موسوعة المصطلحات الأدبية: الحبكة
تعرف الحبكة بأنها التتابع المنظم والمنسق للأحداث والأفعال , والحبكة موجودة في القصص والروايات. وكما يقول إ.م. فورستر في كتابه (أركان الرواية) أن القصة سرد للحوادث المتسلسلة زمنياً , بينما الحبكة سرد للحوادث مع توكيدها على السببية."مات الملك ثم ماتت الملكة,هذه قصة. لكن مات الملك ثم ماتت الملكة حزناً , حبكة . التسلسل الزمني باق لكن حس السببية يكتنفه . أو تقول ماتت الملكة ولم يعرف أحد السبب حتى تبين أن الموت جرى نتيجة الحزن على موت الملك. هذه حبكة تتضمن لغزاً وصيغة قابلة للتطور الأسمى".
والحبكة ضرورية للقصة فهي التي تنظم الأحداث وتربط بينها وتوجه حركتها نحو هدفها, وهي وسيلة للقاص للحفاظ على حركة الشخصيات, وشد مشاركة القارئ إلى نهاية القصة, وفكرة الحبكة مأخوذة من (أرسطو) في كتابه (فن الشعر) الذي ينص على أن الحبكة هي ترتيب الأحداث أو الأشياء التي تقع في القصة, وأن البناء الصحيح للحبكة يستدعي أن يكون الحدث كاملاً تاماً.(1)والحبكة تروي ما يحدث لشخصيات الرواية والأحداث التي تجري خلال فترة معينة من الزمن في الرواية. وتعتمد عليها الرواية وتتخذها محوراً تدور حوله.الحبكة تحتاج إلى الذكاء والذاكرة معاً.
إن قارئ الرواية الذكي بخلاف القارئ الفضولي الذي يستعرض صفحات واقعية جديدة , ويلتقطها من الناحية العقلية. أنه ينظر إليها من وجهتي نظر معزولة ومتصلة بالوقائع الأخرى التي قرأها في الصفحات السابقة, ومن المحتمل انه لم يفهمها, لكنه لا يتوقع ذلك أول وهلة. فالغموض عنصر أساسي في الحبكة ولا يمكن تقييمه دون الذكاء .
الذاكرة والذكاء مرتبطان ترابطاً وثيقاً , فإن لم نتذكر عجزنا عن الفهم. وطريقة تشاتمان في التفرقة بين نوعين من الحبكة الأول: الحبكة ذات الحل والثاني: الحبكة القائمة على الكشف ففي الأولى يتولد إحساس بأن ثمة مشكلة في ريقها إلى الحل إحساس بنوع من الغائية القائمة على العاطفة أو على البرهان. والسؤال هو: ماذا سيحدث؟
أما في حبكة الكشف هي الحبكة المودرنية التي تعتمد عليها القصة الحديثة, ولا تكون قائمة على أساس الإجابة عن سؤال أو وضع سؤال نفسه وإنما على شئون تتكشف .(3)تحرز الحبكة أحياناٍ انتصاراً كاملاً , وتضطر الشخصيات إلى إعلان طباعها عند كل منعطف , أو تنجرف في مجرى القدرية بحيث يضعف إحساسنا بواقعيتها. ونجد أمثلة على ذلك لدى الكاتب( توماس هاردي) حيث ينسق (هاردي) حوادثه مؤكداً السببية , وهذا هو التصميم الأساسي للحبكة, حيث يحرز نجاحاً في " الأمراء" لأنه يستخدم بيئة أخرى ويحقق نجاحاً مماثلاً حين يسمعنا صوت طرقات المطرقة.
الأسباب والمسببات تقيد الشخصيات , رغم نضالها بالعلاقة التامة بين الممثلين . هكذا تبنى الحبكة. وبتعبير آخر كان المطلوب من الشخصيات أن تسهم كثيراً في الحبكة , وهي الأسباب في روايات (هاردي): أكد السببية بقوة أكر مما تسمح له بيئته, أما (جورج ميرديث) فلاشي إلى جانبه انه مجرد جلبة قاطن الضاحية, لكنه أدرك إمكانات الرواية على التحمل. إذ من الممكن للحبكة أن تلح على الشخصيات للمشاركة.
غالباً ما تنتقم الحبكة في معركتها الخاسرة مع الشخصيات انتقام الجبان والروايات كلها تضعف في النهاية , لأن الحبكة تطلب نهاية."رواية راهب السهر على جثث الموتى" نموذجية من هذا المنظور فصاحبها ذكي متجدد جداً في النصف الأول حتى في تصويره الأسرة كلها , لكن الرواية تغدو خرقاء معتوهة بعد ذلك. فالحوادث والشخصيات التي ظهرت أولاً تضطر الآن إلى الإسهام في حل العقد. ويبدو المؤلف في النهاية كأنه غبي . يقول: لا اقدر على الاستمرار دون التفاعل مع اللقاءات بالحوادث, تلك التي تحدث يومياً لكنها نادراً ما تثير دهشتنا كبعض المناسبات غير العادية. الحبكة إذن هي الركن الفكري المنطقي للرواية, وهي تقتضي لغزاً. لكن الألغاز تحل لاحقاً, ويتمكن القارئ من الانتقال في عوالم غير واقعية.
عناصر الحبكة
1- البداية: حيث أن البداية مهمة في العمل الروائي, فهي مفتاحه. وقد ذكر النقاد في الحديث عن البداية أن نجاحها مرهون بما تثيره من أسئلة تحفز ذهن القارئ وتدفعه للبحث عن إجاباتها, وما تولده من رغبة وتشويق لمتابعة القراءة.
2-وسائل التشويق: للتشويق في العمل الروائي أهمية كبيرة, لأنه العامل الحافز لاستمرار القارئ في القراءة والقوة الجاذبة له للتفاعل مع العمل.
3-التدافع(الصراع): وهو نوعان: الأول تدافع داخلي(داخل الشخصية) والثاني تدافع خارجي: بين الشخصيات بعضها ببعض. فالتدافع (الصراع) هو الذي يمنح القصة الحياة ويبعث فيها الحركة, ويدفع لتطوير الأحداث ونموها, والتفاعل بين الشخصيات.
أنواع الحبكة
1- الحبكة التقليدية والحبكة الحديثة
فالروايات التي تُبنى أحداثها وفق تسلسل تتابعي وتاريخي للأحداث, بحيث تبدأ من نقطة زمنية معينة وتسير متتابعة وتنتهي عند نقطة زمنية أخرى تقوم على حبكة تقليدية. أما الروايات التي تكسر هذا التسلسل التتابعي عبر تناوبها الزمني بين الماضي والحاضر والمستقبل فأنها تعتمد الحبكة الحديثة.
2- الحبكة المتماسكة والحبكة المفككة:
الحبكة المتماسكة هي التي تقوم على سلسلة من الحوادث المترابطة, والتي تسير وفق خطة واضحة ومنهج مرسوم ودقيق. أما المفككة فهي التي تعتمد على سلسلة من الحوادث المنفصلة.
3- الحبكة البسيطة والحبكة المركبة:
الرواية ذات الحبكة البسيطة هي التي تقوم على حكاية واحدة, أما الرواية ذات الحبكة المركبة فهي التي تقوم على حكايتين أو أكثر.
4 - حبكة مقابلة
موضوع أو فكرة ثانوية في تمثيلية أو رواية يستعمل إما كتنويع على نفس الموضوع الرئيسي أو كمقابل مضاد له. وتلكالحبكة الفرعية تتكون من فعل ذي صلة بالموضوع الرئيسي رغم انفصاله وتميزه.
5 - حبكة فرعية
حبكة ثانوية أو صغيرة الحجم في تمثيلية أو عمل قصصي قد تكون في تضاد مع الحبكة الرئيسية، أو قد تعمل على إضاءتها إضاءة أقوى أو قد تكون في موازاتها واهية الصلة بها.
وتظهر الكثير من الحبكات الفرعية في عدد من مسرحيات شيكسبير مثل هاملت والملك لير وهنري الرابع. وفي المسرحية الأخيرة تعتبر أفعال فولستاف وصحبه حبكة فرعية بينما الحبكة الرئيسية هي إخماد تمرد سياسي.
وفي هاملت يعتبر الصراع بين ليارتيس وهاملت حبكة مضادة بالنسبة إلى الصراع الأساسي بين هاملت وكلوديوس. وفي الملك لير تحدد الشخصية الرئيسية في الحبكة المضادة (إدموند) نتيجة الفعل الرئيسي.