قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أباطرة العشق الجزء 2 للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثالث

رواية أباطرة العشق الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى

رواية أباطرة العشق الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثالث

امرح اليوم بطيف وجودك الذي يحاصرنى .. واخشي ساعه الفراق وفقدان الامل .. واحتلال اليأس محل طيفك .. كلمة سريه لك .. لازال قلبى يسد مسامه كى لا يتعكر صفوى امتلائى بك ولكن الحقيقه المُره المكتوبه فوق جباه العشاق " كلنا على موعد مع الغياب " .. كلنا سنتفترق مهما طال البقاء .. - نهال مصطفى

- " الحق ياحمزه بيه نصيييبه وحلت على النجع كله " ..
كانت تلك اخر جمله تلفظ بها الخفير قبل اقتحام مجدى مجلسهم .. فتفوه قائلا
- اى الدوشه دى ... فى اييه بره ؟!
جهر حمزه الخياط مردفا
- ماتنطق ياجدع انت .. فى اييه بره والناس دى ملمومه ليه ؟!

يقف الخفير يرتعد كأن ساقيه على ارض طينيه رخوه .. فاردف بصوتٍ متردد:
- اهل البلد كلهم متجمعين وعاوزين يهجموا على القصر  ..
صوت سليم من الخلف وهو يستمع كلامه بعنايه
- ليييه ايه اللى حوصل .. الناس دى مش واخده مرتباتها ولا اييه ..؟!
الخفير بقلق: يابيه دول عاوزين ياخدوا تار راجح بيه الله يرحمه .. ومحدش قادر يقف قصادهم واصل ..

فى نفس ذات اللحظه اقتحم اهل البلده دهليز القصير .. استداروا جميعا ليجدوا احتشاد من عشرات الفلاحين بيدهم فوانيس تلتهب بالنيران مجمهرين بصوت تُقرع له القلوب .. اقتحم النقيب حمزه اجتماعهم متسائلا
- فى ايه هناك ؟!
استند حمزه الخياط على عكازه لييتقدمهم متجها نحو احتشادهم المفزعه الذي خكف القلوب قبل الانظار  .. واكب سيره سليم ومجدى والنقيب حمزه وكلٌ منهما تعلو ملامحه علامات الدهشه والفضول .. انضم لهم محمد وعماد ف آنٍ واحدٍ وهما فى حالة من الذعر والذهول  ..

" في شقة سليم "
تأكل خطاوى الارض اغتياظًا .. شيء ما يتأكل بجوفها كفأر يقطم في حواف قلبها بدون رحمه .. تجوب غرفتها ذهابا وايابا .. ثم اطلقت زفيرا قويًا وهى تنظر لاعلى
- اعمل اي بس ياربى .. انا تعبت والله ..
فالتفت سريعا نحو صوت هاتفها لتلقى نظرة على اسم المتصل " xxxx" صاحب الاسم المستعار .. اخذت شهيقا عميقا وبعد تفكير استمر لدقيقه عزمت على الرد .. نطقت بتأفف
- افندددم ..!
اذاً بصوت يرتسم معالم الحزن ببراعه قائلا
- قبل اى حاجه مش عاوزك تاخدينى بذنب عمى وولد عمى فايز ..

تحركت في منتصف غرفتها بتثاقل .. فهتفت قائله بارتباك
- انتوا تقتلوا القتيل وتمشوا فى جنازته ! وبعدين انت متصل بيا ليه .. انا مش عاوزه اعرفك تانى ..
- حقك .. وحقك كمان تقولى اكتر من اكده .. بس واجبى انى اعزيكى !
- شغل التعابين دا مش هياكل معايا .. انتوا اى خطتكم! وجد بت عمك لسه قافله مع جوزى وانت جاى تكلمنى دلوقت .. ناويين على راس مين المره دى ؟!
صمت آدهم لبرهه ثم اردف قائلا بنبره هادئه يخفى خلفها شياطين افكاره .
- شوفتى عاد ان مصلحتنا واحده .. بصي انا مش هتقل عليكى .. احنا ياستى ولاد بلد وبنفهم فى الاصول وكنت مكلمك اعزيكِ .. بس شكل موت جدك مأثر .. عموما اسف على الازعاج ياست الستات ..

طافت عينيها يمينا ويسارا بحيره ثم اردفت بتردد
- استنى ..
ضحكة انتصار ارتسمت على ثغره ثم قال بتصنع
- خير ياهانم .. انا هقفل اهو ومش هزعجك تانى ؟!
وقفت على طراطيف صوابعها لجزء اقل من الثانيه ثم عادت لتجوب غرفتها مما يعكس صورة على ارتباكها وفوضى مشاعرها .. فاطرقت قائله بنبره متراقصه على اوتار القلق والحيره
- عاوزه اقابلك ..
نقطه آخرى تحسب لكيده وتدون فى سجل انتصاراته .. لبس ثوب التجاهل وعدم الاهتمام فرد قائلا
- طالما مش واثقه فيّ عاوزه تقابلينى ليه !

- اووووف .. انا لازم اشوفك ضرورى .. لازم نشوف حل للمصايب دى كلها ..
- تمام ياست هانم .. شوفى فين وامتى وانا تحت امرك ..
- تمام .. الصبح بدرى فى مكاننا ..

- " عمد ومشايخ وكبار قنا عاوزين ايه ؟! "
صوت قوى جمهورى مصدره رجلٌ من جبل .. جهر حمزه الخياط بجملته وهو فى كامل هيبته التى تتهتز بها خطاوى الارض .. ارسل انظاره على الجميع منتظرا ردهم .. فاطرق شيخ الخفر قائلا
- عاوزين تار كبيرنا ياحمزه بيه اللى البلد كلها عايشه فى خيره .. مش راجح الهوارى اللى يتقتل على يد عيل مايساواش ..
اجابه حمزه بفظاظه
- اهاا انتوا عاوزينها حرب عااد !

رد اخر: " حرب بشرف وبأخلاق ياحمزه بيه .. حرب نرد بيها كرامه النجع وكبيره .. مااحنا لو سبناها عايمه اكده هيركبونا لامؤاخذه وهتبقي بلد ملهاش كبير "
شرع عماد ان يتفوه ولكن سبقه حمزه الخياط قائلا
- حرب ايه اللى بشرف واخلاق واذا كانت الحرب وحدها منافيه للاخلاق والشرف ! .. عاوزين تقوموا حرب عشان تبقي الخساير اكتر "
تفوه اخر قائلا بنبره قويه
- الحرب هى اللى بتختارنا مش احنا اللى عنختاروها يابيه .. واحنا جايين اهنه نتكلموا مع رجالة الهوارة اللى لو سكتوا على تار جدهم ولبسوا طُرح احنا مش هنسكتوا واصل..

اشتعلت النيران فى جوف الجميع .. ندبت عفاف على خديها بقهرة تترقب رد اولادها الذين لم يمروا الحديث كمرار الهواء المحمل بشظايا اتربه عابثه .. تأهب سليم ومحمد للانقضاض عليه ولكن انظار حمزه الخياط كانت اقوى من ثورتهم العارمه .. وعلى حِده جهر مجدى قائلا
- انتوا جايين تغلطوا فينا .. جرى ايه ياشيخ البلد ماتقول كلمه .. !
شيخ البلد: معاد الحرب أذنت ياولدى ولازمن نكون يد واحده عشان النجع يفضل بقوته قصاد الكل واللى يستجرى ينطق بكلمه يفكر الف مرة قبل مايقولها .. احنا جاايين نكون مع بعض مش ضد بعض ..

اخترق حمزه الخياط صفوفهم المترابطه بمفرده .. هيبته وقوته اجبرت الجميع على الصمت والالتفات اليه باهتمام .. شرع فى التحدث بثقه وحكمه وهو يردد:
" عال! .. عاوزين تقووا الحرب .. ونسيتوا ان الرغيف المغموس بالدم الكل عينفر منه .. انتو مفكرين ان الدم والقتل هو اللى هيرفعكم قصاد الخلق ؟! .. راجح الهوارى قضاه وحل اييه هتمنعوه ؟! هتستكتروه على اللى خلقه .. سايبين الشيطان يدغدغ فى مخكم ليه ويضحك عليكم ويجركم لطريق واعر انتوا مش قده ! انتوا عاوزين تتكلموا بالسلاح ليه وتتاحموا ورا زناده وانتوا اقوى بعقلكم وسماحتكم وتفكيركم .. عاوزين ترملوا حريمكم وتيتموا عيالكم ليه ! الكل ف الحرب خسران حتى الكسبان دا يعنى خسارته اقل .. كل الربكه دى عشان قوة ونفوذ خداعه بتجركم لطريق الخراب والفساد .. راجح الهوارى طول عمره ضد الدم والحرب وانتوا جاايين تعلقوا الدم على روحه ! الحرب طول عمرها كر وفّر يوم ليك وعشرة عليك .. لو كل دا انتوا عاملين سحابه ومتنازلين عنه اتفضلوا وانا اولكم نقتل فى خلق الله كأننا ملوك الارض .. سكتوا لييييه عاوز اسمع كلامكم واعرف الميزه اللى هتطلعوا بيها من الحرب ؟!"

تفوه آخر بجدال
- من قتل يُقتل يابيه .. وربنا قال " وَلَكُمْ فِى ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يَٰٓأُوْلِى ٱلْأَلْبَٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " ..
رد عليه بحزم
- وربنا قال ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ واللى قتل اتقتل نبقوا خالصين ... ولا ايييه يارجاله .. ؟!
نظر محمد الى اخيه سليم بحيره .. فاقترب منه سليم متعمدا ان يلصق كتفه بكتف اخيه فهمس قائلا
- تخافش الحق هيرجع ومش بالدم ..  بالنار !
طأطأ شيخ البلد رأسه مردفا
- صوح كلامك ياحمزه بيه .. عندك حق فى كل كلمه قولتها ..
جهر حمزه قائلا.

- هاا يارجاله اللى عاوز يكمل فى سكة الدم يتفضل احنا ممنعناش حد .. بس رجالة الهوارى عاقلين ومأمنين بقضاء ربهم وحقهم رجع والنصبه اللى هنا منصوبه عند عدوهم .. يبقي ليه تولعوا النار اكتر ما هى والعه ... روحوا لبيوتكم وعيالكم .. وواجب الهوارى عليكم انكم كلكم تقفوا فى عزاه وتدعوله ربنا يرحمه ...
بدات صفوف الاهالى تتفكك ببطء ويتراجعوا للخلف وكل منها يتهامس مع الاخر ليبدى رايه الذي يؤيد حديث حمزه الخياط والذى يستغفر ربه .. واخرون يتهامسون بكلمات غير واضحه .. بعد عدة دقائق اصبح القصر خاليا من اى شخص اجنبى .. استدار حمزه الى احتشاد اهل البيت فالقى سؤاله على الاخوه قائلا
- يارب تكونوا اقتنعتوا يا رجاله ؟!
عماد بحزم
- عداك العيب ياابو عاصم ..
نكز مجدى اخيه سليم معاتبا

- لموا دوركمم .. وبلاش فتونة الدراع دى ..
محمد بتحدٍ: ياويلهم من اللى هيجرالهم منينا ..
النقيب حمزه: انا شايف ان لمتنا هنا ملهاش لازمه وسايبين الصوان من غير صحابه ..
تحركوا جميعا نحو الصوان الضخم ليبداوا فى مراسم العزاء حتى انتهى اليوم بسلامٍ ..

 

" فى الصباح الباكر "
تقف امام المرآة ترتدى تي شيرت فضفاض باللون الاسود وبنطلون اسود وشال صوف لُفح على رأسها .. ضغطت على هاتفها بقبضه كفيها وهى تسحب نفسا عميقا كأنها تطفىء نيران جوفها ناسيه ان الاكسجين يزيد من اشتعال نيران الشوق والحقد معًا بدون تميز ..
- اخرتها اى ياماجده .. انت متاكده انك عاوزه سليم وبتحاربى عشانه !
صوت اخر يخضعها تحت تاثير اوهامها
- انا بحميه .. وجد مش ناويه على خير معاه !
اهتز بدنها على صوت ذبذبة الهاتف .. فردت سريعا
- ااه نص ساعه واكون عندك ..
يفتح باب سيارته مبتسما بمكر
- على نار .. مستنيكى على نار ..

تحركت سريعا وهى تأخذ مفاتيح منزلها وتركض وما بداخلها يركض معها خوفًا .. وصلت الى الحديقه المشتركه بين القصر وبنايه شققهم .. طافت بعيون مرتبكه حتى ارتعد جسدها بصوت سليم الذى اتاها من الخلف
- على فين العزم !
شهقه عاليه انطلقت من جوفها وهى تردد بارتباك
- س سليم .. انت كنت فين طول الليل ؟!
- ما اكيد مش هسيب الرجاله واجيلك ..
اطرقت باسف
- ااه صح .. طيب انا كنت عاوزه مفاتيح عربيتك ياسليم .. ممكن .. !

نظر لها بشكٍ
- رايحه فين على وش الصبح اكده !
خفضت انظارها لاسفل وهى تحكم حبكة خطتها ..
- اصل ياسليم كنت راحه مشوار كده .. تقدر تيجى معايا على فكرة ..
زفر باختناق فاتحدث من خلف اسنانه قائلا
- انجزى ياماجده رايحه فين ٧ الصبح !
دنت منه فجاة حتى اصبحت ملاصقه بجسده وهى تلبس رداء الخجل
- رايحه المستشفى اكشف ..

- تكشفى على ايه .. والدكاتره اللى هنا عندك اختك وعندك محمد .. ماتتعدلى وتحكى على طول ..
- اووف ياسليم .. مش هينفع محمد ولا صفوة ... لانى رايحه اكشف نسا ..
رفع حاجبه مستنكرا
- تكشفى اي يااختى ؟!
دمعه من طرف عينيها سالت كدموع التماسيح وهى تردف بخجل
- سليم بطنى من امبارح منيمتنيش وطول الليل بعيط وبشرب حاجات سخنه ومش عارفه فى ايه ووووووو اصلها متأخره وكده يعنى ؟!
رمقها باستغراب .. فاقال
- هى مين دى المتأخره !

- سليم ! اوووف اصل اصل ... بص انا مش هينفع اقولك تقدر تيجى معايا بنفسك وتشوف الدكتورة هتقول لى ايه عشان انا مش مطمنه خالص  ..
اختنق من حوارها فأخرج مفتاح سيارته سريعا وهو يتحدث بنبره آمره
- المفاتيح اهى ياماجده خدى واحده من اخواتك وروحى ومتعوقيش ..
- طيب ماتيجى معايا انت .. هو انت مش جوزى بردو قدام الناس ..!
- انا ماليش خُلق للحوارات دى .. قولت تاخدى اختك معاكِ وتنجزى قبل ما حريم البلد يتلموا ..
اطرقت بطاعه
- حاضر ياسليم ..
ترقبت خطاوى سليم حتى اطمئن قلبها .. فاسرعت نحو سيارته لتفر هاربه نحو مقصدها الكيدي ..

" فى شقة مجدى "
تسلل على اطراف قدمه وهو يدخل الغرفه التى تقطن بها صفوة .. ففتح خزانه ملابسه ليخرج منها ما يلزمه .. قاصدا ألا يقلق نومها .. يستمع الى صوت انين متأوه يصدر منها فيمزق روحه لاشلاء .. تنهد مجدى قائلا برجاء
- سامحينى ياصفوة ..
علبه صغيره سقطت ارضا بدون قصد ففزعت من نومها وهى تشهق بصرخه مكبوته .. اشعل مجدى انارة الغرفه سريعا ليطمئنها
- متقلقيش مافيش حاجه حصلت ..
اكتظت ملامحها واصبحت اكثر عبثا وضيقا
- انت جاى هنا تعمل ايه .. اطلع بره مش عاوزه اشوفك اصلا ..

تعمد تجاهل حديثها تماما .. فدار بجسده ليلتقط ملابسه .. كررت جملتها مرة ثانيه ولكن الفارق ف تلك المرة كانت تقف خلفه تماما وهى تضرب على كتفه بقوة ..
ضغط مجدى على شفته السفليه دون ان يلتفت اليها قائلا
- حلى عن نفوخى ياصفوة !
- انا مش طايقه اشوفك قدامى ولا طايقه مكان انت موجود فيه ..
ضرب بقبضة يده ضلفة الخزانه مما بث الرعب بداخلها فتراجعت خطوة للخلف وهى ترتعد لصوته
- متخليش الواحد يخرج من شعوره معاكى ..
- انت معندكش دم ولا احساس .. وبصراحه جيه الوقت اللى اقولك فيه انى مش عاوزاك من كل قلبى يامجدى .. انا مش هعيش مع بنى ادم رجعى متخلف كده زيك .. همجى كل حاجه عنده بالبلطجه ..

وضع المنشفه على كتفه وهو يتناول باقى ملابسه
- سبحان الله وامبارح كنتِ بتتخانقى معايا لانى مش بلطجى .. انت عندك انفصام ياما ! هااا تمام وايه تانى !
- شايفه انك تخلى عندك كرامه وتطلقنى .. خلاص اللى جوزنا مات .. نطلق بقي عاوزه ابقي حرة ياخى ..
تحرك بحريه ف غرفته وهو يبحث عن شيء ما بداخل الادراج متعمدا تجاهل حديثها تماما عاقدا العزم بأن بركان غضبه تلك المرة اقوى من انها تفجره بكلمات .. فهتفت قائلة بغضب
- كلمنى هنا زى مابكلمك ...

- اوووووف صفوة البسي عبايتك وانزلى اقعدى مع الحريم تحت وبطلى تصرفاات عيال لاوقتها ولا اوانها ..
وقفت امامه لتعيق طريقه بحده
- انت ازاى راجل وقابل على نفسك تفرض حياتك عليا .. !
بعدها عن طريقه بلطفٍ متجاهلا سؤالها .. فصرخت ساخره
- هااا حتى دى بدات اشك فيها .. اى الغباء اللى انا فيه دا اصلا .. وهو فيه راجل يسيب مراته كده لحد دلوقت .. شكلى لبست بدل الخازوق اتنين .. عينى على بختك  المايل ياصفوة !
استدار اليها ببرود لامتناهى وابتسامه مثلجه قائلا
- طيب مش كنتِ تقول لى ! عموما كلامك دا هتتحاسبي عليه بعدين .. ليك روقه يابت عمى ونشوف ...

ثم دنى منها خطوة وهو يتحدث بنبرة اقوى
- ١٠د وألقى فطارى جاهز .. وعاوزك تعندى ومتعملهوش ياصفوة !
- هتعمل ايه يعنى !
نظرة حاده خلعت قلبها .. فلونها ببسمة ماكرة
- هعمله انا ...
بروده اشعل النيران بداخلها اكثر مما جعلها تضرب الارض بأقدامها كالاطفال .. مع كل كلمه تحاول بها ان تتفجر براكين ثورته كى تتخلص من حصاره فبمنتهى السهوله يلبسها ثوب كيدها ضاحكا ..

" فى مكان زراعى بعيدا عن الانظار "
صفت سيارتها مقابل سيارته ورمقته بنظرة خائفه .. اتخذ ادهم قراره سريعا ودلف من سيارته واتجه نحو السيارة التى تقطن بها ماجده ليفتح لبابها بجراءه ويجلس بجوارها ويتكأ للخلف:
- يا صباح الورد على الورد ..
استدارت بجسدها نحوه ولازالت طبول الخوف تُقرع بجوفها
- لا ورايق كمان !
- وماروقش ليه وانا جمبى القمر بحاله ومنظر طبيعى وصوت العصافير واحلى جو يروق اى دماغ ..
- " هو انت شايفنى حلوة بجد  " ؟!

هربت الجمله من بين شفتيها فاره من كبت مشاعرها المكبوته .. وكانت اشبه بصنارة جديده يعزف على طُعمها  .. فاجابها بهيام
- المفروض واحده زيك متسائلش سؤال زى دا .. انت اللى يكون معاكِ يصلى ليل نهار شكر لربنا .. تعرفى ان سليم اول مرة يطلع غبى ! اول مرة يرفس النعمه ومايقبضش عليها زى كل مرة .. هو سليم معندهوش نظر للدرجه اللى تخليه يسيب واحده زيك ويبص لبره !

كلماته كانت كمخدر لروحها الهرمه .. شعرت بقشعريره ربيع تدب الحياه بأرضيها البور مرة ثانيه .. ظلت تستمع اليه باهتمام بالغ تريد ان تسمع المزيد والمزيد من الكلمات التى تعطش لها قلبها حتى جف .. اخذت نفسا طويلا لتفيق من سطو كلامه على ممتلكات روحها .. ولكنه بادر بتصرف آخر انتشت له كل حواسها عندما تجرأه على كفها ليغتصبه بانفاسه الممزوجه بدفء المكر مقبلا اياه بحنو بالغ .. جذبت ماجده كفها كمن اصابه صاعق كهربى .. وهى تقول
- انت ازاى تعمل كده .. انت اتجننت ..

اكمل ادهم مسرحيته
- اسف مكنتش اقصد .. كنت عاوز اعبرلك عن مدى اعجابى بيكِ بس ..
- احنا هنا عشان نوصل لحل مش نعجب ببعض ..
اطرق بأسف مصطنع
- اسف ياست الكل .. مش هتتكرر .. ها نخش فالمهم ..
- ياريت تخلينا فى المهم ..
غمز لها بطرف عينه بطريقه لفتت انتباه قلبها
- هو فى اهم من انك قمر فعلا وكل مرة شافتك فيها عينيا دغدغتى قلبى ..
استدارت بجسدها متأففه كى تدلف من السياره .. فأحكم قبضته عليها بسرعه وهو يقول
- وسعى خُلقك عاد .. سكتت اهو مش هنطق تانى ..
عادت ماجده لمقعدها واتكأت للخلف وهى تسأله
- انت عاوز ايه !

- فى ايه بالظبط ؟!
- منين انك متفق معايا عشان تبعد سليم عن بنت عمك لانك بتحبها ومنين شغال تتغزل فيا من الصبح !
ضحكه ساخرة انطلقت من جوفه مع تنهيده مكتومه وهو يقول
- ااااااه .. ومين بس قالك انى حابب وجد .. عاوزك تفهمى ان وجد اتفرضت علىّ زيها زي نسبي للعتامنه .. فجاة لقيت نفسي يتيم الاب وعم بيربيه على كل حاجه تتدمر الانسان اللى جوايا من غير مااعترض ولا اقدر اقوله كلمه تعكس اوامره .. حتى وجد اتفرضت عليا عشان ورثها وعشان ابعدها عن سليم اللى طمعان ف مالها ..
شرعت ان تعترض كلامه لتخبره بأن سليم الهوارى لديه من الاموال ما يكفل بلده بأكملها ولكن سرعان ما رد ادهم قائلا
- عارفك هتقولى سليم مش محتاج بس البحر بيحب الزياده ياماجده .. تعرفى! انا حقيقي مابقتش عارف عاوز اى نفسي اعيش حياه هاديه بعيده عن اى دم ومشاكل نفسي فى واحده تخطفنى من عالمى لعالمها .. انا بكره العتامنه كل يوم اكتر من اللى قبله ...

مابتستغربيش دى الحقيقه اللى مش بعرف اقولها حتى لنفسي .. انا مش عاوز اى حااجه حتى وجد متلزمنيش وسبب انى معاكى هنا انى عاوز اساعدك .. مش عاوزك تدوقى المر اللى انا فيه .. انا عارفك مظلومه ويمكن اكتر منى .. وانت ست مكسورة الجناح وزى القمر متستاهلش غير تعيش فوق السحاب مش فى بيت راجل بيجى عندها ويبقي اعمى ..

انخطرت دموع عينيها حسرة اثر حدة كلماته التى تبرى في حواف قلبها .. كلماته صحت كل الامها المكبوته .. فاكمل ادهم حديثه لاعبا على وتر اكثر حده
- واحده زيك تكون جمبى وشعرها زى الستاره الملفوحه على كتفى اروى منها روحى .. تفتكري الواحد عاوز اي اكتر من كده .. ماجده انت تستاهلى تتحبى وتكونى محور الكون لشخص مش شايف غيرك .. مش واحد عايشه معاه كأنك اخته .. مش هى دى الحقيقه !
صرخه وجع انفجرت من ثغرها وهى تبعد انظارها عنه مستنده برأسها على مقود السياره
- انزل ... قولت انززززل .

هرب حجابها من فوق راسها .. فثارت جيوش الانتقام في عروق ادهم اكثر .. مد كفه كى يرويه من امواجها المنسدله خلف ظهرها وبعد تردد رفع كفه بصعوبه ثم ربت على كتفها بحنو
- ماجده مش بقولك كده عشان تبكى .. ممكن تهدى ..
صرخت بانفعال اكثر مع رجفة قويه احتلت جسدها
- قولت اتفضل انزل ..
استسلم ادهم تلك المرة لرغبتها ودلف من سيارتها وهو يضغط على شفته السفليه بتوعد كأنه يُحضر كل شياطين شره لتحقيق مخططه الجديد ..

" بعد مرور ثلاثة أيام "
مرت الايام بعقارب سلحفيه على قلوب الجميع .. ولم يختلف الحال كثيرا عن الايام السابقه .. كل منهما تقوقع داخل صدفة احزانه وهمومه ملتزما الصمت متسلحا بالدمع ..
اليوم بعد انتهاء العزاء قرر حمزه الخياط ان يعود لمنزله .. ولكن قبل مغادرته قرر ان يجتمع بهما كى يضع حدا نهائيا للوضع الذي تبدو معالمه مخيفه للغايه ..
- هتفضلى مبوزه كده كتير .. !
اردف النقيب حمزه جملته وهو يستعد للخروج .. فتجاهلت حديثه تماما ولم ترفع نظرها اليه بل زاد تركيزها فى شاشه هاتفها .. فعاود مناديا عليها بحزم
- عششق !

- اوووف هو مش واضح انى ليا ٣ ايام مش بكلمك ولا هكلمك ياحمزه ..
- اقولك ايه اتعدلى وبلاش جنانك دا ..
- براحتى ..
حمزة معاتبا
- كده ياعشق !
رد معانده: هو كده يا حمزه ..
- تمام .. اللى يريحك ..
- تطلقنى ...
- وماله .. ادينا هنروح وابقي نشوف خالى رايه ايه ..

- عاوز اعرف رجاله الهوارى ناويين على ايه قبل ماامشي ..
اردف حمزه الخياط جملته على اذان الحاضرين من محمد وعماد وسليم ومجدى وامهم .. فردت عفاف سريعا
- ولادى هيفوقوا لمصلحتهم يااحمزه بيه ويديروا اشغال جدهم ولا اييه ؟!
عماد بحكمه: جدى قبل ما يتوفى كان وزع تركته وكل واحد فينا عارف اللى ليه واللى عليه ..
حمزه بتشجيع: عاااال .. يبقي كل واحد يراعى مصالحه وتكونوا يد واحده محدش هيقدر يفرقكم ابدا ..
رمقه محمد بنظره غاضبه لفت انتباه حمزه ليوجه حديثه اليه سريعا
- مالك ياامحمد .. هو الكلام مش عاجبك ولا ايه ؟!

- لا جنابك عداك العيب ومتشكرين على وقفتك جمبنا طول الفترة دى ..
- مافيش شكرانيه يامحمد خير جدك راجح على الكل واولهم عيلة الخياط واكراما ليه انى واقف جمبكم فى محنتكم ..
اجابه على مضضٍ
- عشان كده بردت ناره وردمت على دمه .. ونعم رد الجميل !
جحظ عماد بكلتا عينيه لمحمد .. فرد حمزه سريعا
- وليه هو انا قفلت عليك ولا خدت منك سلاحك .. يلا طبنجتك فى يدك واتفضل اقتل اللى عاوز تقتله ..
عماد بحده: ماتفضها سيره بقي يامحمد !

- العتامنه تعابين سمهم لسه مالى البلد .. ولازمن نخلصوا الناس مش شرهم ..
مجدى بانفعال: ماتسيب الملك للمالك يااخى انت محمل نفسك فوق طاقتها ليههه ..
- راجح اتخطف من وسطينا ياعماد ومحدش فينا قدر يعمله حاجه .. انتوا ازاى قادرين تبقوا بالهدوء دا ؟! ولا طبعا واحد عاش حياته كلها ف اسكندريه والتاني متربي ف مصر مع خاله .. تعرفوش حاجه عن تاريخ الهوارى ..
سليم بهدوء: هو انا مش قولتلك اللى مابيرجعش بالدم عيرجع بالنار ياضكتور ...

محمد بانفعال: كيييف ! هااا اى هو مخطط الهوارى الصغير؟!
وقف سليم فى منتصف مجلسهم ليفجر قنبلته الموقوته وهو يقول
- لما وجد سالم عتمان مراة سليم الهوارى على سُنة الله ورسوله تشرف من بكره اهنه تبقي اول ضربه فى مقتل للعتامنه ...  كيف ماعيقولو حرب بارده !

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة