نوفيلا حبيبتي طفلة للكاتبة حنان قواريق الفصل السابع
بعد عدة أيام..
يقف أمام شرفة غرفته شارد الذهن يطالع قطرات المطر الناعمه التي تداعب النافذة بشكل لطيف ممزوجة بالليل الهادئ الذي تلئلئت النجوم في سمائه وكأنها تغني للعاشق بالخفاء!
زفر بعنف شديد وكأنه خارج من حلبة مصارعة عندما تذكر ردة فعل السيد عصام والد كرمل بعدما علم بحادثة اختطاف ابنته وكيف هو أنقذها من براثنه، تذكر جيدا تلك النظرة المنكسرة التي رأها بعيني والدها بعدما علم بنوايا ابن شقيقه ( سعد )
ذلك الشاب الطائش الذي أصبح الأن بين يدي الشرطة لتلقينه دراسا لن ينساه لسنوات طويلة بسبب فعلته تلك!
لقد شكره السيد عصام مرارا وتكرارا على إنقاذ ابنته الوحيدة وهو فقط كان سارح بجمال عينيها التي سحرته وأنتهى الأمر، الأن حسم أمره بقوة لن يتنازل عنها أبدا بعد اليوم، ستكون له وأمام الناس جميعا، لن يقف شيئا أمام طريق حبه الكبير لها الذي لم يكن يعلم حجمه إلا اليوم!
ولكن سيبوح لها بكل شيء أولا!
وجعه وألمه الذي عانى منه لسنوات كبيرة سيرميه اليوم بأحضانها لتكون الكرة بملعبها هي وتقرر ما إذا كانت ستتقبله بعد اليوم أم لا...!
اتجه ناحية سريره ليلتقط هاتفه المحمول
حمله بين يديه بهدوء بعد أن أمسك قلبه بشدة، أرسل لها رسالة مضمونها ( عايز أشوفك بكرا على الساعة 6 المغرب في مطعم ضروري )
ثم ألقى الهاتف من جديد بعد أن زفر من جديد ينتظر الرد على أحر من الجمر!
لحظات ووجد نغمة الرسائل تصدح ليسرع ناحية الهاتف ليرى رسالتها والتي كان مضمونها ( اوك، بس تجبلي معاك شوكولاته وورد )!
أبتسم بأتساع ف تلك الجميلة الصغيرة ستعود به إلى أيام المراهقة لا محاله!
بينما هي بدأ قلبها يخفق بعنف شديد بعد تلقي رسالته تلك لتقفز في مكانها وكأن عرض زواج ينتظرها، أسرعت بالتوجه ناحية خزانتها لترى ماذا سترتدي غدا، السعادة حاوطتها بشكل كبير لدرجة أنها أخذت تفرغ الخزانه من كل ثيابها لتجرب هذا وتلك وهي تقفز في مكانها من جديد لا تعلم ماذا سيخبئ لها غدا، هل ستكتمل فرحتها تلك أم لا؟!
لحظات ووجدت والدها يطرق الباب لتبتسم له بأتساع تهتف:.
- الباب مفتوح يا بابا يعني تدخل براحتك من غير ما تستأذن!
أبتسم لها بحنيه ليتجه ناحيتها ليطالع مشهد ثيابها التي ملئت السرير بغير فهم، هتف وهو يجلس على مقعد خشبي صغير:
- بتعملي ايه يا كرمل؟
ابتسمت تهتف:
- متشغلش بالك يا حبيبي، ها قولي مشرفني الأوضه ليه بقى؟
هتف بجديه وهو يحدق بعينيها:
- عايز أعرف مين مصطفى ده؟
للوهلة الأولى لم تعلم بما ستجيبه ولكنه تلافت ذلك ببراعة مجيبه:
- في حاجة يا بابا؟
نهض من مكانه يقف أمامها بعد أن وضع يده على ذراعها بحنيه قائلا:
- حاسس ان في حاجة بينك وبينه، نظراته ليكي اليوم كانت بتوحي بحاجة، انا ابوكي وحاسس بيكي أوي يا حبيبتي!
كانت على وشك الأفصاح عما يجول بخلجاتها الداخليه فهي لم تعتاد إخفاء شيء عن حبيبها الأول والدها العظيم كما تصفه دائما، ولكن وجدته يكمل قائلا:
ياريت ميكونش إلي حاسس بيه صحيح يا بنتي، ده راجل كبير أوي عليكي ومش بيناسبك!
هل تعرفون شعور الطائر الذي قد طار من قفصه فرحا بالحرية التي تمناها أخيرا وفجاءة تأتيه رصاصه توقعه قتيلا؟!
ذلك كان شعورها بعد كلمات والدها تلك!
ولكن لن تستسلم بسهولة أبدا، ستحافظ عليه وعلى عشقها له، ستدافع عنه بقسوة أم ستسلب أبنائها!
ستتمسك به كأنها غريفه وسط بحر مظلم!
هي تعشقه بشدة ولن تتنازل عنه مهما كلفها الأمر!
لا السن ولا أي شيء سيكون عائقا في طريق حبها!
النظرة الأولى واللقاء الأول كان كفيل لها لمعرفة بأنه الشخص الذي تمنته في أحلامها مرارا وتكرارا!
غدا ستخبره كم تعشقه وليحدث ما يحدث!
برعت بأخفاء شعورها ذلك عن والدها لتهتف:
- هروح أشوف ماما لو عايزة مساعدة
اختفت من أمامه بسرعة ليقف السيد عصام مكانه يحادث نفسه قائلا:
- مع إني شاكك بحبكم لبعض ومعرفتكم لبعض قبل الحادثة بس مستحيل اوافق على مهزله زي دي!
كانت والدة مصطفى تحضر طعام العشاء، بينما يجلس شقيقه سيف يطالع التلفاز بملل شديد ليجد شقيقه مصطفى يجلس بجانبه يطالع الاشي أمامه شارد الذهن
هتف سيف له بتسائل:
- مالك يا مصطفى؟
تنهد مصطفى مجيبا:
- مش عارف، حاسس إني ضايع
اعتدل سيف في جلسته يهتف له:
- كرمل مش كده؟!
اومأ الأخير برأسه بايجاب بينما أكمل سيف قائلا:
- خايف من ايه؟
طالعه مصطفى بنظرات ثابته مجيبا:.
- أنا أكبر منها بحوالي 15 سنة يا سيف واكيد اهلها هيرفضوني..
ابتسم سيف مجيبا:
- السن مش مهم ابدا، الحب والتفاهم هم سبب نجاح أي علاقة زواج يا مصطفى وما دام أنت وهي بتحبو بعضكم يبقى مفيش مشكلة
هتف مصطفى وهو يقف يضع يديه بجيوبه قائلا:
- أنا مش بحبها يا سيف! أنا بقيت اتنفسها، البنت دي رجعتني لأيام المراهقه، خلتني ارجع اضحك من جديد، رجعت قلبي يضحك ويرقص من جديد، هحارب الدنيا كلها علشان أوصلها!
ابتسم له شقيقه وهو يقف بجانبه قائلا:
- أنا واثق أنك هتحارب علشانها، دي إلي هترجع مصطفى زي ما كان قبل...
منحه نظرة غاضبه ليهتف:
- متكملش كفاية..
هتف سيف بأعتذار:
- مش قصدي، بس كرمل لازم تعرف القصة يا مصطفى!
زفر بعنف كما عادته في الأونه الأخيرة مجيبا:
- عارف، وعلشان كده طلبت منها نتقابل بكرا علشان اعترفلها بكل حاجة!
أجابه شقيقه قائلا:
- احتمال ترفضك!
أدار رأسه يطالع شقيقه بقوة مجيبا:.
- أنا واثق أنها حبها ليا هيكون أقوى من كل حاجة
اومأ له شقيقه بتفهم ولكن قناعته الداخليه كانت تقول عكس ذلك، الظروف التي مر بها شقيقه مصطفى ستكون بمثابة قنبلة لتلك الرقيقة كرمل!
تابع مصطفى نظراته للشارع المظلم وهو يتمنى أن يكون توقعه صحيحا وأنها ستتقبله كما هو!
بينما وقفت والدتهم تستمع لحديثهم ذلك وقلبها يؤلمها بشدة على ابنها الأكبر مصطفى!
مرت الليلة طويلة على كل من كرمل ومصطفى وهم ينتظران الغد بفارغ الصبر ما بين فرحة وحزن وتأمل بأن قوة الله ستدخل في الوقت المناسب لأنقاذ الموقف..
ترى هل ما ستسمعه كرمل من مصطفى سيكون خط النهاية لعلاقتهما تلك...؟!