قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثالث

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثالث

في الفيزياء مفهوم -إجهاد المعادن- هو التشوّه البنيوي الذي يحدث للمعدن مع الأحمال المتكررة، ممّا يؤدي في النهاية إلى انهيار مفاجئ للمعدن تحت ضغط خفيف نسبيًا..
لم أستطع إيجاد مفهوم فيزيائي يشرح انهيارنا المفاجئ أمام خيبات بسيطة أفضل من هذا المفهوم !

وصلت ( صفوة ) الي غرفة ( مجدى ) التي دفعت بابها بقوة .. فوجئا كلٌ من محمد ومجدى لنظراتها التي ينبعث منها الدخان .. عقدت ساعديها متوعدة

" محمد ممكن تسيبنا لوحدنا شويه "
رمقه مجدى بنظرة حائرة .. استسلم محمد لاوامرها علي الفور قائلا ..
" طيب يامجدى هسيبكم انا تتكلموا سوا .. عرسان بقي وانا مش من حقي ادخل "

عض ( مجدى ) شفتيه بغُل من تصرف اخيه المتداني، خرج محمد ثم ركلت صفوة الباب بقدمها بقوة وهي تقترب منه بخطوات متباطئة

- انا سمعت خير اللهم اجعله خير كده .. ان هيكون عندنا فرح قريب ..

رفع مجدى حاجبه وهو يرتسم ابتسامه خافته
- اه شوفتي .. ماشاء الله مصادرك قويه جدا .

-" كله ممكن اعديه .. لكن كوني انا عروسة دا مستحيل اعديه ..تتصرف و تنهى المهزلة دي فاهمنى "
قالت صفوة جملتها وهي تجز علي اسنانها بحزم

ادرك سريعا زمام الامر فقرر استخدام سلاح البرود في قلب نيران ثورتها العاتية قائلا باستفزاز
- ليه بس صافي ماانت قمر ١٤ واحلي عروسة كمان ..

زمت شفتيه ونظرت اليه بعيون ضيقة
- ممممم افهم من كده ان الموضوع جاي علي هواك ! ااه منا كنت ملاحظه تصرفاتك معايا قبل كده بس كنت برمى ورا ضهري دا طلع بجد بقي ؟!

ضحك بصوت عالي
- الا جاي علي هواي .. دا جاي في الجون .. وانا هلقي زيك فين .. عروسة ادب واخلاق وجمال وعيلة وغير دا كله بت عمي واحنا ماعنطلعوش بناتنا برا من الاخر ..

- طالما جبت من الاخر بقي تعجبني .. هوريك الاخر بتاعي شايف اي دا !؟

اتسعت حدقة عيني مجدى بدهشه ليري امامه حقنه بداخلها محلول ابيض .. اكملت صفوة كلماتها
- دي حقنة، اه حقنه .. بس مش اي حقنه عبارة عن حبة كوكايين مع هروين مع شويه حبوب مخدرة مطحونين .. مممم شوية ادويه ملاهش لازمه حطتيهم مع شويه ميه لحد مابقى المحلول اللي انت شايفه دا جوا السرنجه .. كنت جايباه اكمل عليه بحثي .. بس شكلي كده هستخدمه عملي .. بالك بقي لو ضربتها في وريد سياتك هيحصل ايه ؟

مازال يستمع لكلماتها بحيرة ودهشة بالرغم من قضاءه اغلب ايامه في القاهره لم يتعرف علي طباعها بارض الواقع ما يصل اليه عنها قصص عابره .. وجد في حديثها لذة خارقة .. اكملت صفوة عملها الاجرامي الذي تكنه

- انا هقولك هتعمل اييه .. هتخش بقلب جامده كده علي جهازك العصبي تدمره .. ايييوه تدمره وبعدها بكام دقيقة كده تتكل .. تديك تذكرة لفوق فوق اوي هااا .. لسه بردو موافق علي حوار الجواز دا ؟! يابنى فكر العمر مش بعزقه ...

عقد ساعديه وارتسم ابتسامه ساحره علي شفتيه قائلا بخبث
- تؤؤ .. مش موافق .

تنهدت بارتياح:" طيب كويس طلعت عاقل وانسحبت من اول جولة .. اصل انا مش اشكال هتأمن لها وتعيش معاها ف بيت واحد "

دنا منها للحد غير المباح مخترقا قانون المسافات هامسا في اذانها الا انها شعرت بحرارة انفاسه تلامس عنقها
- هو انا الاول مكنش عندي اعتراض علي الجوازه بس حاليا بقيت مصمم جدا جدا جدا جدا .. وشكلنا هنلعب لعب حلو .. لعب مكيفنى وجاي علي هوايا ...

ابتعدت عنه بعيون ضيقة تَكن خلفهم ملحمة ماكرة
- الواضح اننا فعلا ولاد عم ومنعرفش حاجه عن بعض .. بس عجباني شجاعتك دي كلها وانك بتتحدي بنت الهواري .. لا بجد لافته حلوة منك .

وقف بثبات امامها اشبه بالغرور مشيرا اليها بسبابته
- هذا الشبل من ذاك الاسد .

رفعت حاجبها متعجبة وفي نفس التو ساخرة
- هنشوف اذا كان اسد ولا هيتحول لقطه يابن الهواري .

كانت تلك اخر كلماتها التي كانت اشبه بقذيفة ناريه القتها من بين شفتيها وهي تعد في جيوشها واسلحة انظارها بنشوب الحرب التي ستُقام بين ادم وحواء .. تركته وغادرت وهي بداخلها الف سؤال .

وجدتهم جميعا امام غرفة مجدى ينتظرون نتيجة ثورانها وضجيجها التي التهب كيانها وكان علي وشك التهام اهل البيت جميعا .. نظرت اليهم بدهشة

- انتوا واقفين كده ليه ؟!
اختلس محمد نظرة الي داخل الغرفة باحثا عن اخيه
- هو مجدى لسه عايش ؟!

استدارت برأسها للخلف ساخره علي مصدر صوته
- هي دي صفوة اللي رعبتوني منها ! ماهي طلعت حلوة اهي وبتنخ من غمزه .

كتموا اصوات ضحكهم بسخريه فقالت يسر
- يعني خلاص الفرح فى معاده ؟!

رمقت مجدى بنظرة ماكرة قبل ان تغادر
- هو المسئول عن نتيجة اختياره .. انا حذرته .

تركت الجميع في بحور اندهاشهم وذهبت نحو غرفتها فركلت الباب بقدميها متأففه وهي تحدث نفسها بالمرآه
- هو اكيد مجنون عشان يتحداني انا ويفكر يكلمني بالطريقه دي .. هو مايعرفش انا مين ولا ايه .. طبعا وهو هيعرف منين ما البيه عايش حياته كلها فالقاهرة .. طيب ياسي ( مجدى) اما عرفتك مين هي ( صفوة الهواري ) لتقول حقي برقبتي .

" " سلامًا علي عواصف الغضب المصطنعه التي تختبيء خلفها فوضي المشاعر المبعثره " "

‏"أشعُر أنه من الممتع جدًا أن تكون بهذا العمق أحيانًا، أن تغرق في تفاصيل أشياء صغيرة قد لا يراها الآخرون، أن تعبر من خلالك الأشياء لتخرج أشياء أخرى مختلفة تمامًا، أن تكون لديك هذه المقدرة الهائلة في الغوص عميقًا دون أدنى جهدٍ يُذكر."

دلف ( سليم ) الي بهو القصر بخطوات متثاقلة، فوجئ بوجود ( ماجده ) تعيق طريقه بسذاجه
- ازيك ياسليم .

تجاهل ( سليم ) حديثها ونظر في شاشة هاتفه كإنه يجري اتصالا ما، نظرت اليه نظرة استكشافية
- هو انت زعلان من حاجه يابن عمي .

زفر بقوة ولنفاذ صبر:
" في حاجه ياماجده ؟! "

هزت كتفيه بتلقائيه واجابته بتوتر
- لا مافيش كده بسلم عليك بس وكمان عاوزه اقولك انا اسفه علي اللي حُصل مني الصبح .

اغمض عينه لبرهه بنفاذ صبر وتركها بخطوات متعجلة صوب باب القصر .. توقف علي نداء امه المفاجئ
- عاوزاك ياسليم .

تراجعت قدميه قبل ان تلمس اعتاب درجات السُلم وهو يقول لها بضيق
- عاوزه ايه ياما ؟

- عاوزه اعرف اخرتك ياسليم مع بنت العتامنه ؟!

صمت قليلا ثم دني منها
- يخصك في اي الموضوع دا ياما .. كمان هتأمري علي قلب سليم يحب مين ويكره مين !

مسكت كفه في حنو
- ومن ميته عفاف اتأمرت عليك ياولدي ! طول عمري صاحبتك قبل مااكون امك .

طافت عينيه في ارجاء المكان بغضب
- فرحه قلب سليم مع بت العتامنه ياعفاف .. غير كده بتدفنوا سليم بالحييا ...

انسكبت دمعه حاره علي وجنتها
- بس انت خابر زين انه ماينفعش ياسليم ..

ارتفعت نبرة صوته الاجش الذي التفت اليه الجميع
- يعني ايه ماينفعش الكلام دا .. ماهي مش زارير هندوس عليها ياما .. وانا عقولها بأعلي صوت فيّ ايوه قلب وعقل وروح سليم مع بت العتامنه، وانا مش هدفع من عمري تمن ذنب انا ماليش دخل فيه .. اللي غلط يتحاسب مش هلملم من ورا حد انا ... ...

-تسمرت ( ماجده ) في مكانها وانخرطت عينيها بالبكاء .. لاحظتها اختها الصغري التي سرعان ما ركضت نحوها، وعلي الفور استدار البقية الي صوت ( ثريا ) التي صاحت بكل قوتها
- وبتي مش بايره ياسليم ولا هتموت عليك .. والجوازه دي انا مش عاوزاها .

ارتبكت ( عفاف ) واتسعت حدقة عينيها
- جري لعقلك اي يا ( ثريا ) هتكسري اوامر عمي اياك !

وقف ( ثريا ) امامه بتحدي
- ماعنديش اغلي من بناتي في الدنيا .. وكرامتهم قبل اي حاجه ومادام معرفتيش تربي ولدك علي الاصول وازاي يحترم كرامة بنات عمه يبقي مايلزمناش ياعفاف .

نهرتها ( عفاف ) بقوة
- بس ولدي متربي احسن تربيه وانتِ خابره اكده زين .. ولا شكل عيشتك في مصر نستك مين هما ولاد عادل الهواري !

اجابتها بسرعه مطلقه وهي تصوب نظرها الي ( سليم )
- والتربية دي مخلياه يحفي ورا بت العتامنه اللي عاوزين يشربوا من دمه بدل ماياخد بنات عمه تحت جناحه ويضلل عليهم .

حاول ( سليم ) ان يكتم تيارات غضبه المتتاليه ولكن كلماتها كانت كفيله ان تخرج نيران منه تحرق مدينه باكملها
- والله انا مش مسئول عن جريمة ارتكبها جوزك وهرب .. واول مايجي جدي بلغوه اني مش موافق على الجوازه دي .

خفق قلب ( ماجده ) وندبت ( عفاف) علي وجنتيها ونظرت له ( ثريا ) بغضب واتت عاصفه اخري لتخمد النيران المشتعله ما بينهم لتبدلها بنيران اقوي

- وايييه كمان ياسليم ؟!
زمجر الجد بكلماته التي هُزت لها الجدران

عقد سليم ذراعيه:
" زي ماسمعتني ياجدي .. انا مش موافق علي جوازى من ماجده .. ولو كان علي حمايتهم فهما في عيني .. اظن ان عداني العيب اكده "

انكمشت ملامح الجد وارتفع صوته اكثر
- اللي عتقوله ده العيب بعينه .. عقلي ولدك ياعفاف ..

وقف امام جده متحديا
- بس انا مش هتجوز غير بت العتامنه ياجدي ..
اكمل الجد معاندا
- وريني هتكسر كلام جدك كيف ياسليم .!

ثم وجه كلامه للجميع بقوة وحزم
- كتب كتاب ودخلة العرسان يوم الخميس كله يجهز نفسه ..
ثم ارسل نظرة ناريه صوب سليم قبل مغادرته
- وياريت تعقل وتبطل شغل الحراميه اللي عتخش بيه كل لليله بيت العتامنه لو مسكوك اتاكد مش هتلاقي اللي هيرحمك .. وانا مش مستعد استلمك جثه .

تركهم الجد في شبكة افكارهم وحيرتهم .. هناك قلوب تحترق بالحب واخري بالفراق وغيرها بنيران الغضب ولكن جميعهم علي متن سفينة واحده اتت رياحها بما لا تشتهي انفسهم وما باليد حيله سوى الاستسلام .

 

ترك ( سليم ) المنزل عقب كلمات جده التي مرت علي جروحه بسلك شائك وظل يجوب بسيارته في مختلف ارجاء بلدتهم .

انهارت ( ماجده ) اثر كلمات سليم التي تدركها جيدا ولكن مازال بداخلها صوت يكذب لها حتي اتت عباراته قطعت حبال الشك باليقين - لم يوجد مُحتل بداخل قلبه سواها - مما جعلته يتحدي الجميع لاجلها .. وما هي الا اسم بالبطاقه يثبت نسبهم فقط .

فتح ( عماد ) باب غرفة مكتبه وخرج منها حتي فوجئ بوجود ( نورا ) امامه .. رمق كلاهما الاخر بنظره خاطفة ثم اكمل عماد طريقه بتجاهل تام، وضعت ( نورا ) كفها لتهدأ من ثوران قلبها الذي يدق صدرها بقوة كان اثره انسكاب دمعه حاره علي وديان وجنتها متنهده بمرارة وضيق .

اجري ( سليم ) مكالمه تليفونيه وهو داخل سيارته مرات متكرره دون جدوي من صاحب الهاتف .. زفر بقوة والقي هاتفه جنبا وهو يضرب المقود بيده
- طايب ياوجد !
وسرعان ما اضُيت شاشة هاتفه التف نحوها متلهفًا
- عترديش ليه علي طول انتِ ؟

اجابته بنفاذ صبر
- وانت عتتكلمش غير لما تزعق ليه ؟ عاوز ايه تانى ؟

- انا اتكلم كيف منا عاوز وانتِ تستحمليني وتحبيني علي اكده من غير اي تعليق ..

جلست علي مكتبها الصغير بتحدي
- مش انا اللي تتأمر عليها ياولد الهواري فوق لنفسك .

ارتسمت بسمة خفيفه علي شفتيه
- اتأمر عليكي وعلي اللي خلفوكي كمان .

كتمت صوت ضحكتها
- هقفل ومش هرد عليك واصل … انا حذرتك اهو .
رد متحديا
- طب انا عاوزك تعمليها ياوجد وشوفي هعمل ايه ؟
زفرت بنفاذ صبر
- انت عاوز اي دلوق خلصني، عندي شغل كتير ..

- شغلك اهم مني ياك ؟!
- ما اتخلق ولا كان اللي يبقي اهم منك ياسليم .

لمعت عينيه بحب
- اومال كان اي لازمته الوش الخشب اللي فالاول ؟!
وضعت وجنتها علي قبضة يديها
- يوه مش هنخلصوا .. سليم عندي نبطشية ومش هينفع نتسايروا إكده ...

وقف بسيارته تحت مبنى المستشفي التى تعتبر من اكبر مستشفيات البلد التي تدخل في حيز ممتلكات العتامنه
- وجد .. قلبى واجعنى قوي .

انتفضت من مكانها بلهفه
- انت عتتكلم صوح ولا قاصد تخلع قلبي عليك ؟!

دلف من سيارته وركل بابها خلفه بخطوات متزنه وثابتة اتجه نحو بهو المستشفى اجابها بدلال
- لا بجد سليم قلبه واجعه قووي .

ترجمت نبرة صوته المدللة قائله
- وبعدين فيك عاد .

- وبعدين فيكِ انتِ .

- وانا كنت عملتلك ايه يعني ؟!
- خدتى قلبي وفضلت عايش طول الوقت من غيره .

- ماانت كمان سرقت روحي وانا مالومتكش ؟

ارتسمت بسمه جذابه علي ثغره وهو يقترب من باب غرفة مكتبها
- طب اعمل ايه يادكتوره .. يلا اتصرفي وعالجيني فضى مكان قلبي بيموتني كل ثانيه وهو بعيد عني .

اتكأت فوق مقعدها شارده معه في اعذوبة كلماته
- انت هتسرح بيا ولا ايه ! ماتتمسي .

قبل ان تغلق شفتيها منتهيه من كلماتها فوجئت باقتحامه مكتبها الخاص قائلا بفظاظه
- هو انا لما اقولك عيان ماعتصدقيش ليه انتى !

ارتجف جسدها وهلع قلبها من موضعه ثم ركضت نحوه في عجل
- انت جري لمخك ايه ياسليم هي حصلت تيجي لحد اهنه .

تجاهل انفعالها واتجه نحو - الشازلونج - وارتمي عليه بكللٍ متخذا نفسا عميقا
- تعالي اكشفي عليّ يلا .

اغرورقت عينيها بدموع تخفي خلفهم قلة حيلتها وخوفها الشديد عليه .. اندفعت نحوه راجيه
- سليم قوم امشي عشان خاطري وجودك اهنه في ارض العتامنه هيقلبها مجزره .

شمر كُمه وبسط ذراعه بهدوء
- هاا يادكتوره يلا عاد شوفي شغلك .. انا مش دافع تمن كشف وجاي اهنه مخصوص عشان تقوليلي امشي .

قطمت علي شفتها السفليه بحنقه ونفاذ صبر ثم استسلمت لاوامره .. جلست علي مقعدها بجواره وشرعت في لف زمام جهاز قياس الضغط حول معصمه وهي تتجول في عينيه اللاتي تتفتنها بهيام ..

تركت الجهاز متأففه قائلة بضيق
" يووووه ياسليم هتودي نفسك وتوديني معاك في داهيه "

اعتدل في وضعيته مستندا على معصمه امامها قائلا
- داهيه ! مش مهم .. المهم نروحها سوا ونخليها جنه .. يلا عاد الجهاز ده هيفضل متعلق اكده كتير .

مسكت كفه ممتعضة وهي تحكم الرباط حول معصمه
- افرد ضهرك طيب .. لما نشوف اخرتها معاك ياولد الهواري .. مالي انا بالحب وسنينه ويوم مااحب احب واحد مجنون !

ضحك بصوت عال وبلهجة مفخمة بالحب
- مافيش عاشق عاقل ياوجد .

نظرت اليه بطرف عينيها وهي تخفي ضحكتها قائله بخبث
- الضغط تمام اوي علي فكرة .. عشان تعرف انك عتدلع ..

اجابها مندفعا
- انا متاكد انه مش تمام .. هتعرفي اكتر مني انتِ يعني !

قطبت حاجبيه معترضه
- وطالما مش واثق فيّ اكده جاي تكشف عندي ليه .

دنا منها حد الغير مباح وهو يلتهم انفاسها بشهيقه المرتفع وزفيره الذي يلامس وجنتيها
- عشان انتِ الوحيده اللي معاكي الدوا .

اغمضت عينيها لسحر كلماته وهي تبتسم بحب
دنا منها شيئا فشيئا فلم يستطع ان يمنع القوة التي تجذبه نحو ملامسة شفتيها، شعرت بانفاس تحرق وجهها بلت حلقها الجاف .. رفعت جفن عينيها ببطء شديد .. بدون مقدمات استدارت بجسدها ابعدت عنه بكيان مرتجف وهي تعبث بالاشياء الموضوعه فوق مكتبها لتمنع عينيها من الالتقاء بعينيه فتنهار امامه مجددا

" سليم ... ماينفعش كده يلا روح امشي "

نهض من مكان وهو يدنو نحوها بخطوات متثاقلة
- وجد .. للمره الاخيره بقولهالك تعالي نهربوا من اهنه .

احتشدت العبرات بداخلها قائلة
" ومش وجد اللي هتعيش معاك في الضلمة ياسليم "

انفجر بها قائلا
- انا ولا عارف اعيش معاكي فالنور ولا في الضلمه.

انخرطت عينيها بالبكاء
- يبقي قدرنا اكده واحنا لازم نرضي بالمقسوم .

قبض علي معصمها بقوة ليدير جسدها نحوه لتقف امامه مهزوزه مغمومة علي حالهما .. هربت الكلمات من بين شفيته بدون رقابه ممزوجه بنبرة صوته الاجش التي اهتزت لها الجدران قائلا
- بس المقسوم دا عيقسمنا احنا ياوجد .. انا مش خابر كيف يجيلهم قلب يفرقوا بين قلوبنا .. كيف جالك قلب انتى تمنعي سليم عنك .

انهارت عبراتها علي وديان وجنتيها بغزاره
- وجد بتموت من بعدك ياسليم .. ببان قويه ومش عاوزك لكن من جوايا مش عاوزه غيرك .. متعشمه في معجزه تنهي كل الوجع والفراق دا .. لاني انا اللي تعبت .. تعبت بالقوي ياسليم ومعدتش قادرة .

ضمها الي قلبه بقوة ليشعر بانتفاضة جسدها بين ذراعيه .. ربت علي ظهرها بحنو حتي هدأت تماما فطبع قبلة خفيفه علي جبهتها ثم همس قائلا
- اهدي ياوجد .. بلاش تقولي اكده كلامك عصر قلب سليم .. ( ثم قال ممازحا ) وبعدين ماانت عتبقي حلوة اهو لما تعترفي بحبك .. اتاريكي دايبه فيّ ومكابره ...!

حاولت فك قبضته الحديدية التي تحاصر جسدها
- طب سيبني اكده وابعد عني ومتكلمنيش تاني .. ولا عاوزه اشوفك تاني بعد عنى عاد ...

احكم قبضته عليها اكثر
- بذمتك عاوزاني ابعد !

تلعثمت الكلمات داخل فمها وبتلقائيه عانقته بحب وهي تتشبث بعنقه كالغريق الذي يتعلق بقشه النجاة .. رفعت قدميها التي تلامس الارض حتي لامست الهواء وطارت في سحب عشقها قائله
- ماتسبش وجد ياسليم ورحمة ابوك .

استنشق رائحتها حتي امتلأت رئتيه من عبيرها
- عمري ماهسيبك ولا هبطل احبك يانبض القلب .

ظلت عالقه بين ذراعيه للحظات لم تُحتسب من الزمن بل كانت كعمر جديد لهما وفجأه اقتحم الغرفة ذلك اللعين الذي عكر صفواهم وتجمدت الدماء بعروقه واشتعلت نيران الحقد والكره وبداخله وسرعان ما غرز كفه في جيبه يخرج سلاحه
" والله وجيت لقضاك برجليك ياولد الهواري " ..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة