قصص و روايات - قصص رائعة :

حب البنت لابيها اكبر من حب الابن له

حب البنت لأبيها: خلف كل بنت رائعة أب مذهل

قال أبو المجسر الأعرابي: كانت لي بنت تجلس معي على المائدة فلا تقع عينها على لقمة نفيسة إلا خصتني بها، فكبرَت و زوجتها، و صرت أجلس إلى المائدة مع ابن لي، فوالله لن تسبق عيني إلى لقمة طيبة إلا سبقت يده إليها ! .

رأي خاص:
** حب البنت لأبيها أكبر من حب الإبن له، لكن الأمر يختلف مع الأم**

الرجل المسن: موضوع البنت يا ولدي (في مجتمعاتنا العربية) شائك ومعقد ولا نستطيع أن نخوض فيه دون أن يحتج علينا أحد لأننا كأمة عربية نحب دائماً أن نخفي ما نفكر به ونظهر على السطح الصورة الوردية لما نريد للناس أن يروه منا، فالبنت يا ولدي لا زالت في العرف السائد بيننا (شئنا أم أبينا) همّاً أبدياً لأسرتها منذ ولادتها مروراً بطفولتها وشبابها إلى يوم زواجها كما يمتد هذا الهم إلى ما بعد زواجها ولن ينتهي إلا إذا ماتت مهما تبجحنا بغير ذلك أمام الناس. أضف إلى ذلك أن همّ البنت إذا كبرت في السن ولم تتزوج إذ تكون همّاً أبدياً آخر يُضاف إلى هموم أسرتها، وإذا تزوجت هذه البنت وتأخر إنجابها تكون همّاً أكبر يضاف إلى هموم أهل زوجها وأهلها معاً أما إذا لم تنجب هذه البنت ابناً ذكراً في السنين الأولى لزواجها فتكون همّاً أبديّاً آخر لأهل زوجها فوق همّ أهلها أيضاً.

البنت لو قد المخدّة بتنزل على الراس مثل المهدّة

ولكي تفهم أكثر يا ولدي هذه الضغوط التي تتعرض لها البنت من  قِبل المجتمع أدعوك أن ترافقني قليلاً كي نتتبع معاً نظرتنا كمجتمع لهذه البنت من خلال أمثالنا الشعبية التي ما زالت ترافقها في مختلف مراحل عمرها فقبل أن تولد البنت تجدهم يُسمعون أمها كلمات جارحة للكرامة الإنسانية عندما يرددون على مسامعها قبيل ولادتها (همّ البنات للممات لو عرايس أو مجوّزات) و (الولد لو قَدْ المفتاح بيعمل الدار مِصباح) و (البنت لو قد المخدّة بتنزل على الراس مثل المهدّة) و (البنيّة بليّة) و (يا مخلّفة البنات يا شايلة الهمّ للممات) و (على الله هالطلّق يجي بعده ولد).

 

لحم بايت لمن تلد البنت

وبعد أن تلد هذه المرأة يرددون على مسامعها كلمات (ليست كالكلمات في شيء) من أمثالنا الشعبية الكثيرة التي من أهمها (بطن جاب الولداني اطعموه لحم الضاني وبطن جاب البنيّة اضربوه بالعصيّة واطعموه لحم بايت ولا تقولوا خطيّة) ثم يتلون على مسامعها أكثر من ذلك عندما يقولون لها (ولما قالوا لي أجاك ولد اشتد ظهري واستند ولما قالوا لي أجتك بنت انهدت الحيطة عليّ) ثم يتبعون ذلك بقولهم (أم البنت مسنودة بخيط وأم الولد مسنودة بحيط).

 

إن خلّوا البنت على خاطرها يا بتاخذ زمّار يا طباّل

زمار

وعندما تكبر هذه البنت أكثر لا تستطيع أن تأخذ قراراً إلا بموافقة والدها وإذا غاب الوالد فعليها أن تلجأ إلى أخيها (حتى ولو كان أصغر منها سناً) وعندما تصبح على عتبة الزواج يقولون على مسامع والدها هذه المرة (دلّع بنتك بتعرّك ودلّع إبنك بيعزّك) ثم يشجعوه على مصادرة رأيها فيقولون له (وإن خلّوا البنت على خاطرها يا بتاخذ زمّار يا طباّل) ثم يطلبون منه عدم تعليمها بل تزويجها إلى أي كان عندما يقولون له (والمَرَة لو طلعت عالمريخ آخرتها للطبيخ) وعندما يرفض هذا الوالد تزويج ابنته لأي كان يقولون له (البنت يا بتسترها يا بتقبرها).

 

إن زوجتُها رجلاً فقيراً أراها عنده والهمّ عندي

ولم تسلم منهم هذه البنت (المسكينة) حتى بعد موتها فعندما تموت البنت يعزون والدها بقولهم (اللي بتموت بنته من صفاوة نيته) ومنهم من يتمنى لها الموت ساعة ولادتها فيقولون (وما أحلى فرحتهن لو ماتن بساعتهن) ويعزوا أخيها بقولهم (إن مات ابنك انحرق كبدك وإن مات أخوك انكسر ظهرك وإن ماتت أختك انستر عرضك) فترد المسكينة على كل هؤلاء وهؤلاء وتقول لهم (زَوْجٌ من عُودٍ أفضلُ من قُعود) و (ظلّ راجل ولا ظلّ حيطة) وحتى أختصر عليك هذا الموضوع يا ولدي أكثر أدعوك إلى أن تستمع إلى ما قاله أحد الشعراء العرب القدامى عن حبه لابنته من جهة وما يتمناه لها من جهة أخرى عندما يقول مخاطباً ابنته:

أحبّ الناس عندي
أحبُ بُنيتي وودتُ أني
دفنت بُنيتي في قاع لحدي
وما بي أن تهون عليّ لكن
مخافة أن تذوق الذلّ بعدي
فإن زوجتُها رجلاً فقيراً
أراها عنده والهمّ عندي
وإن زوجتُها رجلاً غنياً
سيلطم خدّها ويسبّ جدّي
سألت الله يأخذها قريباً

ولو كانت أحبّ الناس عندي

صاحبنا:شكراً لك على هذا التوضيح يا سيدي لكنني كنت قد سألتك أنت شخصياً عن حب البنت لأبيها.

 

وعليك أن تفهم الجذور قبل أن تفهم الفروع

الرجل المسن: يا ولدي للحديث جذور وفروع ولا أستطيع أن أتكلم معك عن الفروع دون المرور على الجذور فأنا يا ولدي لست معزولاً عن مجتمعي ولا أستطيع أن أتصرف فيه وحدي أما الآن وبعد أن فهمت الأصول يا ولدي أستطيع أن أجيبك على الفروع من سؤالك: فأنا عن نفسي كنت أخاف على ابنتي كثيراً عندما كانت تخرج من البيت أو تتأخر عند الوصول وكنت أظل أترقب عودتها على أحرّ من الجمر إلى أن تعود لأني كنت أخاف على مستقبلها أكثر من خوفي عليها.

 

عندما أرى مثل هذه الصورة كنت أخاف على ابنتي

فمشاكل البنات يا ولدي كانت في ذلك الوقت كثيرة، فإذا سمعت أن بنتاً تزوجت وهي ليست سعيدة في حياتها الزوجية أخاف على ابنتي وعندما أسمع عن حالة طلاق أخاف على ابنتي وعندما أسمع عن بنت لم يأتها نصيبها بعد وأصبحت عانساً في بيت أبيها كنت أخاف على ابنتي لهذا يجب عليك يا ولدي أن تعلم أن وجود البنات في البيت أصعب بكثير على الأهل من وجود الأولاد فيه.
صاحبنا:ما فهمته منك حتى الآن يا سيدي أن خوف الوالد على ابنته في الماضي كان له ما يبرره فهل لا زال هذا الخوف موجوداً حتى في وقتنا الحاضر؟.

 

الحرية الزائدة لبنات هذه الأيام

الرجل المسن:خوف الوالد على ابنته يا ولدي ليس مرتبطاً لا بالزمان ولا حتى بالمكان ولن ينتهي هذا الخوف لا في الحاضر ولا حتى في المستقبل، أما سؤالك عن خوف الوالد على ابنته في هذه الأيام فقد زاد عن الماضي كثيراً نظراً الى الحرية الزائدة التي أصبحت تتمتع بها بنات هذه الأيام فبإمكانها أن تذهب للمدرسة أو الجامعة أو السوق وحدها حتى أنها أصبحت تسافر وحدها وتسكن في الفنادق وتذهب إلى شواطئ البحار وهذا كله كان ممنوعاً على بنات الزمن الماضي بل قل كان محرّماً عليهن.
صاحبنا: الأصل في الأشياء يا سيدي هو أن تخاف على أولادك مثل ما تخاف على بناتك، أليس كذلك؟.

حب البنت لأبيها

الرجل المسن: من سؤالك هذا يا ولدي يتضح لي أن الفكرة كانت قد وصلت إلى قلبك لكنها لم تصل بعد إلى عقلك فالأولاد والبنات كلهم أولادي وأخاف عليهم نفس الخوف لكن الصبي عندما يكبر في السن يعتمد على نفسه وبعد أن يتزوج يبدأ دور وتأثير الأهل عليه ينحصر شيئاً فشيئاً وتبدأ علاقته بأهله تتسم بشيء من الفتور إلى أن تنتهي هذه العلاقة بانفصال تام بينه وبين أهله.

 

البنت تبقى أقرب إلى أهلها من الصبي حتى وإن تزوجت

أما البنت يا ولدي فهي تختلف عن الصبي في علاقتها مع أهلها بِحُكم أنها عاطفية بطبعها أكثر من الصبي فتجدها دوماً متعلقة بأهلها أكثر من الصبي لا بل تبقى دوماً أقرب إليهم حتى بعد أن تتزوج وتنشغل في أمور بيتها وزوجها وأولادها فسيبقى الرابط بينها وبين أهلها أقوى بكثير من الرابط الذي يربط الصبي بأهله وخاصة مع أمها لأن أمها يا ولدي كانت قد مرّت بنفس الدور الذي مرت به ابنتها.

صاحبنا: في الماضي البعيد يا سيدي كان قد وُلد لي صبيّ فاتصل بي أحد زملائي مهنئاً وقال لي بالحرف الواحد: مبروك عليك ال 50 ألف دينار يا صديقي ولم أفهم حتى الآن ما كان قد قاله هذا الصديق؟ فهل لك أن توضح لي ما كان يعنيه؟.

 

تكلفة البنت على والدها تفوق بكثير تكلفة الصبي

الرجل المسن:صديقك هذا يا ولدي يعلم علم اليقين أن تكلفة البنت على والدها تفوق هذا المبلغ الخيالي بكثير بعكس تكلفة الصبي فالولد يستطيع أن يلبس أيّ شيء ويخرج من بيته أما البنت يا ولدي حتى تخرج من بيتها فلا تكتفي بالملابس فقط بل تشترط أن تكون ملابسها من ماركات عالمية ومعها الأحذية والشنط والإكسوارات والعطور وقد تستنجد بالصالون لتصفيف شعرها وذلك كي تتشبه ببنات جيلها فلهذا تجد أن الناس يقولون بالعامية أن (أبو البنات مرزوق).
صاحبنا:من تجربتي المتواضعة يا سيدي وجدت أن البنت تحب والدها أكثر من غيره فهل لك أن توضح لي السبب ذلك؟.

 

حب البنت لأبيها

الرجل المسن: البنت يا ولدي في مجتمعنا الشرقي الذكوري كل ما تحتاج إليه هو الأمن والأمان والحنان في حياتها وهي بِحسّها الداخلي تشعر أن الأب يستطيع أن يوفر لها كل ذلك لهذا فهي تحاول أن تقترب منه أكثر ومن الطبيعي أن تجد من والدها الاستجابة السريعة لطلبها في أي وقت فتجده يحنّ عليها أكثر من غيره كونه يشعر أنها أضعف من غيرها في الأسرة بصفته المسؤول الأول عن حماية الأسرة ككل وهذا هو سر حب البنت ﻻبيها.
صاحبنا: لم تقل لي شيئاً يا سيدي عن دور الأم في حب البنت لأبيها فهل يكون دور الأم دوراً سلبياً أم إيجابياً؟.

 

للأم دور كبير في حب البنت لوالدها

الرجل المسن: أكيد يا ولدي سيكون للأم دور كبير في حب البنت لوالدها فهي التي تستطيع أن تملأ قلب ابنتها بالحب أو بالكراهية لوالدها وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على حب أمها لوالدها ويعتمد كذلك على الطريقة التي تعرض بها الأم شخصية والدها أمام ابنتها والأهم من ذلك كله الأسلوب الذي تختاره الأم في التعامل مع أبيها سواء كان هذا التعامل داخل البيت أو خارجه ويعتمد كذلك على درجة احترام أمها لأبيها سواء كان حاضراً أو غائباً.

 

كل فتاة بأبيها معجبة

صاحبنا: كنت يا سيدي قد سمعت في الماضي (ولا زلت أسمع) من كان يقول (كل فتاة بأبيها معجبة) فهل هذا القول يصدق على كل البنات؟ وهل هذا القول يصدق في كل زمان ومكان؟.
الرجل المسن: ما كنت قد سمعته يا ولدي في الماضي ولا زلت تسمعه في الحاضر هو مثل شعبي قديم وليس بقول.
صاحبنا: إذا كان هذا الكلام مثلاً شعبياً فهل لك أن تقول لي من هو قائله؟ وما المناسبة التي قيل فيها؟.

 

في الماضي كانت كلّ فتاة بأبيها مُعْجَبَة

الرجل المسن:إن ما قلته يا ولدي (كل فتاة بأبيها معجبة) كانت قد قالته قبلك (العجفاء السَّعدية) حين خرجَتْ مع ثلاث من البنات من صديقاتها في ليلة مُقمرة إلى روضة غنَّاء ليتجاذبْنَ فيها أطراف الحديث وبدأت كل واحدة منهن تتغنى بالصفات الحميدة في الرجل الذي تتمناه زوجاً لها في المستقبل وإذا بكلّ واحدة منهنَّ تقوم بسرد صفات والدها في الرجل الذي تتمناه دون أن تشعر وبعد أن استمعت العجفاء لأمنياتهن قالت مثلَها الشهير هذا (كلّ فتاة بأبيها مُعْجَبَة).

 

أما في هذه الأيام ليست كل فتاة بأبيها معجبة

صاحبنا: ما قالته العجفاء يا سيدي كان في الماضي البعيد فهل كل فتاة بأبيها معجبة حتى في هذه الأيام؟.
الرجل المسن: لا أظن يا ولدي أن هذا التعميم في هذه المسألة أمر مقبول الآن فكم من فتاة كرهَتْ والدَها لحرمانها من الميراث مثلاً وكم من فتاة أجبرَها والدُها على الزواج مِمَّن لاتُحبّ أو حَرَمَها من الزواج ممن كانت تُحب امتثالا لعادات وتقاليد اجتماعية بالية أو لمفاهيم عائلية كانت سائدة، وكم من والد أساء معاملة ابنته وحرمها من حقوقها وكم من الآباء كانت حياتُه خِزْياً في مستقبل بَناته.
صاحبنا: سمعت يا سيدي من يقول أن كثيراً من بنات هذه الأيام لا يقتنعن بهذا المثل في قرارة أنفسهن لكنهن يستخدمنه فقط لرفع مكانتهن أمام من هم حولهن.
خميرة-الخبزيا رب أتجوز غريبة وأخلّي خميرة أهلي رَطِلْ
الرجل المسن: إن إعجاب الفتاة بأبيها ورفعها لشأنه أمام الآخرين وبيان فضله على سائر الآباء يا ولدي ما هو إلا محاولة خفيّة من البنت لرفع قيمة نفسِها أولاً وبيان تميّزها عن غيرها من البنات ثانياً وهو سلوك تقوم به البنت لهدف وحيد هو إسناد شخصية البنت وتكريس صفة العَظَمَة عندها وفيه أيضاً إشباع للأنانية الموجودة بداخلها من باب ما قيل في أمثالنا الشعبية (يا رب أتجوز غريبة وأخلّي خميرة أهلي رَطِلْ) فهناك يا ولدي فرق بين إعجاب البنت بوالدها وبين محبته لها.
صاحبنا: طالما أن كل فتاة بأبيها معجبة، فكيف إذن يقولون في أمثالنا الشعبية (طب الجرة على ثمها بتطلع البنت لأمها) والأصل أن يقولوا (بتطلع البنت على أبيها)؟.

الرجل المسن: سيأتي يا ولدي على البنت فترة من الزمن من عمرها تحسّ بغريزتها أن والدتها تمتلك والدها لنفسِها فتتولد عندها غيرة خفيَّة من أمها على أبيها لكن هذه الغيرة لن تطول وسرعان ما تتلاشى بعدها تبدأ البنت بتقليد أمها كي تنال قسماً من محبة والدها لوالدتها ويستمر هذا الميل نحو الأمّ إلى تتزوج البنت وخلال هذه الفترة تكتسب كثيراً من صفات أمّها السلبية والإيجابية منها عندها يقولون هذا المثل (بتطْلعْ البنت لأمّها).
صاحبنا: دعنا يا سيدي نعود إلى إعجاب البنت بأبيها ثانية فهل هذا الإعجاب دائم أبدي لا يزول أم قد يتلاشى؟.

 

قد يختفي الحب بين البنت ووالدها

الرجل المسن: بشكل عام يا ولدي إذا كانت علاقة الأب بابنته جيدة فالمحبة ستكون دائمة ولكنها قد تخف أو تختفي لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو إذا كان الأب قاسياً على ابنته في طفولتها، وعليك أن تعلم يا ولدي أنه كلما ازدادت الصفات المحببة لدى البنت في شخصية والدها وكانت هذه الصفات قريبة لما تحتاجها هذه البنت كلما كانت علامات المحبة والإعجاب أكثر لديها واستمرت زمناً أطول.
صاحبنا: أنت بهذا الشرح يا سيدي كنت قد أضعتني فلم أعد أعرف أيهما يعطي ابنته أكثر: الأب أم الأم؟.

 

lلأم والأب يعطيان أبنائهما نفس الدرجة من الحب

الرجل المسن: الأم والأب يا ولدي يعطيان أبناءهما بنفس الدرجة وﻻ يمكن إنكار ميل الأم لتدليل (الإبن) كونه سندها وميل الأب لتدليل (البنت) كونها سنده فإعجاب الولد بأمه أو إعجاب البنت بأبيها هو شيء نابع من مصدر التكوين النفسي لكلا الجنسين فكلاهما (الولد والبنت) يبحثان عن ما يحتاجه كل منهما من الجنس الآخر لتكملة ما ينقصه فالولد يحتاج إلى الرقة والعطف والحنان الموجود في شخصية الأم لتكملة ما هو غير موجود عند الأب والبنت تحتاج إلى الحزم والقوة والهيبة الموجودة في شخصية الأب وليست موجودة في شخصبة الأم.

صاحبنا: وكيف ترى يا سيدي وضع العائلة الصغيرة بعد أن يكبر الأبناء والبنات ويتزوجون؟.

 

وجود البنت المتزوجة في بيت والدها غير مرغوب فيه

الرجل المسن: في الغالب يا ولدي تستغل البنت حب والدها لها في صغرها وتتميز به عن إخوتها الذكور مما يخلق حساسية من نوع معين تزداد بعد أن يضعف والدها ويتزوج إخوتها إلى حساسية أكبر بينها وبين زوجات إخوتها (خاصة إذا كانت غير متزوجة) وتنعكس هذه الحساسية على أولادها أيضاً فيدخلون هم كذلك في تنافس شديد مع أولاد إخوتها على حب الجد والجدة وبهذا يصبح وجود البنت في بيت والدها غير مرغوب فيه نظراً لوجود مثل هذه الحساسية.

 

ترى البنت زوجات إخوتها يتنعمن بأملاك والدها

ويزداد الأمر سوءاً عندما تجد البنت أن زوجات إخوتها يُبعثرن ما كان قد حصّله والدها من أموال وأراضي وعقارات على مرّ السنين وهي محرومة منه فتنكمش  في بيتها على نفسها وتترك والدها لمن أعطاهن جهده وتعبه وفلوسه على مرّ السنين وتبدأ بالشكوى والتذمر من زوجها في كل صغيرة و كبيرة أمام أهلها كي تستعطفهم أكثر مع أن الأمر لا يحتاج إلى كل هذا التذمّر فطبيعة الحياة الزوجية تستدعي أحياناً اختلاف الزوج مع زوجته في وجهات النظر وبهذا تكون هذه البنت قد أضافت همّاً آخر إلى هموم والدها التي بدأت تزداد بعد بلوغه سن الشيخوخة.
صاحبنا: وهل يا سيدي من هموم أخرى تضيفها البنت لوالدها في فترة شيخوخته؟.

 

شيطنة الأحفاد في بيوت الأجداد

الرجل المسن: قد تحتاج البنت والديها بين الحين والآخر يا ولدي كي تترك أولادها عندهم لكنها قد تستسهل هذا الأمر عندما تريد أن ترفّه عن نفسها، والجد والجدة بدافع حبهما لابنتهما وأحفادهما يقبلان ذلك بنفس رضيّة مع أنهما قد يصيبهما أحياناً الضيق والضجر من أحفادهما وخاصة إن كانوا من النوع المشاغب والمزعج، فالأمر هنا يحتاج إلى شيءٍ من الذوق العام من هذه البنت فالجد والجدة ما عادا بتلك القوة الجسدية والعصبية والنفسية حتى يحتملا تربية ورعاية شؤون أحفادهما فمهمتهما في هذا السن هي التوجيه عن بعد  فقط.

صاحبنا: لم تقل لي شيئاً يا سيدي عن زيارة البنت الدورية لأهلها؟.

 

على البنت المتزوجة أن تعلم أنها ضيفة في بيت أهلها

الرجل المسن: البنت يا ولدي تشتاق لأهلها وكذلك أهلها يشتاقون لها وهذا أمر فطري وطبيعي ليس فيه مشكلة ولكن المشكلة تكمن عندما تظن هذه البنت أنها عندما تأتي لزيارة أهلها أنها في إجازة من كل شيء وحتى من أولادها فتتركهم يعبثون ويخربون ويصرخون وهي لا تحرك ساكناً فهي أتت لبيت أهلها لترتاح منهم ولا يهمها ما يسببونه لأهل هذا البيت من ضيق وإزعاج فعلى مثل هذه البنت يا ولدي أن تعلم أنها ضيفة عند أهلها والضيف إن لم يكن خفيف الظل فسيصبح ثقيلاً على قلوب أهل البيت حتى وإن كانوا من أهله أو ذويه.

صاحبنا: أريد منك يا سيدي الآن بعد كل هذا الشرح أن تشرح لي ولو بعجالة دور البنت في حياة والدها عندما يدخل في سن الشيخوخة.

 

الأب يعطي ابنته الشئ الكثير

الرجل المسن: يمر الوالد كما تعلم يا ولدي بمراحل مختلفة من عمره ففي فترة عطائه يُعطي ابنته الكثير الكثير ودون حساب لكنه عندما يدخل في مرحلة الشيخوخة يأخذ دوره أولاده من بعده فيخف هذا العطاء عنها إلى أن يتلاشى تماماً بعد أن تتزوج ويتزوج معها إخوتها وعندما تشاهد زوجات إخوتها يعبثن بأموال أبيها وهي محرومة منها تُصاب بردة فعل كبيرة فتنشغل بنفسها وزوجها وأولادها كي تعوّض عطاء والدها الذي بدأت تنساه ويصبح برّها لوالدها في المرتبة الرابعة بعد نفسها وزوجها وأولادها وفي خلال هذه الفترة تكون قد فقدت قرارها ولم تعد تتحكم به كما كانت في السابق.

صاحبنا: أفهمتني يا سيدي عن حب الزوجة لزوجها وعن حب الولد لوالده وعن حب البنت لوالدها لكنك لم تقل لي شيئاً عن حب الأخ لأخيه.