيها بتلقائيه لتردف بثغر متبسم
- بدور علي نفسي بين السطور والكلمات .. بسكر من الشعر .. ورحى بتتخطف من الروايات والحكايات اللي مابقتش للاسفل موجوده في زماننا .. الشخص اللي مابيقرأش بيخسر كتير ..

ظل يتابع حديثها بإعجاب وتعجب علي الحاله التى كان بها اثناء استماعه إليه فوجد في حديثها لذه خاصه يكاد ان فقدها منذ زمن .. فهتف قائلا
- ياستى في مكتبه كبيره في القصر كلها بتاعتى تقدري تروحى تاخدى منها اللي يعجبك ...
اتسعت حدقة عينيها فرحه لتقول بامتنان
- بجد انا مبسوطه اووى .. ومش عارفه اشكرك ازاي ..
ابتسم بامتنان ليقول
- مافيش مابينا شكر .. اي وقت حابه تروحى تجيبى كتب قوليلى يمكن افيدك بحاجه ..
رمقته طويلا بقلبٍ يتراقص من لذه حديثها معه لتقول
- طيب هو انا ممكن اقول حاجه واعتبرها شكر مقدم عن كل اللي قولته ..

استدار ليجلس علي الاريكه بوقار ليقول
- قولى ياستى ..

فرك كفيها بارتباك لتقول
- ممكن ادخل احضر فطار ونفطر سوا ...
صمت لبرهه حتى بدت معالم الياس علي ملامحها وبعد قليل نظر إليها باسما ليقول
- مع انى مابفطرش .. بس ماشي مافيش مانع نفطر وهنزل معاكى نجيب الكتب اللي محتاجاها ...

لم تستطيع تصديق ما قاله كان قلبها ان يقفز من مكانه ليرتمى به شوقا .. ظلت تنظر له باندهاش وتساؤل فما القوة الساحرة التى تمتلكها الكتب لتطغو على قلبه قبولا لها،، اما عن حالته فكان يتسائل متعجبا ومستغربا فكيف يسمح لنفسه ان يتناقش بصدر رحب مع انسانه اغتصبت عالمه الخاص بدون ادنى مجهود منها، فما الهدوء الذي يكسوه بمجرد حديثه معها علي عكس ما كان يراها من قبل !

" طيب ياعفاف اشوف وشك بخير عاد "
اردف محمد جملته وهو يقبل جبهة امه بحب ... فربتت امه علي كتفه بحنان
- تخلى بالك يامحمد .. ومتنزلش البحر ياولدى وكلى زين ورُم عضمك انت عريس ومحتاج تتغذي ..
ضحك بصوت مسموع ليقول
- متخافيش انت بس .. ادعيلنا كده ننبسط وربنا يبعد عننا عيون ثريا ... _ثم التفت ليسر_ سوري يعنى ياسو بس امك شووم جوى ..
رمقته بحده لتقول
- اتلم .. ملكش دعوة باماما ..
قهقهه محمد ليقول
- ربنا يجعل كلامنا خفيف عليها ... هااا هحلق امشي قبل ماتنزل وتفتحلنت تحقيق ..

يسر بضيق
- اي يامحمد انا لازم اسلم علي امى الاول ..
- حبكت يعنى يايسر مانتى عايشه معاها ٢١ سنة مزهقتيش!

هتفت ثريا من اعلى لتقول
- والله عال وكمان بتقسي بتى عليّ ياولد عفاف ..

تنحنح محمد بجزع
- جالك الموت ياتارك الصلاه ..
ثم التفت الي يسر قائلا بسخريه
- نبرتى فيها ياختى ! اشربي بقي ..
رفعت يسر عينيها لاعلى قائله
- صباح الخير ياماما .. شوفتى كنت جايه اسلم عليك عشااااان ..

هبطت ثريا درجات السلم ببطء لتقول
- عشان ايه ياقلب امك !

ابتسم محمد قاصدا اثارة غضبها
- شهر عسل ياحماتى .. عاوزين نعسل زي خلق الله ..

نظرت لابنتها بعيون واسعه يحاصرها الكحل الغزير لتقول بحده
- نفسك حلوة قوى ! بس انا بتى ماتبعدش عن حضنى ... ولا ايه يايسر !

ارتبكت يسر بخوف من نظرات امها مما جعلها تتراجع خطوتين للخلف
- هاااا ! طبعا اللي تشوفيه .. ولا ايه يامحمد ..

زمجرا رياح صوت محمد غضبا ولكن سرعان ما التهمته عفاف لتقول
- جري لراسك ايه ياثريا .. ولدى واخد عروسته يفرحولهم يومين اش حشرك مابينهم انت ...

- بناتى يبعدوش عنى ياعفاف ... وطول عمري قافله عليهم ومعوداهم رجلى علي رجلهم في اي مطرح ..

محمد بتأفف
- صلاة النبي ! دانت عاوز تيجى معانا ياااك ! ما هى ناقصه !

قربت يسر منه لتمسك كفه متوسله
- محمد والنبي متجادلش معاها ..
نظر لها معاتبا حتى التفتوا سويا الي صوت عفاف التى هتفتت قائله
- هاااااا ! وهى الواحده لما تتجوز تحكم عليها امها لييييييه!

- والنبي اطلعى منها انت ياعفاف وهى تعمر ..

قطع محمد حديثهم قائلا
- طيب انا هاخد مراتى واخلع وانتوا خلصوا خناق علي مهلكم .. يلا فوتكم بعافيه ..

تأهب محمد كى يحمل حقائبه .. فاوقفه نداء جده قائلا
- محممدددد رايح فين ..
القى محمد مابيده جازعا ليقول بهمس
- دا مابقاش شهر عسل دة بقي شهر اسود علي دماغى .
ثم التفت اليه قائلا
- واخد مرتى بتفسحوا كام يوم ياهواري قبل ماانزل الشغل ...

اقترب جده قائلا بحزم
- مافيش سفر النهارده !
صوبت عيون متسعه نحو قرار الجد ليقول
- عاوزكم بعد الضهر كلكم .. وبعدين سافروا براحتكم واتبسطوا ..

محمد بفضول
- في حاجه يا هواري ؟!

- المحامى جاي الضهر .. وتركتى هتتوذع عليكم بما يرضي الله .. روح ريحلك ساعتين وبالليل سافر ..
اومئ محمد مستسلما
- اللى تشوفه ياجدى ..
قائلا من وراء اسنان المنطبقين
- نبرتى فيها ياثرياا !

" خلاص ياستى اهم ٣ فيران بالتمام والكمال جوه المصيده .. مافيش فيران تانى جوه "
اردف مجدى جملته بثقه وهو يزاولها بالمصيده، قرمقته صفوه بعناد مردفه
- وانت بقي اش عرفك انهم تلاته .. وان مافيش تانى !
اتسعت ابتسامه مجدى ليردف سريعا بدون تفكير
- منا جايبهم تلاته والله ..
شهقت بصوت عال لتقول
- طب والله كنت حاسه انك ورا الحركه العبيطه دى ..
ضرب مجدى جبهته سريعا
- انت فهمتى ايه بس .. قصدى انى دورت في الاوضة ملقتش تانى ...

ندت منه صفوة بنظرات تهديديه
- شوف يامجدى هتشتغل لي في الازرق .. هشتغلك في قوس قزح كده رايح جاي لحد مايبانلك صحاب ..
ابتسم مجدى ثم غمر لها بطرف عينيه
- طيب ولو قولتلك انى مش عاوز من قوس قزح كله غير اللون الاصفر اللي كنتِ لابساه ..

ضغطت على مشط قدمه بقوة مما جعلته يتأوه فجاة لتقول
- لاحظ انك بقيت تتطاول معايا ودا مش لمصلحتك .. خاف منى ..

رفع مجدى المصيده التى بيده أمامها ليقول
- اتنيلى اخرك بؤ والسلام تلات فيران لبسوكى في حيط .

تراجعت للخلف صارخه
- طبيعى كل البنات بتخاف من اي حاجه ليها رجلين وبتتحرك ..

- اومال مش خايفه منى ليه بقي ..!
ابتسمت بمكر لتقول
- والله انا خايفه عليك احسن احطك في دماغى ومعرفش اخرجك غير عالتُرب ..

- عنيفه اوى .. تُرب أي بس ياشيخه وهو الواحد لحق يخش الدنيا لما توديه علي الترب !

- مجدى .. سوري يابيشمهندس مجدى اطلع من دماغى وبلاش الحركات النص كوم دى .. مش معنى انى خرجت من اوضتي ٥د دخلت فيهم الحمام تحطلى فيران في الاوضه ! اي الهبل دا !

- وطالما هو هبل خوفتى وصوتى ليييه هااا .. دانا كنت خايف احسن الواد محمد يسمعك تحت ويفضل يقر عليا ويقول ماشيه معايا حلاوة ف السكينه وانا مظلوم ولا دوقت حلاوة ولا مسكت سكينه !
زفر بنفس صبر وغل في وجهه ثم دار بجسدها قائله
- انت التعامل معاك لا يطاق ... ربنا يهون علي الايام دى واخلص بقي ..

مجدى متوعدا وهو ينظر للفئران
- ورحمة ابويا مسيرك تخشي مصيدة مجدى الهواري وساعتها ماهرحكمك ..

ثم سمع صوت علي الباب فتحرك نحوه ليردد بهمس
- تلاقيه محمد طالع يكمل نبر ..

فتح الباب فوجد محمد بالفعل امامه قائلا
- العريس اللي محدش شايف وشه ماكفاية ياعم بلبطه في العسل دانا تعبتلك ..

- ياشيخ اتنيل دا لو عايش مع الشحات مبروك ما هتسحل السحلة دى ..

- المهم هات مراتك وانزل تحت بعد الضهر .. جدك عاوزنا ..

مجدى باستغراب
- هو هيجوزنا تانى ولا ايه !

- ياشيخ انتيل وانت اتجوزت اولانى احنا هنصيع علي بعض ياولد ابوي !

- ياعم خلاص بلاش تقطيم سبنالك انت العسل .. اطرق يلا مش بلغت رسالتك !
محمد بفضول وهو يتكأ علي جانب الباب
- الا قولى يا مجدى انت طلبت من عم عبده يجيبلك فيران ليه !

مجدى بحسره
- هو لحق يقولك !

- هههه دا لو مكنش قال لقنا كلها ..
شرع مجدى في غلق الباب بوجه اخيه
- امشي يامحمد طاااب خلينى الحق المصيبه دى ..
منع محمد قفل الباب بكفه ليقول ممازحا
- لو على صفوة فعاوزه ديناصورات وحياتك مش فيران .. ربنا يعينك يابطل ...
قفل مجدى الباب بوجهه متحسرا ومتوعدا
- اخرة اللي يأمن لبوابين ! طيب ياعم عبده !

 

" اكلى عجبك "

اردفت نورا سؤالها بهدوء .. بعدما ظلت تراقب عماد اثناء تناوله للفطار باعجاب وتركيز شديد .. فرفع عينيه قائلا برضا
- اااه تسليم ايدك والله .. تعرفى ان دى اول مرة افطر فيها من بعد وفاة نيره ..

تنحنحت بخفوت تبتلع به غصة احزانها
- الله يرحمها .. هى اتوفت ازاي .
فكر لبرهه حتى تبدلت ملامحه حزنا .. شعرت نورا بالتسرع في سؤالها فردد سريعا
-انا اسفه مش قصدى والله .. اعتبرنى ماقولتش حاجه .

ابتسمه زائفه شقت ثغره ليقول باسف
- السرطان خدها منى .
تنهدت بألم يخترقها من الداخل لتقول
- ربنا يصبر قلبك ... هى اكيد دلوقتي في الجنه وفي مكان احسن من هنا بكتير ..

- فعلا .. ويمكن دى الحاجه اللي بتهون عليا فراقها انها في مكان احسن من هنا ..

القت سؤالها بتردد
- واضح انك بتحبها اوى ..

تنهد عماد بصوت مسموع
- ويمكن المشكله انى حبيتها اكتر من اللازم عشان كده ضاعت منى ..
- متقولش كده .. انت لو بتحبها فعلا مكنتش هتتمنى تشوفها موجوعه طول الوقت وانت مش في ايدك تساعدها .

- موتها رحمها هى .. بس سابتلى سرطان الفراق ياكلنى انا ..

كلمته اعتصرت قلبها لتقول باسف
- اسفه انى فكرتك ..
ابتسم ابتسامه خفيفه
- متعتذريش .. لانى مش بنسي عشان حد يفكرنى ..

فركت كفيها بارتباك
- طيب تعالى نقرالها الفاتحه سوا ..
لمعت عيونه لطلبها الغير متوقع فظل يرمقها من كل لحظه والاخري وهى ترتل سورة الفاتحه بصوت منخفض جدا، لكنه لم يعلم من اين انبعث شعاع نور اخر بداخله فجاة ملئه بأمل رؤية الحياة مرة اخري بعيون اخري .. ربما مصدره عينيها الذي ينبعث منهما حب غير متناهى ..

 

" في الظهيره "

اجتمع آل الهوارة كلهم في غرفة الاجتماعات وبينهم المحامى واثنين من كبار العائلة فثارت صفوة قائله بصوتها العالى

- بس دا ظلم وربنا مايرضاش بالقسمة دى !

وقف راجح امامها بهيئته الموقره قائلا
- طلعتى جدك ظالم على اخر ايامه ياصفوة !

- وحضرتك لما توزع التركه علي اربعه ونصيب كل واحده فينا مع جوزها دا تسميه ايه ... هو دا الحق ؟!

تدخل مجدى لتهدئة الامر
- صفوة اهدى وبعدين نتكلم ..
ثارت بانفعال
- لا مش ههدا .. تقدر تقولى حضرتك لما ابويا يرجع ميلاقيش حاجه من ورثه ! ولا نقوله استنى لما استئذن جوزر عشان اجيبلك منه فلوس وورث .

اكملت ثريا منفعلة
- جاى تظلم بناتى ياعمى .. طيب ليه هو دا ذنبهم انهم ولايه !

- انا مظلمتش حد ياثريا .. ولما جوزتهم لولاد عمهم كنت عامل حساب لاكده .. ولو اتكلمنا بالشرع والقانون .. ان بناتك ليهم تلتين النص عشان ولاد عمهم هيشاركوهم في النص بتاعهم .. وبحسبتى كل واحده منهم واخده حقها بزياده كفايه معاها راجل يصونها لاخر العمر ..

ثريا باغتياظ
- ولما واحده فيهم تتطلق يبقي حقها علي اكده بححح خلاص طلعت من المولد بلا حمص .. اعمل حاجه لاخرتك ياراجح بيه ..

- اولا احنا معندناش بنات عيطلقوهم ولاد عمهم .. ثانيا كويس انك فاكرة انه في اخرة ياثريا ..

سليم بهدوء
- ياجدى انا شايف انك توذع نصيب كل واحد بالدين ونبقوا خالصين ..

- لا ياسليم مش هيحصل غير اللى قولته وبنات عمكم هيقضلو طوق قي رقابيكم بعد ما اموت وكده اضمن انكم مش هتفترقوا واصل ياولدى ...

- دا جنان رسمى
هرب اللفظ من بين شفتى صفوة بدون رقابة مما اثار انفعال الجد اكثر قائلا
- ما هو لو كلامى متنفذش هكتب تنازل عن كل ممتلكاتى للجمعيات الخيريه ... خولص كلامى ... شوف شغلك يامتررررر ..

تبادلت العيون فيما بينها بذهول وعدم استيعاب بين معظمهم والبعض الاخر صامت لا يُبال منتظر ما يتم الانتهاء عليه ..

" عاااااش ياوجد .. تسلم ايدك يابت عمى والله هو دا الشغل ولا بلاش "

اردف ادهم جملته باعجاب بعد ما تذوق التجربه التى اعدتها وجد ... ثم اردفت قائله
- هو دا اللى انت عاوزه ؟!

- وطلعتيه احلى يابت اللذينه والله لو ترضي بس لبوس دماغك الجوهرة دى ..

زفرت باختناق
- انا همشي ...

- استنى بس لسه متفقناش .. هتبدئى الشغل ميته ؟!

- اووووف الوقت اللي عاوزو ياادهم .. بس يكون في علمك شحنة واحده بس اللي هعملها ... وبعد كده يفتح الله .

رمقها بمكر
- نحضروا احنا بس اول عمليه وبعدين نشوووووف بعدين ..

- عاوزه اروح ...
دنى منها للحد الغير مباح
- ياباشا دانا اشيلك علي يدى واروحك ..
ابتعدت عنه بنفور ثم تركته وغادرت
- اوووف اوعى كده ...

رمقها بخبث ثم رفع نظره نحو الكاميرا المخفيه من اعلى
- عتحلمى يابت سالم .. هو دخول الحمام زي خروجه

سارت وجد نحو السيارة تزيل دموع عينيها بحزن وندم تشعر بأن جبلين ينطبقين عليها هتعتصر هى بالمنتصف قائله
- يارب انا اسفه .. سامحنى انت عارف انى مجبورة علي كل دا ...
ثم تنهدت بحرقه لتقول
-يارب ابعد سليم عن طريق ادهم واحميييه ياااارب ..

" ورد ماتفتحى الباب كنت عاوزك في موضوع اكده "
اردف فايز جملته وهو يقف امام غرفة ورد التى ترتجف من الداخل قائله
- امى ومراة عمى راحوا فين ..

اتسعت ابتسامة فايز قائلا
- تقدري تقولى ان البيت كله مافهوش غيرنا .. افتحى عاد وبطلى حديت ماسخ ..

ارتعد بغرفتها وهى تنظر للاعلى
- فينك بس ياوجد ! استرها يارب ..

ثم رفعت صوتها قائلة
- وراي مذاكره ومش فايقه لرغيك روح اتكل على الله ..

وضع فايز كفه داخل سترته بخبث
- طيب لو فتحتى هقولك وجد فينها وعتعمل ايه دلوق

ركضت نحو الباب سريعا لتقول
- اكيد في المستشفي .. انت جاى تشتغلنى !

اردف بثقة
- وهى وجد من ميته عتروح المستشفي مع ادهم !
ارتعد قلبها اكثثر لتقول
- قصدك اييه .!

- افتحى وانا هقولك..
التقطت نفسا طويلا ثم وضعت يدها علي مقبض الباب تفتحه بتردد وكف مرتجف متجهه نحو حبال فضولها كى تصل لخبر ما تنقله لسليم .. صوت قفل الباب يتحرك ببطء شديد .. وعلى حدا يتراقص قلب فايز فارحا متسعدا للانفراد بحبيبته ...

" زي ما عقولك راجح طربقها علي دماغ الكل .. وانت عتقولى اهدى !"
باسطة جسدها في وسط فراش مجهول مرتدية قميصا باللون الازراق وتتمايل بغضب وضيق ونيران الشر تتوهج من كل اجزاء جسدها ... وعلي حدا يقف الاخر امام المرآة ليصب كأسا من الخمره ويرتشفه مرة واحده
- منا قولتلك نقتله ونستريح مسمعتيش كلامى ...
طبقت ساقها فوق الاخري لتقول بندم
- ياحيدر انا كل يوم بلوم نفسي انى مسمعتش كلامك .. بناتى وخسرتهم والورث كمان بح ... وبصراحه بناتى اجبن من انهم يعملوا اللي طلبتو منهم .

دنى من مخدعها ليجلس بجوارها مرتديا شُرطٍ قصير ويشعل سيجارته
- بالعكس ياثريا .. بعد اللي عمله الهواري هتبقي عود كبريت زين تولعى بيه النار في قلوب بناتك .. وكده هينفذوا كل كلامك بالحرف .. وانت وشطارتك ..

نصبت عودها لتجلس بالقرب منه وتحرك ذراعيها فيصدر ذهبها صوتا مزعجا
- انت شايف اكده ؟!
شد نفسا عميقا من سيجارته وهو يتفتنها بنظرات شهوانيه
- انا مش شايف غير اكده ! واقفلى النور اللي جمبك ده متبوظيش علينا الليله .. انت متعرفيش انا بستنى اليوم دا في الاسبوع قد ايييه !

اطلقت ضحكه عاليه بميوعه قائله
- يخربيتك واحنا في ايه ولا في ايه بس!
استدار ليطفىء سيجارته بالمطفأه ثم يدنو منها اكثر قائلا
- احنا في كل حاجه تظبط مزاجنا ياثرية قلبي ...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة