قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة الفصل الثالث

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

أطالعك كل يوم يا عصفوري.. أعشق نغمات صوتك الجميلة
وضعتك فى قفص..  جماله يشبهك فكففت عن الغناء وأثرت دهشتى مدة طويلة
حتى أدركت سبب سكونك عندما أدركت التشابه بيننا ..  يضم قلبى جدران قفص تشبه جدران قفصك ذا الفتحات القليلة

لم أعد قادرة على الكلام.. على الضحك.. مثلك تماما.. صارت نبراتى هزيلة
أدركت نظراتك التى أصبحت تشبه نظراتى.. خاملة .. مترقرقة بالدموع .. عليلة
عرفت السر وراء صمتك وحزنك إلا انى لا أستطيع التخلى عنك أو إطلاق سراحك لأدرك أنى مثلك لن أتحرر.. فرصتى فى الخروج من قفصى ضئيلة
أقف أمامك.. أطالعك كل يوم بعيون حزينة، لم أعد أراك أمامى بل أرى قلبى السجين داخل القفص.. تشبهني حقا.. خائر القوى.. ذو نفس ذليلة
لا حول لك ولا قوة.. تبغى الحرية ولكن يحول دون حريتك سجانك.. تبغى الهروب ولكن ما باليد قوة ولا حيلة

قالت ( تارا )بألم:
-لا ياعمتى، لن أسمح لك ببيع مزرعة والدى، إنها كل ماتبقى لى منه، لقد أحبها كثيرا ولم يكن ليقبل ببيعها.
اقتربت (مهيرة)من (تارا)تقول بصوت كالفحيح:
-هل جننتى يافتاة؟تظنين أنك قادرة على منعى، من تخالين نفسك؟

قالت ( تارا)فى ثبات:
-أنا إبنة أخيكى، حتى إن لم يذكرنى فى وصيته، فلقد عهد لى برعاية مزرعته ومنزله وأنا لن أتخلى عن العهد .

أطلقت مهيرة ضحكة ساخرة مقيتة عقدت لها (تارا)حاجبيها بينما تقول ( مهيرة )بحقد:
-إبنته أليس كذلك؟حسنا.. إليك الحقيقة المرة أيتها الفتاة الغبية، أخى لم يكن قادرا على الإنجاب وقد وجدك هو وزوجته ذات يوم أمام منزلهما وورقة إلى جوارك مكتوب عليها إسمك.. فقط إسمك.. فأشفقا عليكى وتبنياكى.

إتسعت عينا ( تارا )بصدمة قائلة:
-كاذبة، لا يمكن أن تكون تلك هي الحقيقة.

إبتسمت (مهيرة)قائلة بتشفى:
-بل هي الحقيقة كاملة أيها التعسة، أخبرنى إياها أخى ذات مرة، أحمد الله أن فاجئه المرض ولم يستطع أن يغير وصيته، فحين علمت بمرضه أسرعت إليه خشية أن يكون قد غير وصيته ولقد كاد بالفعل، لولا مرضه الذى أوهن عظامه، ليخبرنى وهو على فراش الموت.

أنه كان يريد أن يكتب كل شيئ لك، ولإنه لم يستطع أوصانى عليك..  الغبي، لم يدرك أننى انتظرت موته أعوام طويلة لأبيع المزرعة، وها قد جاء المشترى وبالغد ستؤول إليه، سيأخذ المنزل والمزرعة وستصبحين بلا مأوى فأنا على وشك الزواج من (عساف)، وبالطبع لن أجازف بأخذ فتاة جميلة مثلك معى كخادمة، حتى وان كانت خادمة جيدة وإلا سأخسر زوجى، وهذا غير وارد على الإطلاق.

كانت (تارا )تستمع لها بعيون زائغة من الصدمة، تتردد الكلمات بعقلها وقلبها فتدميهم، لم تكن أمها هي أمها الحقيقية، ولم يكن والدها كذلك، كانت يتيمة ربما، ألقاها القدر على عتبتهم، إذا من هي؟ومن أبواها وما قصتها؟نزلت دموعها فرمقتها (مهيرة)شذرا قبل أن تلتفت قائلة فى برود:
-اجمعى حاجياتك وارحلى فلم يعد لك مكان هنا يافتاة.

ثم إبتعدت لتعتصر (تارا)تلك السلة من الزهور فى يدها حزنا، إنتفضت وهي ترى يدها تتألق بنور ساطع فألقت سلة الزهور وهي تتراجع بذعر، تنظر إلى يدها بصدمة، قبل أن يخفت النور تدريجيا حتى إختفى، رفعت يدها أمام ناظريها تطالعهما بدهشة، قبل أن يلفت إنتباهها صوت العصفور، فنظرت إليه قائلة:
-لقد رأيت ذلك؟أليس كذلك؟

طالعها العصفور بعطف فإقتربت منه قائلة:
-أحلامى تتحقق؟أم ترانى جننت أيها العصفور؟

لم يجيبها لتبتسم فى مرارة وهي تطرق برأسها قائلة:
-ربما أنا كذلك؟فما يحدث لى يفوق طاقتى على الإحتمال، حرمت من الأهل وعملت كخادمة فى بيتى فلم أعترض أو أشكو حالى، عاملتنى بقسوة فلم أهتم وعاملتها بالحسنى، فإذا بى اليوم أكتشف أننى لا أهل لى وأن حياتي بالماضى كانت سرابا، فتاة لقيطة تركها أهلها على عتبة أغراب، فتاة مسكينة أحضروها للحياة، ثم أجبروها أن تعيش فى قفص قضبانه تخنق أنفاسها وطلبوا منها أن تشدو بسعادة.

لتتطلع إلى العصفور مجددا وهي تقول بحزن:
-تماما مثلك ياعصفورى، شفيت جرحك ولكننى وضعتك فى قفص وحرمتك حرية الإختيار، أطالعك الآن فأرى نفسي التائهة فى عينيك.
لتفتح القفص وتحمله قائلة:
-ولكن لا.. لا إجبار بعد اليوم، سأعيدك إلى حيث تنتمى، سأعيدك إلى منزلك أيها الصغير.

إتجهت إلى خارج المنزل وإبتعدت تحمله بإتجاه الغابة قائلة:
-لا قضبان بعد اليوم، لا عبودية أو إنكسار، ستنال حريتك رغما عن الجميع وستعود حرا كما خلقك الله.
لتقف وسط الأشجار، ترفع يدها به تطالع عيونه اللامعة قائلة بعيون لمعت بالعبرات:
-سأفتقدك أيها الصغير، رغما عنى أحررك، لتكون مثلى، فأنا اليوم بلا قيود وأنت ستكون كذلك.

لتقذفه فى الهواء صارخة:
-طر يافتى، حلق بعيدا، لن تهزمك الحياة لطالما كنت حرا لتشدو ألحانك.
رأته يحلق فى السماء عاليا فنزلت دموعها التى امتزجت بمشاعر الفرح والحزن وهي تردد:
-ولن تهزمنى الحياة أيضا بل سأقف فى وجهها أنال قدرى بدورى، طالما تحررت من أوهامى وقيودى.

لتتسع عيناها بقوة تتراجع فى خوف وهي ترى العصفور تحيطه هالة من نور قوية وهو يتجه إلى الأرض، بل إليها .. تراجعت بضع خطوات أخرى وهي تتطلع بصدمة إليه بينما يتحول داخل تلك الهالة من عصفور إلى... إنسان.

كانت الغابة تبدو ساكنة حتى لمع ضوء قوي ثم ظهرت الساحرتان، لتقول (ريتان)بدهشة:
-أين نحن؟
تأملت (سيلين )محيطها قبل أن تقول:
-يبدو ان الغبار السحري لم يكن كافيا، حسنا نحن فى مكان قريب من منزل (تارا)على مسيرة يومان من هنا.

لتشير بإتجاه مستقيم مستطردة:
-هيا بنا، لا وقت أمامنا لنضيعه، ف (تارا )قد أتمت التاسعة عشر بالأمس وهي على وشك إكتشاف قدراتها.
قالت (ريتان)وهي تتبعها:
-أليس (نوار)بجانبها ليرشدها؟

هزت ( سيلين )رأسها نفيا وهي تشير بيدها للأغصان فيتباعدوا مفسحين لهما الطريق قائلة:
-هو بجانبها نعم، ولكنه مازال بهيئته كعصفور، لن يستطيع أن يفعل لها شيئا.
قالت (ريتان):
-أكان يجب أن تحوليه إلى عصفور؟

توقفت (سيلين)وإلتفتت إليها قائلة:
-نعم .. فرفضه الدائم الذهاب إليها متعللا بأنه لن يتزوج مطلقا من أنثى بعد أن هجرته أمه بالمهد وتركته لى اضطرني لذلك، رغم أنه يعلم أنه فارسها هي وأنها لا يمكن أن تتزوج بغيره، ورغم أنه يعلم أن زواجهما هو أملنا الأخير إلا أنه رفض مرارا وتكرارا، لمجرد عقدة سخيفة ولدها هجر أمه له فى الصغر واتباعها سحرة الظلام، لذا كان لابد وأن أبعثه إليها رغما عنه.

قالت (ريتان):
-ولماذا حولتيه لعصفور، لما جازفتى بإكتشاف مكاننا وقد كان بإمكانك بعثه على هيئته البشرية؟

عادت سيلين تسير بإتجاه الغابة وهي تنحى الأغصان وتفتح لهما طريق قائلة:
-اولا لقد كان درسا له، عقابا لعصيانه أوامري، ثانيا لم يكن ليلين قلبه لها ويدرك أنها تختلف عن أمه لولا ذلك، فوجوده بجوارها سيريه كم هي طيبة القلب ورائعة وتستحق حبه.. أليس كذلك؟

قالت (ريتان):
-معك حق بالتأكيد.
قالت (سيلين):
-حسنا.. دعينا من الحديث فأمامنا طريق طويل لنصل لهدفنا و...

توقفت عن السير وهي تغمض عيناها وتضع يدها على قلبها بقوة.. لتقول (ريتان)بقلق:
-ماذا بك يا (سيلين)؟
فتحت (سيلين)عيونها قائلة بنبرة سعيدة:
-لقد عاد (نوار)لحالته البشرية.. لقد حررته.
لتتسع عينا (ريتان)بفرحة طاغية.

قالت (تارا)وهي تتأمل هذا الشاب الوسيم بخوف:
-من أنت؟
إقترب منها بعيون غامضة جذابة وهو يقول:
-أنا عصفورك فلا تخشيني؟

تراجعت خطوة إلى الوراء قائلة بإضطراب:
-أنا أعاني هلاوس الجنون، أليس كذلك؟لقد جننت حقا.
تقدم منها حتى توقف أمامها تماما قائلا:
-بل لأول مرة تعيشين الحقيقة يامولاتي.

إبتلعت ريقها بصعوبة قائلة :
-مولاتك؟!!
أمسك يدها فانتفضت دقات قلبها وهو ينظر إلى عمق عينيها قائلا بتؤدة:
-نعم مولاتي ومليكتي (تارا).. نجمة (أستيريا)، وأنا فارسك (نوار).
لتتسع عيناها بصدمة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة